|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
28-11-2016, 10:20 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
أمنيزيا ـ (Amnésie)
[justify]
أمنيزيا (1) ـ (Amnésie) صحا وتمطى، ثم هب من مرقده، وتيمم الحمام، يجر رجليه من وهن مجهول المصدر هدّ جسده هذه الأيام. فرش أسنانه ، وتوضأ، وأسبغ، ثم صلى، والفجر يلفظ أنفاسه الأخيرة؛ ولما اتم تربع حيث صلى مطأطئ الرأس، مغمض العينين، يتلو بعض الأوراد في صمت عميق . بعد لحظات ثقيلة قام ومشى على رؤوس أصابع رجليه الحافيتين ، حتى... لا يفطن لحراكه أحد... ودخل المطبخ. على كرسي استوى قدّام مائدة طعام توسطت الأجواء بشكل مستفز؛ قد كان عليها عاصرة قهوة كهربائية، وفرن ميكرو أوند؛ من الأولى صب له كأسا، ومن الثاني أخرج هلالية محشوة ساخنة. عالج الكاس بمكعب من السكر واحد .. لا غير ، وغطى الهلالية بغلالة مربى توت، ثم أخذ يحتسي، ويقضم ... على مقربة منه كان "لابتوب" بالشاحن موصل ، فتحه ، ولما جهزت صفحة النيت أخذ يتصفح الصفحات الإليكترونية للجرائد والأسبوعيات... باحثا عن ما جد من الأخبار، وما تولد من جديد عن الأحداث السارية... مأخوذا بالفضول ، تواقا لما جد ... وما حدث في المتغيرات من نفط ، وأسعار عملات ، وحتى الأحوال الجوية للبلد... سهم ـ إذا ـ وهام بين المواقع ، تقوده الروابط، والأيقونات حتى انفتحت أمامه صفحة الجزيرة ( مباشر). قبل أن تستقيم صورتها أمامه زرع سماعتين في أذنيه، ثم شابك يديه وراء رأسه مستندا عاتق الكرسي مادّا رجليه مدّا ليكون استواؤه أمثل، وجعل يتابع الأخبار الصباحية للسادسة وبين حين وآخر يستغل لحظات ما بين الفقرات ليمسح خلالها الشريط الأخباري الأحمر المتحرك أسفل الشاشة . وعودةً مما استغرقه أحس بقلبه منقبضاً ، ونفسه مضطربا ، و غمامة حزن أسود بمساحة بدنه تتمدد داخله ، تأفف ، وتأفف لعله يدرأ عنه بسْطتها ، لكنها تحدت صدّه وأناخت بكلْكلها على صدره ، فتعكر المزاج الصباحي الرائق، وفتر النشاط الدافق. قد أضحت نمطية الأحداث، والإخبار عنها، وصورها المدعمة لها تثير عنده ـ يوميا ـ غثيانا واضطرابا نفسيا ، أما شريط الجزيرة الأحمر فصار عنده مرادف دمار ودخان متعال، وأشلاء مموهة رفقا بمن تبقى من أصحاب القلوب الهشة ؛ ووقر في قراره أن الحضارة مسخ كشف عن سماجته وتبدى عهره جليا ...وأن ابن الإنسان ما بارح قيد أنملة غابه... كما يبدو له، وأن الأمس واليوم سيان عدا أن الأنياب صارت صواريخ والأذرع الباطشات راجمات و قاصفات جوية ، و ذين المخاتلة والمكر باتا اصطلاحا (بوليتيك) تعشعش بين الفنون والأدب ... كم...ودّ أن يغير من هذه الفظاعة ! كم تمنى لو بإمكانه أن يرسم البسمات على الوجوه العابسة، ويبلسم بإكسير ما... ذي الجراح الغائرة، ويلأم الوشائج المتصدعة ! ..لكن، وجد نفسه أوهن من خيط عنكبوت بل، اضعف من نسمة ريح تموج وتهز بعنفوانها صفحة غدير..فلاذ بالصمت ... حفاظا على توازنه النفسي ، وخروجا من دوامة جلد الذات وشجون الحسرة غادر صفحة الأخبار بأنواعها واستقر على موقع " التويتر" حيث غرد بتلقائية : " الحياة مأساة...تكون أكثر درامية إن كنت تتفاعل معها، ولا تجرأ ، أو تقدر على تغيير وجهة الأحداث صوب منحى يضمن للجميع فسحة ملهاة..." تأمل التغريدة وأعاد قراءتها أكثر من مرة ولما تيقن ان فيها شيئا منه بل ندفة من كآبته ومخيض انفعالاته، عرج على الفايس بوك حيث وزع شيئا من المحبة والإعجاب وتقاسم آراء وصورا، ورد على المسنجرات ثم اغلق اللابتوب، وقام بهدوء تام حتى يفك برفق تشنج عضلاته وأربطة مفاصله المنخورة بالروماتزم والعطالة. وكأنه منوم، أو اوتوماتْ... لم يستوعب انى وكيف لبس ملابس خروجه ، وربط ربطة عنقه، وانحنى ليزيل بمحرمة ورقية بعض ملامح غبار من على وجه حذائه ثم ينتبه ليجد زوجته تتابع حركاته وسكناته باستغراب واهتمام وتسأله لما تيقنت من لمحه في بريق عينيها رزمة تساؤلات: ـ إلى اين با عزيزي مبكرا؟ رد بفتور وهو يمرر مشطا ليسوي من عطالة شعره المنكوش امام المرآة: ـ إلى العمل ... طبعا. وكأن الجواب غير المنتظر منه هزها استغرابا فاستوت جالسة في مرقدها وقالت له بنبرة انكارية: ـ أتمازحني؟ إنه الشؤم عينه عند الاصطباح بالهزل. ضحك ضحكة في غمغمة ثم رد قائلا : ـ إن اليوم ياعزيزتي الثامن من شتنبر، ولعله تاريخ مميز تمَيّز تواريخ أعياد ميلادنا... نظرت إليه نظرة كئيبة، حاولت أن تحجب من حدتها بيديها ألمرتعشتين ثم ردت بصوت هامس: كأني بك ازهمررت يا رجل... ! وجد ردها حامضا و مستفزا فاكتفى بأن اشاح عن وجهها في صمت لحظة وجدتها ـ هي ـ دهرا ثم اقبل عليها ليسألها في استغراب: ماذا...؟ كيف لك أن تقولي ذلك ؟ ـ إنك يا عزيزي ـ بكل بساطة ـ قد تقاعدت... وحسم امرك فلا...شغل من تاريخه... ! لدى سماعه لجوابها أحس بحرارة تتولد في أعماقه، ما فتئت أن أخذت شحنة منها بمعظم رأسه ،ثم تحولت إلى دوخة خفيفة كاد أن يفقد على إثرها توازنه، بيد انه تماسك ،واسترد ـ ايضا ـ ذاكرته الشاردة معبّرا عن حلولها بضربة خفيفة على جبهته. تهاوى جالسا على اريكة كانت وراءه وأخذ يفك بيد راعشة ربطة عنقه ..ولما استوى سكن وغفا في ثوان وما ...استيقظ . 1: فقدان الذاكرة الكاتب : حدريوي مصطفى (العبدي) البيضاء في 26/11/2016 [/justify] |
|||
29-11-2016, 12:42 AM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
أسلوب قصصي وسرد جميل جداً
استمتعت بالقراءة وما ورد من أحداث مست واقعنا إلى أبعد مدى وما يكتنفه من ملل وروتين وتكرار أفقدنا التركيز لتشابه الأحداث حتى وكأننا نعيش اليوم والأمس والغد في يوم واحد أهلاً بك أ. حدريوي مصطفى بيننا وبأول مشاركة لك معنا في الفينيق تحياتي وتقديري ...... ولا تجرأ: أعتقد تجرؤ |
|||
29-11-2016, 01:43 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
لا أملك إلا أن أصفق لهذا النص المتميز لغة وسردا وموضوعا..
قرأته منبهرا. مرحبا بك هنا وهناك. مودتي |
|||
30-11-2016, 01:25 AM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
اعتقادك في يجرؤ اعتقاد ثابت لا لبس فيه فتجرؤ همزتها على الواو لا كما كتبت في القصة وفقا للقاعدة المعروفة أخيرا تقبلي مني بفائق الاحترام والشكر |
||||
30-11-2016, 01:30 AM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
أنا ممتن لك بمرورك...وسعيد بأن تباركني كلماتك...وأنال شيئا من تقديرك...فشكرا لك وليوفقك الله تحياتي ووافر ودادي |
||||
30-11-2016, 01:49 AM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
ألف شكر أ. حدريوي مصطفى وأهلاً بك
في انتظار إبداعاتك احترامي |
||||
03-12-2016, 12:06 PM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
مرحبا ا بالاستاذ الرائع السي مصطفى
هذا نهار كبير اخويا وثم إنه لي وقفة أخرى مع النص في قراءة ثانية بحول الله أرحب بك وقد لاحظت حضورك اليوم فقط ووجب الترحيب الفينيق يتشرف بك السي مصطفى مرحبا خويا
|
||||
05-12-2016, 12:43 AM | رقم المشاركة : 8 | |||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
منذ فترة طويلة لم أعبر ميدان القصة القصيرة
وقد كان دخولي اليوم هدية لي مع هذا النص البديع " امنيزيا " أجمل تحية لكم أخي حدريوي فوزي بيترو |
|||
05-12-2016, 03:25 AM | رقم المشاركة : 9 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
سلام الله
وتحية ترقى لبياض أرواحكم نرى فيما يراه الحريص على جدوى العلاقة التشاركية ان نرشح لكم هذا المنجز : http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=66822 تعقيبكم اثراء كل الود |
||||
06-12-2016, 09:38 PM | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
تحيتي وموفور ودادي |
||||
06-12-2016, 09:44 PM | رقم المشاركة : 11 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
تقبل خالص ودي واحترامي |
||||
06-12-2016, 09:47 PM | رقم المشاركة : 12 | |||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
أولاً أرحب بك هنا ..
ثانياً أكرر اعجابي بنصك الرائع.. أنتظر جديدك روض تقدير |
|||
07-12-2016, 12:10 PM | رقم المشاركة : 13 | |||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
جعلت من المتلقي شاهد حضور بالقوة وبالفعل هي هذه الحياة التي شلتنا باستفزازها الدائم وكثيرا ما تنجح بحموضتها في محو ذاكرتنا همسة فقد لدي تحفظ بالنسبة للعنوان تمنتيه بالعربية وكذا بعض المفردات التي جاءت بلغتها كالميكرو اوند تقديري الجم لمبدعنا السي مصطفى
|
|||||
26-12-2016, 10:47 AM | رقم المشاركة : 14 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
شكرا على المرور البهي...والثناء...الضافي... تحيتي وموفور احترامي وتقديري |
||||
26-12-2016, 10:51 AM | رقم المشاركة : 15 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
تحيتي ـ أخيرا ـ وموفور احترامي وتقديري |
||||
05-01-2017, 05:49 PM | رقم المشاركة : 16 | |||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
نص ممتع موغل في أعماق الذات الإنسانية
يستكنهها يستجلي خفاياها يترصد مواطن القوة والضعف فيها يتوقف عند لحظات شعورية متنوعة قد تمر بها كالضجر والخيبة والأمل لنصل في النهاية إلى حالة من العطالة والعقم والفراغ هل هي طبيعة الإنسان التي ترفض السكون وتأبى الخواء؟ هل هو إيمان الإنسان بالعمل كسبيل إلى إثبات الذات ونحت الكيان؟ قد يكون رحلة وجدانية ممتعة في ربوع الإنسان شكري ومودتي |
|||
07-01-2017, 12:57 AM | رقم المشاركة : 17 | |||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
سردية رائعة جدا بكل المقاييس
جعلت من المتلقي شاهد حضور بالقوة وبالفعل هي هذه الحياة التي شلتنا باستفزازها الدائم وكثيرا ما تنجح بحموضتها في محو ذاكرتنا همسة فقد لدي تحفظ بالنسبة للعنوان تمنتيه بالعربية وكذا بعض المفردات التي جاءت بلغتها كالميكرو اوند تقديري الجم لمبدعنا السي مصطفى الشاعرة ف. الزهراء شكري ـ هنا ـ مزدوج: مرورك البهي للمرة الثانية وترحيبك لأن اكون بفيحاء الفينيق... مقيما. وسعادتي بلا شواطئ لان نصي هذا اخذ منك ما أخذ..فباركته بكلماتك الرقيقة. ختاما وردا على همستك... اعلمي ان العنوان لا كفء له لغويا في اللغة العربية ولو أننا سنجد المقابل هو فقدان الذاكرة ...لكن للكلمة الأجنبية حمولة ووقع لا تمتلكه المفردة المركبة عربيا... معنى وبعد علمي .نفس الأمر بالنسبة لميكرو اوند...فلا مقابل لها عندنا.. هي ايضا فما علينا إلا هضمها والقبول بها ككلمة جديدة في قاموسنا دون خلفية او مركب نقص... تحيتي واحترامي الكبير |
|||
07-01-2017, 01:15 AM | رقم المشاركة : 18 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
سعيد انا بتواجد طيفك بين كلماتي إذ تخضبيها عطرا ببيانك وومحاسين بديعك. لتبقي متالقة معطاءة، ومبدعة خلاقة افقك مجرة من بديع الكلمات وهداك اقمار في دروب الشعر والقص. تحيتي سيدتي واحترامي |
||||
07-01-2017, 01:26 AM | رقم المشاركة : 19 | ||||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
اقتباس:
شكرا على مروركم الكريم وتحية ترقى بمقامكم ، واخرى تنويها بتدبيركم الحكيم هروبا من الجمود وانقطاع عروة التواصل بين ساكني فيحاء الفينق.... لم أرد حينها ...لأني ظننتها عدا دعوة ليس إلا ولكن قطعا للشك باليقين كانت كلماتي ذي..فتقبلها ... فما كانت إلا مؤجلة... احترامي وتقديري |
||||
07-01-2017, 03:47 AM | رقم المشاركة : 20 | |||
|
رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)
الصديق الكريم مصطفى
جميل أن نلتقي في هذا الفضاء الرحب لنكتب ذواتنا لنخط أحلامنا وآمالنا لنعتذر عن خيباتنا و أخطائنا والأجمل أن نقرأ بعضنا وان نتفاعل ونتواصل وانا عاشقة للكلمة والحرف بهما أرتاد العالم وأتحرر من الزمان والمكان بهما أنسى لذلك تجدني كما قلت في كل ركن كالفراشة أمتص رحيق النصوص أنهل من ينابيعها أنتشي بعبقها أطرب لشدوها وأنوح لأنينها في عالم اللغة أغوص وهناك أمكث ولا أبارح سرتني كلماتك اللطيفة مودتي |
|||
|
|
|