الموضوع: السجود
عرض مشاركة واحدة
قديم 26-02-2019, 05:21 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
هيثم الريماوي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم
قصيدة النثر 2012
يحمل درع الومضة الحكائية 2011
الأردن

الصورة الرمزية هيثم الريماوي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


هيثم الريماوي غير متواجد حالياً


افتراضي السجود / هيثم الريماوي







لملمتُ حوادثَ الكونِ ، إليكَ تضرعا
وباركتُ الأرضَ بالبخورِ والهواءِ
أنا الشقيُّ
أهوى الترابَ
فتعضّني المسافاتُ والرحيلُ
تبعثرني رتابةُ الأمطارِ
صدىً ، لا يشقُّ المدى
وتخطّني رحلتي خربشاتٍ
على جداريات الكهوفِ
يهواني الترابُ ، كصديقٍ وفيٍّ
كلما أموتُ
والعشقُ قاتلٌ ، قاتلٌ بزي الغيمِ
بعطرٍ أنثويٍّ أو بطعمِ شجيراتٍ بريئة
حبيبتي ، أمي ، الوطنُ ، الناسُ ، أنتَ
وأنا الشهيدُ
أشياؤه ( كِيُوبيداتٌ ) طائشة
وقلبي – على مرمى السهامِ - هدفٌ وحيدٌ
(( والعادياتُ )) تفرُّ من دمي إلى أقاصي الأرض
تحثو الترابَ نحوي ، وتُغِيرُ
لا أنا أتقنُ الغزوَ ، ولا الطرائدَ يرشدها الماءُ
لا أنا بريءٌ ، ولا الطرائدَ تغريها الهزيمة
حتى عليَّ ، لا أبكي
أوفّرُ الدمعَ لخشيتك
أو لكثرةِ هزائمي ، وانتصاراته الجميلة
أفيضُ في آخرِ الليلِ
وأذهبُ عنّي إليَّ
إليهِ ، أو إليكَ
في زحام الكشفِ ، هناك في الظلامِ
كلما كان قطعُ الليلِ أكثرَ حُلكةً ، كان لامعا أكثر
يبرر الغزاةُ انتصاراتهم ، بسردِ الذكرياتِ والظلال المقدّسة
يموتُ العصاةُ من الإوبئةِ ، أو السيفِ ، أو حدِّ المقصلة
يُستشهدُ الآخرونَ
ويتقنُ الرواةُ حرفةَ الطين ، وشكلَ المرحلة
يا أيها الليلُ
كن سيدي ، في هذا الخرابِ
يا أيها الليلُ
كن مرشدي ، بظلامك اللامعِ
وتشظّى على ملامحِ أخوتي ، كي أراك فيهم
أو أراني في المرايا
السوادُ سيّدُ الظلالِ المقدّسة
وأخوتي سادةُ البياض
لا السوادُ يأتي ، لا البياضُ يذهبُ
ولا الرماديُّ يتقنُ البقاء هنا ، أو هناك
لا هنا أنا ، ولا أنا هناك
لا الحلمُ يتقنُ الأبجديّةَ فيهبطُ
ولا الشعرُ يتقنُ التحليقَ بالكلامِ
هكذا يعبرني الجنونُ قاطعا رحلتي
أنا الواقعيُّ ، وأنا الحالمُ ، لا تلتقيان
لا أعلمُ أنا ، مَن أنا
لا أعلمُ ، متى هنا
والشعرُ يدّعي النباهةَ
صامتٌ لو حكى
حالمٌ لو بكى
يغافلُ اللغةَ ، وخِلسةً يغيبُ ، ربما يغفو قليلا
لكنّ الحلمَ فتاةٌ لعوب
تغريك بالهذيان ، فتترك الصحوَ
ناسيا خلفكَ كلَّ الكلامِ
يتساقطُ ناعما ، كريشِ الحمامِ
أو كالثلوجِ
أبيضَ ، بلا ضجيج
قد أحاورُ الإلهامَ ربما
لو كنتُ أنا أنا
أتقنُ الصمتَ بأبجدياتهِ
ورسمَ لوحاتِ ظلامٍ لامعة

وربما تخذلني اللغةُ ، مرّاتٍ كثيرة
وقد لا يلمعُ الظلامُ
ربما ينجحُ ثائرٌ ، برسمِ ابتسامةٍ على وجهِ حبيبتهِ
وربما تنجحُ دبابةٌ ، بقصفِ كلِّ المعابر
قد نصدّقُ من كذَّبوكَ ، وقد نُكذِّب من صدقوك
ربما لا تلفتُ انتباهنا الجريمة
وربما يلفتُ انتباهنا
طفلانِ جائعانِ يموتانِ وحيدين
أنا الواقعيُّ ، وأنا الحالمُ ، لا تلتقيان :
كيف يصيرُ الحصارُ ، ورقا
في جيبِ المسافرِ ، للكتابةِ والذكريات !
كيفَ يصيرُ الزحامُ ، وطنا
للمتعبينَ الهاربينَ منَ الذكرياتِ !
كيف يصير العيش ، قدرا
يقتل الجميعَ والذكريات ؟
لملمتُ حواثَ الكونِ إليه تضرعا
باركتُ الأرضَ بالبخورِ والهواء :
إلى السماءِ رفعتُ رأسيَ أشتكي ، ساجدا :
سبحانَك اللهمّ ، سبحانك
بقدر تماثل التاء ، بين مأساة وملهاة .






(( لا شيء مهم ، حتى هذه الفكرة ليست مهمّة)) هيثم الريماوي .
  رد مع اقتباس
/