24-10-2015, 09:40 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
حول الموت والروح
لطالما نسمع كلامًا يُقالُ حول الموت والروح والقبر والعذاب والنعيم ، ومن أغربِ ما سمِعتُ من بعض العلماء الذين أحتَرِمُ آراءهم لكنّي أخالِفُهم فيها ، أنهم عند كلامهم عن الروح والقبر يستشهدون بآياتٍ تخدُمُ أفكارَهُم فقط ويجوزُ فيها التأويل ، فقال أحدهم : " لا وجودَ لعذاب القبر ، لأن الله تعالى يقول : (( قالوا يا ويلنا من بَعَثَنا من مَرْقَدِنا )) (سورة ياسين)
ففسّر ذلك على أن من في القبور كانوا نائمين (( مرقَدِنا )) واستشهَدَ أيضا بقوله تعالى عن آل فرعون نافيًا عذابَ القبر : (( النارُ يُعرضون عليها بكرةً وعشيا ويوم تقومُ الساعةُ أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب )) فحسبَ قوله أن فرعون الآن نائمٌ نومةً هنيّة فإذا قامت الساعة قال : من بَعَثَني من نومي ؟؟ أمّا أحَدُهُم فقدْ تَحدّث عن الروح وجعلها أمرا لا يجبُ التجرُّؤُ على الخوض فيه ، فقال : قال تعالى : (( ولو ترى الذين كفروا في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفُسَكم )) فالملائكة حسبَ زعمِه يَقبِضون النَّفسَ لا الروح (( أخرجوا أنفُسَكُم ))، ثمّ قال فالروح لا يجبُ التحدُّثُ عنها أبدا فهي من أمر الله ونفخةُ الله ، وأضاف أن الميت في القبر لا يُعذّبُ تعذيبا بدنيًا حسيّا بل تعذيبًا إدراكيًّا عقلياً نفسيًّا إلى أن تقوم الساعة ، مُستشهِداً بنفسِ الآية عن عرض النار على فرعون في القبر بأنّهُ عذابُ عرض لا عذابُ بدَن . فأين الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو المُفسّرُ الأعظم علّمَهُ اللهُ تعالى ، وأطلَعَهُ على الغيب ، وأوحى إليه الوحيَ المُبين ، وأخبَرَهُ الخَبَرَ اليقين ، وكلُّ ذلك من حديثِه عليه الصلاة وأزكى التسليم عن القبر وعذابِه عن البراء بن عازب وهو حديثٌ صحيح أنّهُ وَرَدَ اسمُ : الرّوحِ للميّت فقال : قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِه فالروحُ التي أخرَجها الملائكة هي التي تُعاد والدّليلُ قولُهُ : فَتُعاد رُوحُهُ. وفي نفسِ الحديث ثَبُتَ أن نعيم المؤمن وعذاب الكافر يكونُ حِسيّا وذلك في قوله صلى الله عليه وسلّم : صَدَقَ عَبْدِي؛ فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ(9) ". قَالَ: " فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ . أليسَتْ أفرِشَةُ الجنّة ، ولباسُها ، والطّيبُ الذي يأتيه منها وسَعَةُ القبْرِ مدَّ البَصَر ، كلُّه مزجٌ بين النعيم الحسيّ والإدراكي جميعًا ؟؟؟؟ وعن الكافرِ أيضًا في شأن الروح : فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا . أمّا الكافر فيكون عكس المؤمن في عذابِه الحسّيّ والإدراكي معًا فقال صلى الله عليه وسلّم : كَذَبَ؛ فَأَفْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ. فَيَقُول:ُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ! فَيَقُولُ: رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ". [ قَالَ: " ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا ". قَالَ: " فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ؛ فَيَصِيرُ تُرَابًا. قَالَ: " ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوح أليسَ هذا عذابٌ في القبر ؟؟؟؟ فلا نومَ في القبر ، إنما جازَ أن يُشبِّهَ الله ضجعَة القبر بضَجعَةِ الرّاقد فقال (( مرقدنا )) وتجوزُ تأويلاتٌ أخَرْ ، وكيفَ لمَن يأتي جِسْمَهُ مِنْ حَرِّ النّار وسُمومِها أنْ يَنام ؟؟ أو لمن أضلاعُهُ اختَلَفت في ضمّةِ القبرِ أن يهنأ بالرّقاد ؟؟ أو لمن يَشِمُّ نتانةَ اللحد ، وعفونَةَ القبر إلى يومِ القيامةِ أن يخلُدَ إلى الراحة ؟؟ ، أو لمن ضُرِبَ فصارَ تُرابًا أن يلذَّ له النُّعاس ؟؟ وكيف يكونُ هذا كلُّهُ إدراكيًا ؟؟ وهو ما يشتَكي منه الواحِدُ منّا في الدُّنيا من ضيقِ المَسكن ( وهو إدراكي ) وحرارةِ الجوّ الشّديدة وهو حِسّي ، ونجاسةِ المكان وهو إدراكيّ حسيّ ، دون أن نذكُرَ ضربَ فاتنَيْ القبرِ للكافر وما أخبَرَ بِهِ صلّى الله عليه وسلّم في أحاديث طوالٍ يضيقُ بنا المقامُ هنا عن ذكرِها ، فمن مشيئة الله أن يجمَعَ لعبادِهِ النعيم أو العذاب في القبر ويجعَله مزيجا بين البدن والنفس وله في ذلك حكمة ٌ بالِغة ، فالخلقُ خلقُهُ وهو أدرى بما يليقُ بهم . أما المشكلةُ أنَّ الذين يتحدّثون عن هذه الغيبيات هم أطبّاء وعلماء نفس وجيولوجيون وفلَكيون وغيرهم فيُسقِطون من الآيات ما يزيدُ من حُججِهمْ قوّة ، ويُعرِضون عن الأحاديث أو الآيات التي تُضْعِفُ استنتاجاتهم ، أوتُناقِضُ اكتشافاتهِم . |
|||
26-10-2015, 02:31 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: حول الموت والروح
موضوع الروح في جميع أطوارها حياة و موتا , دنيا و آخرة , برزخا و بعثا و حشرا موضوع شيّق و لا بأس من تناوله استنادا إلى عقيدتنا و قرآننا و سنّتنا و لعلّ في ذلك يكون مزيد تقوى و احساس بالجانب الروحي فينا في عصر المادّة المحمومة و الغريزة المتمكّنة هذا .
شكرا فاضلنا ماضي عبد الغني على طرح الموضوع و لي عودة باذن الله لمزيد الاستفادة و الافادة . مودّة و تقدير . |
|||
26-10-2015, 11:26 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: حول الموت والروح
اقتباس:
شكرا لأجل اهتمامك |
||||
27-10-2015, 12:20 AM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: حول الموت والروح
شكراً لهذا الطرح المثري القيم المفيد وما
تضمنه من آيات تثبت ما جاء بالقرآن والسنة والرد على التشكيك جزاك الله خيراً |
|||
29-10-2015, 06:48 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: حول الموت والروح
تبقى الناحية المادية فينا عاجزة عن التحليق بنا إلى ما نرجو من كمال و تمام فضيلة . و بقدر ما نستيقن من عجزنا المادّي نتأكّد من أهمّية الجانب الروحي فينا فلا خلاص لنا و لا أمل في الارتقاء بانسانيتنا إلاّ برعاية بعدنا الروحي الذي يبقى رخصة عبورنا إلى الكمال و الخلود .
لقد جرت الأنسانية طويلا وراء وهم مادّيتها لتخليد وجودها لكنّ الجدوى لم تكن في مستوى الجهد و تبقى القيم الغيبية الملاذ و الرجاء لترتوي ذواتنا من هذا الظمإ الأبدي إلى البقاء حتى بعد تلاشي المادّة و المحسوس . للمتابعة ... |
|||
30-10-2015, 11:56 AM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: حول الموت والروح
اقتباس:
تشرفتُ بحضورك وأسعدني أن موضوعي أعجبك شكرا |
||||
30-10-2015, 12:04 PM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: حول الموت والروح
اقتباس:
وقد صدق الشاعر : فأنت بالروح لا بالجسم إنسانُ فكل ما يتوهمه الإنسان ويظنه كمالا لا يتمُّ إلا بكمال الروحانيات أردتُ بموضوعي تبيين ما جاء عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عن ربّه ، فلماذا نزيدُ أو نُنقِص أو نُأوّلُ ما يخدمُنا ونُهمِلُ الشطر المهم . شكرا لتواجدك أخي الكريم |
||||
21-11-2015, 11:47 AM | رقم المشاركة : 8 | |||
|
رد: حول الموت والروح
بخصوص العذاب الحسّي هو مؤكّد بالقرآن و السنّة خاصّة إذا عرفنا أنّ الجلد هو المنطقة الحسّاسة في الجسم و يكفي أن نذكر كيف يبدّ ل الله جلود أهل النار كلّما نضجت و احترقت لأنها تفقد الاحساس و ذلك ليستوفوا بالجلود الجديدة عذاب ما اقترفوا .
و حتى العذاب المعنوي النفسي لا يمكن الاستهانة به فالانسان مشاعر و وجدان و الإهانة و الخزي لهما مفعول يصل بالانسان إلى أن يتمنّى الموت أو العذاب الجسمي فأن يعلم مجرم محكوم عليه بالإعدم توقيت إعدامه بالضبط أهون عليه بكثير من معاناة انتظار موت مجهول ساعة التنفيذ فهو وارد في كلّ لحظة . نحن في النهاية روح و جسد و في كلا الحالتين هناك نعيم و عذاب حسب سعينا و ما قدّمنا و نسأل الله سبحانه مزيد العفاف و التقوى و اللطف بنا في الدنيا و الآخرة إنه رحيم مجيب . للمتابعة ... مودّتي و التقدير . |
|||
|
|
|