عرض مشاركة واحدة
قديم 20-06-2019, 07:50 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نجيب بنشريفة
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


نجيب بنشريفة غير متواجد حالياً


افتراضي نفض غبار عن رموزه التاريخيين في الأدب الفرنسي











كاتب فرنسي
زار أمريكا
وأقام في إنجلترا
حيث نشر أول كتبه
مقال تاريخي وسياسي
وخلقي عن الثورات 1797 و أتلا 1801
ودرينية 1802 حقق له الأخير شهرة واسعة
جعلته أعظم كتاب عصره عينه نابليون أميناً
للسفارة التي بعث بها إلى إيطاليا 1803
ولكنه استقال من منصبه 1804
ظل يشغل مناصب سياسية
أخرى حتى 1830 عندما
ترك السياسة وانصرف
إلى الأدب كتب
الشهداء 1809
التي صور فيها
انتصار المسيحية على الوثنية
وكتب رحلة من باريس إلى بيت المقدس 1811
وأنهى حياته بكتابة مذكرات ما وراء القبر 1849
ويعتبر شاتوبريان زعيم المدرسة الرومانسية
في الأدب الفرنسي ويعزى إليه الفضل في
إثراء اللغة الفرنسية وتطور النثر الفني
يشغل فرانسوا شاتوبريان مكانة
غامضة في خريطة
الأدب الفرنسي
فهو أقل شهرة
من فكتور هوغو
وأقل عمقا وتعقيداً من لامارتين
وديموسيه لكنه مع ذلك يعد أحد أبرز رواد
المدرسة الرومنطيقية في النصف
الأول من القرن التاسع عشر
وقد كان رومانسيا على
طريقته الخاصة
رومانسيا حمل
جميع قسمات هذه الحقبة
من التعطش إلى جمال الشرق وسحره
إلى الحلم الجامح بالعودة إلى أحضان
الطبيعة والمصالحة معها
وقد دفعه ذلك مثل
روسو للبحث عن
المتوحش النبيل
فسافر لمعاينة
مجتمع الهنود الحمر الأمريكيين
لمشاهدة عفوية الحياة وفطريتها وسذاجتها الأخاذة
لكن حياته هو مع ذلك كانت سلسلة مغامرات وإخفاقات
عاش نهاية حلم الأنوار بقيام الثورة الفرنسية المغدورة
الثورة التي أكلت أبناءها بسادية عن بكرة أبيهم
التي خلطت كل خيرات وشرور
نجاحات وإخفاقات العصرين
الكلاسيكي والعقلاني
الثورة التي فتحت
النار على
شاتوبريان
من جميع الجهات
وسمحت له بصياغة
كل تجاربه المريرة في الحياة
صياغة رسخت التقاليد الرومانسية
في الأدب الفرنسي على نحو ما نشير إلى ذلك
ولد بسان مالو وسط عائلة لفها الحزن فقد كان
أصغر اخوته الستة إلا أن أربعة منهم ماتوا تباعا
وكان والده رينيه أوجست مثالا
لأرستقراطية القرن الثامن عشر
فقد جاب البحار وسافر
كالمستكشفين
إلى أمريكا
وحمل أنواط سلاح البحرية
وجمع ثروة كبيرة من التجارة عبر المحيطات
ومن ضمنها ــ طبعا ــ تجارة الزنوج الأفارقة
وقد أثرت توجهات هذا الوالد
على ابنه شاتوبريان أبلغ تأثير
كما أثر عليه الجو المحموم
العام في فرنسا النصف
الثاني من القرن
الثامن عشر
حين كان مخاض الثورة الفرنسية
والغليان الثوري يسيطران على
المشهد الاجتماعي والحياتي العام
وقد عاش طفولة منعمة ومتقلبة أيضا
بين مسقط رأسه ومدن مختلفة وبفعل انتمائه
الارستقراطي بدأت اهتماماته السياسية تتنامى
مع اندلاع الثورة الفرنسية يوم 14 يوليو 1789م
وقد صور سقوط سجن الباستيل حين تحدث عن
الغوغائيين الذين مروا من تحت شرفته وهم
يتلقفون رأس وزير المالية فولون
لنتوقف هنا مليا أيها القارئ
كان علي ان أشهد على
زخات الدم الأولى التي
ستتحول إلى أنهار بفعل الثورة
كانت هذه الرؤوس ورؤوس أخرى
سأصادفها فيما بعد تدفعني دفعا إلى التفكير لأول مرة
بمغادرة فرنسا بحثا عن بلاد قصية بلاد بدأت الآن
ترتسم في مخيلتي وقبل تنفيذ هذه الرغبة نشر أول
نصوصه حب الريف وقد جاء نصا كلاسيكيا
وتعمد نشره باسم مستعار هو شفالييه
وإن لم تكن هذه المحاولة هي أول
ما كتب في الحقيقة
فقد أفاد في مقدمة
مجموعة شعرية
1829م أنه
يكتب الشعر
منذ أيام المدرسة الإعدادية
ووقع اختيار شاتوبريان على أمريكا
لتنفيذ هجرته الاختيارية وأعلن انه يسعى
من وراء هذه الرحلة لتحقيق غايتين علمية وشعرية
اما العلمية فهي البحث عن استكشاف طريق ممكن
بين المحيطين الأطلسي والهادئ
من جهة الشمال الشرقي
وأما الشعرية فهي
الوقوف عن كثب
على حياة الإنسان
الطبيعي ممثلا في الهنود الحمر
الإنسان البعيد عن صخب وانحطاط
وظلامية الحضارة والمتصالح مع الطبيعة
البسيط الشاعري الشفاف بكلمة واحدة
الإنسان الملهم الذي أيقظ نيام أوروبا
من سباتهم العميق
فانطلقوا ينادون
بالحرية والتنوير والمحبة
بعدما عاينوا مجتمع الهنود الحمر
الفطري المتصالح مع ذاته البعيد كل البعد
عن الجشع والاستحواذ ومذابح ومسالخ
الحضارة الغربية وبعدها عن الإنسانية
وفي يوم 8 أبريل 1791م أبحر
من سان مالو بفرنسا ووصل
بالتيمور في أمريكا 9 يوليو
من ذات السنة وقد طاف
بجميع أنحاء القارة
الأمريكية الشمالية
من فيلادلفيا
إلى بوسطن
ونيويورك
ومنطقة البحيرات
ثم اتجه لأوهايو ولنتذكر
ان مثل هذه الأسفار وقتها كانت مغامرة حقيقية
لصعوبة المواصلات ما صوره مستكشفا
وبطلا في نظر الكثيرين وهذا ما جعل
الرئيس جورج واشنطن يستقبله بحفاوة
كما استقبل أيضا في بلاده بالقدر نفسه
من التشجيع حين عاد يوم 2 يناير 1792م
إلا أن موقفه المناصر للملكية جعل
رجال الثورة الفرنسية يطاردونه
فهرب لبلجيكا وتطوع للمقاومة
ضد الثورة وجرح
واضطر للهروب
إلى إنجلترا 1793م
التي عاش فيها سبع سنوات عجاف
لفه الفقر والحزن والفاقة والمرض المرير
ووسط هذه المعاناة الأليمة شحذت نوائب الدهر
عبقريته فكتب مخطوطات أثمن أعماله الأدبية
ويصف فاقته اللندنية بقوله
كنت أمضغ العشب
والورق لفرط
معاناتي
ولضيق ذات اليد
ولكنه في هذه الظروف
أو لهذه الظروف بدأ في كتابة
مساهمة حول الثورات المقارنة
وما لبثت أخبار باريس ان حملت إ
ليه انتقام رعاع الثورة منه إذ أعدموا
أخاه 22 أبريل 1794م وسجنوا أمه وزوجته وأختيه
وهنا يمكننا ان نتوقع بيسر موقفه من الثورة الفرنسية
وهو يكتب تحت كل هذه الضغوط
ولكنه مع ذلك قدم محاولة
لا تعدم حسا تاريخيا أصيلا
مع مسحة دينية مسيحية
لا تخلو من تعصب
وفي سنة 1800م
عاد لباريس متخفيا
عن خصومه الثوار
باسم مستعار هو دي لاسان
طلعت عليهم أنا والقرن الجديد معا
وبسرعة أصبحت حاميته أليزا شقيقة بونابرت
ومن أجلها نشر دراسة عن مدام دي ستايل صديقتها
والمنظرة الرومانسية الشهيرة وقد سمح له الاستقرار
النسبي بنشر أول أعماله الملفتة
أتالا 1801م ثم نشره مع آخر
في طبعة آتالاورينيه وقد
لقيت تجربته القصصية
قبولا عاما كما صادفت
توجهاته ضد الثورية هوى في نفس بونابرت
الذي عينه مستشارا أول في السفارة الفرنسية بروما
وكان هذا الموقع هاما بالنسبة لشاتوبريان فقد كان
يسمح له بالعمل تحت امرة فرش خال بونابرت
وأيضا لان إيطاليا تعتبر وقتها نافذة مشرعة
على الشرق الذي كان الشغف به وبسحره
يأكل شاتوبريان من الداخل
وحين شن نابليون حملة
لتصفية أنصار الملكية
السابقة استقال هو
وعاد لباريس
متفرغا مؤقتا
للكتابة مجتهدا في عدم
الاصطدام بديكتاتور الثورة الجديد
ومع مطلع سنة 1806م انطلق فرانسوا
شاتوبريان في رحلته إلى الشرق التي كانت
تخامره منذ زمن الصبا ولقد طفت ودرت دورة
كاملة حول البحر المتوسط دون مخاطر تذكر
ومثل القدامى زرت اسبرطة
مررت بأثينا حللت بالقدس
رسوت بالإسكندرية
تفرجت على آثار قرطاج
وأخيرا استسلمت لجمال قصر الحمراء بالأندلس
دورة كاملة حول المتوسط وقد دفعه الشعور بأنه
أصبح بطلا أسطوريا على شاكلة أبطال
هوميروس إلى أن يشرع في كتابة
سيرته الذاتية سنة 1808م.
وكانت سنة 1811م
أهم سني حياة
شاتوبريان
الأدبية كما صرح
بذلك في مقدمة الرحلة
من باريس إلى القدس التي
نشرها في السنة نفسها وفيها
بدأ كتابة الكتاب الذي سيشتهر به
حتى الآن مذكرات ما وراء القبر
كما عين عضوا بالأكاديمية وقد
جرت العادة ان يلقي كل عضو
جديد خطابا يقدم فيه أفكاره
وأطروحاته التي أهلته
لهذا المنصب
العلمي الرفيع
وكان خطاب
شاتوبريان مكرسا
كله للدفاع عن الحرية
في السياسة وأيضا في الفن والإبداع
مما أثار نابليون ضده فقرر استرضاءه
بنشر أعمال متتالية إلى بونابرت عن آل بوربون
ضرورة ان نتعلق بحكامنا الشرعيين وهي نصوص
أدت مع سقوط بونابرت في واترلو 1815م
إلى أن يتخذ الجميع مواقف منه
وأن يعتبروه منتهي الصلاحية
لكن سمعته كأديب كبير
جعلتهم يعينونه سفيرا
بالسويد وكان هذا نوعا من النفي وقتها
آثر هو تجنبه فرفض السفر وبقي حتى 1823م
منشغلا بمستنقع باريس السياسي حينا وزير دولة
وحينا اخر مطاردا مطلوب رأسه ومنذ سنة 1924م
اتجه للصحافة فنشر أعمالا كثيرة منها مات الملك عاش الملك
ودافع بحماس شديد عن حرية النشر التي أسس من أجلها
جمعية أنصار الصحافة 1827م
ومع مجيء حكومة بولينياك
التي تورطت في
غزو الجزائر
استقال من
أية مناصب
وتقاعس عن العمل سفيرا بروما
وبسرعة بدأت مصاعبه من جديد مع السلطة
فآثر الفرار إلى سويسرا ثم إلى پراگ والبندقية
كما نشر مذكراته ومحاولة عن الأدب الإنجليزي
وهي دراسة نشرت كمقدمة لعمل ميلتون الفردوس المفقود
ومع تقدمه في السن فإنه عاد طرفا في صراعات باريس
السياسية حتى يوم موته 4 يوليو 1848م
عن عمر يناهز الثمانين عاما
رغم مرور أكثر من قرن
ونصف على موت
شاتوبريان فإن
أعماله ما زالت تنشر باستمرار
وما زالت الدراسات عن مكانته
في الحقبة الرومانسية الفرنسية تتوالى
وهي مكانة مميزة مهدت بصدق لرومانسية
القرن التاسع عشر التي عمت الأدب والفن
وانسربت إلى عتبات المسرح والحياة أيضا
وسط واقع بالغ المأساوية
ألقت عليه إخفاقات
الثورة الفرنسية
وخيبات عصر
الأنوار بظلالها
وقد شهدت السنوات
الماضية ليس فقط ظهور
طبعات منقحة من أعمال شاتوبريان الكاملة
بل دفقا من الدراسات عنه بعضها سعى لإعادة
تصنيف ونقد كتبه سواء رواياته آتالا ورينيه
ومغامرات اخر بني سراج أو مسرحه
كمأساة موسيى تراجيديا شعرية
في خمسة مشاهد
وأيضا دراساته
محاولة عن الثورات المقارنة
وجمعية فيرون وحياة رانسي
ثم الأعمال السياسية وأفق
الرسم عبر الزمن
أم ما نشر عنه
من دراسات
متميزة قديما
وحديثا ابتداء منها
عوالم شاتوبريان لجان ريشار
ودراسة جان مورو حول عبقرية
الأسلوب عن شاتوبريان من خلال مذكراته
وأيضا البحث الكتابة لبيير بربريس
وشاتوبريان الرد على الحداثة ثم
الكتابة من شاتوبريان لرامبو
لايف فاديه وأخيرا
المنفي والمجد
شاتوبريان ورواية العائلة
لجان رولين وشعرية شاتوبريان
لفابيان بارسيجول وأدب الرحلة عند شاتوبريان
مساهمة في دراسة جنس أدبي لفيليب أنطوان
وغيرها من الدراسات المعمقة التي ظهرت
أخيرا لترسيخ مكانة هذا المبدع فيما يبدو
وأنه ليس فقط حنينا إلى العصر
الرومانسي وإنما محاولة نفض
غبار عن رموزه التاريخيين في الأدب الفرنسي
















  رد مع اقتباس
/