لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
30-09-2019, 01:09 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
فوق الصخرة الصماء، كما الكائنات الخرساء الماثلة أمامه، اتخذ له مجلسا بحكم العادة .. مأواه تحت شجرة الدوح الوارفة التي تفيض ظلالا بسخاء بعد أن فقد ظله مُنْسَلاً من بين يديه أو ربما تلاشى أثره من فترة..
على عكس تلك الكائنات، وحده الكتاب الناطق بصنوف الألسنة واللغات المتباينة : سليطة وهجينة وأخرى تستجدي الماضي وغيرها يرضي النزوات ويشحذ الهمّة .. يغرق بين دفتيه تارة ويطويه جانبا تارة أخرى.. بالأمس تعثر في متاهات بلا نهاية وتساقطت عظامه رميما في حفر بلا مخرج او مغيث. واليوم شرع يهيئ من وضع شعره الأشعث الكثيف المترامي على كثفيه، وأخذ يمسّد لحيته البيضاء العريضة الممتدة على صدره بلطف أحيانا وبصرامة وعنف أحيانا أخرى من أعلاها إلى أسفلها.. أطالهما احتجاجا وبمحض إرادته بغية التشفي من نماذج بشرية متعجرفة تدعي الشطارة وإعمال الفكر ورجحان العقل وتعرف من أين تؤكل الكتف.. أنظاره تحدق بعيدا في الفراغ اللانهائي عكس ما تعشقه الطبيعة التي تأبى الفراغ وتمقته .. مثل التائه، يتلمس كالأعمى بصيصا من نور في تلك المتاهات الحلزونية التي تناهى إلى أغلب ظنه أن سوادا كالحا يسدل أستاره في كافة أرجائها بالرغم من قرص الشمس الساطع الذي كان يملأ الآفاق طولا وعرضا.. موليا الأدبار، يدفن رأسه من جديد بين الصفحات ليمتطي صهوة الأسفار وحيدا عبر دروب الحكايا والخيالات الجامحة الجانحة به بعيدا كلما تراءت أمام ناظريه جموع الكائنات الصماء المتشدقة فيما بينها في همس بلغط كان بمقدوره سبر أغواره بعد أن فاحت منه أقاويل وسفاسف أمور تعبث بها رياح الشؤم وتلفح بها وجهه . يعاوده الحنين إلى الشجرة المعهودة لتمنحه ظلالها الوارفة فيرى الخير والحق والجمال وقد ارتدى شملة العرسان ويرى الشر كالغول مكشرا عن أنيابه هناك بعيدا عند الأفق وعند حد البصر.. جمال لا يعدله جمال، وشرّ كالتنين له رؤوس لا تعد ولا تحصى ويستحيل قطعها.. سطوة الذاكرة في مثل هذه السن لها قوة وفعالية لا توصف..فما أن تحيل على أيام خوالٍ حتى تنفجر ينابيعها سيولا ودفقانا لا ينقطع.. إنها متعة وأية متعة لو يعود به الزمن القهقرى إلى ما قبل حدث الفقد فينعم بظله الظليل..!! يقول لذاته جهارا وبملء فيه أنه رجل ذو مروءة وله مصداقية ويقول ما يفعل، ولسانه ينطق دوما بالحكمة النابعة من القلب الخالص .. بينما الكائنات الصماء، الفئة الباغية، الغادية أمامه بكرة وعشيا ، تقول ما لا تفعل ولسانها سليط ينطق عن الخسة والمهانة والدونية وسوء التقدير والاعتبار.. عندما تبتلعه أزقة المدينة ويغوص في دروبها الهائجة، ينتابه إحساس بسياط تلهب ظهره بنظرات فاحصة مخيفة وأشباح تطارده وأخرى تشير إليه بالبنان ..يسائل نفسه في حيرة : أهو في ظلمة قاتمة أم في نور وضاء؟؟ وحينما ينتهي به المطاف إلى أنه تحت إشراقة شمس لا تغيب ، يقول في دخيلته متسائلا من جديد : إذن.. أين ظِلِّي..؟؟!! |
|||
30-09-2019, 09:22 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
قرأت قصة شدتني من بداية الرسمة إلى ضربة الظل مختفيا
أهنئك سيدي
|
||||
01-10-2019, 04:47 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
اقتباس:
الاخت فاطمة الزهراء العلوي
اختفاء الظل هو اختفاء وفقد لكل شيء ..اليس الظل احتماء وحضنا وديعا كما الام الرؤوم..؟ شكرا على اطلالتك البهية... |
||||
12-10-2019, 02:31 PM | رقم المشاركة : 4 | |||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
اقتباس:
فلنتصور ولو لثانية هذا العالم دون ظل؟ فسبحانك يا الله في كل خلقه حكمة ربانية شكرا على الكتابة الهادفة
|
|||||
12-10-2019, 03:45 PM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
اقتباس:
*************************** الى الاديبة فاطمة الزهراء العلوي الظل له دلالات فضفاضة..منها واحدة مما ذكرت..ومنها ما نستجليه من خلال الدلالات المجازية الضدية : الوحدة والحرمان والتيه والنبذ وما الى ذلك من فيض المعاني.. تحية لا تُضاهى على إطلالتك مرة اخرى .. |
||||
12-10-2019, 10:42 PM | رقم المشاركة : 6 | |||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
اقتباس:
نعم صدقت أخي لذلك قصتك شدتني وبقوة وأعدت قراءتها أكثر من مرة ليس فقط من خلال المفردة فيما احتوته من تضادية ولكن قوة السبك حتى كدنا نكون شهودا على هذا الظل، وحاضرين فيه ونعرف أين اختفى حين ترك على قارعة ضربة الختام أعتذر على الحضور المتكررهنا فنادرا ما يشدني نص و بهذه القوة
|
|||||
13-10-2019, 04:00 PM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
اقتباس:
************************* الى المبدعة فاطمة الزهراء سبر غور النص يكاد يكون عسيرا كما قال بعض زملائي..لكن يبدو لي انك قد استجليت حقيقته ومكامنه ولو اعتمادا على قوة السبك تلك كما تقولين .. ...
إنها قصة حياة رجل مسن عصفت به أهوال الدنيا وأتراحها وأبحرت سفنه في اتجاهات ما لا تشتهيه ..فلا صديق ولا معيل ولا عمل ولا عائلة ولا..ولا....حتى تحولت لديه الأشياء والذوات الى كائنات صماء.. لا ينبغي لك ايتها الاديبة تقديم الاعتذار..انا سعيد بوجودك ..بالعكس، تفاعلك مع النص بين الحين والآخر زادنا حماسة وأريحية.. تحية جليلة على عودتك |
||||
14-10-2019, 11:03 AM | رقم المشاركة : 8 | |||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
اقتباس:
هذا ما ينقص الكتابة اليوم أخي نكتب وتبقى الفصوص ملساء خاوية من شعاع القراءة وحتى إن مارسنا القراءة بحوار يفاجئنا بالرفض لاننا تعودنا على ان تبقى فصوصنا ملساء دون حياة الكتابة دون هذا الحوار والاخذ والرد ورد الرد هي مجرد حبر على بياض ورقة شكرا مرة أخرى و في انتظار جديدك أتمنى لك كل الخير وسفينة ترسو على موانىء من ضوء ثم شكرا كبيرة على ترحيبك بي دوما وكلماتك الصادقة الطيبة في حقي
|
|||||
14-10-2019, 04:48 PM | رقم المشاركة : 9 | ||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
اقتباس:
*********************** أجل لولا الكتابة والقراءة وكذا التفاعل مع المكتوب ماكان للمنتديات عامة والمواقع الثقافية أن تعيش ولا ان تواصل رسالتها الانسانية..مسألة طبيعية...
ولك الشكر أنت ايضا على تفاعلك القيم.. بوركت خطواتك ... |
||||
14-10-2019, 04:57 PM | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
اقتباس:
الاستاذ جمال عمران بالفعل لابد أن تظل الجراحات مكلومة والعيش يبقى سرابا يغرق في ضبابية لا حد لها ..فزوال الظل معناه فناء..
تحية إجلال لك على انطباعك القيم.. |
||||
25-10-2019, 03:01 AM | رقم المشاركة : 11 | ||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
نص جميل وسبك متين
بناء قوي وسرد لذيذ شكرا على متعة القراءة كل التقدير
|
||||
26-10-2019, 03:57 PM | رقم المشاركة : 12 | ||||
|
رد: الرجـل الـذي فـقـد ظـلَّـه...!!
اقتباس:
الاستاذ خالد يوسف أبو طماعه
شهادتكم مشرفة وتقييمكم رائع وإطلالتكم بهية.. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|