مقتطف من روايتي القادمة إن شاء الله

[الفرحان بوعزة]

رحم الله ميتا لا يزال بالقلب حيا.
طيلة انتظار أحمد للعشاء، كانت كوثر ترجها الهواجس رجا، فأحست أن اللحظات الجميلة لم يعد لها مسكن في قلبها، بدأت كل الأماني التي كانت تتطلع إليها تهرب عنها. اكتسحت عيناها غشاوة، كانت تبحث عن الشيء وهو أمامها ولكن لا تراه. تذكرت أمها وقالت في نفسها:"أمي كانت صادقة في قولها، حكيمة رغم أنها أمية لا تعرف القراءة والكتابة. كانت تسحرني بكلامها، تحكي وهي تستدعي عدة حوادث مرت بها في طفولتها كذكريات مشرقة لا تنسى. مرة قالت لي وهي تبتسم:" كنت أرعى الغنم وأنا صغيرة نيابة عن أخي، كان أبي يفضله علي، كنت مقتنعة بذلك ولم أسأل لماذا؟ سمح له أن يذهب إلى المدرسة، مدرسة مبنية بالحجارة والطين، وبعد زمن بنيت بالحديد والإسمنت. كان أخي لا يملك محفظة، ولا أدوات كثيرة كما هو الحال اليوم. لا يتوفر على كتب يستعين بها لفهم الدروس، له دفتر واحد يجمع فيه كل المواد الدراسية. كان الفقر يشد على أعناق الكثير من سكان الدوار إلا القليل منهم، والجوع ينهش بطونهم. جلهم كانوا يبحثون عن حفْنات من الشعير أو القمح ليقتاتوا بها خلال الأسبوع". سوت منديلها على رأسها وقالت:" نادرا ما كنا نتناول اللحم، نأكل كل شيء من الطبيعة خاصة في فصل الربيع. كان أبي يبيع دجاج أمي في السوق الأسبوعي، بثمنه نشتري حبوب الشاي وقطعا صغيرة من السكر. القليل من أهل الدوار يتوفرون على صينية وكؤوس جميلة. كنا ننام باكرا ونستيقظ مع الفجر، فأتناول قطعة من الخبز محشوة بشيء من السمن الحار وأنا أسوق نعْجات سمينة إلى المرعى. من حظي أن نعجة درعاء كانت بين قطيع الغنم، تتميز بصدرها الأبيض وفخذها الأسود، فكلما اشتد بي الجوع أهرع لأقتات من حليبها بقدر. استرجعت أمي أنفاسها بمشقة وقالت: "إيه ! لم نتذوق في ذلك الوقت مذاق القهوة، ولم نعرف نكهتها. لكن رغم ذالك، كانت حياتنا مطبوعة بالتسامح، والتكافل، والقناعة، نساعد بعضنا البعض".
رسمت شامة أم كوثر أيام حياتها بلغة بسيطة وصادقة، تصور من خلال كلماتها وجه طفولة بئيسة، طفولة خانعة وراضية بحياة البداوة، قد تبدو لمن يسمعها وهي تتحدث، يفهم أنها عاشت في شقاء، لكن من ينظر إلى وجهها يجد سعادة خفية تسكن قلبها. يا لها من مشاعر مؤثرة، وأحاسيس مكبوتة ما زالت محفورة في ذاكرتها. والغريب أن أم كوثر استطاعت أن تدبج حكايتها بالابتسامة، كأنها بطلة توجد فوق ركح بدون ستار. تحكي وتتألم، تحكي وتبتسم وهي تحدق في وجه ابنتها كوثر.
فكلما تذكرت كوثر حكاية أمها تدخل في دوامة من الحيرة، تشدها لمسات التقدير والاحترام والإعجاب. لغة أمها كانت واضحة رغم أنها كانت تنتزعها من الدارجة المحلية للقرية.
فجأة، دخل أحمد على كوثر وهي في المطبخ، فكأنه مرر ستارا على مقطع درامي لأمه، كبطلة عاشت وهي تحارب صروف الزمن بصبر وثقة في النفس. فمثيلات هذه الأم لا يعمرن طويلا، سرعان ما يقف الموت على رؤوسهن، ويغادرن في صمت.
سألها أحمد عن مسار الرحلة، فقال: "تمنيت لو سافرتُ معكم لأطلع على مكان ولادة أبي وأمي.
ـــ لا عليك، سنزوره قريبا عندما نريد أن نبيع الأرض.
ـــ الأرض، أين الأرض؟ لهف عمي كل شيء، سنوات وهو يأكل كل غلال الفصول، مات ودفن حقنا معه". ابتسمت كوثر وقالت: "اذكروا موتاكم بخير". بأنين لم ينضج داخل صوت غاضب قال أحمد: "كرهت ما عبرت عنه، لا أدري كيف كنت متسرعا في القول، ولا أعرف كيف تملكني الغضب، وعدم التحكم في قولي هذا. رغم ذلك، فعمي غض الطرف عن حقنا وهو حي، الآن تعقدت المشكلة أكثر مع أبنائه، فقد ينصب جمال نفسه وصيا على كل أفراد العائلة، إنه يخيفني كثيرا بسلوكه الغريب".
ـــ لا بأس، هون على نفسك، ولا تشغل بالك واهتم بدراستك، وكن من المتفوقين لتنال مكانة اجتماعية تؤمن لك حياتك إن شاء الله.

[خالد يوسف أبو طماعه]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بأخي الفرحان بعد غياب طويل
أشرقت أنوار المكان بهذه العودة الأنيقة وهذه القطعة الأدبية الدسمة
مقطع جميل ووصف أنيق وسرد متماسك وأسلوب شيق جدا والتصوير دقيق
عدسة المشاهد بديعة وكأننا نعيش فيلما أمامنا بكل براعة
أتابع معك هذا السرد الجميل
كل الود والتقدير

[فاطمة الزهراء العلوي]

مُقَبّلة تفتحُ شهيّة القراءة
في انتظار الآتي من فصول
أتمنى لك أستاذنا بوعزة دوام الصحة والعافية ومزيدا من ألق
وحمدا لله على سلامتك
وأتابع بشغف
فالرواية كجنس أدبي يستهويني وكثيرا

[الفرحان بوعزة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد يوسف أبو طماعه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بأخي الفرحان بعد غياب طويل
أشرقت أنوار المكان بهذه العودة الأنيقة وهذه القطعة الأدبية الدسمة
مقطع جميل ووصف أنيق وسرد متماسك وأسلوب شيق جدا والتصوير دقيق
عدسة المشاهد بديعة وكأننا نعيش فيلما أمامنا بكل براعة
أتابع معك هذا السرد الجميل
كل الود والتقدير

حياك الله أخي المبدع المتألق خالد ،شكرا على قراءتك القيمة التي أعطتني نفسا قويا ،تشجيع أعتز به.
قراءة مهدت لي الطريق للاستمرار في الكتابة،وحفزتني على المضي قدما.
محبتي وتقديري

[الفرحان بوعزة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي

مُقَبّلة تفتحُ شهيّة القراءة
في انتظار الآتي من فصول
أتمنى لك أستاذنا بوعزة دوام الصحة والعافية ومزيدا من ألق
وحمدا لله على سلامتك
وأتابع بشغف
فالرواية كجنس أدبي يستهويني وكثيرا

شكرا لك أختي المبدعة المتألقة فاطمة الزهراء على كلمتك الطيبة.
كلمة نابعة من قلب طيب ،وهي تشجيع لي لكي أستمر في الكتابة ،ومطمإن على ما أكتب.
تحياتي وتقديري

[جمال عمران]

مرحبا الاستاذ بوعزة.... صديق الزمن الجميل... إيييييبه.. كانت أيام،، أيام كنا غير مانحن وكانت الدنيا غير ماهى وكان الابداع والتواصل لاينقطع فى جو من التشاركية والمودة والاخاء.
مرور للترحيب بك وأنتظر، وأتابع مدادكم.
مودتى

[إيمان سالم]

مبارك أديبنا الفاضل و استاذي المحترم الفرحان بوعزة
و تمنياتي لك بمزيد النجاح و التوفيق

[نجلاء وسوف]

جميل
أعجبني السرد وينم هذا المقطع عن رواية مبشرة بإبداع جميل
أتمنى لك التوفيق أستاذ
تحياتي

[الفرحان بوعزة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال عمران

مرحبا الاستاذ بوعزة.... صديق الزمن الجميل... إيييييبه.. كانت أيام،، أيام كنا غير مانحن وكانت الدنيا غير ماهى وكان الابداع والتواصل لاينقطع فى جو من التشاركية والمودة والاخاء.
مرور للترحيب بك وأنتظر، وأتابع مدادكم.
مودتى

---------------------------------------------------
شكرا لك أخي المبدع المتألق جمال على كلمتك الطيبة،كلمة أعتز بها.
فعلا لقد تغيرت الحياة بجميع مقوماتها، خاصة في مجال الصحة مما ترتب عنها الفزع والخوف في البداية،أتمنى ان تنفرج الأزمة بخير وتعود الحياة إلى مجراها الطبيعي حتى يتنفس الإبداع من جديد في حركته الدائمة .
سلامي الحار، واتمنى ان تكون بخير. تقديري واحترامي.

[الفرحان بوعزة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان سالم

مبارك أديبنا الفاضل و استاذي المحترم الفرحان بوعزة
و تمنياتي لك بمزيد النجاح و التوفيق

-------------------------------------------
المبدعة المتألقة إيمان،تحية كريمة وشكرا على كلمتك الطيبة ،كلمة تشجعني على المضي قدما .
مودتي وتقديري

[الفرحان بوعزة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجلاء وسوف

جميل
أعجبني السرد وينم هذا المقطع عن رواية مبشرة بإبداع جميل
أتمنى لك التوفيق أستاذ
تحياتي

-------------------------------------
تحية كريمة للمبدعة نجلاء،شكرا على كلمتك الطيبة ،كلمة أعتز بها.
مودتي وتقديري

[أحلام المصري]

مرحبا بك أديبنا القدير
والمتميز
أستاذ الفرحان بو عزة
نتمنى إن شاء الله اكتمال العمل
لنستمتع بهذا البهاء

احترامي وتقديري

[بوبكر خليل]

فعلا لقد استطعت أن تنسج لنا جزء من الرواية معبرة ودالة وموحية وذات معنى ومغزى وصاحبها يسرد لنا واقع الحياة في الزمان الغابر زمان جميل ملئ بالمسرات والافراح / لقد عشت مثل هذا في الماضي وفي ريفنا الجميل مع والدتي ووالدي وكانت والدتي تسرد لي كل ليلة من روائع قصصها الخيالية بأسلوبها الشائق كانت رائعة سلمت صديق لما خطته أناملك رواية جعلتني أعيش لحظات السعادة ذكرتي بالماضي الجميل شكرا لك