|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
13-03-2023, 01:07 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الرحيل : قصة قصيرة
الرحيل
الحدث يقع على رأسك كالصاعقة ، الجميع يبكون بصوت عال ، وانت جفت لديك الدموع ، رحلت من كانت بقربك تتعاونان معا على مآسي الحياة وأهوالها ، تشتركان في مواجهة الصعاب الكثيرة ، والمسرات النادرة ، مرضها العسير لم يجعلها تفقد الأمل ، وظلت الابتسامة مرسومة على محياها وهي تصارع الآلام الكبيرة ، وأنت تنظرين إليها بإعجاب ، مقتدية بقوتها ،تراجعين معها عيادات الأطباء الخصوصيين والمستشفيات الحكومية ، ويجرون لها التحليلات الكثيرة واصفين الدواء ، تمتلئ بالعزيمة على عدم السماح للمرض أن يفترس الإرادة ، ترفض الأوجاع الجارية لاستيطان الجسد والقضاء على مقاومة الروح ، تراجعين معها الأطباء وأنت معجبة بابتسامتها الواثقة وضحكتها المتواصلة الهازئة بالعراقيل ، تعتني بك رغم مرضها الخبيث ، وتقوم بمساعدتك بتحمل الأعباء المختلفة ،تمدك بالقوة ، تحاولين أن تبعدي فكرة رحيلها الدائم الوشيك ، - مرضها صعب والأمل في بقائها ضعيف! من يقف بجانبك وقد بعد عنك الأحباب وسافر الأهل والأصحاب ،وبقيتما وحيدتين في معترك الحياة تصارعان حوادثها الأليمة بنضالكما الكبير.. - الضعف يستولي على قلبها، والمعدة استقرت بها الجراثيم ، ولم تعد قادرة على استقبال الطعام.. تذهبين بها إلى الأطباء في داخل البلاد وخارجها، وأنت تأملين أن يجد احدهم الدواء الشافي لمعاناتها المستمرة وألمها الممض ، لم تكن تصرخ مشتكية من الآلام المبرحة ، بل تضحك باستمرار ، وتستبدل بالصرخة ضحكة متواصلة لإبعاد شبح المرض المستقر بالجسد ، روحها قوية ، تتناسين تعبك الشديد وأمراضك ، تستمدين القوة من إصرارها على تحدي الأوجاع ،والانتصار على نتائج المرض ، كلاكما تجد سعادتها مع الأخرى وتنهلان من منبع ثر من الحنان - معدتها ضعيفة ، سنحاول ان نستخرج الماء ، ليتمكن الغذاء من إرواء جسدها الظاميء يأتيك صوتها واهنا ، فلا تدعين المخاوف تفترس يقينك ان العلاج سوف يكون بمقدور الطبيب تهرعين بها الى المستشفى علهم ينجحون في الحصول على العلاج المأمول ، لم يجدوا الماء هناك ، بل بقع من الدماء ، استيطان الداء الخبيث رغم عمليتي استئصال الثدي ، يتمدد المرض الى خلايا الجسم ، ولم تعد وصفات الأطباء قادرة على منع زحفه المستمر ، تنظرين الى الباب بلهفة ، علّ المداوي يأتيك بالخبر السار ، يفتح الباب ، ويقول كلمات لاتتمكنين من استيعاب معناها ، الجارة كانت تحبها وتحترم صفاتها ،ينطلق منها صوت البكاء عاليا ، ماذا جرى ؟ ولماذا البكاء والنحيب ؟ إنها عزيزتك الغالية ، وهل تذهب دون وداع؟ لاتصدقين الخبر تسارع جارتك الى الاتصال بالمعارف والأحباب ، تنبئهم بالخبر الفاجع ، يأتون تباعا لتعزيتك.. الجميع يوالون الصراخ ، أحقا يحبونها كحبك أنت ؟ ، تجف عندك القدرة على البكاء ، تفقدين صوتك ، وتجدين قدميك عاجزتين عن حملك، يحيط بك الحاضرون ، محاولين ان يعينوك على مصابك الأليم ، لا تصدقين ما حل بك ، هل رحلت حقا ؟ ولم يعد بمقدورك أن تكوني معها ، من سيبقى معك ، من تبثينه شكواك من عقوق الناس وغدر الزمان ، وجفاف الأنهار من مائها العذب ،من يستطيع أن يقف بجانبك ، تستمعين إلى همومه ويصغي إلى معاناتك، محاولا تخفيف الجراح ، وجهها امامك مازال مبتسما معبرا عن ارادته القوية في التصدي للصعاب. المصاب أليم ، تنظرين إلى الوجوه ، التي غشيها الحزن ، فجعتهم الحادثة ، مشاعرهم صادقة ، الجميع سيهرعون الى منازلهم ،بعد يومين ، من يقف معك ، هل ستكونين وحيدة ، والغربة تملأ أيامك وتفترس لياليك، وأنت مهيضة الجناح ، تحاولين الوقوف ، لا تلبي رغبتك قدماك ، ما عادتا تأتمران بما يحمله رأسك من أمنيات ، يا رب رحمتك من لك بهذا العالم ؟ شقيقتك رحلت ، لا تتحملين نظرات الإشفاق ، تعاودين المحاولة ، تسقطين على الأرض ، نظرات الإشفاق تنهمر عليك ، لعنات تصفع مشاعرك ، تصممين على الانتصار، ينتظرك السقوط مرة أخرى مكشرا عن أنيابه الهازئة ، تمتد إليك الأيادي ، تتجملين بالصبر ، تطل عليك بابتسامتها الواثقة ونظرتها الحنون ، أليس الأجدر بك أن تتسلحي بالقوة التي كانت تبثك إياها ، فلتحاولي مرات آخر .. تهطل دموعك ، تخفف عنك كثافة الأحزان ، تمتد إليك احد الأيادي ، تمسكين بها لحظة ، تشكرين صاحب اليد المساعدة ، وتواصلين المسير وحدك صبيحة شبر 13 آب 2010 |
|||
|
|
|