لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-12-2009, 05:43 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
” من أنباء القرى ” للشاعر التونسي جمال الصليعي
بقلم : فوزي الديماسي / تونس
لكل إنسان طرق إقامته في العالم، و جمال الصليعي في ديوانه ” من أنباء القرى ” في اللغة مقيم وباللغة ، فهي سبب وجوده و قادحه ، عالمه كما غار حراء جوهره لغته منها بعث وإليها يعود ، أفلم يكن الإنسان كلمة قبل أن يخرج إلى هذا العالم ؟ ثمّ استحال بشرا سويّا بفضل كلمة ” كن ” . فالكلمة كما الروح في الجسد سبب للحياة و عنوانها ، إذ يقول الشاعر من قصيدته الموسومة بعنوان ” تفتيش ” : أنا اليوم اعزل إلا… من الشعر ها … فتّشوني فليس بحوزتي الآن إلا جنوني فبين الفنّ عامة و الشعر خاصة وكذلك الجنون وشائج قربى و صلة رحم ، مصداقا لقول الفيلسوف فرويد ” الفنان يعيش على حافة العصاب ” ، والجنون مأتاه صدام الأنفس و أهواؤها ، وجنون الشاعر بقاؤه و أمته ، وقد حملت بشائر البقاء لغة الديوان التي تمثّل هويّة الشاعر وملامح شخصيّته التي حدّدها في قوله من قصيدته ” حاجتي و الأسوار” : ولم أزل عربيّا فوق عجمتهم ولا يزال لساني معربا شكسا ولغة الديوان لغة حيّة كما الماء تجري بحثا عن الجدّة ضربا لنواميس القعود و الركود ، لغة على بساطتها وبعدها عن التقعّر اللغوي تبحث في الأمس المجيد عن غد عصيّ لتنبت فيه لغة لا كلغة القبيلة المجبولة على لغة الشتات تلك التي قال عنها من قصيدته ” من أنباء القرى ” : لم نعتنق سبق الزمان ولم نبار بالهروب لم ننتسب لحقائب الأصباغ تلك وجوهنا الأولى وذلك ما تشكّل من مرور الدهر في قسماتها مرّت بك النزوات من .. عربية فصحى إلى عربية أخرى إلى عربية عجمى إلى عجميّة عربى إلى عبرية سلما إلى لا شيء في اللاشيء يدور صفرها الأعمى ثمّة في كلّ نصّ توأم سري، نسميّه بالآخر و الغريب , تستنطقه القراءة وتجبره على البوح والاعتراف بخصوبة اندلاله ، وحينما تنتهي وحشيّة النصّ المباطنة تبدأ القراءة في ممارسة البداوة الدلاليّة و الترحّل اللغويّ المتخرّب ، ههنا تتحدّد مهمّة القراءة على أنّها توليد للنصوص البلوريّة كشفا و تشخيصا ، ويتمثّل غرض التوليد في رسم هامش الزمان الذي يتخفى وراء ثقافة النصوص (1) ومن هذه الزاوية يبدو نصّ جمال الصليعي نصّا مفعما بالقرائن المحيلة على المناخات الدّالة على الهويّة النصيّة والمستندات الثقافيّة الخفيّة للنصّ ، كما تلعب سجلات القول الرامز دورا رئيسا في هتك حجب التخفّي و التستّر وتعرية وجه الفضاء اللائذ بالغياب ، ولعلّ من أبرز القرائن التي تفصح عن هويّة النصّ كلمة ” الماء ” المرتبطة بكثافة بكلمة ” طوفان ” و المقترنة بدورها بكلمة ” الفلك ” وهذه الكلمات مجتمعة تحيل على القصص القرآني وتحديدا قصّة نوح حيث يقول من قصيدته ” من أنباء القرى ” : كنّا … والصحراء هنا كلّ الصحراء كنّا نعرف وعد الماء هيّأنا الألواح له حضرت قبل الماء سفينتنا ضحك الغرقى سخروا من عقل سفينتنا سخروا ملء الصحراء جاء الماء فالماء في الديوان عنوان للخصب وللتطهير وللبناء و للبعث ، فبالماء استبدلت أمم بأخرى أحسن منها ، وأقيمت قرى على أنقاض قرى ، وفضل الماء هنا كما نفخة الروح في الأموات ، فضلها بعث حياة من بعد موت ، وبعث زرع من بعد جدب ، وبعث خلق من بعد خلق ، و هاجس الشاعر على امتداد قصائده البحث عن أمة يباهي بها الأمم ، ولم يدرك مطلبه في الآخرين فأدركه في الأولين ، حيث يقول الشاعر من قصيدته “من أنباء القرى ” : مولاي ضجيج الذات مرير والعزلة بين تصاوير الإنس أشدّ أبحث عن خلق يجدر بالخلق أسأل كيف انقرض الإنسان أبحث عن ريحان الخلق الأول وقد لعبت بعض الجمل العارية من كلّ إنشائية في هتك ستر مستندات النصّ وطرق إقامة الشاعر في العالم ، هذا الشاعر الذي يعيش بلغته سبب وجوده و عنوان هويّته يومه وغده من خلال أمسه المختزل في الأرض و العرض والتاريخ ، لذلك بدا شعره في بعض المواطن قولا عاديّا لا يرتقي إلى درجة الإنشائية المتصفة بالاختزال و التكثيف ، فالنص ّ في لحظة الإنشاء مفتون بقول الأنا التاريخيّة ورصد معالمها في عمليّة إعلاء وتصعيد كما أبي العلاء المعرّي في وصفه للجنّة في رسالة الغفران ، وليس النصّ الهنا و الآن معنيّ بإنشاء قصيدة بقدر انشغاله بقول الأنا الجماعيّة وتلك صفة الشفويّة وملامحها ، ألم يطلق أهلنا الأولون على الشعر ” ديوان العرب ” فتمثّل جمال الصليعي التسمية واستبطنها وراح يجسّمها وفاء لقومه الأوّلين في أغلب قصائده وأسوة بهم . الهوامش: 1: محمد الحبيب الرويسي : مقارعة أبوّة المكبوت مجلة كتابات معاصرة عدد65 ص22 |
|||
14-12-2009, 11:02 AM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: ” من أنباء القرى ” للشاعر التونسي جمال الصليعي
الأديب فوزي
أهلا ومرحباً بخطوك الأول عبر الفينيق بقراءة رائقة سرّ الورق أن يحتضنها وحرفك الأنيق بانتظار القادم مع كل التقدير |
||||
14-12-2009, 12:21 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: ” من أنباء القرى ” للشاعر التونسي جمال الصليعي
أرحب بالاخ فوزي الديماسي واعتز بهذه القراءة لشاعر له مكانه ومكانته في قلوب التونسيين والعرب .
ففي كل الأماسي التي شاركت فيها مع جمال الصليعي كان ضوءا ساطعا بقوة إلقائه النافذ في النفس والمؤثر في المتلقي ةلم يكن ذلك لموهبته في الحضورالممسرح لجمله الشعرية ، وإنما لما تحمله قصائده من هم عربي وإنساني صادق. وجمال الصليعي صوت متألق من الجنوب التونسي يكتب بالفصحى والعامية وله باع في العمودي والحر و"الشعر الملحون"كما نسميه في تونس جمال الصليعي أراه شعلة ثورة عارمة يبني شعره من طين الوفاء لرحم الأرض ويغزل من رمال الصحراء نسيجا فذّا ليقول لا للعنجهية والمظالم . واعتبره شخصيا من أصوات المد التي يجب ان تنتشر صداحة عبر الوطن العربي بلا هوادة انتصارا للكلمة الحرة والحق الذي يريد الباطل إضاعته . اخي فوزي الديماسي مشكورا على هذا الجهد ولي عودة لهذه القراة |
||||
15-12-2009, 04:02 PM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: ” من أنباء القرى ” للشاعر التونسي جمال الصليعي
سلام الباسل
شكرا ونتمنى ان نكون في مستوى هذا المنبر |
|||
15-12-2009, 04:03 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: ” من أنباء القرى ” للشاعر التونسي جمال الصليعي
العزيزة نفيسة
شكرا على مرورك الياسمين |
|||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|