لا بيع بعد اليوم ؟؟ ،،، / زياد السعودي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :أحلام المصري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: طيور في عين العاصفة* (آخر رد :أحلام المصري)       :: جبلة (آخر رد :أحلام المصري)       :: إخــفاق (آخر رد :أحلام المصري)       :: ثلاثون فجرا 1445ه‍ 🌤🏜 (آخر رد :راحيل الأيسر)       :: الا يا غزّ اشتاقك (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الأزهر يتحدث :: شعر :: صبري الصبري (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الادب والمجتمع (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: مقدّّس يكنس المدّنس (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: تعـديل (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 11-02-2007, 09:29 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي لا بيع بعد اليوم ؟؟ ،،، / زياد السعودي

لا بيع بعد اليوم ؟؟



كان صابر قد أعلن عن ميلاده بصرخات قوية متتابعة أشعرت ذويه بالقلق والحيرة ليبدأ مشوار طفولته فيرضع.. يُفطم على صوت ماكنة الخياطة حيث كانت والدته تخيط بها مراييل المدارس وأوجه الفرشات وما يتيسر لها من أعمال خياطة .
كان يحوم حول تلك الماكنة ربما لارتباطها برضاعته وفطامه حتى أنه سقط ذات يوم وشج طرفها جبينه، ربما كان لا بد من ذلك الحادث حتى يتصالح مع ضجيجها الذي كان يسكن جغرافية رأسه
صابر كان الطالب الوحيد الذي يكره جرس نهاية اليوم الدراسي !!! لأنه يفضي به إلى وجبة سريعة قبل أن يصبح فرش الكعك رفيقه على امتداد ساعات النهار وبعض ساعات الليل .كان يجد في أحاديث النساء ما يخفف عنه:
(ما شاء الله على صابر الأول على صفه الفائز بكل نشاطات مدرسته البائع . "العتال" .. الشاعر والفنان ... " يا ريت أولادنا مثله " ما شاء الله عليه !! )...
هدى ابنة " الست بهيرة المرعبة " مديرة مدرسة البنات في الحي ...هدى التي كان يتبارى في ودها سامي ابن الضابط ، ورياض " اللي عندهم سيارة " ومحمد موسى ابن التاجر الثري وأيمن الذي يعمل والده في وزارة مهمة، ومعتز ابن مذيع التلفزيون ، بالإضافة لصابر ابن الحارس .
كان العشاق على اختلاف ظروفهم في سن الخامسة عشرة، تلك السن التي تتبلور فيها شخصية الفرد... وهدى كانت تلك البحيرة الطازجة ما انفكت كما الفراشة تحوم حول صابر وتتلقف أخباره .

آما ما كان من أمر ثلة العشاق ؟ فقد كانوا يجلسون على حائط حديقة منزل " الست بهيرة " وأقدامهم تتدلى نحو الشارع استعدادا للهرب إذا ما رأوا والدة هدى قادمة وهم يتقربون من ابنتها بوابل من النظرات والكلمات المعسولة، غير أن صابر وبحكم انه بائع فقد كان يملك جواز سفر العبور الى حرم الحديقة حيث تتهادى هدى إلى أرجوحتها وفي عالم الخيال لم يكن يرى نفسه بائعا !!

ـ صابر أيها الفريد " يا للي مثلك ما ولدت دايه ... اذهب إلى ابنتي هدى في الحديقة أعطها ما تريد من الكعك هي وصويحباتها ثم عد إلي كي أعطيك الثمن ، وكان صابر يفعل غير انه لم يكن ليعود للست بهيرة لأخذ ثمن بضاعته وذات مرة سألته بهيرة :
ـ لماذا وفي كل مرة لا تعود إلي كي أعطيك ثمن ما تشتريه هدى وصويحباتها ؟؟
أجابها صابر مبتسما : كنت أنتظر ان يصبح المبلغ ربع دينار حتى أتفادى موضوع البحث عن فكه ..
وابتسمت هدى واكتفت الست بهيرة بتحذيره ان لا يفعل هذا مرة أخرى وهي لا تدري أنها بذلك تحرمه من أجمل طقوسه مع هدى .

عندما تتحسن الظروف ؟؟
لم يستطع صابر رغم ثقافته واطلاعه من إدراك أبعاد هذه الكلمات فلقد حفرت بداخله ككلمات مبهمة يرد بها والده على سؤاله المتكرر :
ـ متى يا ابي اكف عن البيع ؟؟ فلقد لوحتني شمس آب وأعيتني رياح تشرين وسكنني صقيع كانون وملتني الأرصفة والشوارع وضاق بي حذائي فإلى متى ؟؟
وتأتي كلمات والده في حضرة دموع أمه :
ــ عندما تتحسن الظروف يا بني !!
وكان ان عقدت المدرسة مسابقة لحفظ القران وتجويده الكل يستعد بما أوتي من قوة وقدرة وجاه... للفوز بهذه المسابقة وعندما يُسأل صابر عن استعداداته يقول ربما لن اشترك فالوقت يملكني ولا املكه .
وذات يوم أتى أحد زبائنه ليشتري منه كعكة بالجبن وهو ينصب فرشه ... على قارعة رصيف ، فاستغرب وجود القران الكريم معه فاستفسر وعلم ما وراء هذا الأمر فأشار على صابر أن يذهب الى المسجد الحسيني بعد صلاة العصر وفعل صابر ليلتقي هناك بالشيخ " المحسيري " الذي ساعده على حفظ القران والدراية بأحكام تجويده وتلاوته حسب القراءات السبع.
كان انتباه صابر موزعا ما بين الشيخ والعربة التي تحمل بضاعته والتي كان يركنها عند بوابة المسجد في مكان يجعلها على مرمى نظره خاصة إذا تبقى من البضاعة ما تعذر بيعه وكما هو معروف لا عودة للبيت إلا بانتهاء البضاعة .
في يوم الحسم بحضور مدير التربية ومدير المدرسة والأساتذة ولجنة من وزارة الأوقاف وإمام الحي ووالد صابر ووالدته وأخته فوزية وذوي المشتركين والست بهيرة بالإضافة لجمع غفير من أهل الحي ، أتى دور صابر وقرا الجزء الذي طلب منه حسب القراءات السبع مع أن هذا لم يكن مطلوبا فكان فوزه أمرا بديهيا في ظل دهشة الجميع وبالذات لجنة التحكيم التي انهمرت على صابر بالأسئلة وهو يجيب وكأنه يغرف من معين وهم بذلك يريدون أن يقفوا على ما لدى صابر من معرفه بعد ان أدركوا هم والحضور أن لا منافس له وترددت في أروقة المبنى تمتمات الحضور :
ـ ما شاء الله ،،، اللهم صلي على سيدنا محمد ...
وأعلنت النتيجة رسميا بفوز صابر الذي صرخ بصوته الجهوري والدموع تتطاير من عينيه دون أن تلامس خديه وسط استغراب الحضور : كعك ...كعك ... كعك
نعم لقد كان فتى تلك الليلة قضاها مزهوا بنصره برفقة أصدقائه ، وعندما عاد إلى البيت تفاجأ بعربته محطمة سكنه الخوف ودخل إلى المنزل وما أن وقعت عينا والده عليه حتى ركض والده والدموع تكتسحه وأمه وأخته فوزية تجهشان بالبكاء ، لوهلة ظن أن دموع والده دموع غضب فتراجع إلى الخلف لكن إقدام والده كان أقوي من إحجامه فضمه والده إلى صدره ضمة لطالما تمناها صابر وقال له بصوته الباكي :
ـ لا بيع بعد اليوم يا صابر ... لا بيع بعد اليوم يا بني
وقف صابر مندهشا ، وقبل يد والده ودموع الفرح تتناثر من عينيه .. واتجه نحو أمه يعانقها وهو يصرخ بصبيانية :
ـ لا بيع بعد اليوم !!! يا امي ...
لا بيع بعد اليوم يا ابي !!!
لا بيع بعد اليوم يا فوزية !!
سيتوقف ابن الضابط وابن اللحام وابن المذيع.... عن التهكم علي
وعاد إلى ما تبقى من العربة ليكمل تحطيمها بشكل احتفالي وخرج معظم الجيران على صوته الفاغر :
ـ لا بيع بعد اليوم لا بيع بعد اليوم ،،،،
ونام صابر نوما هنيئا لم يذقه من قبل نام وهو يحتضن جائزته
في اليوم التالي كان صابر يحمل فرش الكعك على رأسه وينادي وهو يخترق الأزقة والشوارع : كعك ... كعك ... كعك









  رد مع اقتباس
/
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:11 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط