يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة... أيام مع سالم جبران -2 - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :عبدالماجد موسى)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-09-2016, 04:32 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نبيل عودة
عضو موقوف
افتراضي يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة... أيام مع سالم جبران -2


يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة... أيام مع سالم جبران -2

نبيــل عــودة

ارتباطي الفكري، السياسي والثقافي والإعلامي الواسع مع سالم جبران بدأ منذ عام 1962 حين كنت طالبا في ثانوية أورط – عمال الثانوية الصناعية في الناصرة.
كانت مدرسة جديدة.. كنت من طلاب الفوج المدرسي الأول. كان في المدرسة قسمان، قسم لتدريس مهنة الحدادة وقسم لتدريس مهنة النجارة.
كنت من طلاب قسم الحدادة، من منطلق أني من بيت نجارين، جدي وأعمامي ووالدي وأنا إلى حد كبير أتقن المهنة بالوراثة والممارسة أيضا. اخترت ان اكسر طابو النجارة العائلي... اخترت الحدادة حبا بالعمل على الماكينات، خاصة ماكينات اللحام الكهربائي، المخارط، المقاشط ماكينات الفرز وغيرها من الماكينات المستعملة في الصناعات المعدنية والتي لا اعرف كيف اسميها باللغة العربية.. طبعا الى جانب المواد النظرية مثل الفيزياء، الرياضيات، اللغات، التكنولوجيا، الرسم الفني وغير ذلك من المواضيع التي لا يمكن لإنسان معاصر ان يتقدم في الحياة بدون ان يلم بها.
كان من المفروض ان نبدأ في السنة الثانية العمل والتعلم على استعمال ماكينات الخراطة وغيرها من الماكينات، فهي الموضوع الأساسي لحداد عصري اليوم، ولكن كوننا مدرسة عربية هي الفرع الأول من نوعها لمؤسسة إسرائيلية يهودية جلّ نشاطها في الوسط اليهودي، عانينا من نواقص كثيرة، أهمها ان المخارط وماكينات العمل الفني المهني للحديد لم تصل رغم بدء السنة الدراسية الثانية، أي وقتنا يضيع بدون ان نتطور مهنيا، بغياب تطبيق عملي على الماكينات وطرق تشغيلها.
عدم وصول الماكينات والتجهيزات المختلفة قبل افتتاح السنة الدراسية الثانية، الحق بنا ضررا كبيرا، خضنا نضالا طلابيا، توجهنا لإدارة المدرسة بإنذار، توجهنا لبلدية الناصرة لمقابلة الرئيس (في فترة المرحوم سيف الدين الزعبي)، أعلنا أيضا الإضراب عن التعليم، اتصلنا مع الصحف المعروفة، الصحيفة الوحيدة التي حضرت كانت مجلة "الغد" الشبابية الشيوعية، حضر رئيس تحريرها الشاعر سالم جبران.. وكتب وقتها ريبورتاجا مثيرا تحت عنوان: "وعدونا بالمخارط وكانوا يخرطون".
الموضوع لم ينته هنا...
عرض علينا سالم دعما حزبيا لمطالبنا ومساعدتنا في معركتنا.. ثم تطور الأمر ان لجنة الطلاب التي قادت النضال، وكنت على رأسها الى جانب صديقَي العمر المرحومَين سمير خطيب ورياض شحبري وعددٍ آخرَ من الطلاب بحيث وصل عددنا الى 12 او 15 طالبا... بدأنا نعقد لقاءات اسبوعية في نادي الشبيبة الشيوعية في الناصرة للاستماع إلى محاضرات ثقافية، سياسية وفكرية مختلفة، كان سالم جبران هو المحاضر، وأحيانا حضر آخرون منهم المؤرخ المرحوم د. إميل توما، الذي قدم لنا سلسلة محاضرات عن "جذور القضية الفلسطينية" وهي مواد شملها كتاب له يحمل نفس الاسم صدر فيما بعد.
انا شخصيا كنت عضوا في الشبيبة الشيوعية ثم انضم زملائي رياض شحبري وسمير خطيب وآخرون لحركة الشبيبة الشيوعية، ثم للحزب الشيوعي...
كنت كاتبا قصصيا ناشئا، نشرت عام (1962) اول نص قصصي لي في مجلة "الجديد" الثقافية الشيوعية (التي كان يرأس تحريرها في ذلك الوقت المرحوم صليبا خميس، وهو من الشخصيات السياسية والإعلامية البارزة، لم يعط أيضا الدور الذي يستحقه وفصل من الحزب، ثم رأس تحريرها كما اذكر محمود درويش بعده سميح القاسم وآخرهم سالم جبران).
نشر القصة لشاب ناشئ اسمه نبيل توفيق عودة في الـ(14) من عمره لفت انتباه سالم ورفاقه من قيادات الشبيبة والحزب الشيوعي. ضمني سالم لهيئة تحرير مجلة "الغد" وأنا في الصف التاسع، لأبدأ التدرب على العمل الصحفي في مدرسة إعلامية لا اعتقد ان الجامعات توفر فرصا أفضل منها لدراسة الصحافة او الإعلام نظريا وتطبيقيا.
من هنا صارت الصحافة جزءا من نبضي وتسري بدمي... والأهم ان ارتباطي الفكري والثقافي والسياسي بدأ يتطور في اتجاهات لم تكن ضمن ما خططته لحياتي المهنية. اقول ان ذلك فتح آفاق تفكيري.
بعد الثانوية دخلت معهد الهندسة التطبيقية "التخنيون" لدراسة الهندسة الميكانيكية وهو الموضوع الذي كان يثير اهتمامي... لكن الفكر السياسي والإعلام والأدب طغوا على تفكيري، وبسبب نشاطي فرضت عليّ الإقامة الجبرية في مدينتي الناصرة ومُنعتَ من الخروج من الناصرة بدون تصريح عسكري.. ربما كنت الأصغر سنا من الذين تُقيد حرية حركتهم في وطنهم. كنت اضطر كل يوم احد ان أقف أمام مكتب الشرطي المفوَّض بإعطاء التصاريح للحصول على تصريح لمدة أسبوع، يبدأ من يوم الأحد وينتهي يوم الجمعة، ويحدد التصريح ساعات خروجي من الناصرة صباحا في السادسة وعودتي في الخامسة مساء من حيفا حيث كنت أعمل، كذلك يحدد الطريق التي يجب ان اتبعها للوصول الى حيفا، ويحدد مكان تواجدي في حيفا، اسم الشارع ورقم البناية... وأي تجاوز سيعرضني لغرامات مالية وسجن، أي نظريا لو ابتعدت عمارة واحدة عن مكان عملي لشراء ساندوش فلافل مثلا، يعتبر مخالفة لقوانين الطوارئ.. والهدف طبعا الوصول إلى مكان عملي ونوع عملي.. ويفهم بأني غير مخول بتغيير مهنتي. التصريح طبعا يمنعني من البقاء في حيفا بعد الساعة الخامسة مساء. ودراستي الليلية في معهد التخنيون تبدأ بعد الخامسة مساء، فكنت اضطر للبقاء وتعريض نفسي للعقاب بالسجن والغرامات المالية.. كان خوفي أني إذا تقدمت بطلب تصريح للبقاء من اجل الدراسة ان يرفض طلبي وعندها سأنبّههم إلى تواجدي "غير القانوني" في حيفا وبساعات وعناوين ممنوع ان أتواجد فيها، لذلك أشبه تلك الفترة بأفلام الكرتون عن القط والفأر.. طبعا واقع مضحك.. ولكنه كان يحتاج الى أعصاب من حديد.. ومهما يعبر الزمن لا أنسى تلك الأيام.
عرض علي سكرتير الحزب الشيوعي في الناصرة آنذاك الرفيق غسان حبيب ان أسافر للدراسة السياسية في الاتحاد السوفييتي، رغم أني كنت قد طلبت السفر للدول الاشتراكية لدراسة موضوع الهندسة الميكانيكية بسبب الإقامة الجبرية المفروضة علي.. وعلل غسان حبيب طلبه بأن أدرس العلوم السياسية والفلسفة لأن لي مستقبلاً في النشاط السياسي والثقافي والصحافي والحزب يحتاج الى إعداد كوادر جديدة لمثقفين شيوعيين. طبعا لم أفكر مرتين، وقبلت الفكرة ولست نادما.. رغم ان الدراسة وتعمقي بالنشاط السياسي، الفكري، النظري والثقافي فيما بعد، كشف لي عمق الأزمة الفكرية التي تعيشها الحركة الشيوعية عامة والحزب الشيوعي الإسرائيلي على وجه الخصوص!!
حين عدت من دراستي الجامعية في موسكو (1970) عملت لفترة محترفا حزبيا. عام (1973) استقلت من العمل الحزبي.. بعد ان اختلفت مع الحزب الشيوعي حول مستقبلي في العمل الحزبي والإعلامي... وذهبت للعمل حدادا!! وقد وصفني مهندس عملت في شركته (بيني براف) باني أحسن حداد بين الأدباء وأحسن أديب بين الحدادين!!
مهنيا لم أكن مجرد عامل حدادة بسيطة، كالتي يمارسها المئات، إنما مارست مهنة تتعلق بأهم فروع العصر، إنتاج تجهيزات للصناعة النفطية (البتروكيماوية)، بناء محطات توليد الطاقة الكهربائية، بناء منشآت تحلية مياه البحر، بناء المصانع وغيرها من الفروع الأكثر أهمية في الصناعات الفولاذية الحديثة ومجالات الإنتاج الهندسي الفني.
خلفيتي الثانوية المهنية ودراستي الهندسة لمدة سنتين مهدت لي طريق التقدم المهني، برزت فورا بقدراتي المهنية والفنية ووجدت نفسي خلال أقل من سنة مديرا لفحص جودة الإنتاج في أهم وأكبر مصانع إسرائيل (مصنع القضماني في يركا)، ثم أصبحت مديرا للعمل في شركة مقاولات كبيرة (يوسف برودني- حيفا، والذي بنى مصنعا ضخما في الناصرة فيما بعد) وأنهيت حياتي المهنية مديرا للإنتاج ومديرا لمصنع متوسط الحجم. وانتدبت من شركة برودني كمدير عمل لتنفيذ مشروع بناء مصنع البلاستك في مدينة شيراز الإيرانية أيام الشاه، وأشرفت كمدير مشروع على بناء خزانات ضخمة بقطر (50 – 60 متر) وارتفاع (18متر) في مدينة بوشير (تكتب بوشهر) الايرانية، قريبا من الفرن الذري الذي كان يبنيه الألمان آنذاك، وبعد سقوط الشاه واصل السوفييت بناء الفرن الذري..
حين تقاعدت عام (2000) بعد إصابة عمل بالكتف، اختارني سالم جبران نائبا له في تحرير صحيفة "الأهالي" التي صدرت ثلاث مرات في الأسبوع.. مصرا أمام صاحب الجريدة، انه على ثقة مطلقة أني أفضل من كل الصحفيين "ذوي الخبرة الطويلة" الذين تقدموا للعمل في "الأهالي"!!
******
عام (1993) كان سالم مرشحا لرئاسة قائمة الحزب الشيوعي (الجبهة الديمقراطية) للكنيست، وحدثت مخالفات تنظيمية فظّة، أسقطت سالم بطريقة لا تليق بالأخلاق الشيوعية التي أشبعونا تغزلا بشعاراتها، لكنها لا تخض المتنفذين بالقرار. استأت من الانقلاب على سالم ورأيت فيه بداية مرحلة جديدة لحزب لا استطيع ان أكون عضوا فيه... مرحلة تحول الحزب الى حزب شخص واحد. فقدمت استقالتي من الحزب والجبهة منتقدا ما جرى بحِدَّة. أذكر ان شخصية شيوعية، رئيس مجلس محلي مرموق، أستاذ سابق فُصل من التعليم أيام الحكم العسكري، وتبوّأ مركزا قياديا في الحركة الشيوعية، قال لي بوضوح وهو مكتئب: إن "ما يجري هو تحطيم لمكانة الحزب الشيوعي وسندفع الثمن". لكن لم يتحرك احد لصدّ الهجمة الانقلابية، ربما خوفا على مكانتهم الحزبية.
كان فهمي ان دستور الحزب يسري مفعوله على الجميع، وقرارات هيئات الحزب لا يمكن نقضها بشكل عشوائي بعد إقرارها من هيئات يشارك فيها الأشخاص الذين اكتشفوا فجأة (بعد ان اقروها بالتصويت) أنها لا تناسبهم.
******
انتقدني سالم جبران بشدة على استقالتي من الحزب الشيوعي والجبهة (1993)، اثر إقصائه بانقلاب يليق بالانقلابات العسكرية العربية، كان ظنه انه يمكن النضال من الداخل اذ كان محررا لصحيفة الحزب اليومية "الاتحاد" وهو عمليا المفكر البارز الوحيد في صفوف الحزب.. والناطق السياسي الوحيد والمعتمد في وسائل الإعلام العبرية والعربية، والوحيد الذي يشارك بالندوات في الوسط اليهودي، إلمامه موسوعي في مختلف المواضيع، ولغته العبرية سليمة لدرجة ان محررة لغوية لإحدى الصحف العبرية التي كان ينشر فيها مقالات بالعبرية قالت لي أثناء اشتراكها بإحدى ندوات سالم انه "الكاتب الوحيد الذي لا أجد في مقالاته العبرية ما يستلزم التصحيح".
لا بد ان أوضح ان استقالتي لم تكن بسبب سالم شخصيا، إنما بسبب رفض أسلوب الانقلاب وصمت قيادة الحزب خوفا من الانشقاق كما حاولوا إقناعي وإقناع آخرين وهو من باب "عذر أقبح من ذنب"، استقالتي كانت تعبيرا عن مرحلة من المراجعات الفكرية والضميرية، عن تطور رؤيتي الفكرية والفلسفية من مختلف المضامين الفكرية التي يدعي الحزب تمثيلها، وصلت الى قناعة أني لست مستعدا لأكون حجر شطرنج على لوحة يلعب بها المتزعمين بلا رقيب وبلا محاسبة، الى جانب اني كنت على قناعة نظرية ان الفكر الشيوعي يعاني من ضمور وجمود فكري، طبعا كنت مستاءً جدا مما برز كضعف مخجل ومريب وجبن في قيادة الحزب ومنهم قيادات تاريخية.. واعتبرت عجزهم عن إفشال الانقلاب إفلاسا سياسيا، ايديولوجيا، تنظيميا وأخلاقيا!!
هذا الأمر يناقض ما تثقفت عليه في صفوف اروع جامعة فكرية ونضالية حضنتني شبلا يافعا لتعطيني من زخمها الفكري وأخلاقياتها الإنسانية في نكران الذات والتضحية من أجل الناس ما اعتبره حتى اليوم من مقومات شخصيتي وفكري.. واعني تنظيم الشبيبة الشيوعية في فترتها الذهبية.
ارتبطت مع سالم كمثقف، إعلامي، محاضر بارع، شاعر، قائد سياسي ومفكر مبدع. حتى آخر أيامه، ظلَّ سالم يحمل ألمه الشخصي وشعور المرارة من رفاق الدرب، ألمه لم يفارقه يوما واحدا. كنت أعيش ألمه الذي حاول إخفائه. كان رفاقه المخلصين، من اليهود والعرب، يواصلون الاتصال به والتشاور معه وإبلاغه بما يجري، بل وتبليغه بقرارات حزبية (ليست للنشر)، وقد وصلنا (أثناء عملنا في الأهالي عام 2004) من رفيق عضو مكتب سياسي، برنامج (مؤامرة) تحويل الجبهة الى حزب (بسبب الصراع الداخلي المحتد وقتها بين قيادة الحزب وقيادة الجبهة) ففجّرنا الموضوع إعلاميا رغم توجيه ضغوطات واسعة لنا ولصاحب الجريدة للامتناع عن النشر حول هذا المشروع. واعتقد ان نشرنا كان سببا في إسقاط هذا المشروع. لم يكن سالم ينتقم، بل كثيرا ما وجه رفاقه السابقين الى المواقف الصحيحة من القضايا المطروحة داخل هيئات الحزب.
خلاف حول الاستقالة من الحزب
انتقد سالم كما أسلفت استقالتي. كانت رؤيته أني تصرفت بدون تنسيق مع أحد وهذا صحيح. بأعماق نفسه كان شيوعيا حقيقيا وأكاد أقول لا يرى نفسه خارج صفوف الحزب. كانت له أفكار جاهزة للتطبيق، كان دائما يؤكد ان الفكر والتنظيم الشيوعي يحتاج الى إنعتاق من الصياغات الجامدة، الى تجديد قوة الجذب الفكري للأجيال الصاعدة. طبعا لم يشرح تفاصيل خططه، كان له خطاب سياسي مميز حين يتحدث في الوسط اليهودي، لا يتهاون بطرحه الوطني، لكن بأسلوب يجعل الحضور ينصتون لكل كلمة يقولها، حتى لو رفضوا رأيه، كانوا يحترمون أسلوبه وطريقة طرحه لأعقد قضايا الصراع وإثارة تفكيرهم وليس رفضهم بلا وعي. كان بارعا في اختراق الحواجز السياسية في المجتمع اليهودي، كنت اعرف من مرافقتي له شعبيتَه الكبيرة من اكتظاظ القاعات في الوسط اليهودي حين يكون المتكلم هو سالم جبران.
الواقع الحزبي كان مؤذيا. كل ما حول سالم كان يتفجّر بالانتهازية. حاول ان يواصل مهامه الحزبية والإعلامية لإصلاح واقع التنظيم والتثقيف كما قال لي. اختلفت معه حول نظرته، عدد من أصدقائه والمقربين له نصحوه ان ينسحب، لكنه اختار البقاء والإصلاح من الداخل. كان يشعر بالضيق من فكرة ترك الحزب. الحزب بيته الذي أعطاه سالم أفضل سنوات عمره. حرر بعد تخرجه من الثانوية مباشرة مجلة الشباب "الغد" ليجعلها نبراسا تثقيفيا تربويا تنظيميا للأجيال الشابة، وصل توزيعها الى أرقام ضخمة جدا، في الناصرة لوحدها كان فرع الشبيبة الشيوعية في الناصرة (في فترة قيادتي للفرع) يبيع ( 1500 – 2000) نسخة من كل عدد. شارك ببرامج تثقيف مبرمجة لرفاق الحزب والشبيبة الشيوعية وتنظيم الطلاب الذي بدأنا بإنشائه في الشبيبة الشيوعية.. كتب دفاعا عن سياسات الحزب ومواقفه في منابر محلية عربية وعبرية وفي منابر خارج إسرائيل اذكر منها مجلة "فلسطين الثورة" التي كانت تصدر في قبرص. فرضت علية الإقامة الجبرية واثبات الوجود اليومي في مركز الشرطة بسبب مواقفه السياسية التي وجدت آذانا صاغية في الوسط اليهودي أيضا، تحمل المسؤولية الفكرية والسياسية المركزية في تسويق سياسة الحزب وطريقه، في الوسطين العربي واليهودي.. قاد فرع الناصرة للحزب الشيوعي ليجعل منه فرعا منظما وبيتا لكل مثقف وطالب وأكاديمي وغيور تهمه قضايا شعبه.
أعطى للتثقيف النظري والسياسي أهمية أولى في تطوير الفرع. في فترة قيادته لفرع الناصرة تطورت رابطة الجامعيين أبناء الناصرة كجزء مكون لجبهة الناصرة، ليصل عدد أعضائها لأكثر من (700) عضو والتي قامت بنشاطات اجتماعية وثقافية وسياسية هامة، خلقت في مدينة الناصرة جوا اجتماعيا وشعبيا مريحا ونشاطا ثقافيا واسعا، كانت برامج رابطة الجامعيين تجذب المئات الذين تضيق بهم أكبر قاعات الناصرة.
بدأنا بإصدار مجلة ناطقة باسم الجامعيين باسم "الطريق"، ترأستُ أنا شخصيا تحريرها، أصدرنا منها ثلاثة أعداد، توقفتْ مع إنهاء سالم عمله في قيادة فرع الناصرة وبداية مرحلة تراجع تنظيمي وسياسي في رابطة الجامعيين، وانشقاق مجموعة كبيرة وتشكيلهم لتنظيم سياسي مستقل (الحركة التقدمية) لأسباب قد أعود إليها بمناسبة أخرى. اليوم لم يعد لرابطة الجامعيين وجود.
استلم سالم قيادة الجبهة الديمقراطية القطرية التي أنجزت نجاحات هامة في فترة رئاسته. اتسعت صفوفها وزاد تمثيلها البرلماني وكان قلم سالم وراء كل المناشير الانتخابية وصياغة البرامج والرسائل للمصوتين، حتى كتابة أخبار الاجتماعات الشعبية والانتخابية بطريقة تثير الثقة بالانتصار. ترأس تحرير مجلة "الجديد" الثقافية وتعتبر فترته الفترة الذهبية لمجلة الجديد في المضامين والتوزيع والأرباح. ترأس تحرير جريدة الحزب اليومية "الاتحاد" وأعطاها كل وقته حتى جعلها جريدة ذات تأثير واسع واهتمام جماهيري بما تنشره واتسع توزيعها وانتشارها والاهتمام بها بشكل غير مسبوق.
استطيع ان افهم ان الاستقالة بالنسبة لسالم، فيها إشكاليات عاطفية وفكرية صعبة جدا.
لم أقتنع بوجهة نظر سالم ولم استطع رفض رؤيته وتبريراته. أنا لم أكن إلا عضوا عاديا نشيطا في المناسبات السياسية وفي المجال الإعلامي والثقافي.
أمام موجة التحييد والإقصاء والتحريض الشخصي وقص الأجنحة لم يعد سالم يملك ما يؤثر به على إعادة بناء هيكلية الحزب وتطوير مشروعه الإعلامي والثقافي.
حين دعاني للحضور في إحدى الأمسيات الى بيت أخيه الدكتور سليم جبران في الناصرة، ليتلوا علينا قرارا هاما اتخذه قبل توزيعه على الصحافة، أيقنت ان سالم لم يعد مستعدا لتحمل مسؤولية تفكُّك التنظيم وتحوُّله إلى تنظيم الشخص الواحد وان البيان هو بيان استقالته.
وصل في قرارة نفسه انه يلعب مع فريق معاد له يعمل على عزله بتواصل ويجرده تدريجيا من كل مصادر تأثيره، حتى بثمن تدمير التنظيم.
لم يتأخر الوقت ليتأكد قطعا ان الجسور بينه وبين التنظيم لم تعد تسمح له بالمرور الحر، فقدم استقالته. المضحك ان فرع الناصرة (بإيعاز كما يبدو) اتخذ قرارا بفصله وهو قرار غير شرعي لكون سالم جبران عضو هيئة حزبية أعلى من فرع الناصرة (المكتب السياسي وسكرتارية اللجنة المركزية وسكرتير الجبهة، ورئيس تحرير الاتحاد، وهي المناصب الأكثر أهمية في كل التنظيم الحزبي).
الهيئات العليا بهذه الحالة هي المؤهلة لاتخاذ قرار الفصل وهي لم تتخذ مثل هذا القرار. اعتقد ان هذا القرار أظهر الاتجاه الذي بدأ يسود قيادة عاجزة ضعيفة مفككة بلا عمود فقري، تخضع للضغوطات ولا تلتزم بأي نهج تنظيمي او فكري واضح. تحول الحزب الى قائمة انتخابية نفتقد فيها ما عرفناه من نشاطات وبرامج نضالية لا تتوقف.
سالم لم يكشف كل الحقيقة في كتاب استقالته. ربما كان يعتقد ان الحزب ما زال قادرا على تقييم ما جرى واتخاذ القرارات الصحيحة لمنع ظواهر مشابهة في المستقبل. قال لي بعد ثماني سنوات من استقالته، عندما بدأت أعمل معه في تحرير جريدة "الأهالي" انه إذا كتب عن تجربته الحزبية سيفجر الكثير من الدمامل. حاولت جاهدا ان أجرّه ليحدثني ببعض ما يخفي. ما حدثني به أقل مما توقعت. قلت له أني على قناعة كاملة انه مازال الأكثرَ شيوعيةً من كل أعضاء الحزب. ابتسم بمرارة تكاد ترافقها الدموع. كانت مقالاته في "الأهالي" إثباتا على شيوعيته التي لم تفارقه، كنت أغضب احيانا عندما يحذف بعض ما اكتبه من انتقاداتي على الحزب الشيوعي.
بالتلخيص أرى نهاية حقبة تاريخية مشرفة على المستوى الفكري والنضالي، لشخص تبوأ بنفس الوقت العديد من المناصب المركزية في حياة الحزب الشيوعي وجبهته وإعلامه، يحتاج كل منصب إلى أكثر من بولدوزر بشري. كانت آلام سالم أكثر من قدرة إنسان عادي على الاحتمال. حافظ على آلامه داخل صدره.
بدأت حقبة لا نريدها لهذا التيار السياسي الذي صان شخصيتنا القومية وبنى تكاملنا الوطني من العدم تقريبا. دور الحزب الشيوعي في حياتنا لا يحتاج الى شهادتي الشخصية.
هناك عشرات الشهادات المشرفة كتبها شيوعيون سابقون منهم حنا ابراهيم من البعنة، الذي استقال او أقيل لا أذكر، كان رئيسا لمجلس البعنة المحلي وشيوعيا عريقا له تاريخه النضالي المشرف وكاتب قصصي وشاعر مرموق سجل في كتاب مذكراته الرائع: "ذكريات شاب لم يتغرّب" تجربته المؤلمة مع الحزب.
استقال سالم جبران من حزبه ولم يستقل من تاريخه، من فكره ومن إخلاصه، محافظا على الكثير من الأسرار التي كان يعتقد ان نشرها ستكون له إسقاطات بالغة الصعوبة لا يريد هو شخصيا ان يتحمل مسؤوليتها.
كتب سالم قصيدة يعبر فيها عن غضبه من الانقلاب عليه، لم ينشرها في الصحافة، لكنها ظلت في جواريره وأضيفت بعد وفاته لكتاب يشمل كل أعماله الشعرية وهذا نصها:
عاشق النهر
شعر: سالم جبران

عندما تدافعوا إلى المنصّة
مثل قبيلة مندفعة إلى الثأر،
فيهم العربيد والمهرّج
فيهم اللاعق والسارق
فيهم السكران والنصّاب
فيهم الحثالات التي تطرب لصوت تصفيقها
فيهم الهتّافون المحترفون
فيهم مشلولو التفكير العاجزون عن الحلم –
قرّرتُ أن أنزل عن المنصّة
لا مهزوما ولا هاربا
بل رافضا أن أشارك في المهزلة
رافضا المشاركة في المسؤوليّة عن الفضيحة
هم صعدوا إلى رقصة الانتحار
وأنا لم أنزل، بل صعدت
صعدتُ إلى ذاتي الحرّة، صعدت إلى جبل الحريّة
بقيتُ مع الناس، واحدا من الناس
الشمس في قلبي
لم أستبدل حلمي بحلم آخر
بل نفضتُ عن حلمي الغبار
ليس عندي وقت حتى لاحتقار
القبيلة التي اندفعتْ للثأر
بعد انعتاقي فقط،
أعرف تماما الفرق بين المستنقع والنهر
أنا حليفُ النهر
أنا عاشق النهر!
سالم جبران: الأعمال الشعريّة الكاملة، ص 237 - 238 (القصيدة لم تنشر سابقا في الصحافة)









  رد مع اقتباس
/
قديم 05-01-2017, 12:41 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي رد: يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة... أيام مع سالم جبران -2

سلام الله
وتحية تليق

رابطة القدس
أبية بكم ... كونوا معنا
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=19614
كرما وقعوا حضوركم ـ رابطة الفينيق / القدس
بانتظاركم

كل الود






  رد مع اقتباس
/
قديم 10-04-2017, 12:24 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نبيل عودة
عضو موقوف
افتراضي يوميات نصراوي: كيف صار ثابت عاصي قاتلا للجنديين وهو بريء؟!



يوميات نصراوي: كيف صار ثابت عاصي قاتلا للجنديين وهو بريء؟!

نبيل عودة
حرر من السجن في نهاية آذار (2017) الأسير الفلسطيني محمد جمال الشاويش (36 عاماً) الذي كان متهما بالمشاركة بقتل جنديين من جيش الاحتلال الإسرائيلي في رام الله في العام (2000)، تحريره يعني انه لم يكن له ضلع بما جرى بحادثة قتل الجنديان في رام الله.
هذه القصة أعادت إلى ذاكرتي مادة كتبتها في بداية عام (2001) ونشرتها في صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية بتاريخ (05-01-2001) تحت عنوان : "حكاية غريبة عن طهارة السلاح وطهارة النوايا – كيف صار ثابت عاصي قاتلا للجنديين وهو بريء؟!" وهي تعالج اعتقال متهم آخر بنفس حادثة رام الله.
في تاريخ (02-01-2001) نشر المراسل العسكري الميتالوجي لصحيفة "هآرتس" زئيف شيف (توفي) تحت عنوان "الشاباك يوقف المتهمين بالعمليات على الحدود مع السلطة"، وطبعا تبعته سائر الصحف الإسرائيلية، وتفصيل الخبر أن قوى الأمن العام، بالتنسيق مع الوحدات المختارة، نجحت باعتقال فلسطينيين اشتركوا بعمليات معادية قتل فيها إسرائيليون وأحضرتهم إلى إسرائيل، وان إلقاء القبض على منفذي العمليات المعادية، بدأت بعد حادثة مقتل الجنديين في رام الله. الصيغة التي استعملتها الصحف العبرية كلها تقول "منفذي العمليات" وليس "المتهمين بتنفيذ العمليات".معنى ذلك أن المعتقلين ليسوا متهمين حتى تثبت إدانتهم، بل مجرمين صدر بحقهم الحكم سلفا بالإدانة وما تبقى للمحكمة هو مهر الحكم بختمها.
هذا بالضبط ما حدث مع الشاب ثابت عاصي. ويبدو أن محمد جمال الشاويش الذي أطلق سراحه في نهاية آذار (2017) بعد (11) سنة في السجن، كان ضمن من اعتقلتهم إسرائيل ووصل عددهم إلى (10) أشخاص متهمين بالمساهمة بشكل أو بآخر بعملية قتل الجنديين في رام الله في شهر تشرين أول (2000).
أمامنا قصة أغرب من الخيال مع الشاب ثابت عاصي، تكشف بشكل خطير انفلات هذه الأجهزة ضد فلسطينيين تدعي إسرائيل أنهم شاركوا بعمليات معادية لها. أو أرادوا تنفيذ مثل تلك العلميات.
في (27-10-2000) صدرت الصحف العبرية بعناوين ضخمة " الآن سمح بالنشر: القي القبض على الفلسطيني مع الدم على يديه"(أي ليس متهما) وتحت هذا العنوان المثير نشرت الصورة المشهورة والمؤلمة لشاب فلسطيني يرفع يديه الملوثتان بدماء الجنديين الإسرائيليين، اللذان قتلا في مركز شرطة رام الله، بانفلات مخجل لا نقبله كبني بشر رغم أن الاحتلال يرتكب ما هو أبشع آلاف المرات ضد شعبنا.
هل حقا هي صورة ثابت عاصي؟
نشرت صحيفة كان اسمها "كل هزمان" أن ثابت عاصي المقبوض عليه بعملية ليلية بارعة أودع السجن. السجانون مزقوا جسده بالضرب والتكسير، لدرجة أن الشاباك رفض تسلمه. نشر في الصحف أيضا أن قسم التحقيقات مع الشرطة فتح تحقيقا بعد أن وصلته معلومات عن "تصرفات مشبوهة" تتعلق بالتعامل مع المتهم ثابت عاصي، بتعرضه للضرب والتكسير من قبل شرطة السجون. رواية أخرى تقول أن الشكوى قدمها الشاباك الذي رفض استلام ثابت عاصي المضروب والمكسرة عظامه، حتى لا يتهم أفراده بعملية ضرب الأسير وتكسير عظامه. ورواية أخرى تقول أن الشكوى لقسم التحقيقات مع الشرطة وصلت من سجين شاهد الضرب والتكسير لعاصي ثابت.
كتبت "كل هزمان": في الساعة العاشرة حضر للسجن محققو الوحدة (وحدة التحقيق مع الشرطة) التابعة لوزارة القضاء، بدأوا بجمع الشهادات من رجال الشرطة الذين تواجدوا في السجن وقت الاعتداء على ثابت عاصي ، حسب كرتات العمل وصل المحققين إلى ما يقارب أل (50) شرطيا تواجدا في فترة الاعتداء على السجين ثابت عاصي، بينهم شرطة السجن والشرطة التي ترافق المعتقلين، دعي الجميع للتحقيق، تقرر فيما بعد إقصاء ستة رجال شرطة، حتى يتم فحص دورهم، وهم متهمون بالاعتداء ومخالفة النظم المعمول بها.
طبعا رجال الشرطة انتقدوا عدم الاهتمام بهم من المسئولين الكبار، و"حتى قائد المنطقة لم يهتم بنا ويأتي للدفاع عنا وأنهم يعاملون كمن أصيبوا بالجرب، يتجاهلون أنهم يشتغلون بعمل أسود وبظروف صعبة، وان هذا الوضع يجعل الكل يخاف من الكل" قال شرطي:" ماذا ينتظرون من رجال الشرطة؟.. أحضروا إلى هنا هذا الحيوان، في نفس اليوم سادت الفوضى في المناطق، الجميع كان ممتلئا (يقصد بالغضب).. هل توقعوا أن نقدم له فنجان قهوة وكعكة؟ صور اللينش في مركز شرطة رام الله كانت قوية، رجال الشرطة ردوا بطريقة انفعالية، دون تفكير زائد، التصرف مرفوض ولكن من الممكن فهمهم"!!
بعض رجال الشرطة قالوا:" عملوا من ذلك حكاية كبيرة، لكن هذا القاتل كل ما تلقاه بضع صفعات وضربة في الظهر"
أضاف شرطي آخر: "بأنهم حتى لم يوجهوه للعلاج الطبي" (ربما يقصد أن ضربه لم يوصله لخطر الموت).
شرطي آخر قال بواقعية: "ثابت عاصي تعرض لضربات قاسية جدا في كل أجزاء جسده، وكانت عليه علامات واضحة للضرب .. مزقوه بالضرب"!!
محامي الضابط المسئول عن السجن والذي ابعد عن وظيفته قال: "على المستوى القومي الحديث عن خطأ (يعني خطأ إبعاد موكله عن وظيفته)" وأضاف:"رجال الشرطة الفلسطينيين الذين نفذوا اللينش لم يبعدوا عن وظائفهم، إنما ازداد اعتبارهم، هذا المعتقل (يقصد ثابت عاصي) ما زال موجودا وحيا عكس الجنديين في رام الله".
جريدة "معريف" كتبت أن جيش الدفاع الإسرائيلي اعتقل ثابت عاصي الذي صور وهو يعرض بفخر الدم على يديه من نافذة قيادة الشرطة في رام الله ومن المتوقع أن تقدم ضده لائحة اتهام بالقتل ، وأضافت الصحيفة أن الناطق العسكري أعلن أن ثابت عاصي اعترف خلال التحقيق معه انه كان موجودا في مبنى قيادة الشرطة في رام الله، وحى انه رفس جثة احد الجنديين التي ألقيت من النافذة، وان الناطق أضاف:" سنلقي القبض على كل القتلة، حتى لو انتظرنا أشهرا أو سنوات، وانه تم نقل تفاصيل دقيقة للشرطة الفلسطينية عن كل المشاركين بالقتل وإذا لم تعتقلهم (الشرطة الفلسطينية) سنتصرف نحن".
الغريب ، ثم الغريب والغريب جدا، أن ما تبين يتناقض مع العناوين الضخمة والصورة وتأكيد اسم المتهم ثابت عاصي وكل نص الخبر من أول كلمة إلى آخر كلمة.
لا اعرف صحافة تحترم نفسها وقراءها، أو دولة تحترم نفسها وقوانينها، تسمح بهذا الانفلات الأرعن، وكيف يسمح الناطق العسكري لنفسه أن ينفذ هذا اللينش الإعلامي والجسدي ضد شاب تبين فيما بعد (رغم اعترافه الموقع والمسجل؟!) انه لم يكن موجودا في رام الله. ما اثبت ذلك أكثر نص كتاب الاتهام الموجه له، الذي ليس فيه أي ذكر عن اشتراكه بتنفيذ قتل الجنديين. أو انه صاحب الصورة التي يلوح بها القاتل بيديه الملوثتان بالدم، حسب الصورة المشهورة والمؤلمة. أي أن الصورة ليست صورة ثابت عاصي.
اطلعت على هذه التفاصيل في وقته من مكتب المحامي الموكل بالدفاع عن ثابت عاصي وعن مختلف الأسرى الفلسطينيين.
تشمل لائحة الاتهام ضد ثابت عاصي ثمانية بنود، يبدو واضحا ان التهمة "مُغطت" لأنها صغيرة ولا تشمل تغطية للينش الذي نفذ ضد ثابت عاصي في السجن وفي الصحافة ومن الناطق العسكري.. وهي كما يبدو ردا على تقديم دعوى بالقدح والذم باسم ثابت عاصي ضد الصحف التي أدانته وهو بريء، إلى جانب إعداد دعوى أخرى تطالب بالتعويض على ما تعرض له من ضرب وتكسير حوله إلى عاجز بنسبة كبيرة، ومن الأضرار الأساسية إصابته بالطرش وكسرين في فقرات ظهره.
جاء في لائحة الاتهام ضد ثابت عاصي:
1 - العضوية والنشاط في تنظيم غير مسموح. المتهم عضو نشيط منذ عام (1994) بمنظمة الكتلة الإسلامية التابعة لحماس ومشاركته باجتماعاتها.
2 – تنفيذ خدمة لمنظمة ممنوعة. التفاصيل انه اشترك باجتماعات ومظاهرات للمنظمة وساعد على تنظيمها وخوض الانتخابات الطلابية بجامعة القدس.
3 – قذف أغرض. اتهام بقذف الحجارة أو أملاك بهدف الإصابة.
4 – النشاط ضد النظام العام. اشترك بأعمال شغب في زمن انتفاضة الأقصى.
5 – قذف أغراض . نفس التهمة المذكورة سابقا.
6 – النشاط ضد النظام العام. نفس الكلمات السابقة تقريبا ونفس التواريخ.
7 – القيام بمهمة في منظمة ممنوعة. كان مرشحا للقائمة الإسلامية في الانتخابات الجامعية لجامعة القدس في رام الله.
8 - القيام بوظيفة ممنوعة. بإطار عضويته بمنظمة الكتلة الإسلامية كان عضوا في المجلس الاستشاري (الشورى).
القصص الأخرى التي سمعتها لا تقل غرابة عن هذه القصة- المأساة. كيف يمكن أن يكون السلاح طاهرا بأيدي ليست طاهرة؟ وبتفكير ليس طاهرا؟ وبفكر احتلالي لا يقيم وزنا لحياة الإنسان المحتلة أرضه وحريته والنتيجة أن الاحتلال يدمر أيضا أخلاق المجتمع اليهودي..!!
السؤال الذي يطرح نفسه: كم ضحية مثل ثابت عاصي ومحمد جمال الشاويش يوجدون بالسجون الإسرائيلية؟
nabiloudeh@gmail.com











  رد مع اقتباس
/
قديم 29-04-2017, 01:43 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي رد: يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة... أيام مع سالم جبران -2

الأخ نبيل عودة ،

كان بودنا أن تذكر أسماء الانقلابيين في الحزب والجبهة لكي يكون " التوثيق " دقيقا !!

مع الشكر .






  رد مع اقتباس
/
قديم 30-04-2017, 08:28 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نبيل عودة
عضو موقوف
افتراضي رد: يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة... أيام مع سالم جبران -2

شكرا للشاعر دكتور نديم حسين

كل شيء في وقته.. امهلت ولم اهمل حتى لا اجعلها حربا مع اصوليين فكرا وعقلا.. وعلى العموم محركي الانقلاب ليسوا مجهولين لمن عاش تلك الفترة






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط