۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - نبضات
الموضوع: نبضات
عرض مشاركة واحدة
قديم 17-02-2017, 05:03 AM رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
ادريس الحديدوي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
المغرب

الصورة الرمزية ادريس الحديدوي

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

ادريس الحديدوي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نبضات

بحثت عن أمي في كل أرجاء المنزل كأنني أبحث عن إبرة ضائعة وسط القش. حتى جدتي لم أجدها رغم أنها لا تفارق البيت مطلقا إلا لضرورة مهمة جدا. شعرت برعشة باردة تجتاحني كإعصار مضاعف يزعزع براعم فؤادي، جلست على أريكة مصنوعة من خشب الأرز القديم مغطى بثوب أسود لامع، بالقرب من تلفاز قديم فوق منضدة خشبية منقوشة الأطراف مطلية بمادة لامعة شفافة مقاومة للماء، واضعا يدي اليسرى على جبهتي المتعرقة قليلا.. فجأة، تذكرت حضن أمي، نبضات جدتي، مواء القطة و المرأة العجوز.. حاولت أن أجد خيطا يجمع كل هذا الشتات .. هل فعلا كنت أحلم كل هذه المدة أم هي الحقيقة الغريبة!؟ هل فعلا أنا هو أنا أم شخصا ما يتحرك بداخلي!؟
و لكي أبدد الملل و الصمت الرهيب، شغلت التلفاز بكبسة زر، تفحصت كل القنوات لكنني لم أجد سوى الأخبار الجافة و الصراعات و الدماء.. تساءلت لم كل هذه الفوضى باتت تكتسح أرضنا و ربيعنا المخضر!؟ لم عالمنا يشبه " المقلات فوق النار" كل من يسقط فيها يصبح مشوها أو معاقا أو ميتا!؟
بنفس جهاز التحكم عن بعد، أسكت التلفاز و صعدت إلى سطح المنزل باحثا عن خيوط الشمس الدافئة لعلها تدفئ رعشتي التي تتزايد مع مرور الوقت، لكنني وجدتها هي الأخرى باردة مترهلة الخيوط . دققت النظر في ساعتي الخاصة، وجدت عقربها الصغير يقترب من الخامسة زوالا، بينما دقات قلبي تتباعد فيما بينها..!!
أخدت قليلا من الماء و بدأت أنعش بعض الورود التي تحبها أمي كثيرا، فهي تعشق " وردة الربيع" ذات اللون القرمزي لأنها - بالنسبة إليها - الجمال نفسه. كثيرا ما كانت تردد عندما أمر بجانبها و هي تعتني بها " من لا يعشق ورود الربيع ليس إنسانا و من يتركها تموت دون عناية يعد مجرما في حق الطبيعة" بكلامها هذا كانت تحثني على سقيها بطريقة فنية ، لكنني شممت رائحة التوبيخ من وراء كلامها .. هكذا هي الأم الحكيمة تعرف كيف تقود السفينة رغم الأمواج و الرياح القوية.
أخيرا سمعت صوت أمي يرن في أذني، نزلت أدراج السلم بسرعة و نبضات قلبي تخفق بقوة، وجدتها جالسة على زربية البهو التقليدية، وجهها مصفرا و صدرها يتموج :
- لقد أنقذوها من الموت بصعوبة..!! كلمات كالرصاص خرجت من فم أمي و هي تخاطبني دون وعي.
- من هي يا أمي !؟ هل هي جدتي!؟
لا يا بني.. !! لا تخف إن جدتك تركتها تتكلم مع جارتنا عائشة. إنني أقصد تلميذتي المحبوبة في القسم..!!






  رد مع اقتباس
/