ابتسامة نخلتي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :أحلام المصري)       :: نكوص (آخر رد :أحلام المصري)       :: الثمن..//فاتي الزروالي (آخر رد :أحلام المصري)       :: عبير (آخر رد :أحلام المصري)       :: الوطن ...أرقام! (آخر رد :فاتي الزروالي)       :: وجبة (آخر رد :فاتي الزروالي)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: هل تحب الليل؟ (آخر رد :فاتي الزروالي)       :: في منتصف الحب (آخر رد :فاتي الزروالي)       :: وحيد بين عيدين - محمد البكري (آخر رد :فاتي الزروالي)       :: عين الكاميرا (آخر رد :فاتي الزروالي)       :: بأعلامنا التحفي (آخر رد :فاتي الزروالي)       :: معايدة للجميع وغزة في الطليعة (آخر رد :فاتي الزروالي)       :: بائسة (آخر رد :زياد السعودي)       :: إحداثيات* (آخر رد :زياد السعودي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-06-2022, 12:46 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي ابتسامة نخلتي

ابسامة نخلتي

ذات شتاء شديد البرودة كان الفتى الجلجامشيّ منعم أبو فرات يقلّب البوم الصّور في ليلة ليلاء وقد أصابه ارق مؤرّق بعد يوم متعب من العمل .
فنال نفسه بعض ألم وهزّه الحنين هزّا لاستحضار اقسى ذكرياته الّتي صدمت قلبه وغيّرت كل مجريات حياته
ومضى في البومه بين الوجوه الاليفة الحنونة الودودة في لهفة حنين وانين الصامت الصبور الصامد يطوي الورقة تلو الأخرى .
فتارة تسّاقط من عينيه دمعتان عزيزتان وطورا يضرب الارض بقدم يؤرجحها من السرير على بلاط غرفة النوم التي حملت في كل أرجائها أسرار الحب والولادة والحياة بافراحها واتراحها ،واحيانا كان يضرب بيده
راس السرير لالم المّ به وبرأسه ويفرك جبهته بين يديه ،فيتضاعف ألمه حين كان يذكر تلك اليد الحنونة التي كانت تبسمل وتقرأ ايات الشفاء وهي تبعد عنه الوجع. وتتالت الايام في دعة وراحة بال ولكن
"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" فقد انكسر الامل بالالم منذ ذاك اليوم المشؤوم ،فّمنذ ذاك اليوم المدلهمّ
ما أحسّ براحة ،منذ ذلك اليوم القاسي ما ابهرته ولا أسرته مباهج الحياة والوانها
ولا تذوّق بعد ذاك اليوم الشّديد القسوة الصّعب لذيذ شاي ولا قهوة ولا طعام ولا زارت شفتيه بسمة سوى لسخرية او استهزاء من الزمن اللعوب.
فكل حركة وكل همسة وكل طعم وكل رائحة وكل ملمس زهرة او شجرة وكل زقزقة طير او هديل حمام كانت مختلفة عما كانت عليه من قبل ،وكل الوجوه كانت تبدو كأنها وجه ذاك الملاك المسافر للأّاقاصي ،فكنت تجده يعيش في الماضي أكثر مما في الحاضر وـأحيانا تختلط الأزمنة في ذاكرته وأنه فتراه يتوقّف عند وجه هذه
أو تلك عساه يرى فيه شيئا من ملامحملاكه اوبريقا من عينيها أو لفتة من نظرتها أو هي هي ذاته قد تمر به في ومضة من زمن وتطل عيه من هنالك الهنالكزززلا لا ثم يهتز ويعوذ للحظته الواقعية متسائلا في صمته لا ليست هي اين هذة من ملاكي يهمس داخله
ليس هذا ببياضها الحليبي الطفولي ولاهوسواد عينيها ولا تلك استدارة محياها ولا ذاك ضوء خديها ..
يعود للحياة ولكن عودة بلا طعم ولا مشاعر تحس بدقائق الامور كما كان من قبل
كل التفاصيل الدقيقة وأصوات البيت وضجيج السوق ...كل شيء حتى بعض الغضب او بعض الهدوء ...كل شيء كان حمّالا للذكرى حتى أنفاسه وتنهيداته وأهاته الصامتة الأسيرة التي كان يختنق بها صدره ويخفيها عن الجميع والتي كانت تنفضح وتفضحه في لهيب سجائره المتلاحقة المشتعلة سيجارة من سيجارة .
كل شيء كان يذكّره بما فات من عيش مبتسم دافئ رغم ما واجهه من زلازل وأحداث جسام بعثرت السكون والهدوء وحولتهما صخبا وضجيجا وصراخا تبثه القنابل والصواريخ الفتاكة والطائرات النفاثة لسموم الجشع والابتزاز والسطو والغطرسة وهي من أبشع البشاعات راى خلاها كل ما يحمله البشر من شر لتدمير اخيه الانسان بل تدمير الطبيعة كلها تحت حصارات وحروب واحتلال ثلاثيني تقوده امريكا
ورغم ما كان من حصارات و صراعات حروب فقد ثبت ذاك اليوم ثبوتا في روزنامة احزانه كما ثبتت ايام الجمر واقهر والفوضى الخناقة .
لقد رأى بامّ عينه عائلات باسرها تمحى وعاش أوقاتا صعبة جدا تحت احتلال شرس لعين مجرم سفاح ظلوم متوحّش دمويّ.
فكم طعن في كتفه بسلاح الجندي الامركي الذي كان يقتحم عليه غرفة نومه مرارا ليذله او يهدده بالقتل..وكم اهتز بيته وخاف أطفاله خوفا شديدا من أصوات الرعب وشظايا الأسلحة الفتاكة ،اسلحة الدمار الشامل الحقيقية من براميل مفخخة و طائرات الف16 والصواريخ العابرة للقارات التي هزت بغداد بفاجعة العامرية وكم سمع عن سلاح مسافر عبر القارات يجربه الطغاة في لحم اهله ودماء الابرياء من ابناء شعبه بملجإ العامرية وعلى امتداد البلاد..
لكن رغم كل ما كان من رعب وفزع وخوف كان الامل قائما في بيته في استمرار الحياة رغم الداء والاعداء . واحسرتاه واحسرتاه ذهب حتى ذاك الهدوء وتبدّدت تلك السكينة النسبية وراح ذاك الدفء و وتمزق تماسك العائلة المستظلة بنخلتها الصبورة الحكيمة الوفية لزوجها والمحبة لابنائها ربة البيت الصالحة والمدبرة الذكية والمهتمة ببيتها واولادها وزوجها دون شكوى ولا ملل ولا كلل تلك هي الثابتة ال-فرعها في السماء
نلخلته الشامخة الثابتة الاصيلة
اه اأواه اه
"كل الوان التحزان كانت بشعة "قالها لصاحبه باسل وهويسرد عليه قصته الحزينة فقد حذثه ببنات صدره ليتنفس قليلا من وزر الأيم الحارقة اتي خلفت في نفسه شروخا وجروحا وقدتلاحق الدمع قطرات حتى ملأعينيه وهو يقول :
يا صاحبي اصابني الهول والويل وانا أرى بلدي شظايا وحتى اليوم لمأبرأمن تلك الكوابيس وأصوات اطائرات وصفارات الإنذار و ولكن ما اصاب قلبي ذاك في اليوم القاتل كان تحزانا فريدا أاصاب المكنون والخلايا وانغرست في دمي الامه .
تحزان ذاك اليوم الأسود كان قاتما ترسّخ في الفؤاد والذاكرة
ذاك اليوم من شتاء قاس بارد وسماء متجهمة مدلهّمة كان مكفهرا
في الطبيعة وفي حياتي ،يا صاحبي باسل ،كان ثقيلا ذاك القهر ثقيلا أثقل من الرواسي ..
في ذاك اليوم بكاني الليل وبكتني شجرتي الزوراوية الثابتته على صنوف القهر والحاملة لاسمين حبيبين :س نخلة وم ابو فرات
لقد كتبت الحروف بانامل الحب ومن أشعة النجوم ومن لالئ الكواكب ، فتشابكت الأصابع لتحفر نقشها العاشق على تلك الشجرة شجرة المحبة للخلود .
ما اقوى الحب انه اعظم من الحروب والموت ."
فالذكرى تلو الذكرى وشجرة م ابو فرات وس نخلة شامخة في ارضها وحروفها محفورة خالدة في قلب الحب وبصره وبصيرته ،
لكنّ القدر ابى الا أن يبعث بهجماته وعواصفه وانوائه ففرّق قلبين عاشقين حبيبين كانا معا يسيران في دروب الحياة امتضادة امتصارعة بما لها وما عليها .
اه منك واه يا قدر ا
"اللهم لا اعتراض " كان في صمته وفي جهره يرددها بايمان رجل حزين لم يفتّ الحزن من عزمه ولا قللت الانواء من ايمانه بان المقدر كائن لا محالة والله عنده حسن العاقبة وجزاء المتحنين الصابرين صبر ايوبوالذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا ان لله وان ابه راجعون
يردد ذلك كله حتى لا ينهار تماما فامامه ايتام لا بد الا يضعف امامهم ابدا ولا بد ان يمح احزن عن قلوبهم الصغيرة ويربت على مشاعرهم الطرية و لكنه ينحني قليلا على نفسه ضاغطا على صدره الموجوع بين يديه مخاطبا القدر في عتب قائلا : كم تدوسنا احيانا بما لا يتحمله البشر أيها القدر
,ولولا أنّ في قلب المؤمن داىما صوتا يناديه :" لكل اجل كتاب و لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
لولا هذا الايمان الراسخ بأنّ الموت حتم وله أسبابه ولكل موت سبب ولولا اليقين باننا سنعبر هذه الدنيا كما عبرها غيرنا قبلنا وسنلاقي غدا ربا رؤوفا بالصالحين والصالحات والصابرين والصابرات الصامدين والصامدات والمؤمنين والمؤمنات والمبشرين والمبشرات بالنعيم .
لولا كل هذا الصبر والتصبير لكان انفطر القلب انفطارا .
لقد كان م ابو فرات رجلا مؤمنا ورعا يصمد في الشدائد بصبر ويمحق حزنه بايمانه مهما قست الايام عليه ولكن نار الشوق المختلطة بنار الحزن تجعله يعود دائما لالبوم الصور الحبيبة .

و....حين قيلولة وهو على تلك الحال من الاسى في لحظة تقليبه للصور العائلية اخذه النعاس من شدة وجع الذكرى .
وبين الفينة والأخرى كان يتقلب عل جنبيه ،فاذ به رأى امرا عجبا ومعجزا فقد كان الحلم في ذاك اليوم ملحّا عليه إلحاحا فرأى سماءه الشامخة في نورها الأرجواني ولباسها الحريريّ الأخضر المطرز بالزهور
وفي سنة من نعاس سرّه ما رأى إنه الطيف الطيف ذاك الطيف العزيز كان ماثلا أمامه فما كان اسعده
في ذاك الحين.
تمتم في صمته رباه رباه يا الله لعلك اردت ان تهوّن علي قليلا وتبدّد عتمة احزاني واهديتني حلما مع ذاك الطيف العزيز علي ،وسمع منعم ابو فرات في غفوته صوتا ناداه : " منعم منعم لا تقنط
الحياة تستمر أوصيك باطفالنا وبنفسك خيرا اعرف انك تحبّني كثيرا فليكن كل هذا الحب اليوم لاطفالنا
كن لهم الام والاب وحاقظ على نفسك فلا أريدك تعمى من الحزن ولا اريد لقلبك ان يموت ولا لبسمتك ان تخفى اترك الحياة تنبض فيك منعمي الغالي ،روح دمي ،حبي ووالد ابنائي وبناتي ".

تمتّع أ بو فرات في غفوته بذاك النداء العاشق وقام يفرك عينيه من لحظة بين النوم واليقظة وكم ارادها
ان تطول لكنها سرعان ما افلت .
ولما استفاق تماما وصحا صحت الذكرى معه ومرت بخاطره وقلبه كوخز إبر ، فتراءت له في اليقظة نخلته العالية باسقة في فضاء رحب يغلب عليه الخضار .فبسمل وحوقل وقام لتوه وأقام صلاة الفجر وقرا ما تيسّر
من القران الكريم وأطال الادعية بالصبر له ولصغاره وبالرحمة على أصيلته الثابتته الفرعاء الحسناء الغيداء .
ثم شرب كوب ماء ثم عاد لسريره يستغفر ويطلب اللطف ويقلّب الذكريات تترى حتى اخذه النعاس من جديد .فرأى نفسه بحديقة وارفة الشجر فسيحة الأرجاء كثيرة النبات والزهور والفراشات وكان يسير فيها على مهل
فاختلط عليه الامر بين الحلم واليقظة والخيال والرؤى وعاد لابلوم الصور يطوي اوراقه طيا .
فبدت عروسه امامه مختالة في لباس عرسها بسامة فرحة وكانها تعيد له ذات السؤال الذي ملأ كل فضاءات روحه ذكرى فرح وحزن "كيف حالك"باسمة رآها وكيف حالك ؟باكية رأها كأن هذا الاستفهام حمل كل معانيه االبلاغية من قلق وحيرة وتعجب وإنكار
"رباه اجرني" قال في قلبه المخلوع المخدوع بحلم ثانية
رباه اجرني من "كيف حالك "سؤال حملته بسمتها العاشقة وحملته بسمتها المودّعة
وقد قال محدثا صديقه الودود باسل :
ا أخي باسل
"في ذاك اليوم صليت في ساحة مشفى الموت المجاني الذي أكرهه كرها شديدا ذاك المشفى اللامبالي بأرواح الناس حيث خسرت نصف عائلتي ،مشفى هو عنوان الاهمال الطبي وعدم المبالاة ،لقد رحل هناك ابي وابني ّوابنتي وزوجتي..إنه المبكى وليس المشفى ما كنت رأيت من طواقمه اهتماما بالمرضى ولا التزاما بالحرص على أرواح الناس كان هم بعضهم تجميع المال ونهب الفقراء والتعامل مع صيدليات بعينونها هي بالتحديد لشراء الدواء ،الله أعلم ماكانت تحمل لنا من موت في أدويتها وإبرها...
يالتجارالحروب وياللجرائم رباه اذقهم جميعا مما اذاقونا من علقم . ..
كل مافي حياتنا كان معرضا للنسف من السماء والارض والماء ...محنة ياصديقي باسل وما أعظمها من محنة صدّ ق او لا تصدق أنّ من بقي منا لم يبقه سوى قدره الحتمي لمواصلة الحياة...
وتستمرّ الحياة كما قالت لي نخلتي"تنفس قليلا ياللغم الذي اصابه ،اختناق تمكن من صوته وجفاف في حنجرته وغصة كانها كتلة دموعاحزن ما تنفجر بعد تلظت بها عينيه ثم واصل حديثه لصديقه باسل قائلا
"في ذاك اليوم الشتوي العاصف قبل أن تدخل الغيبوبة حياتنا المنكوبة
في ذاك اليوم القاسي صليت في حديقة هذا الذي يسمى مستشفى كم اكرهه واكره ذاك الطبيب اللامبالي وكانه لم يكن يعامل بشرا او ربما كان هو في عمقه فاقذ احساس وليس طبيبا انسانيا وربما كان ما فعله بنا الاشرار
كان عمدا وباياد مريبة ونفوس غريبة ترى في عيونها الشرور كلها .
فلاباس لديه ولدى أمثاله الشرسين الموالين للمجرمين ،لا بأس في نظرهم حتى لو حقنت عائلتي وامثالها بدواء فاسد ، بلد كامل ضاع يا صاحبي بين الجريمة والفساد كل جرم البشرية جمع وجاء يقاتل بلدي
رباه الاهل والجيران وما وراء البحار
رباه كم تاذينا
اكره ذاك الرجل المشبوه ولن اسامحه ما حييت .
لم يكن سكّر حبيبتي قويا لدرجة الغيبوبة لكنه حقنها بما لا يناسب مرضها فكانت بسمتها قاتلة مقتولة وهي تودعني وتنظر لمدى ابعد من مدى عالمنا الفاني الظلوم
كانت نخلتي مبتسمة في سؤالها الاخير عني بنفس العبارة "كيف حالك ؟
قتلت زوجتي ونصف عائلتي بشرور دول فاعلة ودول تابعة نعم قتلت واستشهدت نخلتي تحت القصف المكثف ولم تشأ ان تغادر مكانها و رفضت التهجير وكان القصف على أشدّه والناس في مشهد من الرعب والفزع والشهادة والموت المجاني ألا سحقا لتجار الحروب والخوانين والمحتلين جميعا وللطامعين ببلادي وخيراتها
اي صديقي باسل
كنت قبل ان أراها مودعة
صليت في الحديقة طالبا لرفيقة دربي ونخلتي الباسقة الشفاء و لكن يالحرقتي لما عدت لغرفة مشفى الموت التي كانت تقيم فيه نخلتي اعدت الصلاة فابتسمت في فتور وقالت لي "كيف حالك ؟"
ثم توارت نخلتي وراء سجف الظلام وتوارت كيف حالك من فم الكلام
وصمتت بين ذراعي
اواه اواه مما عشت
اواه من طعون القدر
اواه من يوم مكفهر ومن بلد تخرّب وانفجر.
صديقي باسل ماذا يفعل زوج امام زوجة محبوبة غادرت , وام اولاده الراحلين والباقين ؟ماذا يفعل زوج وهو امام نوارة فائحة ونخلة باسقة تهاوتا في أحضانه ؟
ماذا يقول زوج امام عصفورته الطائرة المحلقة بعيدا وهي بعد في ريعان العمر ؟
اه في الصمت
اه في القلب
اه في الحلق
اه في العين
اه في الراس
أه في انفس
اه في الروح
اهات في الدرب
وبكل اهات الارض كنت اودعها
كم كان من احلك لحظات عمري نقل الخبر لولديّ العزيزين الطفلين المتعلقين تعلقا شديدا بأمهما النخلة
في تلك اللحظة كنت مشتتا بين ان اعلم العائلة واخرج حبيبتي في ظروف حرب من المستشفى وبين اخبار ولدي الطفلين الصغيرين باقتم خبر صادم لهما

رباه اعني على ان اكون في صبر ايوب وفي حكمة سليمان امام هذه المصائب المتراكمة في برهة من زمن .....
رباه كيف سأخبر صغيرين بأنذ امهما اتي ودت وحضنت وربذت وربذتت بحنان عليهما واعطت منحياتها هما كلما استحقا عطاء

كيف ساخبر طفلين عاشا مدة قصيرة في رعايةأم المودة والحنان ،انّ الام رحلت والمودّ والحنان رحلا معها .رباه كيف ساخبرهما انّ ذاك الحنان من ذاك النعيم قد أسدل عليه الستارإلى الابد وان تلك الام المعطاء البسامة الغضوبة بحكمة وود خفيّ رؤوف رقيق رهيف حين الحزم تلك الجوهرة السامية ونعمة من نعم الدنيا والأخرة تلك التي حملت ولدت بعسر وسهرت الليالي وانامت وارضعت وربت وعلمت وقبلت وابتسمت وقطبت عند الغضب وعفت بحلم ونظرت دائما لصغيريها بحلم وامل وحب دفاق وهما ينهضان من سبات طفولي عميق بل وأفاقتهما بعطف الدنيا وأحضرت فطور الصباح ولمجة العاشرة التي كانت تدسها في حقيبة الدراسة وبين الكتب وفطور منتصف النهار والعشاء ؟؟؟كيف سيكون حالهما على كل موائد هذه الازمنة ؟كيف سيرتميان على سرير فرغ من الأمومة ؟كيف ستكون صباحاتهما بدون النخلة الجميلة اهفهافة الاصيلة ؟وكيف سيصبح انا صباحي وضحاي ومسائي وسمري دون النخلة أسطورة الحب في حياتي
رباه رباه اشياء البيت التي كانت في يدها بتفاصيلها ستؤلم طفلي الحبيبين كما كانت تؤلمني بل كما هي للأن تؤلمني
قرتي عيني فراتي رافدي ابوكما موجوع موجوع ويجب ان يصمت ويكتم انفاسه
رباه أمي يا اماه يا باسلة ماذا سافعل ونخلتي تركت لي رافدين ودودين عزيزين رائعين جميلين لا اريدهما ينتحبان ولا يحزنان ،لا أريدهما يحطمان بهذه الصدمة المروعة,
باسلة اماه يا من انجبت رجالا قاتلوا الاستعمار والويلات ونساء في قمة الوفاء والعطاء من لي ليشد أزري شدي باسلتي شدي أزري ه اماه طفلاي يبكيان أمهما وبنيتي دجلتي الأخرى تبكيها وهي لما تفقه من الحياة إلا اشهرا من سيرضعها من سيربيها من سيعلمها الصحيح من الخطإ
اماه انا لا اعرف كيف اغير الحفاظات ولا كيف ارضع بنية الأشهر التي حرمت من حليب الام ولا كيف أجلب لها حليبا في هذا الحصار الرهيب الذي حرم أطفالنا الحليب والدواء لم أعد احتمل موتا اخر محمد وايوب و..............................
أماه يا باسلة قولي لي وأنت حكيمتنا كيف سأخبر صغيريّ بوفاة أمهما كيف سأسكت دجلة حين يحين وقت حليبها كيف ساهدهد نومها لتبتسم نائمة في حضن الأمومة
أماه ارى بنيتي الرضيعة مقطّبة الجبين تبكي بحرقة أمها حزينة عليها ،أيحزن رضيع على امه يا اماه اه كم أخشى من الحزن اخشى ان اموت انا أيضا واترك اطفالي لليتم والتحزان
أماه ابتهلي ابتهلي معي كي أكون قويا صبورا أعتى من الأحزان كي اواصل الأمانة
أماه باسلتي اقول ساهز بجذع النخلة يساقط علي الرطب واغليه لدجلةتي وأسقنيها ماءه عوض الحليب أماه حتى النخيل أحرقوه فانى لي بالغذاء والدواء لابنائي ورضيعتي أنى لاطفالنا بالحياة؟وانا لا لا اريد لبنيتي أن تموت عطشا و جوعا ساخترق القنابل والطائرات والبراميل المتفجرة وامشي عشرات اكيلمترات عساني أجد لدجلتي علبة حليب تسكن بهاعطشها
أماهل ا اريد لأطفالي ان يكبرا في التحزان
رباه اجعل ميزان الايام معنا ولا تجعله ضدنا لقد أنهكتنا الدروب الوعرة تعبت تعبت تعبت،،تعبنا تعبنا تعبنا
نفيسة التريكي عن قصة حقيقية
نص متواصل
حكاية من وحي الواقع من قصة حقيقية عاشها صديق عراقي منعم ال عدنان وطلب مني صياغتها وكان يقول دائما انها قصة صاغ الالم احداثها فالله يعينني على ان اكون في مستوى ثقتة بي والامانة الجسيمة التي بها ارواح شهداء ورمز لحكاية بلد باسره بل امة






  رد مع اقتباس
/
قديم 18-07-2022, 01:14 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إيمان سالم
فريق العمل
تحمل أوسمة الاكاديمية للإبداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية إيمان سالم

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

قصة مؤلمة و المؤلم أكثر أنها مازالت تتكرر كل يوم ..
مهما طال النصّ لا يفي حق وجع هذا الزوج المكلوم في حبيبته و رفيقة دربه
أتساءل عن ردّ فعله عندما قرأه أحسب أنه سيعايش بالتفصيل كل ما اختلج في صدره
و أثقل كاهله .. الفقد صعب و صعب جدا ..
" النخلة " " نخلتي " كم كان في اختيار هذا اللفظ رمزية عالية و بعدا عميقا
سيبقى نخيل العراق باسقا ان شاء الله .. و يعود و يخضر عوده و يثمر خيرا كثيرا باذن الله

شكرا لك مبدعتنا الغالية النفيسة
نصّ بلّغ الأمانة بشكل مؤثر و شفاف
بانتظار تكملة بقية الفصول التي اتمنى أن تحمل الأمل لهذا الزوج الوفي

تحياتي و كل التقدير ..






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2022, 10:11 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

قصة مؤلمة و المؤلم أكثر أنها مازالت تتكرر كل يوم ..
مهما طال النصّ لا يفي حق وجع هذا الزوج المكلوم في حبيبته و رفيقة دربه
أتساءل عن ردّ فعله عندما قرأه أحسب أنه سيعايش بالتفصيل كل ما اختلج في صدره
و أثقل كاهله .. الفقد صعب و صعب جدا ..
" النخلة " " نخلتي " كم كان في اختيار هذا اللفظ رمزية عالية و بعدا عميقا
سيبقى نخيل العراق باسقا ان شاء الله .. و يعود و يخضر عوده و يثمر خيرا كثيرا باذن الله

شكرا لك مبدعتنا الغالية النفيسة
نصّ بلّغ الأمانة بشكل مؤثر و شفاف
بانتظار تكملة بقية الفصول التي اتمنى أن تحمل الأمل لهذا الزوج الوفي

تحياتي و كل التقدير ..
إيمان سالم
اهلا بك اختاه انت اولمن حضرهانا
شكرا لك على سعة صدرك في قراءة هذه القصة
.نعم بإذن الامل الأمل انها لحمالة الأمل حالمة بقادم اجمل في القص وفي الواقع ليس لهذاالزوج الاب فقط بل لشعب كامل يتناسى العالم المتغطرس وتبّعه الانذال ما فعلوا به لكنّ بناة الحضارة لن يستسلموا وكم مرّ على العراق من أفاقين حاولوا اغتصابه وإذلاله لكنهم عبرواإلى المزابل وبقي هو شامخا






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2022, 10:40 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

"هذه قصة صاغ الالم حروفها "كما قال عنها صاحبها الصديق العراقي منعم ال عدنان فقد عاشهاحقا في الحصار والحرب في بلده بلاد الرادفين في حرب ضروس ظالمة ثلاثينية من اقوى الحروب المدمرة في القرن العشرين و التي دكت حصون العراق وكم كان فيها من الخسائر الرهيبة وقد خسر فيها الصديق منعم ال عدنان نصف عائلته ابوه وزوجته وابناؤه محمد وايوب واساور رحمهم الله جميعا ورحم كل الشهداء
وقد حدثني الصديق منعم باحزانه وهي في النهاية رمز لاحزان شعب كامل ظلم وقهر وافتكت خيراته...
هي قصة مؤلمة جدا كقصص الملايين من امتنا العربية المنكوبة...قصة انين وصبر وصمود طلب مني الصديق
منعم ال عدنان صياغتها فارجو ان اكون قد وفقت لايصال هذه الامانة الكبيرة للناس عبر قادم الايام لتبقى عبرة من العبر وهو ان الحرب ديدنها الدمار ولن يربح فيها احد سوى المجرمين وارجو ان اكون في مستوى ثقته بي لتثبيت حقوق هذه الدماء البريئة ولو بالتوثيق لوصف بشاعة المستعمر والخوان والحروب
ابتسامة نخلتي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2022, 12:50 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

ابسامة نخلتي

ذات شتاء شديد البرودة كان الفتى الجلجامشيّ أبو فرات يقلّب البوم الصّور في ليلة ليلاء وقد أصابه ارق مؤرّق بعد يوم متعب من العمل .
فنال نفسه بعض ألم وهزّه الحنين هزّا لاستحضار اقسى ذكرياته الّتي صدمت قلبه وغيّرت كل مجريات حياته
ومضى في البومه بين الوجوه الاليفة الحنونة الودودة في لهفة حنين وانين الصامت الصبور الصامد يطوي الورقة تلو الأخرى .
فتارة تسّاقط من عينيه دمعتان عزيزتان وطورا يضرب الارض بقدم يؤرجحها من السّّرير على بلاط غرفة النوم التي حملت في كل أرجائها أسرار الحب والولادة والحياة بافراحها واتراحها ،واحيانا كان يضرب بيده
راس السرير لالم المّ به وبرأسه ويفرك جبهته بين يديه ،فيتضاعف ألمه حين كان يذكر تلك اليد الحنونة
التي كانت تبسمل وتقرأ له ّايات الشفاء وهي تبعد عنه الوجع.
وتتالت الايام في دعة وراحة بال ولكن ...
"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" فقد انكسر الامل بالالم منذ ذاك اليوم المشؤوم ،فّمنذ ذاك اليوم المدلهمّ
ما أحسّ براحة ، و ّمنذ ذلك اليوم القاسي ما ابهرته ولا أسرته مباهج الحياة والوانها
ولا تذوّق بعد ذاك اليوم الشّديد القسوة الصّعب لذيذ شاي ولا قهوة ولا طعام ولا زارت شفتيه بسمة سوى لسخرية او استهزاء من الزمن اللعوب.
فكل حركة وكل همسة وكل طعم وكل رائحة وكل ملمس زهرة او شجرة وكل زقزقة طير او هديل حمام كانت مختلفة عما كانت عليه من قبل ،وكل الوجوه كانت تبدو كأنها وجه ذاك الملاك المسافر للأّاقاصي ،فكنت تجده يعيش في الماضي أكثر مما في الحاضر وـأحيانا تختلط الأزمنة في ذاكرته وأنه فتراه يتوقّف عند وجه هذه
أو تلك عساه يرى فيه شيئا من ملامح ملاكه اوبريقا من عينيها أو لفتة من نظرتها أو هي هي ذاتها قد تمر به في ومضة من زمن وتطل عليه من هنالك الهنالك .....
....لا لا..انّ تلك الرؤى لمجرد اوهام لا بدّ من مقاومتها كذا كان يستنهض وعيه داخله ثم ثم يهتز ويعود للحظته الواقعية متسائلا في صمته :لا ليست هي ليست ملاكي هذه العابرة اين هذة من ملاكي ؟
يهمس داخله
"ليس هذا ببياضها الحليبي الطفولي ولاهوسواد عينيها ولا تلك استدارة محياها ولا ذاك ضوء خديها .." ثم
يعود للحياة ولكن عودة بلا طعم ولا مشاعر تحس بدقائق الامور كما كان من قبل ، الان بداخله فوضى مشاعر وغمام رؤى وتحزان يهز كيانه هزا و أحاسيس تمزق وجوده ووجدانه يخفيها في داخله ويقاتل دخانها بسجائره التي ازدادت رفقتها معه وازداد بها التحاما فلعله كان يرى دخانها المصّاعد من فيه هو دخان أنفاسه وقلبه المحترق المغرورق بالدموع بل دخان بلده المقهور أيضا
كل التفاصيل الدقيقة وأصوات البيت وضجيج السوق ...كل شيء حتى بعض الغضب او بعض الهدوء ...كل شيء كان حمّالا للذكرى حتى أنفاسه وتنهيداته وأهاته الصامتة الأسيرة التي كان يختنق بها صدره ويخفيها عن الجميع والتي كانت تنفضح وتفضحه في لهيب سجائره المتلاحقة المشتعلة سيجارة من سيجارة والتييعتبرها خله الودود الذي يقاسمهمتاعبه بلا مقابل ويهزا بذاك الذي ينبهه منه الاطباء ان تنح عن هذا السم فيقول لا سم ساذوقه اكثر مما ذقت سيجارتي عشيرة احزاني لن ارميها الا في بحر لما ارى أملااتنسه يكنس ما قبله من ألام.
كل شيء كان يذكّره بما فات من عيش مبتسم دافئ رغم ما واجهه من زلازل وأحداث جسام بعثرت السكون والهدوء وحولتهما صخبا وضجيجا وصراخا تبثه القنابل والصواريخ الفتاكة والطائرات النفاثة والبراميل المتفجرة لسموم الجشع والابتزاز والسطو والغطرسة وهي من أبشع البشاعات التي راى خلاها كل ما يحمله البشر من شر لتدمير اخيه الانسان بل لتدمير الطبيعة كلها والوجود تحت حصارات وحروب واحتلال ثلاثيني
كانت تقوده امريكا
ورغم ما كان من حصارات و صراعات حروب فقد ثبت ذاك اليوم ثبوتا في روزنامة احزانه كما ثبتت ايام الجمر واقهر والفوضى الخناقة .
لقد رأى بامّ عينه عائلات باسرها تمحى وعاش أوقاتا صعبة جدا تحت احتلال شرس لعين مجرم سفاح ظلوم متوحّش دمويّ.
فكم طعن في كتفه بسلاح الجندي الامركي الذي كان يقتحم عليه غرفة نومه مرارا ليذله او يهدده بالقتل..وكم اهتز بيته وخاف أطفاله خوفا شديدا من أصوات الرعب وشظايا الأسلحة الفتاكة ،اسلحة الدمار الشامل الحقيقية من براميل مفخخة و طائرات الف16 والصواريخ العابرة للقارات التي هزت بغداد بفاجعة العامرية وكم سمع عن سلاح مسافر عبر القارات يجربه الطغاة في لحم اهله ودماء الابرياء من ابناء شعبه بملجإ العامرية وعلى امتداد البلاد..
لكن رغم كل ما كان من رعب وفزع وخوف كان الامل قائما في بيته في استمرار الحياة رغم الداء والاعداء .
في بيته الذي تمسك به هو ونخلته كبرياء وبسبب ضيق اليد اما الكبرياء فلانهما كان يؤمنان معا ان لا موت بلا اجل وان الموت في بيتهما افضل من الموت ذلا في مخيم تحت امرة زيد او عمرو ثم لان الهروب لتلك المخيمات كان ايضا يحتاج اموالا طائلة احيانا تدفع لذوي النفوذ او تجار الحروب او امستنفذين من الاحزاب ففي الحروب تتحول الفضيلة الى رذيلة والخلق القويم ينهار وتموت الضمائر وتطغى على البشعين الجشعين غرائز حب المال وتكديسه من حلاله وحرامه وبالطبع في مثل هذه الاوضاع كم كدس ارباب المال من حرام في بطونهم وكم ظلموا من فقراء وضعفاء واحسرتاه واحسرتاه ذهب حتى ذاك الهدوء وتبدّدت تلك السكينة النسبية وراح ذاك الدفء و وتمزق تماسك العائلة المستظلة بنخلتها الصبورة الحكيمة الوفية لزوجها والمحبة لابنائها ربة البيت الصالحة والمدبرة الذكية والمهتمة ببيتها واولادها وزوجها دون شكوى ولا ملل ولا كلل تلك هي الثابتة ال-فرعها في السماء
نلخلته الشامخة الثابتة الاصيلة
اه اأواه اه
"كل الوان التحزان كانت بشعة "قالها لصاحبه باسل وهويسرد عليه قصته الحزينة فقد حذثه ببنات صدره ليتنفس قليلا من وزر الأيم الحارقة اتي خلفت في نفسه شروخا وجروحا وقدتلاحق الدمع قطرات حتى ملأعينيه وهو يقول :
يا صاحبي اصابني الهول والويل وانا أرى بلدي شظايا وحتى اليوم لمأبرأمن تلك الكوابيس وأصوات اطائرات وصفارات الإنذار و ولكن ما اصاب قلبي ذاك في اليوم القاتل كان تحزانا فريدا أاصاب المكنون والخلايا وانغرست في دمي الامه .
تحزان ذاك اليوم الأسود كان قاتما ترسّخ في الفؤاد والذاكرة
ذاك اليوم من شتاء قاس بارد وسماء متجهمة مدلهّمة كان مكفهرا
في الطبيعة وفي حياتي ،يا صاحبي باسل ،كان ثقيلا ذاك القهر ثقيلا أثقل من الرواسي ..
في ذاك اليوم بكاني الليل وبكتني شجرتي الزوراوية الثابتته على صنوف القهر والحاملة لاسمين حبيبين :س نخلة وم ابو فرات
لقد كتبت الحروف بانامل الحب ومن أشعة النجوم ومن لالئ الكواكب ، فتشابكت الأصابع لتحفر نقشها العاشق على تلك الشجرة شجرة المحبة للخلود .
ما اقوى الحب انه اعظم من الحروب والموت ."
فالذكرى تلو الذكرى وشجرة م ابو فرات وس نخلة شامخة في ارضها وحروفها محفورة خالدة في قلب الحب وبصره وبصيرته ،
لكنّ القدر ابى الا أن يبعث بهجماته وعواصفه وانوائه ففرّق قلبين عاشقين حبيبين كانا معا يسيران في دروب الحياة امتضادة امتصارعة بما لها وما عليها .
اه منك واه يا قدر ا
"اللهم لا اعتراض " كان في صمته وفي جهره يرددها بايمان رجل حزين لم يفتّ الحزن من عزمه ولا قللت الانواء من ايمانه بان المقدر كائن لا محالة والله عنده حسن العاقبة وجزاء المتحنين الصابرين صبر ايوبوالذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا ان لله وان ابه راجعون
يردد ذلك كله حتى لا ينهار تماما فامامه ايتام لا بد الا يضعف امامهم ابدا ولا بد ان يمح احزن عن قلوبهم الصغيرة ويربت على مشاعرهم الطرية و لكنه ينحني قليلا على نفسه ضاغطا على صدره الموجوع بين يديه مخاطبا القدر في عتب قائلا : كم تدوسنا احيانا بما لا يتحمله البشر أيها القدر
,ولولا أنّ في قلب المؤمن داىما صوتا يناديه :" لكل اجل كتاب و لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
لولا هذا الايمان الراسخ بأنّ الموت حتم وله أسبابه ولكل موت سبب ولولا اليقين باننا سنعبر هذه الدنيا كما عبرها غيرنا قبلنا وسنلاقي غدا ربا رؤوفا بالصالحين والصالحات والصابرين والصابرات الصامدين والصامدات والمؤمنين والمؤمنات والمبشرين والمبشرات بالنعيم .
لولا كل هذا الصبر والتصبير لكان انفطر القلب انفطارا .
لقد كان م ابو فرات رجلا مؤمنا ورعا يصمد في الشدائد بصبر ويمحق حزنه بايمانه مهما قست الايام عليه ولكن نار الشوق المختلطة بنار الحزن تجعله يعود دائما لالبوم الصور الحبيبة .

و....حين قيلولة وهو على تلك الحال من الاسى في لحظة تقليبه للصور العائلية اخذه النعاس من شدة وجع الذكرى .
وبين الفينة والأخرى كان يتقلب عل جنبيه ،فاذ به رأى امرا عجبا ومعجزا فقد كان الحلم في ذاك اليوم ملحّا عليه إلحاحا فرأى سماءه الشامخة في نورها الأرجواني ولباسها الحريريّ الأخضر المطرز بالزهور
وفي سنة من نعاس سرّه ما رأى إنه الطيف الطيف ذاك الطيف العزيز كان ماثلا أمامه فما كان اسعده
في ذاك الحين.
تمتم في صمته رباه رباه يا الله لعلك اردت ان تهوّن علي قليلا وتبدّد عتمة احزاني واهديتني حلما مع ذاك الطيف العزيز علي ،وسمع منعم ابو فرات في غفوته صوتا ناداه : " منعم منعم لا تقنط
الحياة تستمر أوصيك باطفالنا وبنفسك خيرا اعرف انك تحبّني كثيرا فليكن كل هذا الحب اليوم لاطفالنا
كن لهم الام والاب وحاقظ على نفسك فلا أريدك تعمى من الحزن ولا اريد لقلبك ان يموت ولا لبسمتك ان تخفى اترك الحياة تنبض فيك منعمي الغالي ،روح دمي ،حبي ووالد ابنائي وبناتي ".

تمتّع أ بو فرات في غفوته بذاك النداء العاشق وقام يفرك عينيه من لحظة بين النوم واليقظة وكم ارادها
ان تطول لكنها سرعان ما افلت .
ولما استفاق تماما وصحا صحت الذكرى معه ومرت بخاطره وقلبه كوخز إبر ، فتراءت له في اليقظة نخلته العالية باسقة في فضاء رحب يغلب عليه الخضار .فبسمل وحوقل وقام لتوه وأقام صلاة الفجر وقرا ما تيسّر
من القران الكريم وأطال الادعية بالصبر له ولصغاره وبالرحمة على أصيلته الثابتته الفرعاء الحسناء الغيداء .
ثم شرب كوب ماء ثم عاد لسريره يستغفر ويطلب اللطف ويقلّب الذكريات تترى حتى اخذه النعاس من جديد .فرأى نفسه بحديقة وارفة الشجر فسيحة الأرجاء كثيرة النبات والزهور والفراشات وكان يسير فيها على مهل
فاختلط عليه الامر بين الحلم واليقظة والخيال والرؤى وعاد لابلوم الصور يطوي اوراقه طيا .
فبدت عروسه امامه مختالة في لباس عرسها بسامة فرحة وكانها تعيد له ذات السؤال الذي ملأ كل فضاءات روحه ذكرى فرح وحزن "كيف حالك"باسمة رآها وكيف حالك ؟باكية رأها كأن هذا الاستفهام حمل كل معانيه االبلاغية من قلق وحيرة وتعجب وإنكار
"رباه اجرني" قال في قلبه المخلوع المخدوع بحلم ثانية
رباه اجرني من "كيف حالك "سؤال حملته بسمتها العاشقة وحملته بسمتها المودّعة
وقد قال محدثا صديقه الودود باسل :
ا أخي باسل
"في ذاك اليوم صليت في ساحة مشفى الموت المجاني الذي أكرهه كرها شديدا ذاك المشفى اللامبالي بأرواح الناس حيث خسرت نصف عائلتي ،مشفى هو عنوان الاهمال الطبي وعدم المبالاة ،لقد رحل هناك ابي وابني ّوابنتي وزوجتي..إنه المبكى وليس المشفى ما كنت رأيت من طواقمه اهتماما بالمرضى ولا التزاما بالحرص على أرواح الناس كان هم بعضهم تجميع المال ونهب الفقراء والتعامل مع صيدليات بعينونها هي بالتحديد لشراء الدواء ،الله أعلم ماكانت تحمل لنا من موت في أدويتها وإبرها...
يالتجارالحروب وياللجرائم رباه اذقهم جميعا مما اذاقونا من علقم . ..
كل مافي حياتنا كان معرضا للنسف من السماء والارض والماء ...محنة ياصديقي باسل وما أعظمها من محنة صدّ ق او لا تصدق أنّ من بقي منا لم يبقه سوى قدره الحتمي لمواصلة الحياة...
وتستمرّ الحياة كما قالت لي نخلتي"تنفس قليلا ياللغم الذي اصابه ،اختناق تمكن من صوته وجفاف في حنجرته وغصة كانها كتلة دموعاحزن ما تنفجر بعد تلظت بها عينيه ثم واصل حديثه لصديقه باسل قائلا
"في ذاك اليوم الشتوي العاصف قبل أن تدخل الغيبوبة حياتنا المنكوبة
في ذاك اليوم القاسي صليت في حديقة هذا الذي يسمى مستشفى كم اكرهه واكره ذاك الطبيب اللامبالي وكانه لم يكن يعامل بشرا او ربما كان هو في عمقه فاقذ احساس وليس طبيبا انسانيا وربما كان ما فعله بنا الاشرار
كان عمدا وباياد مريبة ونفوس غريبة ترى في عيونها الشرور كلها .
فلاباس لديه ولدى أمثاله الشرسين الموالين للمجرمين ،لا بأس في نظرهم حتى لو حقنت عائلتي وامثالها بدواء فاسد ، بلد كامل ضاع يا صاحبي بين الجريمة والفساد كل جرم البشرية جمع وجاء يقاتل بلدي
رباه الاهل والجيران وما وراء البحار
رباه كم تاذينا
اكره ذاك الرجل المشبوه ولن اسامحه ما حييت .
لم يكن سكّر حبيبتي قويا لدرجة الغيبوبة لكنه حقنها بما لا يناسب مرضها فكانت بسمتها قاتلة مقتولة وهي تودعني وتنظر لمدى ابعد من مدى عالمنا الفاني الظلوم
كانت نخلتي مبتسمة في سؤالها الاخير عني بنفس العبارة "كيف حالك ؟
قتلت زوجتي ونصف عائلتي بشرور دول فاعلة ودول تابعة نعم قتلت واستشهدت نخلتي تحت القصف المكثف ولم تشأ ان تغادر مكانها و رفضت التهجير وكان القصف على أشدّه والناس في مشهد من الرعب والفزع والشهادة والموت المجاني ألا سحقا لتجار الحروب والخوانين والمحتلين جميعا وللطامعين ببلادي وخيراتها
اي صديقي باسل
كنت قبل ان أراها مودعة
صليت في الحديقة طالبا لرفيقة دربي ونخلتي الباسقة الشفاء و لكن يالحرقتي لما عدت لغرفة مشفى الموت التي كانت تقيم فيه نخلتي اعدت الصلاة فابتسمت في فتور وقالت لي "كيف حالك ؟"
ثم توارت نخلتي وراء سجف الظلام وتوارت كيف حالك من فم الكلام
وصمتت بين ذراعي
اواه اواه مما عشت
اواه من طعون القدر
اواه من يوم مكفهر ومن بلد تخرّب وانفجر.
صديقي باسل ماذا يفعل زوج امام زوجة محبوبة غادرت , وام اولاده الراحلين والباقين ؟ماذا يفعل زوج وهو امام نوارة فائحة ونخلة باسقة تهاوتا في أحضانه ؟
ماذا يقول زوج امام عصفورته الطائرة المحلقة بعيدا وهي بعد في ريعان العمر ؟
اه في الصمت
اه في القلب
اه في الحلق
اه في العين
اه في الراس
أه في انفس
اه في الروح
اهات في الدرب
وبكل اهات الارض كنت اودعها
كم كان من احلك لحظات عمري نقل الخبر لولديّ العزيزين الطفلين المتعلقين تعلقا شديدا بأمهما النخلة
في تلك اللحظة كنت مشتتا بين ان اعلم العائلة واخرج حبيبتي في ظروف حرب من المستشفى وبين اخبار ولدي الطفلين الصغيرين باقتم خبر صادم لهما

رباه اعني على ان اكون في صبر ايوب وفي حكمة سليمان امام هذه المصائب المتراكمة في برهة من زمن .....
رباه كيف سأخبر صغيرين بأنذ امهما اتي ودت وحضنت وربذت وربذتت بحنان عليهما واعطت منحياتها هما كلما استحقا عطاء

كيف ساخبر طفلين عاشا مدة قصيرة في رعايةأم المودة والحنان ،انّ الام رحلت والمودّ والحنان رحلا معها .رباه كيف ساخبرهما انّ ذاك الحنان من ذاك النعيم قد أسدل عليه الستارإلى الابد وان تلك الام المعطاء البسامة الغضوبة بحكمة وود خفيّ رؤوف رقيق رهيف حين الحزم تلك الجوهرة السامية ونعمة من نعم الدنيا والأخرة تلك التي حملت ولدت بعسر وسهرت الليالي وانامت وارضعت وربت وعلمت وقبلت وابتسمت وقطبت عند الغضب وعفت بحلم ونظرت دائما لصغيريها بحلم وامل وحب دفاق وهما ينهضان من سبات طفولي عميق بل وأفاقتهما بعطف الدنيا وأحضرت فطور الصباح ولمجة العاشرة التي كانت تدسها في حقيبة الدراسة وبين الكتب وفطور منتصف النهار والعشاء ؟؟؟كيف سيكون حالهما على كل موائد هذه الازمنة ؟كيف سيرتميان على سرير فرغ من الأمومة ؟كيف ستكون صباحاتهما بدون النخلة الجميلة اهفهافة الاصيلة ؟وكيف سيصبح انا صباحي وضحاي ومسائي وسمري دون النخلة أسطورة الحب في حياتي
رباه رباه اشياء البيت التي كانت في يدها بتفاصيلها ستؤلم طفلي الحبيبين كما كانت تؤلمني بل كما هي للأن تؤلمني
قرتي عيني فراتي رافدي ابوكما موجوع موجوع ويجب ان يصمت ويكتم انفاسه
رباه أمي يا اماه يا باسلة ماذا سافعل ونخلتي تركت لي رافدين ودودين عزيزين رائعين جميلين لا اريدهما ينتحبان ولا يحزنان ،لا أريدهما يحطمان بهذه الصدمة المروعة,
باسلة اماه يا من انجبت رجالا قاتلوا الاستعمار والويلات ونساء في قمة الوفاء والعطاء من لي ليشد أزري شدي باسلتي شدي أزري ه اماه طفلاي يبكيان أمهما وبنيتي دجلتي الأخرى تبكيها وهي لما تفقه من الحياة إلا اشهرا من سيرضعها من سيربيها من سيعلمها الصحيح من الخطإ
اماه انا لا اعرف كيف اغير الحفاظات ولا كيف ارضع بنية الأشهر التي حرمت من حليب الام ولا كيف أجلب لها حليبا في هذا الحصار الرهيب الذي حرم أطفالنا الحليب والدواء لم أعد احتمل موتا اخر محمد وايوب و..............................
أماه يا باسلة قولي لي وأنت حكيمتنا كيف سأخبر صغيريّ بوفاة أمهما كيف سأسكت دجلة حين يحين وقت حليبها كيف ساهدهد نومها لتبتسم نائمة في حضن الأمومة
أماه ارى بنيتي الرضيعة مقطّبة الجبين تبكي بحرقة أمها حزينة عليها ،أيحزن رضيع على امه يا اماه اه كم أخشى من الحزن اخشى ان اموت انا أيضا واترك اطفالي لليتم والتحزان
أماه ابتهلي ابتهلي معي كي أكون قويا صبورا أعتى من الأحزان كي اواصل الأمانة
أماه باسلتي اقول ساهز بجذع النخلة يساقط علي الرطب واغليه لدجلةتي وأسقنيها ماءه عوض الحليب أماه حتى النخيل أحرقوه فانى لي بالغذاء والدواء لابنائي ورضيعتي أنى لاطفالنا بالحياة؟وانا لا لا اريد لبنيتي أن تموت عطشا و جوعا ساخترق القنابل والطائرات والبراميل المتفجرة وامشي عشرات اكيلمترات عساني أجد لدجلتي علبة حليب تسكن بهاعطشها
أماهل ا اريد لأطفالي ان يكبرا في التحزان
رباه اجعل ميزان الايام معنا ولا تجعله ضدنا لقد أنهكتنا الدروب الوعرة تعبت تعبت تعبت،،تعبنا تعبنا تعبنا
نفيسة التريكي عن قصة حقيقية
نص متواصل
حكاية من وحي الواقع من قصة حقيقية عاشها صديق عراقي منعم ال عدنان وطلب مني صياغتها وكان يقول دائما انها قصة صاغ الالم احداثها فالله يعينني على ان اكون في مستوى ثقتة بي والامانة الجسيمة التي بها ارواح شهداء ورمز لحكاية بلد باسره بل امة






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2022, 01:18 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

ابسامة نخلتي

ذات شتاء شديد البرودة كان الفتى الجلجامشيّ أبو فرات يقلّب البوم الصّور في ليلة ليلاء وقد أصابه ارق مؤرّق بعد يوم متعب من العمل .
فنال نفسه بعض ألم وهزّه الحنين هزّا لاستحضار اقسى ذكرياته الّتي صدمت قلبه وغيّرت كل مجريات حياته
ومضى في البومه بين الوجوه الاليفة الحنونة الودودة في لهفة حنين وانين الصامت الصبور الصامد يطوي الورقة تلو الأخرى .
فتارة تسّاقط من عينيه دمعتان عزيزتان وطورا يضرب الارض بقدم يؤرجحها من السّّرير على بلاط غرفة النوم التي حملت في كل أرجائها أسرار الحب والولادة والحياة بافراحها واتراحها ،واحيانا كان يضرب بيده
راس السرير لالم المّ به وبرأسه ويفرك جبهته بين يديه ،فيتضاعف ألمه حين كان يذكر تلك اليد الحنونة
التي كانت تبسمل وتقرأ له ّايات الشفاء وهي تبعد عنه الوجع.
وتتالت الايام في دعة وراحة بال ولكن ...
"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" فقد انكسر الامل بالالم منذ ذاك اليوم المشؤوم ،فّمنذ ذاك اليوم المدلهمّ
ما أحسّ براحة ، و ّمنذ ذلك اليوم القاسي ما ابهرته ولا أسرته مباهج الحياة والوانها
ولا تذوّق بعد ذاك اليوم الشّديد القسوة الصّعب لذيذ شاي ولا قهوة ولا طعام ولا زارت شفتيه بسمة سوى لسخرية او استهزاء من الزمن اللعوب.
فكل حركة وكل همسة وكل طعم وكل رائحة وكل ملمس زهرة او شجرة وكل زقزقة طير او هديل حمام كانت مختلفة عما كانت عليه من قبل ،وكل الوجوه كانت تبدو كأنها وجه ذاك الملاك المسافر للأّاقاصي ،فكنت تجده يعيش في الماضي أكثر مما في الحاضر وـأحيانا تختلط الأزمنة في ذاكرته وأنه فتراه يتوقّف عند وجه هذه
أو تلك عساه يرى فيه شيئا من ملامح ملاكه اوبريقا من عينيها أو لفتة من نظرتها أو هي هي ذاتها قد تمر به في ومضة من زمن وتطل عليه من هنالك الهنالك .....
....لا لا..انّ تلك الرؤى لمجرّد اوهام لا بدّ من مقاومتها . كذا كان يستنهض وعيه داخله ثم ثم يهتز ويعود للحظته الواقعية متسائلا في صمته :لا ليست هي ليست ملاكي هذه العابرة اين هذة من ملاكي ؟
يهمس داخله
"ليس هذا ببياضها الحليبي الطفولي ولاهوسواد عينيها ولا تلك استدارة محياها ولا ذاك ضوء خديها .."
ثم
يعود للحياة ولكن عودة بلا طعم ولا مشاعر تحس بدقائق الامور كما كان من قبل ، الان بداخله فوضى مشاعر وغمام رؤى وتحزان يهز كيانه هزا و أحاسيس تمزّق وجوده ووجدانه يخفيها في داخله ويقاتل دخانها بسجائره التي ازدادت رفقتها معه وازداد بها التحاما فلعله كان يرى دخانها المصّاعد من فيه هو دخان أنفاسه وقلبه المحترق المغرورق بالدموع بل دخان بلده المقهور أيضا .ّ
كل التفاصيل الدقيقة وأصوات البيت وضجيج السوق ...كل شيء حتى بعض الغضب او بعض الهدوء ...كل شيء كان حمّالا للذكرى حتى أنفاسه وتنهيداته وأهاته الصامتة الأسيرة التي كان يختنق بها صدره ويخفيها عن الجميع والتي كانت تنفضح وتفضحه في لهيب سجائره المتلاحقة المشتعلة سيجارة من سيجارة والتي يعتبرها خله الودود الذي يقاسمه متاعبه بلا مقابل ويهزا ببكل من ينبهه منه ،فاالاطباء حين قولون له تنح عن هذا السم يقول لهم "كفى لا سمّ ساذوقه اكثر مما ذقت من منضب ومخصب وفسفور أبيض قتل ابنائي محمد وايوب واساور ..ابقي في حياتي امرّ من هذا المرّ بل ابقيت لي حياة بعد هذا الموت المدمّر والمدبّر باستراتيجيات دولية وإقليمية وبمساعدات باعة الضمائر وحفاة الضمائر والخوانين .
سيجارتي عشيرة احزاني لن ارميها الا في بحر لما ارى أملا ما اتنمسه يكنس ما قبله من ألام..."
هكذا كان أب الشهداء يؤانس صراعاته بدخان من دخان والام وفجيعة الحسارت لا تبرح نبضه وأنفاسه
كل شيء كان يذكّره بما فات من عيش مبتسم دافئ رغم ما واجهه من زلازل وأحداث جسام بعثرت السكون والهدوء وحولتهما صخبا وضجيجا وصراخا تبثه القنابل والصواريخ الفتاكة وأختها العابرة للقارات والطائرات النفاثة والبراميل المتفجرة التي تأتي على الأخضر واليابس يالها من سموم الجشع والابتزاز والسطو والغطرسة وهي من أبشع البشاعات التي راى خلاها كل ما يحمله الإنسان من شر لتدمير اخيه الانسان
بل لتدمير الطبيعة كلها والوجود تحت حصارات وحروب واحتلال ثلاثيني من امكر واشنع ما رات البشرية عبرالعصور ..........
كانت تقوده امريكا سيدة الأرض والسماء والبحار بقوة القوة وسطوة المال والسلاح والنفوذ الشراني
و لكن رغم ما كان من حصارات و صراعات حروب فقد ثبت ذاك اليوم ثبوتا في روزنامة احزانه كما ثبتت ايام الجمر والقهر والفوضى الخناقة .
لقد رأى بامّ عينه عائلات باسرها تمحى وعاش أوقاتا صعبة جدا تحت احتلال شرس لعين مجرم سفاح ظلوم متوحّش دمويّ.راى ابا يهرب ببعض اولاد ويرى بنية من بناته تردم تحت القصف الهدار باصوات الرعب
رأى احد ابنائه يهتز رعبا من أصوات قاصفة مرعبة قتلت الفراشات والعصافير وارعبت الاطفال الابرياء رعبا ما بعده رعب ...أي بشاعة ربا ه في هذه الحروب من اجل ّماذا كل هذا ؟من اجل ماذا ؟امن اجل النفط ؟خذوه امن اجل تجارب اسلحتكم برؤوسنا ؟جربوها في اماكن بعيدة عنا ،اجل استراتيجيات المليار الذهبي ابشري ؟أنصبتم انفسكم اربابا على البشرية تقررون لها ما تشاؤون تتركون من تتركون حيا وتقتلون من لا ترغبون بحياتهم ؟
أففففففففف
ففففففف من هذا الكبر والتجبّرأففففففف
في النهاية لستم سوى بشر مثلنا ستنالون من الأرض شبرا وتعودون ترابا كما بدأتم مجرد نطفة لا غير ...
أيها الشذوذ المكر الرعب الإرهاب الكذب الخديعة لا فتاك غيركم ولافتك غيرإ ما فعلتم ولا موت دمار شامل سوى بما قتلتم به أطفالنا ونسفتم به سماءنا وارضنا وإنساننا
لكن ..نحن الاباة من سلالة حمورابي وجلجامش والحسين لن تنالوا منا يا حشرات الحضارة
فكم طعنني في كتفه بسلاحه الحقير الجندي الامركي او الاوكراني الذي كان د وكم داسواعلى جرحانا بأحذيتهم اللعينة القذرة وذاك المستهتر الأفاق المثلي الوسخ المتصهين الوحش كم ا كان يقتحم عليه غرفة نومه مرارا ليذله او يهدده بالقتل..وكم اهتز بيته وخاف أطفاله خوفا شديدا من أصوات الرعب وشظايا الأسلحة الفتاكة ،اسلحة الدمار الشامل الحقيقية من براميل مفخخة و طائرات الف16 والصواريخ العابرة للقارات التي هزت بغداد بفاجعة العامرية وكم سمع عن سلاح مسافر عبر القارات يجربه الطغاة في لحم اهله ودماء الابرياء من ابناء شعبه بملجإ العامرية وعلى امتداد البلاد..
لكن رغم كل ما كان من رعب وفزع وخوف كان الامل قائما في بيته في استمرار الحياة رغم الداء والاعداء .
في بيته الذي تمسّك به هو ونخلته . وبسبب ضيق اليد والكبرياء لم يهاجرا وبقيت العائلة متشبثة بالارض فلانهما كانا يؤمنان معا ان لا موت بلا اجل وان الموت في بيتهما افضل من الموت ذلا في مخيم تحت امرة زيد او عمرو ثم لان الهروب لتلك المخيمات كان ايضا يحتاج اموالا طائلة
تدفع لذوي النفوذ او تجار الحروب او المستنفذين المستكرشين السفهاء من الاحزاب التي باعت دم العراق وشعبه لكل الاعداء من الاحزاب ،ففي الحروب تتقلص الفضيلة وتنتشر الرذيلة ويختفي الخلق القويم وينهار وتموت الضمائر وتطغى على البشعين الجشعين غرائز حب المال وتكديسه من الحرام، وينظر للحرام بالحلال وللكفر باسماهة وبالقتل بالواجب وللخيانة بالوطنية وبالطبع في مثل هذه الاوضاع كم كدس ارباب المال من حرام في بطونهم وكم ظلموا من فقراء وضعفاء
واحسرتاه واحسرتاه ذهب حتى ذاك الهدوء وتبدددت تلك السكينة النسبية وراح ذاك الدفء و وتمزق تماسك العائلة المستظلة بنخلتها الصبورة الحكيمة الوفية لزوجها والمحبة لابنائها ربة البيت الصالحة والمدبرة الذكية والمهتمة ببيتها واولادها وزوجها دون شكوى ولا ملل ولا كلل تلك هي الثابتة ال-فرعها في السماء
نلخلته الشامخة الثابتة الاصيلة
اه اأواه اه
"كل الوان التحزان كانت بشعة "قالها لصاحبه باسل وهويسرد عليه قصته الحزينة فقد حدثه ببنات صدره ليتنفس قليلا من وزر الأيام الحارقة اتي خلفت في نفسه شروخا وجروحا وقد تلاحق الدمع قطرات حتى ملأعينيه وهو يقول :
يا صاحبي اصابني الهول والويل وانا أرى بلدي شظايا وحتى اليوم لم أينس تلك الكوابيس وأصوات الطائرات وصفارات الإنذار و ولكن ما اصاب قلبي ذاك في اليوم القاتل كان تحزانا فريدا أاصاب المكنون والخلايا وانغرست في دمي الامه .

تحزان ذاك اليوم الأسود كان قاتما ترسّخ في الفؤاد والذاكرة
ذاك اليوم من شتاء قاس بارد وسماء متجهمة مدلهّمة كان مكفهرا
في الطبيعة وفي حياتي ،
يا صاحبي باسل ،كان ثقيلا ذاك القهر ثقيلا أثقل من الرواسي ..
في ذاك اليوم بكاني الليل وبكتني شجرتي الزوراوية الثابتته على صنوف القهر والحاملة لاسمين حبيبين :س نخلة وم ابو فرات
لقد كتبت الحروف بانامل الحب ومن أشعة النجوم ومن لالئ الكواكب ، فتشابكت الأصابع لتحفر نقشها العاشق على تلك الشجرة شجرة المحبة للخلود .
ما اقوى الحب انه اعظم من الحروب والموت حين يكون صفيا وفيا."
فالذكرى تلو الذكرى وشجرة م ابو فرات وس ظلت نخلة شامخة في ارضها وحروفها محفورة خالدة في قلب الحب وبصره وبصيرته ،
لكنّ القدر ابى الا أن يبعث بهجماته وعواصفه وانوائه ففرّق قلبين عاشقين حبيبين كانا معا يسيران في دروب الحياة المتضادة المتصارعة بما لها وما عليها .
اه منك واه يا قدر اواه
"اللهم لا اعتراض "
كان في صمته وفي جهره يرددها بايمان رجل حزين لم يفتّ الحزن من عزمه ولا قللت الانواء من ايمانه بان المقدر كائن لا محالة والله عنده حسن العاقبة والجزاء ا
للصابرين صبر ايوب والذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا ان لله وان ابه راجعون

يردد ذلك كله حتى لا ينهار تماما فامامه ايتام لا بد الا يضعف امامهم ابدا ولا بد ان يمسح الحزن عن قلوبهم الصغيرة ويربت على مشاعرهم الطرية و لكنه ينحني قليلا على نفسه ضاغطا على صدره الموجوع بين يديه مخاطبا القدر في عتب قائلا : كم تدوسنا احيانا بما لا يتحمله البشر أيها القدر
,ولولا أنّ في قلب المؤمن داىما صوتا يناديه :" لكل اجل كتاب و لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
لولا هذا الايمان الراسخ بأنّ الموت حتم وله أسبابه ولكل موت سبب ولولا اليقين باننا سنعبر هذه الدنيا كما عبرها غيرنا قبلنا وسنلاقي غدا ربا رؤوفا بالصالحين والصالحات والصابرين والصابرات الصامدين والصامدات والمؤمنين والمؤمنات والمبشرين والمبشرات بالنعيم .
لولا كل هذا الصبر والتصبير لكان انفطر القلب انفطارا .
لقد كان م ابو فرات رجلا مؤمنا ورعا يصمد في الشدائد بصبر ويمحق حزنه بايمانه مهما قست الايام عليه ولكن نار الشوق المختلطة بنار الحزن تجعله يعود دائما لالبوم الصور الحبيبة .

و....حين قيلولة وهو على تلك الحال من الاسى في لحظة تقليبه للصور العائلية اخذه النعاس من شدة وجع الذكرى .
وبين الفينة والأخرى كان يتقلب عل جنبيه ،فاذ به رأى امرا عجبا ومعجزا فقد كان الحلم في ذاك اليوم ملحّا عليه إلحاحا فرأى سماءه الشامخة في نورها الأرجواني ولباسها الحريريّ الأخضر المطرز بالزهور
وفي سنة من نعاس سرّه ما رأى إنه الطيف الطيف ذاك الطيف العزيز كان ماثلا أمامه فما كان اسعده
في ذاك الحين.
تمتم في صمته رباه رباه يا الله لعلك اردت ان تهوّن علي قليلا وتبدّد عتمة احزاني واهديتني حلما
مع ذاك الطيف العزيز علي ،وسمع م ابو فرات في غفوته صوتا ناداه : " أبو فرات ابو فرات لا تقنط ولا تحزن ولا تبتس
الحياة تستمر أوصيك باطفالنا وبنفسك خيرا اعرف انك تحبّني كثيرا فليكن كل هذا الحب اليوم لاطفالنا
كن لهم الام والاب وحاقظ على نفسك فلا أريدك تعمى من الحزن ولا اريد لقلبك ان يموت ولا لبسمتك ان تخفى اترك الحياة تنبض فيك أبوفراتينا الغالي ،روح دمي ،حبي والد ابنائي وبناتي ،نوارة روحي نالوان فراشي الحام حول روحي ، شمسي الباعثة دفءها دوما في الحياة وحاية اولاذن وحياتك،نجومي الساكبة ضوءها لعطاشى الضوء ،مائي الساقي شفاهكم ونعاسي المقدس فرسي الحر الشجاع كريم اليد أصيل امحتديا سليل يعرب وطائر الحرية ابق كما عرفتك ذاك العاشق المبسام ذاك المازح الضحوك ذاك الوفي للجمال والحياة على الدوام هكذا ستبقى بعذ
دي لا بل انا فيك فأن حزنت روحك ينتاب روحي حزن وقد يسري في دماء ابناىنا امقبلين على الحياة لا حبيبي دس على ذاك الغم الويل واركب خيلك الحرة واسرجها وقل رباه أنت الواهب الأمل ومغير الأحوال".

تمتّع أ بو فرات في غفوته بذاك النداء العاشق وقام يفرك عينيه من لحظة بين النوم واليقظة وكم ارادها
ان تطول لكنها سرعان ما افلت .
ولما استفاق تماما وصحا صحت الذكرى معه ومرت بخاطره وقلبه كوخز إبر ، فتراءت له في اليقظة نخلته العالية باسقة في فضاء رحب يغلب عليه الخضار .فبسمل وحوقل وقام لتوه وأقام صلاة الفجر وقرا ما تيسّر
من القران الكريم وأطال الادعية بالصبر له ولصغاره وبالرحمة على أصيلته الثابتته الفرعاء الحسناء الغيداء .
ثم شرب كوب ماء ثم عاد لسريره يستغفر ويطلب اللطف ويقلّب الذكريات تترى حتى اخذه النعاس من جديد .فرأى نفسه بحديقة وارفة الشجر فسيحة الأرجاء كثيرة النبات والزهور والفراشات وكان يسير فيها على مهل
فاختلط عليه الامر بين الحلم واليقظة والخيال والرؤى وعاد لابلوم الصور يطوي اوراقه طيا .
فبدت عروسه امامه مختالة في لباس عرسها بسامة فرحة وكانها تعيد له ذات السؤال الذي ملأ كل فضاءات روحه ذكرى فرح وحزن "كيف حالك"باسمة رآها وكيف حالك ؟باكية رأها كأن هذا الاستفهام حمل كل معانيه االبلاغية من قلق وحيرة وتعجب وإنكار
"رباه اجرني" قال في قلبه المخلوع المخدوع بحلم ثانية
رباه اجرني من "كيف حالك "سؤال حملته بسمتها العاشقة وحملته بسمتها المودّعة
وقد قال محدثا صديقه الودود باسل :
ا أخي باسل
"في ذاك اليوم صليت في ساحة مشفى الموت المجاني الذي أكرهه كرها شديدا ذاك المشفى اللامبالي بأرواح الناس حيث خسرت نصف عائلتي ،مشفى هو عنوان الاهمال الطبي وعدم المبالاة ،لقد رحل هناك ابي وابني ّوابنتي وزوجتي..إنه المبكى وليس المشفى ما كنت رأيت من طواقمه اهتماما بالمرضى ولا التزاما بالحرص على أرواح الناس كان هم بعضهم تجميع المال ونهب الفقراء والتعامل مع صيدليات بعينونها هي بالتحديد لشراء الدواء ،الله أعلم ماكانت تحمل لنا من موت في أدويتها وإبرها...
يالتجارالحروب وياللجرائم رباه اذقهم جميعا مما اذاقونا من علقم . ..
كل مافي حياتنا كان معرضا للنسف من السماء والارض والماء ...محنة ياصديقي باسل وما أعظمها من محنة صدّ ق او لا تصدق أنّ من بقي منا لم يبقه سوى قدره الحتمي لمواصلة الحياة...
وتستمرّ الحياة كما قالت لي نخلتي"تنفس قليلا ياللغم الذي اصابه ،اختناق تمكن من صوته وجفاف في حنجرته وغصة كانها كتلة دموعاحزن ما تنفجر بعد تلظت بها عينيه ثم واصل حديثه لصديقه باسل قائلا
"في ذاك اليوم الشتوي العاصف قبل أن تدخل الغيبوبة حياتنا المنكوبة
في ذاك اليوم القاسي صليت في حديقة هذا الذي يسمى مستشفى كم اكرهه واكره ذاك الطبيب اللامبالي وكانه لم يكن يعامل بشرا او ربما كان هو في عمقه فاقذ احساس وليس طبيبا انسانيا وربما كان ما فعله بنا الاشرار
كان عمدا وباياد مريبة ونفوس غريبة ترى في عيونها الشرور كلها .
فلاباس لديه ولدى أمثاله الشرسين الموالين للمجرمين ،لا بأس في نظرهم حتى لو حقنت عائلتي وامثالها بدواء فاسد ، بلد كامل ضاع يا صاحبي بين الجريمة والفساد كل جرم البشرية جمع وجاء يقاتل بلدي
رباه الاهل والجيران وما وراء البحار
رباه كم تاذينا
اكره ذاك الرجل المشبوه ولن اسامحه ما حييت .
لم يكن سكّر حبيبتي قويا لدرجة الغيبوبة لكنه حقنها بما لا يناسب مرضها فكانت بسمتها قاتلة مقتولة وهي تودعني وتنظر لمدى ابعد من مدى عالمنا الفاني الظلوم
كانت نخلتي مبتسمة في سؤالها الاخير عني بنفس العبارة "كيف حالك ؟
قتلت زوجتي ونصف عائلتي بشرور دول فاعلة ودول تابعة نعم قتلت واستشهدت نخلتي تحت القصف المكثف ولم تشأ ان تغادر مكانها و رفضت التهجير وكان القصف على أشدّه والناس في مشهد من الرعب والفزع والشهادة والموت المجاني ألا سحقا لتجار الحروب والخوانين والمحتلين جميعا وللطامعين ببلادي وخيراتها
اي صديقي باسل
كنت قبل ان أراها مودعة
صليت في الحديقة طالبا لرفيقة دربي ونخلتي الباسقة الشفاء و لكن يالحرقتي لما عدت لغرفة مشفى الموت التي كانت تقيم فيه نخلتي اعدت الصلاة فابتسمت في فتور وقالت لي "كيف حالك ؟"
ثم توارت نخلتي وراء سجف الظلام وتوارت كيف حالك من فم الكلام
وصمتت بين ذراعي
اواه اواه مما عشت
اواه من طعون القدر
اواه من يوم مكفهر ومن بلد تخرّب وانفجر.
صديقي باسل ماذا يفعل زوج امام زوجة محبوبة غادرت , وام اولاده الراحلين والباقين ؟ماذا يفعل زوج وهو امام نوارة فائحة ونخلة باسقة تهاوتا في أحضانه ؟
ماذا يقول زوج امام عصفورته الطائرة المحلقة بعيدا وهي بعد في ريعان العمر ؟
اه في الصمت
اه في القلب
اه في الحلق
اه في العين
اه في الراس
أه في انفس
اه في الروح
اهات في الدرب
وبكل اهات الارض كنت اودعها
كم كان من احلك لحظات عمري نقل الخبر لولديّ العزيزين الطفلين المتعلقين تعلقا شديدا بأمهما النخلة
في تلك اللحظة كنت مشتتا بين ان اعلم العائلة واخرج حبيبتي في ظروف حرب من المستشفى وبين اخبار ولدي الطفلين الصغيرين باقتم خبر صادم لهما

رباه اعني على ان اكون في صبر ايوب وفي حكمة سليمان امام هذه المصائب المتراكمة في برهة من زمن .....
رباه كيف سأخبر صغيرين بأنذ امهما اتي ودت وحضنت وربذت وربذتت بحنان عليهما واعطت منحياتها هما كلما استحقا عطاء

كيف ساخبر طفلين عاشا مدة قصيرة في رعايةأم المودة والحنان ،انّ الام رحلت والمودّ والحنان رحلا معها .رباه كيف ساخبرهما انّ ذاك الحنان من ذاك النعيم قد أسدل عليه الستارإلى الابد وان تلك الام المعطاء البسامة الغضوبة بحكمة وود خفيّ رؤوف رقيق رهيف حين الحزم تلك الجوهرة السامية ونعمة من نعم الدنيا والأخرة تلك التي حملت ولدت بعسر وسهرت الليالي وانامت وارضعت وربت وعلمت وقبلت وابتسمت وقطبت عند الغضب وعفت بحلم ونظرت دائما لصغيريها بحلم وامل وحب دفاق وهما ينهضان من سبات طفولي عميق بل وأفاقتهما بعطف الدنيا وأحضرت فطور الصباح ولمجة العاشرة التي كانت تدسها في حقيبة الدراسة وبين الكتب وفطور منتصف النهار والعشاء ؟؟؟كيف سيكون حالهما على كل موائد هذه الازمنة ؟كيف سيرتميان على سرير فرغ من الأمومة ؟كيف ستكون صباحاتهما بدون النخلة الجميلة اهفهافة الاصيلة ؟وكيف سيصبح انا صباحي وضحاي ومسائي وسمري دون النخلة أسطورة الحب في حياتي
رباه رباه اشياء البيت التي كانت في يدها بتفاصيلها ستؤلم طفلي الحبيبين كما كانت تؤلمني بل كما هي للأن تؤلمني
قرتي عيني فراتي رافدي ابوكما موجوع موجوع ويجب ان يصمت ويكتم انفاسه
رباه أمي يا اماه يا باسلة ماذا سافعل ونخلتي تركت لي رافدين ودودين عزيزين رائعين جميلين لا اريدهما ينتحبان ولا يحزنان ،لا أريدهما يحطمان بهذه الصدمة المروعة,
باسلة اماه يا من انجبت رجالا قاتلوا الاستعمار والويلات ونساء في قمة الوفاء والعطاء من لي ليشد أزري شدي باسلتي شدي أزري ه اماه طفلاي يبكيان أمهما وبنيتي دجلتي الأخرى تبكيها وهي لما تفقه من الحياة إلا اشهرا من سيرضعها من سيربيها من سيعلمها الصحيح من الخطإ
اماه انا لا اعرف كيف اغير الحفاظات ولا كيف ارضع بنية الأشهر التي حرمت من حليب الام ولا كيف أجلب لها حليبا في هذا الحصار الرهيب الذي حرم أطفالنا الحليب والدواء لم أعد احتمل موتا اخر محمد وايوب و..............................
أماه يا باسلة قولي لي وأنت حكيمتنا كيف سأخبر صغيريّ بوفاة أمهما كيف سأسكت دجلة حين يحين وقت حليبها كيف ساهدهد نومها لتبتسم نائمة في حضن الأمومة
أماه ارى بنيتي الرضيعة مقطّبة الجبين تبكي بحرقة أمها حزينة عليها ،أيحزن رضيع على امه يا اماه اه كم أخشى من الحزن اخشى ان اموت انا أيضا واترك اطفالي لليتم والتحزان
أماه ابتهلي ابتهلي معي كي أكون قويا صبورا أعتى من الأحزان كي اواصل الأمانة
أماه باسلتي اقول ساهز بجذع النخلة يساقط علي الرطب واغليه لدجلةتي وأسقنيها ماءه عوض الحليب أماه حتى النخيل أحرقوه فانى لي بالغذاء والدواء لابنائي ورضيعتي أنى لاطفالنا بالحياة؟وانا لا لا اريد لبنيتي أن تموت عطشا و جوعا ساخترق القنابل والطائرات والبراميل المتفجرة وامشي عشرات اكيلمترات عساني أجد لدجلتي علبة حليب تسكن بهاعطشها
أماهل ا اريد لأطفالي ان يكبرا في التحزان
رباه اجعل ميزان الايام معنا ولا تجعله ضدنا لقد أنهكتنا الدروب الوعرة تعبت تعبت تعبت،،تعبنا تعبنا تعبنا
نفيسة التريكي عن قصة حقيقية
نص متواصل
حكاية من وحي الواقع من قصة حقيقية عاشها صديق عراقي منعم ال عدنان وطلب مني صياغتها وكان يقول دائما انها قصة صاغ الالم احداثها فالله يعينني على ان اكون في مستوى ثقتة بي والامانة الجسيمة التي بها ارواح شهداء ورمز لحكاية بلد باسره بل امة






  رد مع اقتباس
/
قديم 26-07-2022, 02:14 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
قصي المحمود
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
العراق

الصورة الرمزية قصي المحمود

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

قصي المحمود غير متواجد حالياً


افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نفيسة التريكي مشاهدة المشاركة
ابسامة نخلتي

ذات شتاء شديد البرودة كان الفتى الجلجامشيّ منعم أبو فرات يقلّب البوم الصّور في ليلة ليلاء وقد أصابه ارق مؤرّق بعد يوم متعب من العمل .
فنال نفسه بعض ألم وهزّه الحنين هزّا لاستحضار اقسى ذكرياته الّتي صدمت قلبه وغيّرت كل مجريات حياته
ومضى في البومه بين الوجوه الاليفة الحنونة الودودة في لهفة حنين وانين الصامت الصبور الصامد يطوي الورقة تلو الأخرى .
فتارة تسّاقط من عينيه دمعتان عزيزتان وطورا يضرب الارض بقدم يؤرجحها من السرير على بلاط غرفة النوم التي حملت في كل أرجائها أسرار الحب والولادة والحياة بافراحها واتراحها ،واحيانا كان يضرب بيده
راس السرير لالم المّ به وبرأسه ويفرك جبهته بين يديه ،فيتضاعف ألمه حين كان يذكر تلك اليد الحنونة التي كانت تبسمل وتقرأ ايات الشفاء وهي تبعد عنه الوجع. وتتالت الايام في دعة وراحة بال ولكن
"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" فقد انكسر الامل بالالم منذ ذاك اليوم المشؤوم ،فّمنذ ذاك اليوم المدلهمّ
ما أحسّ براحة ،منذ ذلك اليوم القاسي ما ابهرته ولا أسرته مباهج الحياة والوانها
ولا تذوّق بعد ذاك اليوم الشّديد القسوة الصّعب لذيذ شاي ولا قهوة ولا طعام ولا زارت شفتيه بسمة سوى لسخرية او استهزاء من الزمن اللعوب.
فكل حركة وكل همسة وكل طعم وكل رائحة وكل ملمس زهرة او شجرة وكل زقزقة طير او هديل حمام كانت مختلفة عما كانت عليه من قبل ،وكل الوجوه كانت تبدو كأنها وجه ذاك الملاك المسافر للأّاقاصي ،فكنت تجده يعيش في الماضي أكثر مما في الحاضر وـأحيانا تختلط الأزمنة في ذاكرته وأنه فتراه يتوقّف عند وجه هذه
أو تلك عساه يرى فيه شيئا من ملامحملاكه اوبريقا من عينيها أو لفتة من نظرتها أو هي هي ذاته قد تمر به في ومضة من زمن وتطل عيه من هنالك الهنالكزززلا لا ثم يهتز ويعوذ للحظته الواقعية متسائلا في صمته لا ليست هي اين هذة من ملاكي يهمس داخله
ليس هذا ببياضها الحليبي الطفولي ولاهوسواد عينيها ولا تلك استدارة محياها ولا ذاك ضوء خديها ..
يعود للحياة ولكن عودة بلا طعم ولا مشاعر تحس بدقائق الامور كما كان من قبل
كل التفاصيل الدقيقة وأصوات البيت وضجيج السوق ...كل شيء حتى بعض الغضب او بعض الهدوء ...كل شيء كان حمّالا للذكرى حتى أنفاسه وتنهيداته وأهاته الصامتة الأسيرة التي كان يختنق بها صدره ويخفيها عن الجميع والتي كانت تنفضح وتفضحه في لهيب سجائره المتلاحقة المشتعلة سيجارة من سيجارة .
كل شيء كان يذكّره بما فات من عيش مبتسم دافئ رغم ما واجهه من زلازل وأحداث جسام بعثرت السكون والهدوء وحولتهما صخبا وضجيجا وصراخا تبثه القنابل والصواريخ الفتاكة والطائرات النفاثة لسموم الجشع والابتزاز والسطو والغطرسة وهي من أبشع البشاعات راى خلاها كل ما يحمله البشر من شر لتدمير اخيه الانسان بل تدمير الطبيعة كلها تحت حصارات وحروب واحتلال ثلاثيني تقوده امريكا
ورغم ما كان من حصارات و صراعات حروب فقد ثبت ذاك اليوم ثبوتا في روزنامة احزانه كما ثبتت ايام الجمر واقهر والفوضى الخناقة .
لقد رأى بامّ عينه عائلات باسرها تمحى وعاش أوقاتا صعبة جدا تحت احتلال شرس لعين مجرم سفاح ظلوم متوحّش دمويّ.
فكم طعن في كتفه بسلاح الجندي الامركي الذي كان يقتحم عليه غرفة نومه مرارا ليذله او يهدده بالقتل..وكم اهتز بيته وخاف أطفاله خوفا شديدا من أصوات الرعب وشظايا الأسلحة الفتاكة ،اسلحة الدمار الشامل الحقيقية من براميل مفخخة و طائرات الف16 والصواريخ العابرة للقارات التي هزت بغداد بفاجعة العامرية وكم سمع عن سلاح مسافر عبر القارات يجربه الطغاة في لحم اهله ودماء الابرياء من ابناء شعبه بملجإ العامرية وعلى امتداد البلاد..
لكن رغم كل ما كان من رعب وفزع وخوف كان الامل قائما في بيته في استمرار الحياة رغم الداء والاعداء . واحسرتاه واحسرتاه ذهب حتى ذاك الهدوء وتبدّدت تلك السكينة النسبية وراح ذاك الدفء و وتمزق تماسك العائلة المستظلة بنخلتها الصبورة الحكيمة الوفية لزوجها والمحبة لابنائها ربة البيت الصالحة والمدبرة الذكية والمهتمة ببيتها واولادها وزوجها دون شكوى ولا ملل ولا كلل تلك هي الثابتة ال-فرعها في السماء
نلخلته الشامخة الثابتة الاصيلة
اه اأواه اه
"كل الوان التحزان كانت بشعة "قالها لصاحبه باسل وهويسرد عليه قصته الحزينة فقد حذثه ببنات صدره ليتنفس قليلا من وزر الأيم الحارقة اتي خلفت في نفسه شروخا وجروحا وقدتلاحق الدمع قطرات حتى ملأعينيه وهو يقول :
يا صاحبي اصابني الهول والويل وانا أرى بلدي شظايا وحتى اليوم لمأبرأمن تلك الكوابيس وأصوات اطائرات وصفارات الإنذار و ولكن ما اصاب قلبي ذاك في اليوم القاتل كان تحزانا فريدا أاصاب المكنون والخلايا وانغرست في دمي الامه .
تحزان ذاك اليوم الأسود كان قاتما ترسّخ في الفؤاد والذاكرة
ذاك اليوم من شتاء قاس بارد وسماء متجهمة مدلهّمة كان مكفهرا
في الطبيعة وفي حياتي ،يا صاحبي باسل ،كان ثقيلا ذاك القهر ثقيلا أثقل من الرواسي ..
في ذاك اليوم بكاني الليل وبكتني شجرتي الزوراوية الثابتته على صنوف القهر والحاملة لاسمين حبيبين :س نخلة وم ابو فرات
لقد كتبت الحروف بانامل الحب ومن أشعة النجوم ومن لالئ الكواكب ، فتشابكت الأصابع لتحفر نقشها العاشق على تلك الشجرة شجرة المحبة للخلود .
ما اقوى الحب انه اعظم من الحروب والموت ."
فالذكرى تلو الذكرى وشجرة م ابو فرات وس نخلة شامخة في ارضها وحروفها محفورة خالدة في قلب الحب وبصره وبصيرته ،
لكنّ القدر ابى الا أن يبعث بهجماته وعواصفه وانوائه ففرّق قلبين عاشقين حبيبين كانا معا يسيران في دروب الحياة امتضادة امتصارعة بما لها وما عليها .
اه منك واه يا قدر ا
"اللهم لا اعتراض " كان في صمته وفي جهره يرددها بايمان رجل حزين لم يفتّ الحزن من عزمه ولا قللت الانواء من ايمانه بان المقدر كائن لا محالة والله عنده حسن العاقبة وجزاء المتحنين الصابرين صبر ايوبوالذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا ان لله وان ابه راجعون
يردد ذلك كله حتى لا ينهار تماما فامامه ايتام لا بد الا يضعف امامهم ابدا ولا بد ان يمح احزن عن قلوبهم الصغيرة ويربت على مشاعرهم الطرية و لكنه ينحني قليلا على نفسه ضاغطا على صدره الموجوع بين يديه مخاطبا القدر في عتب قائلا : كم تدوسنا احيانا بما لا يتحمله البشر أيها القدر
,ولولا أنّ في قلب المؤمن داىما صوتا يناديه :" لكل اجل كتاب و لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
لولا هذا الايمان الراسخ بأنّ الموت حتم وله أسبابه ولكل موت سبب ولولا اليقين باننا سنعبر هذه الدنيا كما عبرها غيرنا قبلنا وسنلاقي غدا ربا رؤوفا بالصالحين والصالحات والصابرين والصابرات الصامدين والصامدات والمؤمنين والمؤمنات والمبشرين والمبشرات بالنعيم .
لولا كل هذا الصبر والتصبير لكان انفطر القلب انفطارا .
لقد كان م ابو فرات رجلا مؤمنا ورعا يصمد في الشدائد بصبر ويمحق حزنه بايمانه مهما قست الايام عليه ولكن نار الشوق المختلطة بنار الحزن تجعله يعود دائما لالبوم الصور الحبيبة .

و....حين قيلولة وهو على تلك الحال من الاسى في لحظة تقليبه للصور العائلية اخذه النعاس من شدة وجع الذكرى .
وبين الفينة والأخرى كان يتقلب عل جنبيه ،فاذ به رأى امرا عجبا ومعجزا فقد كان الحلم في ذاك اليوم ملحّا عليه إلحاحا فرأى سماءه الشامخة في نورها الأرجواني ولباسها الحريريّ الأخضر المطرز بالزهور
وفي سنة من نعاس سرّه ما رأى إنه الطيف الطيف ذاك الطيف العزيز كان ماثلا أمامه فما كان اسعده
في ذاك الحين.
تمتم في صمته رباه رباه يا الله لعلك اردت ان تهوّن علي قليلا وتبدّد عتمة احزاني واهديتني حلما مع ذاك الطيف العزيز علي ،وسمع منعم ابو فرات في غفوته صوتا ناداه : " منعم منعم لا تقنط
الحياة تستمر أوصيك باطفالنا وبنفسك خيرا اعرف انك تحبّني كثيرا فليكن كل هذا الحب اليوم لاطفالنا
كن لهم الام والاب وحاقظ على نفسك فلا أريدك تعمى من الحزن ولا اريد لقلبك ان يموت ولا لبسمتك ان تخفى اترك الحياة تنبض فيك منعمي الغالي ،روح دمي ،حبي ووالد ابنائي وبناتي ".

تمتّع أ بو فرات في غفوته بذاك النداء العاشق وقام يفرك عينيه من لحظة بين النوم واليقظة وكم ارادها
ان تطول لكنها سرعان ما افلت .
ولما استفاق تماما وصحا صحت الذكرى معه ومرت بخاطره وقلبه كوخز إبر ، فتراءت له في اليقظة نخلته العالية باسقة في فضاء رحب يغلب عليه الخضار .فبسمل وحوقل وقام لتوه وأقام صلاة الفجر وقرا ما تيسّر
من القران الكريم وأطال الادعية بالصبر له ولصغاره وبالرحمة على أصيلته الثابتته الفرعاء الحسناء الغيداء .
ثم شرب كوب ماء ثم عاد لسريره يستغفر ويطلب اللطف ويقلّب الذكريات تترى حتى اخذه النعاس من جديد .فرأى نفسه بحديقة وارفة الشجر فسيحة الأرجاء كثيرة النبات والزهور والفراشات وكان يسير فيها على مهل
فاختلط عليه الامر بين الحلم واليقظة والخيال والرؤى وعاد لابلوم الصور يطوي اوراقه طيا .
فبدت عروسه امامه مختالة في لباس عرسها بسامة فرحة وكانها تعيد له ذات السؤال الذي ملأ كل فضاءات روحه ذكرى فرح وحزن "كيف حالك"باسمة رآها وكيف حالك ؟باكية رأها كأن هذا الاستفهام حمل كل معانيه االبلاغية من قلق وحيرة وتعجب وإنكار
"رباه اجرني" قال في قلبه المخلوع المخدوع بحلم ثانية
رباه اجرني من "كيف حالك "سؤال حملته بسمتها العاشقة وحملته بسمتها المودّعة
وقد قال محدثا صديقه الودود باسل :
ا أخي باسل
"في ذاك اليوم صليت في ساحة مشفى الموت المجاني الذي أكرهه كرها شديدا ذاك المشفى اللامبالي بأرواح الناس حيث خسرت نصف عائلتي ،مشفى هو عنوان الاهمال الطبي وعدم المبالاة ،لقد رحل هناك ابي وابني ّوابنتي وزوجتي..إنه المبكى وليس المشفى ما كنت رأيت من طواقمه اهتماما بالمرضى ولا التزاما بالحرص على أرواح الناس كان هم بعضهم تجميع المال ونهب الفقراء والتعامل مع صيدليات بعينونها هي بالتحديد لشراء الدواء ،الله أعلم ماكانت تحمل لنا من موت في أدويتها وإبرها...
يالتجارالحروب وياللجرائم رباه اذقهم جميعا مما اذاقونا من علقم . ..
كل مافي حياتنا كان معرضا للنسف من السماء والارض والماء ...محنة ياصديقي باسل وما أعظمها من محنة صدّ ق او لا تصدق أنّ من بقي منا لم يبقه سوى قدره الحتمي لمواصلة الحياة...
وتستمرّ الحياة كما قالت لي نخلتي"تنفس قليلا ياللغم الذي اصابه ،اختناق تمكن من صوته وجفاف في حنجرته وغصة كانها كتلة دموعاحزن ما تنفجر بعد تلظت بها عينيه ثم واصل حديثه لصديقه باسل قائلا
"في ذاك اليوم الشتوي العاصف قبل أن تدخل الغيبوبة حياتنا المنكوبة
في ذاك اليوم القاسي صليت في حديقة هذا الذي يسمى مستشفى كم اكرهه واكره ذاك الطبيب اللامبالي وكانه لم يكن يعامل بشرا او ربما كان هو في عمقه فاقذ احساس وليس طبيبا انسانيا وربما كان ما فعله بنا الاشرار
كان عمدا وباياد مريبة ونفوس غريبة ترى في عيونها الشرور كلها .
فلاباس لديه ولدى أمثاله الشرسين الموالين للمجرمين ،لا بأس في نظرهم حتى لو حقنت عائلتي وامثالها بدواء فاسد ، بلد كامل ضاع يا صاحبي بين الجريمة والفساد كل جرم البشرية جمع وجاء يقاتل بلدي
رباه الاهل والجيران وما وراء البحار
رباه كم تاذينا
اكره ذاك الرجل المشبوه ولن اسامحه ما حييت .
لم يكن سكّر حبيبتي قويا لدرجة الغيبوبة لكنه حقنها بما لا يناسب مرضها فكانت بسمتها قاتلة مقتولة وهي تودعني وتنظر لمدى ابعد من مدى عالمنا الفاني الظلوم
كانت نخلتي مبتسمة في سؤالها الاخير عني بنفس العبارة "كيف حالك ؟
قتلت زوجتي ونصف عائلتي بشرور دول فاعلة ودول تابعة نعم قتلت واستشهدت نخلتي تحت القصف المكثف ولم تشأ ان تغادر مكانها و رفضت التهجير وكان القصف على أشدّه والناس في مشهد من الرعب والفزع والشهادة والموت المجاني ألا سحقا لتجار الحروب والخوانين والمحتلين جميعا وللطامعين ببلادي وخيراتها
اي صديقي باسل
كنت قبل ان أراها مودعة
صليت في الحديقة طالبا لرفيقة دربي ونخلتي الباسقة الشفاء و لكن يالحرقتي لما عدت لغرفة مشفى الموت التي كانت تقيم فيه نخلتي اعدت الصلاة فابتسمت في فتور وقالت لي "كيف حالك ؟"
ثم توارت نخلتي وراء سجف الظلام وتوارت كيف حالك من فم الكلام
وصمتت بين ذراعي
اواه اواه مما عشت
اواه من طعون القدر
اواه من يوم مكفهر ومن بلد تخرّب وانفجر.
صديقي باسل ماذا يفعل زوج امام زوجة محبوبة غادرت , وام اولاده الراحلين والباقين ؟ماذا يفعل زوج وهو امام نوارة فائحة ونخلة باسقة تهاوتا في أحضانه ؟
ماذا يقول زوج امام عصفورته الطائرة المحلقة بعيدا وهي بعد في ريعان العمر ؟
اه في الصمت
اه في القلب
اه في الحلق
اه في العين
اه في الراس
أه في انفس
اه في الروح
اهات في الدرب
وبكل اهات الارض كنت اودعها
كم كان من احلك لحظات عمري نقل الخبر لولديّ العزيزين الطفلين المتعلقين تعلقا شديدا بأمهما النخلة
في تلك اللحظة كنت مشتتا بين ان اعلم العائلة واخرج حبيبتي في ظروف حرب من المستشفى وبين اخبار ولدي الطفلين الصغيرين باقتم خبر صادم لهما

رباه اعني على ان اكون في صبر ايوب وفي حكمة سليمان امام هذه المصائب المتراكمة في برهة من زمن .....
رباه كيف سأخبر صغيرين بأنذ امهما اتي ودت وحضنت وربذت وربذتت بحنان عليهما واعطت منحياتها هما كلما استحقا عطاء

كيف ساخبر طفلين عاشا مدة قصيرة في رعايةأم المودة والحنان ،انّ الام رحلت والمودّ والحنان رحلا معها .رباه كيف ساخبرهما انّ ذاك الحنان من ذاك النعيم قد أسدل عليه الستارإلى الابد وان تلك الام المعطاء البسامة الغضوبة بحكمة وود خفيّ رؤوف رقيق رهيف حين الحزم تلك الجوهرة السامية ونعمة من نعم الدنيا والأخرة تلك التي حملت ولدت بعسر وسهرت الليالي وانامت وارضعت وربت وعلمت وقبلت وابتسمت وقطبت عند الغضب وعفت بحلم ونظرت دائما لصغيريها بحلم وامل وحب دفاق وهما ينهضان من سبات طفولي عميق بل وأفاقتهما بعطف الدنيا وأحضرت فطور الصباح ولمجة العاشرة التي كانت تدسها في حقيبة الدراسة وبين الكتب وفطور منتصف النهار والعشاء ؟؟؟كيف سيكون حالهما على كل موائد هذه الازمنة ؟كيف سيرتميان على سرير فرغ من الأمومة ؟كيف ستكون صباحاتهما بدون النخلة الجميلة اهفهافة الاصيلة ؟وكيف سيصبح انا صباحي وضحاي ومسائي وسمري دون النخلة أسطورة الحب في حياتي
رباه رباه اشياء البيت التي كانت في يدها بتفاصيلها ستؤلم طفلي الحبيبين كما كانت تؤلمني بل كما هي للأن تؤلمني
قرتي عيني فراتي رافدي ابوكما موجوع موجوع ويجب ان يصمت ويكتم انفاسه
رباه أمي يا اماه يا باسلة ماذا سافعل ونخلتي تركت لي رافدين ودودين عزيزين رائعين جميلين لا اريدهما ينتحبان ولا يحزنان ،لا أريدهما يحطمان بهذه الصدمة المروعة,
باسلة اماه يا من انجبت رجالا قاتلوا الاستعمار والويلات ونساء في قمة الوفاء والعطاء من لي ليشد أزري شدي باسلتي شدي أزري ه اماه طفلاي يبكيان أمهما وبنيتي دجلتي الأخرى تبكيها وهي لما تفقه من الحياة إلا اشهرا من سيرضعها من سيربيها من سيعلمها الصحيح من الخطإ
اماه انا لا اعرف كيف اغير الحفاظات ولا كيف ارضع بنية الأشهر التي حرمت من حليب الام ولا كيف أجلب لها حليبا في هذا الحصار الرهيب الذي حرم أطفالنا الحليب والدواء لم أعد احتمل موتا اخر محمد وايوب و..............................
أماه يا باسلة قولي لي وأنت حكيمتنا كيف سأخبر صغيريّ بوفاة أمهما كيف سأسكت دجلة حين يحين وقت حليبها كيف ساهدهد نومها لتبتسم نائمة في حضن الأمومة
أماه ارى بنيتي الرضيعة مقطّبة الجبين تبكي بحرقة أمها حزينة عليها ،أيحزن رضيع على امه يا اماه اه كم أخشى من الحزن اخشى ان اموت انا أيضا واترك اطفالي لليتم والتحزان
أماه ابتهلي ابتهلي معي كي أكون قويا صبورا أعتى من الأحزان كي اواصل الأمانة
أماه باسلتي اقول ساهز بجذع النخلة يساقط علي الرطب واغليه لدجلةتي وأسقنيها ماءه عوض الحليب أماه حتى النخيل أحرقوه فانى لي بالغذاء والدواء لابنائي ورضيعتي أنى لاطفالنا بالحياة؟وانا لا لا اريد لبنيتي أن تموت عطشا و جوعا ساخترق القنابل والطائرات والبراميل المتفجرة وامشي عشرات اكيلمترات عساني أجد لدجلتي علبة حليب تسكن بهاعطشها
أماهل ا اريد لأطفالي ان يكبرا في التحزان
رباه اجعل ميزان الايام معنا ولا تجعله ضدنا لقد أنهكتنا الدروب الوعرة تعبت تعبت تعبت،،تعبنا تعبنا تعبنا
نفيسة التريكي عن قصة حقيقية
نص متواصل
حكاية من وحي الواقع من قصة حقيقية عاشها صديق عراقي منعم ال عدنان وطلب مني صياغتها وكان يقول دائما انها قصة صاغ الالم احداثها فالله يعينني على ان اكون في مستوى ثقتة بي والامانة الجسيمة التي بها ارواح شهداء ورمز لحكاية بلد باسره بل امة
نعم ...ما عاشه الأخ منعم عشناه جميعا، شخصيا عشرة من ابناء عمومتي وابن أخي فقدتهم تباعا وكدت أنا ايضا لولا لطف الله، عانيناه وعاناه أغلب العراقيين الوطنيين الشرفاء وخصوصا العروبين بعد الاحتلال وذقنا مرارته، الاحتلال والمرتزقة والخونة تجمعوا يدفعهم الحقد على العراق العربي فتم احتلاله وقتل نخبه وعلماءه ونهب ثرواته، مؤلم جرحنا
النفيسة الفاضلة الأديبة نفيسة لكم انحناءة تقدير وامتنان







  رد مع اقتباس
/
قديم 04-08-2022, 06:53 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

نعم ...ما عاشه الأخ منعم عشناه جميعا، شخصيا عشرة من ابناء عمومتي وابن أخي فقدتهم تباعا وكدت أنا ايضا لولا لطف الله، عانيناه وعاناه أغلب العراقيين الوطنيين الشرفاء وخصوصا العروبين بعد الاحتلال وذقنا مرارته، الاحتلال والمرتزقة والخونة تجمعوا يدفعهم الحقد على العراق العربي فتم احتلاله وقتل نخبه وعلماءه ونهب ثرواته، مؤلم جرحنا
النفيسة الفاضلة الأديبة نفيسة لكم انحناءة تقدير وامتنان
الاديب العراقي قصي المحمود
اترحم على الشهداء جميعا والله يحمي العراق من الفتن والويلات فالمتربصون به كثيرون






  رد مع اقتباس
/
قديم 09-08-2022, 12:34 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

ابسامة نخلتي

ذات شتاء شديد البرودة كان الفتى الجلجامشيّ أبو فرات يقلّب البوم الصّور في ليلة ليلاء وقد أصابه ارق مؤرّق بعد يوم متعب من العمل .
فنال نفسه بعض ألم وهزّه الحنين هزّا لاستحضار اقسى ذكرياته الّتي صدمت قلبه وغيّرت كل مجريات حياته
ومضى في البومه بين الوجوه الاليفة الحنونة الودودة في لهفة حنين وانين الصّامت الصّبور الصّامد
يطوي الورقة تلو الأخرى .
فتارة تسّاقط من عينيه دمعتان عزيزتان وطورا يضرب الارض بقدم يؤرجحها من السّّرير على بلاط غرفة النّّوم التي حملت في كلّ أرجائها أسرار الحب ّوالولادة والحياة بافراحها واتراحها ،واحيانا كان يضرب بيده
راس السرير لالم المّ به وبرأسه ويفرك جبهته بين يديه ،فيتضاعف ألمه حين كان يذكر تلك اليد الحنونة
التي كانت تبسمل وتقرأ له ّايات الشفاء وهي تبعد عنه الوجع.
وتتالت الايام في دعة وراحة بال ولكن ...
"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" فقد انكسر الامل بالالم منذ ذاك اليوم المشؤوم ،فّمنذ ذاك اليوم المدلهمّ
ما أحسّ براحة ، و ّمنذ ذلك اليوم القاسي ما ابهرته ولا أسرته مباهج الحياة والوانها و رواحها وطعمها وملمسها واصواتها الساحرة من وقزقات وهديل وهسهسات لكانه فقد احاسيسه وحواسه لحين.
ولا تذوّق بعد ذاك اليوم الشّديد القسوة الصّعب لذيذ شاي ولا قهوة ولا طعام ولا زارت شفتيه بسمة سوى لسخرية او استهزاء من الزمن اللعوب.
فكل حركة وكل همسة وكل طعم وكل رائحة وكل ملمس زهرة او شجرة وكل زقزقة طير او هديل حمام كانت مختلفة عما كانت عليه من قبل ،وكل الوجوه كانت تبدو كأنها وجه ذاك الملاك المسافر للأّقاصي .
فكنت تجده يعيش في الماضي أكثر مما في الحاضر وـأحيانا تختلط الأزمنة في ذاكرته وأنه فتراه يتوقّف عند وجه هذه أ وتلك إذ يغتم بعمق فتتغيّم رؤاه لثانية ثم يحرك بقوة رأسه كانه يصفع ذاكرة تغريه بالمستحيل
عساه يرى شيئا من ملامح ملاكه اوبريقا من عينيها أو لفتة من نظرتها أو هي هي ذاتها قد تمرّّ به في ومضة من زمن وتطل عليه من هاهناك هنالك الهنالك .....
....لا لا..انّ تلك الرؤى لمجرّد اوهام لا بدّ من مقاومتها . كذا كان يستنهض وعيه داخله ثم يهتز ويعود للحظته الواقعية متسائلا في صمته :لا ليست هي ، ليست ملاكي هذه العابرة ،ّّاين هذه أوتلك من ملاكي ؟
يهمس داخله
"ليس هذا بياضها الحليبي الطفولي ولاهوسواد عينيها ولا تلك استدارة محياها ولا ذاك ضوء خديها .."
ثم ...
يعود للحياة ولكن عودة بلا طعم ولا مشاعر تحسّ بدقائق الامور كما كان من قبل .
ّّالان بداخله فوضى مشاعر وغمام رؤى وتحزان مزلزل يهز كيانه هزا و أحاسيس تمزّق وجوده ووجدانه يخفيها في داخله ويقاتل دخانها بسجائره التي ازدادت رفقتها معه وازداد بها التحاما ،فلعله كان يرى دخانها المصّاعد من فيه هو دخان أنفاسه وقلبه المحترق المغرورق بالدموع بل دخان بلده المقهور أيضا .ّ.
ما الحل في فوضاه الغشيمة وفوضى البلد التي قلبت كل الأوضاع؟
ماذا سيفعل بعدها وهل فعلا بقي بعدها؟ل
لا لا لم ترحل إنها في كل الأنحاء والارجاء...
لا لا ايّها الواهم المتصبّر بذكراك ورؤاك وأخيلتك
لا لا رحلت صدّق صدّق ،،انها رحلت وانها ليست بالبيت بيتك ،ليست في المطبخ ّتعدالطعام اللذيذ المتنوع لتدللك وتدلل الاولاد ،ليست بغرفة النوم ّترتبها لسهرات الوداد والحكايا ،ليست في البهو النظيف المبخّّّر،أصابعها لا تتحرّك في مسبحتها يوم الجمعة او في سائر الايام لا لا تقلذب مصحفها لتقرأ ماتيسر من القرأن وكتب السير والانبياء .
صدّق يافتى أنها لا تسقي الحمامة ولا ترش ّالحديقة مساء بعد القرّ ولا تستقبلك من العمل ببسمة ساحرة تقول لك فيها صامتة قنوعة محبّة : "أعانك الله وابقاك لنا أحبّك رفيق دربي ......."
صدق ايّّها المسكون بالمستحيل بالوهم بالذكرى
صدّّق - وانت المؤمن الراضي بقدرك حتى ولو كان قاسيا-أنها الان قريرة العين هناك في ملكوت الله قرب عرش عظيم ،ايهنعم وياطول تنهيدي-إنها بعيدة عنك مسافة قريبة منك في عمق خلاياك سكناها القلب إنّها
حبّك الاول والاخير ، مشاعرك الاقوى والاصفى والانبل والاكثر توهّجا وفرحا .
صدّق ،أنت الأن اصبحت وحدك يافتى تواجه الحياة ،فلماذا تهرب ؟
لماذا انتبذت مكانا قصيّا بعيداعن اولادك أوليس لهروبك من أسئلتهم وحزنهم الداكن ؟
لماذا لا تريد ان ترى إلا امّك تاتيك خلسة بطعام فقير من خبز وتمر وماء ،طعام حصارات وحروب وذاك ما توفّر لمكائد صاغها عراة من الإنسانية ليس في عقولهم سوى المال والسلاح والهدم وهدر حقوق الشعوب الأخرى وعقوق الأشرار....................
لماذا هجرت بيتك -حبيب النخلة - تكلّم ،بح ،اصرخ ،ابك ،غنّ اشجانك ،ارقص رقصة النوى،اردح ردحك العراقيّ،اخرج منك مرّ الجوى
قل إنك صدّقت ،قل إنك رضيت بالقضاء والقدر، بح لقلبك النازف المجروح ،ضمّد بصبرك القروح --حبيب النخلة -لا وقت للوهم ،لليأس ، للقنوط ،صغارك صغارك صغارك اليسوا امانة بعنقك يا فتى الشداىد؟

........وكان ذاك الفتى الصبور مضطرا أن ينحت من أوجاع صخرة سيزيف ومن تراكم الأحزان فينيق صمود
كل التفاصيل الدقيقة وأصوات البيت وضجيج السوق ...كل شيء حتى بعض الغضب او بعض الهدوء ...
كل شيء كان حمّالا للذكرى حتى أنفاسه وتنهيداته وأهاته الصامتة الأسيرة التي كان يختنق بها صدره ويخفيها عن الجميع والتي كانت تنفضح وتفضحه في لهيب سجائره المتلاحقة المشتعلة سيجارة من سيجارة
ّّّوالتي يعتبرها خله الودود الذي يقاسمه متاعبه بلا مقابل ويهزا بكل من ينبّهه منه ايّّّا كان حتى الأطباء ّفالاطباء حين يقولون له تنحّ عن هذا السم يقول لهم ّ:"كفى لا سمّ ساذوقه اكثر مما ذقت من منضّب ومخصّّب وفسفور أبيض قتل ابنائي محمد وايوب واساور .. ليس في حياتي امرّ من هذا المرّ بل ابقيت لي حياة بعد هذا الموت المدمّر ،ّّالمدبّر باستراتيجيات دولية وإقليمية وبمساعدات باعة الضمائر وحفاتها والخوانين .
سيجارتي عشيرة احزاني لن ارميها الا في بحرما لمّا ارى أملا ما اتنمّسه يكنس ما قبله من ألام..."

هكذا كان أب الشهداء يؤانس صراعاته بدخان من دخان والام وفجيعة الحسارت لا تبرح نبضه وأنفاسه
كل شيء كان يذكّره بما فات من عيش مبتسم دافئ رغم ما واجهه من زلازل وأحداث جسام بعثرت السكون والهدوء وحولتهما صخبا وضجيجا وصراخا تبثه القنابل والصواريخ الفتاكة وأختها العابرة للقارات والطائرات النفاثة والبراميل المتفجرة التي تأتي على الأخضر واليابس . يالها من سموم الجشع والابتزاز والسطو والغطرسة وهي من أبشع البشاعات التي راى خلاها كل ما يحمله الإنسان من شر لتدمير اخيه الانسان
بل لتدمير الطبيعة كلها والوجود تحت حصارات وحروب واحتلال ثلاثيني من امكر واشنع ما رات البشرية عبرالعصور ..........
كانت تقوده امريكا سيدة الأرض والسماء والبحار بقوة القوة وسطوة المال والسلاح والنفوذ الشراني
و لكن رغم ما كان من حصارات و صراعات حروب وفتنداخلية مزقت ابلدغربا غربا فقد ثبت ذاك اليوم ثبوتا في روزنامة احزانه كما ثبتت ايام الجمر والقهر والفوضى الخناقة .
لقد رأى بامّ عينه عائلات باسرها تمحى وعاش أوقاتا صعبة جدا تحت احتلال شرس لعين مجرم سفاح ظلوم متوحّش دمويّ.راى ابا يهرب ببعض اولاد ويرى بنية من بناته تردم تحت القصف الهدار باصوات الرعب
رأى احد ابنائه يهتز رعبا من أصوات قاصفة راعدة مبرقة مرعبة قتلت الفراشات والعصافير وارعبت الاطفال الابرياء رعبا ما بعده رعب ...
أي بشاعة ربا ه في هذه الحروب من اجل ّماذا كل هذا ؟من اجل ماذا ؟امن اجل النفط ؟خذوه امن اجل تجارب اسلحتكم برؤوسنا ؟جربوها في اماكن بعيدة عنا ،امن أجل استراتيجيات المليار الذهبي البشري ؟أنصبتم انفسكم اربابا على البشرية تقررون لها ما تشاؤون تتركون من تتركون حيا وتقتلون من لا ترغبون بحياتهم ؟
أففففففففف
ففففففف من هذا الكبر والتجبّرأففففففف

في النهاية لستم سوى بشر مثلنا ستنالون من الأرض شبرا وتعودون ترابا كما بدأتم لا غير ...
أيها الشذوذ المكر الرعب الإرهاب الكذب الخديعة لا فتاك غيركم ولافتك غير ما فعلتم ولا موت دمار شامل سوى بما قتلتم به أطفالنا ونسفتم به سماءنا وارضنا وإنساننا المسالم المقيم في أرضه اعزل .
لكن ..نحن الاباة من سلالة حمورابي وجلجامش والحسين لن تنالوا منا يا حشرات الحضارة
فكم طعنني في كتفي بسلاحه الحقير الجندي الامركي او الاوكراني الذي كان دومايصاحب سيده المتوحش لينفذ طلباته العنيفة الاجرامية وكم داسواعلى جرحانا بأحذيتهم اللعينة القذرة وذاك المستهتر الأفاق المثلي الوسخ المتصهين الوحش كم ا كان يقتحم عليي غرفة نومي مرارا ليذلني او يهددني بالقتل..وكم اهتز بيتي وخاف أطفالي خوفا شديدا من أصوات الرعب وشظايا الأسلحة الفتاكة ،اسلحة الدمار الشامل الحقيقية من براميل مفخخة و طائرات الف16 والصواريخ العابرة للقارات التي هزت بغداد بفاجعة العامرية سلاح مسافر عبر القارات يجربه الطغاة في لحم اهلي ودماء الابرياء من ابناء شعبي بملجإ العامرية حيث بصمات اللحم المحروق على الحيطان لن تمحى جرائم الحرب تلك ولن يمسحها التقادم وعلى امتداد البلاد..
لكن رغم كل ما كان من رعب وفزع وخوف كان الامل قائما في بيتي في استمرار الحياة رغم الداء والاعداء .
في بيتي الذي تمسّكت به أنا ونخلتي. وبسبب ضيق اليد والكبرياء لم نهاجر وبقيت العائلة متشبثة بالارض لاننا كانا نؤمن معا ان لا موت بلا اجل وان الموت في بيتنا افضل من الموت ذلا في مخيم تحت امرة زيد او عمرو ثم لان الهروب لتلك المخيمات كان ايضا يحتاج اموالا طائلة
تدفع لذوي النفوذ او تجار الحروب او المستنفذين المستكرشين السفهاء من الاحزاب التي باعت دم العراق وشعبه لكل الاعداء من الاحزاب ،ففي الحروب تتقلص الفضيلة وتنتشر الرذيلة ويختفي الخلق القويم وينهار وتموت الضمائر وتطغى على البشعين الجشعين غرائز حب المال وتكديسه من الحرام ومن دموع الابرياء ودماىهم، وينظر للحرام بالحلال وللكفر بالسماحة وبالقتل بالواجب وللخيانة بالوطنية وبالطبع في مثل هذه الاوضاع كم كدس ارباب المال من حرام في بطونهم وكم ظلموا من فقراء وضعفاء .
واحسرتاه واحسرتاه ذهب حتى ذاك الهدوء وتبددت تلك السكينة النسبية وراح ذاك الدفء و وتمزق تماسك العائلة المستظلة بنخلتها الصبورة الحكيمة الوفية لزوجها والمحبة لابنائها ربة البيت الصالحة والمدبرة الذكية والمهتمة ببيتها واولادها وزوجها دون شكوى ولا ملل ولا كلل تلك هي الثابتة ال-فرعها في السماء
نلخلتي الشامخة الثابتة الاصيلة
اه اأواه اه
"كل الوان التحزان كانت بشعة "قالها لصاحبه باسل وهويسرد عليه قصته الحزينة فقد حدثه ببنات صدره ليتنفس قليلا من وزر الأيام الحارقة اتي خلفت في نفسه شروخا وجروحا وقد تلاحق الدمع قطرات حتى ملأعينيه وهو يقول :
يا صاحبي اصابني الهول والويل وانا أرى بلدي شظايا وحتى اليوم لم أينس تلك الكوابيس وأصوات الطائرات وصفارات الإنذار و ولكن ما اصاب قلبي ذاك في اليوم القاتل كان تحزانا فريدا أاصاب المكنون والخلايا وانغرست في دمي الامه .

تحزان ذاك اليوم الأسود كان قاتما ترسّخ في الفؤاد والذاكرة
ذاك اليوم من شتاء قاس بارد وسماء متجهمة مدلهّمة كان مكفهرا
في الطبيعة وفي حياتي ،
يا صاحبي باسل ،كان ثقيلا ذاك القهر ثقيلا أثقل من الرواسي ..
في ذاك اليوم بكاني الليل وبكتني شجرتي الزوراوية الثابتته على صنوف القهر والحاملة لاسمين حبيبين :س نخلة وم ابو فرات
لقد كتبت الحروف بانامل الحب ومن أشعة النجوم ومن لالئ الكواكب ، فتشابكت الأصابع لتحفر نقشها العاشق على تلك الشجرة شجرة المحبة للخلود .
ما اقوى الحب انه اعظم من الحروب والموت حين يكون صفيا وفيا."
فالذكرى تلو الذكرى وشجرة م ابو فرات وس ظلت نخلة شامخة في ارضها وحروفها محفورة خالدة في قلب الحب وبصره وبصيرته ،
لكنّ القدر ابى الا أن يبعث بهجماته وعواصفه وانوائه ففرّق قلبين عاشقين حبيبين كانا معا يسيران في دروب الحياة المتضادة المتصارعة بما لها وما عليها .
اه منك واه يا قدر اواه
"اللهم لا اعتراض "
كان في صمته وفي جهره يرددها بايمان رجل حزين لم يفتّ الحزن من عزمه ولا قللت الانواء من ايمانه بان المقدر كائن لا محالة والله عنده حسن العاقبة والجزاء ا
للصابرين صبر ايوب والذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا ان لله وان ابه راجعون

يردد ذلك كله حتى لا ينهار تماما فامامه ايتام لا بد الا يضعف امامهم ابدا ولا بد ان يمسح الحزن عن قلوبهم الصغيرة ويربت على مشاعرهم الطرية و لكنه ينحني قليلا على نفسه ضاغطا على صدره الموجوع بين يديه مخاطبا القدر في عتب قائلا : كم تدوسنا احيانا بما لا يتحمله البشر أيها القدر
,ولولا أنّ في قلب المؤمن داىما صوتا يناديه :" لكل اجل كتاب و لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
لولا هذا الايمان الراسخ بأنّ الموت حتم وله أسبابه ولكل موت سبب ولولا اليقين باننا سنعبر هذه الدنيا كما عبرها غيرنا قبلنا وسنلاقي غدا ربا رؤوفا بالصالحين والصالحات والصابرين والصابرات الصامدين والصامدات والمؤمنين والمؤمنات والمبشرين والمبشرات بالنعيم .
لولا كل هذا الصبر والتصبير لكان انفطر القلب انفطارا .
لقد كان م ابو فرات رجلا مؤمنا ورعا يصمد في الشدائد بصبر ويمحق حزنه بايمانه مهما قست الايام عليه ولكن نار الشوق المختلطة بنار الحزن تجعله يعود دائما لالبوم الصور الحبيبة .

و....حين قيلولة وهو على تلك الحال من الاسى في لحظة تقليبه للصور العائلية اخذه النعاس من شدة وجع الذكرى .
وبين الفينة والأخرى كان يتقلب عل جنبيه ،فاذ به رأى امرا عجبا ومعجزا فقد كان الحلم في ذاك اليوم ملحّا عليه إلحاحا فرأى سماءه الشامخة في نورها الأرجواني ولباسها الحريريّ الأخضر المطرز بالزهور
وفي سنة من نعاس سرّه ما رأى إنه الطيف الطيف ذاك الطيف العزيز كان ماثلا أمامه فما كان اسعده
في ذاك الحين.
تمتم في صمته رباه رباه يا الله لعلك اردت ان تهوّن علي قليلا وتبدّد عتمة احزاني واهديتني حلما
مع ذاك الطيف العزيز علي ،وسمع م ابو فرات في غفوته صوتا ناداه : " أبو فرات ابو فرات لا تقنط ولا تحزن ولا تبتس
الحياة تستمر أوصيك باطفالنا وبنفسك خيرا اعرف انك تحبّني كثيرا فليكن كل هذا الحب اليوم لاطفالنا
كن لهم الام والاب وحاقظ على نفسك فلا أريدك تعمى من الحزن ولا اريد لقلبك ان يموت ولا لبسمتك ان تخفى اترك الحياة تنبض فيك أبوفراتينا الغالي ،روح دمي ،حبي والد ابنائي وبناتي ،نوارة روحي نالوان فراشي الحام حول روحي ، شمسي الباعثة دفءها دوما في الحياة وحاية اولاذن وحياتك،نجومي الساكبة ضوءها لعطاشى الضوء ،مائي الساقي شفاهكم ونعاسي المقدس فرسي الحر الشجاع كريم اليد أصيل امحتديا سليل يعرب وطائر الحرية ابق كما عرفتك ذاك العاشق المبسام ذاك المازح الضحوك ذاك الوفي للجمال والحياة على الدوام هكذا ستبقى بعذ
دي لا بل انا فيك فأن حزنت روحك ينتاب روحي حزن وقد يسري في دماء ابناىنا امقبلين على الحياة لا حبيبي دس على ذاك الغم الويل واركب خيلك الحرة واسرجها وقل رباه أنت الواهب الأمل ومغير الأحوال".

تمتّع أ بو فرات في غفوته بذاك النداء العاشق وقام يفرك عينيه من لحظة بين النوم واليقظة وكم ارادها
ان تطول لكنها سرعان ما افلت .
ولما استفاق تماما وصحا صحت الذكرى معه ومرت بخاطره وقلبه كوخز إبر ، فتراءت له في اليقظة نخلته العالية باسقة في فضاء رحب يغلب عليه الخضار .فبسمل وحوقل وقام لتوه وأقام صلاة الفجر وقرا ما تيسّر
من القران الكريم وأطال الادعية بالصبر له ولصغاره وبالرحمة على أصيلته الثابتته الفرعاء الحسناء الغيداء .
ثم شرب كوب ماء ثم عاد لسريره يستغفر ويطلب اللطف ويقلّب الذكريات تترى حتى اخذه النعاس من جديد .فرأى نفسه بحديقة وارفة الشجر فسيحة الأرجاء كثيرة النبات والزهور والفراشات وكان يسير فيها على مهل
فاختلط عليه الامر بين الحلم واليقظة والخيال والرؤى وعاد لابلوم الصور يطوي اوراقه طيا .
فبدت عروسه امامه مختالة في لباس عرسها بسامة فرحة وكانها تعيد له ذات السؤال الذي ملأ كل فضاءات روحه ذكرى فرح وحزن "كيف حالك"باسمة رآها وكيف حالك ؟باكية رأها كأن هذا الاستفهام حمل كل معانيه االبلاغية من قلق وحيرة وتعجب وإنكار
"رباه اجرني" قال في قلبه المخلوع المخدوع بحلم ثانية
رباه اجرني من "كيف حالك "سؤال حملته بسمتها العاشقة وحملته بسمتها المودّعة
وقد قال محدثا صديقه الودود باسل :
ا أخي باسل
"في ذاك اليوم صليت في ساحة مشفى الموت المجاني الذي أكرهه كرها شديدا ذاك المشفى اللامبالي بأرواح الناس حيث خسرت نصف عائلتي ،مشفى هو عنوان الاهمال الطبي وعدم المبالاة ،لقد رحل هناك ابي وابني ّوابنتي وزوجتي..إنه المبكى وليس المشفى ما كنت رأيت من طواقمه اهتماما بالمرضى ولا التزاما بالحرص على أرواح الناس كان هم بعضهم تجميع المال ونهب الفقراء والتعامل مع صيدليات بعينونها هي بالتحديد لشراء الدواء ،الله أعلم ماكانت تحمل لنا من موت في أدويتها وإبرها...
يالتجارالحروب وياللجرائم رباه اذقهم جميعا مما اذاقونا من علقم . ..
كل مافي حياتنا كان معرضا للنسف من السماء والارض والماء ...محنة ياصديقي باسل وما أعظمها من محنة صدّ ق او لا تصدق أنّ من بقي منا لم يبقه سوى قدره الحتمي لمواصلة الحياة...
وتستمرّ الحياة كما قالت لي نخلتي"تنفس قليلا ياللغم الذي اصابه ،اختناق تمكن من صوته وجفاف في حنجرته وغصة كانها كتلة دموعاحزن ما تنفجر بعد تلظت بها عينيه ثم واصل حديثه لصديقه باسل قائلا
"في ذاك اليوم الشتوي العاصف قبل أن تدخل الغيبوبة حياتنا المنكوبة
في ذاك اليوم القاسي صليت في حديقة هذا الذي يسمى مستشفى كم اكرهه واكره ذاك الطبيب اللامبالي وكانه لم يكن يعامل بشرا او ربما كان هو في عمقه فاقذ احساس وليس طبيبا انسانيا وربما كان ما فعله بنا الاشرار
كان عمدا وباياد مريبة ونفوس غريبة ترى في عيونها الشرور كلها .
فلاباس لديه ولدى أمثاله الشرسين الموالين للمجرمين ،لا بأس في نظرهم حتى لو حقنت عائلتي وامثالها بدواء فاسد ، بلد كامل ضاع يا صاحبي بين الجريمة والفساد كل جرم البشرية جمع وجاء يقاتل بلدي
رباه الاهل والجيران وما وراء البحار
رباه كم تاذينا
اكره ذاك الرجل المشبوه ولن اسامحه ما حييت .
لم يكن سكّر حبيبتي قويا لدرجة الغيبوبة لكنه حقنها بما لا يناسب مرضها فكانت بسمتها قاتلة مقتولة وهي تودعني وتنظر لمدى ابعد من مدى عالمنا الفاني الظلوم
كانت نخلتي مبتسمة في سؤالها الاخير عني بنفس العبارة "كيف حالك ؟
قتلت زوجتي ونصف عائلتي بشرور دول فاعلة ودول تابعة نعم قتلت واستشهدت نخلتي تحت القصف المكثف ولم تشأ ان تغادر مكانها و رفضت التهجير وكان القصف على أشدّه والناس في مشهد من الرعب والفزع والشهادة والموت المجاني ألا سحقا لتجار الحروب والخوانين والمحتلين جميعا وللطامعين ببلادي وخيراتها
اي صديقي باسل
كنت قبل ان أراها مودعة
صليت في الحديقة طالبا لرفيقة دربي ونخلتي الباسقة الشفاء و لكن يالحرقتي لما عدت لغرفة مشفى الموت التي كانت تقيم فيه نخلتي اعدت الصلاة فابتسمت في فتور وقالت لي "كيف حالك ؟"
ثم توارت نخلتي وراء سجف الظلام وتوارت كيف حالك من فم الكلام
وصمتت بين ذراعي
اواه اواه مما عشت
اواه من طعون القدر
اواه من يوم مكفهر ومن بلد تخرّب وانفجر.
صديقي باسل ماذا يفعل زوج امام زوجة محبوبة غادرت , وام اولاده الراحلين والباقين ؟ماذا يفعل زوج وهو امام نوارة فائحة ونخلة باسقة تهاوتا في أحضانه ؟
ماذا يقول زوج امام عصفورته الطائرة المحلقة بعيدا وهي بعد في ريعان العمر ؟
اه في الصمت
اه في القلب
اه في الحلق
اه في العين
اه في الراس
أه في انفس
اه في الروح
اهات في الدرب
وبكل اهات الارض كنت اودعها
كم كان من احلك لحظات عمري نقل الخبر لولديّ العزيزين الطفلين المتعلقين تعلقا شديدا بأمهما النخلة
في تلك اللحظة كنت مشتتا بين ان اعلم العائلة واخرج حبيبتي في ظروف حرب من المستشفى وبين اخبار ولدي الطفلين الصغيرين باقتم خبر صادم لهما

رباه اعني على ان اكون في صبر ايوب وفي حكمة سليمان امام هذه المصائب المتراكمة في برهة من زمن .....
رباه كيف سأخبر صغيرين بأنذ امهما اتي ودت وحضنت وربذت وربذتت بحنان عليهما واعطت منحياتها هما كلما استحقا عطاء

كيف ساخبر طفلين عاشا مدة قصيرة في رعايةأم المودة والحنان ،انّ الام رحلت والمودّ والحنان رحلا معها .رباه كيف ساخبرهما انّ ذاك الحنان من ذاك النعيم قد أسدل عليه الستارإلى الابد وان تلك الام المعطاء البسامة الغضوبة بحكمة وود خفيّ رؤوف رقيق رهيف حين الحزم تلك الجوهرة السامية ونعمة من نعم الدنيا والأخرة تلك التي حملت ولدت بعسر وسهرت الليالي وانامت وارضعت وربت وعلمت وقبلت وابتسمت وقطبت عند الغضب وعفت بحلم ونظرت دائما لصغيريها بحلم وامل وحب دفاق وهما ينهضان من سبات طفولي عميق بل وأفاقتهما بعطف الدنيا وأحضرت فطور الصباح ولمجة العاشرة التي كانت تدسها في حقيبة الدراسة وبين الكتب وفطور منتصف النهار والعشاء ؟؟؟كيف سيكون حالهما على كل موائد هذه الازمنة ؟كيف سيرتميان على سرير فرغ من الأمومة ؟كيف ستكون صباحاتهما بدون النخلة الجميلة اهفهافة الاصيلة ؟وكيف سيصبح انا صباحي وضحاي ومسائي وسمري دون النخلة أسطورة الحب في حياتي
رباه رباه اشياء البيت التي كانت في يدها بتفاصيلها ستؤلم طفلي الحبيبين كما كانت تؤلمني بل كما هي للأن تؤلمني
قرتي عيني فراتي رافدي ابوكما موجوع موجوع ويجب ان يصمت ويكتم انفاسه
رباه أمي يا اماه يا باسلة ماذا سافعل ونخلتي تركت لي رافدين ودودين عزيزين رائعين جميلين لا اريدهما ينتحبان ولا يحزنان ،لا أريدهما يحطمان بهذه الصدمة المروعة,
باسلة اماه يا من انجبت رجالا قاتلوا الاستعمار والويلات ونساء في قمة الوفاء والعطاء من لي ليشد أزري شدي باسلتي شدي أزري ه اماه طفلاي يبكيان أمهما وبنيتي دجلتي الأخرى تبكيها وهي لما تفقه من الحياة إلا اشهرا من سيرضعها من سيربيها من سيعلمها الصحيح من الخطإ
اماه انا لا اعرف كيف اغير الحفاظات ولا كيف ارضع بنية الأشهر التي حرمت من حليب الام ولا كيف أجلب لها حليبا في هذا الحصار الرهيب الذي حرم أطفالنا الحليب والدواء لم أعد احتمل موتا اخر محمد وايوب و..............................
أماه يا باسلة قولي لي وأنت حكيمتنا كيف سأخبر صغيريّ بوفاة أمهما كيف سأسكت دجلة حين يحين وقت حليبها كيف ساهدهد نومها لتبتسم نائمة في حضن الأمومة
أماه ارى بنيتي الرضيعة مقطّبة الجبين تبكي بحرقة أمها حزينة عليها ،أيحزن رضيع على امه يا اماه اه كم أخشى من الحزن اخشى ان اموت انا أيضا واترك اطفالي لليتم والتحزان
أماه ابتهلي ابتهلي معي كي أكون قويا صبورا أعتى من الأحزان كي اواصل الأمانة
أماه باسلتي اقول ساهز بجذع النخلة يساقط علي الرطب واغليه لدجلةتي وأسقنيها ماءه عوض الحليب أماه حتى النخيل أحرقوه فانى لي بالغذاء والدواء لابنائي ورضيعتي أنى لاطفالنا بالحياة؟وانا لا لا اريد لبنيتي أن تموت عطشا و جوعا ساخترق القنابل والطائرات والبراميل المتفجرة وامشي عشرات اكيلمترات عساني أجد لدجلتي علبة حليب تسكن بهاعطشها
أماهل ا اريد لأطفالي ان يكبرا في التحزان
رباه اجعل ميزان الايام معنا ولا تجعله ضدنا لقد أنهكتنا الدروب الوعرة تعبت تعبت تعبت،،تعبنا تعبنا تعبنا
نفيسة التريكي عن قصة حقيقية
نص متواصل
حكاية من وحي الواقع من قصة حقيقية عاشها صديق عراقي منعم ال عدنان وطلب مني صياغتها وكان يقول دائما انها قصة صاغ الالم احداثها فالله يعينني على ان اكون في مستوى ثقتة بي والامانة الجسيمة التي بها ارواح شهداء ورمز لحكاية بلد باسره بل امة






  رد مع اقتباس
/
قديم 16-09-2022, 12:28 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

ابسامة نخلتي

ذات شتاء شديد البرودة كان الفتى الجلجامشيّ أبو فرات يقلّب البوم الصّور في ليلة ليلاء وقد أصابه ارق مؤرّق بعد يوم متعب من العمل .
فنال نفسه بعض ألم وهزّه الحنين هزّا لاستحضار اقسى ذكرياته الّتي صدمت قلبه وغيّرت كل مجريات حياته
ومضى في البومه بين الوجوه الاليفة الحنونة الودودة في لهفة حنين وانين الصّامت الصّبور الصّامد
يطوي الورقة تلو الأخرى .
فتارة تسّاقط من عينيه دمعتان عزيزتان وطورا يضرب الارض بقدم يؤرجحها من السّّرير على بلاط غرفة النّّوم التي حملت في كلّ أرجائها أسرار الحب ّوالولادة والحياة بافراحها واتراحها ،واحيانا كان يضرب بيده
راس السرير لالم المّ به وبرأسه يفرك جبهته بين يديه ،فيتضاعف ألمه حين كان يذكر تلك اليد الحنونة
التي كانت تبسمل وتقرأ له ّايات الشفاء وهي تبعد عنه الوجع.

وتتالت الايّام في دعة وراحة بال ولكن ...
"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" فقد انكسر الامل بالالم منذ ذاك اليوم المشؤوم ،فّمنذ ذاك اليوم المدلهمّ
ما أحسّ براحة ، و ّمنذ ذلك اليوم القاسي ما ابهرته ولا أسرته مباهج الحياة والوانها و روائحها وطعمها وملمسها واصواتها الساحرة من زقزقات وهديل وهسهسات ،ّلكانه فقد احاسيسه وحواسّه لحين.
ولا تذوّق بعد ذاك اليوم الشّديد القسوة الصّعب لذيذ شاي ولا فاحت قهوة في شمّّه ولاتمتع بطعام طاب نشره
ببهارات الود والمحبة ّولا زارت شفتيه بسمة سوى لسخرية او استهزاء من الزمن اللعوب.
فكل حركة وكلّّ همسة وكل طعم وكلّّ رائحة وكل ملمس زهرة او شجرة أو قارورة عطر او حتى كوب ماء،
ّو كلّ زقزقة طير او هديل حمام كانت مختلفة عمّا كانت عليه من قبل ،وكل ّّّّّّالوجوه كانت تبدو كأنها وجه ذاك الملاك المسافر للأّقاصي .

فكنت تجده يعيش في الماضي أكثر مما في الحاضر وـأحيانا تختلط الأزمنة في ذاكرته وأنه فتراه يتوقّف عند وجه هذه أ وتلك إذ يغتم ّبعمق فتتغيّم رؤاه لثانية ثم يحرّّك بقوّّّّّّة رأسه كانّه يصفع ذاكرة تغريه بالمستحيل
عساه يرى شيئا من ملامح ملاكه اوبريقا من عينيها أو لفتة من نظرتها أو هي هي ذاتها عساها ّّ تمرّّ به في ومضة من زمن وتطل ّّعليه من هاهناك هنالك الهنالك .....
....لا لا..انّ تلك الرؤى لمجرّد اوهام لا بدّ من مقاومتها . كذا كان يستنهض وعيه داخله ثم يهتزّ ويعود للحظته الواقعية متسائلا في صمته :"ّلا ليست هي ، ليست ملاكي هذه العابرة ،ّّاين هذه أوتلك من ملاكي ؟
يهمس داخله
"ليس هذا بياضها الحليبي الطفولي ولاهوسواد عينيها ولا تلك استدارة محياها ولا ذاك ضوء خدّيها .."
ثمّ ...
يعود للحياة ولكن عودة بلا طعم ولا مشاعر تحسّ بدقائق الامور كما كان من قبل .
ّّالان بداخله فوضى مشاعر وغمام رؤى وتحزانا مزلزلأّّّ يزعزع كيانه زعزعة و أحاسيس تمزّق وجوده ووجدانه يخفيها في داخله ويقاتل دخانها بسجائره الّتي ازدادت رفقتها معه وازداد بها التحاما ،فلعله كان يرى دخانها المصّاعد من فيه هو دخان أنفاسه وقلبه المحترق المغرورق بالدموع بل دخان بلده المقهور أيضا .ّ.وقد يكون حتى دخان أمته والأنسانيّة المهزومة في إنسانيّتها وقيمها المثلى.
ما الحلّ في فوضاه الغشيمة وفوضى البلد الّتي قلبت كل الأوضاع رأسا على عقب؟
وهي حبيبته ساكنة روحه جوهر استقراره وحبّه ومعلمته ومنبهته من كل سقوط وبئر أسراره العميقة ومحفظة سريرته وانفراج أساريره ساعة الّأنس ... نعم هي ،وكم يحلو له خفقها في نبضه ..هي أو نصف اناه ماذا سيفعل بعدها وهل فعلا بقي بعدها مايحلو من العيش؟
همهمات وهمسات وتمتمات وسكرات حزن بداخله تبوح لخالقه الوحيد العارف بأعماقه:"ّ
لا لا لم ترحل إنّّّها في كل الأنحاء والارجاء...
لا لا ايّها الواهم المتصبّر بذكراك ورؤاك وأخيلتك
لا لا رحلت
صدّق صدّق ،،انها رحلت وانها ليست بالبيت بيتك ،ليست في المطبخ ّتعد ّّّالطعام اللذيذ المتنوع لتدللك وتدلل اولادكماّ ،ليست بغرفة النوم ّترتبها لسهرات الوداد والحكايا اللذيذة الناعمة الجميلة ،ليست في البهو النظيف المبخّّّر،أصابعها لا تتحرّك في مسبحتها يوم الجمعة او في سائر الايام لا تراها تطوي سجادها في اوقات الصلاة
لا لا تشاهدها تقلّب مصحفها لتقرأ ماتيسر من القرأن وكتب السير والانبياء .
صدّق يافتى أنها الان لا تسقي الحمامة ولا ترش ّالحديقة مساء بعد القرّ ولا تستقبلك من العمل ببسمة ساحرة تقول لك فيها صامتة قنوعة محبّة : "أعانك الله وابقاك لنا أحبّك رفيق دربي ......."
صدّق ايّّها المسكون بالمستحيل بالوهم بالذكرى أنّ فجيعة الموت قد اصابتك في صميم قلبك وأنّ المنون اختطفتها منك ذاك الحتم "هادم اللذات" كما قال شاعر الزهد ابوالعتاهية
صدّّق - وانت المؤمن الراضي بقدرك حتى ولو كان قاسيا-أنها الان قريرة العين هناك في ملكوت الله قرب عرش عظيم ،ايه نعم وياطول تنهيدك -صدّق أنك سوف تقضي بقيّة حياتك في بدونها لكنها فيك وفي أطفالك وفي رائحة الارض التي تعشقها ستتنفسها في الافجار في الصباحات في النهارات في المساءات في الليالي
في الأسحار.
ستسمع همس صوتها الحنون فيالذكر الحكيم لتصبر صبرا جميلا مع الذكرى ، إنها بعيدة عنك مسافة قريبة منك في عمق خلاياك سكناها القلب إنّها....افراح كثيرة واحان كثيرة
‘نها حبّك الاول والاخير ، مشاعرك الاقوى والاصفى والانبل والاكثر توهّجا وفرحا .
صدّق ،أنت الأن اصبحت وحدك يافتى تواجه الحياة ،فلماذا تهرب ؟
لماذا انتبذت مكانا قصيّا بعيداعن اولادك أوليس لهروبك من أسئلتهم وحزنهم الداكن ؟
لماذا لا تريد ان ترى إلا امّك تاتيك خلسة بطعام فقير من خبز وتمر وماء ،طعام حصارات وحروب وذاك
ما توفّرللشعب المحاصر المسكين الاعزل الذي انهالت عليه الامم قصفا ورميا بالنار وياللحسرة شعب يعيش ذات قلة اليد في بلد من أغنى البلاد في العالم نفطيا، شعب خرّبت اراضيه الفلاحية ومزارعه و وأحرق نخيله وهدّمت مصانعه ودمرت في وطنه الرافدي المغدور البنى التحتية لمكائد صاغها عراة من الإنسانية ليس في عقولهم سوى المال والسلاح والهدم وهدر حقوق الشعوب الأخرى وذاك من عقوق الأشراروحفاة الضمير وطغاة العالم....................
لماذا هجرت بيتك -حبيب النخلة - تكلّم ،بح ،اصرخ ،ابك ،غنّ اشجانك ،ارقص رقصة النوى،اردح ردحك العراقيّ،اخرج منك مرّ الجوى
قل إنك صدّقت ،قل إنك رضيت بالقضاء والقدر، بح لقلبك النازف المجروح ،ضمّد بصبرك القروح --حبيب النخلة -لا وقت للوهم ،لليأس ، للقنوط ،صغارك صغارك صغارك اليسوا امانة بعنقك يا فتى الشداىد؟

........وكان ذاك الفتى الصبور مضطرا أن ينحت من أوجاع صخرة سيزيف ومن تراكم الأحزان فينيق صمود،ايوب صبر
فكل التفاصيل الدقيقة وأصوات البيت وضجيج السوق ...كل شيء حتى بعض الغضب او بعض الهدوء ...
كل شيء كان حمّالا للذكرى حتى أنفاسه وتنهيداته وأهاته الصامتة الأسيرة التي كان يختنق بها صدره ويخفيها عن الجميع والتي كانت تنفضح وتفضحه في لهيب سجائره المتلاحقة المشتعلة سيجارة من سيجارة
ّّّوالتي يعتبرها خلّه الودود الذي يقاسمه متاعبه بلا مقابل ويهزا بكل من ينبّهه من ويلات التدخين يسمي سيجارته رفيق الضيق الوفي الصدوق ويسمّي كاس شايه المعين على التنهيد ايّّّا كان قول الاطباء يعاند ولا يترك خليليه وعشريه حتى الأطباء ّ حين يقولون له تنحّ عن هذا السم يقول لهم ّ:"كفى لا سمّ ساذوقه اكثر مما ذقت من منضّب ومخصّّب وفسفور أبيض قتل ابنائي محمد وايوب واساور .. ليس في حياتي امرّ من هذا المرّ بل ابقيت لي حياة بعد هذا الموت المدمّر ،ّّالمدبّر باستراتيجيات دولية وإقليمية وبمساعدات باعة الضمائر وحفاتها والخوانين .
سيجارتي عشيرة احزاني لن ارميها الا في بحرما لمّا ارى أملا ما اتنمّسه يكنس ما قبله من ألام..."

هكذا كان أب الشهداء يؤانس صراعاته بدخان من دخان والام وفجيعة الحسارت لا تبرح نبضه وأنفاسه
كل شيء كان يذكّره بما فات من عيش مبتسم دافئ رغم ما واجهه من زلازل وأحداث جسام بعثرت السكون والهدوء وحولتهما صخبا وضجيجا وصراخا تبثه القنابل والصواريخ الفتاكة وأختها العابرة للقارات والطائرات النفاثة والبراميل المتفجرة التي تأتي على الأخضر واليابس . يالها من سموم الجشع والابتزاز والسطو والغطرسة وهي من أبشع البشاعات التي راى خلالها كل ما يحمله الإنسان من شرّّّ لتدمير اخيه الانسان
بل لتدمير الطبيعة كلّها والوجود تحت حصارات وحروب واحتلال ثلاثيني من امكر واشنع ما رات البشرية عبرالعصور ..........
كانت تقوده امريكا سيدة الأرض والسماء والبحار بقوة القوة وسطوة المال والسلاح والنفوذ الشراني
و لكن رغم ما كان من حصارات و صراعات حروب وفتن داخلية مزّقت البلدإربا إربا فقد ثبت ذاك اليوم ثبوتا في روزنامة احزانه كما ثبتت ايام الجمر والقهر والفوضى الخناقة وما كان للفوضى أن تكون خلاقة غلا في>قواميس الطغاة واستراتيجياتهم الهدامة للحياة والأبرياء ،للبشر والشجر والبشر.
لقد رأى بامّ عينه عائلات باسرها تمحى وعاش أوقاتا صعبة جدا تحت احتلال شرس لعين مجرم سفاح ظلوم متوحّش دمويّ.
راى ابا يهرب ببعض اولاد ويرى بنية من بناته تردم تحت القصف الهدار باصوات الرعب
رأى احد ابنائه يهتز رعبا من أصوات قاصفة راعدة مبرقة مرعبة قتلت الفراشات والعصافير وارعبت الاطفال الابرياء رعبا ما بعده رعب ...
أي بشاعة رباه في هذه الحروب من اجل ماذا كل هذا ؟من اجل ماذا ؟امن اجل النفط ؟خذوه
امن اجل تجارب اسلحتكم برؤوسنا ؟جربوها في اماكن بعيدة عنا ،امن أجل استراتيجيات المليار الذهبي البشري ؟أنصبتم انفسكم اربابا على البشرية تقررون لها ما تشاؤون تتركون من تتركون حيا وتقتلون من لا ترغبون بحياتهم ؟

ففففففف من هذا الكبر والتجبّروالتكبر والطغيان أفففففففففف

في النهاية لستم سوى بشر مثلنا ستنالون من الأرض شبرا وتعودون ترابا كما بدأتم لا غير ...
أيها الشذوذ المكر الرعب الإرهاب الكذب الخديعة لا فتاك غيركم ولافتك غير ما فعلتم ولا موت دمار شامل سوى بما قتلتم به أطفالنا ونسفتم به سماءنا وارضنا وإنساننا المسالم المقيم في أرضه اعزل .
لكن ..نحن الاباة من سلالة حمورابي وجلجامش والحسين لن تنالوا منا يا حشرات الحضارة
فكم طعنني في كتفي بسلاحه الحقير الجندي الامركي او الاوكراني الذي كان دوما يصاحب سيده المتوحش لينفذ طلباته العنيفة الاجرامية وكم داسواعلى جرحانا بأحذيتهم اللعينة القذرة وذاك المستهتر الأفاق المثلي الوسخ المتصهين الوحش كم كان يقتحم علي غرفة نومي مرارا ليذلني او يهددني بالقتل..وكم اهتز بيتي وخاف أطفالي خوفا شديدا من أصوات الرّعب وشظايا الأسلحة الفتّاكة ،اسلحة الدمار الشامل الحقيقية من براميل مفخخة و طائرات الف16 والصواريخ العابرة للقارات التي هزت بغداد بفاجعة العامرية سلاح مسافر عبر القارات جربه الطغاة في لحم اهلي ودماء الابرياء من ابناء شعبي بملجإ العامرية حيث بصمات اللحم المحروق على الحيطان لن تمحى جرائم الحرب تلك ولن يمسحها التقادم ابدا ..

لكن رغم كل ما كان من رعب وفزع وخوف كان الامل قائما في بيتي في استمرار الحياة رغم الداء والاعداء .
في بيتي الذي تمسّكت به أنا ونخلتي. وبسبب ضيق اليد والكبرياء لم نهاجر وبقيت العائلة متشبثة بالارض لاننا كنا نؤمن معا ألا موت بلا اجل وان الموت في بيتنا افضل من الموت ذلا في مخيم تحت امرة زيد او عمرو ثم لان الهروب لتلك المخيمات كان ايضا يحتاج اموالا طائلةلا طيملكها إلاتجار الحروب وعبيدهم
تدفع لذوي النفوذ او المستكرشين السفهاء من الاحزاب التي باعت دم العراق وشعبه لكل الاعداء من الاحزاب ،ففي الحروب تتقلص الفضيلة وتنتشر الرذيلة ويختفي الخلق القويم وينهار وتموت الضمائر وتطغى على البشعين الجشعين غرائز حب المال وتكديسه من الحرام ومن دموع الابرياء ودماىهم، ويّنظر للحرام بالحلال وللكفر بالسماحة وللقتل بالواجب وللخيانة بالوطنية وبالطبع في مثل هذه الاوضاع كم كدس ارباب المال
من حرام في بطونهم وكم ظلموا من فقراء وضعفاء .
واحسرتاه واحسرتاه ذهب حتى ذاك الهدوء وتبدّدت تلك السكينة النسبية وراح ذاك الدفء و وتمزق تماسك العائلة المستظلة بنخلتها الصبورة الحكيمة الوفية لزوجها والمحبة لابنائها ربة البيت الصالحة والمدبرة الذكية والمهتمة ببيتها واولادها وزوجها دون شكوى ولا ملل ولا كلل تلك هي الثابتة ال-فرعها في السماء
نخلتي الشامخة العميقة في أرضها الاصيلة
اه اأواه اه
"كل الوان التحزان كانت بشعة "قالها لصاحبه باسل وهويسرد عليه قصته الحزينة فقد حدثه ببنات صدره ليتنفس قليلا من وزر الأيام الحارقة التي خلفت في نفسه شروخا وجروحا وقد تلاحق الدمع قطرات حتى ملأعينيه وهو يقول :
يا صاحبي اصابني الهول والويل وانا أرى بلدي شظايا وحتى اليوم لم أنس تلك الكوابيس وأصوات الطائرات وصفارات الإنذار و ولكن ما اصاب قلبي في التيه يوم القاتل ذاك كان تحزانا فريدا أصاب المكنون والخلايا وانغرست في دمي الامه .

تحزان ذاك اليوم الأسود كان قاتما ترسّخ في الفؤاد والذاكرة
ذاك اليوم من شتاء قاس بارد وسماء متجهمة مدلهّمة كان مكفهرا
في الطبيعة وفي حياتي ،
يا صاحبي باسل ،كان ثقيلا ذاك القهر ثقيلا أثقل من الرواسي ..
في ذاك اليوم بكاني الليل وبكتني شجرتي الزوراوية الثابتته على صنوف القهر والحاملة لاسمين حبيبين :س نخلة وم ابو فرات
لقد كتبت الحروف بانامل الحب ومن أشعة النجوم ومن لالئ الكواكب ، فتشابكت الأصابع لتحفر نقشها العاشق على تلك الشجرة شجرة المحبة للخلود .
ما اقوى الحب انه اعظم من الحروب والموت حين يكون صفيا وفيا."
فالذكرى تلو الذكرى وشجرة م ابو فرات وس ظلت نخلة شامخة في ارضها وحروفها محفورة خالدة في قلب الحب وبصره وبصيرته ،
لكنّ القدر ابى الا أن يبعث بهجماته وعواصفه وانوائه ففرّق قلبين عاشقين حبيبين كانا معا يسيران في دروب الحياة المتضادة المتصارعة بما لها وما عليها .
اه منك واه يا قدر اواه
"اللهم لا اعتراض "
كان في صمته وفي جهره يرددها بايمان رجل حزين لم يفتّ الحزن من عزمه ولا قللت الانواء من ايمانه بان المقدر كائن لا محالة والله عنده حسن العاقبة والجزاء ا
للصابرين صبر ايوب والذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا ان لله وان ابه راجعون

يردد ذلك كله حتى لا ينهار تماما فامامه ايتام لا بد الا يضعف امامهم ابدا ولا بد ان يمسح الحزن عن قلوبهم الصغيرة ويربت على مشاعرهم الطرية و لكنه ينحني قليلا على نفسه ضاغطا على صدره الموجوع بين يديه مخاطبا القدر في عتب قائلا : كم تدوسنا احيانا بما لا يتحمله البشر أيها القدر
,ولولا أنّ في قلب المؤمن داىما صوتا يناديه :" لكل اجل كتاب و لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
لولا هذا الايمان الراسخ بأنّ الموت حتم وله أسبابه ولكل موت سبب ولولا اليقين باننا سنعبر هذه الدنيا كما عبرها غيرنا قبلنا وسنلاقي غدا ربا رؤوفا بالصالحين والصالحات والصابرين والصابرات الصامدين والصامدات والمؤمنين والمؤمنات والمبشرين والمبشرات بالنعيم .
لولا كل هذا الصبر والتصبير لكان انفطر القلب انفطارا .
لقد كان م ابو فرات رجلا مؤمنا ورعا يصمد في الشدائد بصبر ويمحق حزنه بايمانه مهما قست الايام عليه ولكن نار الشوق المختلطة بنار الحزن تجعله يعود دائما لالبوم الصور الحبيبة .

و....حين قيلولة وهو على تلك الحال من الاسى في لحظة تقليبه للصور العائلية اخذه النعاس من شدة وجع الذكرى .
وبين الفينة والأخرى كان يتقلب عل جنبيه ،فاذ به رأى امرا عجبا ومعجزا فقد كان الحلم في ذاك اليوم ملحّا عليه إلحاحا فرأى سماءه الشامخة في نورها الأرجواني ولباسها الحريريّ الأخضر المطرز بالزهور
وفي سنة من نعاس سرّه ما رأى إنه الطيف الطيف ذاك الطيف العزيز كان ماثلا أمامه فما كان اسعده
في ذاك الحين.
تمتم في صمته رباه رباه يا الله لعلك اردت ان تهوّن علي قليلا وتبدّد عتمة احزاني واهديتني حلما
مع ذاك الطيف العزيز علي ،وسمع م ابو فرات في غفوته صوتا ناداه : " أبو فرات ابو فرات لا تقنط ولا تحزن ولا تبتس
الحياة تستمر أوصيك باطفالنا وبنفسك خيرا اعرف انك تحبّني كثيرا فليكن كل هذا الحب اليوم لاطفالنا
كن لهم الام والاب وحاقظ على نفسك فلا أريدك تعمى من الحزن ولا اريد لقلبك ان يموت ولا لبسمتك ان تخفى اترك الحياة تنبض فيك أبوفراتينا الغالي ،روح دمي ،حبي والد ابنائي وبناتي ،نوارة روحي نالوان فراشي الحام حول روحي ، شمسي الباعثة دفءها دوما في الحياة وحاية اولاذن وحياتك،نجومي الساكبة ضوءها لعطاشى الضوء ،مائي الساقي شفاهكم ونعاسي المقدس فرسي الحر الشجاع كريم اليد أصيل امحتديا سليل يعرب وطائر الحرية ابق كما عرفتك ذاك العاشق المبسام ذاك المازح الضحوك ذاك الوفي للجمال والحياة على الدوام هكذا ستبقى بعذ
دي لا بل انا فيك فأن حزنت روحك ينتاب روحي حزن وقد يسري في دماء ابناىنا امقبلين على الحياة لا حبيبي دس على ذاك الغم الويل واركب خيلك الحرة واسرجها وقل رباه أنت الواهب الأمل ومغير الأحوال".

تمتّع أ بو فرات في غفوته بذاك النداء العاشق وقام يفرك عينيه من لحظة بين النوم واليقظة وكم ارادها
ان تطول لكنها سرعان ما افلت .
ولما استفاق تماما وصحا صحت الذكرى معه ومرت بخاطره وقلبه كوخز إبر ، فتراءت له في اليقظة نخلته العالية باسقة في فضاء رحب يغلب عليه الخضار .فبسمل وحوقل وقام لتوه وأقام صلاة الفجر وقرا ما تيسّر
من القران الكريم وأطال الادعية بالصبر له ولصغاره وبالرحمة على أصيلته الثابتته الفرعاء الحسناء الغيداء .
ثم شرب كوب ماء ثم عاد لسريره يستغفر ويطلب اللطف ويقلّب الذكريات تترى حتى اخذه النعاس من جديد .فرأى نفسه بحديقة وارفة الشجر فسيحة الأرجاء كثيرة النبات والزهور والفراشات وكان يسير فيها على مهل
فاختلط عليه الامر بين الحلم واليقظة والخيال والرؤى وعاد لابلوم الصور يطوي اوراقه طيا .
فبدت عروسه امامه مختالة في لباس عرسها بسامة فرحة وكانها تعيد له ذات السؤال الذي ملأ كل فضاءات روحه ذكرى فرح وحزن "كيف حالك"باسمة رآها وكيف حالك ؟باكية رأها كأن هذا الاستفهام حمل كل معانيه االبلاغية من قلق وحيرة وتعجب وإنكار
"رباه اجرني" قال في قلبه المخلوع المخدوع بحلم ثانية
رباه اجرني من "كيف حالك "سؤال حملته بسمتها العاشقة وحملته بسمتها المودّعة
وقد قال محدثا صديقه الودود باسل :
ا أخي باسل
"في ذاك اليوم صليت في ساحة مشفى الموت المجاني الذي أكرهه كرها شديدا ذاك المشفى اللامبالي بأرواح الناس حيث خسرت نصف عائلتي ،مشفى هو عنوان الاهمال الطبي وعدم المبالاة ،لقد رحل هناك ابي وابني ّوابنتي وزوجتي..إنه المبكى وليس المشفى ما كنت رأيت من طواقمه اهتماما بالمرضى ولا التزاما بالحرص على أرواح الناس كان هم بعضهم تجميع المال ونهب الفقراء والتعامل مع صيدليات بعينونها هي بالتحديد لشراء الدواء ،الله أعلم ماكانت تحمل لنا من موت في أدويتها وإبرها...
يالتجارالحروب وياللجرائم رباه اذقهم جميعا مما اذاقونا من علقم . ..
كل مافي حياتنا كان معرضا للنسف من السماء والارض والماء ...محنة ياصديقي باسل وما أعظمها من محنة صدّ ق او لا تصدق أنّ من بقي منا لم يبقه سوى قدره الحتمي لمواصلة الحياة...
وتستمرّ الحياة كما قالت لي نخلتي"تنفس قليلا ياللغم الذي اصابه ،اختناق تمكن من صوته وجفاف في حنجرته وغصة كانها كتلة دموعاحزن ما تنفجر بعد تلظت بها عينيه ثم واصل حديثه لصديقه باسل قائلا
"في ذاك اليوم الشتوي العاصف قبل أن تدخل الغيبوبة حياتنا المنكوبة
في ذاك اليوم القاسي صليت في حديقة هذا الذي يسمى مستشفى كم اكرهه واكره ذاك الطبيب اللامبالي وكانه لم يكن يعامل بشرا او ربما كان هو في عمقه فاقذ احساس وليس طبيبا انسانيا وربما كان ما فعله بنا الاشرار
كان عمدا وباياد مريبة ونفوس غريبة ترى في عيونها الشرور كلها .
فلاباس لديه ولدى أمثاله الشرسين الموالين للمجرمين ،لا بأس في نظرهم حتى لو حقنت عائلتي وامثالها بدواء فاسد ، بلد كامل ضاع يا صاحبي بين الجريمة والفساد كل جرم البشرية جمع وجاء يقاتل بلدي
رباه الاهل والجيران وما وراء البحار
رباه كم تاذينا
اكره ذاك الرجل المشبوه ولن اسامحه ما حييت .
لم يكن سكّر حبيبتي قويا لدرجة الغيبوبة لكنه حقنها بما لا يناسب مرضها فكانت بسمتها قاتلة مقتولة وهي تودعني وتنظر لمدى ابعد من مدى عالمنا الفاني الظلوم
كانت نخلتي مبتسمة في سؤالها الاخير عني بنفس العبارة "كيف حالك ؟
قتلت زوجتي ونصف عائلتي بشرور دول فاعلة ودول تابعة نعم قتلت واستشهدت نخلتي تحت القصف المكثف ولم تشأ ان تغادر مكانها و رفضت التهجير وكان القصف على أشدّه والناس في مشهد من الرعب والفزع والشهادة والموت المجاني ألا سحقا لتجار الحروب والخوانين والمحتلين جميعا وللطامعين ببلادي وخيراتها
اي صديقي باسل
كنت قبل ان أراها مودعة
صليت في الحديقة طالبا لرفيقة دربي ونخلتي الباسقة الشفاء و لكن يالحرقتي لما عدت لغرفة مشفى الموت التي كانت تقيم فيه نخلتي اعدت الصلاة فابتسمت في فتور وقالت لي "كيف حالك ؟"
ثم توارت نخلتي وراء سجف الظلام وتوارت كيف حالك من فم الكلام
وصمتت بين ذراعي
اواه اواه مما عشت
اواه من طعون القدر
اواه من يوم مكفهر ومن بلد تخرّب وانفجر.
صديقي باسل ماذا يفعل زوج امام زوجة محبوبة غادرت , وام اولاده الراحلين والباقين ؟ماذا يفعل زوج وهو امام نوارة فائحة ونخلة باسقة تهاوتا في أحضانه ؟
ماذا يقول زوج امام عصفورته الطائرة المحلقة بعيدا وهي بعد في ريعان العمر ؟
اه في الصمت
اه في القلب
اه في الحلق
اه في العين
اه في الراس
أه في انفس
اه في الروح
اهات في الدرب
وبكل اهات الارض كنت اودعها
كم كان من احلك لحظات عمري نقل الخبر لولديّ العزيزين الطفلين المتعلقين تعلقا شديدا بأمهما النخلة
في تلك اللحظة كنت مشتتا بين ان اعلم العائلة واخرج حبيبتي في ظروف حرب من المستشفى وبين اخبار ولدي الطفلين الصغيرين باقتم خبر صادم لهما

رباه اعني على ان اكون في صبر ايوب وفي حكمة سليمان امام هذه المصائب المتراكمة في برهة من زمن .....
رباه كيف سأخبر صغيرين بأنذ امهما اتي ودت وحضنت وربذت وربذتت بحنان عليهما واعطت منحياتها هما كلما استحقا عطاء

كيف ساخبر طفلين عاشا مدة قصيرة في رعايةأم المودة والحنان ،انّ الام رحلت والمودّ والحنان رحلا معها .رباه كيف ساخبرهما انّ ذاك الحنان من ذاك النعيم قد أسدل عليه الستارإلى الابد وان تلك الام المعطاء البسامة الغضوبة بحكمة وود خفيّ رؤوف رقيق رهيف حين الحزم تلك الجوهرة السامية ونعمة من نعم الدنيا والأخرة تلك التي حملت ولدت بعسر وسهرت الليالي وانامت وارضعت وربت وعلمت وقبلت وابتسمت وقطبت عند الغضب وعفت بحلم ونظرت دائما لصغيريها بحلم وامل وحب دفاق وهما ينهضان من سبات طفولي عميق بل وأفاقتهما بعطف الدنيا وأحضرت فطور الصباح ولمجة العاشرة التي كانت تدسها في حقيبة الدراسة وبين الكتب وفطور منتصف النهار والعشاء ؟؟؟كيف سيكون حالهما على كل موائد هذه الازمنة ؟كيف سيرتميان على سرير فرغ من الأمومة ؟كيف ستكون صباحاتهما بدون النخلة الجميلة اهفهافة الاصيلة ؟وكيف سيصبح انا صباحي وضحاي ومسائي وسمري دون النخلة أسطورة الحب في حياتي
رباه رباه اشياء البيت التي كانت في يدها بتفاصيلها ستؤلم طفلي الحبيبين كما كانت تؤلمني بل كما هي للأن تؤلمني
قرتي عيني فراتي رافدي ابوكما موجوع موجوع ويجب ان يصمت ويكتم انفاسه
رباه أمي يا اماه يا باسلة ماذا سافعل ونخلتي تركت لي رافدين ودودين عزيزين رائعين جميلين لا اريدهما ينتحبان ولا يحزنان ،لا أريدهما يحطمان بهذه الصدمة المروعة,
باسلة اماه يا من انجبت رجالا قاتلوا الاستعمار والويلات ونساء في قمة الوفاء والعطاء من لي ليشد أزري شدي باسلتي شدي أزري ه اماه طفلاي يبكيان أمهما وبنيتي دجلتي الأخرى تبكيها وهي لما تفقه من الحياة إلا اشهرا من سيرضعها من سيربيها من سيعلمها الصحيح من الخطإ
اماه انا لا اعرف كيف اغير الحفاظات ولا كيف ارضع بنية الأشهر التي حرمت من حليب الام ولا كيف أجلب لها حليبا في هذا الحصار الرهيب الذي حرم أطفالنا الحليب والدواء لم أعد احتمل موتا اخر محمد وايوب و..............................
أماه يا باسلة قولي لي وأنت حكيمتنا كيف سأخبر صغيريّ بوفاة أمهما كيف سأسكت دجلة حين يحين وقت حليبها كيف ساهدهد نومها لتبتسم نائمة في حضن الأمومة
أماه ارى بنيتي الرضيعة مقطّبة الجبين تبكي بحرقة أمها حزينة عليها ،أيحزن رضيع على امه يا اماه اه كم أخشى من الحزن اخشى ان اموت انا أيضا واترك اطفالي لليتم والتحزان
أماه ابتهلي ابتهلي معي كي أكون قويا صبورا أعتى من الأحزان كي اواصل الأمانة
أماه باسلتي اقول ساهز بجذع النخلة يساقط علي الرطب واغليه لدجلةتي وأسقنيها ماءه عوض الحليب أماه حتى النخيل أحرقوه فانى لي بالغذاء والدواء لابنائي ورضيعتي أنى لاطفالنا بالحياة؟وانا لا لا اريد لبنيتي أن تموت عطشا و جوعا ساخترق القنابل والطائرات والبراميل المتفجرة وامشي عشرات اكيلمترات عساني أجد لدجلتي علبة حليب تسكن بهاعطشها
أماهل ا اريد لأطفالي ان يكبرا في التحزان
رباه اجعل ميزان الايام معنا ولا تجعله ضدنا لقد أنهكتنا الدروب الوعرة تعبت تعبت تعبت،،تعبنا تعبنا تعبنا
نفيسة التريكي عن قصة حقيقية
نص متواصل
حكاية من وحي الواقع من قصة حقيقية عاشها صديق عراقي منعم ال عدنان وطلب مني صياغتها وكان يقول دائما انها قصة صاغ الالم احداثها فالله يعينني على ان اكون في مستوى ثقتة بي والامانة الجسيمة التي بها ارواح شهداء ورمز لحكاية بلد باسره بل امة






  رد مع اقتباس
/
قديم 16-09-2022, 12:42 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

صباح السعادة للجميع
1
يعيش هذا العمل اليوم شهره الخامس واذا اعتبرت وقت تجميع المعلمات عن الشخصيتين الرئيسيتين لنقل شهره التاسع وهو عمل يستند لواقع اليم وقصة حقيقية كما قلت انفا ائتمنني عليها صاحبها لاصوغ سرديا احداثها واغوص في شخوصها ويا ربي وفقني
2
ومنذ بذات كتابتها نشرتها في الفينيق وفي صفحتي على الفايسبوك لكن ما خصصت به بيتي الفينيقي انني في كل تغيير أو إضافة كنت اغيرها او اضيفها هنا -وهذا لعمري لثقتي ببيتي
ربما ايضا لفكرة نقدية تجول في خاطرفإذا ما اراد النقاد يوما قراءتها عبر الاشهر سيفرقون بين الدفق الطبيعي الهادر والصنعة وما فعلته أيضا في قصة "صائغ الصدفات " و"وردة في انتظارفراشة"نعم وقد خصصت الفينيق بيتي القديم الأصيل الادبي في التواصل الفكر ي دون غيره حيث انشر كتاباتي
اولا
لانه يستحق
وهو صرح أدبي عربي كبير من الصروح الاولى في المواقع الأدبية حمل اقلامنا ابعد من حدودنا وتحمّلها
وبإلذن الله ساكتب هذا الاعتراف بالجميل في مقدمة القصة التي اتمنى نشرها وتويزعها في كل البلاد العربية
و ثانيا
لطول عشرتنا الراقية الجميلة الصامدة الثرية فحماها الله وحماه






  رد مع اقتباس
/
قديم 28-09-2022, 12:41 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

ابسامة نخلتي

ذات شتاء شديد البرودة كان الفتى الجلجامشيّ أبو فرات يقلّب البوم الصّور في ليلة ليلاء وقد أصابه ارق مؤرّق بعد يوم متعب من العمل .
فنال نفسه بعض ألم وهزّه الحنين هزّا لاستحضار اقسى ذكرياته الّتي صدمت قلبه وغيّرت كل مجريات حياته
ومضى في البومه بين الوجوه الاليفة الحنونة الودودة في لهفة حنين وانين الصّامت الصّبور الصّامد
يطوي الورقة تلو الأخرى .
فتارة تسّاقط من عينيه دمعتان عزيزتان وطورا يضرب الارض بقدم يؤرجحها من السّّرير على بلاط غرفة النّّوم التي حملت في كلّ أرجائها أسرار الحب ّوالولادة والحياة بافراحها واتراحها ،واحيانا كان يضرب بيده
راس السرير لالم المّ به وبرأسه يفرك جبهته بين يديه ،فيتضاعف ألمه حين كان يذكر تلك اليد الحنونة
التي كانت تبسمل وتقرأ له ّايات الشفاء وهي تبعد عنه الوجع.

وتتالت الايّام في دعة وراحة بال ولكن ...
"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" فقد انكسر الامل بالالم منذ ذاك اليوم المشؤوم ،فّمنذ ذاك اليوم المدلهمّ
ما أحسّ براحة ، و ّمنذ ذلك اليوم القاسي ما ابهرته ولا أسرته مباهج الحياة والوانها و روائحها وطعمها وملمسها واصواتها الساحرة من زقزقات وهديل وهسهسات ،ّلكانه فقد احاسيسه وحواسّه لحين.
ولا تذوّق بعد ذاك اليوم الشّديد القسوة الصّعب لذيذ شاي ولا فاحت قهوة في شمّّه ولاتمتع بطعام طاب نشره
ببهارات الود والمحبة ّولا زارت شفتيه بسمة سوى لسخرية او استهزاء من الزمن اللعوب.
فكل حركة وكلّّ همسة وكل طعم وكلّّ رائحة وكل ملمس زهرة او شجرة أو قارورة عطر او حتى كوب ماء،
ّو كلّ زقزقة طير او هديل حمام كانت مختلفة عمّا كانت عليه من قبل ،وكل ّّّّّّالوجوه كانت تبدو كأنها وجه ذاك الملاك المسافر للأّقاصي .

فكنت تجده يعيش في الماضي أكثر مما في الحاضر وـأحيانا تختلط الأزمنة في ذاكرته وأنه فتراه يتوقّف عند وجه هذه أ وتلك إذ يغتم ّبعمق فتتغيّم رؤاه لثانية ثم يحرّّك بقوّّّّّّة رأسه كانّه يصفع ذاكرة تغريه بالمستحيل
عساه يرى شيئا من ملامح ملاكه اوبريقا من عينيها أو لفتة من نظرتها أو هي هي ذاتها عساها ّّ تمرّّ به
في ومضة من زمن وتطل ّّعليه من هاهناك هنالك الهنالك .....
....لا لا..انّ تلك الرؤى لمجرّد اوهام لا بدّ من مقاومتها . كذا كان يستنهض وعيه داخله ثم يهتزّ ويعود للحظته الواقعية متسائلا في صمته :"ّلا ليست هي ، ليست ملاكي هذه العابرة ،ّّاين هذه أوتلك من ملاكي ؟
يهمس داخله
"ليس هذا بياضها الحليبي الطفولي ولاهوسواد عينيها ولا تلك استدارة محياها ولا ذاك ضوء خدّيها .."
ثمّ ...
يعود للحياة ولكن عودة بلا طعم ولا مشاعر تحسّ بدقائق الامور كما كان من قبل .
ّّالان بداخله فوضى مشاعر وغمام رؤى وتحزان مزلزل يزعزع كيانه زعزعة و أحاسيس تمزّق وجوده ووجدانه يخفيها في داخله ويقاتل دخانها بسجائره الّتي ازدادت رفقتها معه وازداد بها التحاما ،فلعله كان يرى دخانها المصّاعد من فيه دخان أنفاسه وقلبه المحترق المغرورق بالدموع بل دخان بلده المقهور أيضا .ّ.وقد يكون حتى دخان أمته والأنسانيّة المهزومة في إنسانيّتها وقيمها المثلى.

ما الحلّ في فوضاه الغشيمة وفوضى البلد الّتي قلبت كل الأوضاع رأسا على عقب؟ما الحل في التفراق وغياب الحبيبة،حبيبته ، نبض حياته،عيده وعيد أولاده،بسمته الضحوكة وضحكته الباسمة..؟ما الحل لحياته بغياب صنو روحهوشقيقة نعمانه ويناعة أقحوانه بل بستانه بما حوى
وهي هي وحدها التي تفهمه من ومضة عين وتحبّه في كل الاحايين وتمنحه السّكينة والهدوء في كل حيْن حبيبته ساكنة روحه وجوهر استقراره وحبّه ومعلّمته ومنبّّهته من كل سقوط وبئر أسراره العميقة ومحفظة سريرته وانفراج أساريره ساعات أنسه ...ملاذ أهه وغنّات نايه
نعم هي ،وكم يحلو له خفقها في نبضه ..هي أو نصف اناه الذي تاه بعيدا عن رؤياه ....ماذا سيفعل بعدها وهل فعلا بقي بعدها مايحلو من العيش؟
همهمات وهمسات وتمتمات وسكرات حزن بداخله تبوح لخالقه الوحيد العارف بأعماقه وتترجاه ان يلهمه الصّبر:"ّ
ربا.رباه
لا لا لم ترحل إنّّّها في كل الأنحاء والارجاء...
لا لا ايّها الواهم المتصبّر بذكراك ورؤاك وأخيلتك
لا لا رحلت
رباه .لا لا لم ترحل
صدّق صدّق ،،انها رحلت وهي ليست بالبيت بيتك ،ليست في المطبخ ّتعد ّالطّعام اللّذيذ المتنوّع
لتدللك وتدلّل اولادكماّ ،ليست بغرفة النوم ّترتّبها لسهرات الوداد الأليفة الفرحة المرحة ّّّوالحكايا اللّذيذة الناعمة الجميلة ،ليست في البهو النظيف المبخّّّر،أصابعها لا تتحرّك في مسبحتها يوم الجمعة او في سائر الايام لا تراها تطوي سجادها في اوقات الصلاة
لا لا تشاهدها تقلّب مصحفها لتقرأ ماتيسر من القرأن وكتب السير والانبياء .
صدّق يافتى أيها ال-عجنتك الايام بعدها بماء مالح ساخن بدقيق الذكرى وجنون الخيال وحضور الطيف أيها-ال خبزتك الايا وفقد أحبة م من حروب وويلات وانكسارات وانتظارات وصمت الصقيع وحرارة الدخان صدّق ايها الواهم أنها الان لا تسقي الحمامة ولا ترش ّالحديقة مساء بعد القرّ ولا تستقبلك من العمل ببسمة ساحرة تقول لك فيها صامتة قنوعة محبّة : "أعانك الله وابقاك لنا أحبّك رفيق دربي ......."
صدّق ايّّها المسكون بالمستحيل بالوهم بالذكرى أنّ فجيعة الموت قد اصابتك في صميم قلبك وأنّ المنون اختطفتها منك ذاك الحتم "هادم اللذات" كما قال شاعر الزهد ابوالعتاهية
صدّّق - وانت المؤمن الراضي بقدرك حتى ولو كان قاسيا-أنها الان قريرة العين هناك في ملكوت الله قرب عرش عظيم ،ايه نعم وياطول تنهيدك -صدّق أنك سوف تقضي بقيّة حياتك بدونها لكنها فيك وفي أطفالك وفي رائحة الارض التي تعشقها ستتنفسها في الافجار في الصباحات في النهارات في المساءات في الليالي
في الأسحار.
ستسمع همس صوتها الحنون في الذكر الحكيم لتصبر صبرا جميلا مع الذكرى ، إنها بعيدة عنك مسافة قريبة منك في عمق خلاياك سكناها القلب إنّها....افراح كثيرة واحزان كثيرة
‘نها حبّك الاول والاخير ، مشاعرك الاقوى والاصفى والانبل والاكثر توهّجا وفرحا .
صدّق ،أنت الأن اصبحت وحدك يافتى تواجه الحياة ،فلماذا تهرب ؟
لماذا انتبذت مكانا قصيّا بعيداعن اولادك أوليس لهروبك من أسئلتهم وحزنهم الداكن ؟
لماذا لا تريد ان ترى إلا امّك تاتيك خلسة بطعام فقير من خبز وتمر وماء ،طعام حصارات وحروب وذاك
ما توفّرللشعب المحاصر المسكين الاعزل الذي انهالت عليه الامم قصفا ورميا بالنار وياللحسرة شعب يعيش ذات قلة اليد في بلد من أغنى البلاد في العالم نفطيا، شعب خرّبت اراضيه الفلاحية ومزارعه وأحرق نخيله وهدّمت مصانعه ودمّرت في وطنه الرّافدي المغدور البنى التحتية لمكائد صاغها عراة من الإنسانية ليس
في عقولهم سوى المال والسلاح والهدم وهدر حقوق الشعوب الأخرى وذاك من عقوق الأشراروحفاة الضمير وطغاة العالم....................
لماذا هجرت بيتك -حبيب النخلة - تكلّم ،بح ،اصرخ ،ابك ،غنّ اشجانك ،ارقص رقصة النوى،اردح ردحك العراقيّ،اخرج منك مرّ الجوى
قل إنك صدّقت ،قل إنك رضيت بالقضاء والقدر، بح لقلبك النازف المجروح ،ضمّد بصبرك القروح --حبيب النخلة -لا وقت للوهم ،لليأس ، للقنوط ،صغارك صغارك صغارك اليسوا امانة بعنقك يا فتى الشداىد؟

........وكان ذاك الفتى الصبوركان مضطرا أن ينحت من أوجاع صخرة سيزيف ومن تراكم الأحزان فينيق صمود،ايوب صبر
فكل التفاصيل الدقيقة وأصوات البيت وضجيج السوق ...كل شيء حتى بعض الغضب او بعض الهدوء ...
كل شيء كان حمّالا للذكرى حتى أنفاسه وتنهيداته وأهاته الصامتة الأسيرة التي كان يختنق بها صدره ويخفيها عن الجميع والتي كانت تنفضح وتفضحه في لهيب سجائره المتلاحقة المشتعلة سيجارة من سيجارة
ّّّوالتي يعتبرها خلّّّه الودود الّذي يقاسمه متاعبه بلا مقابل ويهزا بكل من ينبّهه من ويلات التّدخين يسمّّي سيجارته رفيق الضيق الوفيّ الصّدوق ويسمّي كاس شايه المعين على التّنهيد ايّّّا كان قول الاطباء يعاند ولا يترك خليليه وعشيرّه حتى الأطباء ّ حين يقولون له تنحّ عن هذا السم يقول لهم ّ:"كفى لا سمّ ساذوقه اكثر مما ذقت من منضّب ومخصّّب وفسفور أبيض قتل ابنائي محمد وايوب واساور .. ليس في حياتي امرّ من هذا المرّ بل ابقيت لي حياة بعد هذا الموت المدمّر ،ّّالمدبّر باستراتيجيات دولية وإقليمية وبمساعدات باعة الضمائر وحفاتها والخوانين .
سيجارتي عشيرة احزاني لن ارميها الا في بحرما لمّا ارى أملا ما اتنمّسه يكنس ما قبله من ألام..."

هكذا كان أب الشهداء يؤانس صراعاته بدخان من دخان والام وفجيعة الخسارت لا تبرح نبضه وأنفاسه
كل شيء كان يذكّره بما فات من عيش مبتسم دافئ رغم ما واجهه من زلازل وأحداث جسام بعثرت السّكون والهدوء وحوّلتهما صخبا وضجيجا وصراخا تبثّه القنابل والصّواريخ الفتّاكة وأختها العابرة للقارّات والطاّّّئرات النفاثة والبراميل المتفجرة التي تأتي على الأخضر واليابس . يالها من سموم الجشع والابتزاز والسّطو والغطرسة وهي من أبشع البشاعات الّتي راى خلالها كلّ ما يحمله الإنسان من شرّّّ لتدمير اخيه الانسان
بل لتدمير الطبيعة كلّها والوجود تحت حصارات وحروب واحتلال ثلاثيني من امكر واشنع ما رات البشرية عبرالعصور ..........
كانت تقوده امريكا سيدة الأرض والسماء والبحار بقوة القوة وسطوة المال والسلاح والنفوذ الشراني
و لكن رغم ما كان من حصارات و صراعات حروب وفتن داخلية مزّقت البلدإربا إربا فقد ثبت ذاك اليوم ثبوتا في روزنامة احزانه كما ثبتت ايام الجمر والقهر والفوضى الخنّاقة وما كان للفوضى أن تكون خلاّقة إلا في قواميس الطغاة واستراتيجياتهم الهدامة للحياة والأبرياء ،للبشر والشجر والبشر.
لقد رأى بامّ عينه عائلات باسرها تمحى وعاش أوقاتا صعبة جدا تحت احتلال شرس لعين مجرم سفّاح ظلوم متوحّش دمويّ.ّ
راى ابا يهرب ببعض اولاد ويرى بنية من بناته تردم تحت القصف الهدّار باصوات الرّعب
رأى احد ابنائه يهتزّ رعبا من أصوات قاصفة راعدة مبرقة أرعبت و قتلت الفراشات والعصافير وارعبت الاطفال الابرياء رعبا ما بعده رعب وقتلا ما بعده قتل...
أي بشاعة ربّاه في هذه الحروب من اجل ماذا كل هذا ؟من اجل ماذا ؟امن اجل النفط ؟خذوه
امن اجل تجارب اسلحتكم برؤوسنا ؟جرّبوها في اماكن بعيدة عنا ،امن أجل استراتيجيات المليار الذهبي البشري ؟أنصبتم انفسكم اربابا على البشرية تقررون لها ما تشاؤون تتركون من تتركون حيا وتقتلون من لا ترغبون بحياتهم ؟

أفف من هذا الكبر والتجبّروالتكبر والطغيان أففف

في النهاية لستم سوى بشر مثلنا ستنالون من الأرض شبرا وتعودون ترابا كما بدأتم لا غير ...
أيها الشذوذ المكر الرّّعب الإرهاب الكذب الخديعة لا فتاك غيركم ولافتك غير ما فعلتم ولا موت دمار شامل سوى بما قتلتم به أطفالنا ونسفتم به سماءنا وارضنا وإنساننا المسالم المقيم في أرضه اعزل .
لكن ..نحن الاباة من سلالة حمورابي وجلجامش والحسين لن تنالوا منا يا حشرات الحضارة.
دوت في نفسه هذه المعاني دوي اسلاح يقولها صاخبة داخله يصرخ بها في حديقته وكانه يرد بها كيد عدو....

فكم طعنني في كتفي بسلاحه الحقير الجندي الامركي او الاوكراني الذي كان دوما يصاحب سيده المتوحش لينفذ طلباته العنيفة الاجرامية وكم داسواعلى جرحانا بأحذيتهم اللعينة القذرة وذاك المستهتر الأفاق المثلي الوسخ المتصهين الوحش كم كان يقتحم عليّ غرفة نومي مرارا ليذلّني او يهدّدني بالقتل..وكم اهتزّ بيتي وخاف أطفالي خوفا شديدا من أصوات الرّعب وشظايا الأسلحة الفتّاكة ،اسلحة الدّمار الشامل الحقيقية من براميل مفخخة
و طائرات الف16 والصواريخ العابرة للقارات التي هزت بغداد بفاجعة العامرية كان سلاحا مسافرا عبر القارات جرّبه الطّغاة في لحم اهلي ودماء الابرياء من ابناء شعبي بملجإ العامرية حيث بصمات اللحم المحروق على الحيطان لن تمحى جرائم الحرب تلك ولن يمسحها التقادم ابدا ..

لكن رغم كل ما كان من رعب وفزع وخوف كان الامل قائما في بيتي في استمرار الحياة رغم الداء والاعداء .
في بيتي الذي تمسّكت به أنا ونخلتي. وبسبب ضيق اليد والكبرياء لم نهاجر وبقيت العائلة متشبثة بالارض لاننا كنا نؤمن معا ألا موت بلا اجل وان الموت في بيتنا افضل من الموت ذلا في مخيم تحت امرة زيد او عمرو
ثم لان الهروب لتلك المخيمات كان ايضا يحتاج اموالا طائلة لا ّّيملكها إلاتجار الحروب وعبيدهم
تدفع لذوي النفوذ او المستكرشين السفهاء من الاحزاب الّتي باعت دم العراق وشعبه لكل الاعداء ،ففي الحروب تتقلص الفضيلة وتنتشر الرذيلة ويختفي الخلق القويم وينهار وتموت الضمائر وتطغى على البشعين الجشعين غرائز حبّ المال وتكديسه من الحرام ومن دموع الابرياء ودمائهم، ويّنظر للحرام بالحلال وللكفر بالسماحة وللقتل بالواجب وللخيانة بالوطنية وبالطبع في مثل هذه الاوضاع كم كدّس ارباب المال
من حرام في بطونهم وكم ظلموا من فقراء وضعفاء .
واحسرتاه واحسرتاه ذهب حتى ذاك الهدوء وتبدّدت تلك السكينة النسبية وراح ذاك الدفء و وتمزّّّّق تماسك العائلة المستظلة بنخلتها الصبورة الحكيمة الوفية لزوجها والمحبة لابنائها ربة البيت الصّّّالحة والمدبرة الذكية المهتمة اهتماما حريصا على التنشئة الصالحة لاولادها والمؤازرة لزوجها دون شكوى ولا ملل ولا كلل
تلك الثابتة الأصل والمحتد ّال-فرعها في السماء
نخلتي الشامخة العميقة في أرضها الاصيلة
اه اأواه اه
"كل الوان التحزان كانت بشعة "قالها لصاحبه باسل وهويسرد عليه قصته الحزينة فقد حدثه ببنات صدره ليتنفس قليلا من وزر الأيام الحارقة التي خلفت في نفسه شروخا وجروحا وقد تلاحق الدمع قطرات حتى ملأعينيه وهو يقول :
يا صاحبي اصابني الهول والويل وانا أرى بلدي شظايا وحتى اليوم لم أنس تلك الكوابيس وأصوات الطائرات وصفارات الإنذار و ولكن ما اصاب قلبي في التيه القاتل ذاك ايم كان تحزانا فريدا أصاب المكنون والخلايا وانغرست في دمي الامه .

تحزان ذاك اليوم الأسود كان قاتما ترسّخ في الفؤاد والذاكرة
ذاك اليوم من شتاء قاس بارد وسماء متجهمة مدلهّمة كان مكفهرا
في الطبيعة وفي حياتي .
يا صاحبي باسل ،كان ثقيلا ذاك القهر ثقيلا أثقل من الرواسي ..
في ذاك اليوم بكاني الليل وبكتني شجرتي الزوراوية الثابتته على صنوف القهر والحاملة لاسمين حبيبين :س نخلة وم ابو فرات
لقد كتبت الحروف بانامل الحب ومن أشعة النجوم ومن لالئ الكواكب ، فتشابكت الأصابع لتحفر نقشها العاشق على تلك الشجرة شجرة المحبة للخلود .
ما اقوى الحب انه اعظم من الحروب والموت حين يكون صفيا وفيا."
فالذكرى تلو الذكرى وشجرة م ابو فرات وس ظلت نخلة شامخة في ارضها وحروفها محفورة خالدة في قلب الحب وبصره وبصيرته ،
لكنّ القدر ابى الا أن يبعث بهجماته وعواصفه وانوائه ففرّق قلبين عاشقين حبيبين كانا معا يسيران في دروب الحياة المتضادة المتصارعة بما لها وما عليها .
اه منك واه يا قدر اواه
"اللهم لا اعتراض ".

كان في صمته وفي جهره يرددها بايمان رجل حزين لم يفتّ الحزن من عزمه ولا قللت الانواء من ايمانه بان المقدر كائن لا محالة والله عنده حسن العاقبة والجزاء.
للصابرين صبر ايوب والذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا ان لله وان اإليّّّه راجعون

يردد ذلك كله حتى لا ينهار تماما فامامه ايتام لا بد الا يضعف امامهم ابدا ولا بد ان يمسح الحزن عن قلوبهم الصغيرة ويربت على مشاعرهم الطرية و لكنه كان كثيرا ما ينحني قليلا على نفسه ضاغطا على صدره الموجوع بين يديه مخاطبا القدر في عتب قائلا : كم تدوسنا احيانا بما لا يتحمله البشر أيها القدر
,ولولا أنّ في قلب المؤمن داىما صوتا يناديه :" لكل اجل كتاب و لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
لولا هذا الايمان الراسخ بأنّ الموت حتم وله أسبابه ولكل موت سبب ,ّولولا اليقين باننا سنعبر هذه الدنيا كما عبرها غيرنا قبلنا وسنلاقي غدا ربا رؤوفا بالصالحين والصالحات والصابرين والصابرات والصامدين والصامدات والمؤمنين والمؤمنات والمبشّرين والمبشّرات بالنعيم .
لولا كل هذا الصبر والتصبير لكان انفطر القلب انفطارا .
لقد كان محمد ابو فرات رجلا مؤمنا ورعا يصمد في الشدائد بصبر ويمحق حزنه بايمانه مهما قست الايام عليه ولكن نار الشوق المختلطة بنار الحزن كانت تجعله يعود دائما لالبوم الصور الحبيبة .

و....حين قيلولة وهو على تلك الحال من الاسى في لحظة تقليبه للصور العائلية اخذه النعاس من شدة وجع الذكرى .
وبين الفينة والأخرى كان يتقلب عل جنبيه ،فاذ به رأى امرا عجبا ومعجزا فقد كان الحلم في ذاك اليوم ملحّا عليه إلحاحا فرأى سماءه الشامخة في نورها الأرجواني ولباسها الحريريّ الأخضر المطرز بالزهور
وفي سنة من نعاس سرّه ما رأى إنه الطيف الطيف ذاك الطيف العزيز كان ماثلا أمامه فما كان اسعده
في ذاك الحين.
تمتم في صمته رباه رباه يا الله لعلك اردت ان تهوّن علي قليلا وتبدّد عتمة احزاني واهديتني حلما
مع ذاك الطيف العزيز علي ،وسمع محمد ابو فرات في غفوته صوتا ناداه : " أبو فرات ابو فرات
لا تقنط ،لا تحزن ،لا تبتئس،لا تيأس إنه لايياس من روح الله الا اقوم الكافرون صدق اله العطيم
الحياة تستمر أوصيك باطفالنا وبنفسك خيرا اعرف انك تحبّني كثيرا فليكن كل هذا الحب اليوم لاطفالنا
كن لهم الام والاب وحاقظ على نفسك فلا أريدك تعمى من الحزن ولا اريد لقلبك ان يموت ولا لبسمتك ان تخفى اترك الحياة تنبض فيك أبوفراتي الغالي ،روح دمي ،حبي والد ابنائي وبناتي ،نوارة روحي ،الوان عمري ، فراشي الحائم حول روحي ، شمسي الباعثة دفءها دوما في حياة أطفالنا ،نجومي الساكبة ضوءها لعطاشى الضوء ،مائي الساقي شفاه النعاس المقدس فرسي الحر الشجاع كريم اليد أصيل المحتد سليل يعرب وطائر الحرية ابق كما عرفتك ذاك العاشق المبسام ذاك المازح الضحوك ذاك الوفي للجمال والحياة على الدوام هكذا
انا فيك فأن حزنت روحك ينتاب روحي حزن وقد يسري في دماء ابنائنا المقبلين على الحياة
لا حبيبي لا تحزن
ّدس على ذاك الغم الويل واركب خيلك الحرة واسرجها وقل رباه أنت الواهب الأمل ومغير الأحوال".

تمتّع أ بو فرات في غفوته بذاك النداء العاشق وقام يفرك عينيه من لحظة بين النوم واليقظة وكم ارادها
ان تطول لكنها سرعان ما افلت .
ولما استفاق تماما وصحا صحت الذكرى معه ومرت بخاطره وقلبه كوخز إبر ، فتراءت له في اليقظة نخلته العالية باسقة في فضاء رحب يغلب عليه الخضار .فبسمل وحوقل وقام لتوه وأقام صلاة الفجر وقرا ما تيسّر
من القران الكريم وأطال الادعية بالصبر له ولصغاره وبالرحمة على أصيلته الثابتته الفرعاء الحسناء الغيداء .
ثم شرب كوب ماء ثم عاد لسريره يستغفر ويطلب اللطف ويقلّب الذكريات تترى حتى اخذه النعاس من جديد .فرأى نفسه بحديقة وارفة الشجر فسيحة الأرجاء كثيرة النبات والزهور والفراشات وكان يسير فيها على مهل
فاختلط عليه الامر بين الحلم واليقظة والخيال والرؤى وعاد لابلوم الصور يطوي اوراقه طيا .
فبدت عروسه امامه مختالة في لباس عرسها بسامة فرحة وكانها تعيد له ذات السؤال الذي ملأ كل فضاءات روحه ذكرى فرح وحزن "كيف حالك"باسمة رآها وكيف حالك ؟باكية رأها كأن هذا الاستفهام حمل كل معانيه االبلاغية من قلق وحيرة وتعجب وإنكار
"رباه اجرني" قال في قلبه المخلوع المخدوع بحلم ثانية
رباه اجرني من "كيف حالك "سؤال حملته بسمتها العاشقة وحملته بسمتها المودّعة
وقد قال محدثا صديقه الودود باسل :
ا أخي باسل
"في ذاك اليوم صليت في ساحة مشفى الموت المجاني الذي أكرهه كرها شديدا ذاك المشفى اللامبالي بأرواح الناس حيث خسرت نصف عائلتي ،مشفى هو عنوان الاهمال الطبي وعدم المبالاة ،لقد رحل هناك ابي وابني ّوابنتي وزوجتي..إنه المبكى وليس المشفى ما كنت رأيت من طواقمه اهتماما بالمرضى ولا التزاما بالحرص على أرواح الناس كان هم بعضهم تجميع المال ونهب الفقراء والتعامل مع صيدليات بعينونها هي بالتحديد لشراء الدواء ،الله أعلم ماكانت تحمل لنا من موت في أدويتها وإبرها...
يالتجارالحروب وياللجرائم رباه اذقهم جميعا مما اذاقونا من علقم . ..
كل مافي حياتنا كان معرضا للنسف من السماء والارض والماء ...محنة ياصديقي باسل وما أعظمها من محنة صدّ ق او لا تصدق أنّ من بقي منا لم يبقه سوى قدره الحتمي لمواصلة الحياة...
وتستمرّ الحياة كما قالت لي نخلتي"تنفس قليلا ياللغم الذي اصابه ،اختناق تمكن من صوته وجفاف في حنجرته وغصة كانها كتلة دموعاحزن ما تنفجر بعد تلظت بها عينيه ثم واصل حديثه لصديقه باسل قائلا
"في ذاك اليوم الشتوي العاصف قبل أن تدخل الغيبوبة حياتنا المنكوبة
في ذاك اليوم القاسي صليت في حديقة هذا الذي يسمى مستشفى كم اكرهه واكره ذاك الطبيب اللامبالي وكانه لم يكن يعامل بشرا او ربما كان هو في عمقه فاقذ احساس وليس طبيبا انسانيا وربما كان ما فعله بنا الاشرار
كان عمدا وباياد مريبة ونفوس غريبة ترى في عيونها الشرور كلها .
فلاباس لديه ولدى أمثاله الشرسين الموالين للمجرمين ،لا بأس في نظرهم حتى لو حقنت عائلتي وامثالها بدواء فاسد ، بلد كامل ضاع يا صاحبي بين الجريمة والفساد كل جرم البشرية جمع وجاء يقاتل بلدي
رباه الاهل والجيران وما وراء البحار
رباه كم تاذينا
اكره ذاك الرجل المشبوه ولن اسامحه ما حييت .
لم يكن سكّر حبيبتي قويا لدرجة الغيبوبة لكنه حقنها بما لا يناسب مرضها فكانت بسمتها قاتلة مقتولة وهي تودعني وتنظر لمدى ابعد من مدى عالمنا الفاني الظلوم
كانت نخلتي مبتسمة في سؤالها الاخير عني بنفس العبارة "كيف حالك ؟
قتلت زوجتي ونصف عائلتي بشرور دول فاعلة ودول تابعة نعم قتلت واستشهدت نخلتي تحت القصف المكثف ولم تشأ ان تغادر مكانها و رفضت التهجير وكان القصف على أشدّه والناس في مشهد من الرعب والفزع والشهادة والموت المجاني ألا سحقا لتجار الحروب والخوانين والمحتلين جميعا وللطامعين ببلادي وخيراتها
اي صديقي باسل
كنت قبل ان أراها مودعة
صليت في الحديقة طالبا لرفيقة دربي ونخلتي الباسقة الشفاء و لكن يالحرقتي لما عدت لغرفة مشفى الموت التي كانت تقيم فيه نخلتي اعدت الصلاة فابتسمت في فتور وقالت لي "كيف حالك ؟"
ثم توارت نخلتي وراء سجف الظلام وتوارت كيف حالك من فم الكلام
وصمتت بين ذراعي
اواه اواه مما عشت
اواه من طعون القدر
اواه من يوم مكفهر ومن بلد تخرّب وانفجر.
صديقي باسل ماذا يفعل زوج امام زوجة محبوبة غادرت , وام اولاده الراحلين والباقين ؟ماذا يفعل زوج وهو امام نوارة فائحة ونخلة باسقة تهاوتا في أحضانه ؟
ماذا يقول زوج امام عصفورته الطائرة المحلقة بعيدا وهي بعد في ريعان العمر ؟
اه في الصمت
اه في القلب
اه في الحلق
اه في العين
اه في الراس
أه في انفس
اه في الروح
اهات في الدرب
وبكل اهات الارض كنت اودعها
كم كان من احلك لحظات عمري نقل الخبر لولديّ العزيزين الطفلين المتعلقين تعلقا شديدا بأمهما النخلة
في تلك اللحظة كنت مشتتا بين ان اعلم العائلة واخرج حبيبتي في ظروف حرب من المستشفى وبين اخبار ولدي الطفلين الصغيرين باقتم خبر صادم لهما

رباه اعني على ان اكون في صبر ايوب وفي حكمة سليمان امام هذه المصائب المتراكمة في برهة من زمن .....
رباه كيف سأخبر صغيرين بأنذ امهما اتي ودت وحضنت وربذت وربذتت بحنان عليهما واعطت منحياتها هما كلما استحقا عطاء

كيف ساخبر طفلين عاشا مدة قصيرة في رعايةأم المودة والحنان ،انّ الام رحلت والمودّ والحنان رحلا معها .رباه كيف ساخبرهما انّ ذاك الحنان من ذاك النعيم قد أسدل عليه الستارإلى الابد وان تلك الام المعطاء البسامة الغضوبة بحكمة وود خفيّ رؤوف رقيق رهيف حين الحزم تلك الجوهرة السامية ونعمة من نعم الدنيا والأخرة تلك التي حملت ولدت بعسر وسهرت الليالي وانامت وارضعت وربت وعلمت وقبلت وابتسمت وقطبت عند الغضب وعفت بحلم ونظرت دائما لصغيريها بحلم وامل وحب دفاق وهما ينهضان من سبات طفولي عميق بل وأفاقتهما بعطف الدنيا وأحضرت فطور الصباح ولمجة العاشرة التي كانت تدسها في حقيبة الدراسة وبين الكتب وفطور منتصف النهار والعشاء ؟؟؟كيف سيكون حالهما على كل موائد هذه الازمنة ؟كيف سيرتميان على سرير فرغ من الأمومة ؟كيف ستكون صباحاتهما بدون النخلة الجميلة اهفهافة الاصيلة ؟وكيف سيصبح انا صباحي وضحاي ومسائي وسمري دون النخلة أسطورة الحب في حياتي
رباه رباه اشياء البيت التي كانت في يدها بتفاصيلها ستؤلم طفلي الحبيبين كما كانت تؤلمني بل كما هي للأن تؤلمني
قرة عيني فراتي رافدي ابوكما موجوع موجوع ويجب ان يصمت ويكتم انفاسه
رباه أمي يا اماه يا باسلة ماذا سافعل ونخلتي تركت لي رافدين ودودين عزيزين رائعين جميلين لا اريدهما ينتحبان ولا يحزنان ،لا أريدهما يحطمان بهذه الصدمة المروّعة,
باسلة اماه يا من انجبت رجالا قاتلوا الاستعمار والويلات ونساء في قمة الوفاء والعطاء من لي ليشد أزري شدي باسلتي شدي أزري اماه طفلاي يبكيان أمهما وبنيتي دجلتي الأخرى تبكيها وهي لما تفقه من الحياة إلا اشهرا من سيرضعها من سيربيها من سيعلمها الصحيح من الخطإ
اماه انا لا اعرف كيف اغّير الحفاظات ولا كيف ارضع بنية الأشهر التي حرمت من حليب الام ولا كيف أجلب لها حليبا في هذا الحصار الرهيب الذي حرم أطفالنا الحليب والدواء لم أعد احتمل موتا اخر محمد وايوب و..............................
أماه يا باسلة قولي لي وأنت حكيمتنا كيف سأخبر صغيريّ بوفاة أمهما كيف سأسكت دجلة حين يحين وقت حليبها كيف ساهدهد نومها لتبتسم نائمة في حضن الأمومة
أماه ارى بنيتي الرضيعة مقطّبة الجبين تبكي بحرقة أمها حزينة عليها ،أيحزن رضيع على امه يا اماه اه كم أخشى من الحزن اخشى ان اموت انا أيضا واترك اطفالي لليتم والتحزان
أماه ابتهلي ابتهلي معي كي أكون قويا صبورا أعتى من الأحزان كي اواصل الأمانة
أماه باسلتي اقول ساهز بجذع النخلة يساقط علي الرطب واغليه لدجلةتي وأسقنيها ماءه عوض الحليب أماه حتى النخيل أحرقوه فانى لي بالغذاء والدواء لابنائي ورضيعتي أنى لاطفالنا بالحياة؟وانا لا لا اريد لبنيتي أن تموت عطشا و جوعا ساخترق القنابل والطائرات والبراميل المتفجرة وامشي عشرات اكيلمترات عساني أجد لدجلتي علبة حليب تسكن بهاعطشها
أماهل ا اريد لأطفالي ان يكبرا في التحزان
رباه اجعل ميزان الايام معنا ولا تجعله ضدنا لقد أنهكتنا الدروب الوعرة تعبت تعبت تعبت،،تعبنا تعبنا تعبنا
نفيسة التريكي عن قصة حقيقية
نص متواصل
حكاية من وحي الواقع من قصة حقيقية عاشها صديق عراقي منعم ال عدنان وطلب مني صياغتها وكان يقول دائما انها قصة صاغ الالم احداثها فالله يعينني على ان اكون في مستوى ثقتة بي والامانة الجسيمة التي بها ارواح شهداء ورمز لحكاية بلد باسره بل امة






  رد مع اقتباس
/
قديم 01-10-2022, 12:08 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

.....وهكذا تاخذني الحروف وحكاياها.. ....
وتسير بي خطاي .....وتتحرك اناملي...


.وتذهل وتندهش بصيرتي بهذا الكم الهائل من الاهوال . التي تسببت بها الحروب والفتن لتمزيق بلد عظيم كالعراق..وتمضي حواسي واحاسيسي جوالة في عالم النخلة نحو الشهر السادس...
اصوغ ما ائتمنني عليه صاحبها...






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-10-2022, 03:30 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

ابسامة نخلتي

ذات شتاء شديد البرودة كان الفتى الجلجامشيّ أبو فرات يقلّب البوم الصّور في ليلة ليلاء وقد أصابه ارق مؤرّق بعد يوم متعب من العمل .
فنال نفسه بعض ألم وهزّه الحنين هزّا لاستحضار اقسى ذكرياته الّتي صدمت قلبه وغيّرت كل مجريات حياته.

ومضى في البومه بين الوجوه الاليفة الحنونة الودودة في لهفة حنين وانين الصّامت الصّبور الصّامد
يطوي الورقة تلو الأخرى .

فتارة كانت تسّاقط من عينيه دمعتان غزيرتان عزيزتان تمسّان خدّه الايمن واخرى خدّه الايسر ولقوة كبريائه حتى بينه وبين نفسه كان يمسحهما مسح مكابر في صمت صموت او يمسح ذاك الماء الحارق حرقة قلبه بظهر يده اليمنى ثم ينظر للمراة فيرى عينين محمرّتين جمرتين يعلوهما جبين مقطّب ويلمح في خطفة ّّّخدين محمرّين كاد يدفق منهما دم قان يفضحان نار قلب محزون مخزون فيه تحزان واسى وذكرى انين حنون .
وطورا كان يضرب الارض بقدم يؤرجحها من السّّرير على بلاط غرفة النّّوم التي حملت في كلّ أرجائها أسرار الحب ّوالولادة والحياة بافراحها واتراحها ،واحيانا كان يضرب الحائط الصلب بكف ّمقهورة من لهيب الغدر ويضرب بعد ذلك ظهر السرير بظهره الموجوع من الوزر ثم يضرب بقوّة في حسرة ما بعدها حسرة
راس السرير لالم المّ به غزا شرايينه ورأسه، فكان يفرك جبهته بين يديه ،فيتضاعف ألمه حين كان يذكر تلك اليد الحنونة التي كانت تمسّّّد الامه كلما مسه وخز من الضّّر، تلك اليد المباركة الامينة الشافية
التي كانت كالناطقة تبسمل وتقرأ له ّايات الشفاء وهي تبعد عنه الوجع.

وتتالت الايّام في دعة وراحة بال ولكن ...
ّّ
"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" فقد انكسر الامل بالالم منذ ذاك اليوم المشؤوم ،فّمنذ ذاك اليوم المدلهمّ
ما أحسّ براحة ، و ّمنذ ذلك اليوم القاسي ما ابهرته ولا أسرته مباهج الحياة والوانها و روائحها وطعمها وملمسها واصواتها الساحرة من زقزقات وهديل وهسهسات ،ّلكانّه فقد احاسيسه وحواسّه لحين.
فلم يعد يتذوّق بعد ذاك اليوم الشّديد القسوة الصّعب لذيذ شاي ولا فاحت قهوة في شمّّه ولاتمتع بطعام طاب
ببهارات الود والمحبة ّولا زارت شفتيه بسمة سوى لسخرية او استهزاء من الزمن اللعوب.
فكل حركة وكلّّ همسة وكل طعم وكلّّ رائحة وكل ملمس زهرة او شجرة أو قارورة عطر او حتى كوب ماء،
ّو كلّ زقزقة طير او هديل حمام كانت مختلفة عمّا كانت عليه من قبل ،وكل ّّّّّّالوجوه كانت تبدو كأنها وجه ذاك الملاك المسافر للأّقاصي .

فكنت تجده يعيش في الماضي أكثر مما في الحاضر وـأحيانا تختلط الأزمنة في ذاكرته وأنه فتراه يتوقّف عند وجه هذه أ وتلك إذ يغتم ّبعمق فتتغيّم رؤاه لثانية ثم يحرّّك بقوّّّّّّة رأسه كانّه يصفع ذاكرة تغريه بالمستحيل
عساه يرى شيئا من ملامح ملاكه اوبريقا من عينيها أو لفتة من نظرتها أو هي هي ذاتها عساها ّّ تمرّّ به
في ومضة من زمن وتطل ّّعليه من هاهناك هنالك الهنالك .....

....لا لا..انّ تلك الرؤى لمجرّد اوهام لا بدّ من مقاومتها . كذا كان يستنهض وعيه داخله ثم يهتزّ ويعود للحظته الواقعية متسائلا ومجيبا في صمته :"ّ اهي اهي ،لا ليست هي ، ليست ملاكي هذه العابرة ،ّّاين هذه أوتلك
من ملاكي ؟
يهمس داخله
"ليس هذا بياضها الحليبي الطفولي ولاهوسواد عينيها ولا تلك استدارة محياها ولا ذاك ضوء خدّيها .."
ثمّ ...
يعود للحياة ...بولكن عودة بلا طعم وبلا مشاعر تحسّ بدقائق الامور كما كان من قبل .

ّّالان بداخله فوضى مشاعر وغمام رؤى وتحزان مزلزل يزعزع كيانه زعزعة و أحاسيس تمزّق وجوده ووجدانه يخفيها في داخله ويقاتل دخانها بسجائره الّتي ازدادت رفقتها معه وازداد بها التحاما ،فلعله كان يرى دخانها المصّاعد من فيه دخان أنفاسه و لهاث قلبه المحترق المغرورق بالدموع بل دخان بلده المقهور أيضا .ّ.وقد يكون حتى دخان أمته والإسانيّة المهزومة في إنسانيّتها وقيمها المثلى.

ما الحلّ في فوضاه الغشيمة وفوضى البلد الّتي قلبت كل الأوضاع رأسا على عقب؟
ما الحل في التفراق وغياب الحبيبة،حبيبته ، نبض حياته،عيده وعيد أولاده،بسمته الضحوكة وضحكته الباسمة..؟
ما الحل لحياته بغياب صنو روحه وشقيقة نعمانه ويناعة أقحوانه بل بستانه بما حوى ؟
هي هي وحدها التي تفهمه من ومضة عين وتحبّه في كل الاحايين وتمنحه السّكينة والهدوء في كل حيْن حبيبته ساكنة روحه وجوهر استقراره وحبّه ومعلّمته ومنبّّهته من كل سقوط وبئر أسراره العميقة ومحفظة سريرته وانفراج أساريره ساعات أنسه ...ملاذ أهه وغنّات نايه .
نعم هي ،وكم يحلو له خفقها في نبضه ..هي أو نصف اناه الذي تاه بعيدا عن رؤياه ....ماذا سيفعل بعدها وهل فعلا بقي بعدها مايحلو من العيش؟
همهمات وهمسات وتمتمات وسكرات حزن بداخله تبوح لخالقه الوحيد العارف بأعماقه وتترجاه ان يلهمه الصّبر:"ّصارخا في داخله في مناجاة
ربا.رباه
لا لا لم ترحل إنّّّها في كل الأنحاء والارجاء...
ثم يقطع مناجاته ويعو لواقعه كما هو وحديث عقله الكاره للوهم كانه يقول له افق افق
لا لا ايّها الواهم المتصبّر بذكراك ورؤاك وأخيلتك
لا لا رحلت
ويعود سائلا ربه
رباه أرحلت.لا لا لم ترحل
ثم ثينبه بعقله من جديد الحقيقة المرّى
صدّق صدّق ،،انها رحلت وهي ليست بالبيت بيتك ،ليست في المطبخ ّتعد ّالطّعام اللّذيذ المتنوّع
لتدللك وتدلّل اولادكماّ ،ليست بغرفة النوم ّترتّبها لسهرات الوداد الأليفة الفرحة المرحة ّّّوالحكايا اللّذيذة الناعمة الجميلة ،ليست في البهو النظيف المبخّّّر،أصابعها لا تتحرّك في مسبحتها يوم الجمعة او في سائر الايام لا تراها تطوي سجادها في اوقات الصلاة.
لا لا تشاهدها تقلّب مصحفها لتقرأ ماتيسر من القرأن وكتب السير والانبياء .
صدّق يافتى أيها ال-عجنتك الايام بعدها بماء مالح ساخن بدقيق الذكرى وجنون الخيال وحضور الطيف وفقد ألأحبة م من حروب وويلات وانكسارات وانتظارات وصمت الصقيع وحرارة الدخان صدّق ايها الواهم أنها الان لا تسقي الحمامة ولا ترش ّالحديقة مساء بعد القرّ ولا تستقبلك من العمل ببسمة ساحرة تقول لك فيها صامتة قنوعة محبّة : "أعانك الله وابقاك لنا أحبّك رفيق دربي ......."
صدّق ايّّها المسكون بالمستحيل بالوهم بالذكرى أنّ فجيعة الموت قد اصابتك في صميم قلبك وأنّ المنون اختطفتها منك ذاك الحتم "هادم اللذات" كما قال شاعر الزهد ابوالعتاهية
صدّّق - وانت المؤمن الراضي بقدرك حتى ولو كان قاسيا-أنها الان قريرة العين هناك في ملكوت الله قرب عرش عظيم ،ايه نعم وياطول تنهيدك -صدّق أنك سوف تقضي بقيّة حياتك بدونها لكنها فيك وفي أطفالك وفي رائحة الارض التي تعشقها ستتنفسها في الافجار في الصباحات في النهارات في المساءات في الليالي
في الأسحار.
ستسمع همس صوتها الحنون في الذكر الحكيم لتصبر صبرا جميلا مع الذكرى ، إنها بعيدة عنك مسافة قريبة منك في عمق خلاياك سكناها القلب إنّها....افراح كثيرة واحزان كثيرة
‘نها حبّك الاول والاخير ، مشاعرك الاقوى والاصفى والانبل والاكثر توهّجا وفرحا .
صدّق ،أنت الأن اصبحت وحدك يافتى تواجه الحياة ،فلماذا تهرب ؟
لماذا انتبذت مكانا قصيّا بعيداعن اولادك أوليس لهروبك من أسئلتهم وحزنهم الداكن ؟
لماذا لا تريد ان ترى إلا امّك تاتيك خلسة بطعام فقير من خبز وتمر وماء ،طعام حصارات وحروب وذاك
ما توفّرللشعب المحاصر المسكين الاعزل الذي انهالت عليه الامم قصفا ورميا بالنار وياللحسرة شعب يعيش ذات قلة اليد في بلد من أغنى البلاد في العالم نفطيا، شعب خرّبت اراضيه الفلاحية ومزارعه وأحرق نخيله وهدّمت مصانعه ودمّرت في وطنه الرّافدي المغدور البنى التحتية لمكائد صاغها عراة من الإنسانية ليس
في عقولهم سوى المال والسلاح والهدم وهدر حقوق الشعوب الأخرى وذاك من عقوق الأشراروحفاة الضمير وطغاة العالم....................
لماذا هجرت بيتك -حبيب النخلة - تكلّم ،بح ،اصرخ ،ابك ،غنّ اشجانك ،ارقص رقصة النوى،اردح ردحك العراقيّ،اخرج منك مرّ الجوى
قل إنك صدّقت ،قل إنك رضيت بالقضاء والقدر، بح لقلبك النازف المجروح ،ضمّد بصبرك القروح --حبيب النخلة -لا وقت للوهم ،لليأس ، للقنوط ،صغارك صغارك صغارك اليسوا امانة بعنقك يا فتى الشداىد؟

........وكان ذاك الفتى الصبوركان مضطرا أن ينحت من أوجاع صخرة سيزيف ومن تراكم الأحزان فينيق صمود،ايوب صبر
فكل التفاصيل الدقيقة وأصوات البيت وضجيج السوق ...كل شيء حتى بعض الغضب او بعض الهدوء ...
كل شيء كان حمّالا للذكرى حتى أنفاسه وتنهيداته وأهاته الصامتة الأسيرة التي كان يختنق بها صدره ويخفيها عن الجميع والتي كانت تنفضح وتفضحه في لهيب سجائره المتلاحقة المشتعلة سيجارة من سيجارة
ّّّوالتي يعتبرها خلّّّه الودود الّذي يقاسمه متاعبه بلا مقابل ويهزا بكل من ينبّهه من ويلات التّدخين يسمّّي سيجارته رفيق الضيق الوفيّ الصّدوق ويسمّي كاس شايه المعين على التّنهيد ايّّّا كان قول الاطباء يعاند ولا يترك خليليه وعشيرّه حتى الأطباء ّ حين يقولون له تنحّ عن هذا السم يقول لهم ّ:"كفى لا سمّ ساذوقه اكثر مما ذقت من منضّب ومخصّّب وفسفور أبيض قتل ابنائي محمد وايوب واساور .. ليس في حياتي امرّ من هذا المرّ بل ابقيت لي حياة بعد هذا الموت المدمّر ،ّّالمدبّر باستراتيجيات دولية وإقليمية وبمساعدات باعة الضمائر وحفاتها والخوانين .
سيجارتي عشيرة احزاني لن ارميها الا في بحرما لمّا ارى أملا ما اتنمّسه يكنس ما قبله من ألام..."

هكذا كان أب الشهداء يؤانس صراعاته بدخان من دخان والام وفجيعة الخسارت لا تبرح نبضه وأنفاسه
كل شيء كان يذكّره بما فات من عيش مبتسم دافئ رغم ما واجهه من زلازل وأحداث جسام بعثرت السّكون والهدوء وحوّلتهما صخبا وضجيجا وصراخا تبثّه القنابل والصّواريخ الفتّاكة وأختها العابرة للقارّات والطاّّّئرات النفاثة والبراميل المتفجرة التي تأتي على الأخضر واليابس . يالها من سموم الجشع والابتزاز والسّطو والغطرسة وهي من أبشع البشاعات الّتي راى خلالها كلّ ما يحمله الإنسان من شرّّّ لتدمير اخيه الانسان
بل لتدمير الطبيعة كلّها والوجود تحت حصارات وحروب واحتلال ثلاثيني من امكر واشنع ما رات البشرية عبرالعصور ..........
كانت تقوده امريكا سيدة الأرض والسماء والبحار بقوة القوة وسطوة المال والسلاح والنفوذ الشراني
و لكن رغم ما كان من حصارات و صراعات حروب وفتن داخلية مزّقت البلد إربا إربا فقد ثبت ذاك اليوم ثبوتا في روزنامة احزانه كما ثبتت ايام الجمر والقهر والفوضى الخنّاقة وما كان للفوضى أن تكون خلاّقة إلا في قواميس الطغاة واستراتيجياتهم الهدامة للحياة والأبرياء ،للبشر والشجر والبشر.
لقد رأى بامّ عينه عائلات باسرها تمحى وعاش أوقاتا صعبة جدا تحت احتلال شرس لعين مجرم سفّاح ظلوم متوحّش دمويّ.ّ
راى ابا يهرب ببعض اولاد ويرى بنية من بناته تردم تحت القصف الهدّار باصوات الرّعب
رأى احد ابنائه يهتزّ رعبا من أصوات قاصفة راعدة مبرقة أرعبت و قتلت الفراشات والعصافير وارعبت الاطفال الابرياء رعبا ما بعده رعب وقتلا ما بعده قتل...
أي بشاعة ربّاه في هذه الحروب من اجل ماذا كل هذا ؟من اجل ماذا ؟امن اجل النفط ؟خذوه
امن اجل تجارب اسلحتكم برؤوسنا ؟جرّبوها في اماكن بعيدة عنا ،امن أجل استراتيجيات المليار الذهبي البشري ؟أنصبتم انفسكم اربابا على البشرية تقررون لها ما تشاؤون تتركون من تتركون حيا وتقتلون من لا ترغبون بحياتهم ؟

أفف من هذا الكبر والتجبّروالتكبر والطغيان أففف

في النهاية لستم سوى بشر مثلنا ستنالون من الأرض شبرا وتعودون ترابا كما بدأتم لا غير ...
أيها الشذوذ المكر الرّّعب الإرهاب الكذب الخديعة لا فتاك غيركم ولافتك غير ما فعلتم ولا موت دمار شامل سوى بما قتلتم به أطفالنا ونسفتم به سماءنا وارضنا وإنساننا المسالم المقيم في أرضه اعزل .
لكن ..
نحن الاباة من سلالة حمورابي وجلجامش و ومحمد والحسين لن تنالوا منا يا حشرات الحضارة.
دوت في نفسه هذه المعاني دوي السلاح ليس بضمير الانا فقط بل بضمير نحن صاخبة داخله يصرخ بها في حديقته وكانه يرد بها كيد عدو....ثم يتذكر ما كان ذات يوم حدث به صذيقه باسلوقد التقيا بعد هدنة قائلا:ّّ
لكم طعنني في كتفي بسلاحه الحقير الجندي الامركي او الاوكراني الذي كان دوما يصاحب سيده المتوحش لينفذ طلباته العنيفة الاجرامية وكم داسواعلى جرحانا بأحذيتهم اللعينة القذرة وذاك المستهتر الأفاق المثلي الوسخ المتصهين الوحش كم كان يقتحم عليّ غرفة نومي مرارا ليذلّني او يهدّدني بالقتل..وكم اهتزّ بيتي وخاف أطفالي خوفا شديدا من أصوات الرّعب وشظايا الأسلحة الفتّاكة ،اسلحة الدّمار الشامل الحقيقية من براميل مفخخة
و طائرات الف16 والصواريخ العابرة للقارات التي هزت بغداد بفاجعة العامرية لقد كان اعجوبة اجرامية ذاك السلاح المسافرعبر القارات جرّبه الطّغاة في لحم اهلي ودماء الابرياء من ابناء شعبي بملجإ العامرية حيث بصمات اللحم المحروق على الحيطان لن تمحى جرائم الحرب تلك ولن يمسحها التقادم ابدا ..
ولكن يا صديقي باسل
رغم كل ما كان من رعب وفزع وخوف كان الامل قائما في بيتي في استمرار الحياة رغم الداء والاعداء .
في بيتي الذي تمسّكت به أنا ونخلتي. وبسبب ضيق اليد والكبرياء لم نهاجر وبقيت العائلة متشبثة بالارض لاننا كنا نؤمن معا ألا موت بلا اجل وان الموت في بيتنا افضل من الموت ذلا في مخيم تحت امرة زيد او عمرو
ثم لان الهروب لتلك المخيمات كان ايضا يحتاج اموالا طائلة لا ّّيملكها إلاتجار الحروب وعبيدهم
تدفع لذوي النفوذ او المستكرشين السفهاء من بعض الاحزاب الّتي باعت دم العراق وشعبه لكل الاعداء ،
ففي الحروب تتقلص الفضيلة وتنتشر الرذيلة ويختفي الخلق القويم وينهار وتموت الضمائر وتطغى على البشعين الجشعين غرائز حبّ المال وتكديسه من الحرام ومن دموع الابرياء ودمائهم، ويّنظر للحرام بالحلال وللكفر بالسماحة وللقتل بالواجب وللخيانة بالوطنية وبالطبع في مثل هذه الاوضاع كم كدّس ارباب المال
من حرام في بطونهم وكم ظلموا من فقراء وضعفاء ثم ركبوا الكراسي وقالوا نحن الشرفاء.
لكن تراكم الويل على الويل والالم على الالم وتكوّم الحزن على الحزن حني علي وحزني على بلدي
واحسرتاه واحسرتاه ذهب حتى ذاك الهدوء وتبدّدت تلك السكينة النسبية وراح ذاك الدفء ّ وتمزّّّّق تماسك العائلة المستظلة بنخلتها الصبورة الحكيمة الوفية لزوجها والمحبة لابنائها ربة البيت الصّّّالحة والمدبرة الذكية المهتمة اهتماما حريصا على التنشئة الصالحة لاولادها والمؤازرة لزوجها دون شكوى ولا ملل ولا كلل
تلك الثابتة الأصل والمحتد ّال-فرعها في السماء
نخلتي الشامخة العميقة في أرضها الاصيلة
اه اأواه اه
"كل الوان التحزان كانت بشعة "
قالها لصاحبه باسل وهويسرد عليه قصته الحزينة فقد حدثه ببنات صدره ليتنفس قليلا من وزر الأيام الحارقة التي خلفت في نفسه شروخا وجروحا وقد تلاحق الدمع قطرات حتى ملأعينيه وهو يقول :
يا صاحبي اصابني الهول والويل وانا أرى بلدي شظايا وحتى اليوم لم أنس تلك الكوابيس وأصوات الطائرات وصفارات الإنذار و ولكن ما اصاب قلبي في التيه القاتل ذاك االيوم كان تحزانا فريدا أصاب المكنون والخلايا وانغرست في دمي الامه .
تحزان ذاك اليوم الأسود كان قاتما ترسّخ في الفؤاد والذاكرة
ذاك اليوم من شتاء قاس بارد وسماء متجهمة مدلهّمة كان مكفهرافي الطبيعة وفي حياتي .
يا صاحبي باسل ،كان ثقيلا ذاك القهر ثقيلا أثقل من الرواسي ..
في ذاك اليوم بكاني الليل وبكتني شجرتي الزوراوية الثابتته على صنوف القهر والحاملة لاسمين حبيبين :س نخلة وم ابو فرات
لقد كتبت الحروف بانامل الحب ومن أشعة النجوم ومن لالئ الكواكب ، فتشابكت الأصابع لتحفر نقشها العاشق على تلك الشجرة شجرة المحبة للخلود .
ما اقوى الحب انه اعظم من الحروب والموت حين يكون صفيا وفيا."
فالذكرى تلو الذكرى وشجرة م ابو فرات وس ظلت نخلة شامخة في ارضها وحروفها محفورة خالدة في قلب الحب وبصره وبصيرته ،
لكنّ القدر ابى الا أن يبعث بهجماته وعواصفه وانوائه ففرّق قلبين عاشقين حبيبين كانا معا يسيران في دروب الحياة المتضادة المتصارعة بما لها وما عليها .
اه منك واه يا قدر اواه
"اللهم لا اعتراض ".

كان في صمته وفي جهره يرددها بايمان رجل حزين لم يفتّ الحزن من عزمه ولا قللت الانواء من ايمانه بان المقدر كائن لا محالة والله عنده حسن العاقبة والجزاء.
للصابرين صبر ايوب والذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا ان لله وان اإليه راجعون

يردد ذلك كله حتى لا ينهار تماما فامامه ايتام لا بد الا يضعف امامهم ابدا ولا بد ان يمسح الحزن عن قلوبهم الصغيرة ويربّت على مشاعرهم الطرية و لكنه كان كثيرا ما ينحني قليلا على نفسه ضاغطا على صدره الموجوع بين يديه مخاطبا القدر في عتب قائلا : كم تدوسنا احيانا بما لا يتحمله البشر أيها القدر
,ولولا أنّ في قلب المؤمن داىما صوتا يناديه :" لكل اجل كتاب و لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
لولا هذا الايمان الراسخ بأنّ الموت حتم وله أسبابه ولكل موت سبب ,ّولولا اليقين باننا سنعبر هذه الدنيا كما عبرها غيرنا قبلنا وسنلاقي غدا ربا رؤوفا بالصالحين والصالحات والصابرين والصابرات والصامدين والصامدات والمؤمنين والمؤمنات والمبشّرين والمبشّرات بالنعيم .
لولا كل هذا الصبر والتصبير لكان انفطر القلب انفطارا .

لقد كان محمد ابو فرات رجلا مؤمنا ورعا يصمد في الشدائد بصبر ويمحق حزنه بايمانه مهما قست الايام عليه ولكن نار الشوق المختلطة بنار الحزن كانت تجعله يعود دائما لالبوم الصور الحبيبة .

و....حين قيلولة وهو على تلك الحال من الاسى في لحظة تقليبه للصور العائلية اخذه النعاس من شدة وجع الذكرى .
وبين الفينة والأخرى كان يتقلب عل جنبيه ،فاذ به رأى امرا عجبا ومعجزا فقد كان الحلم في ذاك اليوم ملحّا عليه إلحاحا فرأى سماءه الشامخة في نورها الأرجواني ولباسها الحريريّ الأخضر المطرز بالزهور
وفي سنة من نعاس سرّه ما رأى إنه الطيف الطيف ذاك الطيف العزيز كان ماثلا أمامه فما كان اسعده
في ذاك الحين.
تمتم في صمته رباه رباه يا الله لعلك اردت ان تهوّن علي قليلا وتبدّد عتمة احزاني واهديتني حلما
مع ذاك الطيف العزيز علي "
سمع محمد ابو فرات في غفوته صوتا ناداه : " أبو فرات ابو فرات
لا تقنط ،لا تحزن ،لا تبتئس،لا تيأس إنه لايياس من روح الله الا القوم الكافرون صدق اله العطيم
الحياة تستمر أوصيك باطفالنا وبنفسك خيرا اعرف انك تحبّني كثيرا فليكن كل هذا الحب اليوم لاطفالنا
كن لهم الام والاب وحاقظ على نفسك فلا أريدك تعمى من الحزن ولا اريد لقلبك ان يموت ولا لبسمتك ان تخفى اترك الحياة تنبض فيك أبوفراتي الغالي ،روح دمي ،حبي والد ابنائي وبناتي ،نوارة روحي ،الوان عمري ، فراشي الحائم حول روحي ، شمسي الباعثة دفءها دوما في حياة أطفالنا ،نجومي الساكبة ضوءها لعطاشى الضوء ،مائي الساقي شفاه النعاس المقدس فرسي الحر الشجاع كريم اليد أصيل المحتد سليل يعرب وطائر الحرية ابق كما عرفتك ذاك العاشق المبسام ذاك المازح الضحوك ذاك الوفي للجمال والحياة على الدوام هكذا
انا فيك فأن حزنت روحك ينتاب روحي حزن وقد يسري في دماء ابنائنا المقبلين على الحياة
لا حبيبي لا تحزن
ّدس على ذاك الغمّ الويل واركب خيلك الحرة واسرجها وقل رباه أنت الواهب الأمل ومغير الأحوال".

تمتّع أ بو فرات في غفوته بذاك النداء العاشق وقام يفرك عينيه من لحظة بين النوم واليقظة وكم ارادها
ان تطول لكنها سرعان ما افلت .
ولما استفاق تماما وصحا صحت الذكرى معه ومرت بخاطره وقلبه كوخز إبر ، فتراءت له في اليقظة نخلته العالية باسقة في فضاء رحب يغلب عليه الخضار .فبسمل وحوقل وقام لتوه وأقام صلاة الفجر وقرا ما تيسّر
من القران الكريم وأطال الادعية بالصبر له ولصغاره وبالرحمة على أصيلته الثابتته الفرعاء الحسناء الغيداء .
ثم شرب كوب ماء ثم عاد لسريره يستغفر ويطلب اللطف ويقلّب الذكريات تترى حتى اخذه النعاس من جديد .فرأى نفسه بحديقة وارفة الشجر فسيحة الأرجاء كثيرة النبات والزهور والفراشات وكان يسير فيها على مهل
فاختلط عليه الامر بين الحلم واليقظة والخيال والرؤى وعاد لابلوم الصور يطوي اوراقه طيا .
فبدت عروسه امامه مختالة في لباس عرسها بسامة فرحة وكانها تعيد له ذات السؤال الذي ملأ كل فضاءات روحه ذكرى فرح وحزن "كيف حالك"باسمة رآها وكيف حالك ؟باكية رأها كأن هذا الاستفهام حمل كل معانيه االبلاغية من قلق وحيرة وتعجب وإنكاروتودد
"رباه اجرني" قال في قلبه المخلوع المخدوع بحلم ثانية
رباه اجرني من "كيف حالك "سؤال حملته بسمتها العاشقة وحملته بسمتها المودّعة
وقد قال محدثا صديقه الودود باسل :
ا أخي باسل
"في ذاك اليوم صليت في ساحة مشفى الموت المجاني الذي أكرهه كرها شديدا ذاك المشفى اللامبالي بأرواح الناس حيث خسرت نصف عائلتي ،مشفى هو عنوان الاهمال الطبي واللامبالاة ،لقد رحل هناك ابي وابني ّوابنتي وزوجتي..إنه المبكى وليس المشفى ما كنت رأيت من طواقمه اهتماما بالمرضى ولا التزاما بالحرص على أرواح الناس كان هم بعضهم تجميع المال ونهب الفقراء والتعامل مع صيدليات بعينونها هي بالتحديد لشراء الدواء ،الله أعلم ماكانت تحمل لنا من موت في أدويتها وإبرها...زمن تلك الحرب الضروس
يالتجارالحروب وياللجرائم رباه اذقهم جميعا مما اذاقونا من علقم . ..
كل مافي حياتنا كان معرضا للنسف من السماء والارض والماء ...محنة ياصديقي باسل وما أعظمها من محنة صدّ ق او لا تصدق أنّ من بقي منا لم يبقه سوى قدره الحتمي لمواصلة الحياة...
وتستمرّ الحياة كما قالت لي نخلتي"
تنفس قليلا ياللغم الذي اصابه ،اختناق تمكن من صوته وجفاف في حنجرته وغصة كانها كتلة دم جامد ثم واصل حديثه لصديقه باسل قائلا
"في ذاك اليوم الشتوي العاصف قبل أن تدخل الغيبوبة حياتنا المنكوبة
في ذاك اليوم القاسي صليت في حديقة هذا الذي يسمى مستشفى كم اكرهه واكره ذاك الطبيب اللامبالي وكانه لم يكن يعامل بشرا او ربما كان هو في عمقه فاقد الإحساس وليس طبيبا انسانيا وربما كان ما فعله بنا الاشرار
كان عمدا وباياد مريبة ونفوس غريبة ترى في عيونها الشرور كلها .
فلاباس لديه ولدى أمثاله الشرسين الموالين للمجرمين ،لا بأس في نظرهم حتى لو حقنت عائلتي وامثالها بدواء فاسد ، بلد كامل ضاع يا صاحبي بين الجريمة والفساد كل جرم البشرية جمع وجاء يقاتل بلدي
رباه الأشقاءوالجيران وما وراء البحارتالبوا علينادون اي سبب وجيه بل كل الحرب قامت على الاباطيل الذمار الشامل في ظاهرها وفي باطنها على نهب النفط وبسط نفوذ الطغاة المجرمين
رباه كم تاذينا
اكره ذاك الرجل المشبوه ولن اسامحه ما حييت ذاك الذي اغتال زوجتي وحقنها بدواء خاطئ في وقت حاطئ.
لم يكن سكّر حبيبتي قويا لدرجة الغيبوبة لكنه حقنها بما لا يناسب مرضها فكانت بسمتها قاتلة مقتولة وهي تودعني وتنظر لمدى ابعد من مدى عالمنا الفاني الظلوم
كانت نخلتي مبتسمة في سؤالها الاخير عني بنفس العبارة "كيف حالك ؟
قتلت زوجتي ونصف عائلتي بشرور دول فاعلة ودول تابعة نعم قتلت واستشهدت نخلتي تحت القصف المكثف ولم تشأ ان تغادر مكانها و رفضت التهجير وكان القصف على أشدّه والناس في مشهد من الرعب والفزع والشهادة والموت المجاني ألا سحقا لتجار الحروب والخوانين والمحتلين جميعا وللطامعين ببلادي وخيراتها
اي صديقي باسل
كنت قبل ان أراها مودعة
صليت في الحديقة طالبا لرفيقة دربي ونخلتي الباسقة الشفاء و لكن يالحرقتي لما عدت لغرفة مشفى الموت التي كانت تقيم فيه نخلتي اعدت الصلاة فابتسمت في فتور وقالت لي "كيف حالك ؟"
ثم توارت نخلتي وراء سجف الظلام وتوارت كيف حالك من فم الكلام
وصمتت بين ذراعي
اواه اواه مما عشت
اواه من طعون القدر
اواه من يوم مكفهر ومن بلد تخرّب وانفجر.

صديقي باسل ماذا يفعل زوج امام زوجة محبوبة غادرت , وام اولاده الراحلين والباقين ؟ماذا يفعل زوج وهو امام نوارة فائحة افلت ونخلة باسقة تهاوت في أحضانه ؟
ماذا يقول زوج امام عصفورته الطائرة المحلقة بعيدا وهي بعد في ريعان العمر ؟
اه في الصمت
اه في القلب
اه في الحلق
اه في العين
اه في الراس
أه في انفس
اه في الروح
اهات في الدرب
وبكل اهات الارض كنت اودّعها
كم كان من احلك لحظات عمري نقل الخبر لولديّ العزيزين الطفلين المتعلقين تعلقا شديدا بأمهما النخلة
في تلك اللحظة كنت مشتتا بين ان اعلم العائلة واخرج حبيبتي في ظروف حرب من المستشفى وبين اخبار ولدي الطفلين الصغيرين باقتم خبر صادم لهما

رباه اعني على ان اكون في صبر ايوب وفي حكمة سليمان امام هذه المصائب المتراكمة في برهة من زمن .....
رباه كيف سأخبر صغيرين بأنّل امهما اتي ودت وحضنت وربّت وربّتت بحنان عليهما واعطت من حياتها لهما كلما استحقا عطاء؟
كيف ساخبر طفلين عاشا مدة قصيرة في رعايةأ م المودة والحنان ،انّ الام رحلت والمودّ والحنان رحلا معها .رباه كيف ساخبرهما انّ ذاك الحنان من ذاك النعيم قد أسدل عليه الستارإلى الابد وان تلك الام المعطاء البسامة الغضوبة بحكمة وود خفيّ رؤوف رقيق رهيف حين الحزم تلك الجوهرة السامية ونعمة من نعم الدنيا والأخرة تلك التي حملت وولدت بعسر وسهرت الليالي وانامت وارضعت وربت وعلمت وقبلت وابتسمت وقطبت عند الغضب وعفت بحلم ونظرت دائما لصغيريها بحلم وامل وحب دفاق وهما ينهضان من سبات طفولي عميق بل وأفاقتهما بعطف الدنيا وأحضرت فطور الصباح ولمجة العاشرة التي كانت تدسها في حقيبة الدراسة وبين الكتب وفطور منتصف النهار والعشاء ؟؟؟
كيف سيكون حالهما على كل موائد هذه الازمنة ؟كيف سيرتميان على سرير فرغ من الأمومة ؟
كيف ستكون صباحاتهما بدون النخلة الجميلة الهفهافة الاصيلة ؟
كيف سيصبح انا صباحي وضحاي ومسائي وسمري دون النخلة أسطورة الحب في حياتي
رباه رباه اشياء البيت التي كانت في يدها بتفاصيلها ستؤلم طفلي الحبيبين كما كانت تؤلمني بل كما هي للأن تؤلمني
غنسان عيني فراتي رافدي ابوكما موجوع موجوع ويجب ان يصمت ويكتم انفاسه
رباه أمي يا اماه يا باسلة ماذا سافعل ونخلتي تركت لي رافدين ودودين عزيزين رائعين جميلين لا اريدهما ينتحبان ولا يحزنان ،لا أريدهما يحطمان بهذه الصدمة المروّعة,
باسلة اماه يا من انجبت رجالا قاتلوا الاستعمار والويلات ونساء في قمة الوفاء والعطاء من لي ليشد أزري شدي باسلتي شدي أزري
اماه طفلاي يبكيان أمهما وبنيتي دجلتي الأخرى تبكيها وهي لما تفقه من الحياة إلا اشهرا من سيرضعها
من سيربيها من سيعلمها الصحيح من الخطإ؟
اماه انا لا اعرف كيف اغّير الحفاظات ولا كيف ارضع بنية الأشهر التي حرمت من حليب الام ولا كيف أجلب لها حليبا في هذا الحصار الرهيب الذي حرم أطفالنا الحليب والدواء لم أعد احتمل موتا اخر محمد وايوب ونخلتي
أماه يا باسلة قولي لي وأنت حكيمتنا كيف سأخبر صغيريّ بوفاة أمهما كيف سأسكت دجلة حين يحين وقت حليبها كيف ساهدهد نومها لتبتسم نائمة في حضن الأمومة
أماه ارى بنيتي الرضيعة مقطّبة الجبين تبكي بحرقة أمها حزينة عليها ،أيحزن رضيع على امه يا اماه اه كم أخشى من الحزن اخشى ان اموت انا أيضا واترك اطفالي لليتم والتحزان
أماه ابتهلي ابتهلي معي كي أكون قويا صبورا أعتى من الأحزان كي اواصل الأمانة
أماه باسلتي اقول ساهز بجذع النخلة يساقط علي الرطب واغليه لدجلتي بنيتي الرضيعة وأسقنيها ماءه عوض الحليب المفقود الذي ضربت مصانعه
أماه حتى النخيل أحرقوه فانى لي بالغذاء والدواء لابنائي ورضيعتي
أنى لاطفالنا بالحياة؟
وانا لا لا اريد لبنيتي أن تموت عطشا و جوعا ساخترق القنابل والطائرات والبراميل المتفجرة وامشي عشرات الكيلمترات عساني أجد لدجلتي علبة حليب تسكّن عطشها
أما ه لا اريد لأطفالي ان يكبروا في التحزان
رباه اجعل ميزان الايام معنا ولا تجعله ضدنا لقد أنهكتنا الدروب الوعرة تعبت تعبت تعبت،،تعبنا تعبنا تعبنا


نفيسة التريكي عن قصة حقيقية
نص متواصل
حكاية من وحي الواقع من قصة حقيقية عاشها صديق عراقي ابو علي وطلب مني صياغتها وكان يقول دائما انها قصة صاغ الالم احداثها فالله يعينني على ان اكون في مستوى ثقتة بي والامانة الجسيمة التي بها ارواح شهداء ورمز لحكاية بلد باسره بل امة






  رد مع اقتباس
/
قديم 19-10-2022, 01:05 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي
ابسامة نخلتي

ذات شتاء شديد البرودة كان الفتى الجلجامشيّ أبو فرات يقلّب البوم الصّور في ليلة ليلاء وقد أصابه ارق مؤرّق بعد يوم مّتعب من العمل .
فنال نفسه بعض ألم وهزّه الحنين هزّا لاستحضار اقسى ذكرياته الّتي صدمت قلبه وغيّرت كل مجريات حياته.

ومضى في البومه بين الوجوه الاليفة الحنونة الودودة في لهفة حنين وانين الصّامت الصّبور الصّامد
يطوي الورقة تلو الأخرى .

فتارة كانت تسّاقط من عينيه دمعتان غزيرتان عزيزتان تمسّان خدّه الايمن واخرى خدّه الايسر ولقوة كبريائه حتى بينه وبين نفسه كان يمسحهما مسح مكابر في صمت صموت او يمسح ذاك الماء الحارق حرقة قلبه بظهر يده اليمنى ثم ينظر للمراة فيرى عينين محمرّتين جمرتين يعلوهما جبين مقطّب ويلمح في خطفة هنيهة ّّّخدين محمرّين كاد يدفق منهما دم قان يفضحان نار قلب محزون مخزون فيه تحزان واسى وذكرى انين حنون ،
وطورا كان يضرب الارض بقدم يؤرجحها من السّّرير على بلاط غرفة النّّوم التي حملت في كلّ أرجائها أسرار الحب ّوالولادة والحياة بافراحها واتراحها ،واحيانا كان يضرب الحائط الصّلب بكف ّمقهورة من لهيب الغدر ويضرب بعد ذلك ظهر السرير بظهره الموجوع من الوزر ثم يضرب بقوّة في حسرة ما بعدها حسرة وجهه بيدين معرقتين كأنّهما جبينه ثم ..........كان يرفع راسه ويقكّه من كفيه ...
ثم يجول بنظره في الغرفة التي كرهها بقدر ما أ حبها ...
ثم كان يدقّ دقا راس السرير براسه لالم المّ به غزا شرايينه المتوجّعة الّّّّتي صارت كقلبه المتفجع كتلة
من الألام المتراكمة، فكان يفرك جبهته بين يديه ،و كم يتضاعف ألمه حين كان يذكر تلك اليد الحنونة التي كانت تمسّّّد أوجاعه كلّّما مسّه وخز من الضّّر، تلك اليد المباركة الامينة الشافية العزيزة عليه الرقيقة الليّنة الدّّّّّافىة
التي كانت كالناطقة تبسمل وتقرأ له ّايات الشفاء وترقيه وهي تبعد عنه الوجع.

وتتالت الايّام في دعة وراحة بال ...........................
ولكن ...
ّّ
"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"

فقد انكسر الامل بالالم منذ ذاك اليوم المشؤوم ،فّمنذ ذاك اليوم المدلهمّ المعتم الصّّعب المرعب الرّهيب
ما أحسّ براحة ، و ّمنذ ذلك اليوم القاسي ما ابهرته ولا أسرته مباهج الحياة والوانها و روائحها وطعمها وملمسها واصواتها الساحرة من زقزقات وهديل وهسهسات ّّكانّه فقد احاسيسه وحواسّه لحين.
فلم يعد يتذوّق بعد ذاك اليوم الشّديد القسوة لذيذ شاي ولا فاحت قهوة في شمّّه ولاتمتع بطعام طاب
ببهارات الود والمحبّة ّولا زارت شفتيه بسمة سوى لسخرية او استهزاء من الزمن اللعوب.
فكل حركة وكلّّ همسة وكل طعم وكلّّ رائحة وكل ملمس زهرة او شجرة أو قارورة عطر او حتى كوب ماء،
ّو كلّ أناشيد طير او غنات عنادل كانت مختلفة عمّا كانت عليه من قبل ،وكل ّّّّّّالوجوه كانت تبدو كأنها وجه ذاك الملاك المسافر للأّقاصي .

فكنت تجده يعيش في الماضي أكثر مما في الحاضر وـأحيانا تختلط الأزمنة في ذاكرته وأنه فتراه يتوقّف عند وجه هذه أ وتلك إذ يغتم ّبعمق فتتغيّم رؤاه لثانية ثم يحرّّك بقوّّّّّّة رأسه كانّه يصفع ذاكرة تغريه بالمستحيل
عساه يرى شيئا من ملامح ملاكه اوبريقا من عينيها أو لفتة من نظرتها أو هي هي ذاتها عساها ّّ تمرّّ به
في ومضة من زمن وتطل ّّعليه من هاهناك هنالك الهنالك .....

....لا لا..انّ تلك الرؤى لمجرّد اوهام لا بدّ من مقاومتها . كذا كان يستنهض وعيه داخله ثم يهتزّ ويعود للحظته الواقعية متسائلا ومجيبا في صمته :"ّ اهي اهي ؟لا ليست هي ، ليست ملاكي هذه العابرة ،ّّاين هذه أوتلك
من ملاكي ؟
يهمس داخله
"ليس هذا بياضها الحليبي الطفولي ولاهوعمق عينيها ولا تلك استدارة محياها ولا ذاك ضوء خدّيها .."


ثم يعود للحياة ...ولكن عودة بلا طعم وبلا مشاعر تحسّ بدقائق الامور كما كان من قبل .

ّّالان بداخله فوضى مشاعر وغمام رؤى وتحزان مزلزل يزعزع كيانه زعزعة و أحاسيس تمزّق وجوده ووجدانه يخفيها في داخله ويقاتل دخانها بسجائره الّتي ازدادت رفقتها معه وازداد بها التحاما ،فلعله كان يرى دخانها المصّاعد من فيه دخان أنفاسه و لهاث قلبه المحترق المغرورق بالدموع بل دخان بلده المقهور أيضا .ّ.وقد يكون حتى دخان أمّّته والإنسانيّة المهزومة في إنسانيّتها وقيمها المثلى في هذا العصر المتعولم المتصهين المتطرف دينيا ومذهبيا وعرقيا و اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.

ما الحلّ في فوضاه الغشيمة وفوضى البلد الّتي قلبت كل الأوضاع رأسا على عقب؟ّ
ما الحل في التفراق وغياب الحبيبة،حبيبته ، نبض حياته،عيده وعيد أولاده،بسمته الضحوكة
وضحكته االعالية ملاك جمال روحه كماوصفها هو ذات مرة ..؟
ما الحل لحياته بغياب صنو روحه وشقيقة نعمانه ويناعة أقحوانه وقرنفاته وياسمينته ونخلته بل بستانه كله بما حوى ؟
هي هي وحدها التي تفهمه من ومضة عين وتحبّه في كل الاحايين وتمنحه السّكينة والهدوء في كل حيْن حبيبته الساكنة روحه وجوهر استقراره وحبّه ومعلّمته ومنبّّهته من كل سقوط وبئر أسراره العميقة ومحفظة سريرته وانفراج أساريره ساعات أنسه ...ملاذ أهه وغنّات نايه وشدو كمانه في الهوى و اناشيده في الكرامة والإباء.
نعم هي ،وكم يحلو له خفقها في نبضه ..هي أو نصف اناه الذي تاه بعيدا عن رؤياه ....ماذا سيفعل بعدها
وهل فعلا بقي بعدها مايحلو من العيش؟
همهمات وهمسات وتمتمات وسكرات حزن بداخله تبوح لخالقه الوحيد العارف بأعماقه وتترجاه ان يلهمه الصّبر:"ّصارخا في داخله واحيانا بأعلى صوته لمّّّّا يكون وحده بالبيت في مناجاة مناديا بارئه ومسطر أقداره
ربا.رباه
لا لا لم ترحل إنّّّها في كل الأنحاء والارجاء...
ثم يقطع مناجاته ويعودّ لواقعه كما هو وحديث عقله الكاره للوهم كانه ّّّيقول له :
افق افق يا رجل الألم
لا لا ايّها الواهم المتصبّر بذكراك ورؤاك وأخيلتك
لا لا ليست بقربك حبيبتك رحلت
ويعود سائلا ربه
رباه أرحلت؟ قل لي لا لا لم ترحل
ثم ينبّيه عقله من جديد للحقيقة المرّى
صدّق صدّق أيها العاشق بواسق النخيل انها رحلت ونخلتك ليست بالبيت بيتك ،ليست في المطبخ ّتعد ّالطّعام اللّذيذ المتنوّع ّّّّالشهيّ التي تسكنه نفحات روحها الطيبة وتجتهد وتتفنن فيه لانها ستقدمه لاعزّ من لديها فتتفانى فيه وتذوقه وتحرص على اعتدال ملحه أوسكّّره لتهبه باقصى الحب لك ولفلذات أكبادها
كم تحب هذه الحنونة ان تدللك وتدلّل اولادكماّ
صدّق صّدق يا واجدا مجدّا وعاشقا معشوقا أحبيب الحب ّال- تعتق شرابه عبر السنين
صدق يا وفيا لنخلتك الشاهقة أنّها ليست بغرفة النوم ّترتّبها لسهرات الوداد الأليفة الفرحة المرحة ّّّوالحكايا اللّذيذة الناعمة الجميلة ،ليست في البهو النظيف المبخّّّر،أصابعها لا تتحرّك في مسبحتها يوم الجمعة
او في سائر اّلايام ،لا تراها تطوي سجادتها في اوقات الصلاة.
لا لن تشاهدها تقلّب مصحفها لتقرأ بقراءلتها السبع ملونة حروفها ومطوّعة صوتها ل
مشاعرها و هي متمتعة ومندهشة بجلال وجماال المعنى والتشخيص والتصوير منتشية يهذا التحليق المقدس وهذا الاسلوب الرائع و قد كانت ترتل في همس احيانا بصوتها ما تيسر من القرأن الكريم
في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} صذق الله العظيم [سبأ 10 - 11]

ويعود من جديد لحديث النفس عاجزا عن فهم ما حصل كئيبا منعزلا جلّ الوقت مع ذكرياته واهاته :
لن أنسى صوتها وهي تشرح لي معنى أوّبي ّ بشغف شديد وتؤكد لي انّ تلك الواوهي واو المعية فالطير كانت مع داوود عليه السلام تسبّّح وتحمد وتمجّد صنع الخالق العظيم
رباه أغثني انجدني ارحمني مما بي وانت ارحم الراحمين وحدك القادر على اطفاء لوعاتي
رباه ابناء يتامى وطفلة رضيعة في زمن وحشي يحاصر فيه الحليب والدواء وزوجة صفيّة عزيزة وفية ّرحلت وبلد ضائع
رباه اغثني اجرني انقذني وانقذ بلدي من نسف الارض وهتك العرض .

وطلّ على تلك الحال من الحرقة يحسّ بصوت في داخله يناديه كانه قادم من اقصى نقطة في أقصى الاقاصي يردّ على مناجاته مستجيبا له قائلا :
ا"الصبر الصبر يا انت
الايمان الايمان يا انت
لا تياس لا تقنط ايها المجذوب بالحزن فانه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون " .

فيهدأ قليلا ّّ ويبسمل ويحوقل ويقول :"صدق الله العظيم نعم سأصبر" ويسمع صوت صمته في خشوع وقداسة مرفوقين داخله بالاسترحام والاستغفار ونبض كل أيات الصبر ورموز الصبر من الأنبياء والصالحين والمناضلين الذين طالما اتخذهم أسوة ....
ثم يعود لذكريات نخلتهّ في حواره الداخلي وتنفجر بين ضلوعه جمل وأحداث لن تنسى
....و كانت تقلب كتب السير والانبياء .
أه رباه كم سأذكر وكم سأنسى يا أنت انا اينك قومي قوّمي لساني اصحي صححي نحوي وصرفي معلمتي
رباه لم أصدّق وأنّى لي أن اصدّق وقد لن أصدّق أبدا ّّانها رحلت ؟ّ
سأجن ...

تتداخل الضمائرفي سمعه وصمته الصاخب الخفي أنا انت هي هم نحن ....ثم يستعيد رشده وحديثه مع نفسه المكلومة وكأنّّ صوتا يصبره في أمرّ
صدّق يافتى أيها ال-عجنتك الايام بعدها بماء مالح ساخن بدقيق الذكرى وجنون الخيال وحضور الطيف وفقد ألأحبة ورعب الخوف في حروب وويلات وانكسارات وانتظارات وصمت الصقيع وحرارة الدخان
صدّق ايها الواهم أنها الان لا تسقي الحمامة ولا ترش ّالحديقة مساء بعد القرّ ولا تطوي ملابسك وتعطرها
ولا تنفض الأسرة والزرابي ولا تغسل غبار الزمن بساعدها وعينيها ّّ ولا تستقبلك من العمل ببسمة ساحرة تقول لك فيها صامتة قنوعة محبّة :
"أعانك الله وابقاك لنا أحبّك رفيق دربي وقرّة عيني ونبض قلبي وزينة حياتي وبهجة ليلي ونهاري ،نجومي واقماري ،شمسي الساطعة بنور الحب في قلبي..صوتك موسيقى حبي وعيناك ضوء بصري وصدرك دفئي وضحكاتك أملي وأنفاسك توهج حناني وحنيني ّ.."
رباه رباه ّ
اصواتها في لينها في رفقها في حبها في دلاها في غضبها في ضحكها في نداءاتها لي وللابنائي
اصواتها حتى في صمتها لا تبرح سمعي
رباه رباه
رباه رباه
ثم يستانف امره لنفسه ناهرا ناهيا عن الغفلة حاثا على تصديق الواقع المحتوم في قلق وحيرة وتعجب ودهشة من حدث عطيم ونار تتاجج بين الحين والحين في خفايا خباياه وخلاياه دون تباعد في صدره المنتفض وهو يصرخ على سريره بجنون مر ّ
صدّق ايّّها المسكون بالمستحيل بالوهم بالذكرى أنّ فجيعة الموت قد اصابتك في صميم قلبك وأنّ المنون اختطفتها منك ذاك هو الحتم "هادم اللذات" كما قال شاعر الزهد ابوالعتاهية
ذاك هو الحتم قد حضر باكرا جدا واختارها الله ّّعروسا تتستحم بّّّّالرافدين ثم تصاعد تصاعد حمامة اليفة مغنية لتحط على نخلتين جارتين ملتحمتين نخلتها الفرعاء ونخلتي الخضراء ،نخلتان تتراقصان في نسائم الفصول رقصة المحبة والوداد والوفاء للأصول
أه نخلتي يا انت يا شغاف القلب
في حياتنا في متاهات الحياة كنا نصارع معا أمواجها العاتيات
ويلاه ويلاه كررها بمرارة وهو يعلم ألا تغييرفي ذا المصير إن رضي او رفض
أيها ارجل العاشق "أقصر ففي شفائك الإقصار "
قلها ساخطا ويلاه اوقلها صاخبا ويلاه او قلها حائرا ويلاه أو لا تقلها
فلا مردّ لحقيقة قاسية نسيتها ردحا من الزّمن وحين باغتتك كانت طعّانة في "دنيا ّغدارة غرّارة أكّالة عوّالة "
صدّّق - وانت المؤمن الراضي بقدرك حتى ولو كان قاسيا-أن نخلتك السامية الان قريرة العين هناك في ملكوت الله قرب عرش عظيم ،
ايه نعم وياطول تنهيدك -حبيب النخلة
تعوّد على اهاتك وانكساراتك واخفق في نبضك بقادم انتصاراتك لا بدّ من يقظة ،لا بدّ من أمل منير في اخر الدرب ،لا تنس اكبادك يا فتى أنت الان الاب والام لأيتامك .
صدّق أنك سوف تقضي بقيّة حياتك بدونها لكنّّّّّها فيك وفي أطفالك وفي رائحة الارض التي تعشقها
ستتنفسها في الصباحات في النهارات في المساءات في الليالي في الأسحار في الافجار وكذا مدى حياتك
في كل دورات الزماّّن.ّّ
ستسمع همس صوتها الحنون في الذكر الحكيم لتصبر صبرا جميلا مع الذكرى ، إنها بعيدة عنك مسافة قريبة منك في عمق خلاياك سكناها القلب
إنّها....افراح كثيرة واحزان كثيرة
‘إنها حبّك الاول والاخير ، مشاعرك الاقوى والاصفى والانبل والاكثر توهّجا وفرحا .
صدّق ،أنت الأن اصبحت وحدك يافتى تواجه الحياة ،فلماذا تهرب ؟ّ
لماذا انتبذت مكانا قصيّا بعيداعن اولادك أوليس لهروبك من أسئلتهم وحزنهم الداكن ؟
لماذا لا تريد ان ترى إلا امّك تاتيك خلسة بطعام فقير من خبز وتمر وماء :طعام حصارات وحروب وذاك القليل
هو فقط ما توفّرللشعب المحاصر المسكين الاعزل الذي انهالت عليه الامم قصفا ورميا بالنار .
وياللحسرة شعب يعيش قلة ذات اليد في بلد من أغنى البلاد في العالم نفطيا، شعب خرّبت اراضيه الفلاحية ومزارعه وأحرق نخيله وهدّمت مصانعه ودمّرت في وطنه الرّافدي المغدور البنى التحتية بمكائد صاغها عراة من الإنسانية ليس في مشاعرهم ضوء ولا في قلوبهم رحمة ،طغاة خدّرت احاسيسهم المادة وقتلت إنسانيتهم القوّة ومرض الانانية والجشع
ليس في عقولهم سوى المال والسلاح والهدم وهدر حقوق الشعوب الأخرى وذاك من عقوق الأشراروحفاة الضماىر تبا لطغاة العالم. ومصاصي الدماء.................أي زهيرا قم انشد فيهم من معلقتك:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ

الحرب ديدنها الدمار والكراهية والغبن والقهر تقتل تدمّّّر تهجّر تفرّق
الحرب سواد مكروه وليل عتيم مدحور وفجور مدبريها ومنفذيها جميعا ينم ّعن سقوط المثل في الرّوح الانسانية ّولا يسود بعدها سوى الانهيار والهبوط المدوي دوي هدير الرعد المعبر عن غضب الطبيعة والله
في كل مظاهر الحياة ومعانيها .حرب لا يمنع فيها العزّل مهما هربوا من قنابلها ومتفجراتها وحتى الهروب للملاجئ والبلدان قد لا يكفي للنسيان .
أيه يا أنت أنا وكل امثالك امثالي وامثالنا كم كان الوزر ثقيلا على وجودنا كله تحمّلنا وتحملتنا
ّّّ من ويل الويلات
أتذكر لما أردت الهروب من نار الأسئلة وهجرت بيتك حبيب النخلة وكم تساءلت وقتها
لماذا هجرت بيتك -حبيب النخلة ؟
تكلّم ،بح ،اصرخ ،ابك ،غنّ اشجانك ،ارقص رقصة النوى،اردح ردحك العراقيّ،صل ّ،ّسبح ، رتل قرانك
اخرج منك مرّ الجوى وقهر النّّّوى
قل إنك صدّقت ،قل إنك رضيت بالقضاء والقدر، بح لقلبك النازف المجروح ،ضمّد بصبرك القروح --
حبيب النخلة -لا وقت للوهم ،لليأس ، للقنوط ،صغارك صغارك صغارك اليسوا امانة بعنقك يا فتى الشداىد
ألم توصيك النخلة بهم خيرا وهي على سرير مشفى الموت ؟

.........وصمت أبو فرات يتأمل حاضره محاولا أن يغمض عينيه قليلاعن ماضيه المكبل لاخذ الحياة من جديد بجديدها المر القاسي فربّت وحده على كتفيه ان افق ليس لك من اختيار سوى إجلاء خرابك عن ديارك وإطفاء نيرانك بالصمت والصبر والايمان وكتم دموعك على ايتامك.
هكذا كان يتردد على الحياة يزورها بين الفينة والاخرى وهو ينظر لاولاده وطفلته الرضيعة
فتقول له الحياة عد عد أليّ الم توصيك النخلة بي خيرا ألم تصفك لي أني المستمرة رغم ما بي من غدر .
أنت مجبر ان تعود إليّ شئت ام ابيت ذاك قدرك

........وعلى هذه الحال من الصراعات كان ذاك الفتى الصبور مضطرا أن ينحت من أوجاعه صخرة سيزيف ومن تراكم الأحزان فينيق صمود ومن زلازله ايوب صبر
أسوة بمن سبقوه من المعذبين .ولكنّ الذاكرة كانت لا تخمد أبدا ملحاحة بتفاصيلها الدقيقة جدا كانها كانت
هي أيضا قاتلة كالحرب ولا تسعفه للنسيان
فكل التفاصيل الدقيقة وأصوات البيت وضجيج السوق ...كل شيء حتى بعض الغضب او بعض الهدوء ...
كل شيء كان حمّالا للذكرى حتى أنفاسه وتنهيداته وأهاته الصامتة الأسيرة التي كان يختنق بها صدره ويخفيها عن الجميع والتي كانت تنفضح وتفضحه في لهيب سجائره المتلاحقة المشتعلة سيجارة من سيجارة
ّّّوالتي يعتبرها خلّّّه الودود الّذي يقاسمه متاعبه ّبلا مقابل ويهزا بكل من ينبّهه من ويلات التّدخين لقد سمّّي سيجارته رفيقة الضيق الوفيّة الصّدوقة وسمّي كاس شايه المعين على التّنهيد .
و ايّّّا كان قول الاطباء حول خطر التدخين فقد كان يعاند ولا يترك خليليه وعشيرّه حتى الأطباء ّ حين يقولون له تنحّ عن هذا السم ّ كان يقول لهم ّ:"كفى لا سمّ ساذوقه اكثر مما ذقت من منضّب ومخصّّب وفسفور أبيض قتل ابنائي محمد وايوب واساور وزوجتي وأبي و أبرياء عزلا من شعبي ..
أساور بنيتي حرقة تشتعل في قلبي لما أسمع بكاء طفل بلا حليب ولا دواء ولا ام.
أساوري الحبيبة اضطررت انأدعها عند خالتها لتهتم بها فانا لا اعرف شؤون الأمومة وبقيت أتفقدها ولكنّي مهدور المشاعر ابنتي ليست في حضني عجزي عن شؤونها وشؤون البيت وضرورة العمل لتحصيل الرزق
كل هذه الأعباء كأب على كتفيه أيتام وفي قلبه جليل تحزان كل هذه المشاغل جعلتني أضطر لفراقها .نعم كل هذا لم يمكّني من أن أشبع بأساور
أب مقطّع بين أعبائه ومسؤولياته لتدبير الحليب والقوت اليومي والغذاء الشحيح الموبوء بسموم ما نفثته
على بلدي أسحة العالم المتحضر العظيم بجرائمه وقتله للاطفال..نعم هذا هو وقتنا وقت السفاهة وسفك الدماء البريىة والعبثية والكبر والجبروت ...وقت صعوبة العيش وشظفه والخلل الرهيب في موازين الوقت
في وقت أيضا بات الرزق فيه مطلبا كالمستحيل
أف منك يا أيام النار أف
أيوب ابني الطفل العبقري الجميل المحبوب الذكي الوديع الذي كان بسمة من بسماتي القليلة أيام الجرح الأعظم اه ايوب ابن التسع كيف ادركك الموت بني وكيف أصابتك اسلحة الدمار الشامل كذبة الأمم والعدم كذبة العنجهية والطغاة على بلدي الحبيب؟
سيجارتي سيجارتي أين أين انت لتحرقي احتراقي؟
سيجارتي عشيرة احزاني لن ارميها الا في بحرما لمّا ارى أملا ما اتنمّسه يكنس ما قبله من ألام... أو يخففها
"نبكي على من هوى
في ليلنا فرقد
ندري بانّ الهوى
يبقى له مرقد
عمرالأسى ما طوى
جرحا ولا أرقد"

هكذا كان أب الشهداء يردّد في قهر ومرارة أبيات الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد
ؤصرخات صراعاته بدخان من دخان والام وفجيعة الخسارات لا تبرح نبضه وأنفاسه.

كل شيء كان يذكّره بما فات من عيش مبتسم دافئ رغم ما واجهه من زلازل وأحداث جسام بعثرت السّكون والهدوء وحوّلتهما صخبا وضجيجا وصراخا تبثّه القنابل بكل اصنافها والصّواريخ الفتّاكة والعابرة للقارّات والطاّّّئرات النفاثة والبراميل المتفجرة التي كانت تأتي على الأخضر واليابس .
يالها من سموم الجشع والابتزاز والسّطو والغطرسة وهي من أبشع البشاعات الّتي راى خلالها كلّ ما يحمله الإنسان من شرّّّ لتدمير اخيه الانسان
بل لتدمير الطبيعة كلّها والوجود تحت حصارات وحروب واحتلال ثلاثيني من امكر واشنع ما رات البشرية عبرالعصور ..........
كانت تقوده امريكا سيّدة الأرض والسماء والبحار بقوة القوة وسطوة المال والسلاح والنفوذ الشراني.

و لكن رغم ما كان من حصارات و صراعات حروب وفتن داخلية مزّقت البلد إربا إربا فقد ثبت ذاك اليوم ثبوتا في روزنامة احزانه كما ثبتت ايّّام الجمر والقهر والفوضى الخنّاقة وما كان للفوضى أن تكون خلاّقة
إلا في قواميس الطغاة واستراتيجياتهم الهدامة للحياة والقاتلة الأبرياء والناسفة للبشر والشجر والبشر.

لقد رأى بامّ عينه عائلات باسرها تمحى وعاش أوقاتا صعبة جدا تحت احتلال شرس لعين مجرم سفّاح ظلوم متوحّش دمويّ هدام .ّ
راى ابا يهرب ببعض اولاد و بنيّة من بناته تردم تحت القصف الهدّار باصوات الرّعب وغربان الفجيعة
رأى احد ابنائه أيوبه الطفل البريء يهتزّ رعبا من أصوات قاصفة راعدة مبرقة قتلت الفراشات والعصافير وارعبت الاطفال الابرياء رعبا ما بعده رعب وقتلا ما بعده قتل...
أي بشاعة ربّاه في هذه الحروب من اجل ماذا كل هذا ؟من اجل ماذا ؟امن اجل النفط ؟خذوه
امن اجل تجارب اسلحتكم برؤوسنا ؟جرّبوها في اماكن بعيدة عنا في الفيافي القاحلة ،امن أجل استراتيجيات المليار الذهبي البشري ؟أنصّّبتم انفسكم اربابا على البشرية تقرّّرون لها ما تشاؤون تتركون من تتركون حيا وتقتلون من لا ترغبون بحياتهم ؟

أففف من هذا الكبر التجبّرالتكبر ّّالطغيان أففف

في النهاية لستم سوى بشر مثلنا ستنالون من الأرض شبرا وتعودون ترابا كما بدأتم لا غير ...
أيها الشذوذ المكر الرّّعب الإرهاب الكذب الخديعة لا فتاك غيركم ولافتك غير ما فعلتم ولا موت دمار شامل سوى بما قتلتم به أطفالنا ونسفتم به سماءنا وارضنا وإنساننا المسالم الاعزل المقيم في أرضه .
لكن ..
نحن الاباة من سلالة حمورابي وجلجامش ومحمد والحسين وغيرهم من الصالحين والأبطال والأنبياء
لن تنالوا منا يا حشرات الحضارة.

"إنا إذا ما غضضنا الطرف عن سفه
فلا يغرّنّّ معتوها تغاضينا
فنصف ما في العراقيين غيرتهم
وما تبقى دم عنها يقاضينا"
ّّّ
دوّت في نفسه هذه اأبيات لعبد الرزاق عبد الواحد دويّ السّلاح ليس بضمير الانا فقط بل بضمير نحن صاخبة داخله يصرخ بها
ّفي حديقته وكانه يردّ بها كيد عدوّ لدود .
وقد تذكّّر مما تذكر ما كان ذات يوم حدّث به صديقه باسل وقد التقيا بعد هدنة قائلا:ّّ
لكم طعنني في كتفي بسلاحه الحقير الجنديّ الامركي او الاوكراني المرتزّّّق الذي كان دوما يصاحب سيّده المتوحش لينفذ طلباته العنيفة الإجرامية وكم داسواعلى جرحانا بأحذيتهم اللعينة القذرة وذاك المستهتر الأفاق المثلي الوسخ المتصهين الوحش كم كان يقتحم عليّ غرفة نومي مرارا ليذلّني او يهدّدني بالقتل..وكم اهتزّ بيتي وخاف أطفالي خوفا شديدا أدى ببعضهم للموت من أصوات الرّعب وشظايا الأسلحة الفتّاكة ،اسلحة الدّمار الشامل الحقيقية
من براميل مفخخة تدوّي برعبها عند الانفجار و طائرات الف16 وصواريخ عابرة للقارات هزت بغداد بفاجعة العامريّة لقد كان اعجوبة اجرامية ذاك السلاح المسافرعبر القارات جرّبه الطّغاة في لحم اهلي ودماء الابرياء من ابناء شعبي بملجإ العامرية حيث بصمات اللحم المحروق على الحيطان لن تمحى جرائم الحرب تلك ولن يمسحها التقادم ابدا ..
ولكن يا صديقي باسل
رغم كل ما كان من رعب وفزع وخوف كان الامل قائما في بيتي في استمرار الحياة رغم الداء والاعداء .
في بيتي الذي تمسّكت به أنا ونخلتي. وبسبب ضيق اليد والكبرياء لم نهاجر وبقيت العائلة متشبثة بالارض
لاننا كنا نؤمن معا ألا موت بلا اجل وان الموت في بيتنا افضل من الموت ذلا في مخيم تحت امرة زيد او عمرو
ثم لان الهروب لتلك المخيّمات كان ايضا يحتاج اموالا طائلة لا يملكها إلا ّّّّتجار الحروب وعبيدهم
تدفع لذوي النفوذ او المستكرشين السفهاء من بعض الاحزاب الّتي باعت دم العراق وشعبه لكل الاعداء ،
ففي الحروب تتقلص الفضيلة وتنتشر الرذيلة ويختفي الخلق القويم وينهار وتموت الضمائر وتطغى
على البشعين الجشعين غرائز حبّ المال وتكديسه من الحرام ومن دموع الابرياء ودمائهم، ويّنظر للحرام بالحلال وللكفر بالسماحة وللقتل بالواجب وللخيانة بالوطنية وبالطبع في مثل هذه الاوضاع كم كدّس ارباب االحرام من مال حرام.
لقد نفخ الحرام بطونهم وصدورهم فكم ظلموا من فقراء وضعفاء ثم ركبوا الكراسي وقالوا نحن الشرفاء.

لكم تراكم الويل على الويل والالم على الالم وتكوّم الحزن على الحزن حزني عليّ وحزني على بلدي.
ّّ
واحسرتاه واحسرتاه ذهب حتى ذاك الهدوء وتبدّدت تلك السكينة النسبية وراح ذاك الدفء ّ وتمزّّق تماسك العائلة المستظلة بنخلتها الصّّّّبورة الحكيمة الوفية لزوجها والمحبة لابنائها ربة البيت الصّّّالحة ّّّالمدبرة الذكية المهتمّّة اهتماما حريصا على التنشئة الصّالحة لاولادها والمؤازرة لزوجها دون شكوى ولا ملل ولا كلل
تلك الثّابتة الأصل والمحتد ّال-فرعها في السّّماء
نخلتي الشامخة العميقة في أرضها الاصيلة
اه اأواه اه
"كل الوان التحزان كانت بشعة "

قالها لصاحبه باسل وهويسرد عليه قصّّّّته الحزينة فقد حدثه ببنات صدره ليتنفس قليلا ويتناسى وزر الأيّام الحارقة الّتي خلّفت في نفسه شروخا وجروحا وقد تلاحق الدّمع قطرات حتّى ملأعينيه وهو يقول :"ّ
يا صاحبي اصابني الهول والويل وانا أرى بلدي شظايا وحتى اليوم لم أنس تلك الكوابيس وأصوات الطائرات وصفارات الإنذار و ولكن ما اصاب قلبي في التّيه القاتل ذاك االيوم قد كان تحزانا فريدا أصاب المكنون والخلايا وانغرست في دمي الامه .
تحزان ذاك اليوم الأسود كان قاتما ترسّخ في الفؤاد والذاكرة
ذاك اليوم من شتاء قاس بارد وسماء متجهّمة مدلهّمة كان مكفهرّّافي الطّبيعة وفي حياتي .
يا صاحبي باسل ،كان ثقيلا ذاك القهر ثقيلا أثقل من الرّواسي ..
في ذاك اليوم بكاني الليل وبكتني شجرتي الزّّوراوية الثابتته على صنوف القهر والحاملة لاسمين حبيبين :س نخلة وم ابو فرات
لقد كتبت الحروف بانامل الحبّ ومن أشعّة النّجوم ومن لالئ الكواكب ، فتشابكت الأصابع لتحفر نقشها العاشق على تلك الشّّجرة شجرة المحبة للخلود .
ما اقوى الحب انّه اعظم من الحروب والموت حين يكون صفيا وفيا."

فالذكرى تلو الذكرى وشجرة م ابو فرات وس ظلت نخلة شامخة في ارضها وحروفها محفورة خالدة في قلب الحب وبصره وبصيرته ،
لكنّ القدر ابى الا أن يبعث بهجماته وعواصفه وانوائه ففرّق قلبين عاشقين حبيبين كانا معا يسيران في دروب الحياة المتضادة المتصارعة بما لها وما عليها .
اه منك واه يا قدر اواه

"اللهم لا اعتراض ".
كان في صمته وفي جهره يرددها بايمان رجل حزين لم يفتّ الحزن من عزمه ولا قللت الانواء من ايمانه
بان المقدر كائن لا محالة والله عنده حسن العاقبة والجزاء.
للصّابرين صبر ايّوب والّذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا :"حيثما كنتم يدرككم الموت"ّ
يردد ذلك كله حتى لا ينهار تماما فامامه ايتام لا بد الاّّ يضعف امامهم ابدا ولا بد
ان يمسح الحزن عن قلوبهم الصغيرة ويربّت على مشاعرهم الطريّة و لكنّه كان كثيرا ما ينحني قليلا على نفسه ضاغطا على صدره الموجوع بين يديه مخاطبا القدر في عتب قائلا : كم تدوسنا احيانا بما لا يتحمّّله البشر أيها القدر
,ولولا أنّ في قلب المؤمن داىما صوتا يناديه :" لكل اجل كتاب و لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون
لولا هذا الايمان الراسخ بأنّ الموت حتم وله أسبابه ولكل موت سبب ولولا اليقين بانّنا سنعبر هذه الدنيا كما عبرها غيرنا قبلنا وسنلاقي غدا ربّّا رؤوفا بالصالحين والصّالحات والصّابرين والصّابرات والصّامدين والصّامدات والمؤمنين والمؤمنات والمبشّرين والمبشّرات بالنعيم .
لولا كل هذا الصبر والتصبير لكان انفطر القلب انفطارا .

لقد كان محمد ابو فرات رجلا مؤمنا ورعا يصمد في الشّدائد بصبر ويمحق حزنه بإيمانه مهما قست الايام عليه ولكن نار الشّوق المختلطة بنار الحزن كانت تجعله يعود دائما لألبوم الصور الحبيبة .

و....حين قيلولة وهو على تلك الحال من الاسى في لحظة تقليبه للصور العائلية للمرة ال -ما فوق الالف
اخذه النعاس من شدة وجع الذّكرى .
فكان يتقلّب عل جنبيه ،فاذ به رأى امرا عجبا ومعجزا ،فقد كان الحلم في ذاك اليوم ملحّا عليه إلحاحا
فرأى سماءه الشّامخة في نورها الأرجواني ولباسها الحريريّ الأخضر المطرّز بالزّهور
وفي سنة من نعاس سرّه ما رأى ربّاه ربّاه إنّه الطّيف الطّيف ذاك الطّيف العزيز كان ماثلا أمامه فما كان
اسعده به
في ذاك الحين.
تمتم في صمته ربّاه ربّاه يا الله لعلك اردت ان تهوّن علي ّّقليلا وتبدّد عتمة احزاني واهديتني حلما
مع ذاك الطيف العزيز علي "
سمع محمد ابو فرات في غفوته صوتا ناداه : " أبو فرات ابو فرات

لا تقنط ،لا تحزن ،لا تبتئس،لا تيأس إنه لايياس من روح الله الا القوم الكافرون صدق الله العطيم
الحياة تستمر أوصيك باطفالنا وبنفسك خيرا اعرف انك تحبّني كثيرا فليكن كل هذا الحب اليوم لاطفالنا
كن لهم الام والاب و حاقظ على نفسك فلا أريدك تعمى من الحزن ولا اريد لقلبك ان يموت ولا لبسمتك ان تخفى اترك الحياة تنبض فيك أبوفراتي الغالي ،روح دمي ،حبي والد ابنائي وبناتي ،نوارة روحي ،الوان عمري ، فراشي الحائم حول روحي ، شمسي الباعثة دفءها دوما في حياة أطفالنا ،نجومي السّاكبة ضوءها لعطاشى الضوء ،مائي الساقي شفاه النعاس المقدس فرسي الحر الشجاع كريم اليد أصيل المحتد سليل يعرب طائر الحرية اّبق كما عرفتك ذاك العاشق المبسام ذاك المازح الضحوك ذاك الوفي ّللجمال والحياة على الدّوام هكذا
انا فيك فإّن حزنت روحك ينتاب روحي حزن وقد يسري في دماء ابنائنا المقبلين على الحياة
لا حبيبي لا تحزن
ّدس على ذاك الغمّ الويل واركب خيلك الحرّة واسرجها وقل ربّّاه أنت الواهب الأمل ومغيّر الأحوال".

تمتّع أ بو فرات في غفوته بذاك النداء العاشق وقام يفرك عينيه من لحظة بين النّوم واليقظة وكم ارادها
ان تطول لكنها سرعان ما افلت .
ّ
ولما استفاق تماما وصحا صحت الذّكرى معه ومرّت بخاطره وقلبه كوخز إبر ، فتراءت له في اليقظة نخلته العالية باسقة في فضاء رحب يغلب عليه الخضار .فبسمل وحوقل وقام لتوّه وأقام صلاة الفجر وقرا ما تيسّر
من القران الكريم وأطال الأدعية بالصّبر له ولصغاره وبالرّحمة على أصيلته الثّابتته الفرعاء الحسناء الغيداء .
ثم شرب كوب ماء ثم عاد لسريره يستغفر ويطلب اللّطف ويقلّب الذكريات تترى ...حتى اخذه النعاس من جديد .فرأى نفسه بحديقة وارفة الشّجر فسيحة الأرجاء كثيرة النّبات والزّهور والفراشات كان يسير فيها على مهل
فاختلط عليه الامر بين الحلم واليقظة والخيال والرّؤى وعاد لأبلوم الصّور يطوي اوراقه طيّا .
فبدت عروسه امامه مختالة في لباس عرسها بساّمة فرحة و كانّها تعيد له ذات السؤال الّّذي ملأ كل فضاءات روحه ذكرى فرح وحزن "كيف حالك"؟باسمة رآها وكيف حالك ؟
كأن هذا الاستفهام حمل كل معانيه البلاغية من قلق وحيرة وتعجّب وإنكار وتودّد
"ربّاه اجرني" قال في قلبه المخلوع المخدوع بحلم ثانية
رّباه اجرني من "كيف حالك " ؟سؤال حملته بسمتها العاشقة وحملته بسمتها المودّعة
وقد قال محدّثا صديقه الودود باسل وهما يشربان الشاي في أحد المقاهي القديمة :
"أخي باسل
في ذاك اليوم صلّيت في ساحة مشفى الموت المجاني الّّذي أكرهه كرها شديدا ذاك المشفى اللامبالي بأرواح الناس حيث خسرت نصف عائلتي ،مشفى هو عنوان الإهمال الطّبيّ واللاّمبالاة ،لقد رحل هناك ابي وابني ّوابنتي وزوجتي..إ ذا امستشفى نه المبكى وليس المشفى ما كنت رأيت من طواقمه اهتماما بالمرضى ولا التزاما بالحرص على أرواح الناس كان همّ بعضهم تجميع المال ونهب الفقراء والتّعامل مع صيدليّات بعينها
هي بالتّحديد لشراء الدّواء ،الله أعلم ما كانت تحمل لنا من موت في أدويتها وإبرهازمن تلك الحرب الضّروس
يالتجّار الحروب و ياللجرائم ربّاه اذقهم جميعا ممّا اذاقونا من علقم . ..
كلّ ما في حياتنا كان معرّضا للنّسف من السّماء والارض والماء ...محنة يا صديقي باسل وما أعظمها من محنة صدّ ق او لا تصدّق أنّ من بقي منّا لم يبقه سوى قدره الحتميّ لمواصلة الحياة...
وتستمرّ الحياة كما قالت لي نخلتي"

تنفّس قليلا يا للغم الذي اصابه ،اختناق تمكّن من صوته وجفاف في حنجرته وغصّّّّّّة كانّها كتلة دم جامد
ثم واصل حديثه لصديقه باسل قائلا:
"في ذاك اليوم الشّّتوي العاصف قبل أن تدخل الغيبوبة حياتنا المنكوبة
في ذاك اليوم القاسي صليت في حديقة هذا الذي يسمّى مستشفى كم اكرهه واكره ذاك الطّبيب اللامبالي وكانّه
لم يكن يعامل بشرا او ربّما كان هو في عمقه فاقد الإحساس وليس طبيبا انسانيّا وربّما كان ما فعله بنا الاشرار
كان عمدا وبأياد مريبة ونفوس غريبة ترى في عيونها الشرور كلّها .
فلا باس لديه ولدى أمثاله الشرسين الموالين للمجرمين ،لا بأس في نظرهم حتّى لو حقنت عائلتي وكل المرضى والجرحى بدواء فاسد ........
بلد كامل ضاع يا صاحبي بين الجريمة والفساد كلّ جرم البشريّة جمع وجاء يقاتل بلدي
حتى الأشقاء والجيران وجاء الأفّاقون من وراء البحار متكالبين علينا دون ايّ سبب وجيه بل كلّ الحرب قامت على اباطيل اسلحة الدمار الشامل في ظاهرها وفي باطنها وغاياتها نهب النفط وبسط نفوذ الطغاة المجرمين الامبرياليين المتصهينين وخونة من الجيران والاشقاء وتجّار الدين والدنيا .
كم تاذّينا
اكره ذاك الرّّجل المشبوه ولن اسامحه ما حييت ذاك الّذي اغتال زوجتي وحقنها بدواء خاطئ في وقت خاطئ.
لم يكن سكّر حبيبتي قويّا لدرجة الغيبوبة لكنّه حقنها بما لا يناسب مرضها فكانت بسمتها قاتلة مقتولة وهي تودّعني وتنظر لمدى ابعد من مدى عالمنا الفاني الظلوم كانت مودعة باسمة ّ
كانت نخلتي مبتسمة في سؤالها الاخير عني بنفس العبارة "كيف حالك ؟
قتلت زوجتي ونصف عائلتي بشرور دول فاعلة ودول تابعة نعم قتلت واستشهدت نخلتي تحت القصف المكثف ولم تشأ ان تغادر مكانها و رفضت التّّهجير وكان القصف على أشدّه والنّاس في مشهد من الرّعب والفزع والشّهادة والموت المجانّي .....
ألا سحقا لتجّار الحروب والخوّانين والمحتلّين جميعا وللطّامعين ببلادي وخيراتها والخونة الرّاكبين ظهور دباّبات المحتلّ الساّقط المبتلّة أصابعه بدمائنا البريئة
اي صديقي باسل
كنت قبل ان أراها مودّعة
صلّيت في الحديقة طالبا لرفيقة دربي ونخلتي الباسقة الشّفاء و لكن يا لحرقتي لمّا عدت لغرفة مشفى الموت التي كانت تقيم فيه نخلتي اعدت الصلاة فابتسمت في فتور وقالت لي "كيف حالك ؟"
ثم توارت نخلتي وراء سجف الظّلام وتوارت كيف حالك من فم الكلام
وصمتت بين ذراعي
اوّاه اوّاه مما عشت
اواه من طعون القدر
اوّاه من يوم مكفهر ومن بلد تخرّب وانفجر.

صديقي باسل ماذا يفعل زوج امام زوجة محبوبة غادرت , وام ّاولاده الرّاحلين والباقين ؟ماذا يفعل زوج وهو امام نوّارة فائحة افلت ونخلة باسقة تهاوت في أحضانه ؟
ماذا يقول زوج امام عصفورته الطاّئرة المحلقة بعيدا وهي بعد في ريعان العمر لمّا تبلغ الأربعين ؟
اه في الصمت
اه في القلب
اه في الحلق
اه في العين
اه في الرّاس
أه في النّفس
اه في الرّوح
اهات في الدّرب
وبكلّ اهات الارض كنت اودّعها" ثم ختم حديثه مغرورق العينين
وتنهّد باسل قائلا له وهو يمسح عينيه أيضا كلنا عشنا الويلات صديقي ومن المعجزات انّنا صمدنا في موت الحياة "
ساد صمت رهيب وقت ولم يكن من اصوات تسمع سوى رشفات الشاي على شفاه اثقلها الكلام الموجوع الموجع
ثم استانف محمد ابو فرات كلامه الدامي الدامع قائلا لباسل صديق عمره

" كان من احلك لحظات عمري نقل الخبر لولديّ العزيزين الطّفلين المتعلّقين تعلّقا شديدا بأمّهما النّخلة
في تلك اللّحظة كنت مشتّتا بين ان اعلم العائلة واخرج حبيبتي في ظروف حرب من المستشفى وبين اخبار ولدي الطفلين الصّّغيرين باقتم خبر صادم لهما
تنهد باسل ثانية ومسح عينيه وقال له في تقطع بصوته المتهجد "
السلامات لك صديقي
يا من لم ترضخ تحت القصف وامثالك رغم الويل قد بسلوا
وكنت من القامات ا نت وكان امثلك المثل....
قامات صبر توحدّن مع الايمان في الوطن
ّ والنخل باسق أعلن انه زحل
فجلّ من وهب لكم قلوبا عزمها حجر
بالحق قد امنت وامنتم صبرت وصبرتم
أنتم النبلاء
والسّفهاء خجل
جل من اهدى لك قلوبكم البأساء
فصبرا ايها الجمل..."

صمت باسل متاثّرا جدّا بما سمع وهو يعلم بالقليل مما اعلمه به صديقه ابو فرات فما حصل كان لا يوصف
ولا يحدّ في معاني الرّعب والفجيعة وكان ثبات النّخيل اقوى من نيران الحرائق .........
صمت باسل وهو يتامّل بشموخ نخلة واقفة امام المقهى وواصل ابو فرات حديثه لصديقه عساه ينفض عن قلبه بعض رماد متضرّعا

يا رحمان يا حيم اعنّي على ان اكون في صبر ايّوب وفي حكمة سليمان امام هذه المصائب المتراكمة في برهة من زمن .....
كيف سأخبر صغيرين بأنّ امّهما الّتي ولدت وحضنت وربّت وربّتت بحنان عليهما واعطت من حياتها لهما كلما استحقا عطاء بلا حد ولا حسابات.. كيف كيف.؟؟؟؟
الا عودي حبيبتي واساليني كيف حالي ساخبرك عن عجزي ،عن علقم ريقي ،عن دمع ملأ حنجرتي حتّى لا يراه احد
كيف حالك انت يا وردتي اليانعة الّتي قطفها الموت غضة واختطفها مني؟
كيف ساخبر طفلين عاشا مدّة قصيرة في رعاية أ مّ المودّة والحنان ؟
انّ الام ّرحلت والمودّة ّّّ والحنان رحلا معها .
كيف ساخبرهما انّ ذاك الحنان من ذاك النّعيم قد أسدل عليه الستار إلى الابد وانّ تلك الامّ المعطاء البسّامة الغضوبة بحكمة وودّ خفيّ رؤوف رقيق رهيف حين الحزم ،ّتلك الجوهرة السامية ونعمة من نعم الدنيا والأخرة تلك الّتي حملت وولدت بعسر وسهرت الليالي وانامت وارضعت وربّت وعلّمت ووجّهت للخير والهدى وقبّلت وابتسمت وقطّبت عند الغضب وعفت بحلم ونظرت دائما لصغيريها بحلم وامل وحبّ دفاق وهما ينهضان من سبات طفولي ّعميق فّأفاقتهما بعطف الدنيا وأحضرت فطور الصّباح ولمجة العاشرة الّتي كانت تدسّها
في حقيبة الدّراسة وبين الكتب و اعدّت بحبّ فطور منتصف النّهار والعشاء ؟؟؟
كيف سيكون حالهما على كل ّموائد هذه الازمنة ؟كيف سيرتميان على سرير فرغ من الأمومة ؟
كيف ستكون صباحاتهما بدون النّخلة الجميلة الهفهافة الاصيلة ؟
كيف سيصبح صباحي وضحاي ومسائي وسمري دون النخلة أسطورة الحب ّفي حياتي
ربّاه ربّاه اشياء البيت التي كانت تمسها بييدها بتفاصيلها ستؤلم طفليّ الحبيبين كما كانت تؤلمني بل كما
هي للأن تؤلمنيّ
اه ولديّّ الحبيبين
أإنسانا عيني فراتي رافدي ابوكما موجوع موجوع ويجب ان يصمت ويكتم انفاسه حتّى النّهاية انا عليّ امتص أ كل ّالصدمة والوجع"
يحدّث ابو فرات نفسه المتفجّعة ثم يرتمي على امّه باكيا في تكتم ويحضنها بشدّة وكانّه يراها وحدها من تفهمه فيشكو لها بعد الله فجيعته او يطلب سندها الذي لا يرد ّطبعا
ويتوجه لأمه الأوفى في محنته محنته الأكبر
أمي اماه يا باسلة
ماذا سافعل ونخلتي تركت لي رافدين ودودين عزيزين رائعين جميلين لا اريدهما ينتحبان ولا يحزنان ،
لا أريدهما يحطمان بهذه الصدمة المروّعة؟
باسلة اماه يا من انجبت رجالا قاتلوا الاستعمار والويلات ونساء في قمة الوفاء والعطاء من لي ليشد أزري شدي باسلتي شدي أزري أ ماه
اماه طفلاي يبكيان أمّهما وبنيتي دجلتي الأخرى تبكيها وهي لما تفقه من الحياة إلاّّّ اشهرا من سيرضعها
من سيربيها من سيعلمها الصّّحيح من الخطإ؟
اماه انا لا اعرف كيف اغّير الحفاظات ولا كيف ارضع بنية الأشهر التي حرمت من حليب الام ولا كيف أجلب لها حليبا في هذا الحصار الرهيب الذي حرم أطفالنا الحليب والدواء لم أعد احتمل موتا اخر
أماه يا باسلة قولي لي وأنت حكيمتنا كيف سأخبر صغيريّ بوفاة أمهما كيف سأسكت دجلة حين يحين وقت حليبها كيف ساهدهد نومها لتبتسم نائمة في حضن الأمومة التي غابت
أماه ارى بنيتي الرضيعة مقطّبة الجبين تبكي بحرقة أمّها حزينة عليها ،أيحزن رضيع على امّه يا اماه ؟
اه
كم أخشى ان اموت انا أيضا واترك اطفالي لليتم والتّحزان ّوالضياع
أماه ابتهلي ابتهلي معي كي أكون قويا صبورا أعتى من الأحزان كي اوصل الأمانة لبرّالأمان
أماه باسلتي اها اهز بجذع النخلة يساّقط عليّ الرطب واغلّيه لدجلتي بنيتي الرّضيعة وأسقنيها ماءه عوض الحليب المفقود الذي ضربت مصانعه
أماه حتى النخيل أحرقوه فانّى لي بالغذاء والدواء لابنائي ورضيعتي
أنى لاطفالنا بالحياة؟
وانا لا لا اريد لبنيتي أن تموت عطشا و جوعا ساحترق
لا يهمني ساتحدى القنابل والطائرات والبراميل المتفجرة وامشي عشرات الكيلومترات على دراجتي تحت الموت عساني أجد لدجلتي علبة حليب تسكّن عطشها
أما ه لا اريد لأطفالي ان يكبروا في التحزان
رباه اجعل ميزان الايام معنا ولا تجعله ضدنا لقد أنهكتنا الدروب الوعرة تعبت تعبت تعبت،،تعبنا تعبنا تعبنا......


ومضت سنين وسنين صبورة مؤمنة وأولاد النخلة يكبران في حضن الأب الصبور وأمّه باسلة تقيم معه
في بيته وبنيته دجلة مرذة عند خالتها ومرة مع امّه تربيها وترعاها..
وذات يوم شعر بانّ امّه بدات تكبر وثقل عليها حمل البيت والاطفال وليس بوسعه هو أن يفعل كلّ شيء
فالعمل أخذ يومه والاهتمام بالأطفال وشؤون البيت لا يستطيعه و امّه تعبت من ثقل أرهقها وهي كارهة أن ترى ابنها منغمسا في الحزن وأحفادها مثله فلا يمكن في تصوّرها وهي الأم ان تقبل بهذا المرّ الدائم لابنها وأحفادها نفظلت تلح عليه أن يتزوج ليخرج قليلا من دمار الذكريات وثقل هموم الحياة وكانت هي تلح عليه
في القبول واختيار زوجة تواصل معه معترك الحياة وتحاول إقناعه بأنّ النخلة كانت تقول له الحياة تستمر ، وهي تستمر حقا بكلّ ما لها وعليها وكان هو يلح ّفي الرفض حتى لاحظ أنها بدأت تغضب وتهدّده بالبعد
عن بيته
ولكن ما كانت غايتها إزعاجه بل محاولة مساعدته لرمي بعض المرارات وتجديد الحياة فأطفاله يكبرون ويحتاجون رعاية أكبر وبيته يحتاج ترتيبا وطعامه يحتاج تحضيرا وسريره يحتاج دفئا ولن يكون ّهذا حسب أمّه وحسب الواقع أيضا إلا بدخول امراة في حياته تكون ابنة حلال وتريحه من أعباء كثيرة لا يقدر عليها هو
ولم تعد أمه قادرة عليها .فلأطفال زينة الحياة الدّنيا ويمكن لو أنجب أن يتجدّد فرحه ويبتسم .
ّوتحت إلحاح أمه التي يقدّرها ويعشقها ولا يرمي بقرارتها ابدا عرض الحاىط استجاب لها .
وها هو اليوم بهو داره مزدان بلعب الأطفال ودراجة وكرة بل حتى فرخة طلبتها منه بنيته علياء اما ادريس فهو الصّوال الجوّال في شعره والقافز على صدره والناطق بكلمات لا يمكنه أن يكتم معها ضحكته ...
تدور الايام بضيقها ورحبها وتكبر تلك الرّضيعة الّتي ولدت في ذاك الزمن الصّعب وتتامر دجلة مع علياء وادريس على والدهم رميا بالكرة وتحلو الحياة وتزهو بالبسمات والضّحكات البريئة ونجاح فرات ورافد
ولا يدوم الا وجه الله ما بعد الحزن والفرح.

وذات يوم شتويّ هو ذاته يوم النخلة أخذ مصحفه وبدا يتلو سورة النساء و قد كان منكبّا على قرأنه خاشعا طالبا لنخلته الرّحمة في جنان الخلد، وهو على هذه الحال -وقد ابيضّ شعره ما عدى شعيرات سوداء فلتت
من فعل السنين - جالسا تحت شجرة كبرت وشاخت مثله شجرته المفضلة إذ حطّت حمامة على كتفه ابقاها تبرّكا ورفع عينيه فاذا ابناؤه جميعهم يعانقونه ويتوددون اليه ويقرّبونه منهم باقصى الحنان والعرفان اعترافا له بصموده وصبره وتحديه للشدائد بقلب مؤمن ورع فكل واحد جاءه بانتصاراته على الحياة بانتصاره على الصعاب فرات طبيب ورافد صحفي ودجلة مدرسة والصغيران علياء وادريس يدرسان في الجامعة صدره
دون ان ينبس ببنت شفة .
ففي الحزن كما في الفرح يغيب الكلام
نطر اليهم جميعا واغرورت عيناه وضمهم جميعا إليه
وتلك الأيام نداولها بين اناس
حلاوتها لا تردّ ومرارتها لا تردّ نعيشها صراعا قويا بين الجبر والاختيار



نفيسة التريكي عن قصة حقيقية

عن قصة حقيقية عاشها صديق عراقي منعم عدنان ابو علي وطلب مني صياغتها وكان يقول دائما :"انها قصّة صاغها الالم "
فأتمنى أن اكون قد أدّيت الامانة على أحسن وجه و في مستوى ثقتة بي
فالامانة جسيمة جدا بها ارواح شهداء وحكاية بلد باسره بل امّة بل إنسانية معذّبة بالحروب






  رد مع اقتباس
/
قديم 30-10-2022, 02:21 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

قصة ائتمنني عليها مواطن عراقي وهو الصديق منعم عدنان أبو علي فهي أمانة ووثيقة وطن وضاد تقاتل جميعها ضد الحروب
دخلت في شهرها السابع في الكتابة وقد امدّني هو باحداثها وحالاتها المختلفة وشخصياتها و كثير من الحودات وقد دارت بيننا عبر الأيام حوارات كثيرة فصغتها
أهديها لروح صاحبتها الشهيدة وزوجها الصامد وعائلتها ولكل الشهداء والشهيدات بالعراق حيث دارت أحداثها لكنها نموذج ايضا للألم في الحروب تخطى بلاد الرافدين إلى ربوعنا العربية وما يدور في العالم

ملاحظة هامة من يريد الاكتفاء بقراءة القصة تامة دون النظر في ما قبلها من نسخ يذهب إلى ما هو منشور في أخر الصفحات لأن بقية النسخ هي لباحث يريد ربما أن يرى كيف تطورات القصة في كتابتها وماهي الاضافات أوالحذف الذي كان عبر أشهر كتابتها
مشكورين ومشكورات
دمتم في رعاية المحبّة






  رد مع اقتباس
/
قديم 04-11-2022, 07:50 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: ابتسامة نخلتي

منذ البداية حوصرت على الفايسبوك وبعثوا لي رسائل تهديد ووعيد وتكذيب م.دعين ان ما كتبته لم يحصل ماذا فعل الاحتلال اذن ومنعت منعت من التعليقات
مازلنا كيف علنبي صلينا....لن استسلم






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:31 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط