العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-11-2016, 10:20 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي أمنيزيا ـ (Amnésie)

[justify]
أمنيزيا (1) ـ (Amnésie)

صحا وتمطى، ثم هب من مرقده، وتيمم الحمام، يجر رجليه من وهن مجهول المصدر هدّ جسده هذه الأيام.
فرش أسنانه ، وتوضأ، وأسبغ، ثم صلى، والفجر يلفظ أنفاسه الأخيرة؛ ولما اتم تربع حيث صلى مطأطئ الرأس، مغمض العينين، يتلو بعض الأوراد في صمت عميق .
بعد لحظات ثقيلة قام ومشى على رؤوس أصابع رجليه الحافيتين ، حتى... لا يفطن لحراكه أحد... ودخل المطبخ.
على كرسي استوى قدّام مائدة طعام توسطت الأجواء بشكل مستفز؛ قد كان عليها عاصرة قهوة كهربائية، وفرن ميكرو أوند؛ من الأولى صب له كأسا، ومن الثاني أخرج هلالية محشوة ساخنة.
عالج الكاس بمكعب من السكر واحد .. لا غير ، وغطى الهلالية بغلالة مربى توت، ثم أخذ يحتسي، ويقضم ...
على مقربة منه كان "لابتوب" بالشاحن موصل ، فتحه ، ولما جهزت صفحة النيت أخذ يتصفح الصفحات الإليكترونية للجرائد والأسبوعيات... باحثا عن ما جد من الأخبار، وما تولد من جديد عن الأحداث السارية...
مأخوذا بالفضول ، تواقا لما جد ... وما حدث في المتغيرات من نفط ، وأسعار عملات ، وحتى الأحوال الجوية للبلد... سهم ـ إذا ـ وهام بين المواقع ، تقوده الروابط، والأيقونات حتى انفتحت أمامه صفحة الجزيرة ( مباشر). قبل أن تستقيم صورتها أمامه زرع سماعتين في أذنيه، ثم شابك يديه وراء رأسه مستندا عاتق الكرسي مادّا رجليه مدّا ليكون استواؤه أمثل، وجعل يتابع الأخبار الصباحية للسادسة وبين حين وآخر يستغل لحظات ما بين الفقرات ليمسح خلالها الشريط الأخباري الأحمر المتحرك أسفل الشاشة .
وعودةً مما استغرقه أحس بقلبه منقبضاً ، ونفسه مضطربا ، و غمامة حزن أسود بمساحة بدنه تتمدد داخله ، تأفف ، وتأفف لعله يدرأ عنه بسْطتها ، لكنها تحدت صدّه وأناخت بكلْكلها على صدره ، فتعكر المزاج الصباحي الرائق، وفتر النشاط الدافق.
قد أضحت نمطية الأحداث، والإخبار عنها، وصورها المدعمة لها تثير عنده ـ يوميا ـ غثيانا واضطرابا نفسيا ، أما شريط الجزيرة الأحمر فصار عنده مرادف دمار ودخان متعال، وأشلاء مموهة رفقا بمن تبقى من أصحاب القلوب الهشة ؛ ووقر في قراره أن الحضارة مسخ كشف عن سماجته وتبدى عهره جليا ...وأن ابن الإنسان ما بارح قيد أنملة غابه... كما يبدو له، وأن الأمس واليوم سيان عدا أن الأنياب صارت صواريخ والأذرع الباطشات راجمات و قاصفات جوية ، و ذين المخاتلة والمكر باتا اصطلاحا (بوليتيك) تعشعش بين الفنون والأدب ...
كم...ودّ أن يغير من هذه الفظاعة !
كم تمنى لو بإمكانه أن يرسم البسمات على الوجوه العابسة، ويبلسم بإكسير ما... ذي الجراح الغائرة، ويلأم الوشائج المتصدعة ! ..لكن، وجد نفسه أوهن من خيط عنكبوت بل، اضعف من نسمة ريح تموج وتهز بعنفوانها صفحة غدير..فلاذ بالصمت ...
حفاظا على توازنه النفسي ، وخروجا من دوامة جلد الذات وشجون الحسرة غادر صفحة الأخبار بأنواعها واستقر على موقع " التويتر" حيث غرد بتلقائية :
" الحياة مأساة...تكون أكثر درامية إن كنت تتفاعل معها، ولا تجرأ ، أو تقدر على تغيير وجهة الأحداث صوب منحى يضمن للجميع فسحة ملهاة..."
تأمل التغريدة وأعاد قراءتها أكثر من مرة ولما تيقن ان فيها شيئا منه بل ندفة من كآبته ومخيض انفعالاته، عرج على الفايس بوك حيث وزع شيئا من المحبة والإعجاب وتقاسم آراء وصورا، ورد على المسنجرات ثم اغلق اللابتوب، وقام بهدوء تام حتى يفك برفق تشنج عضلاته وأربطة مفاصله المنخورة بالروماتزم والعطالة.
وكأنه منوم، أو اوتوماتْ... لم يستوعب انى وكيف لبس ملابس خروجه ، وربط ربطة عنقه، وانحنى ليزيل بمحرمة ورقية بعض ملامح غبار من على وجه حذائه ثم ينتبه ليجد زوجته تتابع حركاته وسكناته باستغراب واهتمام وتسأله لما تيقنت من لمحه في بريق عينيها رزمة تساؤلات:
ـ إلى اين با عزيزي مبكرا؟
رد بفتور وهو يمرر مشطا ليسوي من عطالة شعره المنكوش امام المرآة:
ـ إلى العمل ... طبعا.
وكأن الجواب غير المنتظر منه هزها استغرابا فاستوت جالسة في مرقدها وقالت له بنبرة انكارية:
ـ أتمازحني؟ إنه الشؤم عينه عند الاصطباح بالهزل.
ضحك ضحكة في غمغمة ثم رد قائلا :
ـ إن اليوم ياعزيزتي الثامن من شتنبر، ولعله تاريخ مميز تمَيّز تواريخ أعياد ميلادنا...
نظرت إليه نظرة كئيبة، حاولت أن تحجب من حدتها بيديها ألمرتعشتين ثم ردت بصوت هامس:
كأني بك ازهمررت يا رجل... !
وجد ردها حامضا و مستفزا فاكتفى بأن اشاح عن وجهها في صمت لحظة وجدتها ـ هي ـ دهرا ثم اقبل عليها ليسألها في استغراب:
ماذا...؟ كيف لك أن تقولي ذلك ؟
ـ إنك يا عزيزي ـ بكل بساطة ـ قد تقاعدت... وحسم امرك فلا...شغل من تاريخه... !
لدى سماعه لجوابها أحس بحرارة تتولد في أعماقه، ما فتئت أن أخذت شحنة منها بمعظم رأسه ،ثم تحولت إلى دوخة خفيفة كاد أن يفقد على إثرها توازنه، بيد انه تماسك ،واسترد ـ ايضا ـ ذاكرته الشاردة معبّرا عن حلولها بضربة خفيفة على جبهته.
تهاوى جالسا على اريكة كانت وراءه وأخذ يفك بيد راعشة ربطة عنقه ..ولما استوى سكن وغفا في ثوان وما ...استيقظ .

1: فقدان الذاكرة


الكاتب : حدريوي مصطفى (العبدي)
البيضاء في 26/11/2016
[/justify]






  رد مع اقتباس
/
قديم 29-11-2016, 12:42 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نوال البردويل
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
فائزة بالمركز الثالث
مسابقة القصة القصيرة2018
عنقاء العام 2016
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
فلسطين

الصورة الرمزية نوال البردويل

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


نوال البردويل غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

أسلوب قصصي وسرد جميل جداً
استمتعت بالقراءة وما ورد من أحداث مست
واقعنا إلى أبعد مدى وما يكتنفه من ملل وروتين
وتكرار أفقدنا التركيز لتشابه الأحداث
حتى وكأننا نعيش اليوم والأمس والغد في يوم واحد
أهلاً بك أ. حدريوي مصطفى بيننا
وبأول مشاركة لك معنا في الفينيق
تحياتي وتقديري

......
ولا تجرأ: أعتقد تجرؤ






  رد مع اقتباس
/
قديم 29-11-2016, 01:43 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عبدالرحيم التدلاوي
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
يحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


عبدالرحيم التدلاوي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

لا أملك إلا أن أصفق لهذا النص المتميز لغة وسردا وموضوعا..
قرأته منبهرا.
مرحبا بك هنا وهناك.
مودتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 30-11-2016, 01:25 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل مشاهدة المشاركة
أسلوب قصصي وسرد جميل جداً
استمتعت بالقراءة وما ورد من أحداث مست
واقعنا إلى أبعد مدى وما يكتنفه من ملل وروتين
وتكرار أفقدنا التركيز لتشابه الأحداث
حتى وكأننا نعيش اليوم والأمس والغد في يوم واحد
أهلاً بك أ. حدريوي مصطفى بيننا
وبأول مشاركة لك معنا في الفينيق
تحياتي وتقديري

......
ولا تجرأ: أعتقد تجرؤ
أنا سعيد ـ سيدتي ـ بمرورك وأسعد لأني نجحت في أن آخذ شيئا من اهتمامك واستطعت اثارة استمتاعك...
اعتقادك في يجرؤ اعتقاد ثابت لا لبس فيه فتجرؤ همزتها على الواو لا كما كتبت في القصة وفقا للقاعدة المعروفة
أخيرا تقبلي مني بفائق الاحترام والشكر






  رد مع اقتباس
/
قديم 30-11-2016, 01:30 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحيم التدلاوي مشاهدة المشاركة
لا أملك إلا أن أصفق لهذا النص المتميز لغة وسردا وموضوعا..
قرأته منبهرا.
مرحبا بك هنا وهناك.
مودتي
الأديب التدلاولي
أنا ممتن لك بمرورك...وسعيد بأن تباركني كلماتك...وأنال شيئا من تقديرك...فشكرا لك وليوفقك الله
تحياتي ووافر ودادي






  رد مع اقتباس
/
قديم 30-11-2016, 01:49 AM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نوال البردويل
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
فائزة بالمركز الثالث
مسابقة القصة القصيرة2018
عنقاء العام 2016
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
فلسطين

الصورة الرمزية نوال البردويل

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


نوال البردويل غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حدريوي مصطفى مشاهدة المشاركة
أنا سعيد ـ سيدتي ـ بمرورك وأسعد لأني نجحت في أن آخذ شيئا من اهتمامك واستطعت اثارة استمتاعك...
اعتقادك في يجرؤ اعتقاد ثابت لا لبس فيه فتجرؤ همزتها على الواو لا كما كتبت في القصة وفقا للقاعدة المعروفة
أخيرا تقبلي مني بفائق الاحترام والشكر
ألف شكر أ. حدريوي مصطفى وأهلاً بك
في انتظار إبداعاتك
احترامي






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-12-2016, 12:06 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


فاطمة الزهراء العلوي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

مرحبا ا بالاستاذ الرائع السي مصطفى
هذا نهار كبير اخويا
وثم إنه لي وقفة أخرى مع النص في قراءة ثانية بحول الله
أرحب بك وقد لاحظت حضورك اليوم فقط ووجب الترحيب
الفينيق يتشرف بك السي مصطفى
مرحبا خويا






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 05-12-2016, 12:43 AM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
فوزي بيترو
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الأردن

الصورة الرمزية فوزي بيترو

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


فوزي بيترو غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

منذ فترة طويلة لم أعبر ميدان القصة القصيرة
وقد كان دخولي اليوم هدية لي مع هذا النص البديع " امنيزيا "
أجمل تحية لكم أخي حدريوي
فوزي بيترو






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-12-2016, 03:25 AM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


زياد السعودي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

سلام الله
وتحية ترقى لبياض أرواحكم
نرى فيما يراه الحريص على جدوى العلاقة التشاركية
ان نرشح لكم هذا المنجز :

http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=66822

تعقيبكم اثراء

كل الود






  رد مع اقتباس
/
قديم 06-12-2016, 09:38 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
مرحبا ا بالاستاذ الرائع السي مصطفى
هذا نهار كبير اخويا
وثم إنه لي وقفة أخرى مع النص في قراءة ثانية بحول الله
أرحب بك وقد لاحظت حضورك اليوم فقط ووجب الترحيب
الفينيق يتشرف بك السي مصطفى
مرحبا خويا
شكرا شاعرتنا المبدعة على الترحيب والمرور الطيب...أرجو ان أكون عند حسن الظن وجديرا بهذه الحفاوة
تحيتي وموفور ودادي






  رد مع اقتباس
/
قديم 06-12-2016, 09:44 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فوزي بيترو مشاهدة المشاركة
منذ فترة طويلة لم أعبر ميدان القصة القصيرة
وقد كان دخولي اليوم هدية لي مع هذا النص البديع " امنيزيا "
أجمل تحية لكم أخي حدريوي
فوزي بيترو
الأديب فوزي بيترو...أن جد سعيد باني اتيت بك من هناك إلى المدينة الحالمة...واسعد إذ وجدت نصي هذا بديعا...أرجو أن أكون جديرا بهذا واتمنى أن لا أخذل المدينة الحالمة بتواجدك.
تقبل خالص ودي واحترامي






  رد مع اقتباس
/
قديم 06-12-2016, 09:47 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
عبير هلال
عضو أكاديميّة الفينيق
الأميرة
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية عبير هلال

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


عبير هلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

أولاً أرحب بك هنا ..

ثانياً أكرر اعجابي بنصك الرائع..

أنتظر جديدك


روض تقدير









  رد مع اقتباس
/
قديم 07-12-2016, 12:10 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


فاطمة الزهراء العلوي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حدريوي مصطفى مشاهدة المشاركة
[justify]
أمنيزيا (1) ـ (amnésie)

صحا وتمطى، ثم هب من مرقده، وتيمم الحمام، يجر رجليه من وهن مجهول المصدر هدّ جسده هذه الأيام.
فرش أسنانه ، وتوضأ، وأسبغ، ثم صلى، والفجر يلفظ أنفاسه الأخيرة؛ ولما اتم تربع حيث صلى مطأطئ الرأس، مغمض العينين، يتلو بعض الأوراد في صمت عميق .
بعد لحظات ثقيلة قام ومشى على رؤوس أصابع رجليه الحافيتين ، حتى... لا يفطن لحراكه أحد... ودخل المطبخ.
على كرسي استوى قدّام مائدة طعام توسطت الأجواء بشكل مستفز؛ قد كان عليها عاصرة قهوة كهربائية، وفرن ميكرو أوند؛ من الأولى صب له كأسا، ومن الثاني أخرج هلالية محشوة ساخنة.
عالج الكاس بمكعب من السكر واحد .. لا غير ، وغطى الهلالية بغلالة مربى توت، ثم أخذ يحتسي، ويقضم ...
على مقربة منه كان "لابتوب" بالشاحن موصل ، فتحه ، ولما جهزت صفحة النيت أخذ يتصفح الصفحات الإليكترونية للجرائد والأسبوعيات... باحثا عن ما جد من الأخبار، وما تولد من جديد عن الأحداث السارية...
مأخوذا بالفضول ، تواقا لما جد ... وما حدث في المتغيرات من نفط ، وأسعار عملات ، وحتى الأحوال الجوية للبلد... سهم ـ إذا ـ وهام بين المواقع ، تقوده الروابط، والأيقونات حتى انفتحت أمامه صفحة الجزيرة ( مباشر). قبل أن تستقيم صورتها أمامه زرع سماعتين في أذنيه، ثم شابك يديه وراء رأسه مستندا عاتق الكرسي مادّا رجليه مدّا ليكون استواؤه أمثل، وجعل يتابع الأخبار الصباحية للسادسة وبين حين وآخر يستغل لحظات ما بين الفقرات ليمسح خلالها الشريط الأخباري الأحمر المتحرك أسفل الشاشة .
وعودةً مما استغرقه أحس بقلبه منقبضاً ، ونفسه مضطربا ، و غمامة حزن أسود بمساحة بدنه تتمدد داخله ، تأفف ، وتأفف لعله يدرأ عنه بسْطتها ، لكنها تحدت صدّه وأناخت بكلْكلها على صدره ، فتعكر المزاج الصباحي الرائق، وفتر النشاط الدافق.
قد أضحت نمطية الأحداث، والإخبار عنها، وصورها المدعمة لها تثير عنده ـ يوميا ـ غثيانا واضطرابا نفسيا ، أما شريط الجزيرة الأحمر فصار عنده مرادف دمار ودخان متعال، وأشلاء مموهة رفقا بمن تبقى من أصحاب القلوب الهشة ؛ ووقر في قراره أن الحضارة مسخ كشف عن سماجته وتبدى عهره جليا ...وأن ابن الإنسان ما بارح قيد أنملة غابه... كما يبدو له، وأن الأمس واليوم سيان عدا أن الأنياب صارت صواريخ والأذرع الباطشات راجمات و قاصفات جوية ، و ذين المخاتلة والمكر باتا اصطلاحا (بوليتيك) تعشعش بين الفنون والأدب ...
كم...ودّ أن يغير من هذه الفظاعة !
كم تمنى لو بإمكانه أن يرسم البسمات على الوجوه العابسة، ويبلسم بإكسير ما... ذي الجراح الغائرة، ويلأم الوشائج المتصدعة ! ..لكن، وجد نفسه أوهن من خيط عنكبوت بل، اضعف من نسمة ريح تموج وتهز بعنفوانها صفحة غدير..فلاذ بالصمت ...
حفاظا على توازنه النفسي ، وخروجا من دوامة جلد الذات وشجون الحسرة غادر صفحة الأخبار بأنواعها واستقر على موقع " التويتر" حيث غرد بتلقائية :
" الحياة مأساة...تكون أكثر درامية إن كنت تتفاعل معها، ولا تجرأ ، أو تقدر على تغيير وجهة الأحداث صوب منحى يضمن للجميع فسحة ملهاة..."
تأمل التغريدة وأعاد قراءتها أكثر من مرة ولما تيقن ان فيها شيئا منه بل ندفة من كآبته ومخيض انفعالاته، عرج على الفايس بوك حيث وزع شيئا من المحبة والإعجاب وتقاسم آراء وصورا، ورد على المسنجرات ثم اغلق اللابتوب، وقام بهدوء تام حتى يفك برفق تشنج عضلاته وأربطة مفاصله المنخورة بالروماتزم والعطالة.
وكأنه منوم، أو اوتوماتْ... لم يستوعب انى وكيف لبس ملابس خروجه ، وربط ربطة عنقه، وانحنى ليزيل بمحرمة ورقية بعض ملامح غبار من على وجه حذائه ثم ينتبه ليجد زوجته تتابع حركاته وسكناته باستغراب واهتمام وتسأله لما تيقنت من لمحه في بريق عينيها رزمة تساؤلات:
ـ إلى اين با عزيزي مبكرا؟
رد بفتور وهو يمرر مشطا ليسوي من عطالة شعره المنكوش امام المرآة:
ـ إلى العمل ... طبعا.
وكأن الجواب غير المنتظر منه هزها استغرابا فاستوت جالسة في مرقدها وقالت له بنبرة انكارية:
ـ أتمازحني؟ إنه الشؤم عينه عند الاصطباح بالهزل.
ضحك ضحكة في غمغمة ثم رد قائلا :
ـ إن اليوم ياعزيزتي الثامن من شتنبر، ولعله تاريخ مميز تمَيّز تواريخ أعياد ميلادنا...
نظرت إليه نظرة كئيبة، حاولت أن تحجب من حدتها بيديها ألمرتعشتين ثم ردت بصوت هامس:
كأني بك ازهمررت يا رجل... !
وجد ردها حامضا و مستفزا فاكتفى بأن اشاح عن وجهها في صمت لحظة وجدتها ـ هي ـ دهرا ثم اقبل عليها ليسألها في استغراب:
ماذا...؟ كيف لك أن تقولي ذلك ؟
ـ إنك يا عزيزي ـ بكل بساطة ـ قد تقاعدت... وحسم امرك فلا...شغل من تاريخه... !
لدى سماعه لجوابها أحس بحرارة تتولد في أعماقه، ما فتئت أن أخذت شحنة منها بمعظم رأسه ،ثم تحولت إلى دوخة خفيفة كاد أن يفقد على إثرها توازنه، بيد انه تماسك ،واسترد ـ ايضا ـ ذاكرته الشاردة معبّرا عن حلولها بضربة خفيفة على جبهته.
تهاوى جالسا على اريكة كانت وراءه وأخذ يفك بيد راعشة ربطة عنقه ..ولما استوى سكن وغفا في ثوان وما ...استيقظ .

1: فقدان الذاكرة


الكاتب : حدريوي مصطفى (العبدي)
البيضاء في 26/11/2016
[/justify]
سردية رائعة جدا بكل المقاييس
جعلت من المتلقي شاهد حضور بالقوة وبالفعل
هي هذه الحياة التي شلتنا باستفزازها الدائم
وكثيرا ما تنجح بحموضتها في محو ذاكرتنا

همسة
فقد لدي تحفظ بالنسبة للعنوان
تمنتيه بالعربية
وكذا بعض المفردات التي جاءت بلغتها كالميكرو اوند

تقديري الجم لمبدعنا السي مصطفى






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 26-12-2016, 10:47 AM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عوض بديوي مشاهدة المشاركة
ســـلام الله وود ،
للترحيب بكم :
نص من درر الحكي ؛
توافر فيه أدوات القص الجميل ؛
راقني النص بناءا ومضمونا...
بناء طيب ورسالة محترمة
وقد أعود لتفصيل أكثر...
بورك المداد
مودتي و محبتي
الأستاذ عوض بديوي لتكن أيامك سعدا ويمنا..
شكرا على المرور البهي...والثناء...الضافي...
تحيتي وموفور احترامي وتقديري






  رد مع اقتباس
/
قديم 26-12-2016, 10:51 AM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير هلال مشاهدة المشاركة
أولاً أرحب بك هنا ..

ثانياً أكرر اعجابي بنصك الرائع..

أنتظر جديدك


روض تقدير



الأديبة عبير هلال أنا ممتن لتواجدك مرة اخرى في رحاب كلماتي، وسعيد ان عبيرك تحدى الآفاق فكان هنا وهناك...
تحيتي ـ أخيرا ـ وموفور احترامي وتقديري






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-01-2017, 05:49 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
رشيدة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق/ تونس
تونس

الصورة الرمزية رشيدة الفارسي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


رشيدة الفارسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

نص ممتع موغل في أعماق الذات الإنسانية
يستكنهها يستجلي خفاياها
يترصد مواطن القوة والضعف فيها
يتوقف عند لحظات شعورية متنوعة
قد تمر بها كالضجر والخيبة والأمل
لنصل في النهاية إلى حالة من العطالة
والعقم والفراغ
هل هي طبيعة الإنسان التي ترفض السكون
وتأبى الخواء؟
هل هو إيمان الإنسان بالعمل كسبيل إلى إثبات
الذات ونحت الكيان؟
قد يكون
رحلة وجدانية ممتعة في ربوع الإنسان
شكري ومودتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 07-01-2017, 12:57 AM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

سردية رائعة جدا بكل المقاييس
جعلت من المتلقي شاهد حضور بالقوة وبالفعل
هي هذه الحياة التي شلتنا باستفزازها الدائم
وكثيرا ما تنجح بحموضتها في محو ذاكرتنا

همسة
فقد لدي تحفظ بالنسبة للعنوان
تمنتيه بالعربية
وكذا بعض المفردات التي جاءت بلغتها كالميكرو اوند

تقديري الجم لمبدعنا السي مصطفى
الشاعرة ف. الزهراء شكري ـ هنا ـ مزدوج: مرورك البهي للمرة الثانية وترحيبك لأن اكون بفيحاء الفينيق... مقيما.
وسعادتي بلا شواطئ لان نصي هذا اخذ منك ما أخذ..فباركته بكلماتك الرقيقة.
ختاما وردا على همستك...
اعلمي ان العنوان لا كفء له لغويا في اللغة العربية ولو أننا سنجد المقابل هو فقدان الذاكرة ...لكن للكلمة الأجنبية حمولة ووقع لا تمتلكه المفردة المركبة عربيا... معنى وبعد علمي .نفس الأمر بالنسبة لميكرو اوند...فلا مقابل لها عندنا.. هي ايضا فما علينا إلا هضمها والقبول بها ككلمة جديدة في قاموسنا دون خلفية او مركب نقص...
تحيتي واحترامي الكبير






  رد مع اقتباس
/
قديم 07-01-2017, 01:15 AM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيدة عبد السلام الفارسي مشاهدة المشاركة
نص ممتع موغل في أعماق الذات الإنسانية
يستكنهها يستجلي خفاياها
يترصد مواطن القوة والضعف فيها
يتوقف عند لحظات شعورية متنوعة
قد تمر بها كالضجر والخيبة والأمل
لنصل في النهاية إلى حالة من العطالة
والعقم والفراغ
هل هي طبيعة الإنسان التي ترفض السكون
وتأبى الخواء؟
هل هو إيمان الإنسان بالعمل كسبيل إلى إثبات
الذات ونحت الكيان؟
قد يكون
رحلة وجدانية ممتعة في ربوع الإنسان
شكري ومودتي
أجدك كفراشة ملأى حيوية ونشاط ، تتنقلين هنا وهناك و تلامسين بسحر كلماتك ذا النص وذا النص ! فتبعثين في موات الكلمات روحا وتستنهضي الإلهام عله يسيح تدفقا...وأكثر إن قلت ان الفينيق نض جناحيه وذر الرماد في الأفاق نشورا إن هزه حفيف جناحيك الجميلتين ...
سعيد انا بتواجد طيفك بين كلماتي إذ تخضبيها عطرا ببيانك وومحاسين بديعك.
لتبقي متالقة معطاءة، ومبدعة خلاقة افقك مجرة من بديع الكلمات وهداك اقمار في دروب الشعر والقص.
تحيتي سيدتي واحترامي






  رد مع اقتباس
/
قديم 07-01-2017, 01:26 AM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
حدريوي مصطفى
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


حدريوي مصطفى غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد السعودي مشاهدة المشاركة
سلام الله
وتحية ترقى لبياض أرواحكم
نرى فيما يراه الحريص على جدوى العلاقة التشاركية
ان نرشح لكم هذا المنجز :

http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=66822

تعقيبكم اثراء

كل الود
الأ ديب زياد السعودي مساؤك يمن ونهارك سعد.
شكرا على مروركم الكريم وتحية ترقى بمقامكم ، واخرى تنويها بتدبيركم الحكيم هروبا من الجمود وانقطاع عروة التواصل بين ساكني فيحاء الفينق....
لم أرد حينها ...لأني ظننتها عدا دعوة ليس إلا ولكن قطعا للشك باليقين كانت كلماتي ذي..فتقبلها ... فما كانت إلا مؤجلة...
احترامي وتقديري






  رد مع اقتباس
/
قديم 07-01-2017, 03:47 AM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
رشيدة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق/ تونس
تونس

الصورة الرمزية رشيدة الفارسي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


رشيدة الفارسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أمنيزيا ـ (Amnésie)

الصديق الكريم مصطفى
جميل أن نلتقي في هذا الفضاء الرحب
لنكتب ذواتنا
لنخط أحلامنا وآمالنا
لنعتذر عن خيباتنا و أخطائنا
والأجمل أن نقرأ بعضنا
وان نتفاعل
ونتواصل
وانا عاشقة للكلمة والحرف
بهما أرتاد العالم
وأتحرر من الزمان والمكان
بهما أنسى
لذلك تجدني كما قلت في كل ركن كالفراشة
أمتص رحيق النصوص
أنهل من ينابيعها
أنتشي بعبقها
أطرب لشدوها
وأنوح لأنينها
في عالم اللغة أغوص
وهناك أمكث
ولا أبارح

سرتني كلماتك اللطيفة
مودتي






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:08 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط