العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ قال المقال ⊰

⊱ قال المقال ⊰ لاغراض تنظيمية يعتمد النشر من عدمه بعد اطلاع الادارة على المادة ... فعذرا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-08-2019, 03:56 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سليمة مليزي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
تحمل وسام الأكاديمية للعطاء
رابطة الفينيق / أوراس
الجزائر

الصورة الرمزية سليمة مليزي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


سليمة مليزي غير متواجد حالياً


افتراضي قراءة في التجربة الشعرية للجزائرية سليمة مليزي

حسن الحليلي*


يكتب الأديب والباحث والناقد الخبير الاستراتيجي الدولي في السياسة والاقتصاد حسن الحليلي من جامعة القاهرة ، في اشعاري بهذا الجمال ....
#القصيدة_عند_الشاعرة_سليمة_مليزي خي عصفورة النار التي تشعل في دمنا الحرائق ,,,
#قصائد الشاعرة #سليمة_مليزي اشبه بمهرة برية جامحة ...
الناقد والكتاب #حسن_الحليلي _ القاهرة _ مصر



شِعْر الشاعرة المبدعة (سليمة مليزى ) ليسَ كغيره من مألوفِ الشِّعْر.. لا لأنّ له طعماً خاصّاً ومذاقاً فريداً ونكهةً مُمَيَّزةً فحسْب.. بل أيضاً لأنه يحتاجُ قراءةً خاصّة.. فهو ليس ذلك النوعُ من الشعر الذي تقرؤه على عجل.. وتكتبُ عنه انطباعاتٍ سريعةً عابرة..وإنما ينبغي عليكَ أن تتهيَّأ لقراءته بكثيرٍ من الصبرِ والحَيْطةِ والحَذَرْ.. فهو أشبه بوردةٍ برّيّة لن تتمكن من استنشاقِ عبيرها دون أن تُدْمِي أصابعك بوخز أشواكها.. وهو أشبه بالعَسَل الجَبَليّ.. لن تشعرَ بحلاوته المُسْكرة في فمك دون أن تحتمل لدغات النحل..
ثم إنه يتطلبُ من قارئه مراساً ودَرَبَةً ومعايشةً واستئناساً..فلا تتعجّل الكتابة عنه بعد قراءته.. لأنه يحتاجُ منك قراءة ثانية وثالثة .. وفي كل مرة ستجد نفسك في حاجةٍ إلى معاودة النظر..والإطلال مرة أخرى على هذا العالم.. فكل قراءة جديدة قد تُقَرِّبُكَ منه خطوة لكنها بالتأكيد لن تُسْلِمَك مفاتيح هذا العالم المليء بالرموز والمجاهل والأسرار.
قصارى القول أنك إزاء هذا العالم ينبغي أن تَسْتَنْفرَ كُلََّ حواسِّك وتتسلَّحَ بكل ما يمكنك من نفاذ البصيرة وحدّة الإدراك وملكاتِ التذوق .. فالقصيدة هنا أشبه بمهرةٍ بَرِّيََّة جامحة.. لا يقدر على ترويضها واعتلاء صهوتها غير خَيّالٍ أصيلٍ متمرّسٍ بالخيْلِ والشعرِ معاً.
لا أدري لماذا يُذكِّرُني سليمة مليزى ببواكير شاعرتنا الكبيرة احلام مستغانمى وغيرهم ـ فحَرَّكَا الماءَ الرَّاكدْ ورفداه بروافد جديدة.
هناك أوجه شَبَهٍ كثيرة بين العالَميْن؛ في إرهاصاته البكر الأولى ـ وعالم سليمة مليزى في تجلّياته المعاصرة، ربما كان أبرز القواسم المشتركة بينهما هو عناية كل منهما بخَلْقِ العَالَمِ الشِّعْرِيِّ الخاص المشحون بطاقةٍ حَيَوِيَّةٍ هائلة كانشطار الذرَّة، المؤلَّف من جُذاذاتٍ من الصور المركبة والأخيلة الكثيفة واللغة التعبيرية في أقصى حالاتها إيحاءً ودلالة، والرَّمْزِ المُشعّ الذي يتوهّجُ داخل العمل الفنيّ فيُضْفي عليه بهاءً وسحْراً وألَقاً، دون أن يُفْصحَ عن مكنونه ويشي بأسراره.
قصيدة النثر عند سليمة مليزى هي عصفورة النار التي تُشعل في دمنا الحرائق وتلامِسُ مِنَّا منابع الحِسّ وتَخْمِشُ بمنقارها نخاع الأعظم، حين تحملنا على جناحيْن من لهبٍ إلى أقصى وأبعد مراقي الخيال، وتنبشُ بمخالبها الدقيقة في صخور اللغة بحثاً عن كنوزٍ وجواهر لم يسبقها إليها أحد.
سليمة هي مهرة الشعر الأصيلة التي تنطلق بنا في قفزاتٍ جامحة تنخلعُ لها قلوبنا أحياناً، وتُحتبسُ أنفاسنا خوفاً ودهشة ورَهباً، لكننا نظلُّ طوال الرحلة ـ مأسورين بخَدَرِ المغامرة ولذَّةِ الكَشْفِ، مأخوذين بسحْر المجهول الذي نرتاده، مبهورين برؤاه ومشاهده وكائناته الغريبة، مَسْلوبي الإرادة كصوفيّ أخذته سكرة الوجد وشفَّ وجدانه عن عالمٍ مليء بالرموز والإشارات والإيماءات الخاطفة مِثْلَ سماءٍ مُرَصَّعةٍ بالنجوم مُضَبَّبَةٍ بنُدفٍ من غيوم شفيفة.
لذا يَجيءُ شِعْرُها كشفاً جديداً مُتفرداً في جِدّتِهِ صادقاً في أصَالته، مُرَاوغاً في مُرَاودته للعقل والوجدان، يفِرُّ من فخاخنا كما تُفلتُ الغُزلانُ في خِفّة ورشاقة من قبضة الأسْر ، لكنه يُخلِّفُ في نفوسنا أثره العَميق وأسئلته المُعَلَّقة، فنعاود الرّكْضَ والطّرادَ دون كَلَلْ.
الفنََّ الأصيل كائنٌ حَيٌّ لا يَمْنَحُ نفسه بسهولة. وشعر سليمة كائن له ذاكرة وتاريخ، تشعرُ معه بالإمتاع والمؤانسة، لكنك لا تظفرُ بخباياه وأسراره قبل أن تعايشه وتنعقدُ بينكما أواصِرُ الألفة، ومع ذلك يبقى مُتأبيّاً على الاسْتيعابْ، مُسْتَعْصِياً على الترويض، لأنه قِطعةٌ مُقْتَطعَة من الحياة بكل تَدَفُّقها وعنفوانها وغموضها وسِحْرها الجميل.

الكاتب والناقد \\حسن الحليلى/ مصر






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:02 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط