صلعةٌ وزكامٌ وصقيع!٠٠

[محمد طرزان العيق]

صلعةٌ وزكامٌ وصقيع!٠٠
********************************
اليوم هو الأحد ورغمَ أنَّه يوم إجازةٍ طبيعية ، ولا ضيرَ /بالطبعِ/ في ذلك !، رغم أنَّ يومَ الإجازةِ عادَةً ما يمضي /بالنسبة لي/ كيوم عملٍ إعتيادي ، بل وربَّما أكون -وهذا على الأغلب - مشغولاَ فيه أكثر ،وبما لا يُقاسْ، من الأيام العاديّة ولكن ما ضايَقَتني حقَّاً هو الإجازةُ الإجبارية ، التي فُرِضتْ عليَّ!٠٠
ليس لي جَلَدٌ على الإقتِعادْ في المنزل ، وأنا الذي لا أعْجزُ عن إختلاقِ ألف مُبرِّرْ ومُبرِّرْ كي أغادِرَ البيت- بالطبع إنْ لم يكنْ هناكْ ما أُنْجزه فيه فأنا بطبعي أكره الخمول ولا أطيقُ الكسل٠٠٠
داهمَني الزكامُ وهاجمَتْ المدينةَ موجةُ بَردٍ قارص، فَسُدَّتْ كلُّ الأبوابِ في وجهي وأُسقطَ بيَدي فإستسلمتُ تحت ضغط هذه الإجازة المزدَوَجة[الطبيعية والقسْرية] ٠٠وإنِّي لأخمِّنُ ،بل وأكادُ أصلُ الى يقينٍ لا يُداخلهُ شكٌّ من خلفٍ أو أمامْ ، بأن هناك تحالُفٌ شريرٌّ ومؤامرةٌ بين موْجةِ الصَّقيع المفاجئة من جهة ،وبين أسرابِ الفيروسات المتعطِّشة لجسدٍ يستضيفُها ، فإختارتني أنا تَحديداً ، ولماذا أنا بالذَّات؟!٠٠ كي تجبراني على كَسرِ القاعدة فألزمَ المنزِل وليس هذا فحسب وإنما أرغمتاني أن أسكُنَ إلى فراشِي صاغراً!٠٠٠
لقد هَطلتْ البارحةَ على العاصمة ثلوجٌ كثيفة وإستمرَّت في الهطولِ أيضاً صباحَ هذا اليوم فغطَّت المدينة ومعالمَها برداءٍ أبيضَ ، وأكثرُ نصاعةً من بياضِ رأسي الذي قد غزاه الشَّيبُ منذ زمنٍ ليس بالقريب ويتصارَعُ مع تصحُّرٍ في فَروة الرأس٠٠٠٠تحالفَ الشيبُ المتنامِي مع إكتثاثِ الشَعْر وتساقطه فكشفا عن صلعةٍ غريبةَ الأطوارِ تظهرُ حيناً وتختفي أحيانا٠٠ويعودُ ذلك إلى مكان النظرِ إلى هَامَتي ، فإن كانَتْ الهامَةُ مرفوعةً فمن العسيرِ على النَّاظِرِ رؤيةَ صَلْعَتي البهيَّة ، وأما إذا كانَ ينظرُ إليَّ منْ عَلٍ أي بنظرةٍ فوقِيَّة٠٠٠فياويلتَي ; حينها تنكشفُ له صحراءُ صلعتي عاريَة ، ناعمةً ولامعة!٠٠ ولا يُفهمنَّ من كلامي - حاشا لله -هذا بأنِّي مُنزعجٌ من صَلْعتي الغاليّة والعزيزة على قلبي٠٠٠و مَن إعتقَدَ غيرَ هذا فهو واهمٌ وعلى خَطَلْ!٠٠٠
صلعتي هذه إنتظرتُها قرابةَ ستينَ عاما ولها عليَّ فضائِلُ كبيرة ، لا ينكرها إلَّا جاحدٌ وناكرٌ للجميلْ ، فلقد أراحتني في أمور كثيرة !٠٠٠٠
ففي المقام الأوَّلِ أسقطتْ عنِّي واجبَ إقتناءِ المشطِ وبالتالي وبداهةً أراحتني من عناء التمشيط٠٠٠ وللتمشيط هنا مَعنَيانِ ;الأوَّلُ وهو ترتيبُ الشعر وتنسيقه وهو عندي/ بفضلٍ من الله / شبهُ معدومْ ،كما أخبرتُكم والثاني هو بمعنى التفتيش والبحث كأنْ يُقالُ فلان مشَّطَ المنطقة العَلَّانية أي أنَّه قام بتفتيشها تفتيشاً دقيقاً وتيقَّن من خلوِّها عمَّا يبحثُ عنها ويحضرُني هنا مثالُ تمشيط المنطقة من الألغامِ مثلاً وأنا وبحمد الله فإنَّ المنطقةُ عندي قاحلة كالرُّبْع الخالي ولو مشَّطوها فلن يجدوا فيها أثرَ حتَّى قملَةٍ واحدة ، وعلى هذا فلقد إرتحتُ من المشط وإقتنائه ، عدا عن تخلُّصي -أيَّامَ كانَ عِندي شَعَرْ-[والله يرحم أيَّام زمانْ] من مُعضلةٍ كبيرة ودائِمة ، كنتُ خلالها أقفُ مُتسمِّراً وحائراً أمامَ المرآة ٠٠٠ ألَا وهي إلى أين أَفرِقُ شَعري أَإلى اليمينِ أم إلى اليَسارْ ، فلقد كنتُ يساريَّ الفكر والميول والإتجاه ولكنَّه كانت ،من فينةٍ إلى أُخرى، تهبُّ عليَّ نسائمَ يَمينيَّة ، نتيجة جذوري الدينيَّة الكامنة أو النَّائمة-حسب تعابير عصرنا الحالي-وهكذا فكنت أحتارُ إلى أيِّ الجهتين أفْرِقُه وكثيراً ما كنتُ أستعينُ بخبراتِ زوْجتي وأستأنِسُ برأيِها ، ثم أعْملُ ،بعدَ أنْ أُغافِلَها، عكسَ ما أشارَتْ عليَّ بهِ ،إعتقاداً منِّي بأنَّها كانتْ تختارُ الوِجهَةَ التي يمكنُ أن تنفِّرَ بناتَ حواء مِنِّي وتبعِدُهم عنِّي٠٠٠ ومع الزمن أدركتُ أن هناك علاقةٌ خفيِّة بين تَعسُّر أمُورِي أو تيَّسُرها وبينَ اتجاهِ مفرق الشعر ،فإن كانَ الفُرقُ متجِّهاً إلى اليمين تتيسَّر أموري وتجري دونَ صعوباتٍ أو عراقيل وبالمقابل ،إنْ كانَ الفُرقُ متجِّهاً إلى اليسار فلا سبيلَ إلى إنجاز أيَ عَملْ ، لكنِّي أستدركُ فأقولُ أنَّه يحدثُ أحياناً ، إمَّا بفعل الإهمال والنسيان أو بفعلِ ريحٍ هوجاء ، أنْ يكونَ شَعري مبعثراً في كلِّ الإتجاهات فأخفِقُ عندها في تعليل وتفسير مسارَ ما أنجزتُه في هذا اليوم بِيُسرٍ أوبِعُسرْ!٠٠لذا أرجِّح أنَّ الإيمانَ بوجود علاقة بين التوفيق منْ عَدمِهِ وإتِّجاه الفُرُقْ إنَّما كان لتبرير الفشل أو كانَ هذا مجرَّدُ شطَحَاتِ خيالٍ أدرَكهُ بَعضُ الخَرفْ!٠٠
وفي المقام الثاني فلقد منحتني صَلعتي المُتناميَّة مُسحةً من علامات النباهة والذكاء ، فالكثير من بني البشر- ربَّما كي يبرِّروا منظر الصلعة- وبخاصَّة في حالات الصلَعِ المبَكِّر لدى كثير من الشباب ، بفعل الجينات التى جَنَى بها آباؤهم عليهم ، يعتقدونَ بأنَّ هناكَ علاقةً تناسبيَّةٍ طرديَّة بين الصَّلعةِ و بين الذكاء ،فكلما إتَّسَعتْ رقعةُ الصَّلعة زادَ مقدارُ النبَاهَة والحِكْمَة عندَ حَامِلها ، ورغم أنِّي فَرحٌ بصَلعتي ،التي تَهِبُني بعض الوَقارْ و سِمَة الذَكاءْ ، إلَّا أنَّني أعترضُ على هذه المقولة ، فلو كانَ ذاكَ صحيحٌ فما عَسانا نقولُ لغالبية جِنسْ حواء ،اللواتي يغطِّي رؤسهنَّ شَعْرٌ وفير؟!٠ هل هنَّ -لا سمح الله- بلا ذكاء ، بالطبع لا وألف لا٠٠٠ فلو كان الأمر كذلك لكانتْ الدُّنيَا في غير حال٠٠٠٠ وأعتقد أنَّ مَنْ نشَر هكذا أفكار لديه نوايا سيئة تجاه نِصفِنا النَّاعم من ناحية ولإرضاء غروره الذكوري من ناحية ثانية وكذلك لتبرير داء الصلَعْ ، الذي يصيب الذكور حصراً ونادراً ما يتِّمُ عند النساء ، وعلى كلِّ حال فلقد أصبحتُ الصَّلعَةُ موضةً ، بلْ ويلجأ كثيرٌ من الشباب وحتى بعض الفتيات الى حلْقِ رؤسهم على الصِّفر!٠٠٠
وفي المقام الثالث فإن الصَّلعة قدْ تفيدُ بتفَادي حوادث الدَّهسِ والدعس وبخاصةٍ في ظلامِ الليّلِ الحَالك ، حيث تعكس الصلعَةُ أضواءَ السيَّارات وتلمعُ برَّاقة أمامَ أعيُنِ السائقين فتَقِيهم من الإصطدام بهم!٠٠٠
وبعدُ فهذه بعض فوائد الصلعة وهنيئاً لكلِّ من يحملُها عنقُه فوق أكتَافِه٠٠٠
وكما يُقال ; ''عسى أنْ تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكمْ '' فلقد أجبَرَني الزكامُ والصقيعُ أن أقْتعِدَ البيتَ وتحت ظروفٍ شبيهة بالإقامة الجبْرية وبالتالي قمتُ بكتابة هذا الموضوع الشيِّق جداً ،الذي كدتُ أهلَكُ من شدَّة الضَّجرِ والمَللِ خلال كتابته ولذا إسارعُ بإلقائه في وجوهكم كي تشاركُونِي بعضَ الضَّجَر٠٠٠ألستم لِي أصدقاء وأخوة في السَرَّاء والضَرَّاء ؟!٠٠٠
يمكنكم ألَّا تقرأوا الموضوع إلى النهاية ولكم الخيار في ذلك٠

د٠ محمد طرزان العيق
صوفيا / 26.10.2014

[نوال البردويل]

رائع هو التنقل بين جنائن حرفك
وما يحمل من سخرية محببة وممتعة للقارئ
ومن خلال تجوالنا جعلتنا نقتنع بأن ما كنا نعتبرها
نحن والكثير من الناس سلبيات هي في الحقيقة
إيجابيات بل هي مزية لصاحبها
جميل جداً أن نجعل الحياة وردية بابتسامة نرسمها
على شفاه غادرتها الابتسامة
كل التقدير د. محمد
وتحياتي

[محمد طرزان العيق]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل

رائع هو التنقل بين جنائن حرفك
وما يحمل من سخرية محببة وممتعة للقارئ
ومن خلال تجوالنا جعلتنا نقتنع بأن ما كنا نعتبرها
نحن والكثير من الناس سلبيات هي في الحقيقة
إيجابيات بل هي مزية لصاحبها
جميل جداً أن نجعل الحياة وردية بابتسامة نرسمها
على شفاه غادرتها الابتسامة
كل التقدير د. محمد
وتحياتي

أشكرك على جمل كلامك وإطرائك
ولقد أصبتِ حين ذكرتِ أن الهدف هو زرع الإبتسامة رغم غابة الأحزان والمآسي التي نعيشُ فيها٠٠٠
هو ذا قصدي وسأكون سعيداً ، إنْ وُفِّقتُ في ذلك٠
تحياتي أستاذة نوال

[خالداحمدمحمود]

هل حضرتك متأكد أنك محمد طرزان
أم طرزان محمد .............................. تقديرى

[محمد طرزان العيق]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالداحمدمحمود

هل حضرتك متأكد أنك محمد طرزان
أم طرزان محمد .............................. تقديرى

بل إنَّ إسمي هو محمد طرزان وقد حصل هذا عندما أطلق أبي إسم طرزان عليَّ تيمُّناً بإسم صديقٍ له وإيفاءً بوعدٍ له بذلك ، لكنَّ الأمرَ لم يعجب والدتي فأرضاها أبي بإضافة إسم محمد ، بحيث يسبق الإسم الغريب طرزان ويتقدَّمه ، وعليه فقد أصبح إسمي مُرَكَّباً كما يلي ; محمد طرزان وهكذا كان!٠
مع فائق تحياتي

[زياد السعودي]

سلام الله
وتحية ترقى لتليق

ها أنتم تثبتون حرصكم
على ادامة دورة الإبداع بأطرافها :
النّاص ... النص .. المتلقّي
من خلال توصلكم مع منجزكم
كل الود

[د انجي عبود]

نعم أخي

''عسى أنْ تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكمْ ''

راق لي هذا النص الصارخ

تقبل مروري

مع

ودي

ووردي

[محمد طرزان العيق]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد السعودي

سلام الله
وتحية ترقى لتليق

ها أنتم تثبتون حرصكم
على ادامة دورة الإبداع بأطرافها :
النّاص ... النص .. المتلقّي
من خلال توصلكم مع منجزكم
كل الود

وأنا بدوري أعتزُّ بشهادتكم عميدنا الغالي وكم يحتاج هاوٍ مثلي للدعم والتشجيع!٠٠
عاطر تحياتي وصادق مودتي لكم وللجميع

[محمد طرزان العيق]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د انجي عبود

نعم أخي

''عسى أنْ تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكمْ ''

راق لي هذا النص الصارخ

تقبل مروري

مع

ودي

ووردي

أسعدني مروركم العطر وزادت سعادتي ، إذ أعجبتكم خربشاتي وتهويماتي
تحياتي لكِ ولشعبِ مصرَ العظيم ، ولكِ منِّي باقةَ وردٍ جوري٠