الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته - الصفحة 2 - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: رفيف (آخر رد :صبري الصبري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-01-2016, 11:12 AM رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منوبية كامل الغضباني (دعد) مشاهدة المشاركة
الشعر نزل بلسان عربيّ وكذلك القرآن وهو ما جعل الصّلة بينهما وطيدة تنصبّ معانيها في رحم لغتنا العربية .والشاهد الشّعريّ هامّ في لغتنا لاسيّما فيما يتصّل بعلوم النّحوالذي إستأثر بهذه الشواهد أكثر من الأغراض اللغوية الأخرى
..وهو ما حدا باللغويين الإستشهاد به وأعتماده كحجّة ومؤيّد لهم ..وقد رآه الدارسون والباحثون في علوم اللّغة مرجعا أساسيّا في مؤلفاتهم في النّحو على الخصوص.
وقد جاء جزء من هذه الشّواهد مهتمّا بمستويات أخرى في اللّغة كعلوم الصّرف.
وقد خصّت هذه الشّواهد الشّعريّة في جزء هامّ منها المرفوعات في النحوكالمبتدا والخبر وعمل النواسخ في المبتدا كاسم كان وخبر إنّ وتوابع المرفوعات كالنعت
أمّا الجزء الثاني من هذه الشواهد فقد تناول المنصوبات وتوابع المنصوبات
وفي جزء ثالث اهتمت بالمجرورات
ويبقى الرّأي في اعتماد الشواهد الشّعريّة محلّ جدل واسع
فقد ذهب الخليل الى القول
الشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنّى شاؤوا ويجـوز
لهم ما لايجوز لغيرهم من إطلاق المعنى وتقييده ومن تصريف اللفـظ وتعقيـده ومـد
المقصور وقصر الممدود والجمع بين لغاته والتفريق بين صفاته واستخراج مـا كلّـتْ
الألسن عن وصفه ونعته والأذهان عن فهمه وإيضاحه، فيقربون البعيد ويبعدون القريب
ويحتج بهم ولايحتج عليهم

في حين قال سيبويه واضع علم النّحومع الدّؤلي)
أعلم أنّه يجوز في الشّعر ما لا يجوز في الكلام

وما نلاحظه أن إعتمادماالشاهد الشّعريّ لم يشمل كلّ الشعراء فهناك شعراء وقع التّحفظ على اعتماد شعرهم كبشار بن برد وهو مالم نره في مؤلف سيبويه الذي لم يعتمد شعر بشار مثلا .وقد كان شعر المتنبي وأبي تمام اللذان أعتبرهما اللغويون الأكثر إلماما بقواعد اللّغة ....
هذه مبدئيا مساهمتي المتواضعة ولي عودة للمشاركة في هذا الموضوع الذي نشكر الأديب سلطان على فتح الجدل حوله.
الوارفة منوبية

كل ما تفضلت به ثمين وسنحتاجه عندما نتكلم عن ضوابط الشاهد الشعري

ننتظرك

كل التقدير






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-01-2016, 11:13 AM رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

ماذا لو عدلنا تعريف الشاهد الشعري حتى نحدده ولا نجعله مفتوحاً ومستباحاً رغم وجود اختلافات في حدود الضبط ومرجعياته لكنها في النهاية حدود ضابطة بالمطلق ونقول:

هو دليل منضبط من ‏ الشعر العربيّ الفصيح ، يُساق لإثبات قاعدة أو تعميم ما في مجالات التفسير والنحو والصرف والبيان والبلاغة والبديع والعروض والأنساب وغيرها.






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-01-2016, 01:34 PM رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

الشاهد الشعري عند الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير، تصنيف ودراسة

برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بظهر المهراز، جامعة سيدي محمد بن عبد الله- بفاس، تمت مناقشة أطروحة الباحث هشام بن احميدان لنيل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية، تحت عنوان :”الشاهد الشعري عند الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير، تصنيف ودراسة”، وذلك يوم 23 يونيو 2014.

وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة الآتية أسماؤهم:

د الرحموني عبد الرحيم: رئيسا
د الواسطي محمد
د القرشي الورياغلي
د عبد العالي مسؤول
د صالحي عبد الرزاق: مشرفا.
التقرير:
كان نزول القرآن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يواكب الأحداث ويجيب عن أسئلة الصحابة، متدرجا في التشريع بما يهيئ النفوس لقبوله، والالتزام بأحكامه.
وكان أن استمر هذا النزول ثلاثا وعشرين سنة، ظل خلالها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يجيب عن استفساراتهم بحسب الأحداث الواقعة فيهم، والمستجدات الطارئة حولهم، وذلك ببيان معنى أو توضيح غموض؛ فكان هذا باعثا حقيقيا لهم لسبر أغوار النص القرآني، الذي كان ولا يزال مرجعا حقيقيا، إذ لا يمكن الإحاطة بهذا النص دون فهم كلام العرب نثرا وشعرا، وكل ما يحيط به من لغة، أوعلوم أومعرفة بظروف التنزيل.
ويظهر أثر هذا الاستيعاب واضحا في نبوغ بعض الصحابة في التفسير كعبد الله بن عباس
( ت 68 هـ ) الذي كان من أسباب نبوغه، » حفظه للغة العربية ومعرفته لغريبها، وآدابها، وخصائصها، وأساليبها، وكثيرا ما كان يستشهد للمعنى الذي يفهمه من لفظ القرآن بالبيت والأكثر من الشعر العربي« 1.
وهذه المعرفة الكاملة بلغة العرب، والإلمام بغريبها من خلال حفظ الشعر وروايته، هي التي جعلت ابن عباس يتبوأ الصدارة والإمامة في التفسير، وبذلك نسبت إليه هذه الطريقة، فصار إمامها. ولعل الحاجة إلى الشعر واللغة لفهم معاني القرآن كانت ماسة، بَيَّنَ طريقها ابن عباس حين قال: » الشعر ديوان العرب، فإن خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب، رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا ذلك منه « 2.
ومن ثم كانت الضرورة ملحة لفهم هذه اللغة، وفهم أسرارها ومكنوناتها؛ إذ لا يمكن السعي لذلك بعيدا عن الشعر حفظا ومدارسة ونقدا، هذا الأخير الذي اتخذته العرب منذ بداياتها أداة به تأنس وتحتج، وبه تخلد أمجادها وأيامها.
غير أن علم التفسير سيعرف مع توالي الزمن مسارات واتجاهات مختلفة، كل منها يسعى إلى فهم النص القرآني بحسب منهجها، وخلفياتها المعرفية والمذهبية، فظهر إثر ذلك اتجاهان في التفسير عرف الأول بـ: التفسير بالمأثور، وعرف الثاني بـ : التفسير بالرأي؛ وعنهما تفرعت اتجاهات أخرى ذهبت بالقرآن الكريم إلى أبعد حد، من التفسير الباطني والتفسير الإشاري، إلى الفقهي، فالفلسفي.
وكل هذه الاتجاهات على اختلاف توجهاتها لم تستغن عن الاستعانة بالشاهد الشعري في بيان مراد الله عز وجل من كلامه، والوقوف على أسراره البلاغية، إلا أنها تختلف من مفسر لأخر بين مقل ومكثر. ولم يكن حرص المفسرين على الشعر الجاهلي وما بعده من شعر الاحتجاج ليتفقهوا فيه لذاته، وإنما ليفقهوا به القرآن والسنة قبل ذلك، وكان بعض العلماء مشهورا بحفظ شواهد الشعر للاستشهاد بها على تفسير القرآن خاصة.
ولهذا يلح أهل التفسير على ضرورة معرفة المفسر بأوضاع اللغة وأسرارها، هذه الأخيرة التي تعينهم على فهم معاني الآيات، التي يتوقف استيعابها على تذوق لغة العرب المستوعبة في شعرهم ونثرهم، وفي هذا يقول ابن عاشور » إن القرآن كلام عربي، فكانت قواعده العربية طريقا لفهم معانيه، وبدون ذلك يقع الغلط، وسوء الفهم، لمن ليس بعربي السليقة، ونعني بقواعد العربية مجموع علوم اللسان العربي وهي: متن اللغة، والتصريف، والنحو والمعاني والبيان، ومن وراء ذلك استعمال العرب المتبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم، وتراكيب بلغائهم، ويدخل في ذلك ما يجري مجرى التمثيل، والاستئناس للتفسير من أفهام أهل اللسان أنفسهم لمعاني آيات غير واضحة الدلالة عند المولدين « 3.
ومن هذا المنطلق يظهر لنا مدى ارتباط التفسير بهذه المدونة الشعرية التي جعل منها المفسرون مستندا وحجة، يختارونها للاستشهاد على المعنى الذي يبغونه في تفاسيرهم.
وبهذا أضحت مطالعة الشعر، واتخاذه سندا، وأداة للاحتجاج لكلام الله عز وجل، طريقا دأب عليها قدماء المفسرين، وسار على نهجهم تاليهم من المحدثين، سعيا وراء فهم كلام الله على أحسن وجه وأمثل صورة، وذلك ليكون الشعر: »كلغة ووسيلة أو وثيقة لتفسير لغة القرآن وفهمها، وليكون شاهدا على إعجازها « .4
وهذه القيمة المضافة للشاهد الشعري في الثقافة العربية، هي التي جعلت علماء اللغة والأدب والبلاغة يعمدون إلى توظيفه خدمة لأغراضهم، حتى أضحت فكرة الاستشهاد ظاهرة أو خصوصية فكرية صاحبت الثقافة العربية الإسلامية منذ النشوء.
– البواعث الذاتية والموضوعية:
واعتبارا لخصوصية هذا المكون (مكون الشاهد الشعري) كان سؤال المعرفة يشغلني كلما صادفت شاهدا شعريا في مؤلفات اللغويين، أو النحاة، أو المفسرين على وجه الخصوص، فكان بالفعل السؤال الذي سيحرك فِيَّ الباعث الحقيقي لمقاربة هذا الإشكال المتعلق بتلقي الشاهد الشعري لدى المفسرين. كما أن فكرة البحث في هذا الموضوع سبق وأن راودتني وأنا أهيئ لتسجيل بحث دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وكان أن حاولت خوض غمار البحث فيه، لكن لم أجد النبراس لأهتدي به إلى جادة الصواب، خاصة وأنه مرتبط بعلم التفسير؛ الذي يعد من أجل العلوم قدرا؛ لكن والحال هاته عاودت التفكير في موضوع تقت إلى البحث فيه من ذي قبل، فلاقى مني الحماس اللائق، والإقبال الجاد على المضي قدما في مضماره، وكأني ألفيت ضالتي التي كنت أبحث عنها منذ مدة.
كما أن رغبتي القوية في التعرف على هذا الجانب المغفل بمكتبة التفسير ، ودراسة الأدب فيها كان محفزا أساسا للخوض في هذا الموضوع الجامع بين علوم العربية، وعلوم القرآن، والتفسير.
وإلى جانب هاته البواعث الذاتية يمكن القول إن البحث في الشاهد الشعري لدى المفسرين يكتسي أهمية خاصة، وذلك لما تطرحه مثل هاته المقاربة من الغوص في ظلال تفسير كتاب الله عز وجل، وأيضا من خلال الرحلة صحبة الشاهد الشعري لدى المفسر، وكيفية مقاربته تارة بالشرح، وتارة أخرى بالتأويل، ناهيك عن ميل المفسر إلى الاستشهاد بشعر دون آخر، أو شعر فترة دون أخرى، وكذلك مدى اهتمامه بجمالية البيت الشعري، أو مجرد شكله، خاصة وأن المفسر كما يقول ابن عاشور » لا غنى له في بعض المواضع من الاستشهاد على المراد في الآية ببيت من الشعر، أو بشيء من كلام العرب لتكميل ما عنده من الذوق، عند خفاء المعنى، ولإقناع السامع والمتعلم اللذين لم يكمل لهما الذوق في المشكلات « 5.
هذا وقد جعل الطاهر بن عاشور هاته المعرفة بالشعر من قبيل المعارف، أو بالأحرى العلوم التي يتوقف الخوض في التفسير على العلم بها، وقد سماها في مقدمته الثانية بـ”استمداد علم التفسير”، وهذا يعكس بالأساس ضلاعته في علوم اللغة واهتمامه بالشعر في وقت ضعفت فيه المعرفة باللغة والشعر، وأصبحت هناك حواجز متينة تحول بين كثير من العلماء والباحثين في فهمه وتذوقه وتوظيفه، ولا أدل على ذلك من تصديه لشرح دواوين شعرية ومؤلفات في البلاغة واللغة خاصة، ولهذا وقع اختياري على هذا الموضوع الذي صغت له عنوان:
» الشاهد الشعري في “التحرير والتنوير” للطاهر بن عاشور (تـ1393هـ): تصنيف ودراسة «.
ويسعدني اليوم غاية السعادة أن أقدم بين أيديكم تقريرا موجزا عنه، وقد ضمنته العناصر التالية: 1- دواعي اختيار المتن 2- الدراسات السابقة 3- إشكال البحث 4- المنهج المعتمد 5- خطة البحث 6- أهم النتائج، وأخيرا الشكر والتقدير.
– دواعي اختيار المتن
ولم يكن هذا الاختيار لتفسير الطاهر بن عاشور “التحرير والتنوير” عبثا وارتجالا، وإنما كان بعد استقراء المكتبة التفسيرية واستعراض مضامينها، فوجدت أن تفسيره أولى وأحرى بالبحث لجملة أمور منها:
1- إن جل الدارسين دأبوا على البحث في الشاهد الشعري في المؤلفات القديمة، التي كانت تكتفي باستحضار الجانب الشكلي للشاهد؛ أي ما يخصها في شرح لفظ غريب، أو توضيح معنى بعيد، وتبعا لذلك تأتي مقاربة الشاهد الشعري في تفسير حديث يحمل في طياته -ولا شك- أفكارا جديدة، ونزوعا نحو تصور حديث في أسلوب لا يبعد عن روح تراثنا العربي الأصيل.
2- إن الاختيار وقع على “التحرير والتنوير” لكونه لا يبعد عن التفاسير الموسومة بالبحث اللغوي والبلاغي، فكان “التحرير والتنوير” للطاهر بن عاشور خير نموذج لهذا العصر، وذلك ليتسنى لنا البحث في كيفية توظيفه لهذا الشاهد الشعري، الذي ظل ينتقل بين كتب اللغة، والنقد، والتفسير.
ولا يختلف اثنان في أن هذا التفسير يعد أهم نتاج حديث بالغرب الإسلامي في الفترة المعاصرة، فقد خص المفسر تفسيره بعشر مقدمات، ناقش فيها معظم القضايا المتعلقة بالتفسير، إذ تناول مسألة التفسير وعلاقته بعلوم اللغة والفقه وعلم الكلام، لينتهي إلى موضوع إعجاز القرآن، وبلاغته ونظمه ومبتكراته في المقدمة العاشرة، ومن هذا كله تظهر لنا الثقافة الموسوعية التي يتمتع بها هذا المفسر، وتفسيره كما – قلت آنفا – يمثل خلاصة وزبدة ما ألف في التفسير، »فقد عمل على تصنيف أعمال المفسرين القدامى، مظهرا خصوصية ما سماه مدرسة الأثر: الطبري، ومدرسة النظر : الزجاج، ومدرسة القصص والإسرائيليات، ولا يتردد ابن عاشور في أن يقف حكما بين بعض المفسرين القدامى متخذا من بعضهم موقف الناقد المتحرر خاصة من الزمخشري « 6. وإذا كان تفسير الكشاف الذي ظل ردحا من الزمن مرجعا في الكشف عن الجانب اللغوي والبلاغي في القرآن الكريم، فإن ابن عاشور حل بديلا عنه في العصر الحديث بروح جديدة تلائم العصر دونما تخل عن جوهر التفسير.
3- وقد زكى هذا الاختيار وقواه لدي أني ألفيت متن “التحرير والتنوير” مناسبا للبحث في الشاهد الشعري، نظرا لضخامة هذا المتن من جهة، ووفرة شواهده من جهة أخرى، فالمطالع لتفسيره يلحظ أنه يقبل على الشعر بثقافة أدبية واسعة، يلمسها القارئ فيما يستدل به من أشعار تناولها بالتحليل والتوضيح لمدلولات ألفاظها، وتراكيب معانيها؛ معتمدا في كل ذلك على ذوقه الأدبي، وثقافته، ومعرفته بالشعر ممارسة: نظما ونقدا.

– الدراسات السابقة:
كان الشاهد الشعري موضوع مقاربات ودراسات مختلفة في تراث اللغويين والنقاد البلاغيين والمفسرين، وقد اهتدى الدارسون المحدثون إلى دراسة هذا المكون الأساس من مكونات الثقافة العربية الإسلامية اعتبارا لقيمته وأهميته. والباحث فيما تلاحق في هذا الباب من دراسات يمكن أن يقف على مقاربات متنوعة، آثرنا أن نوجز الكلام حولها حسب مجالات التخصص، وهي كالتالي:
الصنف الأول: الشاهد الشعري في الدراسات اللغوية والنحوية، وتمثلها مجموعة من الأبحاث والدراسات(وقد أشرت إلى نماذج منها في مقدمة البحث)
الصنف الثاني: الشاهد الشعري في المصنفات النقدية والبلاغية، وهو محور لعدة دراسات نذكر منها تمثيلا:
1- “مدونة الشواهد في التراث البلاغي العربي من الجاحظ إلى عبد القاهر الجرجاني أسسها، مقاييسها، مناهجها وظائفها ” لمراد بنعياد، كلية الأداب والعلوم الانسانية، الرباط، 2006. –
2- الشاهد الشعري في النقد والبلاغة نماذج من القرن السابع والثامن الهجري، رسالة لنيل دكتوراه الدولة في اللغة العربية وآدابها،لأستاذي الفاضل الدكتور عبد الرزاق صالحي، تحت إشراف: الدكتورمحمد بوحمدي، فاس، 2003-2004.
الصنف الثالث: مقاربة الشاهد في كتب المعاني وكتب التفسير:
1- من أهم الدراسات التي أنجزت في هذا الصنف أذكر دراسة الدكتور محمد المالكي في كتابه: “جهود الطبري في دارسة الشواهد الشعرية في جامع البيان عن تأويل آي القرآن”. كانت هذه الدراسة ومازالت، نبراسا يهتدي بها كل من جاء بعده للبحث في الشاهد الشعري، خاصة في كتب التفسير.
2- ومن بين الدراسات التي سارت على نهج عمل الأستاذ المالكي، دراسة الشاهد الشعري في كتاب ” معاني القرآن” للفراء، لصاحبها حسن الشارف، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في اللغة العربية وآدابها، إشراف: د.محمد المالكي: 1998/1999.
ومن بين الدراسات المتعلقة بالشاهد الشعري في كتب التفسير التي تسنى لي الإطلاع عليها والإفادة منها:
3- شواهد أبي حيان في تفسيره، لصبري إبراهيم، من منشورات جامعة عين شمس، مصر، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ط:1، 1409/1989.
4- الشواهد الشعرية في تفسير القرطبي (671 هـ)؛ تحقيق ودراسة عبد العالي سالم مكرم، ط : 1، عالم الكتب، 1418/1998.
5- الشاهد الشعري في تفسير القرآن الكريم، أهميته وآثره ومناهج المفسرين في الاستشهاد به، لعبد الرحمن بن معاضة الشهري، مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الرياض، الطبعة الأولى، 1431.
وإن أهم ما يجمع بين هذه الدراسات بحث مكون الشاهد الشعري من حيث البنية والوظيفة. غير أن اختلاف الموضوع والمنهج، يجعل كل دراسة تتميز في بابها، ومن ثم دأبت بدوري على بحث الشاهد الشعري لدى ابن عاشور انطلاقا من إشكال ومنهج مختلفين، هذا الأخير الذي لم أجد من تناول شواهده بالدراسة والتمحيص، مما جعل المجال بكرا للبحث في الشاهد الشعري لدى علم من أعلام المغرب.
– إشكال البحث:
إذا كان مبحث الشاهد الشعري من المباحث التي يحاول الدارسون اليوم مقاربتها في تصانيف وعلوم مختلفة، فإن البحث فيها يحيلنا إلى إمكانية الإجابة عن السؤالين المركزيين موضوع الأطروحة وهما :
أولا: سؤال التصنيف : ما طبيعة المادة الشعرية التي وظفها الطاهر بن عاشور في تفسيره ؟
ثانيا : سؤال الدراسة: كيف تناول ابن عاشور المفسر هذه المادة الشعرية، وكيف وظفها لبيان مراد الله عز وجل من آي القرآن الكريم ؟
وتندرج تحت هذين الإشكالين المركزيين أسئلة فرعية، سيجيب عنها البحث،( وقد ضمنتها في المقدمة وضربت عنها صفحا هنا لضيق الوقت) .
– المنهج المعتمد :
لا مراء في أن طبيعة الموضوع هي التي تحدد المنهج، فالمعول عليه في كل دراسة هو وضوح التصور وقوة المنهج. وإحساسا مني بهذه الأهمية كان لزاما علي تحديد منهج هذه الدراسة، التي كان همها هو النظر في السؤالين المركزيين اللذين تنبني عليهما( وقد سبقت الإشارة إليهما).
وبذلك يلزمنا الوقوف عند الجوانب التي ركز عليها الطاهر بن عاشور في دراسته لعنصر الشاهد الشعري، وكذلك الآليات والعناصر التي استعان بها لتوظيفه بغية الوصول إلى معنى كلام الله عزوجل.
وللإجابة عن هذه التساؤلات الكبرى ارتأيت الاستعانة بالمنهج الوصفي التحليلي، حتى أبين مدى نجاح المفسر في جلب الشاهد، وتوظيفه في السياق المناسب، والوصف الذي نعتمده هنا ليس وصفا محايدا، بل إنه يعتمد على الفهم، والمقارنة، والاستنباط، والتحليل، لأن:» المنهج الوصفي كما يدل عليه الإسم هو المنهج الذي يقوم على تقرير ما هو واقع أو تفسيره تفسيرا لا يخرج به عن نطاق اللغة –إذن- إما تقريري أو تحليلي « 7.
كما عملت على الاستفادة من الإحصاء باعتباره تقنية، وآلية، تساعد على تصنيف المادة الشعرية، وضبط نسبتها للوصول إلى نتائج تتسم بالدقة والضبط.
– خطة الدراسة :
انطلاقا من طبيعة الموضوع ومنهجه، وتبعا للمادة الشعرية المتوفرة في “التحرير والتنوير” تبين لي أن خطة الدراسة التي تناسب محاور هذا العمل يمكن أن تقوم على بناء هيكلي متماسك، ينقسم بعد المقدمة والتمهيد إلى ثلاثة فصول وخاتمة.
أما التمهيد فقد نظرت فيه إلى ثقافة ابن عاشور الموسوعية التي تجاذبته بين الأدب والتفسير.
وبعد هذا التمهيد، دلفت إلى الفصل الأول الذي خصصته لرصد الشاهد في مجالات من المعرفة مختلفة، ابتداء من حضوره في المعاجم وكتب اللغة، حيث وقفت على الدلالات التي استعمل فيها لأتتبع مفهوم الشاهد في كتب النقد والبلاغة، والشروح الأدبية، وكيف عرف تطورا دلاليا واختلافا نوعيا في تصوره من حقل لآخر.
أما الفصل الثاني وهو يمثل الجانب الأول من العنوان المتعلق بالتصنيف، فقد خصصته للحديث عن سؤال الشواهد الشعرية وتواترها في تفسير “التحرير والتنوير”، وحاولت قبل الشروع في الدراسة الإحصائية أن أقدم لها بمفاهيم إجرائية توطئة للحديث عن الشاهد الشعري في التحرير والتنوير.
وعملت في المبحث الأول من هذا الفصل على قراءة المعطيات الإحصائية على ضوء علوم الأدب، وكيف ارتفعت نسبة الاستشهاد بإنتاج شاعر على آخر من خلال تجاربهم الشعرية.
ولقد اعتمدت في تحديد العصر الذي ينتمي إليه الشاعر على معاجم الشعراء وبعض الموسوعات( وقد أشرت إلى ذلك في مقدمة البحث).
وحاولت في المبحث الثاني من هذا الفصل إبراز منهج ابن عاشور في الاستشهاد بالشعر في “التحرير والتنوير”،
وآثرت في مبحث ثالث الحديث عن مستويات تلقي الشاهد الشعري في التحرير، لأقسمها إلى ثلاثة مستويات، ناقشت فيها تموضع الشاهد الشعري وخدمته للتفسير من جانب معين وهي كالتالي:
1- مستوى شرح الشاهد المعجمي.
2- مستوى شرح الشاهد النحوي.
3- مستوى شرح الشاهد البلاغي.

وأما الفصل الثالث والأخير، فقد تناولت فيه الشاهد الشعري ومستويات التفسير في “التحرير والتنوير”، وأبرزت في المبحث الأول أثر الشاهد الشعري في تفسير الآيات وتأويلها، حتى أناقش مدى التأثير الذي يمارسه الشاهد الشعري على عملية التأويل لدى المفسر. و تناولت في المبحث الثاني الشاهد الشعري وتعدد السياق، لأبين من خلاله بعض السياقات التي يرد فيها الشاهد الشعري خدمة لعلم معين كالإعجاز، والقصة القرآنية، والقراءات القرآنية.
وقد خصصت المبحث الثالث والأخير للحديث عن الشاهد الشعري وتعدده واختلافه، ورصدت فيه أهم العلاقات التي تجمع بينها، خدمة لمقصود القرآن ومعانيه التي يتوخاها المفسر.
أهم نتائج البحث:
وقد توصلت من خلال البحث في هذا الموضوع إلى جملة من النتائج والخلاصات، وأهمها:
1- إن تصنيف المادة الشعرية المبثوثة في تضاعيف التحرير والتنوير، والقراءة في الجداول الإحصائية أسعفتنا في تسجيل النتائج التالية:
• اعتماد الطاهر بن عاشور مادة شعرية غزيرة منذ العصر الجاهلي إلى عصرنا الحالي، ما يدل على العناية الكبيرة بأشعار المرحلة الأولى من الإبداع الشعري.
• ارتفاع نسبة الأبيات المتواترة المنسوبة في التفسير، بينما تقل بكثير النماذج المنسوبة غير المتواترة، في مقابل تقلص النماذج مجهولة النسب.
• حرص ابن عاشور على الاستشهاد بالأشعار المنسوبة.
• اعتماد الطاهر بن عاشور على أشعار النابغة الذبياني، وأصحاب المعلقات بنسبة كبيرة.
• احتفاؤه بالتجارب الفردية لشعراء مرموقين، ذاعت أشعارهم في الآفاق عبر الأطوار كلها، ولعل في ذلك وفي غيره ما يؤكد أدبية الرجل، ويدل على منهجه التفسيري الذي يروم فيه التركيز على مقومات اللغة، حتى أضفى على تفسيره مسحة أدبية ولغوية، قل نظيرها في باقي التفاسير.
2- إن بنية الشاهد الشعري لدى ابن عاشور متناسقة، فهو يورد الشواهد الشعرية في اتساق تام مع الآيات القرآنية من غير تنافر، وذلك لشرح مفردات القرآن الكريم، وما ترشد إليه الآية الكريمة، وكذلك بيانا وتأييدا لأوجه الإعراب النحوي، أو السياق البلاغي، وبذلك تحقق الربط الوثيق بين الشاهد الشعري والنص القرآني، إذ اعتبر ذلك بمثابة ربط الأصل بالفرع، بمعنى أنه لا يفسر القرآن بالشعر تفسيرا مباشرا، وإنما يحتكم إلى الشعر للاستدلال على صحة ما ذهب إليه من تفسير.
3- أما عن مستويات تلقي الشاهد الشعري في التحرير والتنوير، فإننا خلصنا إلى النتائج التالية:
• إن الطاهر بن عاشور لا ينتقل إلى مرحلة تفسير المعاني القرآنية دون الحسم في شرح المفردات اللغوية، وفي ذلك لا يتوانى عن الاستشهاد بالشعر العربي الفصيح،كما سجلنا أيضا اهتمامه بالناحية الشكلية للألفاظ الشعرية، دون الخوض في جمالية الشاهد وصوره البلاغية وتلويناته اللغوية.
• إنه يعتبر أن تفسير الألفاظ القرآنية بمفردها ما هو إلا مرحلة أولية في التفسير، تليها مراحل التنقيب عن المعنى المقصود من قوله تعالى.
• إن مستوى الشرح اللغوي بالمترادف، والمشترك اللفظي، والتضاد، قد فتح باب التأويل لدى ابن عاشور، كباقي المفسرين ، مما أكسبه مجالا للتوسع في معاني الآي القرآنية.
• إن ابن عاشور لم يغفل السياق القرآني أثناء العملية التفسيرية، وكذلك تدرجه في تفسير المادة القرآنية من المعنى الذي تؤديه على المستوى المعجمي إلى المعنى السياقي الواردة فيه.
• إن ابن عاشور يعرض الأساليب القرآنية على الاستعمال العربي، لخلوصه أن لغة القرآن من جنس أساليب العرب في خطبهم، وأشعارهم، وتراكيب بلغائهم، ومن ثم جعل هذا الاستعمال حجة ومرجعا لغويا إلى جانب الروافد اللغوية الأخرى.
إلى غير ذلك مما أظنه جديرا بالاطلاع والمعرفة، ويفتح فيما أرى آفاقا جديدة لمواصلة البحث في هذا الجانب.
وفي الختام، هذه صورة موجزة عن موضوع البحث، وطبيعته، وحدوده، ومنهجه، وخطته، وأهم نتائجه، وهي تعكس بعض ما بذلته من جهد على امتداد سنوات إنجازه، وجمع مادته ومصادره، ودراستها، وتحليلها، رغم ما اعترضني في ذلك من صعوبات وعراقيل متعددة، منها خصوصية وقداسة النص القرآني، وكذلك تعدد وتنوع العلوم المرتبطة والموظفة في دراسة الشاهد الشعري، بالإضافة إل عقبات منهجية، ثم ضخامة المتن الشعري داخل هذا التفسير المعتمد في ثلاثين جزءا، ناهيك عن صعوبات ارتبطت بتغيير الموضوع أولا، ثم المشرف ثانيا، مما انعكس على تغيير التصور والإنجاز، لأستجمع قواي من جديد مهتديا بتوجيهات وتصويبات أستاذي المشرف الدكتور عبد الرزاق صالحي، وهذا ما يجعلني أجزم بأن هذا البحث لا يدعي لنفسه الكمال أو الحسم في الموضوع، فهو بمثابة اللبنة في البناء، وأعمال الإنسان تتسم بالنقص، فهو جهد المقل.
ومهما يكن فهو محاولة تستشعر أهمية الموضوع، وتلامس بعض إشكالاته دراسة وبحثا، وحسبي فيه مصاحبة هذا الطود العظيم من المفسرين، لمناقشة جانب من أدواته التفسيرية التي لها وزنها بين باقي الأدوات.
ومما يقتضيه العرفان لذوي الفضل بفضلهم والوفاء لإخلاصهم في العطاء، أتقدم بالشكر الجزيل إلى أستاذي المشرف الدكتور عبد الرزاق صالحي، الذي استكمل الإشراف على هذا البحث بكل تفان وإخلاص، فكانت ملاحظاته دقيقة وصارمة جعلتني أسير بالبحث في خطوات علمية نحو جادة الصواب، كما أكرر له الشكر ثانية على اهتمامه بالتصحيح والتصويب لهذا البحث، إذ ما أقدم له الجزء أو الفصل حتى تجده قد هداني إلى تقويم اعوجاجه والتنبيه إلى عثراته، فكان لتوجيهاته الأثر الجميل في تذليل صعاب البحث، فلم يبخل علي بتوجيهاته القيمة وإرشاداته النيرة، بل حتى بمدي ببعض الكتب التي يعز توفرها في مكتبات المغرب، ليتخذ هذا البحث الصورة التي هي عليه الآن، فجزاه الله عني خير الجزاء، وأبقاه نبراسا للبحث العلمي، ونموذجا يقتدى.
كما لا يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى أعضاء اللجنة العلمية الموقرة أساتذتي الأفاضل: الدكتور محمد الواسطي، والدكتور عبد الرحيم الرحموني، والدكتور عبد الحي القرشي الورياغلي، والدكتور عبد العالي مسئول، هؤلاء الأفاضل الذين تجشموا عناء فحص هذا العمل آخذين من وقتهم الثمين لسد ما اعترى هذا البحث من الخلل والنقص، فلهم مني جزيل الشكر والتقدير على ما سيقدمونه من ملحوظات وتصويبات هي سلفا محل قبول واعتبار، ثم الشكر الجزيل إلى والدي الذي شد أزري، وشاركني أمري، فاللهم أمده بالصحة والعافية وأقر عينه بي، والشكر موصول إلى كل من ذلل صعاب هذا البحث، وكذلك لن أنسى طلب الرحمة والغفران والسكن في فسيح الجنان لأستاذي محمد الأمين، وأسأله عز وجل أن يثيبه بما علمنا إياه في دروب المعرفة والأخلاق، وأن يجعل تعليمه إيانا من صدقاته الجارية في الدنيا، إنه على ما يشاء قدير.

الهوامش:

1- التفسير والمفسرون، محمد حسين الذهبي، 1/68.
2- الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي: 1/119.
3- التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، 1/ 18.
4- الثابت والمتحول، أدو نيس: 1/147.
5- التحرير والتنوير: 1/21.
6- الإنسان والقرآن وجها لوجه، احميدة النيفر، ص: 36.
7- الدراسات اللغوية عند العرب إلى نهاية القرن الثالث، محمد حسنين آل ياسين، ص: 374.






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-01-2016, 02:59 PM رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
محمد فتحي المقداد
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديمية للعطاء
سوريا

الصورة الرمزية محمد فتحي المقداد

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

الأستاذ سلطان
شكرا على الدعوة الكريمة للمشاركة في الموضوع
رحم الله إمرء عرف قدر نفسه..
هذا موضوع تخصصي .. لا أستطيعه ..
سأكتفي بالقراءة .. لأستفيد ..
تحياتي لكم








مدرج بصرى الشام
  رد مع اقتباس
/
قديم 02-01-2016, 06:40 PM رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

شكراً للنفيسة على رفدنا بملخص هذه الدراسة الثمينة التي أحسب أنها عندي كاملة
وسأبحث عنها في مكتبتي وأرفد بها عمون إن شاء الله

تقديري والامتنان






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-01-2016, 06:41 PM رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عوض بديوي مشاهدة المشاركة
كنت اليوم في مكتبة جامعة اليرموك وصورت هذه الصفحة ، لاحظ سلطاننا الحبيب الكم الشعري المستشهد به لتفسر النص القرآني الكريم :

مودتي
شكراً أخي عوض على ما رفدتنا به مقدرين الجهد الذي بذلته

محبتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-01-2016, 06:52 PM رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

سنلخص المحور الأول المتعلق بالسؤال :ما الشاهد الشعري؟


-الشاهد في اللغة:

من شهِدَ / شهِدَ بـ / شهِدَ على / شهِدَ لـ يَشهَد ، شهادةً ، فهو شاهد ، والمفعول مَشْهود به
والشاهد هو اسم فاعل من شهد
وله معانٍ كثيرة منها :
الشاهد :مَن يؤدِّي الشهادة
الشَّاهِدُ : دليل ، برهان


-الشاهد الشعري اصطلاحياً:

1. بيت من الشعر العربي يستحضر لتثبيت ظاهرة صرفية أو نحوية أو بلاغية أو تفسيرية
أو في غيرها من علوم اللغة والقرآن.
2.قول شعري يلجأ أليه الباحث في أحدى فروع المعرفة مثالاً أو دليلا يعزز طرحه.
3.هو دليل منضبط من ‏ الشعر العربيّ الفصيح ، يُساق لإثبات قاعدة أو تعميم ما
في مجالات التفسير والنحو والصرف والبيان والبلاغة والبديع والعروض والأنساب وغيرها.






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-01-2016, 06:59 PM رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

المحور الثاني:ضوابط الشاهد الشعري

ما ضوابط الشاهد الشعري وهل تتفاوت شروط ضبط الشاهد باختلاف المجال
فهل مثلاً ضوابط الشاهد الشعري لتفسير القرآن يخضع لنفس ضوابط النحو؟
هل ضوابط الشاهد الشعري في الصرف والنحو مثل ضوابطه في العروض والبلاغة والمعاني؟






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-01-2016, 08:41 AM رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان حماد مشاهدة المشاركة
بداية اعتذر عن الاقتحام واجد انه من المفيد قبل الخوض في تعريف الشاهد الشعري وضوبطة أنه من المفيد
تعريف وشرح معنى شاهد وانقل حرفيا ما جاء من معنى في قاموس العباب الزاخر ليتم الاجتهاد والقياس على الشاهد الشعري :
والشَّهادَة خَبرٌ قاطعٌ تقولُ منه: شَهِدَ الرجلُ على كذا، وربما قالوا شَهْدَ الرجلُ، بسكون الهاء للتخفيف؛ عن الأخفش.
وقولهم: اشْهَدْ بكذا أَي احْلِف.
والتَّشَهُّد في الصلاة: معروف؛ ابن سيده: والتَّشَهُّد قراءَة التحياتُ للهِ واشتقاقه من «أَشهد أَن لا إِله إِلا الله وأَشهد أَن محمداً عبده ورسوله» وهو تَفَعُّلٌ من الشهادة.
وفي حديث ابن مسعود: كان يُعَلِّمُنا التَّشَهُّدَ كما يعلمنا السورة من القرآن؛ يريد تشهد الصلاة التحياتُ.
وقال أَبو بكر بن الأَنباري في قول المؤذن أَشهد أَن لا إِله إِلا الله: أَعْلَمُ أَن لا إِله إِلا الله وأُبَيِّنُ أَن لا إِله إِلا الله. قال: وقوله أَشهد أَن محمداً رسول الله أَعلم وأُبيِّن أَنَّ محمداً رسول الله.
وقوله عز وجل: شهد الله أَنه لا إِله إِلا هو؛ قال أَبو عبيدة: معنى شَهِدَ الله قضى الله أَنه لا إِله إِلا هو، وحقيقته عَلِمَ اللهُ وبَيَّنَ اللهُ لأَن الشاهد هو العالم الذي يبين ما علمه، فالله قد دل على توحيده بجميع ما خَلَق، فبيَّن أَنه لا يقدر أَحد أَن يُنْشِئَ شيئاً واحداً مما أَنشأَ، وشَهِدَتِ الملائكةُ لِما عاينت من عظيم قدرته، وشَهِدَ أُولو العلم بما ثبت عندهم وتَبَيَّنَ من خلقه الذي لا يقدر عليه غيره.
وقال أَبو العباس: شهد الله، بيَّن الله وأَظهر.
وشَهِدَ الشاهِدُ عند الحاكم أَي بين ما يعلمه وأَظهره، يدل على ذلك قوله: شاهدين على أَنفسهم بالكفر؛ وذلك أَنهم يؤمنون بأَنبياءٍ شعَروا بمحمد وحَثُّوا على اتباعه، ثم خالَفوهم فَكَذَّبُوه، فبينوا بذلك الكفر على أَنفسهم وإِن لم يقولوا نحن كفار؛ وقيل: مع
أخي عدنان
أنت لا تقتحم هكذا موضوع فأنت من مراجعنا فأهلاً أهلا
توطئة قيّمة ولها أهميتها في التأطير اللغوي لنقطة البحث وهي هنا الشاهد

ننتظر مزيدك حول ضوابطه وحجيتها ومجالاتها

محبتي الدائمة






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-01-2016, 11:10 AM رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

http://www.ummto.dz/IMG/pdf/THESE_ZAOUI_Fatima.pdf

السلطان
حفّزتني للبحث في هذا المبحث المهم فاستدركت ،
في الاول حوصلت ما تبقى في الذاكرة ثم عدت للكتب ومنها اكتشفت هذا الكتاب وقد نشرته الجامعة الجزائرية ،قراته فرايته في صميم الموضوع المطروح يمكنك ان ترفد به عمون ايضا
بالتوفيق






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-01-2016, 05:56 PM رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
بياض احمد
عضو أدكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للإبداع والعطاء
المغرب
افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

إن ما نريده من الشاهد الشعري
ما نجده فينا كينبوع لسقي الذات كصورة ببلاغتها ومدلولها تبقى بصمة خاصة ترافق صحوة الفكر
أما المعجم اللغوي يبقى دائما سيل الألفاظ تبحث فيه اللغة لاستواء المشاعر وطعم الفكر
قد يكون كذلك تلك المقاربة الفكرية بنضوجها الهائل تتلازم مع سيل الحياة
تحيتي
واحتراماتي
ومحبتي أخي العزيز






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-01-2016, 07:19 PM رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

السلطان وكل الاصدقاء والصديقات
تحية معرفية

قرات هذا المقال اليوم 3..1...2016و وجدت فيه بعض إفادة للإجابة عن بعض الاسئلة المطروحة
http://www.oudnad.net/spip.php?article1132






  رد مع اقتباس
/
قديم 04-01-2016, 12:08 PM رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

شكراً للنفيسة ومثلها للوارف بياض أحمد

أثريتما ونفعتما

تقديري والامتنان






  رد مع اقتباس
/
قديم 04-01-2016, 08:33 PM رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
عبدالله علي باسودان
عضو أكاديمية الفينيق
السعودية

الصورة الرمزية عبدالله علي باسودان

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

كنت قد تناولت موضوع الشاهد الشعري في دراسة عصرية.


قراءة في كتاب صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الاندلسي

قراءة في كتاب
صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي
صنعه الدكتور نعيم سلمان البدري
قبل الدخول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، محمد طه الأمين ، وعلى آل بيته الطاهرين وصحبه الغر الميامين ، من أول الخلق إلى يوم الدين ، أما بعد :
بينما كنت في غمرة الغفلة والانبهار ــ شأني في ذلك شأن الكثيرين من طلاب العلم ــ بشخصية علمية بارزة في النحو العربي أثار فضولي العلمي وانتباهي عنوان لكتاب ألفه الأستاذ الدكتور نعيم سلمان البدري وجعل له عنوانا مثيرا للدهشة والاستغراب والتعجب وهو ( صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي ).

ولا عجب ففي عنوان الكتاب أمران يثيران الدهشة والاستغراب أولهما : لفظة ( الصناعة ) وثانيهما : ( ابن مالك ) فأما الأمر الأول : فالصَّناعةُ : حِرْفة الصانِع وعَمَلُه الصَّنْعة ، والصِّناعة : ما تَسْتَصْنِعُ من أَمْر(1). وأما الأمر الثاني : فابن مالك الأندلسي وهو من الشخصيات التي يقف لها العلماء القدماء والمحدثون إجلالا وتقديرا لعلمه ومصنفاته وخلقه . ومن هنا فقد خطرت لي مجموعة تساؤلات منها :
ــ إذا كان ما نقله لنا ابن مالك من الشواهد الشعرية صناعة ، فهل هناك صناعة للشاهد الشعري قبله ؟؟
ــ أ كان ابن مالك يصنع الشاهد والقاعدة النحوية معا ؟؟ أم كان يصنع الشاهد فقط ؟؟
ــ ما مدى تأثير هذه الصناعة على النحو العربي ؟؟ وما مقدار ما تمكن من صنعه من الشواهد إن سلمنا بأنه حقا كان حاذقا في صناعته ؟؟
ــ ما رأي العلماء القدماء به ؟؟
ــ ما سيرته وخلقه ؟؟
ــ هل كان الرجل شاعرا وقد عرفناه ناظما في ألفيته؟؟ وما مدى هذه الشاعرية ؟؟

كانت تلك الأسئلة تدور في ذهني ، وكنت أطلب لها جوابا ، فإذا كان ما ذهب إليه الدكتور البدري حقيقة فهذا يعني أن تراثنا العربي ــ أجمعه ــ يحتاج إلى قراءة جديدة ومعاصرة بعين ثاقبة ، تغوص في أعماقه ، وتضعه في دائرة الشك ، ولا أعني بالشك هنا غير الشك العلمي الذي يضع تراثنا في دائرة الضوء لكي نصل إلى الحقيقة التي هي مبتغى منهج البحث العلمي ، و القراءة المعاصرة قد تبيين لنا أسرار الجمال في النص الأدبي كما في الدراسات الحديثة للشعر الجاهلي على يد الدكتور محمود عبد الله الجادر ومن تلاه من الدارسين (2) أو لغرض توضيح مصداقيته كما في الدراسة التي بين أيدينا للدكتور نعيم سلمان البدري في كتابه (صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي) .

أولا: ابن مالك والشاهد الشعري
تناول المؤلف حياة ابن مالك الأندلسي ، ومصنفاته ، وخلقه وعلمه ، فابن مالك ولد في مدينة (جيّان) في الأندلس ثم رحل عنها شابا (وتنقل بين القاهرة والحجاز وحلب وحماة ودمشق واشتغل بتدريس اللغة والقراءات في المدرسة العادلية بدمشق) (3) وكانت وفاته فيها .

ولابن مالك مصنفات كثيرة في شتى علوم العربية كـ (النحو والصرف واللغة والعروض والقراءات ما يزيد على أربعين مؤلفا) (4) .

أما خلقه ( فقد حظي ابن مالك بشهرة كبيرة بين النحويين وحاز على ثناء العلماء وتقديرهم ) (5) ، فهو عند اليونيني (أوحد عصره وفريد دهره في علم النحو والعربية ، ومع كثرة الديانة والصلاح والتعبد والاجتهاد... وكان مشهورا بسعة العلم والإتقان والفضل موثوقا بنقله) (6) . أما الذهبي فقد قال عنه : (وصرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية وأربى على المتقدمين وكان إماما في القراءات وعللها ... وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها والاطلاع على وحشيها ، وأما النحو والتصريف فكان فيه بحرا لا يجارى وحبرا لا يبارى... هذا على ما هو عليه من الدين المتين ، وصدق اللهجة وكثرة النوافل وحسن السمت ورقة القلب وكمال العقل والوقار والتؤدة) (7) . أما الصفدي فقد نقل عن شيخه شهاب الدين محمود بن سلمان الحنبلي قوله يصف ابن مالك (أنه كان إذا صلى في العادلية لأنه كان إمام المدرسة يشيعه قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان إلى بيته تعظيما له) (8).

أما علمه ، فهو علم من أعلام عصره ، بل من أعلام العربية ، وقد تبين ذلك من كثرة مصنفاته التي زادت على الأربعين.

بعد أن أورد الدكتور البدري شيئا عن حياة ابن مالك ، ومصنفاته التي وضّحت بشكل جلي علم الرجل ، وخلقه الذي حظي به عند القدماء ، وهو خلق لا تشوبه شائبة من ناحية الأمانة والنزاهة والصدق قال عنه : (لكن رأيي في خلقه غير حميد ، ذلك أن الرجل متهم عندي في أمانته ونزاهته وصدقه كما سنبين في قابل البحث) (9) .

ونستطيع أن نلمس من خلال ما عرضه الدكتور البدري أمور عدة لعل أهمها :
1ــ إيمان المؤلف القوي والراسخ بما ذهب إليه ، والذي سيعززه بما لديه من الأدلة.
2ــ الأمانة العلمية في البحث والاستقصاء ، واتضح ذلك من خلال النقل الأمين والواعي لمحاسن ابن مالك التي ذكرها علماء العربية عن علمه وخلقه ودينه وصلاحه.
3ــ ثقة المؤلف العالية بما يقوله.
4ـــ لا يمكن لنا أن نشم في عبارات المؤلف رائحة التحامل على ابن مالك من خلال أمرين هما :
أ ــ إن المؤلف وضّح مدى حظوة ابن مالك عند الأقدمين ، فالأقدمون يجلون خلق الرجل ويحترمون شخصه ويقدرون علمه .
ب ــ إن المؤلف واثق من أدلته التي يحملها في جعبته ، لذا وجّه اتهامه لابن مالك في صناعة الشاهد الشعري بكل ثقة ويبدو أنه قد أسس على أرضية صلبة وأساس قوي.

لم يجد المؤلف من بين الدارسين القدماء والمحدثين مَنْ يشكك في نزاهة ابن مالك أو يطعن في أمانته (10) إلا أن البحث والاستقصاء العلميين جعلاه يقف على أرضية صلبة وثابتة ليقرر أن القدماء (قد خدعوا به كما خدع فيه المحدثون وأن الرجل ــ كما سنكتشف ــ مزور كبير ، ومخترع أكاذيب من الطراز الأول ، وأنه صنّاع شواهد ، كان يخترع القاعدة النحوية ويصنع شواهدها معها على نحو يدعو إلى الاستغراب، ويثير العجب مستغلا في ذلك قدرة عجيبة على الكذب ، وموهبة في نظم الشعر ، استغلها أسوء استغلال ) (11) .

شواهد ابن مالك الشعرية كثيرة ، فقد عرف عنه الإكثار من الشواهد ولا سيما في كتابه شرح التسهيل ، فقد أحصى المؤلف لابن مالك أكثر من ثلاثة آلاف بيت ، مشيرا إلى التفات القدماء إلى عنايته بأشعار العرب وتعجبهم من شواهده وتحيرهم فيها ، فالصفدي يقول : (وأما اطلاعه على أشعار العرب التي يستشهد بها على النحو واللغة فكان أمرا عجيبا وكان الأئمة الأعلام يتحيرون في أمره ) (12) إن العبارة السابقة للصفدي تحتاج إلى إضاءة أكثر ، سواء من القائل أو المؤلف ، فهي عبارة مبهمة لا يمكن لنا أن نضعها في الاتجاه الذي يخدم ابن مالك أو الاتجاه المعاكس الذي يرومه المؤلف ، فنحن لا ندري سبب العجب (فكان أمرا عجيبا) كما أننا لا ندري لِمَ كان (الأئمة الأعلام يتحيرون في أمره) ؟؟ وإذا كان ما ذكرناه لا يصب في خدمة أحد الاتجاهين ، فإن تعليق أبي حيان الأندلسي على إعمال (لا) عمل (ليس) فهو ــ بلا شك ــ ليس في صالح ابن مالك ، قال أبو حيان الأندلسي : (والذي يحفظ من ذلك قوله :
تعزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقيا ولا وزرٌ مما قضى الله واقبـــــا
أنشده ابن مالك ولا أعرف هذا البيت إلا من جهته) (13) .

لم يكن العلماء العرب القدماء وحدهم مَنْ التفت إلى غرابة شواهد ابن مالك وكثرتها وتفرده بها ، فقد التفت العلماء العرب المحدثون إلى هذه الظاهرة ، إلا أن القدماء والمحدثين الذين أعجبوا به ، فتحيروا مرة وتعجبوا أخرى في أمر شواهده لم يكن أحد منهم يجرؤ على أن يذهب ما ذهب إليه الدكتور نعيم سلمان البدري ، فابن مالك ــ في رأي الدكتورــ ما هو إلا (مزور كبير، ومخترع أكاذيب ، وصنّاع شواهد ، كان يخترع القواعد النحوية ويصنع شواهدها معها ، وأنه أسرف في صناعة الشواهد حتى صنع ما يقرب من سبعمائة شاهد نحوي) (14) .

عرّج المؤلف بعد ذلك على صناعة الشاهد الشعري قبل ابن مالك ، وذكر أن العلماء قد تكلموا على جملة من الشواهد الشعرية التي زعموا أنها مصنوعة قبل ابن مالك ، منها ما أشار إليه سيبويه ، والفراء ، وابن جني (15) . وقد حاول المؤلف أن يستقصي الشواهد الشعرية فوجد أن مجموعها لا يزيد على الخمسين شاهدا 0على أن المؤلف قلل من قيمة هذه الصناعة بقوله : (قيل أنها مصنوعة أو شك العلماء في صناعتها) كما قلل من قيمة هذه الصناعة لأن صناعها مجهولون غي الغالب إذا ما استثنينا القليل النادر، كصناعة خلف الأحمر لبضعة أبيات نحلها لبعض العرب وصناعة أبي عثمان اللاحقي أو صناعة ابن المقفع.

في حديث المؤلف عن الشواهد الشعرية عند ابن مالك ، ذكر أنه (ابن مالك) اقتصد في الاستشهاد بالشاهد الشعري في بعض كتبه واعتدل في أخرى إلا أنه أسرف في الاستشهاد بهذه الشواهد في كتابه شرح التسهيل بل فاق النحويين المتقدمين في كتابه مار الذكر، الذي يُعد من كتب ابن مالك الأخيرة التي لم يمهله القدر حتى يتمه .

إن الدراسة التوثيقية للمؤلف بينت له من خلال دراسة الشواهد الشعرية في كتاب ابن مالك (أن ستة وتسعين وستمائة شاهد شعري عنده لم ترد في أي مصدر من مصادر النحو أو اللغة أو التراث التي سبقته) (16) وبعد البحث والاستقصاء من قبل المؤلف في آلاف الكتب الإلكترونية وغير الإلكترونية وما تيسر للمؤلف الرجوع إليه من مصادر وشعر عربي في عصر الاحتجاج أقول إن المؤلف بعد البحث والاستقصاء لم يجد لها ذكرا قبل ابن مالك مما حدا به أن يجعلها دليلا كافيا (على الحكم بصناعة ابن مالك وأنها من مخترعاته) (17) .

لم يكتفِ المؤلف بما توصل إليه من نتائج بهذا القدر لكي يتحقق لديه الاطمئنان فعمد على عرض ألفاظ هذه الشواهد المصنوعة على الشعر العربي في عصور الاحتجاج بدافع أن لكل عصر ألفاظه وتراكيبه وأساليبه فتبين.. أن (597)
لفظة من ألفاظ هذه الشواهد لم ترد في شعر عصور الاحتجاج وأن (428) لفظة منها وردت في أشعار قيلت بعد عصور الاحتجاج وأن (169) لفظة منها لم ترد في شعر قط (18) ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذا الشعر لا يمكن له أن ينتمي إلى شعر تلك الحقبة . ثم إن طائفة من تلك الألفاظ تكرر ورودها عند شعراء عباسيين عاشوا بعد عصور الاحتجاج وشعراء آخرين متأخرين عاشوا قبل ابن مالك (19) .

ولكي يزداد المؤلف يقينا لم يكتف بهذا القدر من الأدلة ، وإنما ذهب إلى اختيار أربعة علماء نحو ، أحدهم عاش قبل ابن مالك بأكثر من قرن هو (الزمخشري) وآخران تأخرا عنه بقرن هما (ابن هشام) و (ابن عقيل) وآخر معاصر له ، هو أستاذه (ابن يعيش) ، ثم درس كل شواهد السابقين والمتأخرين ومائتي شاهد من شرح المفصل لمعاصره ابن يعيش ، فتأكد للباحث بما لا يقبل الشك (أن ابن مالك كان بدعا بين النحويين المتأخرين في الاستشهاد بأشعار لم ترد في كتب السابقين) (20) ذلك لأن الشواهد عند هؤلاء العلماء كانت قد وردت في كتب العلماء السابقين لهم ، بمعنى آخر أن هؤلاء العلماء استقوا شواهدهم من كتب العلماء الذين سبقوهم ، فلم لا نجد مثل هذا في شواهد ابن مالك؟؟ وهل يمكن للمتأمل أن يفسر هذا الأمر بغير (الصناعة)؟؟ ذلك ما أراد قوله الدكتور نعيم سلمان البدري .

كما أن المؤلف انتبه إلى مسألة أخرى ، بدت طريفة له ــ وهي كذلك ــ أن أربعة وعشرين شاهدا من شواهد ابن مالك (نسبها إلى رجل من طيئ أو إلى بعض الطائيين) (21) والغريب أنه لم ينسب أياً من هذه الشواهد إلى رجال من قبائل أخرى ، ويبدو أن الرجل (كان صادقا في زعمه حين نسب تلك الأبيات إلى رجل من طيئ أو إلى بعض الطائيين إذ كان يعني بذلك نفسه فهو من طيئ) (22) كما سلف ذكره.

بقي لنا أن نتساءل ــ كما تساءل المؤلف ــ ألا يمكن أن تكون تلك الشواهد التي بثها في كتبه ، والتي أتهم بصناعتها ، قد استقاها من مصادر لم تصل إلينا ؟؟ لم يكن الجواب عند الدكتور البدري غائبا كما لم يغب عنه التساؤل لذا رأى (أن هذا الفرض بعيد غاية في البعد ذلك أن وصول هذه الشواهد إليه يلزم منه أن يكون ابن مالك قد استخرج تلك الشواهد من آلاف القصائد التي وصلت إليه وحده ولم تصل إلى أحد قبله أو بعده0فالشاهد الشعري يستخرج عادة من بين عدد كبير من النصوص الشعرية ، مع ملاحظة أن أكثر من 95% من هذه الشواهد الشعرية المصنوعة هي أبيات مفردات لم تنسب إلى قائليها) (23) .

ذكرنا سابقا أن القدر لم يمهل ابن مالك ليتم كتابه شرح التسهيل مما حدا بابنه بدر الدين (ابن الناظم) أن يتمه ، وهنا يقفز إلى الذهن تساؤل آخر عن الجزء الذي أتمه الابن ، فهل وردت فيه شواهد مصنوعة ؟؟ وكان الجواب عند الدكتور البدري(أن بقية الشرح قد تضمن أيضا جملة من الشواهد الشعرية المصنوعة) (24) وقد وجد المؤلف ــ بعد الدراسة والتمحيص ــ أن بدر الدين (ابن الناظم) قد استقى شواهده المصنوعة من كتابي ابن مالك (شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ ) و (شرح الكافية الشافية) .

**************

ثانيا:نماذج من شواهد ابن مالك المصنوعة
ذكرنا سابقا أن ابن مالك الأندلسي صنع ما يقارب سبعمائة شاهد نحوي ، وكلها من مخترعاته ، وبثها في أبواب متفرقة كالنحو والصرف، وسنكتفي ببعض الشواهد التي أوردها الدكتور نعيم سلمان البدري في كتابه صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي.

ــ دخول نون التوكيد على الفعل الماضي : وشاهده المصنوع ، قول الشاعر:
دامنَّ سعدك إن رجمت متيماً لولاك لم يك للصبابة جانحا (25)
دخلت نون التوكيد على الفعل (دام) لأنه دعاء ، والدعاء لا يكون بمعنى الاستقبال ثم أنه لم يرد في أي من المصادر قبله.

ــ تسكين الخاء من (أخو) : وشاهده قول رجل من طيئ :
ما المرء أخْوَك إن لم تلقه وزراً عند الكريهة معوانا على النوب(26)

ــ تضعيف (الميم) في (الدم) : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
أهان دمَّك فرغا بعد عزتهيا* عمرو بغيك إصرارا على الحسد (27)

ــ سقوط نون المثنى لتقصير صلة : وشاهده المصنوع ، قول الشاعر:
خليلي ما إن أنتما الصادقا هوى إذا خفتما فيه عذولا وواشيا (28)
وعند ابن مالك تسقط نون المثنى ليس لتقصير صلة فحسب وإنما للإضافة أو للضرورة .
ــ سقوط نون جمع المذكر السالم للضرورة : وشاهده المصنوع ، قول الشاعر:
ولسنا إذا تأبون سلما بمدعي لكم غير أنا إن نسالم نسالم ِ (29)
وعند ابن مالك تسقط نون جمع المذكر السالم ليس للضرورة فحسب وإنما للإضافة أو لتقصير صلة .

ــ جواز الاتصال والانفصال في الضمير المنصوب في ثاني مفعولي أفعال القلوب : فمن شواهده المصنوعة للمثال الأول (الاتصال) قول الشاعر :
بُلّغتُ صنع امرئ بَر أخالكه إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا(30)
فالهاء في الفعل أخال هي المفعول به الثاني للفعل ، وقد جعله متصلا.
ومن شواهده المصنوعة للمثال الثاني (الانفصال) قول الشاعر :
أخي حسبتك إياه وقد ملئت أرجاء صدرك بالأضغان والإحنِ (31)
فالضمير المنفصل إياه هو المفعول به الثاني للفعل حسب وقد جعله منفصلا .

ــ حذف ياء الذي وتسكين الذال: وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
ما اللذْ يسوؤك سوءا بعد بسط يد ٍ بالبر إلا كمثل البغي عدوانا (32)
ومثل هذا الشاهد له نظير في كتب النحويين قبله ولا حاجة لصناعته .

ــ حذف ياء التي مع بقاء التاء مكسورة : وشاهده المصنوع على ذلك:
شغفت بك الت ِ يتمتك فمثلما بك ما بها من لوعة وغرام(33)
ولا حاجة لصناعة مثل هذا الشاهد لوجود نظير له في كتب النحويين قبله.

ــ حذف ياء التي وتسكين التاء: وشاهده المصنوع على ذلك:
أرضنا اللتْ أوت ذوي الفقر والذل (م) فأضوا ذوي غنى واعتزاز(34)
وهذا أيضا مما له نظير في كتب النحويين قبله ولا حاجة لصناعة مثل هذا الشاهد.

ــ دخول (ال) التعريف على الفعل المضارع : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
ما كاليروح ويغدو لاهيا مرحا مشمرا يستديم الحزم ذو رشد (35)
وقد توصل (ال) (بالجملة الاسمية ) أو (الظرف) في ضرورة الشعر وذكر ابن مالك شاهدا شعريا على كل منهما (36)
ــ الاستغناء بالاسم الظاهر عن الضمير العائد على جملة الصلة : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
إنَّ جُمل التي شُغفتَ بجُمل ٍ ففؤادي وإن نأت غير سال ِ(37)
وصنع شاهدا آخر لهذا الاستغناء بقوله :
سعاد التي أضناك حب سعاد وإعراضها عنك استمرَّ وزادا(38)
فالتقدير في البيت الأول على رأي ــ ابن مالك ــ إنَّ جُمل التي شُغفتَ بها ، وفي البيت الثاني سعاد التي أضناك حبها .

ــ الاستغناء عن ميم (ذلكم) بإشباع ضمة الكاف: وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الراجز:
وإنما الهــــالك ثم التـــــــالك ُ
ذو حيرة ضاقت به المسالك ُ
كيف يكون النوك إلا ذلك ُ(39)
ولا يمكن أن نعد (ذلكُ) الواردة في الرجز إلا (ذلكم) لأن (ذلكَ) في الشعر إذا وردت في القافية تكون (ذلكا) ، ثم إن ابن مالك نفسَهُ قرر هذا بقوله : (أراد ــ أي الراجز ــ ذلكم فاشبع الضمة واستغنى عن الميم بالواو الناشئة عن الإشباع)(40)

ــ ثبوت خبر المبتدأ بعد (لولا) وجوبا : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
لولا زهير جفاني كنت منتصرا ولم أكن جانحا للسلم إذ جنحوا (41)

ــ وقد يتحد المبتدأ بالخبر لفظا : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول رجل من طيئ :
خليلي خليلي دون ريب وربما ألان امرؤ قولا فظُن خليلا (42)

ــ تعمل (زال) عمل (كان) إذا سُبقت بنفي أو شبه نفي (نهي) : وشاهده المصنوع على ذلك ، قوله في إعمالها بعد النهي :
صاح شمّر ولا تزلْ ذاكرَ (م) الموت فنسيانه ضلال مبينُ (43)
ولا أدري كيف يستسيغ لسان ابن مالك عمل زال المجزومة بـ (لا) الناهية الجازمة ؟ فلا إشكال لو كانت مع النفي (لا يزالُ صاحبي ذاكر الموت) ، وربما جعلها عاملة بعد النهي قياسا على (أختها) كان التي نقول فيها : (لا تكن لينا فتعصر ولا تكن يابسا فتكسر) ، وهذا غيض من فيض.

الخلاصة

وبعد : فقد ذكرنا عشرين شاهدا شعريا من أصل ستة وتسعين وستمائة شاهد شعري استطاع مؤلف كتاب (صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي) الأستاذ الدكتور نعيم سلمان البدري أن يجمعها ويبحث لها عن نظير في كتب النحو أو اللغة أو التراث التي سبقت ابن مالك الأندلسي فتبين له بعد البحث والاستقصاء في دراسته التوثيقية أن جميع شواهد ابن مالك لم ترد في أي مصدر من مصادر القدماء.

إن الجهد المبذول في الدراسة التي قدمها الدكتور البدري ليس بقليل ، ويستحق بالمقابل أن يطلع المختصون على الكتاب بعين ثاقبة ، وتأمل طويل ، يرافقهما الصبر والأناة ، لكي تكون النتيجة مقنعة للغتنا العربية الجميلة ، لغة الآباء والأجداد ، ولكي تشذب هذه اللغة من الدرن الذي ألحقه بها بعض أبنائها العاقين.

إن ما صنعه ابن مالك ، وغاب عن أذهان النحويين القدماء والمحدثين ، أمران ، الأول : أنه صنع القاعد النحوية وصنع لها الشاهد الشعري ، وهذا ــ حسب رأيي ــ هو الطامة الكبرى ، كما في صناعته للقاعدة والشاهد بقولهمن الخفيف)
صاح شمّر ولا تزلْ ذاكرَ (م) الموت فنسيانه ضلال مبينُ
والثاني : أنه صنع الشاهد الشعري ، ولم يكن بحاجة لصناعته لأنه موجود عند مَنْ سبقه ، كما في صناعته للشاهد : ( من البسيط)
ما اللذْ يسوؤك سوءا بعد بسط يد ٍ بالبر إلا كمثــــــل البغي عدوانا

يمكن لنا أن نستدل من تمحيص الأبيات الشعرية التي جعلها ابن مالك شواهد شعرية وبثها في كتابه أنها مصنوعة ، إضافة إلى الأدلة القوية التي جاء بها الدكتور نعيم البدري ، أن هذه الأبيات على الرغم من كثرتها ، وعلى الرغم من ادعاء ابن مالك أنها لعدد من الشعراء وأغلبهم مجهولون أو من طيئ ، إلا أن هذه الأبيات (الشواهد) يمكن ملاحظة ما يأتي بها :

1ــ يكتنف الأبيات ويجمعها أسلوب واحد ، وطريقة واحدة ، فإذا كنا مؤمنين بفكرة (الأسلوب هو الرجل) فليس من شك أن كاتب الأبيات لا يعدو أن يكون رجلا واحدا.
2ــ يحمل كل إنسان في ذهنه قاموسا يختلف عن الآخرين بغض النظر عن سعته أو ضيقه ، وهذا القاموس فيه مفردات قد تتكرر عند ه ، وهذا ما كان عند ابن مالك.
3ــ الحث على الكرم والفضيلة والشجاعة والتزام الحق ومخافة الله وما شابه من الأخلاق الحسنة والحميدة كانت القاسم المشترك بين الأبيات وهذا يعني أن الشاعر واحد ، وقد تقدم أن ابن مالك من ذوي الديانة والصلاح والتعبد0ويبدو أن هذا التعبد لم يمنعه عن صناعة الشواهد لأنها في رأيه ــ على ما أظن ــ تبسيط للغة .
4ــ لكل شاعر مجموعة بحور يفضل استخدامها ، وما لمسته عند أغلب الشعراء استخدامهم للطويل والبسيط والكامل والوافر بكثرة وهذا عين ما فعل ابن مالك . لقد استقصيت مائة بيت من الشواهد الشعرية التي صنعها الرجل فكانت النتيجة ما يأتي:

أ ــ احتل البحر الطويل المرتبة الأولى وحصل على نسبة (40%)
ب ــ احتل البحر البسيط المرتبة الثانية وحصل على نسبة (36%)
ج ــ احتل البحر الخفيف المرتبة الثالثة وحصل على نسبة (7%)
د ــ احتل البحر الكامل المرتبة الرابعة وحصل على نسبة (6%)
هـ ــ احتل البحر الوافر والرجز المرتبة الخامسة وحصل كل منهما على نسبة (4%)
و ــ احتل البحر المتقارب المرتبة السادسة وحصل على نسبة (3%)

ختاما ... فإني أذكّر المختصين بدراسة النحو ودراسة الأدب أن يطلعوا على الكتاب بروية ويدرسوه دراسة متأنية لكي يصلوا إلى الحقيقة التي تطالبهم بها لغتهم الجميلة ، ويكون الله من وراء قصدنا وقصدهم 0

هاشم الطائي








  رد مع اقتباس
/
قديم 04-01-2016, 08:46 PM رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

سلام الله
حبذا لو يتم تحديد الغرض
الشاهد الشعري في ماذا وعلى ماذا
فالشاهد الشعري حاضر في كثير من العلوم ولا يمكن ان نأخذ معاييره على علم ما ونطبقه على باقي العلوم
كل الود






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-01-2016, 10:25 AM رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله علي باسودان مشاهدة المشاركة
كنت قد تناولت موضوع الشاهد الشعري في دراسة عصرية.


قراءة في كتاب صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الاندلسي

قراءة في كتاب
صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي
صنعه الدكتور نعيم سلمان البدري
قبل الدخول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، محمد طه الأمين ، وعلى آل بيته الطاهرين وصحبه الغر الميامين ، من أول الخلق إلى يوم الدين ، أما بعد :
بينما كنت في غمرة الغفلة والانبهار ــ شأني في ذلك شأن الكثيرين من طلاب العلم ــ بشخصية علمية بارزة في النحو العربي أثار فضولي العلمي وانتباهي عنوان لكتاب ألفه الأستاذ الدكتور نعيم سلمان البدري وجعل له عنوانا مثيرا للدهشة والاستغراب والتعجب وهو ( صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي ).

ولا عجب ففي عنوان الكتاب أمران يثيران الدهشة والاستغراب أولهما : لفظة ( الصناعة ) وثانيهما : ( ابن مالك ) فأما الأمر الأول : فالصَّناعةُ : حِرْفة الصانِع وعَمَلُه الصَّنْعة ، والصِّناعة : ما تَسْتَصْنِعُ من أَمْر(1). وأما الأمر الثاني : فابن مالك الأندلسي وهو من الشخصيات التي يقف لها العلماء القدماء والمحدثون إجلالا وتقديرا لعلمه ومصنفاته وخلقه . ومن هنا فقد خطرت لي مجموعة تساؤلات منها :
ــ إذا كان ما نقله لنا ابن مالك من الشواهد الشعرية صناعة ، فهل هناك صناعة للشاهد الشعري قبله ؟؟
ــ أ كان ابن مالك يصنع الشاهد والقاعدة النحوية معا ؟؟ أم كان يصنع الشاهد فقط ؟؟
ــ ما مدى تأثير هذه الصناعة على النحو العربي ؟؟ وما مقدار ما تمكن من صنعه من الشواهد إن سلمنا بأنه حقا كان حاذقا في صناعته ؟؟
ــ ما رأي العلماء القدماء به ؟؟
ــ ما سيرته وخلقه ؟؟
ــ هل كان الرجل شاعرا وقد عرفناه ناظما في ألفيته؟؟ وما مدى هذه الشاعرية ؟؟

كانت تلك الأسئلة تدور في ذهني ، وكنت أطلب لها جوابا ، فإذا كان ما ذهب إليه الدكتور البدري حقيقة فهذا يعني أن تراثنا العربي ــ أجمعه ــ يحتاج إلى قراءة جديدة ومعاصرة بعين ثاقبة ، تغوص في أعماقه ، وتضعه في دائرة الشك ، ولا أعني بالشك هنا غير الشك العلمي الذي يضع تراثنا في دائرة الضوء لكي نصل إلى الحقيقة التي هي مبتغى منهج البحث العلمي ، و القراءة المعاصرة قد تبيين لنا أسرار الجمال في النص الأدبي كما في الدراسات الحديثة للشعر الجاهلي على يد الدكتور محمود عبد الله الجادر ومن تلاه من الدارسين (2) أو لغرض توضيح مصداقيته كما في الدراسة التي بين أيدينا للدكتور نعيم سلمان البدري في كتابه (صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي) .

أولا: ابن مالك والشاهد الشعري
تناول المؤلف حياة ابن مالك الأندلسي ، ومصنفاته ، وخلقه وعلمه ، فابن مالك ولد في مدينة (جيّان) في الأندلس ثم رحل عنها شابا (وتنقل بين القاهرة والحجاز وحلب وحماة ودمشق واشتغل بتدريس اللغة والقراءات في المدرسة العادلية بدمشق) (3) وكانت وفاته فيها .

ولابن مالك مصنفات كثيرة في شتى علوم العربية كـ (النحو والصرف واللغة والعروض والقراءات ما يزيد على أربعين مؤلفا) (4) .

أما خلقه ( فقد حظي ابن مالك بشهرة كبيرة بين النحويين وحاز على ثناء العلماء وتقديرهم ) (5) ، فهو عند اليونيني (أوحد عصره وفريد دهره في علم النحو والعربية ، ومع كثرة الديانة والصلاح والتعبد والاجتهاد... وكان مشهورا بسعة العلم والإتقان والفضل موثوقا بنقله) (6) . أما الذهبي فقد قال عنه : (وصرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية وأربى على المتقدمين وكان إماما في القراءات وعللها ... وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها والاطلاع على وحشيها ، وأما النحو والتصريف فكان فيه بحرا لا يجارى وحبرا لا يبارى... هذا على ما هو عليه من الدين المتين ، وصدق اللهجة وكثرة النوافل وحسن السمت ورقة القلب وكمال العقل والوقار والتؤدة) (7) . أما الصفدي فقد نقل عن شيخه شهاب الدين محمود بن سلمان الحنبلي قوله يصف ابن مالك (أنه كان إذا صلى في العادلية لأنه كان إمام المدرسة يشيعه قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان إلى بيته تعظيما له) (8).

أما علمه ، فهو علم من أعلام عصره ، بل من أعلام العربية ، وقد تبين ذلك من كثرة مصنفاته التي زادت على الأربعين.

بعد أن أورد الدكتور البدري شيئا عن حياة ابن مالك ، ومصنفاته التي وضّحت بشكل جلي علم الرجل ، وخلقه الذي حظي به عند القدماء ، وهو خلق لا تشوبه شائبة من ناحية الأمانة والنزاهة والصدق قال عنه : (لكن رأيي في خلقه غير حميد ، ذلك أن الرجل متهم عندي في أمانته ونزاهته وصدقه كما سنبين في قابل البحث) (9) .

ونستطيع أن نلمس من خلال ما عرضه الدكتور البدري أمور عدة لعل أهمها :
1ــ إيمان المؤلف القوي والراسخ بما ذهب إليه ، والذي سيعززه بما لديه من الأدلة.
2ــ الأمانة العلمية في البحث والاستقصاء ، واتضح ذلك من خلال النقل الأمين والواعي لمحاسن ابن مالك التي ذكرها علماء العربية عن علمه وخلقه ودينه وصلاحه.
3ــ ثقة المؤلف العالية بما يقوله.
4ـــ لا يمكن لنا أن نشم في عبارات المؤلف رائحة التحامل على ابن مالك من خلال أمرين هما :
أ ــ إن المؤلف وضّح مدى حظوة ابن مالك عند الأقدمين ، فالأقدمون يجلون خلق الرجل ويحترمون شخصه ويقدرون علمه .
ب ــ إن المؤلف واثق من أدلته التي يحملها في جعبته ، لذا وجّه اتهامه لابن مالك في صناعة الشاهد الشعري بكل ثقة ويبدو أنه قد أسس على أرضية صلبة وأساس قوي.

لم يجد المؤلف من بين الدارسين القدماء والمحدثين مَنْ يشكك في نزاهة ابن مالك أو يطعن في أمانته (10) إلا أن البحث والاستقصاء العلميين جعلاه يقف على أرضية صلبة وثابتة ليقرر أن القدماء (قد خدعوا به كما خدع فيه المحدثون وأن الرجل ــ كما سنكتشف ــ مزور كبير ، ومخترع أكاذيب من الطراز الأول ، وأنه صنّاع شواهد ، كان يخترع القاعدة النحوية ويصنع شواهدها معها على نحو يدعو إلى الاستغراب، ويثير العجب مستغلا في ذلك قدرة عجيبة على الكذب ، وموهبة في نظم الشعر ، استغلها أسوء استغلال ) (11) .

شواهد ابن مالك الشعرية كثيرة ، فقد عرف عنه الإكثار من الشواهد ولا سيما في كتابه شرح التسهيل ، فقد أحصى المؤلف لابن مالك أكثر من ثلاثة آلاف بيت ، مشيرا إلى التفات القدماء إلى عنايته بأشعار العرب وتعجبهم من شواهده وتحيرهم فيها ، فالصفدي يقول : (وأما اطلاعه على أشعار العرب التي يستشهد بها على النحو واللغة فكان أمرا عجيبا وكان الأئمة الأعلام يتحيرون في أمره ) (12) إن العبارة السابقة للصفدي تحتاج إلى إضاءة أكثر ، سواء من القائل أو المؤلف ، فهي عبارة مبهمة لا يمكن لنا أن نضعها في الاتجاه الذي يخدم ابن مالك أو الاتجاه المعاكس الذي يرومه المؤلف ، فنحن لا ندري سبب العجب (فكان أمرا عجيبا) كما أننا لا ندري لِمَ كان (الأئمة الأعلام يتحيرون في أمره) ؟؟ وإذا كان ما ذكرناه لا يصب في خدمة أحد الاتجاهين ، فإن تعليق أبي حيان الأندلسي على إعمال (لا) عمل (ليس) فهو ــ بلا شك ــ ليس في صالح ابن مالك ، قال أبو حيان الأندلسي : (والذي يحفظ من ذلك قوله :
تعزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقيا ولا وزرٌ مما قضى الله واقبـــــا
أنشده ابن مالك ولا أعرف هذا البيت إلا من جهته) (13) .

لم يكن العلماء العرب القدماء وحدهم مَنْ التفت إلى غرابة شواهد ابن مالك وكثرتها وتفرده بها ، فقد التفت العلماء العرب المحدثون إلى هذه الظاهرة ، إلا أن القدماء والمحدثين الذين أعجبوا به ، فتحيروا مرة وتعجبوا أخرى في أمر شواهده لم يكن أحد منهم يجرؤ على أن يذهب ما ذهب إليه الدكتور نعيم سلمان البدري ، فابن مالك ــ في رأي الدكتورــ ما هو إلا (مزور كبير، ومخترع أكاذيب ، وصنّاع شواهد ، كان يخترع القواعد النحوية ويصنع شواهدها معها ، وأنه أسرف في صناعة الشواهد حتى صنع ما يقرب من سبعمائة شاهد نحوي) (14) .

عرّج المؤلف بعد ذلك على صناعة الشاهد الشعري قبل ابن مالك ، وذكر أن العلماء قد تكلموا على جملة من الشواهد الشعرية التي زعموا أنها مصنوعة قبل ابن مالك ، منها ما أشار إليه سيبويه ، والفراء ، وابن جني (15) . وقد حاول المؤلف أن يستقصي الشواهد الشعرية فوجد أن مجموعها لا يزيد على الخمسين شاهدا 0على أن المؤلف قلل من قيمة هذه الصناعة بقوله : (قيل أنها مصنوعة أو شك العلماء في صناعتها) كما قلل من قيمة هذه الصناعة لأن صناعها مجهولون غي الغالب إذا ما استثنينا القليل النادر، كصناعة خلف الأحمر لبضعة أبيات نحلها لبعض العرب وصناعة أبي عثمان اللاحقي أو صناعة ابن المقفع.

في حديث المؤلف عن الشواهد الشعرية عند ابن مالك ، ذكر أنه (ابن مالك) اقتصد في الاستشهاد بالشاهد الشعري في بعض كتبه واعتدل في أخرى إلا أنه أسرف في الاستشهاد بهذه الشواهد في كتابه شرح التسهيل بل فاق النحويين المتقدمين في كتابه مار الذكر، الذي يُعد من كتب ابن مالك الأخيرة التي لم يمهله القدر حتى يتمه .

إن الدراسة التوثيقية للمؤلف بينت له من خلال دراسة الشواهد الشعرية في كتاب ابن مالك (أن ستة وتسعين وستمائة شاهد شعري عنده لم ترد في أي مصدر من مصادر النحو أو اللغة أو التراث التي سبقته) (16) وبعد البحث والاستقصاء من قبل المؤلف في آلاف الكتب الإلكترونية وغير الإلكترونية وما تيسر للمؤلف الرجوع إليه من مصادر وشعر عربي في عصر الاحتجاج أقول إن المؤلف بعد البحث والاستقصاء لم يجد لها ذكرا قبل ابن مالك مما حدا به أن يجعلها دليلا كافيا (على الحكم بصناعة ابن مالك وأنها من مخترعاته) (17) .

لم يكتفِ المؤلف بما توصل إليه من نتائج بهذا القدر لكي يتحقق لديه الاطمئنان فعمد على عرض ألفاظ هذه الشواهد المصنوعة على الشعر العربي في عصور الاحتجاج بدافع أن لكل عصر ألفاظه وتراكيبه وأساليبه فتبين.. أن (597)
لفظة من ألفاظ هذه الشواهد لم ترد في شعر عصور الاحتجاج وأن (428) لفظة منها وردت في أشعار قيلت بعد عصور الاحتجاج وأن (169) لفظة منها لم ترد في شعر قط (18) ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذا الشعر لا يمكن له أن ينتمي إلى شعر تلك الحقبة . ثم إن طائفة من تلك الألفاظ تكرر ورودها عند شعراء عباسيين عاشوا بعد عصور الاحتجاج وشعراء آخرين متأخرين عاشوا قبل ابن مالك (19) .

ولكي يزداد المؤلف يقينا لم يكتف بهذا القدر من الأدلة ، وإنما ذهب إلى اختيار أربعة علماء نحو ، أحدهم عاش قبل ابن مالك بأكثر من قرن هو (الزمخشري) وآخران تأخرا عنه بقرن هما (ابن هشام) و (ابن عقيل) وآخر معاصر له ، هو أستاذه (ابن يعيش) ، ثم درس كل شواهد السابقين والمتأخرين ومائتي شاهد من شرح المفصل لمعاصره ابن يعيش ، فتأكد للباحث بما لا يقبل الشك (أن ابن مالك كان بدعا بين النحويين المتأخرين في الاستشهاد بأشعار لم ترد في كتب السابقين) (20) ذلك لأن الشواهد عند هؤلاء العلماء كانت قد وردت في كتب العلماء السابقين لهم ، بمعنى آخر أن هؤلاء العلماء استقوا شواهدهم من كتب العلماء الذين سبقوهم ، فلم لا نجد مثل هذا في شواهد ابن مالك؟؟ وهل يمكن للمتأمل أن يفسر هذا الأمر بغير (الصناعة)؟؟ ذلك ما أراد قوله الدكتور نعيم سلمان البدري .

كما أن المؤلف انتبه إلى مسألة أخرى ، بدت طريفة له ــ وهي كذلك ــ أن أربعة وعشرين شاهدا من شواهد ابن مالك (نسبها إلى رجل من طيئ أو إلى بعض الطائيين) (21) والغريب أنه لم ينسب أياً من هذه الشواهد إلى رجال من قبائل أخرى ، ويبدو أن الرجل (كان صادقا في زعمه حين نسب تلك الأبيات إلى رجل من طيئ أو إلى بعض الطائيين إذ كان يعني بذلك نفسه فهو من طيئ) (22) كما سلف ذكره.

بقي لنا أن نتساءل ــ كما تساءل المؤلف ــ ألا يمكن أن تكون تلك الشواهد التي بثها في كتبه ، والتي أتهم بصناعتها ، قد استقاها من مصادر لم تصل إلينا ؟؟ لم يكن الجواب عند الدكتور البدري غائبا كما لم يغب عنه التساؤل لذا رأى (أن هذا الفرض بعيد غاية في البعد ذلك أن وصول هذه الشواهد إليه يلزم منه أن يكون ابن مالك قد استخرج تلك الشواهد من آلاف القصائد التي وصلت إليه وحده ولم تصل إلى أحد قبله أو بعده0فالشاهد الشعري يستخرج عادة من بين عدد كبير من النصوص الشعرية ، مع ملاحظة أن أكثر من 95% من هذه الشواهد الشعرية المصنوعة هي أبيات مفردات لم تنسب إلى قائليها) (23) .

ذكرنا سابقا أن القدر لم يمهل ابن مالك ليتم كتابه شرح التسهيل مما حدا بابنه بدر الدين (ابن الناظم) أن يتمه ، وهنا يقفز إلى الذهن تساؤل آخر عن الجزء الذي أتمه الابن ، فهل وردت فيه شواهد مصنوعة ؟؟ وكان الجواب عند الدكتور البدري(أن بقية الشرح قد تضمن أيضا جملة من الشواهد الشعرية المصنوعة) (24) وقد وجد المؤلف ــ بعد الدراسة والتمحيص ــ أن بدر الدين (ابن الناظم) قد استقى شواهده المصنوعة من كتابي ابن مالك (شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ ) و (شرح الكافية الشافية) .

**************

ثانيا:نماذج من شواهد ابن مالك المصنوعة
ذكرنا سابقا أن ابن مالك الأندلسي صنع ما يقارب سبعمائة شاهد نحوي ، وكلها من مخترعاته ، وبثها في أبواب متفرقة كالنحو والصرف، وسنكتفي ببعض الشواهد التي أوردها الدكتور نعيم سلمان البدري في كتابه صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي.

ــ دخول نون التوكيد على الفعل الماضي : وشاهده المصنوع ، قول الشاعر:
دامنَّ سعدك إن رجمت متيماً لولاك لم يك للصبابة جانحا (25)
دخلت نون التوكيد على الفعل (دام) لأنه دعاء ، والدعاء لا يكون بمعنى الاستقبال ثم أنه لم يرد في أي من المصادر قبله.

ــ تسكين الخاء من (أخو) : وشاهده قول رجل من طيئ :
ما المرء أخْوَك إن لم تلقه وزراً عند الكريهة معوانا على النوب(26)

ــ تضعيف (الميم) في (الدم) : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
أهان دمَّك فرغا بعد عزتهيا* عمرو بغيك إصرارا على الحسد (27)

ــ سقوط نون المثنى لتقصير صلة : وشاهده المصنوع ، قول الشاعر:
خليلي ما إن أنتما الصادقا هوى إذا خفتما فيه عذولا وواشيا (28)
وعند ابن مالك تسقط نون المثنى ليس لتقصير صلة فحسب وإنما للإضافة أو للضرورة .
ــ سقوط نون جمع المذكر السالم للضرورة : وشاهده المصنوع ، قول الشاعر:
ولسنا إذا تأبون سلما بمدعي لكم غير أنا إن نسالم نسالم ِ (29)
وعند ابن مالك تسقط نون جمع المذكر السالم ليس للضرورة فحسب وإنما للإضافة أو لتقصير صلة .

ــ جواز الاتصال والانفصال في الضمير المنصوب في ثاني مفعولي أفعال القلوب : فمن شواهده المصنوعة للمثال الأول (الاتصال) قول الشاعر :
بُلّغتُ صنع امرئ بَر أخالكه إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا(30)
فالهاء في الفعل أخال هي المفعول به الثاني للفعل ، وقد جعله متصلا.
ومن شواهده المصنوعة للمثال الثاني (الانفصال) قول الشاعر :
أخي حسبتك إياه وقد ملئت أرجاء صدرك بالأضغان والإحنِ (31)
فالضمير المنفصل إياه هو المفعول به الثاني للفعل حسب وقد جعله منفصلا .

ــ حذف ياء الذي وتسكين الذال: وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
ما اللذْ يسوؤك سوءا بعد بسط يد ٍ بالبر إلا كمثل البغي عدوانا (32)
ومثل هذا الشاهد له نظير في كتب النحويين قبله ولا حاجة لصناعته .

ــ حذف ياء التي مع بقاء التاء مكسورة : وشاهده المصنوع على ذلك:
شغفت بك الت ِ يتمتك فمثلما بك ما بها من لوعة وغرام(33)
ولا حاجة لصناعة مثل هذا الشاهد لوجود نظير له في كتب النحويين قبله.

ــ حذف ياء التي وتسكين التاء: وشاهده المصنوع على ذلك:
أرضنا اللتْ أوت ذوي الفقر والذل (م) فأضوا ذوي غنى واعتزاز(34)
وهذا أيضا مما له نظير في كتب النحويين قبله ولا حاجة لصناعة مثل هذا الشاهد.

ــ دخول (ال) التعريف على الفعل المضارع : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
ما كاليروح ويغدو لاهيا مرحا مشمرا يستديم الحزم ذو رشد (35)
وقد توصل (ال) (بالجملة الاسمية ) أو (الظرف) في ضرورة الشعر وذكر ابن مالك شاهدا شعريا على كل منهما (36)
ــ الاستغناء بالاسم الظاهر عن الضمير العائد على جملة الصلة : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
إنَّ جُمل التي شُغفتَ بجُمل ٍ ففؤادي وإن نأت غير سال ِ(37)
وصنع شاهدا آخر لهذا الاستغناء بقوله :
سعاد التي أضناك حب سعاد وإعراضها عنك استمرَّ وزادا(38)
فالتقدير في البيت الأول على رأي ــ ابن مالك ــ إنَّ جُمل التي شُغفتَ بها ، وفي البيت الثاني سعاد التي أضناك حبها .

ــ الاستغناء عن ميم (ذلكم) بإشباع ضمة الكاف: وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الراجز:
وإنما الهــــالك ثم التـــــــالك ُ
ذو حيرة ضاقت به المسالك ُ
كيف يكون النوك إلا ذلك ُ(39)
ولا يمكن أن نعد (ذلكُ) الواردة في الرجز إلا (ذلكم) لأن (ذلكَ) في الشعر إذا وردت في القافية تكون (ذلكا) ، ثم إن ابن مالك نفسَهُ قرر هذا بقوله : (أراد ــ أي الراجز ــ ذلكم فاشبع الضمة واستغنى عن الميم بالواو الناشئة عن الإشباع)(40)

ــ ثبوت خبر المبتدأ بعد (لولا) وجوبا : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول الشاعر:
لولا زهير جفاني كنت منتصرا ولم أكن جانحا للسلم إذ جنحوا (41)

ــ وقد يتحد المبتدأ بالخبر لفظا : وشاهده المصنوع على ذلك ، قول رجل من طيئ :
خليلي خليلي دون ريب وربما ألان امرؤ قولا فظُن خليلا (42)

ــ تعمل (زال) عمل (كان) إذا سُبقت بنفي أو شبه نفي (نهي) : وشاهده المصنوع على ذلك ، قوله في إعمالها بعد النهي :
صاح شمّر ولا تزلْ ذاكرَ (م) الموت فنسيانه ضلال مبينُ (43)
ولا أدري كيف يستسيغ لسان ابن مالك عمل زال المجزومة بـ (لا) الناهية الجازمة ؟ فلا إشكال لو كانت مع النفي (لا يزالُ صاحبي ذاكر الموت) ، وربما جعلها عاملة بعد النهي قياسا على (أختها) كان التي نقول فيها : (لا تكن لينا فتعصر ولا تكن يابسا فتكسر) ، وهذا غيض من فيض.

الخلاصة

وبعد : فقد ذكرنا عشرين شاهدا شعريا من أصل ستة وتسعين وستمائة شاهد شعري استطاع مؤلف كتاب (صناعة الشاهد الشعري عند ابن مالك الأندلسي) الأستاذ الدكتور نعيم سلمان البدري أن يجمعها ويبحث لها عن نظير في كتب النحو أو اللغة أو التراث التي سبقت ابن مالك الأندلسي فتبين له بعد البحث والاستقصاء في دراسته التوثيقية أن جميع شواهد ابن مالك لم ترد في أي مصدر من مصادر القدماء.

إن الجهد المبذول في الدراسة التي قدمها الدكتور البدري ليس بقليل ، ويستحق بالمقابل أن يطلع المختصون على الكتاب بعين ثاقبة ، وتأمل طويل ، يرافقهما الصبر والأناة ، لكي تكون النتيجة مقنعة للغتنا العربية الجميلة ، لغة الآباء والأجداد ، ولكي تشذب هذه اللغة من الدرن الذي ألحقه بها بعض أبنائها العاقين.

إن ما صنعه ابن مالك ، وغاب عن أذهان النحويين القدماء والمحدثين ، أمران ، الأول : أنه صنع القاعد النحوية وصنع لها الشاهد الشعري ، وهذا ــ حسب رأيي ــ هو الطامة الكبرى ، كما في صناعته للقاعدة والشاهد بقولهمن الخفيف)
صاح شمّر ولا تزلْ ذاكرَ (م) الموت فنسيانه ضلال مبينُ
والثاني : أنه صنع الشاهد الشعري ، ولم يكن بحاجة لصناعته لأنه موجود عند مَنْ سبقه ، كما في صناعته للشاهد : ( من البسيط)
ما اللذْ يسوؤك سوءا بعد بسط يد ٍ بالبر إلا كمثــــــل البغي عدوانا

يمكن لنا أن نستدل من تمحيص الأبيات الشعرية التي جعلها ابن مالك شواهد شعرية وبثها في كتابه أنها مصنوعة ، إضافة إلى الأدلة القوية التي جاء بها الدكتور نعيم البدري ، أن هذه الأبيات على الرغم من كثرتها ، وعلى الرغم من ادعاء ابن مالك أنها لعدد من الشعراء وأغلبهم مجهولون أو من طيئ ، إلا أن هذه الأبيات (الشواهد) يمكن ملاحظة ما يأتي بها :

1ــ يكتنف الأبيات ويجمعها أسلوب واحد ، وطريقة واحدة ، فإذا كنا مؤمنين بفكرة (الأسلوب هو الرجل) فليس من شك أن كاتب الأبيات لا يعدو أن يكون رجلا واحدا.
2ــ يحمل كل إنسان في ذهنه قاموسا يختلف عن الآخرين بغض النظر عن سعته أو ضيقه ، وهذا القاموس فيه مفردات قد تتكرر عند ه ، وهذا ما كان عند ابن مالك.
3ــ الحث على الكرم والفضيلة والشجاعة والتزام الحق ومخافة الله وما شابه من الأخلاق الحسنة والحميدة كانت القاسم المشترك بين الأبيات وهذا يعني أن الشاعر واحد ، وقد تقدم أن ابن مالك من ذوي الديانة والصلاح والتعبد0ويبدو أن هذا التعبد لم يمنعه عن صناعة الشواهد لأنها في رأيه ــ على ما أظن ــ تبسيط للغة .
4ــ لكل شاعر مجموعة بحور يفضل استخدامها ، وما لمسته عند أغلب الشعراء استخدامهم للطويل والبسيط والكامل والوافر بكثرة وهذا عين ما فعل ابن مالك . لقد استقصيت مائة بيت من الشواهد الشعرية التي صنعها الرجل فكانت النتيجة ما يأتي:

أ ــ احتل البحر الطويل المرتبة الأولى وحصل على نسبة (40%)
ب ــ احتل البحر البسيط المرتبة الثانية وحصل على نسبة (36%)
ج ــ احتل البحر الخفيف المرتبة الثالثة وحصل على نسبة (7%)
د ــ احتل البحر الكامل المرتبة الرابعة وحصل على نسبة (6%)
هـ ــ احتل البحر الوافر والرجز المرتبة الخامسة وحصل كل منهما على نسبة (4%)
و ــ احتل البحر المتقارب المرتبة السادسة وحصل على نسبة (3%)

ختاما ... فإني أذكّر المختصين بدراسة النحو ودراسة الأدب أن يطلعوا على الكتاب بروية ويدرسوه دراسة متأنية لكي يصلوا إلى الحقيقة التي تطالبهم بها لغتهم الجميلة ، ويكون الله من وراء قصدنا وقصدهم 0

هاشم الطائي


الكبير عبدالله علي باسودان

نعم لا يخلو الأمر من وضع بعض الشواهد الشعرية ليعزز النحوي أو اللغوي ما يريد إثباته وكذلك غياب الموضوعية في تأصيل وضبط الشواهد الشعرية وخاصة في علوم اللغة والنحو والصرف همّش الكثير من اللغة العربية وضيق واسعها
وها نحن هنا نحاول أن نتطرق لكل هذا وغيره
فأرجو أن نجد عندك وعند الزملاء ما يحقق الغرض

محبتي والامتنان






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-01-2016, 10:27 AM رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد السعودي مشاهدة المشاركة
سلام الله
حبذا لو يتم تحديد الغرض
الشاهد الشعري في ماذا وعلى ماذا
فالشاهد الشعري حاضر في كثير من العلوم ولا يمكن ان نأخذ معاييره على علم ما ونطبقه على باقي العلوم
كل الود
وعليك سلامه ورحمته قسيم الروح
نعم هو ما سيكون في محورنا الثاني ضوابط الشاهد الشعري ومجالاته
كن دائماً بالجوار وشاركنا رؤيتك وعلمك

محبتي الدائمة






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-01-2016, 01:36 PM رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

مبحث معرفي بحر فتحه السلطان هنا فإضافة إلى المجالات اللغوية قاطبة والتفسيرالتي استخدم فيها الشاهد الشعري دليلا وحجة وترسيخا لقاعدة علمية كانالشاهد الشعري حاضرا حسب الحاجة في الفلسفة والطب كما في الفلسفة والطب وأذكر على سبيل الذكر لا الحصر قصيدة "النفس" للطبيب الفيلسوف العبقري ابن سينا
وأرفد بهذا الحوار في هذا البرنامج العربي
http://arabic.irib.ir/programs/item/11378






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-01-2016, 01:52 PM رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

المحور الثاني:ضوابط الشاهد الشعري

ما ضوابط الشاهد الشعري وهل تتفاوت شروط ضبط الشاهد باختلاف المجال
فهل مثلاً ضوابط الشاهد الشعري لتفسير القرآن يخضع لنفس ضوابط النحو؟
هل ضوابط الشاهد الشعري في الصرف والنحو مثل ضوابطه في العروض والبلاغة والمعاني؟
.......

علوم اللغة:

توطئةً لمحورنا الثاني والمتعلق بضوابط الشاهد الشعري أجد لزاماً علي أن أبين ما علوم اللغة الرئيسة ؟
هذا الأمر سيساعدنا على فهم خصوصية العلاقة بين الشاهد الشعري والمجال اللغوي الموظِّف له وكيف أن ضوابط الشاهد الشعري قد تتفاوت وتحتلف من علم إلى علم حسب طبيعته وخصوصياته.
...........

-هناك من أجمل علوم اللغة بستة علوم رئيسة واعتبر غيرها فروع منها
فقد ذكر السيوطي في شرح ألفيته عقود الجمان في الصفحة الثالثة:
"قال الأندلسي في شرح بديعية رفيقه ابن جابر : علوم الأدب ستة اللغة والتصريف والنحو والمعاني والبيان والبديع ."

وهناك من فصّل هذه العلوم كما فعل السجاعي في حاشية السجاعي على القطر لابن هشام ناقلاً:

صرفٌ بيانٌ معاني النحوُ قافيةٌ =شعرٌ عروضُ اشتقاقُ الخطُّ إنشاءُ
محاضراتٌ وثاني عشرِها لغةٌ= تلك العلومُ لها الآدابُ أسماءُ

أو كما قال الشيخِ حسن العطارِ في حاشيته على شرح الأزهرية :

نحوٌ وصرفٌ عروضٌ بعده لغةٌ =ثم اشتقاقٌ وقرضُ الشعرِ إنشاءُ
كذا المعاني بيانُ الخطُّ قافيةٌ= تاريخُ هذا لعلم العُربِ إحصاءُ

او كما قال الناظم

خُذْ نَظْمَ آدابٍ تَضَوَّعَ نَشْرُها فطوى= شذا المنثور حين تَضُوعُ
لُغَةٌ وصَرْفٌ و اشتقاقٌ نَحْوُها=عِلْمُ الْمَعَانِي بِالْبَيَانِ بَدِيعُ
وعَرُوضُ قَافِيَةٌ وإِنْشَا نَظْمُها =وكتابةُ التاريخِ ليسَ يَضِيعُ

وقال الجاربردي في حاشيته على "الشافية": "وعلوم الأدب علومٌ يُحترز بِها عن الخلل في كلام العرب لفظًا أو كتابة، وهي على ما صرَّحوا به اثنا عشر، منها أصول، وهي العمدة في ذلك الاحتراز، ومنها فروع.

أما الأصول: فالبحث إمَّا عن المفردات من حيث جواهرُها وموادها؛ فعِلمُ اللغة، أو من حيث صورُها وهيئاتها؛ فعلم التصريف، أو من حيث انتسابُ بعضها إلى بعض بالأصالة والفرعية؛ فعلم الاشتقاق.

وإما عن المركَّبات على الإطلاق، فأما باعتبار هيئاتِها التَّركيبية، وتأديتها لمعانيها الأصلية؛ فعلْمُ النَّحو، أو باعتبار إفادتِها لمعانٍ مغايرة لأصل المعنى؛ فعلم المعاني، أو باعتبار كيفية تلك الإفادة في مراتب الوضوح؛ فعلم البيان.

وإما عن المركبات الموزونة، فأمَّا من حيث وزنُها؛ فعلم العروض، أو من حيث أواخر أبياتها؛ فعلم القافية.

وأما الفروع: فالبحث فيها إمَّا أن يتعلَّق بنقوش الكتابة؛ فعِلْم الخط، أو يختص بالمنظوم؛ فالعلم المسمَّى بقرض الشعر، أو بالمنثور؛ فعلم إنشاء النثر من الرسائل والخطب، أو لا يختص بشيء منها؛ فعلم المحاضرات، ومنه التواريخ".

لعل هذا يكفي أن نقول أن علوم اللغة العربية هي:

- علم اللغة. 2- علم التصريف. 3- علم النحو. 4- علم المعاني. 5- علم البيان.
6- علم البديع. 7- علم العروض. 8- علم القوافي. 9- علم قوانين الكتابة. 10- علم قوانين القراءة.
11- علم إنشاء الرسائل والخطب. 12- علم المحاضرات، ومنه التواريخ.






  رد مع اقتباس
/
قديم 15-11-2021, 01:38 PM رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
أحلام المصري
الإدارة العليا
شجرة الدرّ
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
عضوة تجمع أدباء الرسالة
تحمل صولجان الومضة الحكائية 2013
تحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية أحلام المصري

افتراضي رد: الشاهد الشعري..ضوابطه ومجالاته

أرفع هذا الموضوع الهام،
تحيةً لسلطان الفينيق الزيادنة،
ولأهمية الطرح والفائدة


تقديري واحترامي






،، أنـــ الأحلام ـــــا ،،

  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:31 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط