العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 01-12-2014, 06:06 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أمل الزعبي

تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / عمون
الاردن

الصورة الرمزية أمل الزعبي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


أمل الزعبي متواجد حالياً


افتراضي طيفها ...


زارني طيفها النحيل في ليلة باردة غاب قمرها .. وحجبته جبال الغيم الأسود ،
وحين دقت طبول السماء ، وتهاطل المطر سادت العتمة المكان ، وانطفأت مصابيح الكهرباء .
اشعلت شمعة بيضاء ، كنت خبأتها لمثل هذه الليلة ، المدفأة القديمة تناضل بإخلاص لتبقى مشتعلة .
حرصت على التزام الصمت ، وتدثرت بالصبر على صمتها حتى تبدأ هي بالكلام ،
كان الليل يشد بقبضته على القرية ، ويتكاثر الظلام كلما اشتد هطول المطر . . .
لا أدري كم مضى من الوقت ، بدت عقارب الساعة وكأنها أسافين دقت على الجدار ، فما عادت تتحرك ...



أدركت أن وقت فنجان القهوة قد حان ، ليكون فاتحا للحديث ، فلطالما كانت طقوس القهوة والمطر والليل الصاخب موحدة لكلينا ، تؤلف بيننا كما الروح والجسد .
ارتشفتْ القهوة بشغف وكأنها ما تذوقتها منذ دهر ، أغمضتْ عينيها ،
وأخذتْ نفسا عميقا ... زادتها القهوة سحرا ، ، ،



ارتشفتُ من فنجاني ، وأشعلتُ سيجارة لعلها تعينني على استجماع قواي وتركيزي .
خطوط البخار المتعرجة تتصاعد من القهوة كأنها هاربة من سجنها ..
غاصت أفكاري في دهاليز الماضي ، ثمة ذكريات ندفنها ، وبعد ان نظن أنها باتت كالرميم ،
تُبعث من قبرها من جديد .
فوجئت بيدها الباردة تحتضن كفي ، تسالني بعد الصمت الطويل :" ما بك ؟"
نظرت في عينيها الواسعتين كبيادر القمح ، ابتسمت لها بثقة واطمئنان ، قلت وأصابعي ما زالت تشتبك بأصابعها :" قولي لي انت ، ما بك ؟ حدثني قلبي أنك ستجيئين الليلة ، وبقيت هنا أنتظرك ".
شدت بأصابعها النحيلة الباردة على أصابعي ، رنت بطرف عينها إلى النافذة ،
قالت بصوتها الرقيق الحزين : "منذ أن غادرتك وروحي تسكن هنا ، ترقد حيث ترقد ، وتسير حيث تسير ".
علا هزيم الرعد بلا رحمة ، وازداد لمعان البرق ، واشتد هطول المطر ، تتسابق حباته تنقر على الزجاج تكاد تحطمه .
نسيت الكلام ، ونسيت كيف تصاغ الكلمات ، التزمت الصمت - الليل يجعلني رجلا آخر ، غير ذاك الذي في النهار – مددت يدي أبحث عن يدها ، اصطدمت أصابعي بعلبة السجائر فأشعلت واحدة أخرى ، وأغمضت عينيَّ ( يا الله أنها امنية صغيرة ، حققها لي ، أحتاج أن أنام ، أريد أن تغتسل عينايَّ من السهر ) .



شعرت بلمسة ناعمة على شعري ، وأصابع باردة تتسلل إلى تفاصيل وجهي وعينيَّ المغمضتين ، كدت أن أتكلم ، لكنها أسكتت شفتيَّ بقبلة وقالت توشوش كأنها همسات الفراشات : "نم يا حبيبي ، ارقد هنا ، بين الضلوع بسلام ، افرد كل أحزانك ، ودع المطر يغسلها ، نم يا حبيبي كما نمت أنا يوما على صدرك كالأطفال ".







" الله نور السموات والأرض "
  رد مع اقتباس
/
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:16 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط