ذاكرة فلسطين - الصفحة 2 - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: طيور في عين العاصفة* (آخر رد :عبدالرحيم التدلاوي)       :: الأصمّ/ إيمان سالم (آخر رد :إيمان سالم)       :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :أحلام المصري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: جبلة (آخر رد :أحلام المصري)       :: إخــفاق (آخر رد :أحلام المصري)       :: ثلاثون فجرا 1445ه‍ 🌤🏜 (آخر رد :راحيل الأيسر)       :: الا يا غزّ اشتاقك (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الأزهر يتحدث :: شعر :: صبري الصبري (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الادب والمجتمع (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: مقدّّس يكنس المدّنس (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: تعـديل (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ أدب الرســالة ⊰

⊱ أدب الرســالة ⊰ >>>> إنصافا للوطن ..خطاب أدبيّ أطْلقَ سراحَ الوطنِ في الضّاد ..رسالة تنصف الوطن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-07-2020, 12:45 PM رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

ثورة 1935


أ- المقدمة: حدثت تغييرات هامة في الحركة الوطنية الفلسطينية خلال سنوات الثلاثينات الأولى ولم تكن تلك التغييرات في الأهداف السياسية للحركة الوطنية، بل كانت في أساليب الحركة ووسائلها. فمع تدفق أعداد المهاجرين الصهيونيين إلى فلسطين في تلك السنوات، وزيادة امتلاك الصهيونية للأراضي في فلسطين، ومع ازدياد نضج عرب فلسطين سياسياً، وإدراكهم حقيقة الاستعمار ومناوراته وأساليبه، وحقيقة ارتباط الصهيونية به ارتباطاً عضوياً، انبعثت دعوة بين عرب فلسطين إلى اتباع نوع آخر من أنواع النضال غير سياسة الاحتجاج والتظاهر والتمرد السلبي والوسائل السلمية. وكانت حركة الشيخ عز الدين القسام* النموذج الأول لهذا النوع الجديد من النضال، إذ دعت إلى الكفاح المسلح طريقاً لمكافحة الاستعمار والصهيونية. وشكل القسام جماعات سرية نضالية مدرية، وبذلك كان القسام رائد الكفاح المسلح في الحركة الوطنية الفلسطينية، ومجسد عروبة تلك الحركة، إذ كان من أبناء شمالي سورية.

ومن طبيعة الحركات والتنظيمات السرية أن تظل حقائقها وثائقها مجهولة وخافية على الناس. وكانت المنظمة التي أوجدها الشهيد الشيخ القسام من أخطر المنظمات العربية السرية خلال عهد الانتداب البريطاني وأدقها تنظيماً. وقد أحيط تشكيل هذه المنظمة بإطار كثيف من السرية والكتمان، كما ضرب على ما قامت به من أعمال طوق شديد من الصمت والتكتم. لهذا فإن من العسير تقديم مثل هذه الدراسة كاملة ووافية عن هذه المنظمة. ولكن يمكن تقديم مثل هذه الدراسة في ضوء ما عرف عن الشيخ الشهيد ومنظمته، وما توفر من معلومات أكيدة عبر التجربة والممارسة.

ب- القسام في حيفا: ولد ونشأ عز الدين القسام في بلدة جبلة القريبة من مدينة اللاذقية السورية عام 1871. وبعد أن عاد من الأزهر في القاهرة حيث تلقى العلم على الامام الشيخ محمد عبده، عكف على التدريس، وشارك في الوقت ذاته في حركة الجهاد فانضم في بادىء الأمر إلى عصبة عمر البيطار، ثم اشترك مع الشيخ صالح العلي في ثورته على الفرنسيين في شمالي سورية (1920 -1921). وأرسلت اليه سلطة الاحتلال رسولاً يعده بتوليته القضاء وبذل العطاء إن هو كف عن تمرده، فرد الرسول خائباً. فحكم عليه الديوان العرفي في اللاذقية بالإعدام، ما اضطره إلى اللجوء إلى حيفا* في 5/2/1922 حيث استقر وتولى التدريس في جامع النصر، وعمل مدرساً في المدرسة الإسلامية بحيفا، وكانت معقلاً من معاقل الحركة الوطنية الفلسطينية. ثم عينه المجلس الإسلامي الأعلى* خطيباً لجامع الاستقلال في حيفا ومأذوناً شرعياً. وبذلك توفر للقسام عن طريق الوظائف الأربع التي صار يشغلها مجالا واسعا للاتصال المباشر بالشعب، وبصورة خاصة بالطبقات التي يخرج من صفوفها المجاهدون عادة.

وكانت حيفا عندما هبطها القسام تنمو في عمرانها، فهي مرفأ فلسطين الأول، وأقرب مدنها إلى لبنان ودمشق، وتعد قاعدة من قواعد النشاط والتحرك الصهيوني. ووجد القسام في “جمعية الشبان المسلمين” التي تألفت عام 1927 فرصة لتوسيع تطاق علاقاته بالناس فكان رئيسها وحامل لوائها. ولعل القسام وجد في حيفا ما كانت نفسه تتوق إليه، وهو أن ينشىء عصبة تكون نواة للثورة ضد الاستعمار والصهيونية. وقد استطاع أن يحقق أمله فأنشأ، بعد عدة سنوات من مقامه في حيفا، عصبة سرية شرطاها الأساسيان: أن يقتني العضو السلاح على حسابه الخاص، وأن يتبرع بما يستطيع لهذه العصبة.

وكان الشيخ القسام ذا شخصية جذابة، حسن السيرة والمعاشرة، محدثاً لبقاً وخطيباً بارعاً. وقد ابتدأ يخرج إلى القرى منذ عام 1929 عندما عين مأذوناً شرعياً. فكان بمقتضى عمله هذا يحضر حفلات الأعراس، ويتعرف إلى الناس، ويستقي الأخبار، ويتصل بسائر طبقات الشعب.

وقد ذكر الكثيرون من إخوان الشيخ القسام أنه كان يناقش المثقفين وأنصار الأساليب السلمية، وأنه كان يراقب المصلين وهو يخطب فوق منبر المسجد، ويدعو من يتوسم فيهم الخير والاستعداد المتمرد ليقنعهم بالعمل لإنقاذ فلسطين مما يهددها من أخطار.

وكان القسام في جميع مراحل عمله من الإقناع إلى ضم المناضلين إلى جماعته يستعين بالكتمان على تحقيق هدفه. فكان لا يبوح بالسر الذي يحمله، وهو الدعوة إلى الثورة لمنع إقامة وطن قومي صهيوني في أرض فلسطين، إلا لأشخاص قلائل بعد أن يدرس نفسيتهم ويمتحن إخلاصهم لمدة قد تطول عدة سنوات.

وكان القسام في دعوته إلى التيقظ ضد مخاطر الاستعمار والصهيونية يدعو الناس إلى جمع الكلمة ولم الشعث ورص الصفوف. وكان يبث الروح الوطنية في النفوس، ويلح على العودة إلى تعاليم السلف الصالح منذراً قومه بعواقب الشقاق والتمزق.

وكان أنصار القسام يتألفون من العمال والفلاحين والباعة الذين كانوا يحضرون دروسه، فكان يحضهم على وجوب الجهاد، وينمي في نفوسهم روح المقاومة استعداداً لحمل السلاح حينما يحين وقت الثورة.

ج- أجهزة العمل: وهكذا أخذت نواة الحركة الثورية تتألف حول القسام وتتسع بمرور الزمن بسرعة مذهلة. وازداد عدد المنضمين إلى جهازه الذي أداره القسام بمهارة وحكمة ولباقة، وشكل القسام من أفراد المنظمة حلقات صغيرة تتألف الواحدة منها من رقيب وخمسة أفراد. وكان أفراد الحلقة الواحدة يعرف بعضهم بعضاً، ويعرفون الزعيم (القسام)، ولكنهم لم يكونوا يعرفون إطلاقاً أي شيء عن الحلقات الأخرى وأفرادها. كذلك شكل القسام مجموعات قيادية تتألف من كبار رجال التنظيم، منها مجموعة للتدريب العسكري، ومجموعة لجباية الأموال، ومجموعة للاتصالات السياسية والشعبية، ومجموعة لشراء السلاح، وأخرى للتجسس على البريطانيين والصهاينة. وكانت أخطر مجموعة شكلها القسام هي مجموعة الدعاية للثورة، ومهمتها الأساسية إقناع الناس بعدم جدوى التعاون مع الإنكليز أو الاعتماد عليهم، وبأن الجهاد في سبيل الله والوطن هو الطريق الوحيد لبلوغ الأهداف. وكان من مهامها أيضاً توجيه الناس للتعاون والتظافر والأخلاق الحميدة، ومقاومة ما كان يبذله الإنكليز والصهاينة من جهود لثلم وحدة الصف العربي وصرف أنظار العرب عن المقاومة والكفاح.

وعرف أكثر وأكبر المنتظمين في هذا الجهاز السري باسم (الشيوخ)، على أنهم والشبان الذين انضووا تحت لواء القسام ظلوا مجهولي الهوية والأسماء لا يعرفهم الناس. وقد عرف فيما بعد، ولا سيما بعد استشهاد القسام، أسماء بعض كبار رجال منظمته وبعض الشبان الوطنيين العاملين معه.

وكانت مدينة حيفا تتقدم وتتطور فانتقل الكثيرون من العرب من مناطق القدس* ونابلس* وجنين* وغيرها للعمل فيها، وتضاعف عددهم على مر الأيام فوجدت في حيفا كتلة عامة قوية من العمال وغيرهم كانت في الحقيقة المعين الذي اختار منه القسام المؤهلين للعمل.

ومما هو جدير بالذكر أن القسام كان قد أوجد في عدد من قرى لواء الشمال تشكيلات مسلحة سرية من الشبان مهمتها مناوشة القوات البريطانية وانجاد المجاهدين في حالة وقوع اصطدام مع الصهاينة أو الإنكليز ولما بدأت المنظمة أعمالها انضم إليها المزيد من الشباب الوطني.

د- المال والسلاح: كانت مهمة تمويل حركة القسام ومدها بالسلاح صعبة للغاية بسبب الأحوال السائدة، وسريان مفعول أنظمة الطوارىء والقوانين الاستثنائية. وكانت مصادر التمويل متعددة وسرية منها:

1) تبرعات الأفراد المنتظمين.
2) تبرعات من أبناء حيفا كان يتولى جمعها سراً بعض أعضاء الحركة والرجال الوطنيين.
3) تبرعات من الجمعية الإسلامية في حيفا تسجل في ميزانيتها تحت بند مساعدة المعوزين من المسلمين.
أما الحصول على السلاح والعتاد فقد كان أكثر صعوبة من الحصول على المال. وقد قدم كبار قادة المنظمة بعض البنادق والمسدسات القديمة في حين أن بعض أنصار القسام ومريديه في جبلة واللاذقية هربوا إلى حيفا كمية صغيرة من السلاح.
هـ- بداية العمل المسلح: برمج القسام ثورته في أربع مراحل:

1) الإعداد النفسي ونشر روح الثورة المسلحة.
2) إنشاء حلقات سرية.
3) تشكيل لجان قيادية لجمع التبرعات وشراء السلاح.
4) الثورة المسلحة.

وكان يرمي أثناء تطبيق هذا البرنامج إلى الاسهام مع أصحابه في تنهيئة أكبر عدد ممكن من المجاهدين، وتدريبهم وتجهيزهم للقيام بثورة عامة في فلسطين في الوقت الملائم، وبعد اكتمال الاعداد. على أن عدة عوامل واعتبارات هامة جابهت العرب في عامي 1933 و1934 دفعت القسام ومنظمته إلى البدء بالعمل المسلح، قبل أن يتم العاملون التأهب والإعداد. وكان من هذه العوامل والاعتبارات:

1) تدفق الهجرة الصهيونية إلى فلسطين* بصورة مخيقة.
2) اندفاع الصهيونيين، تؤيدهم بريطانيا، في التسلح وتشكيل المنظمات الإرهابية السرية.
3) استفحال خطر تسرب الأراضي إلى اليهود وتفاقم أعمال السماسرة والخونة والجواسيس في خدمة الأعداء.

تحت ضغط هذه العوامل، وفي ضوء تعطش الشعب الفلسطيني إلى مقاومة الأعداء بالقوة، بدأ القسام العمل المسلح. ولكنه لم يخض في بادىء الأمر ثورة مكشوفة ضد الأعداء، وآثر الضربات الخاطفة والأعمال الفردية والمحلية ليقينه بأن من شأنها إزعاج الأعداء ورفع معنويات الشعب وتعميق الدعوة للتمرد والعصيان.

و- العمليات الثورية: عندما قرر القسام القيام بأعمال مسلحة ضد الأعداء لم يكن الشعب أو الإنكليز أو اليهود يعلمون شيئاً من المنظمة القسامية، فيما كان الشيخ القسام يمارس وظائفه وأعماله في حيفا ويظهر أمام الجميع.

قام القساميون وتشكيلات الشباب المرتبطة بهم فور صدور قرار القسام بسلسلة من الأعمال ضد المستعمرات الصهيونية ودوريات الجيش البريطاني والشرفة، وأشاعت هذه الأعمال القلق والذعر في الأوساط الإنكليزية والصهيونية، وحلت بها الخبرة والتخبط لعدم معرفتها أصحاب هذه الأعمال ومن يقف خلفهم. ولم تقع معارك كبيرة مكشوفة بين القساميين والجيش، إذ اقتصرت أعمال المجاهدين على مهاجمة المستعمرات الصهيونية ودوريات الشرطة والجيش ثم الاختفاء، وهي من أساليب حرب العصابات. وقد ألحقت هذه الأعمال خسائر كبيرة بالممتلكات والمزروعات الصهيونية، وأدت إلى قتل كثير من الإنكليز والصهاينة. ووقعت اصطدامات شديدة وواسعة بعض الشيء بين المجاهدين وقوات السلطة في كل من أم الزينات* وفرادة وعرابة* والبطوف* وبيت دجن والناصرة* وجبل الكرمل* وبلد الشيخ* ووادي الطبل بالكرمل وشعب ولوبية*.

وفي عام 1933 هاجم عدد من المجاهدين مستعمرة نهلال الواقعة قرب الطريق الرئيس بين حيفا والناصرة. وكان هجوماً مركزاً استعملت فيه القنابل والمتفجرات، ما ألحق بالمستعمرة خسائر كبيرة في الأرواح والأموال.

وأثار هذا الهجوم غضب الإنكليز والصهاينة فانطلقوا يسخرون مختلف وسائلهم للعثور على الذين قاموا بالهجوم على تهلال.

وبعد مرور نحو ثلاثة أشهر على هذا الهجوم وبفضل أعمال التجسس التي قام بها بعض العملاء من رجال الشرطة، تمكن الإنكليز من القبض على صالح أحمد طه ومصطفى علي الأحمد وخليل محمد عيسى* (أبي إبراهيم الكبير) وأحمد الغلاييني وأحمد التوبة وآخرين غيرهم وقادوهم إلى المحاكمة، فأصدرت المحكمة حكماً بالإعدام على مصطفى علي الأحمد، وبالسجن 25 عاماً على أحمد الغلاييني، وبرأت الآخرين.

وكانت المحاكمة، قد شغلت الرأي العام العربي، غاية في الأهمية والخطورة لأن المتهمين الذين مثلوا أمام المحكمة تخلصوا بلباقة وحسن تصرف من محاولات النائب العام والقضاة حملهم على الاعتراف بوجود منظمة سرية. ومن المهم جداً أنه لم يرد ذكر القسام خلال المحاكمة.

وتأكد المجاهدون أن ضابطي الشرطة حليم بسطة وأحمد النايف هما اللذان اكتشفا “المهتمين” وحرضاً الانكليز عليهم، وأنهما كانا ينشطان لمعرفة أسرار المنظمة نفسها، فاغتالهما المجاهدون في وسط مدينة حيفا بعد أيام من انكشاف أمرهما.

ومن العمليات المعروفة لجماعة القسام هجوم على مستعمرة عتليت، وقتل عدد من الصهاينة، وتصديهم لقافلة من السيارات كانت تنقل عمالاً صهاينة والقضاء على عدد منهم.

ومن الأعمال الأخرى البارزة التي قام بها المجاهدون ملاحقة باعة الأراضي والسماسرة وعملاء السلطة من العرب، وأفراد الشرطة الذين كانوا يمعنون في اضطهاد الوطنيين. وكان نصيب عدد كبير منهم الاغتيال.

وقد أشار التقرير السنوي لحكومة الانتداب لعام 1935 إلى أن الحكومة كان لديها شك كبير في أن “ لعصابة القسام علاقة بالأعمال الإرهابية التي حدثت خلال السنوات السابقة”.

استمرت الاصطدامات بين الثوار وقوى السلطة، وازداد عدد الهجمات على المستعمرات الصهيونية. واتسعت عملية اغتيال باعة الأراضي والسماسرة، الأمر الذي ضاعف من جهود الأعداء لمعرفة الحقيقة.

ولم يلبث الشيخ القسام وجماعته أن قرروا القيام بالثورة علناً لرفع معنويات الجماهير وإبراز الأهداف التي يجاهدون في سبيل تحقيقها، ولإحباط الدعاية المعادية التي كانت تحاول إظهار أعمال القساميين على أنها أعمال إجرامية هدفها السلب والنهب.

وقد أصبح الوضع في عام 1935 لا يحتمل مزيداً من تأجيل إعلان الثورة، فقد بلغ خطر الهجرة اليهودية حداً كبيراً، أصبح تسلح الصهاينة بمساعدة الإنكليز أمراً لا يجوز السكوت عنه. وهكذا تقرر البدء بالتحرك من أجل الثورة في المنطقة الجبلية شمالي فلسطين. ومن أجل التنفيذ عقد اجتماع في منزل محمود سالم المخزومي في حيفا ليلة 12/11/1935 حضره أركان الثورة وزعيمها. وكان أصحاب القسام باعوا حلي زوجاتهم. وبعض أثاثهم واشتروا بها بنادق وذخائر. ثم قصدوا الجبال القريبة من حيفا، ولجأوا إلى أحراج بلدة يعبد* من قضاء جنين، واختاروا الشيخ زيد قاعدة لهم. وفي الوقت ذاته تسلل عدد كبير من جماعة القسام وشبان مسلحون إلى مدينة حيفا لمساندة الهجوم المنتظر الذي سيثنه القسام وجماعته على المدينة منطلقاً من أحراج يعبد.

وعلم الإنكليز أن القساميين موجودون في أحراج يعبد، وأنهم يستعدون للدخول في معركة مع قوات الحكومة. وبلغهم أن المسلحين من أهل القرى المجاورة جهزوا أنفسهم لإنجاد القساميين. على أن الإنكليز لم يعلموا أن القسام نفسه كان على رأس رجاله في أحراج يعبد، ولذلك ضاعفوا جهودهم للقبض عليه في حيفا وقاموا بعمليات تفتيش إرهابية في منطقتها.

وأرسل الإنكليز قوات كبيرة حاصرت أحراج يعبد في حين كان القسام فقد أقام بعض نقاط لرصد تحركاتهم على حدود المنطقة الحرجية، فحدثت عدة اصطدامات بين طلائع القوات البريطانية وطلائع القساميين، قتل خلالها جندي بريطاني وبعض رجال الشرطة، الأمر الذي أثار المسؤولين البريطانيين فأمروا القوات المحاصرة باقتحام الأحراج ومنازلة القساميين. وتعاظم عدد القوات البريطانية تدعمها المصفحات والدبابات في حين قامت الطائرات البريطانية بطلعات استكشافية متواصلة لمعرفة مواقع القساميين وأعدادهم. استمرت المناوشات بين الإنكليز والقساميين نحو خمسة أيام.

ثم تبين للإنكليز أن القسام نفسه موجود في المنطقة. فشنوا هجوماً مركزاً صده القساميون بعزم وتصميم، وبعث الإنكليز بعض رجال الشرطة العرب لإقناع القسام وزملائه بالاستسلام. ولكن القسام وأصحابه رفضوا هذا الطلب واختاروا الجهاد والشهادة. عندئذ تحركت قوات السلطة وما معها من مصفحات ودبابات وطائرات في هجوم واسع النطاق على القساميين. وحين أدرك الثوار قوة الزحف البريطاني نصح بعضهم الشيخ القسام بمغادرة الأحراج. وكان في استطاعته اختراق الحصار والنجاة بنفسه ويمن يرافقه من رجاله، على أن يبقى الآخرون لمناوشة القوات الزاحفة. ولكن القسام رفض هذه النصيحة وهيأ نفسه للقتال وللشهادة.

ز- استشهاد القسام: في 20/11/1935 وقعت المعركة الكبرى بين القساميين والأعداء، وقد استمرت أربع ساعات هلك خلالها عدد غير قليل من رجال السلطة واستشهد من القساميين الشيخ يوسف عبد الله، وأحمد الشيخ سعيد، وسعيد عطية أحمد، وأحمد مصلح الحسين، وجرح عدد آخر. واستؤنفت المعركة الضارية بعد ظهر اليوم ذاته فاستشهد فيها الشيخ عز الدين القسام وجرح عدد من زملائه، أما الباقون فانهم استطاعوا اختراق الحصار والوصول إلى منطقة الشمال الفلسطينية وهم يحملون جثة قائدهم الشهيد إلى مدينة حيفا، ووقع عدد صغير من المجاهدين أسرى بأيدي الإنكليز فنقلوهم إلى سجن نابلس.

اضطرب الرأي العام الفلسطيني لدى سماعه أنباء المعركة واستشهد القسام. وقد اشتد غضب الشعب على الحكومة لأنها أشارت في بلاغها الرسمي الذي أصدرته بعد انتهاء المعركة إلى القساميين بأنهم “عصبة من الأشقياء”.

هرع إلى حيفا عدد كبير من زعماء البلاد للاشتراك في تشييع جثمان القسام. وغصت حيفا بوفود كثيرة العدد حضرت من جميع أنحاء فلسطين، في حين قضى أهل حيفا ليلتهم بانتظار تشييع الجنازة وأعلنوا الاضراب العام فيها. نعي الشيخ القسام وصحبه من مآذن المسجد الأقصى ومساجد فلسطين. وصلى الناس عليهم في كل مكان صلاة الغائب. وحملت الجماهير نعش القسام، وسار موكب الجنازة مجللاً بالأعلام السورية والمصرية والعراقية والسعودية واليمنية. ودفن الشهيد في مقبرة الياجور قرب بلد الشيخ التي تبعد 7 كم تقريباً عن حيفا. وقد استغرقت مسيرة الجنازة نحو 4 ساعات، وتحولت الى مظاهرة عاصفة، ووقعت عدة اصطدامات دامية بين الجماهير قوات الحكومة جرح فيها كثيرون من الجانبين.

ترك استشهاد القسام رد فعل عنيفا في الأوساط الفلسطينية والعربية، فعمت المظاهرات الصاخبة مدن فلسطين وقراها، ونادى خلالها المتظاهرين بوجوب الثأر للشهداء والالتجاء الى القوة المسلحة لمحاربة الأعداء. وجرت في العواصم العربية مظاهرات ومهرجانات مماثلة.

وكان لحركة القسام واستشهاده أكبر الأثر في التعجيل بانجاز مهمة التنظيم السري والدعوة للثورة. وقد غدا الشعب برمته مؤمناً بوجوب النضال المسلح.

ح- استمرار الثورة: لم يؤد استشهاد الشيخ عز الدين القسام وبعض زملائه في معارك أحراج يعبد إلى ما كان يأمله الأعداء من توقف الجهاد، ذلك أن القساميين أعادوا تنظيمهم، واختاروا خليل محمد عيسى (أبا إبراهيم الكبير) لقيادة منظمتهم، في حين ازداد عدد أفراد المنظمة كثيراً، وبادر الكثيرون من الشبان إلى الانضمام إلى المجاهدين، وقد حفزهم إلى هذا التطوع استشهاد القسام والروح الثورية التي بثها في حياته وجسدها في مماته.

اختار القساميون شمال فلسطين (أقضية حيفا وعكا وصفد والناصرة) قواعد لأعمالهم، واعتصموا بصورة خاصة في الجبال الشاهقة المعروفة في شمال البلاد. واستأنفوا شن الهجمات الشديدة على المستعمرات الصهيونية وقوات الجيش والشرطة. وقد حدثت معارك خطيرة بين القساميين وقوات السلطة في دالية الكرمل وشعباً والمغار ولويية وصفورية* وغيرها استشهد فيها بعض المجاهدين، وهلك من الأعداء كثيرون.

وشكل القساميون “محكمة ثورة” خاصة في “المخالفات الدينية والقومية” التي يرتكبها بعض العرب كبيع الأرض لليهود، أو السمسرة عليها لحساب الأعداء، أو القيام بأعمال تجسسية ضد المجاهدين. وقد دانت هذه المحكمة عدداً من العرب كان مصيرهم الإعدام.

ظل القساميون في الميدان خلال الأشهر الستة التي أعقبت استشهاد القسام. ولما نشبت الثورة الفلسطينية في مطلع أيار 1936 انضموا إليها، وقاموا بأعمال مجيدة تسجل لهم بغبطة وافتخار.

ط- خلاصة: تشكل ثورة الشيخ عز الدين القسام وإخوانه وتلامذته منعطفاً في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، فقد تميزت بأنها الثورة المسلحة المنظمة الأولى التي اعتمدت الكفاح المسلح أسلوباً لتحرير فلسطين من الاستعمار البريطاني والصهيونية واتبعت قيادتها طريقة إنشاء الجماعات الثورية. وكان اعتماد القسام على طبقتي الفلاحين والعمال واضحاً في إقامة تنظيمه الثوري أكثر من اعتماده على المثقفين وغيرهم من طبقات المجتمع.

ومن الملاحظ أن إطار الثورة لم يمتد أو يتسع، ولم يطل زمن الثورة. وعلة ذلك أن الشيخ القسام كان شديد الحذر في قبول انضمام المناضلين إلى حركته، فقد كان يخشى اندساس العملاء أو المنافقين. وبالإضافة إلى ذلك كان نضال الحركة الوطنية الفلسطينية متسماً يومذاك بالسعي إلى نوال الحقوق بمختلف أساليب النضال عدا أسلوب الكفاح المسلح. لهذا بدأ القسام متأنياً في إقامة تنظيمه، ساعياً إلى تنفيذ برنامجه بدقة وتصميم. مقتنعاً بأن أنطلاق جماعة ثورية متماسكة، مدربة تدريباً حسناً، متعاهدة على الجهاد والشهادة، سيكون كافياً لاستقطاب عدد كبير من الثوار، فنشأت جماعات ثورية متعددة في مختلف أنحاء البلاد ذات أهداف وقيادة واحدة. غير أن الظروف التي كانت سائدة في فلسطين لم تمهل القسام لاكمال تنفيذ برنامجه، ما دفعه إلى بدء الثورة في أحراج يعبد. ولم يطل الزمن بانطلاقة القسام وصحبه في الثورة حتى انقضت عليهم قوات الاستعمار وهي أكثر منهم عدة وعدداً.

وعلى الرغم من أن التنظيم الذي أعده القسام ودربه للثورة لم يكن كبيراً فقد قدرته بعض المراجع بنحو 200 مناضل و800 من الأنصار. على الرغم من ذلك كان لثورة القسام معنى سامياً أكثر من حجمها العددي، وكانت رمزاً وتمهيداً وقدوة للحركة الثورية التي سادت فلسطين بعد عدة أشهر من استشهاد القسام، وهي ثورة 1936 – 1939*.

ولقد أقام القسام تنظيمه الثوري ووضع برنامجه ونفذه منطلقاً من إيمانه بأن الجهاد المسلح وحده هو الذي يستطيع أن يمنع بريطانيا من إقامة “وطن قومي يهودي” في فلسطين. وفي المقابل هذا الإيمان الذي كان جوهر حركة القسام وتنظيمه الثوري لم تكن الأحزاب والقيادات الفلسطينية العاملة في الحركة الوطنية يومذاك تؤمن بأن وقت الثورة المسلحة قد حان، وبأن الشروط أصبحت متوافرة للعمل الثوري المسلح. ومن هنا تضاربت آراء المؤرخين حول علاقة الشيخ القسام بالأحزاب والقيادات الفلسطينية، فمنهم من قال إن القسام كان عضواً في حزب الاستقلال* في حيفا، وإنه كان على صلة وثيقة ببعض أركانه. ومنهم من قال إن لبعض زعماء الحركة الوطنية صلات بالتشكيلات الثورية في تنظيم القسام. وذكرت مصادر الهيئة العربية العليا لفلسطين* أن القسام كان عضواً في لجنة الحزب العربي* التنفيذية، وأنه كان أكثر رجال الحزب اتصالاً بالمفتي وتعاوناً معه، وأنه تمت في خريف 1935 مباحثات سرية بين القسام وصحبه وبين المفتي ورجال الحركة الوطنية في القدس انتهت بالاتفاق على انتهاج خطة معينة في مقارعة الأعداء. وأشارت مصادر أخرى إلى أن القسام لم يكن مؤمناً بأي حزب ولم يكن مرتبطاً بأية جهة.

غير أن من يتتبع أدوار حركة القسام منذ نشوئها حتى استشهاد قائدها، ويدرس شخصية الشيخ وفكره وصفاته، يدرك أن جوهر حركته وأسلوبها وهدفها تتطلب استقلالاً في التفكير والتخطيط والتعبئة الثورية والتنفيذ. ولهذا فإن كان للقسام علاقات تعاون وصلات طيبة بالأحزاب الوطنية والقيادات الفلسطينية العاملة في الحقل الوطني يومذاك فإن تلك العلاقات والصلات لم تبلغ حد المساس باستقلال حركة القسام، عقيدة وتخطيطاً وتنفيذاً.

عن الموسوعة الفلسطينية






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 01:39 PM رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

أتابع جدا ما تكتبه شاعرنا السي احمد انت والعدنان
باهتمام كبير
فالحقائق غطتها سوداوية وضبابية
إلا حقيقة واحدة ووحيدة : الأرض مختطفة من طرف ولاد الكلب والسمسار : من دمنا
حسنا لي رؤية قد تزعج إخواننا الفلسطينين
هي رؤيتي الخاصة جدا من وجعي الخاص ، فاغفروا لي هزالي في السياسة ، ولتشفع لي اوجاعي على أرضنا المغتصبة
الانقسام الذي تعيشه فلسطين ما بين كفتين متضاربتين متخاصمتين : فتح / وحماس
هي السبب الرئيس
الارض لا تحتاج انقساما في وقتها الحالي حيث المغتصب يمر بأقسى شذوذه
انتم من تركتم الباب واسعا للتشتيت فلموا بعضكم واتحدوا يا فتح ويا حماس
اختلفوا بعد ان تسترجعوا الحق
لقد اغتنم ولاد الكلب انقسامكم درعا وحائط اتكاء
ولا تنتظروا شيئا من العرب عولوا على الله وعلى جهادكم و على أنفسكم ووحدتكم

انتهى






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 01:50 PM رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
أتابع جدا ما تكتبه شاعرنا السي احمد انت والعدنان
باهتمام كبير
فالحقائق غطتها سوداوية وضبابية
إلا حقيقة واحدة ووحيدة : الأرض مختطفة من طرف ولاد الكلب والسمسار : من دمنا
حسنا لي رؤية قد تزعج إخواننا الفلسطينين
هي رؤيتي الخاصة جدا من وجعي الخاص ، فاغفروا لي هزالي في السياسة ، ولتشفع لي اوجاعي على أرضنا المغتصبة
الانقسام الذي تعيشه فلسطين ما بين كفتين متضاربتين متخاصمتين : فتح / وحماس
هي السبب الرئيس
الارض لا تحتاج انقساما في وقتها الحالي حيث المغتصب يمر بأقسى شذوذه
انتم من تركتم الباب واسعا للتشتيت فلموا بعضكم واتحدوا يا فتح ويا حماس
اختلفوا بعد ان تسترجعوا الحق
لقد اغتنم ولاد الكلب انقسامكم درعا وحائط اتكاء
ولا تنتظروا شيئا من العرب عولوا على الله وعلى جهادكم و على أنفسكم ووحدتكم

انتهى
نعم أختي العزيزة ، ما ذهبت اليه أس البلاء، وأنا بدوري أضم صوتي الى صوتك..ففي كل ثورات العالم هناك جناحان جناح سياسي وجناح عسكري، ولكنهما يشكلان جسم الثورة وروحها، هذا من ناحية ومن أخرى إن اختلاف التوجهات والمرجعيات ليس عائقا للتوجه الرئيس وهو العمل الموحد نحو التحرير..بقي أن أشير إلى هناك عامل واحد ربما هو سبب هذا الاغراق في الفصائلية لدى البعض وهو التدخل -والتداخل- العربي في الشأن الفلسطيني وما فيه من تناقضات تؤثر سلبا على القرار الفلسطيني وربما تخطفه احيانا..
ودي وتقديري واحترامي






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 05:17 PM رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
خديجة قاسم
(إكليل الغار)
فريق العمل
عضو تجمع الأدب والإبداع
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل لقب عنقاء العام 2020
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية خديجة قاسم

افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

أشكر كل من مرّ هنا كلاً باسمه وقدره الكريم
كما أشكر كلّ من وضع أو سيضع بصمة تخدم قضيّتنا

أوافقك زهراءنا الرأي
الانقسام يخدم العدو، فإن كنا نعمل لأجل فلسطين وتحرير فلسطين علينا أن ننحي خلافاتنا جانبا ونركّز على ما يخدم قضيّتنا
هدفنا تحرير فلسطين، أهناك أسمى وأوضح وأقوى من هذا الهدف؟
هذا الأساس وكلنا متفقون عليه
وهناك فروع نختلف فيها حسب ثقافاتنا ورؤانا و...
لنعمل معا ضمن المظلة الكبيرة التي تجمعنا ولنلتقي ونحتمي في ظلّها بنيّة صادقة وقلب محب ودود وروح إخاء تجمعنا على الخير، فليس من الحكمة أن ننسى الأساس الذي نتفق عليه، لنختصر جهدنا وجهادنا في الفروع التي نختلف فيها
هدفنا سامٍ ونبيل لنجعل أسلوبنا يماثله سموا ونبلا وحسن تفهم لاختلاف الرأي ونبذ الخلاف

هناك مشاهد دامية في الخلاف والاختلاف ليس فقط فيما يخص القضيّة الفلسطينية، ولكن في أمور كثيرة غيرها، لا نريد أن نوجع قلوبنا بالنظر إليها ومتابعة أحداثها المؤسفة

لنتذكر شيئا واحدا فقط، قضيّتنا قضيّة أمّة بدأت نكبتها في فلسطين وامتدت إلى أخواتها في مشارق الأرض ومغاربها ولم تنته بعد

لست هنا في معرض التنظير أو الوعظ، وما أنا إلا تلميذة في فضاء أخلاقكم ورقيّكم وفهمكم وتفهّمكم
ولكن من باب " وذكّر"
ولعلها تكون حافزا لي و لكم على مراجعة الذات في نظرتها إلى الهدف وصدق الهدف وانتمائها إلى البساط الكبير الذي يسعنا جميعا..


أشكركم مرة أخرى جميعا
ولنكمل ملء ذاكرتنا ، بحقائق، ذكريات، صور
وحبّذا لو استطعنا الحصول على شهادة من عايشوا نكبتنا ونكستنا ففيها الكثير من العبر

بوركتم جميعا، أسأل الله أن يجعل ملتقانا المسجد الأقصى وعساه يكون قريبا







  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 05:41 PM رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان حماد مشاهدة المشاركة
صدقت اختي فاطمة ولا داعي للغضب
الحقيقة تزعج ولكن يجب ان تحترم وكنت ساسلسل الاحداث تاريخيا حتى نصل الي ساعة الانقلاب
كيف حدث لماذا ومنذ متي بدأ التأسيس له ومن أساطينه لكن لا حول ولا قوة الا بالله لا أحد يريد لصوت الحقيقة ان يصل
اختتم مشاركاتي هنا بردي عليك وارسال تحية لصاحبة المتصفح والفكرة الأخت خديجة القاسم ولك انت اختي فاطمة الزهراء
والسلام عليكم ورحمة الله
أخي العزيز عدنان، دعنا نتفق اننا في وضع أصبحنا فيه لا نملك ترف الاختلاف والفرقة، ولا أدري سبب غضبتك حقيقة، فأرجو أن تستكمل ما بدأت لأنه جوهري ومهم جدا، وأنا عندما قرأت ما نشرت قدرته عاليا وقررت أن أتجه اتجاها مختلفا في سياق تاريخي يركز على الثورات الفلسطينية على الاحتلال البريطاني متمما لخطك الذي بدأته بحيث لا يحدث تكرار لا ضرورة له،فإن توقفت أنت صدقني سأكف يدي ولن اكمل..وأعتذر ايضا لصاحبة الصفحة عن سوء فهم أنا شخصيا لم الحظه ولا اعرف سببه..
تحياتي الحارة
كل الود والاحترام






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 05:52 PM رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان حماد مشاهدة المشاركة
صدقت اختي فاطمة ولا داعي للغضب
الحقيقة تزعج ولكن يجب ان تحترم وكنت ساسلسل الاحداث تاريخيا حتى نصل الي ساعة الانقلاب
كيف حدث لماذا ومنذ متي بدأ التأسيس له ومن أساطينه لكن لا حول ولا قوة الا بالله لا أحد يريد لصوت الحقيقة ان يصل
اختتم مشاركاتي هنا بردي عليك وارسال تحية لصاحبة المتصفح والفكرة الأخت خديجة القاسم ولك انت اختي فاطمة الزهراء
والسلام عليكم ورحمة الله
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
اخي العدنان
أنا أعتبر عدنان حماد ذاكرة فلسطين لما لديه من وثائق سياسية عميقة وحقائق
ولذا اتفق مع شاعرنا السي احمد
دعنا نكمل معك ويكمل هو من حيث الثورات فلعل القارىء يدرك بعضا من حقيقة التي شوهتها دور الاعلام بدفتيه : العربي والغربي
هذه الصفحة للغالية خديجة مهمة جدا وجاءت في وقتها
فدعونا نتفق هنا على اقل تقدير ونركن الى الاستماع والاصغاء للحقيقة
رجاء تابعا التحليل : العدنان والسي احمد






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 05:58 PM رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
خديجة قاسم
(إكليل الغار)
فريق العمل
عضو تجمع الأدب والإبداع
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل لقب عنقاء العام 2020
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية خديجة قاسم

افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد المعطي مشاهدة المشاركة
أخي العزيز عدنان، دعنا نتفق اننا في وضع أصبحنا فيه لا نملك ترف الاختلاف والفرقة، ولا أدري سبب غضبتك حقيقة، فأرجو أن تستكمل ما بدأت لأنه جوهري ومهم جدا، وأنا عندما قرأت ما نشرت قدرته عاليا وقررت أن أتجه اتجاها مختلفا في سياق تاريخي يركز على الثورات الفلسطينية على الاحتلال البريطاني متمما لخطك الذي بدأته بحيث لا يحدث تكرار لا ضرورة له،فإن توقفت أنت صدقني سأكف يدي ولن اكمل..وأعتذر ايضا لصاحبة الصفحة عن سوء فهم أنا شخصيا لم الحظه ولا اعرف سببه..
تحياتي الحارة
كل الود والاحترام
أكمل أستاذي الكريم أحمد
ذاكرة فلسطيننا، نبع نحن في أشدّ الظمأ لننهل منه
كرما جد بما لديك مع التقدير والاحترام







  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 06:37 PM رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان حماد مشاهدة المشاركة
اخي العزيز احمد
اظنك الان وقفت على اسباب الغضب
ليعلم الجميع انني عروبي وابن تطوان عندي كابن دورا عرب ومسلمين وبلاد العرب اوطاني رغم منع التاشيرة واذلال المطارات
وكل فلسطيني اخي وان اخطأ او سقط له علي واجب التحذير والتنبيه ومحاولة الاصلاح ولا افرق في هذا بين خارج وداخل
يا اخي لا انبياء ولا ملائكة على الارض كلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابين
هذا الخطاب الفئوي هو سبب ما نحن فيه
لماذا لا نتعلم من عدونا منقسم على نفسه اجتماعيا وثقافيا ولكنه يتحد في الازمات ويتحدون على الهدف
انا من ضمن من يسعون لتوحيد الصفوف وبعض النعرات الفئوية ما زالت تطغي على السطح فتفسد بديما جوجيتها ما اصلح جيش من العطارين
إذن فليعمل العطارون بلا كلل ولا ملل وليذهب المرجفون والديماغوجيون الى حيث ألقت رحلها براقش..على بركة الله، والله من وراء القصد






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 06:40 PM رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خديجة قاسم مشاهدة المشاركة
أكمل أستاذي الكريم أحمد
ذاكرة فلسطيننا، نبع نحن في أشدّ الظمأ لننهل منه
كرما جد بما لديك مع التقدير والاحترام
لا خلاف ..سنستمر بقلب مفتوح ..فلسطين تسكننا جميعا ومن رئتها نتنفس... محبتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 06:44 PM رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
اخي العدنان
أنا أعتبر عدنان حماد ذاكرة فلسطين لما لديه من وثائق سياسية عميقة وحقائق
ولذا اتفق مع شاعرنا السي احمد
دعنا نكمل معك ويكمل هو من حيث الثورات فلعل القارىء يدرك بعضا من حقيقة التي شوهتها دور الاعلام بدفتيه : العربي والغربي
هذه الصفحة للغالية خديجة مهمة جدا وجاءت في وقتها
فدعونا نتفق هنا على اقل تقدير ونركن الى الاستماع والاصغاء للحقيقة
رجاء تابعا التحليل : العدنان والسي احمد
أختي العزيزة أ. فاطمة الزهراء..فلسطين اليوم في منعطف تاريخي تحتاج منا كل جهد صادق، ولا تحتمل الفرقة والاختلاف، سنكمل بمشيئة الله.
تحياتي ومحبتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 07:42 PM رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

[RIGHT][right]
الثورة الفلسطينية
1936 -1939


1) بدأت الثورة عملياً وشعبياً قبل إعلان الجهاد المقدس في مطلع أيار 1936.
2) إن هذه الثورة وتطوراتها وأحداثها هي سلسلة ملتحمة الحلقات من أعمال مسلحة، واضرابات عامة، ومظاهرات شعبية، واصطدامات محلية بين العرب والأعداء، ونضال سياسي شديد، وحهود دبلوماسية ودعائية، ومقاطعة للأعداء في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومقاومة جدية لباعة الأراضي والذين يسمسرون لبيعها لليهود.
3) إن هذه الثورة مرت بثلاث مراحل رئيسة:
المرحلة الأولى: من نيسان 1936 إلى تشرين الأول 1936، وقد سادها العمل المسلح.
المرحلة الثانية: من تشرين الأول 1936 إلى أيلول 1937، واتسمت بنضال سياسي ودعائي، وبمقاومة عنيفة لسياسة الحكومة البريطانية، وباغتيال الباعة والسماسرة والجواسيس، وبالتصدي لمشروع تقسيم فلسطين الذي كانت بريطانيا تمهد السبيل لتنفيذه.
واتسمت هذه المرحلة أيضاً باصطدام سياسي عميق بين القيادة الوطنية والسلطات البريطانية.
المرحلة الثالثة: من أيلول 1937 إلى أيلول 1939، وكانت ثورة مسلحة مستمرة في داخل فلسطين، وأعمالاً دعائية وسياسية وجهوداً دبلوماسية خارج فلسطين.
ب – الأسباب والعوامل: تجمعت عدة عوامل واعتبارات هامة تولدت عنها الأسباب والظروف التي أدت إلى نشوب هذه الثورة العظيمة التي كانت أكبر وأطول ثورة قام بها أي شعب عربي ضد أعدائه، باستثناء ثورة الجزائر.
1) الأسباب البعيدة: تعود الأسباب البعيدة لهذه الثورة إلى تصميم الفلسطينيين على الدفاع عن عروبة وطنهم ووحدة أراضيه، وإنقاذ فلسطين من شرور السياسة البريطانية والغزوة الصهيونية، كما تعود إلى تمسك الفلسطينيين بميثاقهم الوطني، وعزمهم على بلوغ أهدافه بالحرية والاستقلال والوحدة العربية الشاملة.
وهذه الأسباب العميقة والجذرية هي التي أدت إلى نشوب الثورات الفلسطينية في أعوام 1920* 1921* 1929* وإلى ما وقع في فلسطين من أحداث ومظاهرات واضرابات واصطدامات دامية بين العرب وأعدائهم منذ 1919 وحتى ربيع 1936.
وزاد من تصميم الفلسطينيين على الدفاع عن عروبة وطنهم في وجه الاستعمار البريطاني والغزوة الصهيونية التجارب المريرة التي مرت بها الحركة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها في 1918/ 1919، وما منيت به جميع المحاولات التفاهم مع الإنكليز من إخفاق وخيبة أمل.
وكان الإيمان بعدم جدوى العمل السياسي، وبأن النضال المسلح هو السبيل الوحيد لبلوغ الأهداف الوطنية، قد وجد تجسيده بشكل حي وواقعي في ثورة الشيخ عز الدين القسام عام 1935، فقد أيقظت هذه الثورة الشعب الفلسطيني، وأشعلت في نفسه الحماسة للجهاد، ورفعت معنوياته، وأثبتت له بالتجربة أن لا سبيل لمواجهة الاستعمار والصهيونية إلا الثورة المسلحة عليهما (رَ: ثورة 1935).
2) الأسباب القريبة: أما الأسباب القريبة المباشرة لنشوب الثورة وحفز الشعب إلى تلبية نداء الجهاد فهي كثيرة أهمها:
(1) استفحال تدفق الهجرة الصهيونية على فلسطين بعد تولي الحزب النازي مقاليد الحكم في ألمانيا، وارتفاع أعداد المهاجرين خلال السنوات 1933 – 1935 بشكل أثار مخاوف الشعب بصورة ملموسة (رَ: الهجرة الصهيونية إلى فلسطين).
(2) استمرار الهجرة اليهودية (السرّية) إلى فلسطين، وتغاضي الحكومة البريطانية عنها والتستر عليها وحمايتها.
(3) تفاقم خطر استيلاء اليهود، بشتى الوسائل والأساليب على أراضي فلسطين، وإمعان الحكومة البريطانية في سن الأنظمة والقوانين لتسهيل عملية استيلاء اليهود على الأراضي.
(4) قيام الصهيونيين (بمعرفة الحكومة ومساعدتها) بتهريب كميات كبيرة من السلاح والعتاد إلى فلسطين وتوزيعها على المدن والمستعمرات الصهيونية، بالإضافة إلى نشاطهم (العلني والسري) في إنشاء تشكيلات ومنظمات عسكرية وإرهابية، واشترك ضباط بريطانيين في تنظيمها وتدريب أفرادها.
3) الأسباب النفسية: يضاف إلى الأسباب البعيدة والقريبة للثورة 1936 -1939 الأسباب النفسية التي تعتبر من حيث تأثيرها على الشعور العام، وما كان لها من ردود فعل في الأوساط الشعبية، من العوامل الأساسية في نشوب الثورة، إذ هيأت النفوس للاقبال عليها والاشتراك فيها ومن هذه العوامل:
(1) ما كان يتعرض له الفلسطينيون عامة والمجاهدون خاصة من اضطهاد وظلم على أيدي الإنكليز.
(2) إقدام الصهيونيين على اقتراف أعمال إجرامية إرهابية ضد العرب، ولا سيما في المناطق المحاذية للمدن والمستعمرات الصهيونية.
(3) اعتزاز الفلسطينيين بما أخذوا يلمسون وجوده من تشكيلات ومنظمات عسكرية فلسطينية (سرية) تم إعدادها لأعمال الجهاد، ويقينهم بأن قيادة الحركة الوطنية عملت على حشد الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي لدعم أهل فلسطين.
(4) اتفاق جميع الأحزاب والفئات والجماعات الفلسطينية على توحيد الكلمة والصف، وانتهاء عهد الاختلافات والمشاحنات، وتشكيل “اللجنة العربية العليا لفلسطين”.
مرت الثورة في عدة مراحل،
المرحلة الأولى (نيسان – تشرين الأول 1936) ولدت الثورة في الحقيقة في أحداث نيسان 1936 وإعلان الاضراب العام. واتخذت شكلاً مسلحاً وعنيفاً في مطلع شهر أيار 1936.
ولقد كان متفقاً عليه أن يتأخر إعلان الثورة السلحة بعض الوقت، وأن تركز الجهود على إبقاء الاضراب مستمراً، واتجاهه بشكل يؤدي إلى بلوغ أهدافه. ولكن الظروف والأوضاع تطورت بصورة سريعة جعلت إعلان الثورة المسلحة أمر لا مفر منه.
فقد رفضت الحكومة البريطانية، على الرغم من اشتداد الاضراب، طلب العرب وقف الهجرة اليهودية كما أعلنته اللجنة العربية العليا لفلسطين، ثم تحدتهم علانية باصدارها شهادة هجرة جديدة قدمتها للوكالة اليهودية لاخضار أعداد كبيرة من المهاجرين إلى فلسطين.
وترك موقف الحكومة أسوأ الأثر في نفوس أبناء الشعب، وحفزهم على التشدد في الاضراب وتقويته. ورداً على هذا التحدي قرر القادة الفلسطينيون المسؤولون، بعد سلسلة من الاجتماعات السرية حضرها كبار المجاهدين، إعلان الثورة المسلحة. وتنفيذاً لهذا القرار أعلن جيش الجهاد المقدس في مطلع أيار 1936 الثورة المسلحة على الأعداء، وأذاع بياناً ضمنه أهداف الثورة، وهي الأهداف نفسها التي اشتمل عليها الميثاق الوطني الفلسطيني.
وفور صدور هذا البيان خرج عبد القادر الحسيني وفصائل جيش الجهاد المقدس إلى الجبال والريف (في لواء القدس)، وشرح المجاهدون يهاجمون ثكنات الجيش ومخافر الشرطة والمستعمرات الصهيونية، ويدمرون طرق المواصلات، ويهاجمون قوافل الأعداء وتجمعاتهم.
اقتصرت أعمال الثورة في أيامها الأربعة الأولى على لواء القدس وحده، وعلى المجاهدين المنتظمين في جيش الجهاد المقدس، كما اقتصرت على أعمال مسلحة محدودة في منطقة يافا. على أن الفلسطينيين لم يلبثوا أن انطلقوا إلى السلاح يحملونه، فقد امتدت الثورة في يومها الخامس إلى سائر أنحاء فلسطين، وعنت المدن والقرى والبادية.
وأخذت الثورة تشتد وتتسع نطاقاً يوماً بعد يوم. وأثارت أبناء المعارك الضارية والاصطدامات الشديدة بين المجاهدين والأعداء حماسة الجماهير، في حين رفعت انتصارات المجاهدين المتوالية معنويات الشعب وضاعفت استعداده للبذل والعطاء، فالتحق الكثيرون من الرجال والشبان، ولاسيما في القرى، بالمجاهدين واشتركوا في المعارك تحت قيادة جيش الجهاد المقدس، فلم يعد العمل المسلح مقتصراً على المنتظمين في تشكيلاته.
تركزت المعارك والاصطدامات خلال الشهر الأول في لواء القدس (القدس* – الخليل* – بيت لحم* – أريحا* – رام الله*) ولواء نابلس (نابلس* -جنين* – طولكرم*)، في حين اتسعت الاصطدامات واشتدت المناوشات في أقضية يافا واللد والرملة.
ووقعت في المدن الكبرى وبعض القرى سلسلة من الأعمال المسلحة. وبدأ الشهر الثاني للثورة بامتداد المعارك العنيفة وحرب العصابات إلى جميع ألوية فلسطين وأقضيتها، فغدت الثورة في الواقع ثورة الشعب الفلسطيني برمته.
ثم طرأ تطور في ميدان المقاومة بدخول فوزي القاوقجي وقواته إلى منطقة المثلث من ناحية، ويتدفق المتطوعين من الأردن وسورية ولبنان على فلسطين وانضامهم إلى الجهاد المقدس من ناحية أخرى. وقد تأثر الشعب كثيراً بهذه التطورات، وتضاعفت حماسته، وأحالها في شهرها الثالث إلى معارك عسكرية مكشوفة مع القوات البريطانية في شتى أنحاء فلسطين. وهجمات مركزة على المستعمرات الصهيونية وطرق المواصلات ومخافر الشرطة. ومما هو جدير بالتسجيل أن دخول قوات القاوقجي في معارك عنيفة مع القوات البريطانية في قرى منطقة المثلث (مثل قرى بلعة* وجبع وبرقة وزيتا* ودير شرف وعرابة* وغيرها) رفع معنويات الشعب وحفز الجميع إلى المساهمة في أعمال الثورة.
وكان الإنكليز والصهيونيين يعتقدون في بادىء الأمر أن الاضراب العام لن يستمر طويلاً، وأن الثورة ليست سوى فترة آنية لا تلبث أن تهدأ وتخبو، فلما تبين لهم عكس ما كانوا يعتقدون أنطلقوا يرتكبون أبشع المظالم من أعمال القتل والاجرام والإرهاب والعسف والقهر ضد العرب. ولكن الفلسطينيون واصلوا الجهاد، ولم تضعفهم عمليات السلطات الصهيونية بنسف القرى وتدمير الأحياء والبيوت واعتقال المئات من المواطنين. وكان من أبشع ما لجأ إليه الإنكليز من تدابير نسفهم بلدة يافا القديمة.
ولمناسبة مرور مائة يوم على إعلان الاضراب العام الذي كان قد بلغ أوج قوته وقعت في جميع أنحاء فلسطين معارك عنيفة طوال هذا اليوم وليله تجرأ خلالها المجاهدون على مهاجمة مدن القدس ويافا* والخليل وغزة* وبئر السبع* وعكا* وصفد* ومحاولة احتلالها. وفي الوقت نفسه أتسعت أعمال المجموعات “السرية” داخل المدن، وأخذت تغتال الموظفين البريطانيين وضباط الجيش والشرطة والجواسيس وباعة الأراضي والسماسرة، وتلقي المتفجرات على دوائر الحكومة. وفي هذه المناسبة أيضاً خرجت النساء العربيات في شتى مدن فلسطين في مظاهرات صاخبة ضد الإنكليز، ووقعت اصطدامات دموية بين القوات البريطانية والنساء الفلسطينيات.
وكان الإنكليز والصهيونيين يعتقدون في بادىء الأمر أن الاضراب العام لن يستمر طويلاً، وأن الثورة ليست سوى فترة آنية لا تلبث أن تهدأ وتخبو، فلما تبين لهم عكس ما كانوا يعتقدون أنطلقوا يرتكبون أبشع المظالم من أعمال القتل والاجرام والإرهاب والعسف والقهر ضد العرب. ولكن الفلسطينيون واصلوا الجهاد، ولم تضعفهم عمليات السلطات الصهيونية بنسف القرى وتدمير الأحياء والبيوت واعتقال المئات من المواطنين. وكان من أبشع ما لجأ إليه الإنكليز من تدابير نسفهم بلدة يافا القديمة.
ولمناسبة مرور مائة يوم على إعلان الاضراب العام الذي كان قد بلغ أوج قوته وقعت في جميع أنحاء فلسطين معارك عنيفة طوال هذا اليوم وليله تجرأ خلالها المجاهدون على مهاجمة مدن القدس ويافا* والخليل وغزة* وبئر السبع* وعكا* وصفد* ومحاولة احتلالها. وفي الوقت نفسه أتسعت أعمال المجموعات “السرية” داخل المدن، وأخذت تغتال الموظفين البريطانيين وضباط الجيش والشرطة والجواسيس وباعة الأراضي والسماسرة، وتلقي المتفجرات على دوائر الحكومة. وفي هذه المناسبة أيضاً خرجت النساء العربيات في شتى مدن فلسطين في مظاهرات صاخبة ضد الإنكليز، ووقعت اصطدامات دموية بين القوات البريطانية والنساء الفلسطينيات.
وقد أقضت مضاجع الإنكليز واليهود هذه الحوادث، وجعلتهم في حالة من الذعر، وفي خشية من أن يتمكن الثوار من احتلال بعض المدن والقرى الكبيرة بعد أن فقدت الحكومة أية سلطة فعلية على أقسام واسعة من الريف والبادية. فأعلنت الحكومة البريطانية حالة الحصار (حالة الحرب) في فلسطين، وقررت وضع القوانين الدفاع* وقوانين الطوارىء* موضع التنفيذ، وراحت تطبقها على العرب بوحشية وقسوة.
المرحلة الأولى (نيسان – تشرين الأول 1936) ولدت الثورة في الحقيقة في أحداث نيسان 1936 وإعلان الاضراب العام. واتخذت شكلاً مسلحاً وعنيفاً في مطلع شهر أيار 1936.
ولقد كان متفقاً عليه أن يتأخر إعلان الثورة السلحة بعض الوقت، وأن تركز الجهود على إبقاء الاضراب مستمراً، واتجاهه بشكل يؤدي إلى بلوغ أهدافه. ولكن الظروف والأوضاع تطورت بصورة سريعة جعلت إعلان الثورة المسلحة أمر لا مفر منه.
فقد رفضت الحكومة البريطانية، على الرغم من اشتداد الاضراب، طلب العرب وقف الهجرة اليهودية كما أعلنته اللجنة العربية العليا لفلسطين، ثم تحدتهم علانية باصدارها شهادة هجرة جديدة قدمتها للوكالة اليهودية لاخضار أعداد كبيرة من المهاجرين إلى فلسطين.
وترك موقف الحكومة أسوأ الأثر في نفوس أبناء الشعب، وحفزهم على التشدد في الاضراب وتقويته. ورداً على هذا التحدي قرر القادة الفلسطينيون المسؤولون، بعد سلسلة من الاجتماعات السرية حضرها كبار المجاهدين، إعلان الثورة المسلحة. وتنفيذاً لهذا القرار أعلن جيش الجهاد المقدس في مطلع أيار 1936 الثورة المسلحة على الأعداء، وأذاع بياناً ضمنه أهداف الثورة، وهي الأهداف نفسها التي اشتمل عليها الميثاق الوطني الفلسطيني.
وفور صدور هذا البيان خرج عبد القادر الحسيني وفصائل جيش الجهاد المقدس إلى الجبال والريف (في لواء القدس)، وشرح المجاهدون يهاجمون ثكنات الجيش ومخافر الشرطة والمستعمرات الصهيونية، ويدمرون طرق المواصلات، ويهاجمون قوافل الأعداء وتجمعاتهم.
اقتصرت أعمال الثورة في أيامها الأربعة الأولى على لواء القدس وحده، وعلى المجاهدين المنتظمين في جيش الجهاد المقدس، كما اقتصرت على أعمال مسلحة محدودة في منطقة يافا. على أن الفلسطينيين لم يلبثوا أن انطلقوا إلى السلاح يحملونه، فقد امتدت الثورة في يومها الخامس إلى سائر أنحاء فلسطين، وعنت المدن والقرى والبادية.
وأخذت الثورة تشتد وتتسع نطاقاً يوماً بعد يوم. وأثارت أبناء المعارك الضارية والاصطدامات الشديدة بين المجاهدين والأعداء حماسة الجماهير، في حين رفعت انتصارات المجاهدين المتوالية معنويات الشعب وضاعفت استعداده للبذل والعطاء، فالتحق الكثيرون من الرجال والشبان، ولاسيما في القرى، بالمجاهدين واشتركوا في المعارك تحت قيادة جيش الجهاد المقدس، فلم يعد العمل المسلح مقتصراً على المنتظمين في تشكيلاته.
لكن الحكومة البريطانية شعرت بعجزها عن وقف الثورة وإنهاء الاضراب العام فلجأت إلى خطة المراوغة والتضليل، وأعلنت أنها قررت ايفاد “لجنة ملكية” للتحقيق في قضية فلسطين وشكاوى الأهلين ووضع التوصيات لحل القضية حلاً عادلاً. كذلك وسطت الحكومة البريطانية بعض أقطاب العرب وحكامهم (ولاسيما المعروفين بصداقتهم لبريطانيا) لإقناع عرب فلسطين ووقف الثورة. وحضر بعضهم إلى فلسطين ليجدوا اصراراً عظيماً من العرب على الاستمرار في الثورة حتى تحقيق مطالبهم.
وعندما أيقنت الحكومة أن الفلسطينيين لن يلينوا، وأنهم مصممون على مواصلة الثورة والاضراب، أقالت القائد العام للقوات البريطانية في فلسطين وعدداً من ضباطه، وعينت الجنرال ديل رئيس أركان جيوش الامبراطورية البريطانية لتولي القيادة العامة في فلسطين، وأطلقت بدء العمل دون قيد أو شرط. فاستحضر الجنرال ديل إلى فلسطين قوات عسكرية ضخمة نقلت بحراً وبراً وجواً من بريطانيا نفسها. ومن قواعده العسكرية في مالطة وقبرص وقناة السويس والحبانية (العراق). وبلغ عدد القوات البريطانية في النصف الأول من شهر آب 1936 في فلسطين أربع فرق كاملة (أي أكثر من سبعين ألف ضابط وجندي). بالإضافة إلى نحو أربعين ألف رجل من قوات الشرطة* النظامية والإضافية قوة حدود شرق الأردن وحرس المستعمرات اليهودية. ووضع الصهيونيون قوات الهاغاناه* والمنظمات “السرية” الإرهابية تحت تصرف القيادة البريطانية. وصمد العرب في وجه هذه القوى الضخمة، وانتصروا في المعارك التي حاصرها ضد قوات الجنرال ديل، واستولوا على مساحات أخرى من الريف والبادية. عندئذ اضطرت الحكومة البريطانية إلى سحب الجنرال ديل وولت الجنرال ويضل القيادة العامة. فرافقه الفشل نفسه، فاستبدلت به الحكومة الجنرال رتشي وأرسلت امدادات عسكرية جديدة، ولكن دون جدوى فسحبت الجنرال رتشي وعينت الجنرال ماكميلان بدلاً منه. ولكن هذه الأعمال والجهود ذهبت أدراج الرياح، وبقيت الثورة مشتعلة الأوار طوال شهري آب وأيلول 1936، دون ما مهادنة أو ضعف.


المرحلة الثانية (تشرين الأول 1936 – أيلول 1937)


طغى على هذه المرحلة في أشهرها الأولى طابع الصراع السياسي بين العرب وأعدائهم، ثم تطورت الأوضاع في تموز 1937، ووقع من الحوادث ما أدى إلى استئناف الثورة في تشرين الأول 1937. وفيما يلي موجز للأحداث والتطورات التي برزت في المرحلة الثانية للثورة.
(1) بعد وقف الثورة وفك الاضراب انصرف الفلسطينيون إلى الحياة العامية، وانطلقوا يحاولون ترميم أوضاعهم الاقتصادية: التجارية والصناعية والزراعية، في حين لجأت القيادة السياسية إلى بذل أقصى الجهود للإبقاء على وحدة الصف وتوعية الشعب وتحذيره من تقلبات سياسية ومؤامرات أجنبية جديدة. وفي الوقت نفسه انطلقت اللجنة العربية العليا لفلسطين تعد العدة للدفاع عن قضية فلسطين وطالب أهلها أمام اللجنة الملكية البريطانية للتحقيق (لجنة بيل*).
أنهت اللجنة الملكية أعمالها في أواخر كانون الثاني 1937 وعادت إلى لندن حيث عكفت على إعداد تقريرها. وفي أواخر حزيران 1937 أشارت الأنباء الخارجية إلى أن اللجنة الملكية ستوصي بتقسيم فلسطين. فأذاعت اللجنة العربية العليا لفلسطين بياناً على الشعب أكدت فيه رفضها للتقسيم، ودعته إلى مقاومته. وفي مطلع شهر تموز 1937 عمت فلسطين مظاهرات صاخبة ضد التقسيم، ووقعت اصطدامات دامية بين العرب والأعداء في نابلس ويافا والقدس وعكا.
(2) وكان الصهيونيين قد قاموا خلال شهري آذار ونيسان 1937 بسلسلة من الأعمال الإرهابية الإجرامية ضد بعض القرى العربية، فرداً عليهم العرب فوراً وأجبروهم على الاقلاع عن اعتدائهم. وفسر العرب هذه الأعمال الصهيونية الإرهابية بأنها جرت بتوجيه من بريطانيا لتخويف العرب وإرهابهم ودفعهم إلى القبول بقرار التقسيم عند صدوره.
(3) نشرت الحكومة البريطانية تقرير اللجنة الملكية يوم 7/7/1937، وقد أوصت فيه بإنشاء دولة يهودية في أقسام من فلسطين، ووضع القدس وما حولها وحيفا* ومنطقتها تحت انتداب بريطانيا الدائم، وضم المناطق الباقية من فلسطين إلى شرق الأردن. وأذاعت الحكومة البريطانية في اليوم نفسه بلاغاً رسمياً تعلن فيها تبينها للتقسيم، وأعلنت أمام مجلس العموم البريطاني أنها تتعهد بتنفيذ مشروعه (رَ: تقسيم فلسطين).
(4) عقدت اللجنة العربية العليا لفلسطين في 9/7/1937 اجتماعاً طارئاً اشترك فيه ممثلون عن اللجان القومية تقرر فيه إعلان رفض العرب للتقسيم، وللسيادة البريطانية الجديدة. وأذاع رئيس اللجنة بياناً على الشعب يدعوه فيه إلى التمسك بالمطالب الوطنية ومقاومة التقسيم حتى يُقضي عليه. وعمت فلسطين المظاهرات والاصطدامات وتبين للحكومة أن الشعب الفلسطيني سيعود إلى السلاح والجهاد.
(5) اشتدت نقمة الأعداء على رئيس اللجنة العربية العليا لفلسطين المفتي أمين الحسيني واتهموه بأنه المسؤول عن إشتعال نيران الثورة، فقرروا اعتقاله وإبعاده إلى جزيرة موريشوس في المحيط الهندي. وفي 19/7/1937 داهمت قوة من رجال الجيش والشرطة دار اللجنة العربية العليا للقبض على المفتي. ولكنه فوت على الأعداء هذه الفرصة فغادر دار اللجنة قبل وصول القوة البريطانية ولجأ إلى المسجد الأقصى.
(6) بعثت اللجنة العربية العليا لفلسطين عدة وفودسياسية ودينية إلى أوروبا وأمريكا والبلاد العربية والإسلامية للدعاية لقضية فلسطين وشرح موقف أهلها من التقسيم وأسباب رفضهم له.
ونشطت اللجان القومية الرياضية والكشفية والثقافية والدينية في حقل التوعية الوطنية وإعداد الشعب للاقبال على استئناف الجهاد في الوقت الذي يعلن فيه.
كانت قيادة الثورة الفلسطينية واثقة بأن الأعداء لن يتخلوا عن سياستهم، ولن يرجعوا عن مؤامراتهم، كما كانت مقتنعة بأنه لا مناص من استئناف الثورة لاكراه بريطانيا على تلبية مطالب العرب، وانطلقت تعمل لذلك بسرية وكتمان.
عمل المسؤولون خلال المرحلة الثانية للثورة على إعادة تنظيم المجاهدين وتدريبهم ومدهم بالعتاد والسلاح، وتنظيم جباية مستقرة لدعم الجهاد. وعملوا على إعادة تشكيل اللجان الوطنية في البلاد العربية لجمع المال والسلاح والعتاد.
وأوفد المسؤولون عدداً من أبطال الجهاد وكبار قادته إلى العراق وألمانيا حيث التحقوا بدورات عسكرية في المعاهد العسكرية وتلقوا تدريباً خاصاً على إعداد المتفجرات والألغام وحرب العصابات.
وتطورت الأوضاع في فلسطين بشكل سريع بعد إعلان قرار التقسيم ولجوء المفتي إلى الحرم الشريف. فقد اشتدت المقاومة الشعبية للتقسيم، ووقعت خلال شهري آب وتموز 1937 عدة اصطدامات بين العرب والأعداء، واتسعت الهجمات العربية على المستعمرات الصهيونية وثكنات الجيش والشرطة.
أما الحكومة البريطانية التي لم تأبه اطلاق لشعور الفلسطينيين ورغائبهم فإنها راحت تمعن في اضطهادها للوطنين، وتتمادى في اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية لتنفيذ قرار التقسيم مهما كلفها الأمر. ونظراً لأهمية لواء الجليل (شمال فلسطين) بالنسبة إلى مشروع التقسيم الذي قرر أن يكون القسم الأكبر منه ضمن الدولة اليهودية فإن الحكومة عينت أحد غلاة الاستعماريين البريطانيين، وهو لويس أندروز، حاكما لواء الجليل، وأطلقت بدء العمل على تنفيذ التقسيم.
وفيما كان أندروز يضاعف جهوده ومساعيه لتنفيذ قرار التقسيم، ويمعن في اضطهاده للعرب، ويهزأ بمقاومتهم، اغتاله المجاهدون في مدينة الناصرة في 31/9/1937 مع مرافقه البريطاني. وفي اليوم التالي لاغتيال أندروز وقعت هجمات عنيفة على المستعمرات الصهيونية ورجال الجيش والشرطة.
صعدت بريطانيا أعمالها العدوانية القمعية وضاعفت بطشها بالعرب اثر اغتيال أندروز وما تبعه من أحداث محاولة القضاء على مقاومتهم للتقسيم، فأعلنت حالة الطوارىء في البلاد، وانطلق المسؤولون عن الحكم يعتقلون الألوف من العرب، ويطبقون أنظمة الطوارىء وقوانين الدفاع على القرى العربية بقسوة متناهية. وأذاعت الحكومة البريطانية بياناً رسمياً أعلنت فيه أنها تعتبر الحاج أمين الحسيني مسؤولاً عن إشعال نار الثورات وتوجيه أعمال التمرد والعصيان والإرهاب، وأن اللجنة العربية العليا لفلسطين مشاركة في أعمال العنف والإرهاب. وعقبت الحكومة بحل اللجنة العربية العليا لفلسطين واللجان القومية في البلاد وباعتبارها منظمات غير مشروعة. كما قررت عزل المفتي من رئاسة المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، وعينت لإدارة المجلس لجنة ثلاثية برئاسة كركبرايد البريطاني.
حاولت الحكومة اعتقال رئيس وأعضاء اللجنة العربية العليا فلم تستطع الوصول إلى الحرم الشريف، ولكنها ألقت القبض على أربعة من أعضاء اللجنة هم حسين فخري الخالدي* وأحمد حلمي عبد الباقي* وفؤاد سابا ويعقوب الغصين* ونفتهم مع بعض الزعماء الوطنيين الأخرين – ومنهم رشيد الحاج إبراهيم* الزعيم المعروف في حيفا – إلى جزر سيشيل. أما بقية أعضاء اللجنة العليا فقد استطاعوا الاختفاء داخل فلسطين ثم الانتقال سراً إلى لبنان.
كذلك اعتقلت الحكومة معظم أعضاء اللجان القومية و 819 شخصاً من رجال الدين وقضاة الشرع والوعاظ والأطباء والتجار والمحامون والصحفيين وغيرهم، فضلاً عن مئات آخرين قبضت عليهم اثر اغتيال أندروز.
وتوترت الحال في فلسطين، واشتدت المقاومة رغم تدابير السلطة واجرائاتها. وشددت الحكومة الحصار على الحرم الشريف وضاعفت مراقبتها للمفتي وتحركاته وشددت مساعيها لاعتقاله، لكن الحاج أمين استطاع الخروج سراً من المسجد الأقصى ومغادرة فلسطين إلى لبنان في 13/11/1937. وبعد مدة من وصوله إليه، استأنف نشاطه السياسي والنضالي، وغدت بيروت مقراً للجنة العربية العليا لفلسطين.
استطاع الحاج أمين، رغم المراقبة الشديدة التي فرضها عليه الفرنسيون في لبنان، أن ينشر بياناً في الصحف العربية أكد فيه رفضه لمشروع التقسيم وتمسكه المطلق بمطالب الشعب المعروفة، ودعا فيه الشعب الفلسطيني إلى مقاومة السياسة البريطانية ومحاربة مشروع التقسيم حتى القضاء عليه. ووزع هذا البيان في داخل فلسطين يوم 29/10/1937 فاعتبره الفلسطينيون دعوة إلى استئناف الثورة المسلحة.






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 10:22 PM رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

المرحلة الثالثة من الثورة الفلسطينية (تشرين الأول 1937 – أيلول 1939):

تميزت هذه المرحلة الثالثة من 1936 – 1939 بالحقائق التالية:
(1) لم تعد القدس المركز الرئيس للقيادة الوطنية، إذ انتقل نشاط اللجنة العربية العليا والكثيرون من أعضاء اللجان القومية وزعماء الشباب إلى بيروت فغدت هي المركز الرئيس للقيادة الوطنية الفلسطينية.
(2) والاعتبارات كثيرة، وظروف سياسية مختلفة، اختيرت دمشق لتكون مركزاً ومصدراً لتموين الثورة ومد المجاهدين بالسلاح والعتاد والمال. وتألقت للقيام بهذه المهمة لجنة ذات طابع سري من عدد من السوريين والعراقيين والفلسطينيين. وكانت هذه اللجنة تصرف أعمالها وتضطلع بواجباتها بتنسيق وتعاون وثيقين مع اللجنة العربية العليا لفلسطين في بيروت.
(3) اقتصرت أعمال الجهاد في الداخل في هذه المرحلة على الفلسطينيين أنفسهم، فلم تدخل فلسطين قوات شعبية منظمة من الخارج (مثل قوة فوزي القاوقجي في المرحلة الأولى)، ولكن أعداداً من المتطوعين من الأردن والعراق وسورية ولبنان دخلوا فلسطين وانضموا إلى المجاهدين الفلسطينيين بقيادة عبد القادر الحسيني.
(4) كانت معارك الثورة في مرحلتها الثالثة أشد عنفاً وتركيزاً من معارك المرحلة الأولى. وكانت أكثر اتساعاً حتى شملت كل بقاع فلسطين. وظهر قادة جدد للمجاهدين، ولا سيما في مناطق فلسطين الشمالية، أبلوا بلاءاً حسناً في التنظيم والقتال وحروب العصابات. وكانت الكفاءة في القتال والتنظيم في هذه المرحلة أظهر منهما في المرحلة الأولى.
(5) كانت المقاومة في داخل المدن أكثر حدة وشدة من المقاومة التي ظهرت في هذه المدن خلال المرحلة الأولى للثورة، فقد توالت أعمال اغتيال موظفي الحكومة الإنكليز والمتعاونين مع السلطة وباعة الأراضي والسماسرة والجواسيس، واشتدت هجمات المقاومة على دوائر الحكومة وتدميرها وإحراقها.
(6) لم تضرب فلسطين في المرحلة الثالثة كما أضربت في المرحلة الأولى للثورة. وهذا الواقع سهل للشعب بذل الجهود والقيام بالأعمال لدعم المجاهدين ومساعدتهم، ومكن قيادة الثورة من الحصول على المعلومات والأنباء من مساعي السلطة وتحركات قواتها المسلحة والمنظمات الصهيونية الإرهابية.
(7) وقعت في البلاد معارك عسكرية ضخمة كان بعضها يستمر بضعة أيام بين المجاهدين والجيش البريطاني. واتخذت هذه المعارك طابع المعارك الحربية، وقد قام المجاهدون بهجمات عسكرية منظمة على المدن، واستطاعوا احتلال بعضها ورفع العلم العربي مكان العلم البريطاني. ومن المدن التي احتلها المجاهدون القدس القديمة، عكا، وبئرالسبع، والخليل، وبيت لحم، وبيت ساحور*، والمجدل*، والفالوجة، ولم يخرجوا منها إلا بعد معارك ضارية مع القوات البريطانية التي كان تعزيزها مستمراً. وتمكن المجاهدون من السيطرة التامة على أكثر من نصف مساحة فلسطين (الريف والبادية) ومن التحكم الكامل بطرق المواصلات الرئيسة طوال هذه الثورة.
(8) اتسعت في هذه المرحلة الهجمات الفلسطينية المركزة على المستعمرات الصهيونية، ولا سيما في لواءي القدس وغزة، وتكبدت هذه المستعمرات خسائر مادية فادحة، في حين هلك الكثيرون من حراسها الصهيونيين ومن أفراد المنظمات العسكرية الصهيونية الإرهابية.
(9) ولوحظ خلال هذه المرحلة من الثورة قيام المجاهدين بأعمال النسف والتدمير وتفجير المتفجرات في الأوساط الصهيونية والدوائر الرسمية بشكل دل على أنهم قضوا المرحلة الثانية وهم يتدربون على هذه الأعمال.
(10) الناحية السياسية: حدثت خلال هذه المرحلة أحداث وتطورات سياسية ودبلوماسية هامة سواء على المستوى الدولي أو في المجال العربي العام. وكانت أبلغ هذه التطورات:
– انكشاف الستار عن تأييد الولايات المتحدة الأمريكية، رئيساً وشعباً وحكومة، للصهيونيين والانتداب البريطاني وحرصها على أن تتوفر أسباب الدفاع الحقيقي عن الكيان اليهودي في فلسطين كما كان قائماً يومئذ، ومساهمتها الفعالة في دعم العصابات الصهيونية المسلحة، والاضطلاع بدعاية عالمية لصالح الصهيونيين ومخططاتهم.
– ثورة الرأي العام العربي بخاصة والرأي العام الإسلامي بعامة، وتوثب شعور العرب والمسلمين لتأييد ثورة فلسطين والعمل لصالح القضية الفلسطينية. وقد أدت ثورة الرأي العام العربي إلى توحيد الصف في الدول والأوساط العربية، ووقوفها كلها إلى جانب تأييد الميثاق الوطني الفلسطيني وما اشتمل عليه من مطالب. كذلك قضت الثورة على كل ما كان قائماً بين الدول العربية من اختلاف وتباين رأي قضية فلسطين وكيفية حلها.
– دخول، وربما إدخال، الدول العربية فريقاً أساسياً ومباشراً في قضية فلسطين والدفاع عنها. وقد برزت هذه الحقيقة في دعوة الحكومة البريطانية الدول العربية للمساهمة في الجهود المبذولة لتسوية قضية فلسطين، وللاشتراك إلى جانب الوفد الفلسطيني في مؤتمر المائدة المستديرة الذي عقد في لندن عام 1939 (رَ: لندن، مؤتمر – 1939).
– ومن الأحداث والتطورات السياسية والدبلوماسية الهامة خلال المرحلة الثالثة للثورة اضطرار بريطانيا، تحت ضغوط الثورة والجبهة الفلسطينية الداخلية الموحدة وتأثير الرأي العام العربي والإسلامي، إلى العودة للاعتراف باللجنة العربية العليا لفلسطين، ودعوتها للاشتراك في مؤتمر المائدة المستديرة السابق ذكره بوصفها الممثلة الوحيدة للشعب الفلسطيني.
– اضطرار بريطانيا، بعد عجزها عن القضاء على الثورة وتعاظم الخسائر التي كانت تتكبدها القوات البريطانية على أيدي المجاهدين، إلى العدول عن قرار التقسيم (تقرير لجنة اللورد بيل) وعقد مؤتمر المائدة المستديرة للبحث في الوصول إلى حل لقضية فلسطين.
حققت هذه الثورة للفلسطينيين وللعرب انتصارات سياسية وديبلوماسية كبيرة ، فضلاً عن الانتصارات العسكرية، وأحالت قضية فلسطين عملياً إلى قضية عربية عامة، وقضية إسلامية.
و- التنظيم العسكري: جرت محاولات تنظيم النشاط العسكري أثناء الاضراب الكبير بهدف توحيد الجهود وتحقيق الحد الأقصى من الفاعلية والتأثير. وقد أدى أعضاء تنظيم الشيخ القسام السريون الذين تمكنوا من تجنب عمليات التطويق البريطاني ونجحوا في تأمين قواعد لهم في الجبال، أدوا دوراً بارزاً في التحريض على إشعال الثورة والإعداد التنظيمي والعسكري لها مستغلين حالة الغليان التي عاشتها الجماهير، وأدت إلى إعلان الاضراب الكبير. ولم يتوقفوا عن العمل الثوري في صفوف طبقات الشعب كافة، وخاصة طبقة الفلاحين، ودعوتهم للجهاد من أجل قضية العرب الكبرى.
وقد حافظ العمل العسكري خلال عام 1936 إلى حد ما على التنظيم، لكن العفوية تغلبت على معظمه حتى خريف 1937 وبداية 1938 عند اشتعال الثورة مرة أخرى وشمولها قطاعات الشعب الفلسطيني كافة. وكان للتجارب الكثيرة التي مر بها القادة والثوار، واكتسبوا خلالها خبرة أوسع من ناحية القتال والتدريب، أثر كبير في تطوير التنظيم نحو الأفضل، مما جعل الثورة على مستوى أعلى من الدقة والتنظيم. وفي عام 1938 تم تنظيم القيادة العسكرية على الشكل التالي:
1) القيادة العامة: اتخذت قادة الثورة من مدينة دمشق مقراً سرياً لصعوبة بقائها في فلسطين في تلك لفترة نتيجة ضغط ومراقبة السلطات. وتكون المجلس القيادي من القائد العام ومن عدد من المساعدين هم غالباً رؤساء فروع الشؤون الإدارية والمخابرات والإعلام، بالإضافة إلى قادة المناطق. كما تم تعيين عدد من قدامى المحاربين السوريين ممن عملوا في الثورة السورية (1925 -1927) مستشارين للقائد العام.
) قيادة المناطق: خضعت جبهات القتال في فلسطين لقيادات مناطق رئيسة كانت كل منها قيادة ميدانية للثورة في غياب القيادة العسكرية العامة في دمشق، وقد تم توزيعها على الشكل التالي:
(1) المنطقة الشمالية: وتمتد من جبل الكرمل* في الجنوب إلى حدود سورية ولبنان في الشمال ومنطقة طبرية وسمخ* في الشرق. وتعتبر هذه المنطقة بسبب وعورتها ملائمة لحرب العصابات.
(2) منطقة نابلس: وتشمل أقضية نابلس وطولكرم وجنين وساحل حيفا. وتعتبر هذه المنطقة نموذجية لحرب العصابات* لوعورتها وصعوبة مسالكها.
(3) المنطقة الوسطى: تشمل أقضية يافا واللد والرملة.
(4) منطقة القدس: وتشمل أقضية القدس والخليل ورام الله وبيت لحم.
أما المناطق الجنوبية من فلسطين فلم يكن فيها قادة مناطق لأنها أراض زراعية أو صحراوية لا تصلح لتنقل رجال العصابات.
ووضعت قيادات محلية في غزة والمجدل وبئر السبع وخان يونس تنفذ أوامر القيادة العامة وتتعاون مع قيادتي منطقتي القدس ونابلس في بعض الأحيان.
3) مسؤوليات قادة المناطق: تألقت المنطقة الرئيسة من عدد من المناطق المحلية تضم كل منها بين 150 – 200 ثائر موزعين إلى فصائل يتألف كل فصل من 15 مقاتلاً في المتوسط منهم فصيل القيادة. وقد حددت اختصاصاتها بالإشراف على القطاعات المحلية وشؤون الأمن فيها بالإضافة إلى الاشتراك في المعارك الرئيسة وكانت الإدارة البريطانية في المناطق الجبلية، باعتراف الجنرال هاينع القائد العام للقوات البريطانية، “غير موجودة على الإطلاق”.
وقد أظهرت دراسة تناولت 282 قائداً عسكرياً ممن تولوا مختلف المناصب في الثورة أن 65% منهم كانوا فلاحين و3% استقروا في المدن، و22% من سكان المدن، و8% من البدو، وأن الباقين جاءوا من الدول العربية المجاورة.
وقد قامت الثورة على تحالف الطبقات والقوى الوطنية المعادية للاستعمار والصهيونية، وهي: العمال والفلاحون والبرجوازية الوطنية والجناح المستنير من كبار الملاك.
إن نظرة إلى الأسماء التي أوردها صبحي ياسين*، وهو أحد الثوار، في كتابه “الثورة العربية الكبرى في فلسطين” تظهر بجلاء هوية قادة المقاتلين وأصولهم الاجتماعية والطبقية. فهم في معظمهم إما فلاحون فقراء وإما من فقراء المدن المنحدرين من أصول ريفية.
- قوات الثورة: ليس من السهل الحصول على رقم دقيق لعدد الثوار المتفرغين الذين عملوا خلال فترة الثورة. ولكن بعض المصادر العربية تقدر عدد الثوار الذين اشتركوا في ثورة 1936 – 1939 بما يراوح بين تسعة وعشرة آلاف ثائر. من هذا العدد ثلاثة آلاف ثائر تفرغوا لأعمال العصابات، وألف ثائر تفرغوا للعمل في المدن. أما الباقون فكانوا من سكان القرى والبادية الذين لم يتفرغوا للقتال، بل كانوا يمارسان أعمالهم الخاصة، ولكنهم يقومون بنجدة الثوار عند نشوب المعارك بالقرب من قراهم وأماكن سكنهم.
أما السلطات البريطانية فقدرت قوة الثوار المتفرغين للقتال بين ألف وألف وخمسمائة مقاتل يساعدهم عدد كبير من المتطوعين من سكان المناطق المجاورة كانوا يذوبون بين الجماهير إثر كل معركة بعد أن يخفوا ملابسهم وسلاحهم، ويعودون لممارسة أعمالهم العادية. وقرت مصادر أخرى (باحثون بريطانيون) عدد الثوار عام 1936 بخمسة آلاف بين متفرغ وشبه متفرغ، ثم قفز الرقم إلى خمسة عشر ألفاً في عام 1938.
ومن هنا تبدو تقديرات المصادر العربية لقوة الثوار معقولة بالمقارنة مع تقديرات المصادر البريطانية المختلفة، هذا إذا اضيف إلى عدد الثوار المتفرغين أولئك الذين يعملون إلى جانبهم من سكان القرى المجاورة، والذين سموا “بالفزيعة”. وقد قام هؤلاء الثوار غير المتفرغين بعمليات لا تقل في جرأتها عن تلك التي قام بها الثوار المتفرغون، مثل نسف وتخريب طرق المواصلات، ونفذوا الكثير من المهام القتالية كالإغارة على المستعمرات الصهيونية ومراكز الشرطة، وإشعال العدو بمعارك جانبية لتخفيف الضغط عن قوات الثورة أثناء اندلاع المعارك الكبيرة، وشن معارك الإلهاء لتوزيع وتشتيت جهود العدو على جبهات مختلفة عند القيام بهجوم أو عملية حربية كبيرة، وحماية مؤخرة وحدات الثوار عند الهجوم على الدوريات والمستعمرات والمعسكرات التابعة للجيش البريطاني، وتأمين نقل الذخائر والتموين للثوار المتمركزين في قواعد ثابتة في الجبال والمناطق الوعرة، وذلك بالتنسيق مع القيادات المحلية.
التسليح: تكونت الأسلحة التي استخدمها الثوار خلال هذه الفترة من خليط غريب ومتنوع من البنادق والمسدسات يمكن وصفها بأنها قديمة الطراز وغير فعالة إذا قورنت بالأسلحة التي استخدمتها القوات البريطانية والمنظمات الصهيونية. وقد كان لذلك أثر كبير في إبقاء معظم عمليات الثوار مقتصرة على الكمائن والغارات وعمليات القنص. ومن الثابت أنه لم تكن هناك خطة عامة للتسليح في البداية، وهي الفترة التي انطلقت فيها الثورة بعفوية جماهيرية.
استخدم الثوار في البداية بنادق كانت تحتفظ بها الأسر للدفاع عن النفس وتم الحصول عليها قبل الحرب العالمية الأولى من الجيش التركي ومن مصادر أخرى. واستخدموا أيضاً بنادق من صنع كندي وفرنسي وياباني وروسي وإنكليزي وألماني. وكذلك أسلحة تم تركيبها بطريقة لا تخلو من الخيال والابداع من قطع غيار مختلفة لبنادق متنوعة. وفي إحدى العمليات استولت القوات البريطانية على بندقية برتغالية مصنوعة في القرن الثامن عشر.
ولكن القسم الأكبر من الأسلحة تم الحصول عليه من مخلفات القوات التركية المنسحبة أثناء الحرب العالمية الأولى، أو تم تهريبه عن طريق البحر وعبر الحدود من الأردن وسورية ولبنان. وفي فترة لاحقة، وبالتحديد بعد وصول القاوقجي إلى فلسطين، استخدم الثوار الرشاشات على نطاق ضيق في منطقة نابلس بعد أن غنموا بعضها من البريطانيين. أما المدافع فلم تكن موجودة على الإطلاق.
ومن الظواهر المعبرة والمؤثرة فيما يتعلق بموضوع الأسلحة ذلك التعاون الذي كان يحدث بين إخوة السلاح. فالأسلحة التي استخدمت في ثورة 1936 في فلسطين هي نفسها التي استخدمت في ثورة 1925 في سورية ثم نقلت إلى فلسطين بعد ذلك. وقد كانت قوة الشرطة الفلسطينية (1.500 شرطي) مصدراً سهلاً لإمداد الثوار بالبنادق.
أما الذخيرة التي استخدمها الثوار فقد كانت مستودعات الجيش البريطاني والشرطة مصدرها الرئيس. وكان بعضها ظروفاً فارغة تم جمعها وتعبئتها يدوياً، أو جرى الاستيلاء عليها خلال المعارك مع القوات البريطانية، أو شراؤها من بعض أفراد تلك القوات، بالإضافة إلى قسم كبير تم تهريبه من المناطق المجاورة. واستخدم الثوار أيضاً كميات كبيرة من القنابل اليدوية البريطانية من نوع “ميلز36″، وقاموا بتصنيع قنابل يدوية أفادوا منها بشكل واسع في عمليات المدن. وحول الثوار أيضاً قذائف مدفعية استولوا عليها من بعض معسكرات الجيش البريطاني إلى ألغام نسفوا بها خطوط السكك الحديدية والطرق والجسور.
الاستراتيجية والتكتيك: لا بد لكل من يدير حرباً أو عملية استراتيجية أو تكتيكية من دراسة مبادىء الحرب الثورية وقوانينها واستيعابها، مثلها مثل أي حرب أخرى. فالشعب الفلسطيني الذي خاض حرباً ثورية دامت أكثر من ثلاث سنوات كان يعيش ظروفاً معقدة وصعبة جداً، ما أثر في العمل الحربي وطبيعته، وبالتالي نتيجته. وقد عجزت قيادات ثورة 1936 – 1939 عن فهم المبادىء والقوانين الخاصة بذلك العمل، وكيفية القيام به بالشكل المناسب، ومن ثم إتقانه.
فالقادة الذين تولوا أمور القيادة طوال السنوات الثورة لم ينجحوا في رسم استراتيجية عسكرية واضحة وإن كانوا قد نجحوا في تطبيق أهم مبادىء حرب العصابات دون تطويرها إلى حرب نظامية أو متحركة، وذلك لعدم تمكنهم من قلب موازين القوى لصالح الثورة في النهاية.
وبالرغم من كل الصعوبات التي واجهت الثورة نجح رجال العصابات في تطبيق المبادىء الأساسية لتلك الحرب مثل حشد قوات كبيرة أثناء مهاجمة نقطة معينة، والعمل بصورة سرية ونشيطة ومستمرة، وتطبيق المفاجأة في الهجوم، وإنهاء المعركة بسرعة خاطفة. ولعل أهم تلك المبادىء، وبإقرار المصادر العسكرية البريطانية، هو تجنب الاشتباكات واسعة النطاق مع الجيش البريطاني، ما تمناه العدو مراراً وسعى له كي يتمكن من فرض المعركة في وقت وزمان مناسبين بهدف إلحاق أكبر الخسائر بالثوار.
العمليات العسكرية: جرى على أرض فلسطين، على مدى سنوات الثورة، الكثير من العمليات العسكرية والمعارك الكبيرة التي كان مسرحها الجبال وبعض المدن. وأهمها حسب السنين والمناطق والقيادات المختلفة: نور شمس 21/6/1936، والجاعونة 12/8/1936، وبلعة 3/9/1936، واليامون 3/3/1938، وبئر السبع 9/9/1938، وطبرية 3/10/1938، والقدس 17/10/1938.
اتخذت العمليات العسكرية الأولى طابع العمل غير المنظم والارتجالي والخالي تقريباً من التخطيط الدقيق حتى أواخر آب 1936 عند وصول قوة عسكرية نظامية متطوعة يقودها الضابط فوزي القاوقجي، وتمركزها في الجبال المحيطة بنابلس.
وفي منتصف شهر أيار 1936 بدأ مركز النشاط العسكري ينتقل من المدن إلى المناطق الريفية والجبلية، وأصبحت جبال نابلس* والشمال وتلالها الحرجية الشديدة الانحدار أكثر المناطق غلياناً وجذباً للثوار. أما التكتيك الذي اتبع فكان تجمع زمر من الثوار وكمونهم في أحد سفوح الوديان، أو رؤوس الجبال المنيعة، ينتظرون مرور قافلة من السيارات، فإذا ما مرت أمامهم أطلقوا عليها النار ثم قفلوا مسرعين، كل إلى قريته أو بلدته حيث يخفون الأسلحة والعتاد في أمكنة آمنة، ويختلطون بسكان القرى وكأن شيئاً لم يحدث. وكان عدد أفراد الكمين يصل أحيانا إلى 200 رجل متفرغ وشبه متفرغ.
فوزي القاوقجي
حدث تغير جوهري في نوعية العمليات العسكرية ابتداء من شهر حزيران 1936 بعد تولي فوزي القاوقجي الضابط في الجيش السوري قيادة جيش الإنقاذ والقاوقجي ولد في مدينة طرابلس في فترة حكم الدولة العثمانية. ودرس في المدرسة الحربية في إسطنبول، وتخرج ضابطاً في سلاح الخيالة العثماني عام 1912. ... لكن النقطة البارزة في حياته كانت توليه قيادة جيش الإنقاذ في فلسطين عام 1947). فقد كتب الفايس مارشال بيرز في تقريره قائلاً: “لقد أظهر الثوار تصميماً أكثر في خوض العمليات، كما بدا واضحاً أن رجالاً عسكريين ذوي خبرة عالية بدأوا يخططون لها”. وكتب في التقرير نفسه أن “العصابات المسلحة التي تألقت في السابق من زمر يتراوح عدد الواحدة منها بين 15 و20 رجلاً قد أصبحت تتألف من زمر يتراوح عدد الواحدة منها بين 50 و70 رجلاً. وهي ليست عصابات للنهب، بل تمارس ما تعتقد بأنه حرب وطنية تدافع بها عن بلادها في وجه الظلم والتهديد بالسيطرة اليهودية”.
عام 1936: بعد صدور بيان الملوك والرؤساء والأمراء العرب، الذي دعا إلى وقف الأعمال القتالية، لم تتوقف هذه الأعمال توقفاً كلياً، بل استمرت عمليات ذات طابع فردي كعمليات النسف والقنص والاغتيالات السياسية وقطع وسائل المواصلات بمختلف أنواعها. وقد وصلت تلك العمليات إلى ذروتها عندما نجحت إحدى خلايا القساميين العاملين في المنطقة الشمالية، في اغتيال حاكم منطقة الجليل لويس أندروز يوم 26/9/1937، وقتل مفتش الشرطة حليم بسطة في وقت سابق. ويعني ذلك أن قادة الثورة عاشوا حالة من الترقب والقلق بانتظار نتائج تحقيقات اللجنة الملكية (لجنة بيل)، ولم يسقطوا من حسبانهم الخيار العسكري.
في عام 1937 كانت الاندفاعة الثورية لدى جماهير الفلاحين أشد عنفاً من تجربة العام المنصرم، بسبب الخبرات المكتسبة، وبسبب ازدياد وضوح التناقض القائم بين أطراف الصراع. كما اتجهت هذه المرحلة من الثورة بصورة جوهرية ضد البريطانيين. وقد اتخذت الحكومة البريطانية على أثر ذلك إجراءات قمعية قاسية ضد المواطنين، فطوقت القوات البريطانية قراهم ودمرت الكثير من بيوتهم واعتقلت أبناءهم وفرضت عليهم غرامات باهظة، ولم تكن هذه الإجراءات القمعية جديدة أو مفاجئة للشعب الفلسطيني، فقد اعتادها منذ أيام الاضراب، ولذلك لم تحقق تلك الإجراءات، رغم قسوتها وشراستها، سوى المزيد من الاصرار على الاستمرار في الثورة حتى تحقيق المطالب العربية المشروعة.
من الملاحظ أن معارك التي استؤنفت في شتاء 1937 اختلفت في أمور كثيرة عن تلك التي حدثت في فترات سابقة. إذ دارت على مسرح عمليات مختلف عن ذلك الذي حدثت فيه في فترة الاضراب الكبير، والذي كان في جبال نابلس. فمنطقة الجليل* بمسالكها وجبالها وغاباتها الكثيفة التي تغطي معظم التلال* أصبحت الميدان الرئيس للعمليات. لذلك أصبحت المعارك أقرب إلى الحدود منها إلى المناطق الداخلية في فلسطين بسبب الحاجة الماسة لاستمرار تدفق الأسلحة والذخائر عبر الحدود الأردنية والسورية واللبنانية، والحاجة إلى مؤخرة أمينة يسهل الالتجاء إليها وقت الضرورة وعند التطويق.
وهناك ظاهرة هامة أخرى هي أن القوات البريطانية بدأت تعمل من أجل استرداد زمام المبادرة ومحاولة التمسك بها، وبدت مصممة على استعادة السيطرة على المناطق الخارجة عن سلطتها. لذلك خصص الجنرال ويفول القائد العام البريطاني الجديد قوات ضخمة مدربة على مقاومة حرب العصابات للعمل في هذا المجال. وقسمت تلك القوات إلى فصائل متحركة تقوم بأعمال الدوريات المستمرة والمنتظمة طوال أشهر السنة. ففي فصل الشتاء حيث يصعب التنقل والاتصال كانت الطائرات تمد تلك الفصائل بالأسلحة والذخائر والمؤن بالمظلات.
في المقابل بدا رجال المقاومة أكثر وعياً وتدريباً من السابق، فلم يعد من السهل اصطيادهم. وبدا واضحاً أنهم يملكون الحس الأمني، ولذلك عاشوا في يقظة دائمة وهم يحرسون أمكنة استراحتهم المؤقتة مهما بدت منيعة أو أمينة، كما أن المفارز المختلفة كانت أكثر وعياً لواجباتها ومهامها. وقد بدت سيطرة القادة تامة على قواتهم طوال مراحل القتال. كل ذلك ساعد على التغلب إلى حد كبير على النقص في الأسلحة ذات المستوى المتطور.
3) عام 1938: أخذت الثورة، مستفيدة من انشغال بريطانيا في أزمة ميونخ الأوروبية عام 1938، تزداد عنفاً نتيجة للتنظيم الجيد والخبرة الممتازة الذين اكتسبتهما في المرحلة السابقة، فامتدت سيطرة الثوار على معظم الطرق وعلى الكثير من المدن. وأظهروا نشاطاً بارزاً في مناطق الجليل وجنين ونابلس والمنطقتين الوسطى والجنوبية. ونجحوا في تدمير محطات السكك الحديدية الواقعة بين القدس واللد وبين خان يونس ورفح، وبين اللد والحدود الأردنية. وهاجموا أيضاً معظم مراكز الشرطة، وقتلوا في أحدها الضابط موفات مدير شرطة جنين في مكتبه. وبحلول الصيف كان الثوار قد سيطروا تماماً على معظم المناطق الجبلية في البلاد إلى درجة أنهم كانوا يسيرون في مدينة نابلس بحرية تامة في وضح النهار وبأسلحتهم الكاملة. ومما يدل على عنف الثورة ونجاحها النسبي انخفاض معدل الهجرة اليهودية إلى عشرة آلاف مهاجر في ذلك العام في مقابل 62.000 مهاجر يهودي دخلوا البلاد عام 1930، وما أورده التقرير البريطاني لعام 1938 عن الزيادة في نفقات الأمن العام، والعمليات التي قام بها الثوار، والتي ركزت على أهداف اقتصادية ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى بريطانيا، وخاصة خط أنابيب شركة النفط العراقية. وقد بلغت تلك النفقات 1.034.825 جنيهاً استرلينياً عام 1938 في حين كانت نحو 867.295 جنيهاً عام 1937، و641.276 جنيهاً عام 1936.






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2020, 11:27 PM رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالحليم الطيطي مشاهدة المشاركة
>>>>>>>>>>>>>هذا المنشار الذي يقطع أوصالنا : كان يجب ان يقطع اوصال اسرائيل ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،هذه الأمّة محكومة لأعدائها ،،،،وسماؤها غائمة بالعملاء ،،،،،،،،،،،،،،،،،،فإذا انقشعت غيومنا السوداء ،،،،،،،،،،،،،،،،يأتي يومنا نحن :،،،،،،فنحن اليوم محتقنون ،،نخبِّىء نارنا ،،،،وهي تتأجّج فينا حتى اليوم الموعود


****الف شكر للأستاذة / خديجة
لن يستطيع فعل ذلك فالمنشار مسودة ميثاق غليظ ما بين السمسار والمختطف المغتصب السفيه ولد الحرام على فكرة كلهم ولاد الحرام البايع والشاري يا سيدي
هناك مقايضة ما بينهما والشاري منتفع بالارض والبائع له المدى :كرسي
منذ الانتكاسة الاولى 1948 وصححوا لي التاريخ فانا هزيلة في التاريخ وفي الجغرافيا لانني لا اومن بالحدود
منذ الانتكاسة ونحن نتباكى ونبكي فلسطين
وهل"" تستطيع دموع العالم باسره ""ان تعيد دمعة سقطت من عين شهيد ؟؟
لازم نصحح فالوحدة ما بيننا كامة واحدة والجهاد في سبيل استرجاع الارض لن يتم الا من خلال هذه الوحدة
لكن ياسنا دفع بنا تباكيا وتشتيتا..واعتناق "" ما فاز الا النوم ""
وسننتظر الشجرة متى تعلن عن يهودي يختبىء من ورائها



والف شكر للاستاذة العزيزة خديجة






  رد مع اقتباس
/
قديم 24-07-2020, 04:35 AM رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
بلال ماهر
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديمية للعطاء
الجزائر

الصورة الرمزية بلال ماهر

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

بلال ماهر غير متواجد حالياً


افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

مرحبا

فلسطين مهد الأنبياء
الأرض المقدسة

قلوب رجال هذا الزمان أصابها الضعف الا من رحم ربي يا خديجة
تعلقت قلوبهم بالدنيا فزالت حرمة الأقصى وفلسطين من قلوبهم..

ما يؤلمنا الأن ليس استباحة الأقصى وفلسطين فقط
بل ذاك الظلم الشديد الذي يتعرض له أهلنا في فلسطين ككل

لا يجب على قادة العرب أن ينددوا ويستنكروا على اليهود استبحاتهم للأقصى وفلسطين ويدعون أهلها..سكان غزة..سكان فلسطين

أطفال غزة يبكون من شدة الجوع
أب مفجوع القلب.. وأم جفت دموعها من شدة البكاء
شبابهم حائر .. أيعمل من أجل عائلته الفقيرة..أم يعمل من أجل أن تكون له زوجة وأطفال يلعبون في ثنايا البيت
أيمسك هذا ..ويترك ذاك..!!

على المنظمات الانسانية أن تتحرك لامداد اهلنا في غزة وغيرها من دواء وغير ذلك
الناس هناك تتألم في صمت..بل تموت في صمت..الحياة لا تطاق هناك

أختي خديجة
هدفنا الأن أن ننصر أهلنا في غزة وغيرها بامدادهم بكل شيء يحتاجونه خاصة الادوية
لننصر أهل الاقصى وفلسطين قبل أن ننصر الأقصى وفلسطين
حياة اخوتنا واهلنا اهم شيء
حياة المسلم مهمة جدا..هي قبل كل شيء

اذا استطاع قادة العرب فعل هذا الشيء حتما ستتحرك قلوبهم من اجل استرداد الاقصى وفلسطين.. ولكنهم لا يأبهون فالضعف افترس قلوبهم فصارت كالغثاء

**

هل تعلمين..
المسلمون اليوم قلوبهم تشتعل غيرة وغضبا من أجل قدسها..من أجل اقصاها من أجل فلسطين
ولكننا ابتلينا بقادة ضعاف لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى

سيأتي ذلك اليوم
يوم نستعيد فيه أقصانا وفلسطين
يوم يفرح فيه المسلمون لاستعادتها
يوم تضحك فيه تلك الأرض الطاهرة

سترجع يا خديجة
سترجع

**
شكرا لك
احترامي وامتناني لك
دمت بخير

**






  رد مع اقتباس
/
قديم 24-07-2020, 08:37 AM رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
خديجة قاسم
(إكليل الغار)
فريق العمل
عضو تجمع الأدب والإبداع
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل لقب عنقاء العام 2020
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية خديجة قاسم

افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

سترجع بإذن الله أخي بلال وأسأل الله أن نكون من جنود نصرها
صحيح ما ذكرت بلاؤنا في ساستنا والحكاية كبيرة وتفاصيلها موجعة
أما المنظمات الإنسانية فلا ثقة لي بها، كلها مسيّسة

بوركت وهذا النَفَس الحرّ الصادق
كل التقدير والاحترام







  رد مع اقتباس
/
قديم 25-07-2020, 02:40 PM رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

ارجو حذف هذه الصفحة للتكرار






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-07-2020, 03:03 PM رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

أهم وأشهر المعارك التي حدثت ابان الثورة الفلسطينية

معركة نور شمس



معركة نور شمس في الثورة الفلسطينية الكبرى في حزيران 1936 أول معركة كبيرة مع الانتداب البريطاني ول معركة كبيرة بين الثوار الفلسطينيين وقوات الانتداب البريطاني والتي عرفت باسم معركة نور شمس..على امتداد الطريق بين نابلس وطولكرم..حيث تكبد الاحتلال البريطاني خسائر فادحة في العتاد والذخيرة والطائرات..


معركة نور شمس كما وصفتها جريدة فلسطين

وقعت هذه المعركة العنيفة في جوار عنبتا استشهاد عربيين وإصابة ثلاث طائرات

طولكرم- 21 حزيران- جريدة فلسطين
مرت قافلة السيارات اليهودية من هنا في الساعة الحادية عشر من صباح أمس يحميها جنود مسلحون ودبابتان وقبيل وصولها إلى عنبتا وجدت الطريق مقفلة بأركام من الحجارة، فنزل الجند لإزالتها فصب عليهم الثوار الكامنون وراء الصخور الرصاص، ونشبت بين الفريقين معركة حامية. وبعد قليل يحرج مركز الجند فأرسلوا إشارات الاستنجاد باللاسلكي فجاءت قوة من نابلس مسرعة، وخرجت قوة أخرى من هنا تبلغ 300 جندي وثماني دبابات وسبع طائرات. ولما وصلت النجدة تسلقت الجبال ومعها الدبابات، واشتبكت مع الثوار في ثلاثة مواقع، وتمكن الجوند من حصر الثوار في الموقع الشمالي، ولولا أن أسرعت نجدة من إخوانهم الثائرين للحق بهم ضرر عظيم. ودامت المعارك من الساعة 11 صباحا إلى قبيل العشاء، واغتنم الثوار فرصة حلول الظلام وتراجعوا بانتظام. وكان للطائرات نصيب كبير في القتال إذ كانت نيران مدافعها الرشاشة تصب رصاصها على الثوار بغزارة، وكان أزيز الرصاص وصوت الطائرات مسموعين هنا، وقابلها الثوار برصاص آخر. وأسفرت المعركة عن ثائرين استشهدا وأصيبت ثلاثة طائرات بالرصاص وأرغمت على النزول في مطار طولكرم، وقد نقلت هذه الطائرات على السيارات إلى مطار الرملة بعد تفكيك أجزاءها.
واحضر الجند مساء أمس بعد انتهاء المعركة جثتي الشهيدين العربيين مع بندقيتهما. ولما عجزت السلطة عن معرفة اسميهما سلمتهما إلى أهل المدينة لدفنهما. ومرت الليلة الماضية على السكان وهم في حالة فزع واضطراب.
وصلت قوة من الجند إلى مكان المعركة للبحث عن القتلى والجرحى فوجدت عربيين جريحين في حالة خطرة داخل مغارة وشاويشا إنكليزيا قتيلا فأحضرتهما إلى هنا، ثم أرسلتهم إلى نابلس. واعتقلت السلطة عددا من اهالي عنبتا وأجبرتهم على إزالة الأنقاض ورفع الحجارة التي هدمتها السلطة على باب المغارة.
مرت بعد ظهر اليوم ثلاث سيارات نقل عسكرية في طريقها إلى مطار الرملة، وعليها قطع طيارتين نزلتا قرب طولكرم على اثر المعركة الكبيرة التي نشبت بين الثوار والجنود البريطانيين واشتركت فيها عدة طائرات أما الطائرة الثالثة التي نزلت بجوار طولكرم على اثر المعركة المذكورة فقد قيل لنا أنها ستصلح هناك وقد أشارت برقيات ( رويتر) إلى هذا الحادث.






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-07-2020, 03:52 PM رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين


م
معركة بلعا

أكبر معركة في تاريخ ثورة فلسطين شارك فيها عدد كبير من الثوار

وقعت في الثالث من ايلول 1936ْم، وكانت من المعارك المنظمة في ثورة فلسطين الكبرى. حيث هاجم مسلحون عرب بقيادة القائد العربي فوزي القاوقجي قافلة يهودية ترافقها قوة بريطانية، وحدثت المعركة على الطريق من حيفا إلى تل ابيب قرب قرية بلعا، واستشهد فيها 16 من العرب.
ما أن بزغت شمس النهار حتى كانت الجبال تعج بالثوار الذين الفوا جبهة حربية تمتد من نور شمس حتى شرق رامين وقد لوحظ ان الثوار كانوا منظمين تنظيماً عسكرياً اذ كانوا منقسمين إلى فرق هجوم وفرق دفاع ومرابطين في استحكاماتهم ومعهم الاسلحة النارية والمدافع الرشاشة والبنادق السريعة الطلقات وكان يقودهم البطل السوري المعروف القائد فوزي بك القاوقجي، ولما علمت السلطة بنبأ تجمع الثائرين ارسلت اليهم قوة كبيرة من الجند مصحوبة بالدبابات والمدافع الثقيلة والرشاشات وعند وصولها إلى مكانهم انصبت على الجند النيران كالمطر، واشتبك الفريقان في معركة هائلة جدا، تبودل فيها طلاق العيارات النارية بكثرة، ودوت فيها القنابل، وكانت الطائرات تلقي قنابلها على الثوار بشدة، فكنا نشاهد الدخان يتصاعد من الجبال إلى السماء ونسمع دوي القنابل وازيز الرصاص من هنا، حتى حطمت قنابل المدافع اشجار الزيتون، وهشمت الصخور الكبيرة في الجبال، وقد اشتركت في القتال 15 طيارة القت على الثائرين القنابل بدون حساب وكانت تأتي طوراً إلى المدينة وتهبط في المطار لاخذ الذخيرة او اصلاح ما طرأ عليها من عطب، او تأتي لاعطاء الاشارات المختلفة للجند المرابط هنا، وكانت السيارات تروح وتغدو إلى مكان المعركة ملأى بالجند المسلح كما كانت سيارات الاسعاف تذهب وتعود حاملة المصابين، وقد شاهد الاهلون الذين هرعوا إلى خارج البلدة وراقبوا حركة القتال من مكان شاهق اربع طائرات سقطت احداها في مكان المعركة واحترقت وسقطت الثانية في جوار عنبتا واحترقت ايضا، وسقط الثاثة في راس عامر والرابعة في المطار ويعزى سقوطها - كما قيل - إلى البنادق السريعة الطلقات التي استعملها الثوار ضدها وقد نقلت طائرتان إلى مطار الرملة بعد تفكيكهما.

الرواية البريطانية

وفي البلاغ الرسمي الذي اصدرته الحكومة تحت رقم 244-36 قالت: بينما كانت مفرزة من فرقة لنكولن شاير تأخذ مراكزها على طريق طولكرم- نابلس في ساعة مبكرة من صباح هذا اليوم أطلقت عليها النار بكثرة من الجبال من قبل عصابة مسلحة من العرب يقدر عدد أفرادها بين 40-50 رجلاً وقد تمكن الجنود بمساعدة الطائرات من إخراج المعتدين من مراكزهم ودحرهم إلى جهة بلعا وفي الوقت ذاته وصلت إلى موقع الحادث مفرزات من فرقة رويال " سكوتش" فيوزيليرز من نابلس كانت قد تعطلت عن السير من جراء سدود مقامة على الطريق بالقرب من رامين وأخذت الطائرات التي لحقت بالعصابة وهي مندحرة إلى ما وراء قرية بلعا تعمل عملها من الجو، وبعد ذلك تعقبت هذه المفرزات والطائرات العصابة من الجهة الشمالية الغربية من بلعا وفرقتها. ويأسف المندوب أن يعلن أن ضابط الطيران (هنتر) والطيار (لنكولن) قتلا عندما اضطرت طائرتهما إلى الهبوط من الجهة الغربية الجنوبية من بلعا في الأدوار الأولى من العمليات، ويأسف المندوب السامي أن يعلن أيضاً وفاة الامباشي (ويلكس) من فرقة (لنكولن شاير) متأثراً بجراحه، وقد جرح ضابطان آخران وجنديان وكانت جراح أحد الضابطين خطرة والمعروف أنه قد قتل عشرة أشخاص من العرب والمعتقد أن ست إصابات أخرى قد وقعت من جراء أعمال الطائرات وعند نهاية العمليات العسكرية هدمت ستة بيوت في قرية بلعا أطلقت منها العيارات النارية على الجنود.







  رد مع اقتباس
/
قديم 25-07-2020, 06:56 PM رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين



معركة وادي سباس

معركة واد سباس..شارك بها الأردنيون إلى جانب الفلسطينيين في الثورة الكبرى 1936

يقع واد سباس بين قريتي قصره وجالود إلى الجنوب الغربي من بلدة عقربا، وقد اشتهر الواد بالمعركة التي حدثت بين الانكليز والثوار عام 1938 التي كانت معركة بطولية سطر خلالها الثوار صفحة مَجدٍ في جبين الأمة العربية.
وقد شارك في هذه المعركة عدة فصائل منها فصيل خميس العقرباوي، وكان الأكثر عددا وخبرة في القتال. وفصيل عبدالله البيروتي ، وفصيل السلط الاردني بقيادة أحمد وحافظ النجداوي وفصيل تركي عديلي، ومتطوعون من قرية قصره وعقربا وجوريش وبيتا والقرى المجاورة.
حيث كان الثوار في اجتماع في قرية عقربا لترتيب شؤون الثورة في المنطقة، فبلغهم أن رتلاً من الدوريات البريطانية سيمر من واد سباس فتحركوا للوادي ورابطوا في الموقع بانتظار مرور القوات البريطانية.
وهنا تدخل أبو العباس(الشيخ شحادة عبد القادر حامل اللواء ومدرب الثوار) وطلب من قادة الفصائل إعادة التمركز وتغيير أماكنهم، حيث طلب منهم مُغادرة الواد والتوزع في سفوح وقمم الجبال المحيطة، ليصعب الوصول إليهم واستهدافهم، ثم ليتمكنوا من الاشراف على الطرق المؤدية للواد، وقد تم توزيع الجميع حسب خطة أبو العباس وانتظروا مرور الدوريات البريطانية.
ومع ساعات العصر تقدمت الدوريات الأحد عشر عبر واد سباس، ولما صارت في موقع لا يمكنها التقدم أو التراجع، في تلك اللحظة أعطى الأمر باطلاق النار عليها. وقد لعب عنصر المباغتة دوراً مهماً في تشتيت القوات البريطانية ووقوعها تحت نيران الثوار. ودارت رحى معركة ضارية سطر ثوار فلسطين صفحة عز مدوية .. حتى كانت هذه المعركة مفخرة تُحكى وتروى للأجيال.
وأثناء احتدام القتال وتبادل إطلاق النار جرت اتصالات بالجيش البريطاني فتدخل الطيران ليحدد مواقع الثوار إلا أنهم تمكنوا من إصابة الطيار واسقاط طائرته. واستمرت المعركة إلى المساء . ومع حلول الظلام كان عشرات المتطوعين من أبناء القرى المجاورة يُشاركون الثوار في المعركة ويساهمون في تأمين انسحابهم من الموقع تاركين خلفهم صراخ وعويل الجنود البريطانيين.
وقد استشهد من الثوار في تلك المعركة ثمانية أبطال. وتمكن الناس من العودة في الظلام لنقل جثامينهم وانقاذ الجرحى. وقد وصفت تلك المعركة بأنها كانت حامية الوطيس .. وكان الجنود يصرخون لكثرة الرصاص الذي نزل عليهم.
أما الشهداء الأبطال في تلك المعركة فكانا اثنان أحدهم من فصيل السلط وواحد من قرية قصرى والبقية من مناطق بيتا والفارعة ودير الحطب. وقد دفن الثوار الثمانية في قرية قصرى وبعدها نقل جثمان شهيد السلط الى بلده .

منقول بتصرف عن مقال لحمزة العقرباوي






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-07-2020, 08:08 PM رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

https://
معركة
بني نعيم
جرح فيها القائد عبد القادر الحسيني واستشهد العشرات من قادة الثوار

كانت أهم المعارك التي خاضها "الحسيني" في هذه المرحلة هي معركة "بني نعيم" في الخليل في يوليو 1938م، ولم يكن معه من المجاهدين سوى بضع مئات يواجهون أكثر من ثلاثة آلاف جندي من القوات البريطانية المزودة بالمصفحات والمدافع والرشاشات الثقيلة، وكانت المعركة غير متكافئة؛ لكن "الحسيني" ومن معه خاضوها بكل بسالة وشجاعة، ودامت المعركة نحو أربعين ساعة، سقط خلالها كثير من الشهداء الأبرار، وعجز الثوار عن الاستمرار في القتال بعد أن تعززت قوات الاحتلال أكثر من مرة بالمؤن والسلاح، فانسحبوا من أرض المعركة، تاركين خلفهم شهداءهم وجرحاهم، وكان من بين الجرحى "الحسيني" نفسه، فنقله زملاؤه إلى المستشفى الحكومي في الخليل؛ حيث قُدمت له الإسعافات الأولية، ثم نقلوه إلى دمشق لإتمام علاجه.
لقد وقعت هذه المعركة على أرض بني نعيم ولا بد في الحديث عنها من بيان حقيقة هذه المعركة، من خلال كبار رجال السن في البلدة الذين واكبوها من بدايتها باعتبارهم شهود عيان على أحداث هذه المعركة ولفهم ذلك لا بد من توضيح السياسة البريطانية التي مارستها أثناء انتدابها على فلسطين .
لقد اعتمدت بريطانيا على سياسة "فرق تسد" التي مارستها في كافة المناطق التي استعمرتها أو انتدبت عليها، كما أخذت تغذي النعرات القبلية بين فلاح ومدني ، حيث لقيت هذه الدعوة استجابة عند ضعاف النفوس ما أثار الحقد والكراهية بين فئات السكان ، فكان لا بد من وضع حد لهذه السياسة البغيضة ومن أجل ذلك فقد حضر قائد الثورة الفلسطينية عبد القادر الحسيني على رأس مجموعة من جيشه، وكذلك جاء القائد عبد الحليم الجولاني الى بلدة بني نعيم باعتبارها قلعة الجنوب ونبع التسامح والتصالح والوحدة، وقد توزع الثوار جماعات على جوامع البلدة لتقديم طعام الغداء لهم ، وبينما كان قادة الثوار وكبار رجالات الجبل يتباحثون في سبل مقاومة القوات البريطانية، وتكريس الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الفلسطيني وإنهاء الخلافات الشخصية والعصابات القبلية ، حضر رجل من الخليل يركب على دراجة هوائية يخبر القادة بالانسحاب من البلدة، لأن القوات البريطانية أخذت تستعد للهجوم على الثوار، وقد انسحبت قوات القائد عبد الحليم الجولاني من البلدة متجهة نحو الجنوب، وبعد فترة حضر رجل أخر يركب ( تراكتور ) يطلب من الثوار الانسحاب من البلدة ولكن القائد عبد القادر الحسيني أبت عليه نفسه إلا أن يستعد للمواجهة .
وبعد صلاة العصر من ليلة السابع من كانون الثاني عام 1939 م بدأ الهجوم على البلدة التي احتضنت قائدها، حيث أخذت الطائرات تحلق في سماء البلدة وتقصف الأحياء وبدأت المدافع البريطانية وجنودها يطلقون النيران في جميع الاتجاهات ، بدأت المعركة في جميع أحياء البلدة وخاصة وادي القرية وقدم أهالي البلدة كل ما لديهم من مساعدة لتحصين الثوار ومدهم بالسلاح، وشاركوا في الدفاع عن قائد الثوار وحمايته وقد أدرك القائد عبد القادر الحسيني الخسائر الكبيرة التي ستلحق بأهالي البلدة إذا بقي داخل أحيائها، لذلك أمر الثوار بالانسحاب شرقاً مع وادي القرية والتحصن في الجبال والأودية، وخلف الصخور وداخل المغر والكهوف، واستمرت المعركة حتى حل الظلام، وكان من نتيجة المعركة استشهاد عدد من الثوار وإصابة القائد عبد القادر الحسيني بجروح، تم نقله سراً على جمل إلى مدينة الخليل لإسعافه في المستشفى البريطاني المعروف باسم مارلوقا القريب من مكتب التربية والتعليم، تحت اسم مستعار وبعد معالجته تم نقله إلى بيت جالا استعداداً لنقله إلى سوريا لإتمام العلاج .
وفي صباح اليوم التالي قام أهالي البلدة بجمع جثث الشهداء من كافة مواقع المعركة وتم نقل بعض الشهداء الذين عرفت أسمائهم الى ذويهم وبعضهم الآخر تم دفنهم في مقابر البلدة.
أما عن شهداء بني نعيم فكان الشهيد سلامة حسن أبو ساكوت الزيدات الذي استشهد في حجاج القصرين والشهيد يوسف حسين نايف الزيدات وقد عثر عليه في صباح اليوم التالي ويده على الزناد في وادي القرية، وكان لهذه المشاركة الفعالة من أبناء البلدة في المعركة أن تعرض العديد من رجال البلدة للاعتقالات والضرب وفرض الحصار ومداهمات للبيوت من قبل القوات البريطانية .
وتذكر الموسوعة الفلسطينية صفحة 124 المجلد الثاني أن أسقطت خالا المعركة ثلاث طائرات ، ولكن خسائر الثوار كانت كبيرة، وسقط منهم عشرات الشهداء منهم علي الحسيني وإبراهيم خليق وعيسى أبو قدوم وتذكر الموسوعة أن قوات عبد الحليم الجولاني شاركت في المعركة إلى جانب جيش الجهاد المقدس الذي يقوده عبد القادر الحسيني، أدت هذه المعركة إلى إضعاف الثورة الفلسطينية لفترة من الوقت ولكنها استطاعت أن تعيد نشاطها وتنظيم صفوفها وتسليح قواتها لتستمر في العطاء والجهاد فكانت معركة القسطل عام 1948 م التي استشهد فيها القائد عبد القادر الحسيني ورحم الله جميع الشهداء .
عن الموسوعة الفلسطينية






  رد مع اقتباس
/
قديم 26-07-2020, 02:03 AM رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين



معركة القسطل
معركة فاصلة في التاريخ الفلسطيني، وقعت خلال الفترة التي سبقت حرب 1948 (النكبة) مباشرة وكانت جزء التحركات العسكرية للعصابات الصهيونية في عملية نحشون، وغرة الخطة دالت، سقط فيها عبد القادر الحسيني أحد القيادات العسكرية المحلية في محاولة مستبسلة في الدفاع عن القدس. وقد جرت هذه المعركة بالقرب من قرية القسطل التي تعتبر من مداخل مدينة القدس الاستراتيجية.
عملية نخشون
ما أن أطلّ شهر أبريل 1948 حتى كانت حربنا الاستقلالية قد تحولت بصورة حاسمة من الدفاع إلى الهجوم. لقد بدأت عملية نخشون باحتلال الطريق المؤدية إلى القدس حيث نقف الآن وكذلك بيت محيسير وتوّجت باحتلال القسطل التلّة الحصينة قرب القدس.
إلا أن عملية نخشون لفك الحصار عن القدس في مطلع أبريل 1948 قد هزمتها المقاومة العربية وبقي طريق باب الواد إلى القدس مغلقاً إلى ما بعد دخول الجيوش العربية إلى فلسطين، وقيام قوات الإنقاذ بالهجوم على مشمار هاعمك مما أصاب عملية نخشون المذكورة بالشلل حيث أجبر الصهاينة على الامتناع عن زجّ احتياطاتهم في منطقة تل أبيب ـ حيفا في تلك العملية لمحاولة فتح الطريق إلى القدس اعتباراً من سهل عمواس ومدخل باب الواد بالإضافة إلى هجومهم الفاشل على قرية القسطل مفتاح الطريق من جهة القدس بقواتهم المتوفرة في هذه المدينة وقد قاموا بهذه المحاولة أكثر من مرة وخاصة في شهر مايو 1948 قبيل مجيء الجيوش العربية فحاولوا فتح الطريق المذكور من مدخله الأول اعتباراً من القدس ومن مدخله الثاني في باب الواد من جهة تل أبيب، وقد اضطروا إلى إشغال احتياطيهم الخارجي في ردّ على الهجوم العربي على مشمار هاعمك وفي عمليات الهجوم الكبيرة التي شنّوها في مختلف الجبهات المحيطة بقوات القاوقجي في المثلث جنين، نابلس، طولكرم.
محاولة استرداد القسطل
هاجم المجاهدون مستعمرة مشمار هاعمك أثناء انهماك الإسرائيليين في الهجوم على القدس القديمة لتصفية قوات الجهاد المقدس التي كان يقودها المجاهد عبد القادر الحسيني وفي محاولة فك الحصار المضروب عليهم بفتح الطريق إلى تل أبيب.
في 2 إبريل من عام 1948 قامت قوات الهاجاناه اليهودية بمهاجمة قرية " القسطل " غربي القدس (في موقع هام يتحكم بمدخل القدس)، واستولت عليها وطردت كل سكانها منها وكانت القسطل تشكل بداية لخطة يهودية لاحتلال الجزء الأكبر من فلسطين قبل إنهاء الانتداب البريطاني في 15 مايو من عام 1948 ، وقام القائد عبد القادر الحسيني بمواجهة هذا الهجوم بقوات فلسطينية متفرقة ومجاهدين بأسلحة قليلة الفعالية في الحروب ، ولم تتلق هذه الجماعات المقاومة أي دعم من البلدان العربية التي كان بعضها لا يزال يعاني وطأة الاستعمار . لكن القائد عبد القادر أخذ الأمور على عاتقه ، وفي 5 إبريل من عام 1948 توجه بقواته البسيطة نحو القسطل ، وليس معه سوى 56 من المجاهدين ، واستطاع فعلا أن يحاصر القسطل ، لكن قبل أن يضرب حصاره على القسطل توجه إلى جامعة الدول العربية يطلب عبثاً المدد بالسلاح والذخيرة من حكام العرب مستعينا بهم واحدا تلو الاخر وهم يرفضون المساعدة ويماطلون فيها وتتحدث كتب التاريخ عن هذا اللقاء بين عبد القادر الحسيني واللجنة العسكرية . يقول الحسيني رحمه الله أن اللجنة العسكرية طالبته بعدم افتعال تصرفات فردية ، وأن جامعة الدول العربية قد أوكلت قضية فلسطين إلى لجنة عربية عسكرية عليا ، وطالبوه بعدم الذهاب نحو القسطل ، فقال ردا عليهم :
إنني ذاهب إلى القسطل وسأقتحمها وسأحتلها ولو أدى ذلك إلى موتي ، والله لقد سئمت الحياة وأصبح الموت أحب إلي من نفسي من هذه المعاملة التي تعاملنا بها الجامعة ، إنني أصبحت أتمنى الموت قبل أن أرى اليهود يحتلون فلسطين ، إن رجال الجامعة والقيادة يخونون فلسطين " .

ثم إنه توجه نحو القسطل بقواته وأسلحته البسيطة ، وقد صادف أن كانت إحدى الجيوش لعربية بقيادة إنجليزية موجودة ومتمركزة في رام الله ، فطلب عبد القادر من هذا الجيش مساندته ، فاعتذر قادة الجيش وطلبوا تأجيل القتال حتى يحدث الانسحاب العسكري البريطاني في 15 مايو من عام 1948 .ولم تكن الدول العربية تريد مواجهة مع بريطانيا ، ورأت أن أي عمل عسكري الآن سيعني مواجهة حتمية مع بريطانيا ، ولكن الحسيني بدأ يرسل إلى المتطوعين من الحركات الإٍسلامية في فلسطين ومصر وما حولها ، ثم إنه طوق القسطل وبدأ يستنجد مرة أخرى بالقيادة العسكرية ، وأرسل إليهم بأنه بمساعدتهم سينهي الوجود اليهودي فيها ، بيد أن القيادة العسكرية للجامعة العربية أصرت على موقفها . وأثار ذلك الترنح في مواقف الجامعة العربية حفيظة الحسيني ، وثارت ثائرته فأطلق صيحته قائلا :
نحن أحق بالسلاح المُخَزَّن من المزابل، إن التاريخ سيتهمكم بإضاعة فلسطين ، وإنني سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطؤكم.
وقد ذكرت "جريدة المصري" أن اللجنة العسكرية العليا التابعة للجامعة العربية جعلت تسخر من عبد القادر الحسني وضعف قوته وعتاده اللذين يحملهما لمواجهة اليهود، وهزئ منه طه الهاشمي وأخبره أن لدى اللجنة العتاد والسلاح، ولكنها لن تعطيه لعبد القادر، ولكنها ستنظر بالأمر بعد 15 مايو فكان رد الحسيني عليه:
والله يا باشا إذا ترددتم وتقاعستم عن العمل فإنكم ستحتاجون بعد 15 مايو إلى عشرة أضعاف ما أطلبه منكم الآن ، ومع ذلك فإنكم لن تتمكنوا من هؤلاء اليهود ، إني أشهد الله على ما أقول ، وأحملكم سلفا مسؤولية ضياع القدس ويافا وحيفا وطبرية ، وأقسام أخرى من فلسطين " .
ولكن أعضاء اللجنة لم يتهموا لقوله وسخروامن حماسه واندفاعه ، فاستشاط عبد القادر غضبا ، ورمى بدبارة كان في يده في وجوههم وقال : " إنكم تخونون فلسطين ..إنكم تريدون قتلنا وذبحنا !
أما صديقه " قاسم الرمادي " فقد قال :
ليسقط دمي على رأس عبد الرحمن عزام (أمين الجامعة العربية) ، وطه الهاشمي وإسماعيل صفوت (قادة القوات العسكرية التابعة للجامعة العربية) الذين يريدون تسليمنا لأعدائنا لكي يذبحونا ذبح النعاج ، لكننا سنقاتل بدمائنا وأجسادنا ، وليبق السلاح مكدسا في عنابر اللجنة العربية ، وفي مزابلها ، سنرجع إلى فلسطين لنحقق أمنيتنا بالفوز بإحدى الحسنين إما النصر وإما الشهادة " .وقرأ قوله تعالى :﴿ فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما ﴾ . النساء (74) .
ثم قفل عائدا إلى القسطل ، وجعل يردد قول أخيه القائد الشاعر عبد الرحيم محمود الذي قُتل في معركة الشجرة :
بقلبي سأرمي وجوه العـداة **** فقلبي حديد وناري لظى
وأحمي حماي بحد الحسـام***** فيعلم قومي بأني الفتى
أخوفا وعندي تهون الحياة ؟!*****أذلا وإني لـربي أبى ؟!

ثم تَجَّمَعَ من المتطوعين مع عبد القادر الحسيني 500 رجل مجاهد انضموا إليه في حصار القسطل ، في 8 إبريل من عام 1948 بدأ الهجوم الشامل على القرية ، وانتهت المعركة بمقتل 150 يهوديا وجرح 80 منهم ، وتم تحرير القسطل ، ولكن بعد استشهاد البطل العظيم عبد القادر الحسيني رحمه الله تعالى .
الفصل بين القيادات
كانت الجامعة العربية، قد تبنّت سياسة فصل القيادات الميدانية بعضها عن بعضها الآخر. فقد تلقى القائد فوزي القاوقجي مثلاً قبل دخوله فلسطين تعليمات مشددة من مفتشية الإنقاذ بعدم التدخل بأي شكل من الأشكال في شؤون الجهاد المقدس الموالي للحاج أمين الحسيني والمدافع عن منطقة القدس، وذلك بحجة تجنب الاحتكاك بين المفتي والقاوقجي الأمر الذي أدى إلى إضعاف الجبهة الداخلية.
تعاون القادة الميدانيون
ولكن لم يدم هذا وعلى سبيل المثال وفي مساء 7 أبريل عام 1948 وفد إلى مقر القائد فوزي القاوقجي في جبع النقيب العراقي فاضل العبد الله آمر حامية القدس من قبل مفتشية الإنقاذ مع نفر من قادة الجهاد المقدس طالبين المدد بالسلاح والرجال. وكان هذا الوفد قد أتى لطلب المدد هنا بموافقة عبد القادر الحسيني الذي كان حينذاك عائداً من دمشق لتوّه بعد أن يئس هناك من الحصول على أيّة مساعدة لردّ الهجمة الشرسة للصهاينة على القدس. وقد استجاب القاوقجي حالاً لطلب الوفد المذكور وأمر بتشكيل رتل يقوده ضابط ركنه النقيب مأمون البيطار ويتألف من سرية مشاة وثلاث فصائل مدفعية ومصفحتين، وقد سحبت كل هذه القوات من جبهة مشمار هاعمك الساخنة. وكانت التعليمات تقضي بانضمام سرية المشاة مع فصيل المقنبلتين 75 مم إلى حامية القدس، بينما يقوم ما بقي من المدفعية، وهو فصيل 75 مم مقطور وفصيل 105 مم مقطور مع المصفحتين بمساندة الهجوم المعاكس الذي كان يقوده عبد القادر الحسيني في القسطل. ولكن هذا المجاهد البطل قُتل أثناء سير النجدة المذكورة .
صعوبة الوصول
عند وصول فصيلي المدافع إلى سفح مرتفع قرية "بدو" المشرفة على القسطل والقدس بعد ظهر 8 أبريل 1948 واجهتهم صعوبة وهي استحالة صعود السيارات قاطرة المدافع وحاملة الذخائر إلى ذلك المرتفع لوعورة الطريق. وكان يجب الاستعجال بوضع المدافع في مرابضها لدخول المعركة بأسرع وقت ممكن. وتقرر ترك فصيل الـ 75 مم في السفح ريثما يتم تعبيد الطريق إلى المرتفع، وبفك مدفعي الـ 105 مم، كل مدفع إلى أربع قطع، وحمل هذه القطع مع الذخائر على سواعد الرجال.
مساعدة الأهالي
سارع الأهالي من سكان المنطقة من رجال ونساء وصبية لمساعدة المجاهدين في حمل أجزاء المدفعين والذخيرة، فحملوها وصعدوا بها إلى أعلى المرتفع بسرعة كبيرة. ثم إنهم عادوا جميعاً إلى الطريق وعبّدوه ونظّفوه ليصبح صالحاً لتقدّم السيارات عليه. وتم تجهيز المربض على مرتفع "بدو" في أقل من ساعتين مع فصيل 105 مم وذخائره جاهزاً للرمي على القسطل ومستعمرة "مودسا" التي ما كانت سوى حيّ شرقي لها. وفتحت النيران قبيل الساعة الخامسة على الأهداف المحددة، فصعق الصهاينة الذين فوجئوا تماماً بحضور المدفعية. وصمتت رشاشاتهم التي كانت تلعلع عند وصول القوة. ولم تغرب شمس ذلك اليوم حتى كان الصهاينة يلوذون بالفرار ويقوم الجهاد المقدس باستعادة القسطل. وعند غروب الشمس كان الطريق إلى مرتفع "بدو" صالحاً لصعود السيارات، فوصل فصيل الـ 75 مم وربض إلى جانب الـ 105 مم، ووصلت كل الذخائر.

"ويكييديا"






  رد مع اقتباس
/
قديم 26-07-2020, 03:00 PM رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان حماد مشاهدة المشاركة
أخي احمد مع احترامي وتقديري وثقتي باتساع صدرك لاخيك
كل ما ذكرت مواقع شرف وعز وصحيح مادة فخر ووسام شرف لابناء الشعب العربي الفلسطيني والشعوب العربية كافة
تضيء جانب هام من التاريخ النضالي وعلى اهميتها تبقى تفاصيل كم كنت اود ان تركز في الاساسيات
لنجني الفائدة
اعذر مداخلتي واعتبرني تلميذ يبحث عن الحقيقة
كلنا نبحث عن الحقيقة أخي عدنان، وأنا لم أحاول الدخول على الخط الذي بدأته أنت وهو غني مغدق مثمر، ولذلك تجدني اركز في عجالة على السرد التاريخي في الفترة التي سبقت النكبة، فدعنا ننسق أنا وأنت فيما يمكن أن يصلح للنشر ويغطي كافة جوانب القضية، لأن هناك الكثير من الأسرار والخبايا والخفايا و"الكواليس" السياسية التي لا نعرفها وتجعلني أشعر أننا نسير وسط حقل ألغام، وفي النهاية نحن لسنا مؤرخين.إنما ننقل الاحداث من اقلام وافواه الآخرين.

تحياتي وتقديري






  رد مع اقتباس
/
قديم 26-07-2020, 03:39 PM رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

كتب بريطانيا البيضاء


تمهيد
يحفل التاريخ السياسي لفلسطين وشعبها بمفترقات الطرق التي لو توفرت لها القيادة السياسية العربية الفلسطينية القديرة والواعية، لاُتجهت بالشعب العربي الفلسطيني وقضيته إلى طريق غير الطريق الذي آلت إليه، ولأنقذت القضية من التآكل، ولجنبت الشعب الكثير من المآسي والويلات. وأحد هذه المفترقات الهامة والمصيرية، هو الكتاب الأبيض الذي تبنته الحكومة البريطانية في عام 1939م بصفتها الدولة المنتدبة لإدارة فلسطين منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.
والكتب البيضاء هي نوع من الوثائق السياسية الرسمية التي دأبت الحكومة البريطانية على إصدارها كمحدد لسياستها إزاء قضية معينة، وهي سياسات تكون في العادة إيجابية إزاء الطرف المتضرر من سياسات سابقة. ويبدو أن هذه الوثائق كانت تطبع على ورق أبيض لتمييزها عن غيرها من الوثائق.
وقد أصدرت الحكومة البريطانية على مدى سنوات إدارتها لفلسطين نحو أربعة كتب بيضاء موجهة إلى العرب الفلسطينيين، كان أولها كتاب تشرشل الأبيض الصادر بتاريخ الثالث من حزيران 1922 سعت فيه الحكومة البريطانية إلى إزالة المخاوف العربية بالنسبة لإعلان بلفور وذلك بالتأكيد على أن الوطن القومي لليهود الوارد في ذلك الإعلان "سوف لا يكون على حساب سكان فلسطين ككل وبأن حكومة جلالته لا تفكر في القضاء على السكان العرب أو إخضاعهم، وبأن جنسية الجميع ستكون الجنسية الفلسطينية، وبآن الهجرة اليهودية لفلسطين ستخضع للقدرة الاستيعابية الاقتصادية."
غير أن الحكومة البريطانية لم تكن صادقة ولا أمينة في تنفيذ ما جاء في الكتاب المذكور، فاُتبعت سياسة مسرفة في انحيازها للجانب اليهودي الصهيوني تركت آثاراً بالغة الضرر في شعب فلسطين وقضيته.
أما الكتاب الأبيض الثاني، فقد أصدرته الحكومة البريطانية في 19/11/1928 للتأكيد على الملكية الإسلامية لحائط البراق في القدس، مع حقوق يهودية محددة للوصول إلى الحائط للصلاة. وقد ظلّ هذا الالتزام قائماً وما زال الكتاب يشكل وثيقة هامة لصالح شعب فلسطين.
ثم تلا ذلك كتاب أبيض ثالث هو كتاب باسفيلد الصادر في تشرين الأول 1930 إثر صدور تقرير لجنة هوب ـ سمبسون المؤيد للحقوق العربية الفلسطينية، ونص على "التزام الحكومة البريطانية بمصالح مجموعتي السكان من عرب ويهود، وليس بمصالح مجموعة واحدة." غير أن رئيس الوزراء البريطاني رامزي ماكدونلد، ما لبث تحت ضغط الحركة الصهيونية أن ألغاه، حيث أصبح هذا الكتاب يعرف عند العرب الفلسطينيين بالكتاب الأسود.
أما الكتاب الأبيض الرابع، فهو كتاب عام 1939 الذي أصدرته الحكومة البريطانية في 27/5/1939. وكان وزير المستعمرات مالكولم ماكدونلد هو الذي تبنّاه وعمل على إصداره، وتكمن أهميته في أنه ظل يشكل السياسة الرسمية الثابتة للحكومة البريطانية منذ صدوره وعلى مدى سنوات الحرب العالمية الثانية، على الرغم من محاولات الالتفاف عليه من قبل الحكومات البريطانية المتعاقبة وكان مصيره الفشل، ليس فقط بسبب محاولات الالتفاف البريطاني عليه، وإنما بسبب عدم وجود قيادة سياسية فلسطينية تعمل على الدفع باتجاه تنفيذه، وعدم وجود دعم عربي فاعل في الاتجاه ذاته، حيث ما لبثت موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية أن دفعت باتجاه غلبة خيار التقسيم بتداعياته الكارثية
الكتاب الأسود 1931
بعد حوادث عام 1929 في فلسطين بعثت الحكومة البريطانية لجنتين للتحقيق هما لجنة السير وولتر شو* ولجنة السير جون هوب سمبسون (رَ: سمبسون، تقرير). وجاءت نتائج التحقيق مؤيدة في كثير من النقاط لشكاوى العرب. وفي ضوء ذلك أصدر اللورد باسفيلد وزير المسعمرات البريطاني في 1/10/1930 كتاباً أبيض بسياسة حكومة الانتداب تبنى فيه، إلى حد كبير، الأفكار الرئيسة التي جاءت في تقريري شو وسمبسون.

أثارت أفكار باسفيلد الأبيض* ولغته وتفسيراته ومقرراته التطبيقية حفيظة الكتلة الصهيونية فشنت حملة ضاربة على الكتاب واللورد باسفيلد وحزب العمال.
بدأت الحملة بالمقاومة السياسية، وقد تمثلت في استقالة حاييم وايزمان الذي اعتمدت عليه بريطانيا في رئاسة المنظمة الصهيونية* والوكالة اليهودية*. وتلت ذلك استقالة اللورد ملشت وفلكس وربرغ من الوكالة. وسارت مظاهرات صهيونية صاخبة ضد بريطانيا في معظم المدن الغربية الرئيسة. ونادى الصهيونيون في الولايات المتحدة بمقاطعة انكلترا اقتصادياً. واستغلت المعارضة في البرلمان البريطاني ورطة الحكومة العمالية لتأجيج الحملة، فاتهم زعيمها لويد جورج رئيس الوزراء ورمزي ماكدونالد بالحث بوعود بريطانيا والرجوع عن كلمتها فرد هذا بقوله: “إننا لم نرث كلمة، وإنما ورثنا كلمات، ولم تكن هذه الكلمات منسجمة دائماً”.
وقدم وايزمان في مذكراته تفصيلاً لاتصالاته واجتماعاته، بمساعدة زعماء الصهيونية الآخرين. برئيس الوزراء رمزي ماكدونالد وأعضاء الحكومة البريطانية، والضغط المشدد الذي فرضوه عليهم، فقال إن ماكدونالد لم يتوقع قط مثل تلك الحملة. واستغل وايزمان بصورة خاصة صداقته الوطيدة لمالكولم ماكدونالد، ابن رئيس الوزراء، لتزويده بالمعلومات وترتيب المقابلات له. وكانت النتيجة أن اكتسبت الحركة الصهيونية نصيراً جديداً في شخص الزعيم العمالي. وبعد اجتماع رئيس الوزراء بممثلي الوكالة اليهودية نشر في جريدة التايمس في 14/2/1931 نص رسالة بعث بها رمزي ماكدونالد إلى حاييم وايزمان وكانت تفسيرا لكتاب باسفيلد الأبيض “لإزالة بعض التصورات والمفاهيم الخاطئة التي نشأت حول سياسة حكومة صاحب الجلالة بشأن فلسطين”.
وفي رأي الأستاذ توبنبي أن الفرق بين الكتابين يكمن في اللغة المستعملة وتأكيد الجوانب المختلفة لا في الجوهر. ولكن ذلك لم يحل دون قلب الموقف رأساً على عقب وإطلاق العنان للوكالة اليهودية. حتى إن وايزمان جعل من رسالة ماكدونالد نقطة التحول التي مكنت الصهيونية من إحراز مكاسب السنوات اللاحقة. فلا عجب أن يطلق العرب على الوثيقة اسم “الكتاب الأسود”.
الكتاب الابيض 1939
عدما لاحت فكرة تقسيم فلسطين* وتوتر الموقف العربي حيال تدفق المهاجرين من ألمانيا دخلت فلسطين في موجة من الاضطرابات كادت تصبح حرباً أهلية، وأصبحت القدس عملياً في قبضة الثوار. وكان ذلك في عام 1937 عندما لاح شبح الحرب العالمية الثانية في الأفق القريب. وعقدت اجتماعات على نطاق عال في البلاد العربية لمواجهة ما يجري في فلسطين، وأجرى وزير خارجية العراق اتصالات رسمية في لندن بوزارة الخارجية البريطانية لتصحيح الموقف.

وفي تشرين الثاني 1939 نشر تقرير لجنة التقسيم فجاء سلبياً في أكثر مقولاته (رَ: وودهيد، لجنة). وبعد عرضه على البرلمان اقترح وزير المستعمرات البريطاني مالكولم ماكدونالد سلوك صلك جديد بدعوة الطرفين العربي واليهودي إلى لندن للدخول في مفاوضات والوصول إلى حل نهائي. وبات واضحاً أن الحكومة البريطانية توصلت إلى الاعتقاد بأن الوقت قد حان لحسم المشكلة حسماً قاطعاً. والظاهر أن الآراء أخذت تميل إلى أن انكلترا وفت بوعد بلفور* بالنسبة لليهود وأن فلسطين لم تعد تستوعب أكثر مما استوعبت بدون الاخلال بالشرط الثاني من الوعد المتعلق بحقوق غير اليهود. ونشرت لأول مرة مراسلات مكماهون مع الشريف حسين (رَ: الحسين – مكماهون، مراسلات)، واعترف الجانب البريطاني بأن نية العرب كانت أقوى, وصارت اعترافات مشابهة ترجح كفة الجانب العربي.

بيد أن المفاوضات لم تؤد إلى نتيجة واضطر وزير المستعمرات في أيار 1939 إلى اتخاذ قرار إفرادي بإصدار بيان السياسة الإنكليزية في إطار كتاب أبيض استند على كتاب تشرشل الأبيض* الذي حدد في عام 1922 توازن الالتزامات لليهود والعرب. وكرر كتاب ماكدونالد الأبيض عزم بريطانيا على عدم إقامة دولة يهودية في فلسطين وعزمها على أن تقيم بعد عشر سنوات دولة فلسطينية يتقاسم فيها العرب واليهود المسؤولية والسلطة بما يحقق مصالح الطرفين. بيد أن ماكدونالد وقع في نفس المتاهة بهربه من النقطة الرئيسة، وهي مسألة الحكم، وتحاشيه تحديد هوية السلطة التشريعية المنتخبة التي ستقرر مصير البلاد، وتركه الموضوع للاتفاق بين الجانبين. وغاص الكتاب الأبيض في العبارات الغامضة في هذا الشأن فعلق الفكرة على “الرأي العام الفلسطيني” و”الظروف المحلية المؤاتية لتأسيس الجهاز اللازم”.

تبين هذا الكتاب الأبيض موضوع الهجرة اليهودية فحددها بعشرة آلاف مهاجر سنوياً لمدة خمس سنوات بالإضافة إلى 25.000 لاجىء (مهاجر يهودي) يسمح لهم بالدخول فوراً. وكل ذلك حسب ما تسمح به الظروف الاقتصادية. وبعد هذه الفترة تتوقف الهجرة على موافقة العرب. ويتم ذلك بشرط ألا تزيد نسبة اليهود النهائية على ثلث السكان. وعند هذا الحد تنتهي مهمة انكلترا بالنسبة إلى “إقامة الوطن القومي اليهودي”. وأما فيما يتعلق بالأرض فتقرر منع البيع نهائياً، أو تقييده بمناطق معينة يحددها المندوب السامي البريطاني حسب رأيه. قابل العرب الكتاب الأبيض بمزيج من ردود الفعل، ولكنهم كانوا أقرب إلى الرضى به. ورغم قبول الكثيرين لرقم الهجرة المحدد فقد عند أنصار الحاج محمد أمين الحسيني* قبول ذلك خيانة. واحتج العرب بصورة خاصة على السماح ببيع الأراضي لليهود في مناطق مختلفة، ولا سيما أن سياسة الوكالة اليهودية* في شراء الأراضي تقوم على أسس استراتيجية لإحكام قبضتها على جميع فلسطين. وأبدى العرب شكوكهم في ندوة بريطانيا على معالجة الهجرة اللاشرعية رغم تأكيد الكتاب الأبيض على تخفيض عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين لا يمكن إخراجهم من البلاد من المجموع المخصص للسنة المعينة. وبالرغم من أن الكتاب ترك موضوع المصير النهائي لفلسطين مرة أخرى معلقاً بإرادة اليهود لا بمجلس تشريعي منتخب فقد ارتاح العرب لفكرة تحديد الهجرة ووضع حد نهائي لنسبة اليهود في فلسطين.

أما الصهيونيون فقد أصيبوا بصدمة كبيرة لتحديد الهجرة فنعتوا الكتاب الأبيض بالكتاب المخزي واعتبروه حنثاً بالوعود المقطوعة لهم وخرقاً لشروط الانتداب، وقاموا بأعمال عنيفة ضد السلطات البريطانية في فلسطين والخارج. وفي اجتماع هام عقدوه في فلسطين أقسموا اليمين على مقاومة الكتاب الأبيض بأي ثمن. واستشاط وايزمن غيظاً بصورة شخصية لأنه كان يعتبر مالكولم ماكدونالد صديقه الحميم الذي ساعده كثيراً في الضغط على والده ومتري ماكدونالد ونقل الأخبار إليه.

كان العنصر الأساسي الذي حمل الحكومة البريطانية على حسم الموضوع بهذا الشكل هو شبح الحرب وحاجة بريطانيا فيها إلى العرب ونفطهم وبلادهم. وكما لاحظ كرستوفر سايكس فإن انكلترا أدركت ان لاختيار لليهود غير محالفتها في حين كان للعرب خيار محالفة ألمانيا. ثم أضاف أن ماكدونالد ضمن فعلاً الحصول على هدوء العرب وتعاونهم طوال الحرب.وأما الصهيونيون فقد تكلم عنهم بن غوريون بقوله “سنحارب مع بريطانيا في هذه الحرب كما لو لم يكن هناك كتاب أبيض، وسنحارب الكتاب الأبيض كما لو لم تكن هناك حرب”.

وبعد الحرب انتهى مفعول الكتاب الأبيض عندما أصر الصهيونيون بتأييد من أمريكا، على ادخال مائة ألف لاجىء الى فلسطين وأصرت انكلترا على التمسك بكتاب ماكدونالد. وكانت المحنة التي أدت الى انسحاب بريطانيا وتقسيم فلسطين.


المراجع:



حسن صبري الخولي: سياسة الاستعمار والصهيونية تجاه فلسطين، القاهرة 1970.
Barbour, N.: Nisi Dominus: Great Britain and Palestine London
Command Paper, Cnd 6019, 1939.
Information Papers No 20, Royal Institute of International Affairs, 1946.


المواقف العربية من الكتاب الأبيض

أخذت مشكلة فلسطين تشغل الحكومات العربية على نحو جدي خلال النصف الثاني من الثلاثينيات. وكان أول توجه في هذا المجال، هو النداء الذي وجهه كل من ملك العربية السعودية وملك العراق وأمير شرقي الأردن للفلسطينيين لوقف الإضراب والثورة في عام 1936، معبرين في ذلك البيان عن أملهم في أن تغير الحكومة البريطانية سياستها الفلسطينية الصهيونية. وتلا ذلك نداء آخر ناشدوا فيه الفلسطينيين عدم مقاطعة لجنة بيل الملكية التي وصلت إلى البلاد لتقصي الأوضاع وتقديم التوصيات للحكومة البريطانية.

والجدير بالذكر أن الدول العربية لم تكن خلال الثلاثينيات دولاً كاملة الاستقلال. فقد حصل العراق على الاستقلال عام 1932 وكان استقلاله شكلياً تحكمه المعاهدة البريطانية العراقية الموقعة عام 1930، وكان البريطانيون هم الذين يرسمون سياسة العراق ويديرون شؤونه من خلال مستشارين بريطانيين متواجدين في كل مؤسسة من قمة هرم الدولة إلى قاعدتها. ولم تستقل مصر استقلالاً شكلياً على النحو الذي كان عليه العراق إلا في عام 1936 حين تم التوقيع على المعاهدة البريطانية ـ المصرية. وكان المستشارون البريطانيون هم الذين يوجهون السياسة العربية السعودية التي كانت تتلقي مساعدات مالية بريطانية سنوية لإدارة شؤون الدولة. أما سورية وشرقي الأردن، فلم تحصلا على الاستقلال إلا في عام 1946.

كانت المشاركة العربية في مؤتمر سنت جيمس في عام 1939 أول مشاركة عربية في المداولات والاجتماعات الخاصة بمشكلة فلسطين، حيث كانت تلك المداولات والاجتماعات قبل ذلك تعقد بين البريطانيين والفلسطينيين وبين البريطانيين واليهود. فقد شارك في المؤتمر وفود حكومية عراقية وسعودية ومصرية وشرق أردنية إلى جانب وفد يمني دعي كمراقب. غير أن عدة تحركات عربية كانت قد سبقت انعقاد المؤتمر، وبخاصة منذ اندلاع الثورة الفلسطينية عام 1936، غير أنها كانت تحركات منفصلة دون أي تنسيق عربي مشترك، حيث نشط العراقيون والمصريون والسعوديون في محاولة لإقناع بريطانيا بضرورة تغيير سياستها الموالية للصهيونية. وقد حكمت روح التنافس هذه التحركات، حيث كان كل طرف عربي يتوجس من تحركات الطرف الآخر، وبخاصة أن الحديث في الأروقة البريطانية كان قد بدأ في الثلاثينيات حول إقامة شكل من الاتحاد العربي، فكان كل طرف يخشى أن يتفق الطرف الآخر مع بريطانيا على تزعمه لمثل هذا الاتحاد.

ويتضح من التحركات العربية قبل وخلال وبعد مؤتمر سنت جيمس أنها قد اتفقت على تليين الموقف الفلسطيني وإقناعه بضرورة قبوله المقترحات البريطانية. فكان الاجتماع العربي الذي عقد في القاهرة قبل التوجه إلى لندن لحضور المؤتمر، حيث تم الاتفاق مبدئياً على حد أدني من المطالب، كما بذلت جهود سعودية ومصرية وعراقية بعد المؤتمر للتوسط بين الفلسطينيين والحكومة البريطانية لإجراء بعض التعديلات على مسودة الكتاب الأبيض التي قدمت في المؤتمر وإقناع الفلسطينيين بالقبول بها، وهو ما لم يحدث، حيث انتهت تلك المداولات بعدم تمكن الفلسطينيين من اتخاذ قرار، وبالتالي رفض الكتاب رسمياً كما سيرد لاحقاً. فقد كانت مصر والسعودية بشكل خاص تميلان بشدة إلى القبول بالكتاب الأبيض، إدراكاً منهما أن البديل لسياسة الكتاب الأبيض في أي حل قادم هو التقسيم الذي يدعمه شرقي الأردن بشدة.

غير أن التطورات اللاحقة، وبخاصة منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية، قد أرخت بظلها على الدول العربية، حيث تراجع الانهماك بالمشكلة الفلسطينية، وبخاصة أن الثورة الفلسطينية كانت قد انتهت تماماً.

ففي العراق، أدى الانقلاب الذي قام به الضباط القوميون بزعامة رشيد عالي الكيلاني ومشاركة الحاج أمين الحسيني في أيار 1941 إلى إحداث تحول في السياسة العراقية، يمكن ملاحظته في الموقف العراقي عام 1940 والموقف في عام 1942.

ففي 25/5/1940 بعث رئيس الحكومة العراقية بمذكرة إلى الحكومة البريطانية يقول فيها بأن العراق "على استعداد لدخول الحرب ضد ألمانيا مقابل تعهد بريطاني بتنفيذ الحكم الذاتي في فلسطين خلال الحرب أو فور انتهائها". غير أن الحكومة البريطانية لم ترد على تلك المذكرة. أما في عام 1942، فقد أعلن العراق الحرب على ألمانيا دون طلب أية شروط من بريطانيا.

كما أن تعزز الوضع العسكري البريطاني في المنطقة العربية بعد إسقاط حكومة فيشي الموالية لألمانيا في سورية عام 1941، قد انعكس على المواقف العربية التي أخذت تتنافس من جديد على اقتناص المشاريع الوحدوية التي تدعمها بريطانيا. فانصب الاهتمام منذ عام 1943 على إيجاد نوع من الوحدة أو الاتحاد العربي الذي يمكن من خلاله إيجاد حل للمشكلة الفلسطينية. فعلى الرغم من استمرار تمسك العراق ومصر والعربية السعودية بالكتاب الأبيض ومواصلة المطالبة بتنفيذه كاملاً من قبل بريطانيا، فإن المشاريع العربية الوحدوية كمشروع الهلال الخصيب أو مشروع سورية الكبرى قد انطلقت من مبدأ إيجاد حل للمسالة الفلسطينية على أساس منح "حكم ذاتي" لليهود في فلسطين في إطار الاتحاد العربي، وليس في إطار دولة فلسطينية يكون للعرب الفلسطينيين فيها أغلبية سكانية وسياسية.

وقد جاء تصريح لنوري السعيد في آب 1943 في سياق طرحه لمشروع الهلال الخصيب، والذي قال فيه بأن فلسطين "قد لا تكون مشمولة في مشروع الاتحاد العربي"، معززاً لتلك التوجيهات، حيث ما لبث نوري السعيد أن اضطر إلى إصدار تكذيب رسمي لهذا التصريح بعد موجة من الاحتجاجات الفلسطينية.

ويمكن القول أنه منذ عام 1943، تم تعريب المسألة الفلسطينية تعريباً تاماً. ففي سياق انهيار القيادة الفلسطينية العربية وتشتتها أو اعتقالها منذ عام 1940، أخذت المسألة الفلسطينية تناقش بين بريطانيا والزعماء العرب، كل على حدة، كما تحولت المسألة برمتها إلى جزء من المشاريع الوحدوية العربية التي انتهت بتشكيل جامعة الدول العربية في عام 1945بدون إيجاد حل للمسألة الفلسطينية سواء في إطار الجامعة أو خارجها. كما أصبحت المناقشات العربية تدور بدون مشاركة أي من الفلسطينيين العرب. ففي عام 1944 نجحت مصر في عهد رئيس الوزراء مصطفي النحاس في إخراج جامعة الدول العربية إلى النور، وذلك بعد فشل المشاريع الوحدوية السابقة، سواء كانت عراقية أم شرق أردنية. غير أن مصطفى النحاس لم يتمكن من إقناع بريطانيا بالإفراج عن جمال الحسيني وأمين التميمي، المعتقلين في روديسيا، للاشتراك في مؤتمر الإسكندرية التحضيري، وذلك بصفة أن جمال الحسيني هو الشخص الوحيد المتبقي الذي يمكن أن يشكل زعامة شرعية عربية فلسطينية. وعلى الرغم من أن بروتوكول الإسكندرية الصادر في 7/10/1944 قد نص على المطالبة العربية بتنفيذ الكتاب الأبيض، فإن صيغته قد جاءت معتدلة ومهادنة. ولم يفلح المجتمعون العرب في قبول عضوية فلسطين في الجامعة، على الرغم من أنه قد تم قبول كيانات لم تكن مستقلة، مثل سورية ولبنان وشرقي الأردن، حيث لم يسمح لموسى العلمي، وهو الفلسطيني العربي الوحيد الذي حضر جزءاً من مؤتمر الإسكندرية، بالتوقيع على بروتوكول الإسكندرية. كذلك لم يحضر أي فلسطيني قمة أنشاص التي عقدت في 27 أيار 1946 لمناقشة تقرير اللجنة الأنجلو ـ الأمريكية التي كانت قد أوصت بإدخال مئة ألف يهودي إلى فلسطين، غير أن المؤتمر ذكر في بيانه الأخير بأن "قضية فلسطين ليست قضية خاصة بعرب فلسطين وحدهم .. بل هي قضية العرب جميعاً، وأن فلسطين عربية يتحتم على الدول العربية وشعوبها صيانة عروبتها، وأنه ليس في إمكان هذه الدول الموافقة بأي وجه من الوجوه على أية هجرة جديدة، ويعتبرون ذلك نقضاً صريحاً للكتاب الأبيض الذي أرتبط به الشرف البريطاني".
وفي اجتماع مجلس الجامعة العربية في الثامن من حزيران 1946 في بلودان، اتخذ المجتمعون قرارات "سرية" نصت على "حجب أية امتيازات اقتصادية عن بريطانيا والولايات المتحدة وإلغاء مالهما من امتيازات في الدول العربية وعدم تأييد مصالحها ومقاطعتهما مقاطعة أدبية في حالة إصرارهما على إدخال مهاجرين يهود جدد إلى فلسطين". غير أن هذه التوصيات أو القرارات ظلت حبراً على ورق.






  رد مع اقتباس
/
قديم 28-07-2020, 04:19 PM رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
أحلام المصري
الإدارة العليا
شجرة الدرّ
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
عضوة تجمع أدباء الرسالة
تحمل صولجان الومضة الحكائية 2013
تحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية أحلام المصري

افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خديجة قاسم مشاهدة المشاركة
فلسطين ليست مجرد كلمة تقال، أو عاطفة تتقد أو دمعة نذرفها حزنا على عجز وقيد عصي على الانكسار
فلسطين عقيدة وإيمان، فلسطين حصن الأمة المنيع الذي منذ اقتحمه أرذل أهل الأرض سقطت كل ممانعاتنا ومقاوماتنا ولا زال الحبل على الجرّار
فلسطين الحق الذي لا يعرف المداهنة ولا المساومة، وعد السماء، ومصنع الأنفة والعزّة والكبرياء
كانت وستبقى أرضنا المقدسة المعطاء الحنون ولن نساوم في ذرة من ترابها وإن كان الثمن المنون.

هنا لنا ذاكرة وهنا لنا كلمات ومواقف، وهنا نسجّل كل ما ندركه ونعرفه عن هذه الأرض الطاهرة
حقائق وتاريخ من الماضي والحاضر
شهادة من عايشوا نكبتها ونكستها
وقائع تشحن همّتنا وعزيمتنا
كلمات تعمّق تجذّرنا فيها
صور تباهي بجمالها، وأخرى تنقل شيئا من معاناتها
و.....

فلسطين القداسة والهوية والانتماء لكل حرّ أبي من أبناء هذه الأمة الواحدة من مشرقها إلى مغربها
نوقد شمعة ذاكرتنا بمدادنا وتفاصيل نجعلها زادا لنا في معركتنا الفاصلة التي نتمناها قريبا

لفلسطين وحرّيتها وذكرياتها ننسج رايات تحريرها
نتوضّأ لأداة صلاة النصر في أقصاها
نغزل أكاليل غارها
ونلبّي صرخاتها ونداءها

هنا سنكون وهنا نعلن بداية صوتنا، لتكون نهايته هتافات تكبيرنا تتمازج وصوت بلال يعلن أذان النصر


باب المشاركة مفتوح لكل حرّ أبيّ

و ها نحن...ننادي أيا وطن
لا تبك...ستعلو على المحن
..

المبدعة الأبية
إكليل الغار
خديجة النبيلة

ما أروعك
هنا و حاضرة لأجل الحبيبة

محبتي الكبيرة






،، أنـــ الأحلام ـــــا ،،

  رد مع اقتباس
/
قديم 28-07-2020, 04:33 PM رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
خديجة قاسم
(إكليل الغار)
فريق العمل
عضو تجمع الأدب والإبداع
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل لقب عنقاء العام 2020
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية خديجة قاسم

افتراضي رد: ذاكرة فلسطين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحلام المصري مشاهدة المشاركة
و ها نحن...ننادي أيا وطن
لا تبك...ستعلو على المحن
..

المبدعة الأبية
إكليل الغار
خديجة النبيلة

ما أروعك
هنا و حاضرة لأجل الحبيبة

محبتي الكبيرة

حضور نبيل من رائعة كريمة
سلمت ودام ألق الحضور غاليتي أحلام
كل الحب والتقدير لك ولروحك العذبة







  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:59 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط