بائع الجرائد..... - الصفحة 2 - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: رفيف (آخر رد :صبري الصبري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ أدب الرســالة ⊰

⊱ أدب الرســالة ⊰ >>>> إنصافا للوطن ..خطاب أدبيّ أطْلقَ سراحَ الوطنِ في الضّاد ..رسالة تنصف الوطن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-01-2017, 12:11 PM رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
عادل ابراهيم حجاج
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
فلسطين

الصورة الرمزية عادل ابراهيم حجاج

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 أمي ...
0 هند..
0 ازاي.
0 رحماكَ...
0 جرح ...
0 أبصرتُها...

عادل ابراهيم حجاج غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بائع الجرائد.....

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير محمد مشاهدة المشاركة
جسّدت مأساة حقيقية تدمي القلب والروح
في نص نبيل الرسالة
سامي الهدف والنبض
سلمت وسلم احساسك الأبي
وروحك السامق شاعرنا الوارف
وكل الود والورد

وماكتبنا الا من ألم ................ قصة وحدث
طفولة معذبة .لامستقبل لها ولا قبل لها بالحياة تتمنى الموت ..........
دمت بطيب المرور النقي د.عبير محمد






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-01-2017, 10:26 AM رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
محمد خالد النبالي
الإدارة العليا
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
مقرر لجنة الشعر في رابطة الكتاب الاردنيين
عضو تجمع أدباء الرسالة
نائب رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن

الصورة الرمزية محمد خالد النبالي

افتراضي رد: بائع الجرائد.....

نص لغته راقية وجدا رغم انه مؤلم
وهذا حال اطفال فلسطين بل العالم الأن
طفولة سرقت باكرا والمشكل
ماذا ننتظر منهم مستقبلا
تقديري واحترامي






  رد مع اقتباس
/
قديم 04-01-2017, 02:54 PM رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
عادل ابراهيم حجاج
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
فلسطين

الصورة الرمزية عادل ابراهيم حجاج

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 أمي ...
0 هند..
0 ازاي.
0 رحماكَ...
0 جرح ...
0 أبصرتُها...

عادل ابراهيم حجاج غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بائع الجرائد.....

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد خالد النبالي مشاهدة المشاركة
نص لغته راقية وجدا رغم انه مؤلم
وهذا حال اطفال فلسطين بل العالم الأن
طفولة سرقت باكرا والمشكل
ماذا ننتظر منهم مستقبلا
تقديري واحترامي

مرور أنيق واع على النص من الرائع الشاعر محمد خالد النبالي
دمت بطيب المرور






  رد مع اقتباس
/
قديم 20-02-2018, 02:41 AM رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: بائع الجرائد.....

بائع الجرائد.....
الله الله الله
ما أبلغ هذا العنوان حين اعتلى عرش ذائقتي..أخذته بعين العمق وبنظرة تأويل بعيدة المدى..وبعين أخرى سقطت على مأساة الطفولة حين تشردها غياب الإنسانية من معالمها المزهرة..
في هاتين العينين قرأت نصاً بارعاً يجرجر بأذيال الوجع بين سطوره ..وبأذيال الذل حين تقع معالمه على بيع الجرائد من جهة التجارة في الكلام وبيع الأخبار الكاذبة على منصة عربية هزيلة..
كان همّي من وقع نظرتي على بائع الجرائد أن يكشف ذلك الزيف المتجدد والمتناسل من حكام وساسة يتلاعبون بالحدث وفق مصالحهم المسمومة.. بما يتلاءم لبائع الجرائد من تأويلات عدة تندرج في جارور الوطن الجريح..لتعتلي دروب المصالح الذاتية على رقاب العباد الذين لا حول لهم ولا قوة..
فالعنوان وحده قصيدة..وحده سِفر اللغة المبيوعة بين زيف الأحداث..
عنوان نستطيع أن نفكك شيفرة بلاغته وما يرمي لمعالم المعاني من قوة..تحت ركائز وطنية تحمل أهدافاً عالمية بُغية الإستيلاء على الأرض من خلال واحة الحروف المتجعدة في زمن أغبر..
لذلك كان للعنوان تأويلات عدة تدل على براعة الكاتب وقدرته في استحضار معالم الحقيقة باستنساخ الأحداث وتطويعها في قلب المواطن العربي المقهور المتدفق من يباس الإنسانية ومن تمخض الحروب المكفوفة للإنسانية الحاصدة للأخضر واليابس..
يبدأ الشاعر لوحته الرائعة بقوله:

(عراف صغير تمنى
في عامه القادم )

(عراف صغير تمنى في عامه القادم)..
العراف كما هو معروف هو الذي يقرأ أحداث الغد..
فالعراف كما ورد في معجم اللغة العربية المعاصر هو
" عرَّاف :-
مُنجِّم ، مَن يدَّعي القدرة على كشف المستقبل ، متنبِّئ ، متكهِّن :- لم تتحقّق نبوءَةُ العرَّافين ، - فقلتُ لعرَّاف اليمامة داوني ... فإنّك إن أبرأتني لطبيبُ ، - مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَقْد كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ [ حديث ] .
فاستعارة كلمة العراف في موضع هنا كان بُغية استحضار المعنى الذي يرتجف في قلب طفل لم يذق بعد طعم الحياة ولذة الطفولة البريئة..
الكاتب استعان بالكلمات ( تمنى في عامه القادم) لتثبت معالم العراف الذي يقرأ أحداث المستقبل..والتي من صفاته الذكاء والمعرفة والعلوم المختلفة التي يقلبها بين راحتي ذهنه وفكره ليستخلص عصارة التنبؤ للمستقبل بناء على أحداث الواقع..ومن خلال صفحات الحياة التي يعيشها ويحللها بمنطقه القارئ للأرض ومستجدات الوقائع المتقلبة كل حين.. الكاتب استحوذ على كلمة عراف على لسان عراف صغير والذي يدل على الطفولة..حتى يوضح لنا أن الطفل العربي الذي يعيش تحت نصل الحروب والإحتلال إنما هو قد وصل لمرتبة عالية من الفهم لدرجة أنه جعله عرافاً يستطلع الأحداث والسياسة من خلال تجارته ببيع الجرائد ..وهذا كناية على وعي الطفل العربي ونخص بالذكر الفلسطيني الذي ما زال يعاني ذلك الإحتلال البغيض الظالم...
فالذكاء والتوظيف الدقيق للكلمة هنا من قِبَل الكاتب كان متقناً يتوافق مع شخصية طفل اليوم الأسطورة..
هذا الطفل العراف بواسع خبرته الحياتية وقراءته للأحداث التي نبتت من واقعه المؤلم..يتمنى الموت في عامه القادم..

( أن يرتله موت من سقف السماء
تدثر في عبث الحياة)

يا الله كم يستوقفني الوجع هنا..كم تجلدني هذه المعاني التي نمت من اجتثاث الإنسانية..
( أن يرتله موت من سقف السماء) يريد موت رباني من عند الله وليس على أيدي الظلمة والإحتلال..أن يموت طبيعياً بلا وسائل الحرب وإن كان الموت واحد..إلا أن الأسباب تتغير فيه..
الصور التي يرسمها الكاتب بليغة مؤثرة خرجت من عنق الروح وهي ترتل الوجع...
اندماج مطلق بين الألفاظ الدقيقة البارعة وبين المشاعر التي تحترق على جمر الألم..فاللغة تتحرك بانسيابية وعمق وفق سلسلة متدفقة من الجمال والسحر وما تشملها من وصف متقن يدل على حرفية الكاتب..
فالدقة في التعابير يوسع معالم المعاني ويوسع أجنحة الخيال وفق منظومة مدروسة تستجلب لب القارئ..ومن الدقة هنا حين يصف حال هذا العراف الصغير بقوله..( تدثر في عبث الحياة).. ما أبلغها من معاني جرفت معها كل الأحاسيس تحت وقع زخات القهر على هكذا طفولة عاشت تصارع الحياة بين رجفة عمره وسكبة دموعه من وهن..وكأن معالم طفولته فرّت من دفتر عمره والعيش الآمن...
عملية التدثر تعني غطاء الحياة له من بين أنامل العبث القاهرة والتي تعني أنه قد أضاع وقتَه فيما لا فائدةَ فيه..بلا هدف وبلا منهاج حياة آمن وبلا طفولة يعيش مراحلها كأي طفل في الحياة..
المعاني بليغة والعمق يقتص من الكلمات العذوبة..
يكمل الشاعر بقوله:

(كوله بين الضلوع
وضع قلبه في دفتر ورق
جناح عصفور ونصف غَرق)

الأوصاف تتدفق ببلاغتها وسحر ألوانها وألق إبداعها..حين يصف الكاتب هذا الطفل الصغير عمره الكبير فكره..بوضع قلبه في دفتر من ورق..الوصف هنا ينحت صخر القلوب الجافة لتترقرق إحساساً مع هذا الطفل اليتيم من السعادة والأمن الحياتي له..
فالورق قابل للتمزق والإحتراق..إسقاطاً على مشاعر الطفل وما يحمل من هموم ووجع..
(كان من حقه أرجوحة
وبالون لا يلقي اللوم عليه
اختار الرحيل
كصرخة بين نبضتين
فلا مكان هنا لغير الموتى
وبقايا طفل رحل
سار بلا أقدام)

أوصاف مشبعة بالألم..متلاحقة متدفقة متقنة جداً بارعة التشبيه يجسد الشاعر الواقع الملموس بحسه العالي المتدفق المتوافق المندمج ما بين الحس الداخلي والحس الخارجي لنحصل على لوحة فنية مذهلة..تصف ذلك الحرمان الذي يعيشه الطفل العربي اليوم..محروم من طفولته البريئة ..من اللعب في بيئته الآمنة..فلا لعب ولا بيئة آمنة يستطيع التنفيس فيها بمشاعره الطفولية ..حق اللعب الآمن محذوف من عمره..لا يعلق في فكره إلا الرحيل..
لأن حياته المأساوية فرضت عليه التفكير بهذه الطريقة ..

(عشرة أعوام
في قبضته
وردة كجرح غائر
على أكتاف عمر
نهايته رعد وبرق
كيف رحل !!!
حطاب تقوس
دفئاً
على وسادة أبدية
أم كريشة نورس أمطرها
القاتل دماً..........)

هنا اتضح عمر هذا الطفل الغريق بالأسى..عشرة أعوام وما فيها من جرح غائر بين ظلال عمره..كيف يصفه الشاعر من صفات الموت الدنيوي وهو يلتحف بعمر نازف لغبار الليل المعتم...
أوصاف من عيون الأدب الراقي وما أكثر ما حملت هذه الكلمات من وجع..
رحيل/ صرخة/ جرح غائر/ رعد وبرق/ حطاب تقوس/ القاتل دماً....
كلها كلمات موشاة بروح طفل يقتات الألم وهو يبيع الجرائد والأخبار الزائفة لكل الأجيال..كي يحظى ببعض أمل في الحياة..
يا لروعة ما تحت قبة هذه الكلمات البديعة البارعة..

(هراؤه
لا يحصي الموت
كبرياؤه الزائف أجهض المقل
غادرت أنفاسه
لتحلق في نهر فردوس وكوثر
سيفتقدك كفا أمك
على سجادة صلاة
تبسم...
فملح الأرض سيرسم لك أملاً
وحين الموعد
ستبللك مدائن المطر)

لم يتوقف شلال الجمال من حروف الشاعر وهو يصف ذلك الفتى الذي يودع الحياة على منصة القهر والتعب والهموم..
( كبرياؤه الزائف أجهض المقل
غادرت أنفاسه
لتحلق في نهر فردوس وكوثر)
كيف يصف الشاعر تلك القوة الجبارة الملتصقة في ذات هذا الطفل..كيف يصف لنا قوة تحمله وصبره بقوله: (كبرياؤه الزائف أجهض المقل ...غادرت أنفاسه)
قوته وكبرياؤه الزائف تجهض المقل..
كيف اختار الكاتب كلمة كبرياؤه الزائف..وهذا كناية عن قوة التحمل والصبر الذي يرتضعه الطفل من واقع مرير..
حتى أجهض المقل وترك الحياة ببصمة ألم وهو يوصي بأمه..الأم الأصل والأم الوطن..
طفل يوصي بأمه..وهو على موعد مع الفردوس الأعلى بعد أن حُرم من حقه في الحياة أن يكون مطمئناً منعماً ..
يلتقط الشاعر أوصافه من عنق اللغة العظيمة..ويفرشها على ديباجة قلمه الفذ..
لينهي لوحته الباذخة العميقة المعاني المندمجة بروح مشاعره وأوردة لغته العذبة..بقوله:

(كطهر هاجرت
ببراءتي
إلى منصة القديسين
فلا تخجلوا مني
سأتوقف عن بيع الجرائد
ولكن ....
أوصيكم بأمي
.....
من أي بياض أنا
سأكون من اليوم
أسفل هذا النص بلا لقب)

خاتمة بارعة مدهشة مذهلة..والتي جعل التوقيع أسفل النص وبلا لقب..
هذه اللوحة أذهلت الذائقة حيث تحسسنا مدى الصدق فيها ومدى الجمال المرصع على جبينها..
إذ تحمل تأويلات عدة بصور متعددة وأبعاد مختلفة ..كلها تصب في بوتقة هذا النسيج السحري البارع..
فللطفل العربي هنا أبعاداً ذهبت للبراءة والنقاء وقتل معالمه نتيجة تلك الحروب التي ساقها ولاة الأمر..واللعب والتجارة في جيل المستقبل الذي أصبح عمره في جيل الشيخوخة من كثرة ما يحمل من هموم وفكر ووعي..فالزمن والأحداث علمته الرجولة مبكراً ومفكراً عالماً ودرّبته فنون الصبر في فنون المحن وتعددها..
اللوحة تُعرض معالم الطفولة اليوم وأبعادها وطرق تمزقها ..
أما وما تعنيه الجرائد هنا..رسم قوت جيل الطفولة وهو يبحث بعرقه عن لقمة العيش ببيع الجرائد وممارسة العديد من طرق العيش للبقاء في وطن سال دمه وهطل دمعه...
وللجرائد دور في المجتمع ..نظرت إليها من باب السخرية والاستهزاء..بأخبار اليوم والأحداث التي تتم فيها المتاجرة في الحقائق والأحداث..إذ أصبح للأحداث التلاعب فيها والتداول بين أضعف البشر لتفاهتها وسوء ما فيها..واصبحت بين يدي الصغار يتاجرون بها ويبيعونها كناية عن الوعي الموجود بين طبقات المجتمع..وأصبحت الأخبار متناقلة بين جميع الأجيال..فالصغير يقرأها ويعي ما فيها..دليل على أن لعبة الكبار أصبحت ظاهرة للعيان..
....
الشاعر الكبير الراقي المبدع الأديب الفذ
أ.عادل ابراهيم حجاج
حرفكم كان عبارة عن تحفة فنية مورقة ..تدر علينا بالجمال والسحر من براعة قلمكم ومهارة نسجكم..
وفقكم الله لنوره وعلمه ولما يرضيه

جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/
قديم 20-02-2018, 08:19 PM رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
عادل ابراهيم حجاج
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
فلسطين

الصورة الرمزية عادل ابراهيم حجاج

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 أمي ...
0 هند..
0 ازاي.
0 رحماكَ...
0 جرح ...
0 أبصرتُها...

عادل ابراهيم حجاج غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بائع الجرائد.....

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
بائع الجرائد.....
الله الله الله
ما أبلغ هذا العنوان حين اعتلى عرش ذائقتي..أخذته بعين العمق وبنظرة تأويل بعيدة المدى..وبعين أخرى سقطت على مأساة الطفولة حين تشردها غياب الإنسانية من معالمها المزهرة..
في هاتين العينين قرأت نصاً بارعاً يجرجر بأذيال الوجع بين سطوره ..وبأذيال الذل حين تقع معالمه على بيع الجرائد من جهة التجارة في الكلام وبيع الأخبار الكاذبة على منصة عربية هزيلة..
كان همّي من وقع نظرتي على بائع الجرائد أن يكشف ذلك الزيف المتجدد والمتناسل من حكام وساسة يتلاعبون بالحدث وفق مصالحهم المسمومة.. بما يتلاءم لبائع الجرائد من تأويلات عدة تندرج في جارور الوطن الجريح..لتعتلي دروب المصالح الذاتية على رقاب العباد الذين لا حول لهم ولا قوة..
فالعنوان وحده قصيدة..وحده سِفر اللغة المبيوعة بين زيف الأحداث..
عنوان نستطيع أن نفكك شيفرة بلاغته وما يرمي لمعالم المعاني من قوة..تحت ركائز وطنية تحمل أهدافاً عالمية بُغية الإستيلاء على الأرض من خلال واحة الحروف المتجعدة في زمن أغبر..
لذلك كان للعنوان تأويلات عدة تدل على براعة الكاتب وقدرته في استحضار معالم الحقيقة باستنساخ الأحداث وتطويعها في قلب المواطن العربي المقهور المتدفق من يباس الإنسانية ومن تمخض الحروب المكفوفة للإنسانية الحاصدة للأخضر واليابس..
يبدأ الشاعر لوحته الرائعة بقوله:

(عراف صغير تمنى
في عامه القادم )

(عراف صغير تمنى في عامه القادم)..
العراف كما هو معروف هو الذي يقرأ أحداث الغد..
فالعراف كما ورد في معجم اللغة العربية المعاصر هو
" عرَّاف :-
مُنجِّم ، مَن يدَّعي القدرة على كشف المستقبل ، متنبِّئ ، متكهِّن :- لم تتحقّق نبوءَةُ العرَّافين ، - فقلتُ لعرَّاف اليمامة داوني ... فإنّك إن أبرأتني لطبيبُ ، - مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَقْد كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ [ حديث ] .
فاستعارة كلمة العراف في موضع هنا كان بُغية استحضار المعنى الذي يرتجف في قلب طفل لم يذق بعد طعم الحياة ولذة الطفولة البريئة..
الكاتب استعان بالكلمات ( تمنى في عامه القادم) لتثبت معالم العراف الذي يقرأ أحداث المستقبل..والتي من صفاته الذكاء والمعرفة والعلوم المختلفة التي يقلبها بين راحتي ذهنه وفكره ليستخلص عصارة التنبؤ للمستقبل بناء على أحداث الواقع..ومن خلال صفحات الحياة التي يعيشها ويحللها بمنطقه القارئ للأرض ومستجدات الوقائع المتقلبة كل حين.. الكاتب استحوذ على كلمة عراف على لسان عراف صغير والذي يدل على الطفولة..حتى يوضح لنا أن الطفل العربي الذي يعيش تحت نصل الحروب والإحتلال إنما هو قد وصل لمرتبة عالية من الفهم لدرجة أنه جعله عرافاً يستطلع الأحداث والسياسة من خلال تجارته ببيع الجرائد ..وهذا كناية على وعي الطفل العربي ونخص بالذكر الفلسطيني الذي ما زال يعاني ذلك الإحتلال البغيض الظالم...
فالذكاء والتوظيف الدقيق للكلمة هنا من قِبَل الكاتب كان متقناً يتوافق مع شخصية طفل اليوم الأسطورة..
هذا الطفل العراف بواسع خبرته الحياتية وقراءته للأحداث التي نبتت من واقعه المؤلم..يتمنى الموت في عامه القادم..

( أن يرتله موت من سقف السماء
تدثر في عبث الحياة)

يا الله كم يستوقفني الوجع هنا..كم تجلدني هذه المعاني التي نمت من اجتثاث الإنسانية..
( أن يرتله موت من سقف السماء) يريد موت رباني من عند الله وليس على أيدي الظلمة والإحتلال..أن يموت طبيعياً بلا وسائل الحرب وإن كان الموت واحد..إلا أن الأسباب تتغير فيه..
الصور التي يرسمها الكاتب بليغة مؤثرة خرجت من عنق الروح وهي ترتل الوجع...
اندماج مطلق بين الألفاظ الدقيقة البارعة وبين المشاعر التي تحترق على جمر الألم..فاللغة تتحرك بانسيابية وعمق وفق سلسلة متدفقة من الجمال والسحر وما تشملها من وصف متقن يدل على حرفية الكاتب..
فالدقة في التعابير يوسع معالم المعاني ويوسع أجنحة الخيال وفق منظومة مدروسة تستجلب لب القارئ..ومن الدقة هنا حين يصف حال هذا العراف الصغير بقوله..( تدثر في عبث الحياة).. ما أبلغها من معاني جرفت معها كل الأحاسيس تحت وقع زخات القهر على هكذا طفولة عاشت تصارع الحياة بين رجفة عمره وسكبة دموعه من وهن..وكأن معالم طفولته فرّت من دفتر عمره والعيش الآمن...
عملية التدثر تعني غطاء الحياة له من بين أنامل العبث القاهرة والتي تعني أنه قد أضاع وقتَه فيما لا فائدةَ فيه..بلا هدف وبلا منهاج حياة آمن وبلا طفولة يعيش مراحلها كأي طفل في الحياة..
المعاني بليغة والعمق يقتص من الكلمات العذوبة..
يكمل الشاعر بقوله:

(كوله بين الضلوع
وضع قلبه في دفتر ورق
جناح عصفور ونصف غَرق)

الأوصاف تتدفق ببلاغتها وسحر ألوانها وألق إبداعها..حين يصف الكاتب هذا الطفل الصغير عمره الكبير فكره..بوضع قلبه في دفتر من ورق..الوصف هنا ينحت صخر القلوب الجافة لتترقرق إحساساً مع هذا الطفل اليتيم من السعادة والأمن الحياتي له..
فالورق قابل للتمزق والإحتراق..إسقاطاً على مشاعر الطفل وما يحمل من هموم ووجع..
(كان من حقه أرجوحة
وبالون لا يلقي اللوم عليه
اختار الرحيل
كصرخة بين نبضتين
فلا مكان هنا لغير الموتى
وبقايا طفل رحل
سار بلا أقدام)

أوصاف مشبعة بالألم..متلاحقة متدفقة متقنة جداً بارعة التشبيه يجسد الشاعر الواقع الملموس بحسه العالي المتدفق المتوافق المندمج ما بين الحس الداخلي والحس الخارجي لنحصل على لوحة فنية مذهلة..تصف ذلك الحرمان الذي يعيشه الطفل العربي اليوم..محروم من طفولته البريئة ..من اللعب في بيئته الآمنة..فلا لعب ولا بيئة آمنة يستطيع التنفيس فيها بمشاعره الطفولية ..حق اللعب الآمن محذوف من عمره..لا يعلق في فكره إلا الرحيل..
لأن حياته المأساوية فرضت عليه التفكير بهذه الطريقة ..

(عشرة أعوام
في قبضته
وردة كجرح غائر
على أكتاف عمر
نهايته رعد وبرق
كيف رحل !!!
حطاب تقوس
دفئاً
على وسادة أبدية
أم كريشة نورس أمطرها
القاتل دماً..........)

هنا اتضح عمر هذا الطفل الغريق بالأسى..عشرة أعوام وما فيها من جرح غائر بين ظلال عمره..كيف يصفه الشاعر من صفات الموت الدنيوي وهو يلتحف بعمر نازف لغبار الليل المعتم...
أوصاف من عيون الأدب الراقي وما أكثر ما حملت هذه الكلمات من وجع..
رحيل/ صرخة/ جرح غائر/ رعد وبرق/ حطاب تقوس/ القاتل دماً....
كلها كلمات موشاة بروح طفل يقتات الألم وهو يبيع الجرائد والأخبار الزائفة لكل الأجيال..كي يحظى ببعض أمل في الحياة..
يا لروعة ما تحت قبة هذه الكلمات البديعة البارعة..

(هراؤه
لا يحصي الموت
كبرياؤه الزائف أجهض المقل
غادرت أنفاسه
لتحلق في نهر فردوس وكوثر
سيفتقدك كفا أمك
على سجادة صلاة
تبسم...
فملح الأرض سيرسم لك أملاً
وحين الموعد
ستبللك مدائن المطر)

لم يتوقف شلال الجمال من حروف الشاعر وهو يصف ذلك الفتى الذي يودع الحياة على منصة القهر والتعب والهموم..
( كبرياؤه الزائف أجهض المقل
غادرت أنفاسه
لتحلق في نهر فردوس وكوثر)
كيف يصف الشاعر تلك القوة الجبارة الملتصقة في ذات هذا الطفل..كيف يصف لنا قوة تحمله وصبره بقوله: (كبرياؤه الزائف أجهض المقل ...غادرت أنفاسه)
قوته وكبرياؤه الزائف تجهض المقل..
كيف اختار الكاتب كلمة كبرياؤه الزائف..وهذا كناية عن قوة التحمل والصبر الذي يرتضعه الطفل من واقع مرير..
حتى أجهض المقل وترك الحياة ببصمة ألم وهو يوصي بأمه..الأم الأصل والأم الوطن..
طفل يوصي بأمه..وهو على موعد مع الفردوس الأعلى بعد أن حُرم من حقه في الحياة أن يكون مطمئناً منعماً ..
يلتقط الشاعر أوصافه من عنق اللغة العظيمة..ويفرشها على ديباجة قلمه الفذ..
لينهي لوحته الباذخة العميقة المعاني المندمجة بروح مشاعره وأوردة لغته العذبة..بقوله:

(كطهر هاجرت
ببراءتي
إلى منصة القديسين
فلا تخجلوا مني
سأتوقف عن بيع الجرائد
ولكن ....
أوصيكم بأمي
.....
من أي بياض أنا
سأكون من اليوم
أسفل هذا النص بلا لقب)

خاتمة بارعة مدهشة مذهلة..والتي جعل التوقيع أسفل النص وبلا لقب..
هذه اللوحة أذهلت الذائقة حيث تحسسنا مدى الصدق فيها ومدى الجمال المرصع على جبينها..
إذ تحمل تأويلات عدة بصور متعددة وأبعاد مختلفة ..كلها تصب في بوتقة هذا النسيج السحري البارع..
فللطفل العربي هنا أبعاداً ذهبت للبراءة والنقاء وقتل معالمه نتيجة تلك الحروب التي ساقها ولاة الأمر..واللعب والتجارة في جيل المستقبل الذي أصبح عمره في جيل الشيخوخة من كثرة ما يحمل من هموم وفكر ووعي..فالزمن والأحداث علمته الرجولة مبكراً ومفكراً عالماً ودرّبته فنون الصبر في فنون المحن وتعددها..
اللوحة تُعرض معالم الطفولة اليوم وأبعادها وطرق تمزقها ..
أما وما تعنيه الجرائد هنا..رسم قوت جيل الطفولة وهو يبحث بعرقه عن لقمة العيش ببيع الجرائد وممارسة العديد من طرق العيش للبقاء في وطن سال دمه وهطل دمعه...
وللجرائد دور في المجتمع ..نظرت إليها من باب السخرية والاستهزاء..بأخبار اليوم والأحداث التي تتم فيها المتاجرة في الحقائق والأحداث..إذ أصبح للأحداث التلاعب فيها والتداول بين أضعف البشر لتفاهتها وسوء ما فيها..واصبحت بين يدي الصغار يتاجرون بها ويبيعونها كناية عن الوعي الموجود بين طبقات المجتمع..وأصبحت الأخبار متناقلة بين جميع الأجيال..فالصغير يقرأها ويعي ما فيها..دليل على أن لعبة الكبار أصبحت ظاهرة للعيان..
....
الشاعر الكبير الراقي المبدع الأديب الفذ
أ.عادل ابراهيم حجاج
حرفكم كان عبارة عن تحفة فنية مورقة ..تدر علينا بالجمال والسحر من براعة قلمكم ومهارة نسجكم..
وفقكم الله لنوره وعلمه ولما يرضيه

جهاد بدران
فلسطينية
وهل أنا الا قلم جار........ مثل دمه
جرى علينا القدر أن نكتب الألم ونجتهد
شكرا على رقي لم أعهده على تناول نص من نصوصي هنا في الفينيق
شكرا ملء الجفون علو السماء
مساحات الكون .أديبتنا جهاد بدران الرائعة






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:22 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط