حروف بلا أرصفة

[يزن السقار]

في مياه عينيكِ
كل تفاصيل الشِعر مشدوهة
و مذبوحة كل خيول المعاني
بحدِّ سيوفهما
و الشاعر المسكين على ضفة المجاز واقف
يطبب المقتول
و يمسح الوعي بكامل لهفته

[يزن السقار]

ابتسمي
تساقط النجمات إلى جذع السهر
ابتسمي
اشتهي صيد تلك النجمة

[يزن السقار]

كل الحقائق زائفة
خارج وقتها
الأشجار معطاءة حتى الخريف
الكاشف الزيف
البريق
ذائب فوق احتمال الوقت
الصولاجان
قطعة أثرية في المتاحف حين ركض العصور
الحقائق حقبة لا تؤمن بالأزل
وجه يسيل بعد فصل و نيّف

[يزن السقار]

نائم على فكرة العجب
ناظر إلى وجهكِ المرسوم على سقف البال
أغرف المعنى من دنّ اللو
وأشرب الخيال حتى يثمل الصبح
لا عصفور على الدالية
و الزقزقة لحن الضياء
وحدنا خارج الاحتمال
قيدي و جناح نونكِ
بئري و ماء السماء
عطركِ و أصابع الحواس
الرواية مخملية الحدث
والعجب شمعة في وجه الريح

[يزن السقار]

مثل شجرة في أعلى الجبل
أحاور الريح
يدهشني ما تحمل الريح
يوقعني في الخجل
تحمل ما تحمل دون حفظ لأسماء الفاعلين
كأنها تقول لا مِنّة لي على ذا
خليط عامر من الآهات و الضحكات و أسرار السفر
صفير هدير و صرخات مكبوتة
عطر تساقط ذات لقاء من شدّة الاحتضان
و أخر فرّ من كفره بالتداني
تحمل ما تحمل و تحاورني مثل كمان
خلع التعب و تجلّى
تحمل إرثي و تترك اسمي يرفرف خلفها مثل نداء
مثل شجرة في أعلى الجبل
ابني علاقة وطيدة بالهناك
كيفما أدرت وجهي أراه
ألوح له
دون أن أعرفه
كل ما أعرفهُ أنه يشعل فكرة المسافة بي
يلوح
لي أو ليس لي لا فرق عندي
الفكرة في صدى الأفعال
يا الهناك هات أول الرواية
و خذ خمس أصابع عاجزات عن الناي
و خمس مُلْهفات بالشغب الثوري
هات لون الشغف المبلل بالمحال
و خذ لون القصيدة القمحي
هات أحداث الدالية
و خذ كمشة من عطشي و قدح مجاز فاخر الزجاج
مثل شجرة في أعلى الجبل
كلما سكن المدى
تجمدت ملامحي
و تعثّرتُ بخيال حطّاب فقير

[يزن السقار]

كم من لغة عليَّ أن أُسقط
حتى أفهم فصلك الخرافي
كم من أبجدية
على الخيال أن يجهض
حتى أخرج من جغرافيا رحيقك ِ كاملا
بلا بترٍ في سواعد الدهشة
كم من شفة عليّ أن أقضم
و أنا أقول
يا إلهي كيف أنتِ

[يزن السقار]

لو لم أخض عينيكِ
لكنتُ الآن طائرا بعشر أجنحة و أغنيتين
و لي حوار مع الغيم يشتي متى شاء
و علاقة سرية برأس الشجر
و مجنونة لهجة المسافات
لو لم أخض عينيكِ
لسبرت غور البحر دون هوادة
و سبحت بكامل ملابسي في المجازات
لشويتُ الموج على وقع كمنجاتي
و دعوت الليل و قهوتي على العشاء
لو لم أخض عينيكِ
لأخذتُ براءتي من القصائد و اللغات
و درتُ في شوارع الكلام أخرس
لا نبيذا في أروقة الخيال
و لا صباح يزاحم الفكرة
و لا رشد غاب في الفضاء
و لا لذاذة تذبح الدهشة

[يزن السقار]

لا شيء يُذكر
شاعر يرتمي في سلة الماء
و يراهن أن لا بلل
يهز غيم الخيال
كي يشتي المجاز
يخطف قطيعا من خيول الجمال
و يمسح مرآة الكون
تحدري من نبيذ الذاكرة
أو اخرجي من طينة الحكايا زهرة تهزم الوقت بعطرها
أو لهيبا يحرق أصابع الياليت

[يزن السقار]

بسذاجة شاعر يحلم بأكثر من الحياة
ألقي القصائد في مائكِ
لأبلل وجه الكون
و أشرب العطش على مرأى الجمال
علّي أغير نكهة في الطريق

[يزن السقار]

ليس ثراءً في معرفة الريح
و لا بهلوانية في الجسارة
إنها مشاوير لتدريب أقدام الأحلام
أتكئ فيها على طين المعنى
وأكتشف الضائع من مرآة الأفق
هكذا أنفق الفراغ دون عطر شرس

[يزن السقار]

ليس تعبا في الفكرة
ولا سهرا في ليالي اللغة
تلك الهالات السوداء تحت عين المعنى
إنها رماد احتراقي
كلما عنَّ على بال البال رحيقك
و كفوف الحواس مقيدة بخيط المسافة
كلما توهج الندى في جغرافيا نونك
و استفاق صبحي على لحن الجفاف
كلما أزهرتِ في حدائق الخيال
و خطفتكِ القصيدة مني
كلما نضجت دالياتكِ الشاهقة
وتغرغرتُ بحصرم اللو
كلما أضاء قمحكِ شهية المساء
و بقيت أناور الشمعة على عتمي

[يزن السقار]

أجترّ من خزائن الأيام قهوتي
و أجلس على أول القطار
أدخن ذاكرتي على مهل
لا ألوّح للغد
يداي مشغولتان بترقيع قميص الأمس
و فصل خراف الأحلام عن ثعالب الطريق

[يزن السقار]

أحاور الوقت عن سر الوصول
يرتعش في مخيلة النبيذ ضوءكِ
و يميل نحو اخضرار الرحيق نبضي
ليس انتظارا
فأنا ابن اللحظة
ينحتني الماء على مزاج الطقس
الكمان يمين الغيم
و الناي ابن الجهات الغائبة
لا رقصة للمجاز
وحدها البلاغة تقرع الطريق
وتقول للمفردات من هنا
لا
من هنا

[يزن السقار]

ككل النهمين في واح القصيدة
أقرأ وجهكِ على شغف
و أفتح شهية الأحلام على اتساعها
أتلصص على طقس الأريج و تضاريس الزهرة النائمة
أقضم ما تبقى مني
و أعود إلى أول النهم

[يزن السقار]

مذ عينيكِ و أنا أدعي الثقافة
أقرأ المجهول و رموز الإشارة
أعرف طالع الطقس و هياج الموج
أقدّر كُنه المسافات و مواعيد العودات المحالة
أستقرئ الهناك ونشوة الهنا
أتعمّق في اللغات اللاصوتية
و أكتشف كيف يولد شاعر
و يشنق ملهوف

[محمد داود العونه]

حروف بلا أرصفة..
كما القلوب لحظة تتساقط ذكرياتها
كأنا..
.حينما أشتاقك فلا أجد دربا!


الشاعر القدير/ يزن السقار
لا أجاملك إن قلت لك بأن عنوان متصفحك قصيدة في حد ذاته
قلوب بلا أرصفة... أعجبني العنوان كثيرا
أتابعك... بشغف
دام مرادكم ...
وكل الاحترام والتقدير

[يزن السقار]

حالم كهذا الطقس
شتوي مائل بدواخلي للصيف
متعمق باشتهاءات الربيع
ناظر إلى شدو الخريف
رطب حار
ألاعب الريح و السكون
متمرغ بالفضول إلى ما بعد هنيهتين
شاهق التوقع
دنيّ الاحتمال
خليط من المحال و المحال
في قبضتي بهارات
و في البال فنجان قهوة
و عين عصيّة على القراءة

[يزن السقار]

كلما فكرت في جر البحر إلى أول الليل
أربكتني هجرة النوارس
حديث النبيذ في عينيكِ
و بصيرة الموج عند الغرق
أرجأتُ فكرتي
و انشغلت بغسل الأحلام
و طوابير الشوق على نوافذ العطر الشقي
و أقصر طريق إلى دن الشفاه

[يزن السقار]

الشعر أن تبكي وحيدا
بين الفواصل و النقط
تمسح الشهقات بالمَحْوِ حينا
و حينا تمسحها بالصور

[يزن السقار]

لست نحاتا
كل ما في الأمر عازف خيال
أجرجر خطيئة اللحن إلى جسد المعنى
يكتمل شغب القدح
و أعشق نخب انهزامي

[يزن السقار]

طاعن في اللاشيء
أحبو في نشوة الأشياء
اكتب في الليل على جدران الأحلام اعترافاتي
و في الصبح أفقد إصبع
2
أين الذي كان و أين الذي لم يكن
كينونة ثملى
و الكل في عجب
يا صاحب الليل
إن الرأس في عطب
قد هزه التظليل و أضناه التعب
لا شيء واقف في مكانه
ذالك مقلوب
و ذاك وثب
3
أغني مثل عاشق
مسح كسل الفراشات عن قلبه
و غاب
4
كل النوارس التي قطفت
من حضنك زهرة جاردينيا
لم تعد قط تلامس أرض
5
متى أنجو من جهل النجاة و الغرق
أتقن لغة العيون
متى أكون نجيبا في فهم المدى و لسعة اللون الشرس
6
الجميلة من تنبش السكات
قدحا قدحا
تعبث بطعم الجنون و فؤاد الوقت
و تشعل على مهل قناديل البال
نبيذا نبيذا
7
لا شرفة للبحر
حتى يطل قلبي السابح في ملكوت الضباب
على فجر غزلانك البرية
غزلانك الـ هجرت غابات الصمت
و أنشدت بكل دهائها لحن الموانئ العصية
غزلانك الـ تمكر بصيف أغنيتي
و تفرد جمالها أهزوجة دفء خريفية
8
أشمّ في طلوعكِ رائحة الحواري العتيقة
الحواري الـ أضعتُ فيها صغار الفؤاد
و تعلمت إسرار المسير الشقي فيها
أرى في طلوعك منتهاي
و قطفة من عشق يتممني في الضياع
أرى حرير الكلام و صهللة المدام
و تعب عفيّ يغازلني
9
يمتد النداء من عينيك الى موتي
لا قشة في المدى إلا القصيدة
10
تعالي نتسوّل قطعتين من الأحلام
و نعدّ من أجوبة المدى أرغفة لصبح الجائعين

[يزن السقار]

كيف استطعت بكل براءة يا فارسي
أن تخطف القلب بلا صوت
و أن تمزّق قيمة الأشياء
وتترك الفراغ يأكل هامتي
الحزن ينهشني بلا بكاء
حتى البكاء بلا صوت بلا دمع
نشيج يمزق صولة الأضلاع
لم أقنع قبل أنك قد تعيش بدون قلب
أن اللون مسروق مثل الهواء
و أن الأشياء بلا أشياء
وأن الكلام حسيرٌ مكبّل ٌ
بلا وعي لا يعرف المعنى
ولا يمس الجوى
هواء في هواء
كيف استطعت يا فارسي
أن تغيب بكل ضحكاتك
بكل حرونك المتحفز القافز
بكل أسئلتك المجدولة بفلسفية الكيف و المتى
الخجولة باللماذا
القانعة بأنصاف الإجابة
و الرجاء و الأمل
كيف استطعت يا فارسي
أن تترك الجرح ينهش بعدك
و الصدر يضيق بعدك
و النبض ينزوي في أضيق نقطة وحيدا بعدك
كيف استطعت يا فارسي
أن تنتهي من يبننا
و تترك كل ما فينا
وليس ما فينا
أن يلهج بك بعدك

[يزن السقار]

متلعثم هو الحديث
وديع كأن جدارا عنّفه
فخاف من الجدار و من الطريق
لا هو ماض
و لا مطفئ الحريق
مكبوت كأن ثِقَل الأيام جاثمة على صدر معناه
فلا هو مدرك المعنى
ولا هو منه مغتسل
شيء يضوج في الجوى
لا منفذً له
ولا هو قانت
يؤلّب الخواطر كيف له أن يؤلبا
تَعِبَ التأليب
و الحريق مشتعل

[يزن السقار]

لازال في المعنى اتساع
افرد هديرك
و ادخل في حوار الرمل و الموانئ و السفر
اخلع زوايا التأويل
اللب ضدان و غرق
لا هدنة لذراع العوم
العيش قدر
ميناء تلو ميناء
تلويحة تلو سفر
و المعنى رخوي يحوز البرد و صيف اللحن و الحذر
افرد هديرك
لازال في الغد غد
و في الجرح دم
و في عمر الكمنجات وتر

[محمد داود العونه]

(لازال في الغد غد
و في الجرح دم
و في عمر الكمنجات وتر)

ما زال في القلب متسع لذكرى..
.
.
. ما أجمل ما قرأت هنا..
كل التقدير والاحترام شاعرنا القدير / يزن السقار
.
. كل الحب..