العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-06-2013, 05:49 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


د. نديم حسين غير متواجد حالياً


افتراضي رؤية في نص أنا والقمر وكوب الشعر / روضة الفارسي بقلم د. نديم حسين

الأدبُ لا يوزَنُ بالكيلوغرام ولا يُقاسُ بالوحدات المِتريَّةِ . يُقاسُ الأدبُ بارتعاشٍ صاعِدٍ على سُلَّمِ الروحِ الريختريّ . تقرأُ .. تنتشي وترتعشُ روحُكَ حتي يصيحَ المستر ريختر : كفى ! ستكسِرُ درجاتِ سُلَّمي !!
والعنوانُ هنا يؤَنسِنُ القمر .. ويُجلِسُ الكاتبةَ والقمرَ قبالَةَ بعضهما .. ويضعُ كوبًا من الشِّعرِ فوقَ الطاولةِ .. هل الكوبُ فارغةٌ ؟ أم أنها ممتلئَةٌ ؟ سنرى .
وأنا منذ قراءتي للنصِّ الأول الصادر عن محبرة روضة الفارسي قلت : هنا تعيشُ أديبةٌ !!
تتميَّزُ بالوصفِ الدقيق والمشهَديَّةِ الرائعة التي تنقلك إلى قلب المشهَد ولا تدعُكَ مجرَّدَ مُشاهدٍ .. مُراقِبٍ .. قارئٍ .. وتتميز بالابتعادِ عن نقيصةِ الاستِقواءِ والإغواء التي وقعت فيها الكثيرات من أديبات العرب :
فإمـَّا الاستقواء برمزٍ أو حَدَثٍ أو قضيةٍ لها من الإجماعِ ما يغفرُ زلاَّتها الصياغيَّةِ ، وإمـَّا الإغواءُ عن طريق شَتمِ الرموز الدينية والدنيوية .. أو التطاوُل على ما أجمعَ الناسُ عليه من باب " خالِفْ تُعرَفْ " .. أو الغَوص في منطقة الجنسِ الفاضح بما لهذه الأمور من قوة جذبٍ للناس ، ما بين مادِحٍ وقادِحٍ ! إغواءٌ " يغفِرُ " ضحالةَ الكتابَة ورخاوة اللغة .
روضة الفارسي أديبةٌ يميزها انتماؤها الرائقُ للبيئة التي أنجبتها ، وبراعتها في نقلِ واقع هذه البيئة إلى الآخرين ، أي " نحنُ " معشر القرَّاء ، ذلك بطريقةٍ هادئةٍ مهذَّبَةٍ أمينةٍ ونظيفة !
وقد نال الشهرة " الواسعةَ " من الأديبات من لا ترتقينَ إلى مستوى ركبتيها !
" ما علينا " ،
روضة لا تُلقي الكلام على عواهنه .. ولا تلهثُ خلفَ المفردات البرَّاقَةِ ، فعندما تقولُ :
" تتقاذفُني سياطُ أشرعتي " .. فهي تعني أن أشرعتَها تُلهِبُ ظَهرها في طريقٍ بَحرِيٍّ للبحثِ عن " قمرها الإنسان " ..
تذهبُ الموجوعةُ إلى بلادِ ما بين البحر والقاعِ ، وهي بلادٌ مسحورةٌ مَقلوبَةٌ غيرُ صالحةٍ للعيش لملوحةِ الماءِ وصلابة القاعِ المكتظِّ بحطام السفن والأحلام الغارقة والعتمة والهياكل العظميَّةِ ..
ومن هنا ، من هذه البلاد المسحورةِ التي تكتفي بصورة قمرٍ منعكسَةٍ .. مالحةٍ .. غير حقيقية ، لا تملكُ سوى الصعودِ إلى سطحِ البحر علَّها ترى قمرًا بحجمه الطبيعيّ !
وتسمعُ وَقعَ أقدام نهرٍ غريبٍ ، وكل الأنهار الغريبة تذهبُ إلى البحر فلا تعودُ منهُ أبدًا .. تتسلَّقه طلبًا لسطحٍ ما ! وفي طريقها تسوحُ في بلادٍ من صُنعِ الخيال .. كل ما فيها مقلوبٌ رأسًا على عَقِبٍ .. : بقرات ، فراشات ، نخلٌ وإبلٌ .. سمكٌ يطوفُ الفضاء .. وردٌ يُزهرُ في السماء .. ونجمٌ يفترشُ الزبد .. ترى علاماتِ الحياةِ ولا ترى حياةً .. ترى مكوِّناتِ الكَونِ دونما كَونٍ ! ترى أشياءَ في غير مكانها الطبيعيّ .. ترى عالَما مقلوبًا .. يقفُ على رأسه !!
وهنا تستوقفني صورةٌ مَشهَديةٌ لا يقدِرُ على الإتيانِ بها إلاَّ مجنونٌ مثلي أو مجنونةٌ تونسيَّةٌ أجملَ مني جنونًا :
" يقبـِّلُ البحرُ أوتاري " ..
لقد تحوَّلت هذه الحورية إلى آلةٍ موسيقية بروحٍ وعقلٍ .. يقبِّلُ البحرُ أوتارَها .. وهنا أترك لمخيالكم أن يُحِسَّ ويفهم ويتقصَّى !!
وباحتفاليةٍ عاليةٍ ، لا يُشبهها إلاَّ شطحاتُ المدعو بيتهوفن في سيمفونيته التاسعة ، باحتفالية ضيوفُها البحر والأكوان والسماء والأقدارُ ، تُنهي الكاتبةُ نصَّها بقَمَرٍ مُلقًى في حضنها ، غيرَ مُكرَهٍ ، وكأني بكوب الشِّعر تلكَ قد طفحَت ، ففاضت عن جنباتها ألَقًا وسُكَّرًا !!!
كانت البلادُ مقلوبَةً ، فجاءت النهاية سَوِيـَّةً جميلةً .. جاءت بقَمَرٍ .. ولكن السؤال هنا هو : هل تمنحُ البلادُ السَويَّةُ في حاضرها السَويّ هذا قمرًا ؟!!!
كان بودي أن أقلِبَ الكرةَ الأرضيةَ على رأسها ، ليسقُطَ قمرٌ في حضن هذه الإنسانة الذكية المبدعة ، حتى لو سقطتُ فكسَرتُ رأسي !!!
روضة الفارسي ،
كتبتِ نصًّا وزنهُ ذكيٌّ وطولُهُ مليونَ نبضةٍ ، فشكرا لكِ أيتها التونسيَّةُ الرائعة !






 
/
موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:00 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط