لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
25-03-2017, 12:27 AM | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
حفلة عبث
حفلة عبث
-بلطف يا حبيبي. لم يأبه لكلماتها بل كان يهاجم جسدها بعنف، ينهش أنوثتها وهي كانت مترددة، وربما الخوف من أن أضبطها؛ هو ما يجعلها تقف عند عتبة النشوة؛ تتلفت نحوي ونحو البقية بخوف وهي تبتلع اللذة وتكتمها بداخلها هزات تعصف بكيانها. قالت وهي تستقبل قبلاته الحارة: خالد، لقد استيقظ، توقف أرجوك. أجاب وفمه يضبط دقات قلبها: إنه عالق في أحلامه، دعي جسدك يرقص على أنغام قلبي. لم يتوقف خالد عن التحدث، وهو يتعثر بلسانه في ألفاظ كثيرة، يكرر كل أحداث النهار، من شجارات ولعب وعبث. أبي أيضا كان يعبث بأمي، وأنا الآخر؛ كان الشيطان يعبث بي، لأول مرة أدرك طريقة صناعة الأطفال، ملعون عمار، كيف استطاع اللعب بأفكاري وهو يخبرني أن باستطاعة عضو صغير بحجم إصبع أن يحدث معجزة بحجم طفل برئ. المغامرات التي تخوضها في أماكن ضيقة؛ تكون دوما خطيرة، وتعلق في رأسك للأبد، لأنك تكون مجبرا على تتبع كل تفاصيلها بكل حواسك. -لذيذة وعذبة أنت. -وأنت شرس ووحش. -سألتهمك. ثم رمته بابتسامة أوقدت ما تبقى من خوف وصيرته شراسة. يعبث الشيطان بعقلي، وتتحول الليلة لكابوس، كيف أقنعني عمار أن أترصد والديّ، فعلها هو وضبط والديه في موقف ملتهب، يومها بات ليلته في الخارج، ولأن الزمن صيف، فقد فكر والده في التخلص منه ليسرق لحظات ينفرد فيها بأمه، نام خارجا عند النافذة، ولكنه يمتلك من الحيلة ما يساعده على اختلاس نظرات نحوهم عبر النافذة، التي كانت تعبث بها ريح خفيفة، وهو يعبث بنفسه، ساعده أخوه الأصغر منه في تلسق النافذة، وأحيانا يتخاصمان بصمت عمن يكون دوره، يمنح أخاه لحظات قصيرة ولا يلبث ويعود هو ليأخذ حصته التامة من متعة المشاهدة، يولد الإنسان فضوليا، والطفل تساعده روح الاستكشاف على النمو بسرعة، كان لحظتها يستكشف تفاصيله الجديدة التي ظهرت فجأة بجسده، أحس والدهما بحركة في الخارج، فأحضر بندقية الصيد خاصته، وخرج مسرعا، والخوف يمتلك كل قلبه، فقد كانت هناك أخبار عن مجموعة من لصوص البقر تجوب المنطقة، قامت منذ أسبوع فقط بسرقة ثلاثة أبقار من قطيع السي رابح. عاد عمار مع أخيه للفراش وهما يرتجفان، خائفان من أن يفتضحا من طرف والدهما، لحظتها كانت طائرة تجوب الفضاء، وهي تومض بأضوائها، تابعها عمار بعينيه لحظات، وشعور غريب ينتابه، تحت الرداء كانت هناك لعبة قذرة يمارسها، يلعب بها ويشير بها نحو الطائرة، طوال صغره كان يحلم بطائرة بلاستيكية يلعب بها، اليوم يلعب ويشير إليها، ولكن ليس رغبة بها، هناك لعبة أخرى يريدها، لا يعرف لماذا الآن بالذات هو يفكر بسارة، ربما لأنها صديقته التي يحب اللعب معها. فكر فيها طويلا، ووالده يجوب حضيرة أبقاره يتفقدها، بقرة بقرة، لكل بقرة منهن اسم، البقرة الهادئة يسميها نجاة على اسم حبيبته الأولى، والبقرة الجموح يسميها خولة حبيبته في المتوسطة ، تشبهها لحد كبير في تمردها ، تركض في المراعي وقليلا ما يراها هادئة، يربط دوما أبو عمار بين الحيوانات والبشر، فكلبه الكسول يلقبه بالدراجي الذي يحتاج ساعة ليخرج من بيته عندما يستدعيه للحوار، ويكون دائما هو آخر من يقوم بحراثة أرضه وكذلك الحصاد. عمار كانت سارة تعبث بتفكيره، يستغرب لما هو مغرم بنهدها والذي كلما اهتز اهتز داخله كله، استسلم للنوم بعد صراع مع صورة سارة، تشاكسه وهو يستمتع تحت الرداء بحركات حمقاء. أنا أيضا استسلمت للنوم بعدما كان أبي قد أنهى مسرحيته، التي كنت ملزما بمتابعة تفاصيلها القذرة حسب رأيي لحظتها، كدت أقوم من مكاني متصنعا الاستيقاظ، ولكن خانتني جرأتي التي لم تساعدني على إيقاف لقاء في ذروة حماسته. فكرة حمقاء تلك التي جعلتني أتربص والدي، وأنا لم أكن بعدها أعي أن باستطاعة أبي القيام مع أمي بمثل هذه الوقاحة، وقد كنت أرى أمي شريفة لا يلامسها أي سوء، كيف نصنع من آبائنا شرفاء في صغرنا، ثم في لحظة تنهار الصورة بشكل درامي، تجعلنا نفقد الثقة في العالم، يومها اهتزت كل القيم بداخلي، كنت بحاجة لمن يشرح لي سبب قيامهم بمثل هذا الفعل المشين. ليلة سوداء أكثر ظلمة من هذا الليل الذي يجثم على صدر القرية، شارعه الرئيسي والوحيد؛ يضج بنباح الكلاب، فتجعل من الليلة كئيبة للحد الذي تصورتني فيه أقل الناس حظا. لوهلة فكرت في إخبار جدي بما يحصل بين ابنه وأمي، كنت أرى أنه من اللزوم تدخله ليوقف هذه المهزلة التي يمارسها والدي، ولكنني خفت أن اتهم بالكذب، وربما صرت أحد حكاياتهم التي تسليهم بالليل، حتما هم سيسخرون مني لأنني طفل لا يعرف ما يحصل تحته ليلا، فكيف سيدرك تفاصيل ليلة في غرفة كبيرة مثل غرفتنا. استسلمت للنوم بعد صراع مع قلبي، ومع أشباح الغرفة التي كانت تسخر مني، كوابيس كثيرة شاهدتها، وأشد رعبا أن والدي ضبطني وأنا أترصده في وضعية قذرة، صرخ بوجهي : قم يا ابن... قبل أن يكملها استيقظت ممتلئا بالرعب، وجدته هناك عند فراشه يتقاسم مع أمي فطور الصباح وهو يبتسم ابتسامات لطيفة، وأمي تشيح بوجهها جهتي وخدها يرقص فرحة، حقا أجمل ما في الكون أم تضحك... -صباح الخير سفيان. أطلقت تثاؤبي متعثرا بتحية صباحية جافة، نظرت نحوي وابتسامتها ما تزال تغرد على شفتيها التان كانتا بدورهما تتحدثان عن ليلة عنيفة. اهتزت أمي قليلا، واستدارت نحوه وهي تهمس بكلمات لم أسمعها، ولكنها كانت تشبه رجاء وربما هي إغراءات لذيذة له. بسرعة حملت نفسي مسرعا للخروج حتى لا أكون ملزما بمشاهدة حركات حمقاء لست راغبا بمتابعتها.
|
||||
25-03-2017, 04:40 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: حفلة عبث
عين طفل ترصد لحظة حميمية بين الأبوين تهز قناعتاه ويسعى إلى فهم ما رأى.
هنا ضرورة الثقافة الجنسية حتى لا يسقط الابناء في ضلال. سرد مشوق، ولغة متميزة، والتقاطة ذكية لموضوع صعب. مودتي |
|||
28-03-2017, 02:39 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: حفلة عبث
قصّ خاص متميّز جريء يطرق أبوابا في عداد العيب و المحظور !
لا بأس من الترشيد و التوجيه و التوعية في حدود العلم و الفضيلة و أخشى ما نخشاه نهي و تأثيم يعقّدان المسألة أكثر , أو لا قدّر الله تسيّب و استسهال يتجاوزان المعقول فينقلب إلى الضدّ ما زاد على الحدّ ! ألق دائم بعون الله أستاذنا الكريم عبد الرزّاق مودّة لا تنتهي . |
|||
30-03-2017, 09:41 AM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: حفلة عبث
لا يزال قلمك يضج بعوالمه الخاصة، تحاول تفكيك ما لم يقترب منه، في تناول هاديء وعميق
تحيتي صديقي المترف بسباس
|
||||
01-04-2017, 10:31 PM | رقم المشاركة : 5 | |||||
|
رد: حفلة عبث
اقتباس:
فبعد فراغي من كتابة النص كنت خائفا من عدم تقبله من طرف القارئ ربما لجرأته ولأنني لم أكتب بهكذا جرأة من قبل ولكن الموضوع يستحق الغوص أكثر وأعترف أن بعض الحواجز الداخلية جعلتني أحجم عن كثير من المشاهد ربما في نص آخر أذهب أبعد وأعمق لأن الموضوع يستحق معالجة أعنف،،، وكما تفضلت فانهيار القيم عند الطفل في مثل تلك الحالة وربما صدمه نفسيا يجعلنا نعيد ترتيب حياتنا وتنظيمها وكذلك الاحاطة بالموضوع حتى لا نصنع جيلا مشوها... محبتي واحترامي
|
|||||
01-04-2017, 10:35 PM | رقم المشاركة : 6 | |||||
|
رد: حفلة عبث
اقتباس:
تربية جنسية حتى لا يصدم الطفل وحتى لا يكون مكبوتا أو مستسهلا الأمر،، وهذا يجعلنا نفكر ربما في ترتيب درس للطفل في سن معينة وبالتدريج مع ما يتناسب وسنه ،، وهذا داخل المدرسة حتى نمنح للموضوع قدره وقيمته التي يستحقها،،، سعيد برأيك وقراءتك وما اشرت له محبتي وتقديري
|
|||||
02-04-2017, 12:06 AM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: حفلة عبث
هي من القصص الجريئة التي تغوص في عمق المجتمع
خلاصة القول ..المجتمع المغلوق في ظاهره ينتج مجتمع معوق مفتوح داخله وانا في عمر الصبى كنت مولع بقراءة القصص العالمية والعربية وبكل جديد وقع في يدي كتاب (حياتنا الجنسية )حينها لم افكر بالجانب الغريزي بقدر طموحي المعرفي ...ولكني اخذت علقة مؤلمة حينما شاهدها خالي في مكتبتي !!! الثقافة الجنسية والبعيدة عن الإباحية ..تنتج جيلا محصنا ..فالغريزة هي جزء حيوي من فسلجة الإنسان ..كتمها والتخويف منها اولى بوصلة الإنحراف تعلم صديقي انني من المتابعين لقلمك ..وأضيف من المعجبين به كنت اود الأسترسال...فقصة مجتمعية بهذا الثراء تستحق التوقف عندها طويلا تحياتي وتقديري |
||||
15-03-2018, 02:00 AM | رقم المشاركة : 8 | |||||
|
رد: حفلة عبث
اقتباس:
روحك اشتقتها صديقي حارس محبتي وشوقي
|
|||||
15-03-2018, 01:07 PM | رقم المشاركة : 9 | ||||
|
رد: حفلة عبث
نص رائع للغاية وفي كل شئ.
سلط الضوء على قضية حساسة وخطيرة لما لها من تأثير على بناء الشخصية من الداخل والتي تحتاج الى الكثير من الدراسات في عالم يتطور بسرعة هائلة ومخيفة. الفكرة تستحق الطرح مرات ومرات. وهذا النص قدم إشكاليات حقيقية وواقعية، لكن النص لم يقدم الحلول ربما لأن هدف الناص الإشارة إلى هذه الإشكاليات تاركا السعي الي إيجاد الحلول لأهل الاختاصاص. وربما أنه وجد أن المساحة لا تكفي لطرح العلة وعلاجها معا. جرئة النص أعادتني الى قصة الأديب يوسف أدريس (بيت من لحم) مع التركيز على أن اختلاف الفكرة وما طرحه ذلك النص من اشكاليات عميقة تتكون نتيجة لظروف خاصة تحرم الإنسان من الوعي الضروري تجاه هذه القضية الحساسة. السرد في هذا النص جاذب جدا ومثير والتنقل بين أحداثه كان متقنا كما أن الإنتقال من حدث الى آخر والعودة الى الحدث الأول كان فيه براعة وإتقان. والقفلة التي ابتدأت عند انتهاء الكابوس المفزع وما تلاه رأيت فيه ما يبشر بوعي سيتحقق.. ففي الاستفاقة انتباه الى الواقع الذي كان مختلفا عن كابوس يبث صوره بعبثية مبنية على عدم إدراك واستنتاجات نفسية غير صحيحة. أديبنا المكرم بسباس عبدالرزاق بديع وعميق هذا النص الذي أدى رسالته القوية والصارخة وقد حقق المتعة وكان محركا لطرح أسئلة كثيرة تحتاج الى إجابات دقيقة وصحيحة. بوركتم وبوركت حروفكم المضيئة. احترامي تقديري
|
||||
16-03-2018, 06:54 PM | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
رد: حفلة عبث
أهلا بعودتم مجددا أخي بسباس
|
||||
10-04-2018, 09:43 PM | رقم المشاركة : 11 | |||||
|
رد: حفلة عبث
اقتباس:
وهذا في حد ذاته دليل على نجاح رهاني الذي أقمته مع الكلمات كثيرا ما أكحل عيناي برؤية حروفك وقراءاتك الرائعة محبتي وكثير تقدير أستاذي
|
|||||
13-04-2018, 12:10 AM | رقم المشاركة : 12 | |||||
|
رد: حفلة عبث
اقتباس:
كثيرا أعجبت بقرائتك ورؤيتك وتوقفت عند تقديم الحلول: فالكاتب والأدب هو مرصد اجتماعي يقوم برصد زاهرة ما ويقدمها كما هي دون تدخل منه... وهو لا يقدم حلولا لأنها من مهمة عالم الاجتماع والنفس حتى لا يقدم علاجات ضارة... فالطبيب هو من يعطي الوصفة، وليس كل شخص يقوم بتوصيف حالة مريض بإمكانه علاجه... هذه رؤيتي... هذا يبقى لرأيك مكانة أحترمها وأعطيها قدرها... محبتي دائما وتقديري
|
|||||
31-08-2023, 12:22 AM | رقم المشاركة : 13 | |||||
|
رد: حفلة عبث
اقتباس:
هناك واقع يفرض علي الغياب وأحيانا يفرض الموت علي هنا أستمتع بلحظات أسرقها من الشيطان لأخادعه وألعب معكم: كيف تبقى حيا قراءة تبعث بعض الحياة في هذا الخراب بداخلي كل المحبة والتقدير أستاذي
|
|||||
01-09-2023, 01:03 AM | رقم المشاركة : 14 | ||||
|
رد: حفلة عبث
أسجل إعجابي ودخولي على هذا النص الرائع
وتحية للمبدع القدير أستاذ البسباس عبد الرزاق تقبل احترامي
|
||||
02-09-2023, 04:08 AM | رقم المشاركة : 15 | ||||
|
رد: حفلة عبث
بعد التحية الطيبة..
نرفع النص للمزيد من القراءة ولجمال الصياغة والمضمون.. ولي عودة.. . . كل التقدير والاحترام للبسباس المتألق.. . .
|
||||
05-09-2023, 09:45 PM | رقم المشاركة : 16 | ||||
|
رد: حفلة عبث
بعد التحية الطيبة...
قرأت النص الرائع... أعجبتني الصياغة، الشخوص... ترتيب الأحداث... والإخراج... أروع ما في النص هو طرح مسألة موجودة في الواقع... طرحها بشكل جريء... الجرأة التي بلا شك تدفعنا لتأمل التفاصيل وإيجاد حلول اجتماعية توصلنا لبر الأمان... المسألة ليست مسألة محصورة في دور التوعية الجنسية... فالتوعية الجنسية بعدم وجود بيئة مناسبة قد تصبح لعنة وتزيد الطين بلة... هناك أسباب وعوامل كثيرة يحب علينا معالجتها... على رأس القائمة الفقر ونتائجه اجتماعيا، جنسيا وتطول القائمة... حماية الطفولة من المهد كي لا يتعرض لأي تحرش جنسي مما قد يؤثر على المجتمع لاحقا... التوعية والتربية الأسرية الصالحة... ساعطيك مثلا أستاذنا الغالي/ بسباس على دور الفقر... هناك أسر وعائلات كثيرة في مجتمعاتنا العربية تعيش الاسرة بكاملها في غرفة أو غرفتين... ولك أن تتخيل ظروف الحياة وقتها وتفاصيلها... هل التوعية الجنسية مثلا في هكذا حالة ستجد حلا ناجعا؟ الانحلال الجنسي والاستفزاز الجسدي الذي ينتشر على التواصل الاجتماعي مثلا... وما ينتجه من كبت وفضول خاصة عند الأطفال، والشباب... من وجهة نظري الموضوع معقد، ويجب النظر إليه من كل العوامل... . . نهاية شكرا لك على هذا النص الرائع... كل التقدير والاحترام
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|