العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-03-2015, 03:37 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
صـالـح اهضير
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


صـالـح اهضير غير متواجد حالياً


افتراضي العــــقــوبـــة


[justify]
- غدا بإذن الله استظهار لسورة " الأعلى"..
سرت رعدة قوية في أوصال "حميدة لقرع" بمجرد أن نطق "سي ميمون" بالعبارة..أدرك أن الغد بالنسبة اليه لامحالة سيكون كغيره مما مضى من الأيام السوداء..ومن يدري ربما يكون اشد وطأة وقساوة..؟
في لحظة من اللحظات راودته فكرة ،كانت لديه تحفظات بشأنها في السابق..لكنه اليوم ماعاد يتحمل تبعاتها..انتابه إثر ذلك احساس بالسكينة والانفراج ماذا لو أنه تغيب عن الحصة واختلق لنفسه أعذارا تدرأ عنه هول "الكارثة"..؟
وكما لو ان السيد الفقيه قد قرأ ما يجول في خاطره،قال على الفور وعصاه الغليظة لاتبرح قبضته :
- الحضور يا أولاد ضروري ومؤكد..وأي تغيب من أي كان سينال سوط عذاب بإذن الله..
تلقى "حميدة" الوعيد كما صفعة مدوية على محياه الكئيب فقال في نفسه ممتعضا " يا لك من رجل فض..!! "
استعاد في ذاكرته أول يوم قابل فيه والده "سي ميمون"..كان يبدو له نحيفا القوام محشوا في جلبابه الأسود ومحياه يشع صرامة وشراسة..
- سيدي الفقيه..هذا ابني أمانة بين يديك ..
- لا عليك..دعه وانصرف لحالك..والعصا لمن عصى بإذن الله..
أربكه الرد..تمنى لو أن أباه ابقاه لمساعدته في أعمال الأرض أو ممارسة أشغال حرفية مثل بعض شبان القرية..لكن هيهات فقد كان يعلق أماله على أن يصبح ابنه من حفظة القرآن الكريم..
كان "سي ميمون" كلما غادر الكتاب لبعض أغراضه العاجلة والملحة،فوض أمر حراسة التلاميذ لأكبرهم سنا وأقواهم بدنا،وبمجرد أن يتوارى عن الأنظار،تندفع الجموع على الرغم من ذلك صوب "حميدة لقرع" ممسدة رأسه وداعية بسخرية الى التبرك بما تبقى من شُعيْراته،وهي تتقاذف طاقيته في الهواء وضحكاتها تملأ ارجاء المكان جلجلة و صخبا كما لو أنها لعبة مجانية سيقت إليهم سوقا ..صياحهم يتعالى من هنا وهناك في فترات زمنية متفاوتة نابزين إياه بالألقاب : "حميدة لقرع..حميدة المجوط.."..يتضايق حميدة من هذه الإغارة الفجائية..ينهار متوسلا إياهم كعادته..لكنه يصطدم بأجساد معرضة وآذان صماء..
بعد عودة المدرس،تحال عليه قائمة بأسماء المشاغبين..يسقط حميدة من بينهم ضحية اتهامات باطلة لم يكن له فيها ناقة أوبعير..يطاله العقاب فتزداد نفسه تذمرا من هذه الكائنات المهرجة وهذا الفقيه الذي لايرحم،ناهيك عن هذا الحيز المكاني الخانق..
في ضحى اليوم الموعود،كانت الفرائص ترتعش كما ورقة في مهب الريح حتى بالنسبة للواثقين من إثقانهم لعملية الحفظ ،وزاد الجميع توترا وارتباكا أحوال الطقس الباردة في تلك الصبيحة..فكيف المآل وأغلب الظن أن العقوبة ستكون فيها أشد؟؟
كان "حميدة لقرع" يربض في الصفوف الخلفية وقد ألجمه صمت رهيب..تمنى لو تخلف عن الركب..هو يدرك أنه على يقين من عجزه التام عن الاستظهار بالشكل المطلوب وبلا تعثر ما دام يفتقد الى القدرة على الاستيعاب والحفظ ..فمكانه كما كان يرى هو غير الذي هو فيه اليوم..
شرع التلاميذ في استظهار السورة القرآنية المعلومة واحدا واحدا..وكان بديهيا أن يحظى المقصرون منهم بما تيسر من كرم وجود هراوة الفقيه.. وعندما جاء دور"حميدة لقرع"،تطلع إلى العصا متفحصا ومتسائلا قي سخط واستغراب:"ياله من رجل متزمت..العصا هي العصا ذاتها ..لم لا يعوضها بأنبوب مطاطي على غرار ما يجري في المدارس العصرية..؟؟"
أخذ يسرد جزءا من الآيات الاولى للسورة بصعوبة بالغة،أعاد الكرة مرات ومرات..لم يفلح ..كان عرضة للتلعثم والتردد ثم التوقف والوجوم في نهاية الأمر..
-أسرع يا ولد..مُدّ يدك يإذن الله..
قالها "سي ميمون" ملوحا بعصاه ورافعا إياها فوق قنة رأسه..تردد "حميدة لقرع" وهو يمرر راحتي كفيه على فخديه طلبا للتدفئة اعتقادا منه ربما أن ذلك سيخفف من ألم الضربات في هذه الاجواء الباردة..مَدّهُما في خنوع مرتبكا..أصابت الضربة الأولى الهدف..ثم الضربة الثانية فالثالثة..أما الرابعة فقد أخطأت مرماها وسمع لها صفير في الفراغ بعد أن سحب "حميدة" يده على حين غرة..
- تُضاعَف لك العقوبة بإذن الله..اُمْدُد يدك ..!!
هوى السيد الفقيه بكل قواه على اليد المبسوطة أمامه لترتطم بها عصاه في الصميم بضربة مدوية قفز على اثرها "حميدة" كما القُرَيْد قفزة مروعة يتلوى من الألم..جمد الدم في عروقه واحمرت وجنتاه ثم صاح في وجه المدرس بلا شعور :
- تفو..الله يلعن بوك بإذن الله..
قال ذلك ثم أطلق ساقيه للريح الى غير عودة...

[/justify][/color]






الصور المرفقة
نوع الملف: jpg AL 3O9OBA.JPG‏ (17.5 كيلوبايت, المشاهدات 0)
  رد مع اقتباس
/
قديم 31-03-2015, 06:53 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
صـالـح اهضير
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


صـالـح اهضير غير متواجد حالياً


افتراضي رد: العــــقــوبـــة

الأخ عوض بديوي
هي صورة لفقيه وتلاميذه...لم اتمكن من إدراجها..
وذا رابطها :


http://3.bp.blogspot.com/-4xf-2Nu9w4...600/abdou2.jpg






  رد مع اقتباس
/
قديم 31-03-2015, 08:25 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
بسباس عبدالرزاق
عضو أكاديميّة الفينيق
يجمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / أوراس
الجزائر

الصورة الرمزية بسباس عبدالرزاق

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


بسباس عبدالرزاق غير متواجد حالياً


افتراضي رد: العــــقــوبـــة

نص رائع بالفعل
كم تورمت أيادينا بذنوبهم هم
بل حتى البراءة لم تشفع لنا لديهم
و هذا طبعا قد يولد أمراضا نفسية للبعض من العزلة و فقدان الثقة بالنفس و أيضا إحباط و كره للعلم و للملعم و كثير من المظاهر التي نجني اليوم نارها

جيل بكامله تم تدميره بعصا واحدة
جيل بكامله تم اغتياله يوم دخل المدرسة أو الكتاب
و كأنهم لا يرون من أيات الله إلا ايات العقاب و أين هي آيات الرحمة بخلق الله

النص سار وفق تنام جميل للحدث
النهاية لم تخرج من إطارها الواقعي اليومي الذي دوما ينتهي بتمرد الطفل

هناك ومضة آلمتني بشدة و هي عن استبدال العصا بأنبوب بلاستيكي في المدارس الحديثة و هذا يثبت أننا حتى التطور نحسن بنيانه الظاهري فقط يعني حتى العصا تطورت لمادة حديثة بلاستيكية عوض نفيها تماما

جميل أن تكون هناك بعض الصرامة من المعلم و لكن ليس العنف و العقاب و عوض العقاب كان لابد أن تكون هناك لفظة التسامح حتى يتعلم الطالب معنى التسامح، و هذه ميزة مفتقدة اليوم

نص رائع حقيقة لأنه ضرب في العمق هناك في العمق

شكرا استاذي شكرا

تقديري استاذ صالح اهضير






  رد مع اقتباس
/
قديم 01-04-2015, 12:35 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
صـالـح اهضير
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


صـالـح اهضير غير متواجد حالياً


افتراضي رد: العــــقــوبـــة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بسباس عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
نص رائع بالفعل
كم تورمت أيادينا بذنوبهم هم
بل حتى البراءة لم تشفع لنا لديهم
و هذا طبعا قد يولد أمراضا نفسية للبعض من العزلة و فقدان الثقة بالنفس و أيضا إحباط و كره للعلم و للملعم و كثير من المظاهر التي نجني اليوم نارها

جيل بكامله تم تدميره بعصا واحدة
جيل بكامله تم اغتياله يوم دخل المدرسة أو الكتاب
و كأنهم لا يرون من أيات الله إلا ايات العقاب و أين هي آيات الرحمة بخلق الله

النص سار وفق تنام جميل للحدث
النهاية لم تخرج من إطارها الواقعي اليومي الذي دوما ينتهي بتمرد الطفل

هناك ومضة آلمتني بشدة و هي عن استبدال العصا بأنبوب بلاستيكي في المدارس الحديثة و هذا يثبت أننا حتى التطور نحسن بنيانه الظاهري فقط يعني حتى العصا تطورت لمادة حديثة بلاستيكية عوض نفيها تماما

جميل أن تكون هناك بعض الصرامة من المعلم و لكن ليس العنف و العقاب و عوض العقاب كان لابد أن تكون هناك لفظة التسامح حتى يتعلم الطالب معنى التسامح، و هذه ميزة مفتقدة اليوم

نص رائع حقيقة لأنه ضرب في العمق هناك في العمق

شكرا استاذي شكرا

تقديري استاذ صالح اهضير
*************************

الاستاذ بسباس عبدالرزاق

أحييك على هذا التحليل القيم لفكرة النص وسبر اغوار أبعاده الدلالية في عبارات وجيزة صيغت بمهارة وفنية..



***************************






  رد مع اقتباس
/
قديم 01-04-2015, 03:43 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
صـالـح اهضير
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


صـالـح اهضير غير متواجد حالياً


افتراضي رد: العــــقــوبـــة

شكرا للأخ عوض على جهده بغية التعديل..لكن هناك بتر لعبارة وردت في بداية القص :" - غدا بإذن الله استظهار لسورة " الأعلى".."






  رد مع اقتباس
/
قديم 01-04-2015, 09:30 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
صـالـح اهضير
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


صـالـح اهضير غير متواجد حالياً


افتراضي رد: العــــقــوبـــة

جزيل الشكر للاستاذ عوض..لقد تمت العملية بنجاح..






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:44 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط