ضوء جهاد بدران على نص/ حقائب الرحيل/أ.العلي الأحمد الخزاعلة - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :عبدالماجد موسى)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-12-2018, 10:15 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي ضوء جهاد بدران على نص/ حقائب الرحيل/أ.العلي الأحمد الخزاعلة

النص : حقائب الرحيل
الناص : العلي الأحمد الخزاعلة
قراءة : جهاد بدران
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


النص:

حقائب الرحيل...
أعددت حقائب الرحيل إلى لا وطن
حتى لا أرى رقص الغريب على الجراح النازفات
ولا أرى مرامي في الحياة يتحول إلى جسد عجل له خوار
أنا وموسى تمردنا على الضلالة
ومعابد فرعون هجرناها قبل الرحيل بساعات....

.............................

يا لروعة الدلالات التي تبيت بين زقاق هذه المعاني وما حملت معها من أبعاد موجعة تدل على جلالة الحدث..
حقائب الرحيل..أعدّها الكاتب لتكون دليلاً على ما تذوق من قهر الغرباء..وما أحدثوا على الأرض من تدنيس..نرحل لأن التخمة من سيف الوجع نزف الأسى والقهر..وحمل بين جيوب القلب الدماء وجعاً..
فأعدّ الحقائب إلى لا وطن..كناية عن الغربة عن الابتعاد عن أرضه غصباً عن الإرادة..
عملية إعداد الحقائب تحتاج تمهيداً وتفكير..لأن عملية الإعداد تأتي بعد دراسة وتلخيص الواقع..بعد أن ينفذ كل بصيص أمل ونور..بعد أن يتذوق مرارة العيش تحت ظلم المحتل..
الكاتب استخدم جمع الحقيبة بالحقائب..وكأنه يريد كناية عن مجموع الألم والقهر الذي يعدها في داخلها كناية عن حجم المعاناة التي سيحملها فيها ويرحل..وكأنه يقول للرحيل لا تتسعه جيوب ولا أمكنة هي حقائب شتى مليئة بمخزون وطني ومكاني وزمني وذاتي بما يفوق كل المشاعر..لأن الذكريات في الوطن كثيرة والنفس بطبيعتها تحب حمل حقيبة الذكريات المختلفة معها أينما ذهبت كذكرى ورائحة من أرض الوطن لتبقى بتواصل مع جذور الوطن..
لذلك توظيف كلمة حقائب كانت براعة ودقة من الكاتب ..عدا على أن الحقائب تكون لها أقفال..وهذا دليل لحرص المواطن على أغراض هويته وجذوره ورائحة بلاده..يحتفظ بها خوف ضياعها وهذا كناية أيضاً على حفاظه على ما يخلذه الوطن في روحه وقلبه للأجيال المتعاقبة..كموروث وطني..

// إلى لا وطن//

هنا هذه الكلمات فيها نبرة وجع وحس وطني عالي جدا..ودقة في بناء الكلمات ومتانة في التعبير..حيث يريد إعداد الحقائب لمكان آخر غير وطنه..لكنه لا يريد أن يستبدله مكان وطنه..وهذه قمة التعلق والحب للوطن وقمة الاندماج بجذوره والحرص على هويته..وهذا دليل على مساواة الوطن بالروح والدم..لأن من يخرج من أرضه ووطنه عنوة وقهراً وغصباً إنما هو قمة الشعور بقيمة الهوية والأرض..
// إلى لا وطن//تعني الحب الشديد والتعمق والتعلق بقدسية المكان..
والرحيل وأهدافه كثيرة..وقد خصها الكاتب فيما بين السطور بقوله:

// حتى لا أرى رقص الغريب على الجراح النازفات//

/ حتى/ ينتهي معها الدلالة والبعد الذي قصده الكاتب من غاية الزمن الذي يتحكم في المدة التي يحملها زمن الرحيل...في هذه المدة يتفاعل الهدف في الرحيل وهو عدم رؤية الوطن النازف بين براثن المحتل وهو ينبش ترابه وتصيد من جماله ما يشبع ظمأه..هنا يعلو صوت الكاتب وهو ينزف بمشاعره الحية بقهر وألم على وطنه الذي يُغتصب أمام عينه..ورؤية هذا النزف يزيد من حدّة الكاتب ويرهقه أضعافاً كما لو كان في مكان الرحيل...
هنا/ تصوير وتجسيد قمة المعاناة..بشكل متقن جدا..حين يعبث الدخيل المحتل بأوردة الوطن
التي مزّقها وفوق ذلك يتراقص على جراحها طرباً..ومن شدة الألم أن نرى أقدام هؤلاء الطغاة وهم يدوسون مقدساتنا ويغيّرون معالمها التاريخية وطمس هويتها التي تثبت جذورنا وامتداد لأجدادنا..
وهنا تنتهي حقبة المعنى التي قصده الكاتب..ويكمل دلالة الرحيل بقوله:

// ولا أرى مرامي في الحياة يتحول إلى جسد عجل له خوار//

الكاتب هنا جعل من الرحيل أن يكون في دائرته لوحده بدليل فعل المضارع / أرى/ الذي يستمر آثاره لبعد زمني مستقبلي..وفعل/ أرى/ تمّ إشراكه هنا ليعبّر عن حقيقة الواقع وتجسيده من خلال استحضار عملية الرؤية التي تدعم وجود حقائق واقعية لا من صنع الخيال...فهو لم يشرك الغير في إعداد حقائب الرحيل ولا آلامه برقص الغريب على الجراح..بل كان من ذاته الشاعرة التي كانت من نبض مشاعره الحية والتي لم يستطع تحملها أكثر..وهذا دليل على أن عملية الرحيل كانت فردية كلٌّ حسب قدرة تحمله..
يحاول الكاتب إحضار أدلة وبراهين تثبت بماهية الرحيل حتى لا يقع فريسة التساؤل والّلوم..
وهي عدم حبه لرؤية نتيجة اغتصاب الوطن بأنه لا يريد مراميه في الحياة القادمة تتحول إلى جسد عجل له خوار...

// جسد عجل له خوار//

هنا عملية التناص من القرآن الكريم في قوله تعالى:
"فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ "..سورة طه(88)"

هنا تتضح أبعاد رؤية الكاتب التي جسدها في جسد عجل له خوار..وما يحتمل التأويل من عملية إضلال المؤمنين ليعبدوا من دون الله إلهاً آخر..ليس بالضرورة أن يجعل الكاتب عبادة البشر اليوم بإله آخر..فالكثير من يتخذ الدنيا ومن فيها كعبادة الشخصيات الحاكمة والتوقيع على ما يضعون من قوانين وضعية تمثل بحد ذاتها عبادة من دون الله بما حملت من تضليل وكفر..

وقصة السامريّ والعجل الذي أُعطيت له صفة الجسدية كدليل على كونه جثة لا روح فيها صنعت من الذهب كعملية إغواء وإغراء لعبادة هذا العجل الذي فرّغوا داخله ليكون فارغاً يدخله الهواء ليصبح ذا صفير وصوت.. كمثله الناي التي نعزف عليها من جسدها الفارغ...
وهنا رسم الكاتب في لوحته البارعة كلمةً فيها
من الدقة والتخطيط ما لا يخطر على بال..هي كلمة/ يتحويل/.. عندما قال:

// ولا أرى مرامي في الحياة يتحول إلى جسد عجل له خوار//

فهو لا يريد أن يرى وطنه قد تحوّل لمنظومة كفر يمارس عليه المحتل الغاصب أدوات كفره على الأرض المقدسة لتحويل عبادة الناس لهم..ليكونوا عملاء وأتباع..فعملية التحويل هي عملية خطيرة جدا إذا مسّت عقيدة المؤمن وإيمانه وحوّلت منظومة فكره من الفكر الآمن إلى معادلات شاذة غير متوازنة مع الواقع..ليحدث التخبط في السلوكيات والأفكار وتحويل قبلة عبادتهم لهؤلاء الأوغاد والذين استطاعوا مسح عقول الكبار من ساستنا وحكامنا ليصبحوا في منزلة إرهابية عظيمة تمارسها مع شعوبها الضعيفة..

// أنا وموسى تمردنا على الضلالة
ومعابد فرعون هجرناها قبل الرحيل بساعات//

ثم ينتقل الكاتب ببرمجة نفسه مع إيمان سيدنا موسى عليه السلام في بوتقة الإيمان الذي يقف به أمام الضلال وأهله..
فبدأ بقول كلمة / أنا / وبعدها../ موسى/ كدليل على أنه هو من أحدث هذا الحدث وأصدره واقترن اسمه بسيدنا موسى كحجة ملموسة على واقع قد كان في نفس الضلال ولكن بزمن متغير وعوامل متعددة مختلفة والمرمى واحد..
عملية التمرد ليست جديدة..إنما أرادها الكاتب أن تذكر حتى يعطي شرعية الحدث من زمن الأنبياء والرسل وذلك الزمن الذي يشهد أهل الضلال ولكن كلّ حسب منواله وغزله..
ثم هجرة معابد فرعون الذي كان قبل موسى والسامريّ..والذي كان يعبد هو فيه من دون إله موسى..
عملية هجرة هذه المعابد الفرعونية هي مقدمة لعملية رحيل نظيفة من كدر الضلال وأهله..الهجرة هي ترك المفر للأبد والالتحاق بدروب الإيمان كوسيلة للحفاظ على النفس..

// هجرناها قبل الرحيل بساعات//

قمة في توصيل المحتوى والهدف والمراد من مرحلة الرحيل وبعده..
فقد جعل الكاتب الهجرة قبل الرحيل بساعات..لماذا؟
هنا عامل الزمن مهم جداً في تفصيل أهداف الرحيل..فالهجرة من أوردة الكفر التي ممكن أن تكون قد علقت في الفكر والنفس..مهمة جدا في التخلص منها قبل الرحيل حتى يخرج منها نقياً غير متأثر من تلك العقيدة والأنظمة الأرضية التي هدفها السيطرة على القلوب والعقول وتغيير النفوس بما يخالف الإيمان والعقيدة..
فالهجر جعلها قبل الرحيل بساعات كي يُعتق نفسه من سموم أذرع الظلام..كي يهجر المكان نظيفاً ليستطيع الدفاع عن وطنه من قلب وعقل وفمر واعي متزن نظيف...
.........
الكاتب الراقي المبدع الفذ
أ.العلي الأحمد الخزاعلة
كم سررت وأنا أغوص بين صفحات هذه القصة القصيرة جداً وما فتحت من الخيال دروبه ونوافذه على مصراعيه..كي ننهل من عذب المحتوى والمرام من هذه اللوحة الراقية..
إبداع متفرد وحرف لا غبار عليه..يعلو السماء بنقائه ويشحن الفكر بالوعي والتبصر..
دمتم ودام قلمكم المضيء وما تتخفونا من رقي وجمال للحرف والكلمة..
وففكم الله لنوره ورضاه
وزادكم نوراً وعلماً وخيراً كثيراً
.
.
جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:31 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط