عرض مشاركة واحدة
قديم 09-09-2017, 06:33 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
فوزي بيترو
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الأردن

الصورة الرمزية فوزي بيترو

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


فوزي بيترو غير متواجد حالياً


افتراضي رد: عبد القادر " قصة طويلة "

عبد القادر
بعد التعديل والتصويب من الأخطاء

عقارب الساعة تقترب من السادسة صباحا . في البداية كانت رنة جرس خجولة ، ثم تبعها طرق خفيف على الباب
عندما لم يستجب أصحاب الدار للطارق ، رفعت الرنة الخجولة الطرحة عن رأسها ، وضرب صاحبنا الباب بكف يده ضربات متتالية
مما تسبب بخلخلة الهدوء الذي كانت تنعم به القطة النائمة على بسطة الدرج ، فهربت دون أن تنظر للوراء لم يتوقف عبد القادر ولو قليلا عن قرع الجرس أو عن طرق الباب
في بداية الأمر ظن النائم أن المستهدف هو الشقة المجاورة لشقّتهم لكنه عندما أدرك أن بابه بات على وشك التفتت والتفكك والإنهيارالانهيار
شدة الخبط والضرب ، وقبل أن يتساقط باب شقته قطعا متناثرة ، نهض (الذي× من كان) نائما ،وهرول نحو الباب
والغضب يحتل كل تفكيره ، وجد أمامه عبد القادر
عبد القادر هو ابن عم عزام زميل غالب في الشقة ، ولم يدخر غالب من جانبه وسعا في شحن موقف ردة الفعل الغاضبة ،
فجاء استقباله لعبد القادر فاترا
وقال له قبل أن يدخل في طور النقاهة من الإنفعال
كنت أوسعتك ضربا على هذه الفعلة
ــ أتعرف يا قليل الذوق ، لولا ابن عمك

وأكمل غالب حديثه بصورة تخلو من دسم المجاملة وقال صارخا:
ــ من " طيز " الليل يا " غبي " تطرق الأبواب على الناس ، صحيح ما عندك ذرة فِهِم !
أغلق الباب في وجهه وعاد إلى سريره
جلس عبد القادر على دكة البواب ينصت إلى سكون الفجر وزقزقة العصافير ، أغمض عينيه بعد أن عجز عن الإستمرارالاستمرار
في النظر والإنصات . ولما لم يعد يسمع شيئا ، فتح عينيه حين رأى أمامه ابن عمه عزام يبادله النظر في هدوء وابتسام :
ــ صباح الخير يا ابن عمي . لماذا تجلس هنا ولم تدخل البيت ؟
نهض عبد القادر عن الدكة ، نفّض ثيابه المُغبَرّة وقال معاتبا:
ــ صاحبك طردني وأغلق الباب في وجهي . هل تقبلها لي ولك ؟
توقف عن الكلام فجأة وهمس بأذن ابن عمه عزام قائلا :
ــ أصبحت الآن بلا مأوى بعد أن غادر زميلي الشقة التي كنت أسكن معه فيها، وكما تعلم أنا لا أستطيع أن أقوم بتحمل إيجار الشقة وحدي
أعرف أن لديك غرفة ثالثة ، لن أنسى معروفك إن وافقت أنت وزميلك على أن أقيم معكما ونتقاسم المصاريف كما تريدان
تمت الموافقة من طرف غالب على مضض
عبد القادر بدا نبتا شاذا في عالم تحكمه القوة والمراوغة ، كان كثيرا ما يرجع إلى بيت العائلة ممزق الثياب أو دامي الأنف.
له طقوس في كل شيء ، طقوس في مواعيد الأكل ، ومواعيد الدراسة ، ومواعيد النوم
اعتادا غالب وعزام على هذه الطقوس ، لا بل بات عبد القادر بنظرهما لعبة (كالروبوت) لا يقدم ساعة ولا يؤخر (ساعة)×
الإقطار الإفطار الغذاء والعشاء مواعيدها مقدسة ، أما االفُسح والسينما والمسرح فالمواعيد مقنّنة . أصبح عبد القادر المادة المسلية في قاموسهما
في يوم من الأيام وكانت الساعة تشير إلى التاسعة مساء ، وهو موعد عشاء عبد القادر
طبعا وكما هو مقرر دخل المطبخ جهَّز عشاءه ، عمل الشاي وعزم على زميليه بكوبين وطلب منهما أن يوقظاه الساعة السادسة صباحا ،
وهو موعد الدراسة والإفطار
مرِّت ثلاث ساعات منذ أن بدأ عبد القادر بممارسة الشخير .
غالب وعزام يرغبان بشرب الشاي
ومن يد عبد القادر لأنهما والكسل حبايب وأصحاب . تفتق ذهنهما عن خطة خبيثة تجعل عبد القادر
يعمل لهما الشاي عن طيب خاطر وبرضاه
أمسك غالب بساعة يد عبد القادر الغارق في النوم وغيّر عقاربها من الساعة الثانية عشر إلى الساعة السادسة
ربت عزام على جبين ابن عمه قائلا له :
ــ عبد عبد إصحىاصحَ الساعة السادسة
نظر عبد القادر بساعة يده ثم نهض . دخل المطبخ جهّز إفطاره ، عمل الشاي وعزم على زميليه بكوبين
عبد القادر إنسان طيّب ويتمتع بأخلاق حميدة ومسالم ، كان أصحابه يتندرون عليه من شدة طيبته حتى أن بعضهم وصفه بالأهبل والعبيط
عرف عبد القادر بالمقلب الذي تم طهيه في مطبخ عزام وغالب ، ولم يزعل منهما
يدرك أمبابي إمبابي بواب العمارة النوبي أن غالب هو الآمر الناهي وصاحب القرار في الشقة ، كما ويعرف أيضا أنهم يبحثون عن " شغالة "
تساعدهم في التنظيف وتجهيزالأكل والغسيل والكوي الكيّ. فلجأ إليه إلى
نبوية بنت غلبانة ومقطوعة من شجرة ، لا يُعرف لها أهلٌ ولا حتى أصحاب . عندما سافر مخدوميها مخدوموها إلى اليونان بسبب الهجرة تيتّمت نبوية ،
لا أب لا أم لا إخوة ولا أخوات . كانوا بالفعل لا بالقول أسرتها الصغيرة
اشتروا ثلاثتهم مرتبة ووسادة لنبوية الشغالة وقالوا لها بصيغة الجمع :
ــ هنا ، في هذه الصالة تنامين
تقدّم غالب نحوها وهمس بأذنها مازحا :
ــ إذا لم ترتاحي في هذه النومة ، أمامك ثلاث أسرة ، اختاري إحداها ونامي . سرير كل واحد منا واسع ويتسع لثلاثة!
دبّت الحياة في الشقة ، وصار لساكني البيت عينا تراقبهم وترعاهم وعينا آخرى أخرى توزع خيراتها عليهم بالعدل والمساواة
المتضرر الوحيد من هذه " النبوية " هو عبد القادر . مواعيده المقدسة جرفتها السيول وصارت بخبر كان!
نبوية هي التي باتت تقرر متى يأكل متى يدرس ومتى ينام ؟؟؟
بعد مرور عدة أشهر على استقرار نبوية في الشقة والتي جلبت لأصحابها حميمية ودفيءدفْء لا تقدر بأثمان ، أحسّت بأعراض تشبه وحام الحمل
جلس الفرسان الثلاثة حول مائدتهم المستديرة يتداولون الأمر . جميعهم مدانون ، ونتيجة الحمل يجب أن يتحمّلها المتسبب
أشار عزام إلى الإستعانةالاستعانة بقابلة تقوم بعملية الإجهاض لكنهم صرفوا نظر عن هذه الخطوة بسبب خطورتها على حياة البنيّة
عبد القادر كان أكثرهم حرصا على حل المشكلة من غير شوشرة وقال:
ــ علينا أن نتحمل المسؤولية ، وبما أننا لا نعرف من هو الأب الحقيقي لهذا المخلوق ، ربما يكون أنا أو غالب أو أنت يا عزام
أقترح عليكم أن نستعين بتكنولوجيا ال ( دي أن إي).!
ضحك غالب وقال ساخرا:
ــ هل هذه من غير شوشرة يا فصيح ؟ (الفيس بوك) وقنوات الجزيرة والميادين و(البي بي سي وال آر تي )والعربية والقناة العاشرة الإسرائلية
سوف يفضحوننا على الملأ ، والّي( اللي) ما يشتري يتفرّج
والحل ؟ سأل كل من عزام وعبد القادر:
ــ الحل أن نعمل قرعة ويتزوج صاحب النصيب من البنت قبل أن تضعها ألسن الحارة والحي في سلة واحدة مع طالبات المتعة والغانيات
أحاط غالب بيديه عبد القادر وعزام وكأنه الأخ الأكبر وقال لهما هامسا: على أن يعتبر كل من العريس والعروس أن ما حصل سابقا هي تجربة قديمة و(عدّت) . موافقون ؟
تآمر غالب وعزام واتفقا خلسة على أن يكتبا اسم عبد القادر في أوراق القرعة الثلاثة
رضِيَ عبد القادر بنصيبه وحظه فيما رسمه له القدر المكتوب . عقد قرانه على نبوية وصارت زوجته ، تنام معه في غرفته وفوق سريره
دون أن يشاركه بها أحد
فاجأت آلام المخاض غير المتوقعة عبد القادر بأسرع مما حسب وقدَّر . زعق على إمبابي كي يحضر الداية
الولّادة كانت سريعة وسهلة . حملت الداية الصبي وخرجت به ألى إلى عبد القادر
ناولته المولود . أصابته دهشة كادت تودي بوقاره
المولود أسمر ولا يتفق مع لون بشرة أي من المرشحين في أن يكون أحدهم هو الأب الحقيقي
حمل عبد القادر المولود ونظر نحو إمبابي الواقف بالباب ينتظر الداية كي يوصلّها إلى بيتها في هذه الساعة المتأخرة من الليل
ونظر أيضا نحو زميليةزميليهِ. كانت نظرة شاملة جامعة فيها من التساؤل الكثير ومن الشك أكثر بكثير حضن الطفل ، قبّله بحنان أبوي ،
لكنه لم يستطع أن يغفل عن الحقيقة المرة وهي أنه ليس أبا حقيقيا . تقدّم نحو نبيوية نبوية ، ناولها الطفل وقال في حياء :
ــ مبروك
جالت عينيهعيناهُ بنظرات حامت حول الجميع ، غالب ، عزام ، إمبابي ، نبوية والداية ثم أكمل حديثه ، لكن هذه المرة بجرأة
ــ هل أصبحت الحياة الشريفة مستحيلة حقا ؟ !






  رد مع اقتباس
/