|
⊱ قال المقال ⊰ لاغراض تنظيمية يعتمد النشر من عدمه بعد اطلاع الادارة على المادة ... فعذرا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
13-01-2023, 03:45 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الفلسفة والادب والعلاقة بينهما
الفلسفة والأدب والعلاقة بينهما
حواس محمود موضوع العلاقة بين الفلسفة والادب والتداخل والتفارق بينهما موضوع مهم وحساس ويحظى باهتمام النقاد والباحثين والأدباء والفلاسفة ، وهو لا يخلو من المتعة الفكرية والتشويق المعرفي ، يمكننا تناول هذه العلاقة ونشير الى وجود نصوص أدبية بمضامين فلسفية ونصوص فلسفية بلغة وأسلوب ادبيين الفلسفة تهتم بالسؤال عن الكون والناس والموجودات و القيم والعالم وتناقش الأسئلة الوجودية الكبرى ، الموت، والحياة ، السلم ، والحرب، التفكير، والنفس ، والتحولات السلوكية الكبرى ، منذ اكثر من عشرين قرنا الى يومنا الراهن ، والخطاب الفلسفي يميل الى النقد والعقل ، ويبتعد عن الخيال والاحاسيس كما الادب . اما الأدب ، فهو أحد اشكال التعبير الإنساني عن أفكار وأحاسيس وعواطف الانسان بأسلوب نثري أو شعري ،على شكل مقال او قصة او رواية او خاطرة او مسرح ، وتختلف المدراس الأدبية حسب المراحل الزمنية لتطور المسيرة الأدبية عبر العصور العلاقة بين الفلسفة والادب / العلاقة بين الفلسفة والادب هي علاقة غير ودية منذ بدايتها خاصة مع افلاطون الذي اعتبر الشعر ايهاما وثورة على الأخلاق ، فكان بذلك افلاطون – ان صح التعبير – أول من وظف النقد الأخلاقي ، فهو يرى في القصائد التي يكتبها الشعراء انها تحتوي على معرفة وهمية لا تتطابق مع الواقع ، ويستشهد في ذلك بقصائد هوميروس وهيزيود ، وانهما يرسمان الالهة باعتبارها ساخرة وساحرة لاهية وعابثة ، بل وخليعة أيضا لا تهتم ابدا بما يقع في العالم المحسوس ( 1 ) في القرن العشرين استمرت النظرة المضادة للأدب رافضة أي تطابق بين الفلسفة والأدب ، وقد طرح بواس في محاضرة له بعنوان " الفلسفة والشعر " هذه النظرة بصورتها الفظة " تكون الأفكار في الشعر عادة ممتهنة وغالبا زائفة" فيما كان يرى ت . س ايليوت انه " لا شكسبير ولا دانتي قاما بأي تفكير حقيقي" ( 2 ) إلا أن الفيلسوف الألماني " نيتشة " قد اختلف عن غيره من الفلاسفة عندما أشار في كتابه " ولادة التراجيديا " ضرورة أن تتخلى الفلسفة عن التفكير المنطقي الصارم وأن تعود إلى ناحية الوجدان الذي يتمثل في أسلوب السرد الروائي كما دعا الى حل هذه المعضلة من خلال " العودة الى ما يعتمل في أنفسنا من عناصر بدائية للإرتشاف من نبع العاطفة.. حتى ولو أدى ذلك الى تحطيم الفكر التحليلي " ( 3) وكان مارتن هايدغر قد حاول ربط علاقة وطيدة بين الفلسفة والشعر عن طريق إحداث روابط بينهما ، والوقوف عند القواسم المشتركة بين الفلسفة والادب والقاسم المشترك بينهما في نظره هو اللغة ، لأن الشعر والفلسفة يؤسسان وجودهما بواسطة اللغة ، ولهذا يؤكد ان الفلسفة والادب مرتبطان ارتباطا وثيقا ، والعلاقة بينهما علاقة عشق ابدي، علاقة حب حارق ، يجعل كل منهما عاجزا عن العيش بعيدا عن الآخر ( 4) وهناك من يشير الى أن الفيلسوف هو صانع الحقيقة والاديب صانع االوهم ، ويمكن القول أيضا أن الأديب فيلسوف والفيلسوف أديب اذ أن الفيلسوف بـتأملاته ومنطقه ينتح أدبا غنيا بالمعاني والدلالات والايحاءات والحكم ، والاديب اذا افسح المجال لأفكاره فانه ينتح نصا أدبيا بمضامين فلسفية عميقة ومفيدة فكريا ، كما أن هناك فلسفات تعرض بشكل أدبي ، وأعمال أدبية زاخرة بالأفكار والتحليلات الفلسفية ويقسم الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن اللغة الى قسمين : الأول هو الكلام العباري والثاني هو الكلام الاشاري( 5 ) ، فالفلسفة تعتبر كلاما عباريا والادب كلاما اشاريا وبحسب طه عبد الرحمن :" فإن كلا من الفلسفة والأدب يختلفان فيما بينهما بمقدار نصيب كل منهما من هذين القسمين البيانيين المتعارضين : العبارة والإشارة أو " قوة العقل وقوة التخيل " ، وهنا لا يذهب طه عبد الرحمن الى الفصل بين الاسلوبين فصلا تاما ، بل يشير الى ان كلا من الفلسفة والأدب يشتملان على هذين النوعين من البيان معا ، إلا أنه وبينما تنال الفلسفة قسما أكبر من البيان العباري فإن السرد الادبي يحظى بالقسم الأكبر من البيان الاشاري " ( 6 ) وفي " الفكر المعاصر لم يعد الأدب يتضمن تأملات فلسفية او الفلسفة تأخذ صيغا أدبية ، بل اندمج الأدب بالفلسفة ووحدا صفوفهما في حلف متين لإعلان كرامة الانسان ، فأول مظهر من هذا اللقاء هو ما كشفت عنه فلسفة هنري برجسون " ( 7 ) النتاج الفلسفي الادبي / هناك العديد من الفلاسفة الذين صاغو أفكارهم وتصوراتهم الفلسفية الخالصة بحيث تبدو في اسلوب ادبي ، فالجاحظ - على سبيل المثال لا الحصر- كان يعرض أفكار المعتزلين في قالب شعري ، كما ان ابو حيان التوحيدي قد لقب ب أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء ، وفي الجانب الآخر أدباء تضمنت نصوصهم معاني وأفكار فلسفية جلية ، ونذكر هنا : ابو علاء المعري والمتنبي وابو تمام ، الذين زخرت نتاجاتهم الشعرية بألوان من الفلسفة وضروب من الحكمة وأنواع من المعرفة الفلسفية والحياتية الهامة ، ويشار الى باولو كويليو الذي تميزت كتاباته بالأسئلة الوجودية ، وغابرييل غارسا ماركيز في مائة عام من العزلة وروايات أخرى ، ومارسيل بروست في" البحث عن الزمن المفقود " والروائي هيرمان هيسه في " سد هارتا " والكاتب اليوناني نيكوس كازنتزاكي في روايته " زوربا " ودويستويفسكي في " الجريمة والعقاب " وحبران خليل جبران في كتابه " النبي " و" الاجنحة المنكسرة " و جوستاين غاردر في " عالم صوفي " وهناك بعض الاعمال تتواجد في المنطقة العازلة بين الادب والفلسفة والمشكلة تزداد تعقيدا حينما نلاحظ " أن أكبر الأعمال الأدبية وأكبر المذاهب الفلسفية تتموقع في منطقة الحدود تلك ، وعلى ذلك الأساس ينشأ الزعم بضرورة الفصل والتمييز بينهما ، مما يحول العلاقة بين الأدب والفلسفة الى علاقة إشكالية بامتياز ، اللهم إذا كنا مستعدين لنبخس قيمة أعمال مفكرين كبار من قبيل خطاب في المنهج او التأملات وأعمال باسكال ، وموليير وكوريني وروسو وفولتير وديدرو والقائمة طويلة ..فهناك أعمال أدبية تعج بالتحليلات الفلسفية يتم عرضها بشكل ادبي " ( 8 ) وختاما يمكننا القول : تتقارب وتتباعد خطوط التماس الإبداعية بين الأدب والفلسفة حسب قدرة الكاتب وإمكاناته الفكرية والأدبية على مزج الادب بالفلسفة او الفلسفة بالأدب ، أو بتعبير آخر كتابة الفلسفة بلغة أدبية وكتابة الادب بمضامين فلسفية . الهوامش / 1- مستور صابر " إشكالات العلاقة بين الفلسفة والأدب " موقع الحوار المتمدن 1-6-2012 2- محمد يوب " أدب .. فلسفة أي علاقة " القدس العربي ابريل 2015 3- بين الأدب والفلسفة أي علاقة موقع الجزيرة نت – فريق التحرير مجموعة محررين 23-1-2017 4- محمد يوب – مصدر سابق مذكور 5- بين الادب والفلسفة أي علاقة موقع الجزيرة نت مصدر سابق مذكور 6- بين الادب والفلسفة أي علاقة موقع الجزيرة نت – مصدر سابق مذكور 7- اللقاء بين الأدب والفلسفة في الفكر المعاصر -دعوة الحق – العددان 108 و 109 ) 8- إشكالية العلاقة بين الفلسفة والادب – موقع مغرس الالكتروني – حسن لشهب 10-8-2009 ............................. حواس محمود / كاتب وباحث مقيم بالنرويج |
|||
28-01-2023, 08:11 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: الفلسفة والادب والعلاقة بينهما
شكرا لكم على الطرح الراقي
كل الاحترام
|
||||
|
|
|