قراءة في نص في ذاكرة العشب للشاعرة عايدة بدر

[غادة قويدر]

قراءة في نص الشاعرة عايدة بدر / في ذاكرة العشب /
:
:
في ذاكرة العشب ،،،
بين انثيال بوح يتدفق على جسد التراب
و أصابع احترفت تشكيل المعاني على خاصرة الشوق
موعد لهبوط اضطراري على قاعدة القلب
مريمية الأحلام كانت
بطيف لواعج الهمس انتشت
و على ربقة النور المختبىء بين الثنايا
تنبت اللمسة وهجا فتشتعل الروح بضم الحنين
ينغرس في يدها شوق اللقاء ،، تزفر الغيمات
و تعيد الريح انحناءات الزوايا من جديد
لا شيء ينعق في سديم الليل سوى مُهرة
تزرع صوتها هناااكــ بين أصابع المدى ،،، تناديك :
" نرسيس " لا تطفىء حلم الفجر ،،، فتحمل الأرض أثقالها
أنا التي ارتشفت ماء الحياة من جسد الموت
لتولد على أعتاب العتمة ملايين نجوم ترتعش
لتمنح للشمس وجها لم ينضج بعد ،،، فانظرني في بقعة ماء
لتهنىء بموت يلفظ آخر أنفاسه على صدرك المجروح
لا ترتجف ستمر قطعان الريح و تأتيك وقت احتضارها
فقد ثبت في ذاكرة العشب أن ثمة امرأة خلعت بين يديك وجهها

.....................
حين قرأت العنوان قفزت بي مخيلتي الى مجموعة الشاعر الامريكي والت مان "أوراق العشب" للارتباط الوثيق بين العنوان هنا وهناك وليس فقط العنوان بل تواجد عناصر الطبيعة في ايحاء متجسد في معان لا تخلو من استنطاق الحس الداخلي لموجودات مادية في الطبيعة والتدليل عليها بصور بديعة ورائعة والمفارقة بين العنوانين تكمن في أن شاعرتنا عايدة بدر وظفت المفردة /ذاكرة/ توظيفا رائعا هنا لتستكمل اللوحة الرائعة المرتكزة على تجديد مطلق فالذاكرة عنصر استهلاك الأحداث وافتعال غير منظور لحركات نفسية لا يشعر بها سوى صاحب الجسد نفسه وعلى الرغم من الظواهر التي تحملها انفعالات شتى تبدو للعيان الا أنه هناك ثمة شيء مخفي لا يفتق اسراره سوى صاحب القلب نفسه ، في ذاكرة العشب تبطين براغماتي اتى مركزا على قيمة المفردة اللغوي وشكلها الذي يجعل القارىء يتنبأ بما هو قادم كعنوانٍ يبدأ في حرف الجر /في / اشارة بسبابة عريضة بأن هذه الذاكرة تنمو مع الوقت تغذيها مناهل الروح والطبيعة والألم ...
لم أكن أتوقع أن تبدأ الشاعرة هذه البداية البسيطة قياسا للعنوان الذي أخذني الى مساحات شتى من الخيال ، فبدأت على غير المعتاد في نصوص أخرى لها لتكشف لنا أوراقها المليئة بالحيوية والمندفعة اندفاعا كبيرا للبوح الشفيف للربط بين زمانية / بين / ومكانيتها كأنها تريد القول بأنني هنا أحاكي ذاكرة روحية مرتزكها الوحيد هو البوح وعلى ماذا ؟ على جسد التراب !! تعبير أتى رائعا باحتراف الشوق كمنقذٍ لهذا البوح لتتشكل المعاني في غاية الروعة ، فالقلب فيه من الخير الكثير لدى الشاعرة ، فالمفردات / قاعدة ، أحلام ،لواعج ، ربقة، مريمية ،همس/ أتت توظيفا لغويا لتعري مافي داخلها من نقمة وعتب ، نقمة ليست بالمعنى الحقيقي للمفردة ولكنها امتزجت بحس انثوي خال من الغضب وان كانت ارادت كبت هذا الغضب وافتعال الهدوء المطلق اذاء ما يثور بداخلها من حنين وعتب على الحبيب ..
تزفر الغيمات ..هو زفير عطاء لا محدود مغلفا بالتعب وصولة القلب في ايجاد المبررات لتلك الانحناءات التي رسمتها بدقة في زج صور في غاية الاتقان المفرداتي واللغوي ،،كما كنت اتوقع واتمنى بأن تستبدل الشاعرة مفردة / بين / بمفردة / هناك/ لربطها الدلالي الأجمل لتوصيف حدث مكاني تدور أحداثه في القلب والذي يفرزه نبضات متتالية بين الفقرة والأخرى ..وما مخاطبتها لنرسيس الا يقينها في التخلي عن نرجسيتها في تمجيد الذات والابتعاد عن اغواء النفس والهوى المطلق ، فشاعرتنا ارتشفت ماء الحياة من جسد الموت ،،وهو دليل على النزف الداخلي الذي تتعرض له لكي تنجو بما يليق من كتابة تأسر بها لب القارىء ..
..../فانظري في بقعة ماء/...ترى من تخاطب هنا الشاعرة؟
انها ببساطة تخاطب روحها التي تستفزها في استحضار طيف طالما ارادت النزوح عنه ومنه.......
……/فقد ثبت في ذاكرة العشب أن ثمة امرأة خلعت بين يديك وجهها / ..أقف هنا طويلا امام هذه اللوحة الناطقة بالجمال فمتى تخلع المرأة وجهها ؟ حين تتعرى بكامل انوثتها أمام من تحب تعريا حسيا يرافقه خضوع كامل لمن أحبت ..هكذا تلتهبُ ذاكرة العشبِ اخضرارا حزينا تارة وتارة أخى تقريعيا أتى باسلوب راقٍ يستحوذ على تفكير القارىء فيصفق اعجابا لهذه اللغة الجميلة والرصينة في توظيف المفردات الشعرية في خدمة الحس الشعوري الذي يصف حالة ما لها أبعادها الهلامية داخل نفس الشاعرة والتي هي حقائق لا تتبدل بل أرختها لنا في ذاكرة لا تموت بل تنمو كما العشب تماما ....
تحية للشاعرة عايدة بدر
بقلمي : غادة قويدر

[فاطمة الزهراء العلوي]

اجتهاد جميل
وإصغاء يغري بالقراءة في لحظيتها الكتابة والقراءة
شكرا لغادة
شكرا لعايدة
وواجب الاحترام مع حفظ الألقاب

محبتي تغشاكما

[عبير محمد]

قراءة تستوقف لنص جميل يستحق هذا الإحتفاء

بوركتِ غاليتي غادة وبورك جهدك المائز

وتحية تليق بكما

مع كل الحب

[غادة قويدر]

فاطمة زهراء العلوي
شكرا لمرورك السامق
تقديري لك

[غادة قويدر]

عبير محمد
مر العطر من هنا وتاب الحرف الى الجمال
شكرا لك غاليتي