الومضة الشعرية - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-05-2013, 12:27 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي الومضة الشعرية

الومضـــــة الشـــعرية .

منقول

إذا كانت حركة ((الحدّ الأدنى Minmalism)) الّتي برزت في الولايات المتحدة، ونادت ((بكتابة مختصرة لحياة مختصرة)) ورأت أن القصة القصيرة أو الأقصوصة هي خير تطبيق لهذا المبدأ، وهي الأكثر ملاءمة لروح هذا العصر الّذي يوصف بعصر السرعة، فإنّ الومضة الشعرية بالمقابل هي وليدة هذا العصر، وإنّ ما يُقال عن القصة القصيرة يُقال عن الومضة تقريباً، وكأنهما توأم تَخَلَّقَتا في رحم واحد، ووُلدتا في وقت متقارب، وتجمعهما خصائص مشتركة، وملامح متقاربة.. وربّما كانتا أكثر الأشكال تقارباً وتشابهاً، لأنهما جنسان أدبيان قابلان للاختلاط والتّماهي، بحيث تمّحي بينهما الفوارق، ولا تكاد تبين. وكثيراً ما تقرأ نصّاً وتقول عنه إنّه قصة قصيرة جداً، وفي الوقت نفسه بإمكانك أن تقول عنه إنّه ومضة شعرية. وهذا ما يجعل نظرية الأجناس الأدبية بحاجة إلى إعادة نظر، وخاصة في هذين الجنسين. ولا نستغرب بعد ذلك أن نجد نصوصاً جديدة تهرب من نظرية التجنيس، وتَنْشَر تحت عنوان (كتابات) أو (إبداع) أو (نصوص) وهي في حقيقتها (قصيدة نثر) مع وقف التعريف. ومن ضمنها قصيدة (الومضة) على اختلاف التسميات والمصطلحات.. والأمثلة على ذلك كثيرة، ونكتفي بالإشارة إلى ديوان (قصص شعرية قصيرة جدّاً) لشوقي بغدادي الّذي تداخل فيه المصطلحان، وظهرت فيه قصيدة الومضة، وهي تتوسّل القصّ الشعري، أو لنقل ظهرت القصة القصيرة جدّاً وهي تأخذ شكل الشعر القصصي، وخاصة في حرصها على الإيقاع، واللغة الشعرية، والصورة الفنية، ومن جهة ثانية محاولتها الإمساك بالنسق الحكائي، والتوتّر الدرامي، والحدث القصصي.‏

وأظنّ أن د.محمد ياسر شرف كان من أوائل الذين قاموا بمحاولات التنظير لفنّ الومضة الشعرية، وذلك في كتابه (النثيرة والقصيدة المضادة) الذي صدر عن النادي الأدبي بالرياض عام 1981م. وقد خصّ هذا الجنس الأدبي ببحث مستقل جعله تحت عنوان: (النثيرة جنس أدبي جديد). وفي هذا البحث تَحَدَّثَ عن ولادة (النثيرة) الّتي كانت وليدة محاولات التجريب. وأشار إلى أن الذين ساروا في هذا الاتجاه كان وعيهم للشكل الجديد (يتراوح بين المعرفة التامة والجهل الكامل له) فولد بذلك جنس أدبي جديد: وقد ذهب إلى أن هذا الجنس الأدبي ((يدخل في باب اللغة ذات المقاصد الفنية -بشكل متميز- خلال هذا القرن)).‏



ثمّ اقترح تسميته ((النثيرة)) لتمييزه عن (القصيدة) بنوعيها: (التناظري والمرسل أو الحر)، وهناك إشارة في الهامش إلى أن الكاتب أطلق هذا الاصطلاح لأول مرة في تاريخ الأدب العربي في مقال نشر بجريدة الرياض (الملحق الأدبي) العدد (4538) بتاريخ 5/7/1400هـ.‏

ويرى المؤلف أن (النثيرة) ما ولدت فجأة، بل سبقتها إرهاصات غير قليلة خضعت للتطور، إلى أن أخذت شكلها الّذي عُرِفت به مؤخراً. ولعل أهم ما اشتمل عليه هذا البحث القسم الأخير الّذي خصّصه للحديث عن (تأسيس النثيرة جنسياً) وفيه يشير إلى أن هذا الجنس الأدبي الجديد ولد وترعرع في أدبنا العربي، خلال سنوات لا تزيد على عقدين (والآن ناهز الأربعة عقود) بتأثير وجود الشعر الحرّ خاصة. وبذلك فقد ميّز هذا الجنس الجديد عن الشعر الحرّ وفرّق بينهما. وبمقارنة (النثيرة) أو الومضة الشعرية مع الشكل الفني للمنجز الشعري والحديث للشعر الحرّ أو الشعر المرسل تتبدّى الفروق الجوهرية بين الجنسين وأُولى هذه الفروق ((الطول)) وبذلك يقول محمد ياسر شرف: ((ونسمّي المقطوعة الّتي تبلغ سبعة أسطر أو أكثر: النثيرة)). ثمّ يحاول أن يضع لها بعض الخصائص الفنية الّتي تميزها استناداً إلى ما ذهب إليه كُتّاب هذا الجنس الجديد. وذكر أن الحجج المقدمة لدعم آراء هؤلاء الكتّاب لا تخرج في أصولها عن الخصائص التالية: تميّزها بالخيال المتوقد للشعر، وحساسيته المرهفة، وابتعادها عن الحشو والزيادات، واتصافها بانتقائية اللفظ وتميّز الصورة، وقدرتها بالتالي على التأثير في المتلقي، والسيطرة على توجيه انتباه المستمع وشعوره. أما الوزن فليس جزءاً هامّاً في تكوين الشعر، بل هو إضافة لاحقة. وهذا رأي معظم أنصار قصيدة النثر. وقام المؤلف بعد ذلك بنقد هذه الآراء، ودحض حججها، وردّ على القائلين بها، وفنّد آراءهم. وبيّن أن هذه الخصائص لا ينفرد بها كتّاب هذا الجنس، بل نجدها في كثير من الأجناس الأدبية. ولا يخلو نقده من المنطقية تارة، ومن التحامل تارة أخرى. وعلى هذا الأساس فنحن نتفق معه فيما كان فيه منطقياً، ونختلف معه فيما كان فيه متحاملاً.‏

ومن بحث محمد ياسر شرف إلى الدراسة النقدية الّتي قدمها د.علي الشرع في كتابه (بنية القصيدة القصيرة في شعر أدونيس) الّذي صدر في دمشق عن اتحاد الكتاب العرب عام 1987 وهو كتاب يُدْرُس فيه (الومضة الشعرية) تحت مصطلح (القصيدة القصيرة) تحديداً ويختار شعر أدونيس نموذجاً، ويحاول أن يكون في نقده تطبيقياً إضافة إلى محاولته التنظير لهذا الجنس الأدبي الجديد.‏

ولقد قام بمحاولة تحديد (ماهية القصيدة القصيرة) في الأدب الغربي ومن ثمّ الأدب العربي، وأشار إلى أن مصطلح (القصيدة القصيرة) لم يرد إطلاقاً في كتابات أدونيس النقدية المستفيضة.‏

ومع أنّ الدراسة حدّدت مسارها انطلاقاً من عنوان الكتاب الّذي يركّز على (البنية) إلاّ أنّ المؤلف انصرف في كثير من منعطفات البحث إلى الخوض في قضايا التأويل والتفسير الّتي تتصدى لمعضلة الغموض والإبهام في شعر أدونيس، وكان له اجتهادات في القراءة وتفسير النص الشعري لا تخلو أحياناً من الافتعال والتّمحّل، فضلاً عن أنها كانت منزلقاً حرف الكتاب عن هدفه. وأقلّ ما يقال فيها إنها استطرادات زائدة. ومع كلّ ذلك فالكتاب على جانب كبير من الأهمية في هذا الموضوع الّذي عالجه، على الرغم من تعصبه لأدونيس، وجنوحه إلى الافتعال في التأويل، وانصرافه في الفصل الأول للحديث عن أدونيس ومجلة شعر، ومن ثمّ قيامه بإصدار مجلة مواقف، وأخيراً موقف النقاد منه. وكل ما جاء في الفصل الأول لا علاقة له بعنوان الكتاب. أما الفصل الثاني فقد خصصه للحديث عن بنية القصيدة القصيرة.. والحديث عن البنية له علاقة بالبنيوية.. وهذا ما صرّح به حين حَدّد منهجه في البحث إذ قال:‏

((إنّ طبيعة الشعر العربي المعاصر بعامة، وشعر أدونيس بخاصة -بما ينطوي عليه من عمق ودقة وغموض- اقتضت منهجاً خاصاً في الدراسة، فهذه الدراسة تقوم أولاً على تفسير النصّ الشعري، وثانياً على ملاحظة الظاهرة الفكرية والبنيوية الّتي يتكشف عنها النص، وثالثاً على حصر النصوص المتشابهة أو المتقاربة وذلك من أجل دراستها في إطار ظاهرة متطورة)). ولقد زعم المؤلف أن جزءاً يسيراً جداً من شعر أدونيس قد خضع لدراسة متأنية دقيقة.. وزعمه هذا يوحي بأن ما قام به من دراسة ينضوي تحت ذلك الجزء اليسير الّذي يتصف بالدقة والتأني وفي هذا ادّعاء وتقليل من قيمة معظم ما كتبه النقاد.‏

ونأتي أخيراً على ذكر محاولات الأستاذ محمد غازي التّدمري لدراسة فنّ الومضة، والتأصيل لها، والتنظير لهذا الجنس الأدبي الجديد.‏

وكانت المحاولة الأولى مقالة بعنوان (الحداثة الشعرية وفنّ الومضة) وقد نشرت في صحيفة (البعث) العدد 8590 في 14/7/1991م وفيها يقول: ((ومن هنا كانت عملية إبداع الومضة البارقة نوعاً من المغامرة الّتي لا تُضْمَنُ نتائجها إذا لم يتقن الشاعر سر اللعبة في تكوينها الداخلي والخارجي، وعرف كيف يوظف طاقات اللغة لخدمتها)).‏

وبشكل عام فإن الأستاذ التّدمري يربط بين فنّ الومضة والحداثة الشعرية، وهذا ملحوظ من عنوان مقالته، ويجعل من عملية إبداع الومضة نوعاً من المغامرة، ويعوّل كثيراً على دور اللغة وطاقاتها التعبيرية وبذلك يقول: ((والقصيدة الومضة في مثل هذا التحديث الشعري قد لا تُعبّر عن قيم عروضية أو موسيقى تصويرية خارجية، كما أنها لا تسعى إلى إثبات حالة مقررة، وإنما هي شحنة كمون متوتر ومتواتر في اتجاه تصادمي استلابي يجعل اللغة الناقلة في حالة عصيان دائم، وتحدّ مستمرّ حتّى يستلهم الشاعر رؤياه)).‏

أما المحاولة الثانية، فكانت مقالة بعنوان (مدخل إلى دراسة الومضة الشعرية) وقد نشرت أيضاً في صحيفة (البعث) العدد 8767 في 11/2/1992م. وكانت أكثر تركيزاً من سابقتها وفيها تتجلى خصوصية الومضة الّتي جعلها في ((التكثيف، والإدهاش والمفارقة، والتوقيع، فالإيماض داخل النص من جهة، وفي ذات المتلقي من جهة أخرى)) وما يلبث أن يقول بما يشبه التعريف: ((إن الومضة الشعرية الّتي تمثل حالة شعورية، استثنائية، متغيرة تستدعي الرؤى الشاعرة بتوتر شديد فعلي وانفعالي، يمنحها قدرة أكبر على التعامل مع الحدث، الّذي يومض داخل النص وخارجه)).‏

أما المحاولة الثالثة فكانت دراسة بعنوان (قصيدة الومضة وإشكالية الشكل) وقد نشرها محمد غازي التدّمري في مجلة (المعرفة) السورية في العدد (354) آذار 1993. وانطلاقاً من عنوان الدراسة نجد الأستاذ التدّمري يحاول الخوض في إشكالية الشكل الفنّي للومضة. ولا يفوته أن يتساءل: ((فهل قصيدة الومضة مجرد قصيدة قصيرة جدّاً، توازي ما شاع في فنّ القصة من شكل سمي بالقصة القصيرة جداً؟. أم هي نُتْفَة شعرية لها خصائصها الفنية؟ أم هي خروج مطلق وحرّ على هذا النمط، جعلها تحمل خصوصية شكلية معينة، تدور في فلك إيقاعي ولغوي خاصّين؟.)).‏

ويما أنّ الأستاذ التدّمري يفرّق بين قصيدة الومضة، والقصيدة القصيرة، فَحَريٌّ به أن يذكر لنا الفروق بينهما، ومع أنه تساءل قائلاً في هذا الخصوص: ((فما هي تلك الفروقات الّتي تفرّق بين القصيدة القصيرة، وقصيدة الومضة، وكلتاهما مقطوعتان شعريتان تعتمدان على أقل ما يمكن من الملفوظية‏

المحددة لأبعاد الحدث والمعاناة، ويشتركان في العاطفة والموقف الشعري الذّي يشكل الإطار الموضوعي لبناء القول الشعري لكل منهما، ثمّ يسعيان إلى التكثيف والاختزال، وضغط المواقف في اتجاه ملفوظي واضح ومُحدّد)).‏

ويبدو أنه اهتم بما يشتركان به أكثر مما يختلفان، ولهذا فإن الإشكالية بين الشكلين بقيت قائمة، ولم نعرف ما حدّ الومضة، وما حدّ القصيدة القصيرة من منظوره الخاص. فهو على حدّ علمي يُشدّد في مفهوم الومضة، ويخرِج معظمَ ما كُتِب في شكل القصيدة القصيرة من مفهوم الومضة، ولا يعدّه من فنّ الومضة. والفارق الرئيسي عنده اللغة المُوظّفة ((ومع كلّ هذا الاختلاف تبقى اللغة المُوظّفة في كلّ منهما فارقاً رئيسياً يمكن اعتماده في أساس الاختلاف بين قصيدة الومضة, والقصيدة القصيرة الّتي تأخذ اللغة إطاراً تشكيلياً خارجياً لأداء وظيفة تعبيرية كثيراً ما تقترب من بنية القصيدة الطويلة، بينما تشكل اللغة لدى شعراء الومضة هاجساً مقلقاً، يسعون من خلاله إلى تآلف بنية التركيب اللغوي، مع مستوى العلاقة الدلالية والإشارية للملفوظية، الّتي تومض داخل النص من خلال النظام الإيقاعي الموسيقي المتجانس، والمتداخل في علاقات الكلمات بأفعالها وأسمائها وحروفها ولواصقها ولواحقها في بنية النص الداخلية، باعتبارها ظاهرة تسعى إلى إثارة المتلقي في زاوية التأزّم والانفراج، بقصد الإدهاش.. فالمفارقة.. فالإيماض.. فالاهتمام.. فالتوقيع)).‏

وعلى حدّ علمي فإن اللغة الموظفة شرط من شروط الإبداع في كلّ الأشكال الشعرية، ولا تنفرد بهذه الخصيصة قصيدة الومضة لوحدها. وأنا لا أنكر أن شاعر الومضة يولي اللغة عناية خاصة، ويعوّل عليها كثيراً في تكوين ومضته، ويخضعها لمعايير دقيقة أكثر من غيره، بحيث لا تقبل حرفاً زائداً عن الحاجة، وهذا ما يدخل ضمن مفهوم التكثيف أو الاقتصاد اللغوي. فإذا ما ترافق التكثيف مع وجود لغة وامضة، مشعّة، موحية، فقد حققت الومضة الشعرية شرطها اللغوي.‏

والأستاذ التدمري يرى أن الومضة الشعرية ((تبدأ باللغة وتنتهي باللغة أيضاً)) وإن هذه المقولة لا تخصّ الومضة فقط، وهي في الأصل قيلت عن قصيدة الحداثة بشكل عام، ومن قِبَلِ المغالين الذين يبالغون في أهمية اللغة -كما يبالغ ذوو الاتجاه الصوري الذين يرون أن الشعر تصوير، وأن الصورة الفنية كلّ شيء في الشعر. وهذا الاتجاه سائد لدى الشكلانيين عموماً. والأستاذ التدمري لا ينظّر إلى اللغة نظرة شكلية، وهو القائل: ((فالومضة قبل أن تكون شكلاً، هي حالة إبداع فنّي تقني من نوع خاص، تتلبس الشاعر ضمن موقف معين، يتعايش معه ضمن حدود أبعاد الزمان والمكان، وتحت تأثير الحالة النفسية المعيشة، حتّى تنتهي أثراً ليس للشاعر الحقّ في تحديد مساره، ولذلك ليس لنا أن نُحدّد شكل الومضة.. وهذا ما يجعل قصيدة الومضة خارج التقسيم الشكلي لمراسيم القصيدة)) ونفهم من قوله أيضاً أنه ليس مع تحديد شكل معين للومضة.‏

وإن قِصر الومضة الشعرية لا يحتمل التشتت والتشظي والتراكمية ولهذا فمن الطبيعي أن تُحقّق شرطَ الوحدة في بنيتها.. وقد أحسن الأستاذ التدمري حين جعل الوحدة العضوية شرطاً أساسياً في بناء الومضة الشعرية: ((فالومضة وحدة متكاملة متداخلة في الفعل الشعري والاستدلالي وبالتالي الانفعالي الشعوري، وليس لها أي ارتباط عضوي مسبق بأي شكل من أشكال القصيدة الّتي لا تحقق مثل هذه الوحدة العضوية المتكاملة)).‏

ويبدو لي أن الأستاذ التدمري يقترب مفهومه لفنّ الومضة من قصيدة (الهايكو) اليابانية، وخاصة فيما يتعلق بالحجم أي بالقصر الذي هو أقرب إلى مفهوم (القصيدة القصيرة جدّاً) منه إلى مفهوم القصيدة القصيرة. وقد ساق لنا تعريف قصيدة (الهايكو) الذي يركّز على عنصر القصر تحديداً ((إنّ الهايكو بالتحديد هي القصيدة ذات الأسطر الثلاثة، والمقاطع الصوتية السبعة عشر، الّتي تحتوي على صور من الطبيعة)).‏

أما قضية الشكل الّذي تكتب فيه الومضة، وما مدى إلحاقها بأحد الأشكال الشعرية الثلاثة المعروفة: الشكل العمودي، أو شكل قصيدة التفعيلة أو شكل قصيدة النثر، فإن الأستاذ التدّمري يتساءل في هذا الشأن: ((هل ترتكز على تفعيلة واحدة، أم أنها ملتزمة بالشكل البيتيّ المتناظر للقصيدة العربية؟. أم هي قصيدة نثر تهيم في فضاء رحب، لا يقف الشكل الخارجي عائقاً في تحقيق ما يمكن أن يسمّى ومضة؟.)) ويقدم لهذا السؤال ما يشبه الإجابة على لسان الشاعر ممدوح السكاف إذ يقول: ((معروف في مضمار الفنّ، أن الحالة الإبداعية للموضوع الشعري المتناول تفرض الشكل الذي ستنصبّ فيه)).‏






 
/
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:47 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط