فتوى لدمعةِ فاطمـَةْ ! - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :عبدالماجد موسى)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > 🌿 عَمّــــــــون ⋘

🌿 عَمّــــــــون ⋘ مكتبة الفينيق ...... لآل فينيق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-12-2015, 03:04 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي فتوى لدمعةِ فاطمـَةْ !

فتوى لدمعة فاطمة
( 1998- 1999 )
د. نديم حسين

( المَدخل )

عن المرحوم أبي الطيِّبِ الراميِّ أنه يقول :

(1)
وكأنَّما حطَّتْ على نَومي عُيونٌ من فضاءِ القُدسِ تَرمُقُني وتحرُسُني . وأحلامٌ على أفقي تغيبْ !
وكأنَّما صلَّيتُ ثمَّ نُثِرتُ مثلَ غمامةٍ في خبزِ أسوارٍ ليأكلَ طفلتي مطرُ الغزاةِ .. ومِعصَمي .
لأغيبَ في وطنٍ غريبْ !
وكأنَّما كُفِّنتُ فيها . في قماشِ دروبِها ، فذهبتُ مثلَ الشَّمسِ في لغةِ المَغيبْ !
لأُحبَّ قاتِلَتي من الفجرِ المضرَّجِ بالمُدى حتى المَشيبْ !
وتساقطتْ لغةُ الذُّبابِ على منابِرِ جُرحِها . وتسامَرَتْ قصَصُ الغيابِ على ضفافِ حضورها . وكلابُ صَيدٍ شأنَ أقنانِ العبيدِ تعلَّلَتْ بطيورِها . ورمَتْ على أنفِ الزَّمانِ نزيفَها . واستنزفَتْ طَبعَ الكلابْ .
لأقولَ : رُدُّوا عن مآقيها الذِّئابْ .
وغفا سميعٌ حولَها . وثَغا على الشَّفَةِ المُجيبْ !
لأغيبَ في وجعي .. أغيبْ !

******
(2)
وأنا كَليمُ الصَّمتِ . أُلقي مُفرداتِ القلبِ مثلَ الكستناءِ بجُبِّ نارٍ ، ناسِجًا روحَ الدِّيار .
لأسيلَ نحوَ شتائكُم في ألفِ ألفِ وصيَّةٍ ، طقسًا وزارْ .
وأنا هنا وعقيدَتي . نُلقي برَأسَينا على كتِفَيِّ جنـِّيٍّ .. على فرَحٍ كئيبْ .
والطَّعنةُ الأخرى تفَسِّرُ وجهَها ، فتصونُ نَومَ النائمينَ مكانَنا ، بفِراشِنا . وعَراؤُنا " حُسنُ الجِّوارْ " .
قطفوا عن الشِّريانِ لوزَ دمائنا حتى ارتوَوا . وتعطَّشَتْ أفواهُنا لندى الحِوارْ .
ماذا يقولُ حوارُنا عن جلسَةٍ أخرى مع الطُّرشانِ في بَحثِ الدَّبيبْ ؟
وأنا إذا دخلَ النقاشُ ، خرجتُ من شُبَّاكِ محنتِها ولُذتُ بآيةِ الكُرسيِّ . أخرُجُ من فَمي .
وإذا " الحُماةُ " تناولوا لحمَ الغُزاةِ بخُطبَةٍ مائيَّةٍ ، أدعو بطولِ المَضغِ عاقِبَةً لأسنانِ الحليبْ .
وإذا هُمُ استَلُّوا سيوفًا من هواءٍ . أو إذا أحْصُوا خيولاً من هباءٍ . أغرقوا شرفَ العذارى في النَّحيبْ .
أتلو عليهم آيةَ الكُرسيِّ منذُ نزيفِنا حتى المَشيبْ .
وينامُ سيفٌ مثلَ جِلـدٍ مَيـِّتٍ جَوفَ السُّدى ، لأغيبَ في غِمدي ، أغيبْ.
******
(3)
وأنامُ فوقَ وسادتينِ لعلَّني أزدادُ نَوما .
وأقولُ سرَّ سريرَتينِ لأهتدي يومًا فيَوما .
يا فاطمة !
هل تَصلُبينَ يقينَنا صَنَمًا على وطنٍ لنلتزِمَ الحِيادا ؟
هل تشربينَ دموعَنا مطرًا على عطشٍ لنعتنِقَ الحِدادا ؟
هل تَرفَعينَ سماءَنا سقفًا على سفَرٍ لنعتزِلَ البِلادا ؟
هل تلكزينَ عذابَنا سيفًا على جسَدٍ لنرتكِبَ الجَوادا ؟
ورميتِني في جُبِّ آلافِ السِّنين وسُمتِني قهرًا ومَوتًا . سُمتِني حُبـًّا وصَوما .
وأنامُ ثانيةً على حُلُمينِ كي أصطادَ قَوما .
وعذابَكِ العَذبَ الرَّحيمَ . رحيلَكِ الباقي المُقيمَ . ذهابَكِ الآتي إلى يَومي ابتِعادا .
وبقائيَ الباقي انذِباحَ مُعاقِرٍ لغةَ الزَّبيبْ .
هطلَ الجَرادُ على معاقلِنا . وقد شربَ الجرادُ خلاصَةَ الوادي الخَصيبْ .
دُقِّي يَدَيَّ وعَلِّقي سَفَري على طُرُقِ الصليبِ ، لعلَّني أتلو علينا آيةَ الكرسيِّ مُرتَحِلاً على ظَهرِ الصَّليبْ .
وجيوشُ " قُرمُطَ " أرسلَتْ " قوزاقَها " سَوطًا على قلبي وظَهري .
شربَتْ دَمي .. وسُهولةُ الغُفرانِ تُغري .
مَن يا تُرى إلاَّيَ يُطلِقُ كلَّ جنِّـيٍّ مُتاحٍ مِن مصابيحِ المَدى ؟
قِدْري كوَهمِ الماءِ في بعضِ الحَصاةْ .
والطفلُ ينتظرُ العشاءَ على مَواعيدِ الخُصاةْ .
رحلَتْ خطى " عُمَري " عن الطرقاتِ والظُّلمُ استَماتْ .
وتسومُني صلَواتُ كفَّارٍ وألوانٌ مفاجئَةٌ خريفًا . أو نيازِكَ تقتفي طَعْمَ المَغيبْ .
هذا أنا وحبيبتي ويقينُنا كمثلَّثٍ رسمَ الصَّلاةَ . وكانَ مَقبولَ الصَّلاةْ .
هذا أنا وحبيبتي . وبُيوتُ شِعرٍ أثلجَتْ صَدرَ اللَّهيبْ .
******
(4)
فقدَتْ خُطى شهدائها طرقاتُنا وتناثرتْ في اللَّامكانْ .
سقطتْ زهورٌ من دمٍ وتمزَّقَتْ إرْبًا على نَيسانْ .
سقطَ الشَّهيدُ على الشَّهيدِ على الشَّهيدْ
والأرضُ يُغريها المزيدْ
وتمدَّدَتْ جُثثُ الضَّحايا تَحتَ فوهاتِ البنادقِ
عندما وجدَتْ بجانبِ طَلقةٍ بعضَ الأمانْ .
حتى صَحا طفلُ السَّلامِ يؤرِّخُ المستقبَلَ الآتي
ويُنبِئُنا عن الماضي القريبْ .
******
(5)
تمشي بنا أصابعٌ على حقولٍ ناوَرَتْ ككاشِفِ الألغامِ
في حروفِ ألغامِ الكلامِ المُبهِرِ .
لتَبذُرَ انبِعاثَنا فوقَ انفراجِ الأسطُرِ .
وكَم بَدَتْ بلادُنا كبيرةً على دمي تحتَ انبِهارِ المِجهَرِ .
وكَم بَدا حُبِّي صغيرًا عندَها
لـَمَّا أتى مُقارَنًا معَ التِياعِ العَبهَرِ .
وروحُ برتقالةٍ تُفضي إلى مرافئٍ وقاربٍ وغُربةٍ
ظلالُ " يافا " بُعدُنا عن قَيظِ كَفِّ البَربَرِ .
هل يَغفِرُ الغريبُ للغريبْ ؟
******
(6)
باعَ الذينَ باعَني كلامُهُم بدِرهَمٍ ونِصفْ !
ويمَّموا شَطرَ استغاثاتِ الجواري .. والأمانْ .
وَلَّى الذين قادني ظلامُهُم لقَينَةٍ عرجاءَ ،
لاذوا بالأغاني والقِيانْ .
هامَت على وجهِ الدروبِ نارُهُم وهاجرتْ للاَّمكانْ .
ولوَّحَ الملوِّحونَ بالإيابِ رايَةً وطِيبْ .
قالوا لنا :
قد تُنجبُ الطريقُ للخيولِ ألفَ صَولةٍ ، ليحتفي صهيلُها السَّليبْ .
ويُسفِرُ التَّناوُبُ العجيبْ .
فمرَّةً قحطانُ تَثني مُهرَتي ، ومرَّةً يلكِزُها " تلُّ الأبيبْ " .
وكيفما شاءَ الإلهُ عنهما أغيبْ .
سيفًا على سيفٍ على ذبحٍ على نجمٍ على نَصلٍ نَجيبْ ! .
ويولَدُ اللجوءُ توأمينِ تَوأمينْ
فواحدٌ مُخيَّرٌ يرمي الطَّلاقَ مرَّةً .. ويمضيْ
وواحِدٌ مضَلَّلٌ يرضى بما قالوا لنا .. ويُرضيْ
وثالِثٌ يبقى على عينٍ تُقيمُ في عَمى العَينَينْ
لتَذرِفَ العذابَ دَمعتَين دمعتَينْ
ويذهبُ المُثري إلى عقولِنا بقَلبِنا . ونحنُ نمضي في خُطانا نحوَ " خُفَّيِّ الحُنَينْ "
يقولُ صاحِبُ الخُطى :
لولا بَنادِقي لكُنتُ سائِحًا !
لولاكِ كنتُ طائرَ البازِ الذي يعودُ من وَهمِ العُلُوِّ نحوَ عصفورٍ ومِخلَبْ .
لولاكِ ما كانَ وُجوديْ قد تغَرَّبْ !
يا سائِلاً عن مِحنَتي :
أنا اليتيمُ بعدما غلَّ الخُطاةُ الرَّاشِدَينْ .
أنا الشَّهيدُ بعدَما امتَصَّ الغُزاةُ الرَّافِدَينْ .
مُسائِلٌ كَفَّ الرَّسولِ :
أينَ سيفُ اللهِ .. أينْ ؟
ولا يَرى صَوتي مُجيبْ !
وتخرُجُ الجُّيوشُ من خيولِها
وتَخرُجُ السُّيوفُ من مُيولِها
ويخرُجُ الخوارِجُ المُوصى بِهِم ، ويخرُجُ الغريبُ من قِناعِنا .. ويخرُجُ القَريبْ !
يرتاحُ تجَّارُ القَوافي في المَنافي بينَ أثداءِ البغايا راكِعٌ شَيطانُهُم .
ويقرأونَ كفَّ أوطانٍ على أسماعِنا ، مُدَجِّلينَ أو مُبَجِّلينَ موتَها الرَّهيبْ !
ضَلُّوا ولَو فينا اهتَدوا .
جَفُّوا ولو منَّا ارتَووا .
مُلقينَ في أفواهِنا عُشبَ الكلامِ المُتخَمِ
وماسِحينَ عن شِفاهِهِم دَمَ " الكَفيارِ " والزَّبيبْ .
وبينَ فُندُقٍ وسَهرةٍ وسَكرَةٍ ، تمُرُّ فوقَ حزنِنا قصائدٌ عقيمةٌ !
طلاسِمًا تصُكُّها أوقاتُ " خوفو " حُجَّةً .
وسِبطُ شَمعٍ يضرِبُ الموتى بصَخرِ وَجههم
ليدَّعي شرارةً تَلي شَرارتينْ .
ونحنُ نمضي نحوَ موتانا " بخُفَّيِّ الحُنَينْ " !
فلتَرحموا المَتروكَ مثلَ وردةٍ مذبوحَةٍ على فنارِ " يافا " !
فنارُ " يافا " تاهَ في بُحورِها
فراشَةً مدَّتْ يدًا لنُورِها
قواربًا ضَلَّتْ .. وماءُ البحرِ في " يافا " مُصيبْ !
******
(7)
يا فاطمه ،
فُضِّي البِحارَ وسافِري ..
لا تُغرِقي ماءَ السَّماءِ فأرضُ لَوعتِنا لَهَبْ
تَعِبَ التَّعَبْ !

(8)
وتدوسُ جثَّةَ وقتِنا خيلٌ تسلـِّمُ أمرَها لمَكيدَةِ السَّرجِ المُعيدْ .
وقلوبُنا آخٌ على واهٍ على رجَبٍ على شفَتَي مُحَرَّمْ .
صلَّى على فُرساننا قلبي وسلَّمْ .
ويُقالُ : موجتُنا تشرِّدُنا وتقتُلُنا .. وتَرحَمْ .
فلتَعذروا نَزَقي إذًا في أن أعلِّمَ ملَّةَ الأنثى الأنوثةَ من جديد .
ولتأكلوا حبَقي إذًا ، بَدَنُ الوليدِ مغامِرٌ قَرَنَ الولادةَ بالحديد .
ولتُنزِلوا الأبعادَ والإِبعادَ عن مَرثِيـَّةِ القُربِ البَعيد .
ولتَغفِروا لَيليْ إذًا في نجمةٍ ما ناولتني نورَها ،
في قصَّةٍ ما ألبَسَتني حبرَها المُرَّ السَّعيد .
هي فكرةٌ تمضي قطارًا فوقَ قضبانِ الجَّليد .
تأوي إلى القطبَينِ ، لا تَقوى على شمسِ النَّشيد .
وقُبَيلَ بَردِ الموتِ من حبٍّ لها ،
يُحصي المتيـَّمُ حُزنَها ..
وبُعَيدَ منتَصَفِ الحسابِ مع الحَسيبْ !

(9)
هيَ همسَةٌ يا طِفلَتي ، هي همسةٌ :
ويصيرُ وزنُ الصِّفرِ رطلا ..
ويصيرُ وجهُ الشَّوكِ فُلاَّ ..
ويصيرُ رأسُ القَومِ نَغلا ..
لا ترفَعي أرتاجَ وجهِكِ عن عيونِكِ واهجُري عينيكِ قائلةً لمَبعوثِ العَمى :
شرَّفتَنا !
ووطِئتَ قلبًا " يا أخي " .. ونزلتَ سَهلا !
فأنا على وجَع البَصيرةِ في المَهاجرِ كلِّها ،
منذُ الإقامةِ حُرَّةً حتى المَشيبْ !

(10)
ويقولُ عاشقُ فاطمه :
وتأبَّطوا شكـًّا إذا شئتُم هَوانًا واخلطوا نجدًا بِصينِ !
فأنا على شَرعِ اليَقينِ .
وتشرذَموا نِحَلاً ، فسنِّيٌّ وشيعيٌّ ودرزيٌّ وعَشْريٌّ ولاتِيُّ المَعينِ .
ديني فِلَسطينيْ ، إذا كفَرَت كفرتُ وإن سجدَت تسَوِّرها يَميني !
قلبي حِرائي والعناكبُ قد أَوَتْ وجهَ الذي في الجاهليَّةِ مرَّةً أخرى يَقيني !
من شِلَّةٍ ترمي حروفَ الشَّمسِ في قاموسِ طينِ .
ومدينةٌ كانت منوَّرَةً وقد فقأوا منارتَها على شطٍّ حزينِ .
وعتابُها دومًا يعذِّبُني ، وحزنُ الرَّملِ مَقلوعُ السَّفينِ .
وأنا على دينِ اليَقينِ .
ولكُم ، لكُم أصنامُكُم يا سِبطَ كفَّارٍ ، وليْ فأسي ولي بأسيْ ولي دَربيْ .. وَدينيْ !
وتفَرَّقوا حولَ الكتابِ ، كِتابُنا يلتَفُّ حولَ جنودِهِ كعباءَةِ الحِصنِ الحَصينِ !
ديني فلسطينيْ من الإطلالَةِ الأولى إلى الإِغراقِ في كفَنٍ قَمينِ !
ولكُم ، لكُم أصنامكم يا نَسلَ أوباشٍ ، وليْ فأسيْ وليْ رأسيْ وليْ قلبي ودِينيْ !
فأسي ستَهوي كيفما شاء الهُدى .. هذي القبائِلُ والحَمائلُ جوَّعَتني ،
فغَمَستُ في ماءِ الشُّروقِ وصَحنِهِ خبزَ الجبينِ .
وأكلتُ أرغِفَةَ الحنينِ .
وقبَرتُ في لغةِ المَغيبِ قبائلي وحمائلي، وخرجتُ من لغةِ المَغيبْ .
وضربتُ عَرضَ القلبِ زَيفَ جيوشكم ، فهَوَت كقَشٍّ من قِيادتها إلى أدنى " رَقيبْ " !
أُقعي على طَلـَلِ الخيانةِ ، لا أعلِّقُ لوعَتي شجرًا على زمنِ الزَّمنْ .
أهفو إلى نَحلِ الدِّيانةِ ساكِبًا وطنًا على جذعِ الوطنْ .
مستَبعِدًا روحَ التَّصالُبِ عن أقانيمِ الصَّليبْ .
تمشي على " مارشيْ " خطى النَّغَمِ الرَّتيبْ .
هذي القبائلُ والحمائلُ والقوافلُ سافرتْ من نخلةٍ قُرشيـَّةٍ
صَوبَ انسِحابِ الرَّملِ من رَكْبِ الذُّهولِ !
فحاذِروا .. قلبي كَمينيْ !
ونصَبتُ للكفَّارِ في قلبي كَمينيْ !

(11)
ورمى الطَّلاقَ على دُمًى ليست لها
صلَّى ثلاثًا ..
ذلك البدويُّ قد جادَت بهِ سُنَنُ الصَّحاري
صَبرًا على سِعَةٍ على زند الزجاجْ !
ودليلُ قافلةٍ إلى بيت الهُدى ..
وسليلُ سيفٍ ذاهبٍ في خطبةِ الحجَّاجْ !
ويموتُ كالبَحَّارِ في صحرائنا ..
ويعيشُ كالبَدَويِّ في إِبحارِنا ..
غرقَ المحيطُ مع الخليجْ على السِّياجْ !
ويظلُّ – غبَّ العُمقِ – مُنتثِرًا على وطنٍ رحيبْ ..
غاصَت جِمالٌ في رمالِ رِمالِنا
ورأَتْ بجَوفِ الرَّملِ رأسَ نعامةٍ
ورموشَ فاطمةِ السَّنا
وبتِلكَ أو هذي وتَينِكَ مَوئِلٌ
إسمُ الإشارةِ هدَّنا
وإشارةٌ موجوعَةٌ تكفي اللـَّبيبْ
(12)
بعيدًا عن حساباتِ البُنوكْ
بعيدًا عن شحوبِ شِفاهِ من لاذوا بصابِغَةِ الشِّفاهْ .
عنِ الأوغادِ – عَقلاً – والوُشاهْ .
بعيدًا عن مماليكِ الزَّعامهْ ..
بعيدًا عن صهاريج الخطابات العقيمة والقمامَهْ ..
عن السِّمسارِ يسرِقُ بعضَ أسماءِ الدَّمِ الحُسنى
ليستوليْ على وجهِ الإلهْ .
عن الرَّائي رغيفًا كاملاً للمرَّةِ الأولى " غَدًا " ،
فتَراهُ يسرِقُ لقمةً تكفي سِواهْ .
بعيدًا عن أساطنَةِ المُخَدِّرِ روحنا وعقولنا وبلادنا دهرًا ،
عن الجاسوسِ يرهِنُ نِصفَ قرآنٍ ، وعَرضَ الأرضِ والأقصى وبيتَ المالِ والفَيحاءَ والوالي ،
مُقابِلَ دِرهَمٍ أو رَفسَةٍ تُدمي قَفاهْ .
بعيدًا عن يَدَيْ وَغدٍ رمى وجهَ اليتيمِ وأختَهُ ،
ورمى أخاهْ .
بعيدًا عن تنابِلةِ المناصِبِ ، نَسلِ لاعِقَةٍ لإسمَنتِ المَصاطِبْ ..
وهرولَةٍ إلى " عِزٍّ " وَ " جاهاتٍ " وَ " جاهْ " .
بعيدًا عن حجيجٍ نحو أصنامٍ ومُرشِدُهُم أَضَلـَّهُمُ وتاهْ .
تُطِلُّ العَينُ في قَرَفٍ على زمنٍ زَنى عَلَنًا ،
لتَرجعَ نحوَ قَوقَعَةٍ كرأسِ السُّلحَفاهْ .
بعيدًا عنهُمُ جدًّا ،
يُطلُّ عليَّ من كَفَني فتًى يرمي عليها ما تيسَّرَ من صَلاهْ .
ومَوجوعًا ومُنهَزِمًا ومَكسورًا يُعيدُ عقارِبَ الدنيا إلى جُحرِ الغُزاهْ .
ويملأها مزاميرًا ، تراتيلاً وآياتٍ .... سِلاهْ !

(13)
في غابَةِ الفصولِ شبَّ ذاتَ أقحوانةٍ خريفُنا
تساقطَتْ يداهْ
على شحوبِ خطوتي تساقَطَتْ يداهْ
ساءَلَني عن جسَدي ، أجبتُهُ :
شيَّعَني منذُ قليلٍ جَسَدي إلى ثرى مَثواهْ
لترسُبَ الأرواحُ في امتحانِها ، وحيدةً بعيدةً عن لعنة القُطبَينِ
لا يرى الذي تقتُلُهُ سِواهْ !

(14 )
أجنحةٌ أربعَةٌ تحملُني من مَربَضِ العيونِ
إلى زقاقٍ نائمٍ في ظلِّ " زَنزَلخَتِنا " ..
وصلتُ مثل خطوةٍ تبحثُ عن صاحبِها وصاحبي ..
علَّقتُ معطَفي على ظلالِ مِشجَبٍ – فـَمٍ – قديمْ .
في بيتِنا القديمْ .
ونِمتُ مثل حزنها ممزَّقًا وعاريًا على سُدى ظُنوني .
- هل تسبُرينَ مَصرَعي ؟
سألتُها .
كنتُ الذي لا بـُدَّ أن أكونَهُ ..
فمَن تُرى تنوينَ أن تكونيْ ؟
- " أجنحةً أربعةٌ وطائرَ الجنونِ ! "
قالَتْ .
وألفَ طعنَةٍ في مِعصَمِ السُّجونِ !

( 15 )
وفاطمةُ التي تركَتْ على نارِ السَّليقـَةِ قِدْرَها ،
مِلحـًا للـَحمِ الغربةِ المِزِّ ،
ودربـًا للشَّمالِ طَهَتْ .. وما علِمَتْ !
وبعدَ النكبةِ الأولى سيرجِعُ يونِسُ المسحوقُ
من حاكورةٍ قد لا يراها مرَّةً أخرى ،
إلى صَحنِ الطعامْ !
ولم يَعلـَم !!
سيأكلُ يونسي أُذُنـًا تبالِغُ في مذاهِبِها ،
ويأكلُ يونُسي زِندَ الكلامْ !

( 16 )
قومي بنا يا فاطمة !
ولتَحزمي بعدَ المتاعِ لوعةَ الحُطامْ
نعودُ بعدَ " جُمعَةٍ " أو بعدَ ألفَي غصَّةٍ وغربةٍ .. وعامْ !
قالَ المذيعُ :
أُخرُجوا كيما نُعيدُكُم إلى غيابِ زندِها !
عادَ المذيعُ خائِبًا ، وما رجعنا للحضورِ والقُدورِ والفطورِ بعدَ أنْ صامَ الحُسامْ !
قالَ المذيعُ : وانتَهَت جيوشٌ !
قال المذيعُ : وانتهت عروشٌ !
قال المذيعُ خيمةً وخيبةً ودمعةَ اليتيمِ في مواسِمِ اللئامْ !
ويونسُ القتيلُ صارَ رقْمَهُ المَمحيَّ جوفَ دفتر الأرقامْ !

(17 )
ويمشي يونسُ المَنسِيُّ بين رصاصتينِ ،
كما يسيرُ عريسُها بَعدَ النزيفِ إلى النَّزيفْ !
ويَرفَعُ رأسَ حَسرتها الخريفْ !
وهُجِّرَ ثم هاجَرَ دون أن يدري ،
فقد قالَ المُذيعْ !!
وقد وعَدَ الرَّئيسُ ، وصرَّحَ الملكُ الخَليعْ !
ويخلَع يونسُ الأحلامَ عن نومٍ .. وما تركَ الفراشَ غريبُنا يومًا !
وقد كَسَرَ الزمانُ قواعدَ النحوِ البديعْ ..
فظَرفُ مكانِنا خَرَفٌ ..
وظَرفُ زماننا خَزَفٌ ..
على التَّوكيدِ نتلو السُّورةَ الأولى ،
وعندَ الحالِ أحوالٌ تضيعْ !
غدا التَّصديقُ مُبتَدَأً ..
ولا خَبَرٌ يُطابِقُهُ برَفعٍ أو بجَرٍّ أو صقيعْ !
وتأنيثٍ وتَذكيرٍ على زمنٍ وَضيعْ !
وقد خرجَت قواعدُنا على نَحوِ الدروبِ الواضِحاتْ !
علامةُ جَرِّنا ظهرَتْ على زمنِ الصُّروفِ الفاضِحاتْ !
وناوَبَ قلبُنا في نبضهِ الحُرِّ السَّريعْ !.

( 18 )

فهل تعودُ فاطمه ؟
قبلَ انتهاء النار تحتَ قِدْ رِها ؟
وهل ترى للمرة الأخرى ثيابَ عُرسِها في خِدْرِها ؟
وتستحمُّ عينُها في عينِ ماءٍ شاهَدَتْ فستانَها الأبيضَ في وحلِ البلَد !
وطفلةً تبكي بصمتٍ يُنطِقُ القلوبْ !
تدري وندري أنها تدري بأن دميةً وخرقةً ومِشجَبًا معتَّقًا ،
ليست تعيدُ وجهَها من رحلةِ الغروبْ !
هل يطلِقُ النارَ على مسرى صلاتها أحَدْ ؟
تعودُ في يومِ الأحَدْ ..
ولا يعي أيَّ " أَحَدْ " إلاَّ الإلهُ الواحدُ الفَردُ الصَّمَدْ !
ولا إلهَ غيرُ حزني في سماءِ قلبِها
ولا صلاةَ تُرتَجى سِوى الزَّبَدْ !.

( 19 )

ويَخلعُ يونسُ الأحلامَ عن نَومِهْ ..
وينزعُ يونس الألغامَ من يومِهْ ..
ويمسحُ يونسُ الأوهامَ عن بدَنِهْ ..
ويرفعُ صخرَ قَهرٍ عن خطى وطنِهْ !.

( 20 )

- متى نعودُ يا أبي إلى البَلَدْ ؟
غدًا نعودُ يا ولَدْ !
- متى نعودُ يا أبي لأَرضِنا ؟
غدًا ، غدًا يا ولدي ،
غدًا نعودُ يا فتى !

- متى ، متى ؟
- غدًا نعودُ أيها العريسْ !
غدًا نعودُ أيها الحفيدْ !
نيسانُ قالَ لي : غدًا !
فاصمُتْ ، ونَمْ على اختصارِ موتِكَ المفيدْ !!.

( 21 )

تنامُ مفرداتُنا على شواطئٍ ذوَت في رملِها نعامَةُ الذَّواتِ !
تقفزُ مثلَ لؤلؤٍ على نقابِ فاطمهْ ..
في ملتَقى الجهاتِ ..
وترقصُ السطورُ حتى " تستَويْ " في روحِها – المِقلاةِ !
يا موطِني ،
متى عساكَ تنتهي من خَطِّ ذكرياتي ؟
يا حزنيَ الفَردَ الذي يندَسُّ في سِماتيْ !
يا لعنةً تعبثُ مثلَ طفلةٍ بدُميةِ الحياةِ !!.

( 22 )

وينطقُ يونس الجاليْ
بمحضِ إرادةِ الواليْ :
سأغلقُها شبابيكي ،
لكي لا ترجعُ الذِّكرى إلى فِكري بطَلْعٍ ..
سأُسدِلُ كلَّ أحلامي ،
لكي تنأى البلابِلُ للحواكيرِ البعيدةِ ..
سأُغلِقُ بابَ عينَيَّ لأمحو عنهُما قمري ..
وأنثر فيهما شَجَريْ ..
وأُعمِلُ في خريفِ القلبِ ألواني ..
ليلعَقَ ثلجُ أحزاني مواويلي ونيراني ..
ويسكتُ يونسُ المَجلِيُّ والجاليْ ،
بمحضِ هراوَةِ الواليْ !!.

( 23 )

ونظلُّ نرقُبُ عابِدًا
يبكي ويتلو الفاتحةْ !
يعلو نشيدُ بلابلٍ من صوتها انسحبَ الشَّجَر ْ ..
يبكي لحُسنِ الخاتمةْ !
وبنادقٌ هطلتْ على روحِ الثَّمَرْ ..
أمَرَ الذي عبـْدًا أَمَرْ ..
وتُطيعُ فاطمتي فَمـًا في مرَّةٍ أخرى أخيرةْ
ضاعَ الذي سمعَ " النصيحةَ " فائتَمَرْ ..
تركَ البلادَ لطلقةٍ في مربَضٍ لكَزَ البُراقْ
تركَ البلادَ لحَربِها ، خرجَتْ على حُرَّاسِ مِذوَدِ " سيـِّدٍ " !
دخلَ البَلاطَ " بِلاطُسُ البُنطِيُّ " محمولاً على عارٍ " مُظَفَّرْ "!
واللهُ أكبرُ يا أُخَيْتي فاطمةْ !
اللهُ أكبَرْ !
شئٌ تغيَّرَ في قًصورِ " أُمَيـَّةٍ " ..
زِندٌ تغيَّرْ !
وفَمٌ تَراجَعَ عن حكايَةِ صُلبِنا ،
ودَمٌ تخَثـَّرْ !.

( 24 )

تتحدَّثُ الأَصدافُ فيما بينَها
والأبجديَّةُ لؤلؤٌ ،
يتورَّطُ البَحَّارُ في أسرارِها ..
يا أيُّها الغوَّاصُ : رِفْقـًا !
أنتَ والأَعماقُ يا هذا عليها !!
وتبعثَرَتْ أختي على خَرَسِ الهُدى
توقيتُها الصَّيفيُّ يلبَسُ مِعطَفًا
توقيتُها الشَّتَويُّ يمنحُ قلبَها طيفًا وشَمسا ..
ساعاتُ رملٍ أحصَت الأمواجَ دهرًا
ساعاتُ ظلٍّ رافَقَت ليلاً ، فتاهَتْ ..
ويتيمةٌ لجأَتْ إلى شَفَةِ المُذيعِ ..
فضاعَ مُعجَمُها وضاعَتْ ..
مَن يرتدي الريشَ الغريبَ تصُدُّهُ نسَماتُنا !
صَمَتَتْ حكيمتُنا ..
فقالَتْ !.

( 25 )

وهذا رِثائي إليكِ
وذاكَ رِثاؤُكِ قلبيْ ،
فَنوْلي ثِمارَ العيونِ الحزينـَةْ
وقوليْ إذا ما طلبتِ المَزيدْ !
ونامي على عُشبِ روحي دهورًا ..
تمادى انتظارُكِ عَفوَ العَبيدْ !
وصيحي بذكرى تنامُ بعيدًا ،
رسولَةَ آتٍ قريبٍ بَعيدْ !
سأرمي حنينًا كثيرًا عليكِ ..
وأرمي يمينَ البلادِ عليكِ ..
فمِنكِ البلادُ ، ومني إذا ما أردتِ الشَّريدْ !
فعيشيْ طويلاً ، تُرابًا ، مَواتًا ، تُرابًا مَواتْ .
وعيشي كمالاً ، وعيشي فُتاتْ .
وسيفًا لئيمًا بكفِّ " يَزيدْ " !

( 26 )

وقفتْ حبيباتُ الرمالِ وحيدةً في وجهِ بحرٍ أهوجٍ ، جفَلَ البُراقُ ، تردَّدَ الغَيمُ العتيقُ ، بحَيرَتي أكلَتْ سمَيكاتِ البحيرةِ ، جاعَ في وقَّادَتي هذا الرغيفُ وأغلقَ الكَرْمُ الحزينُ سماءَهُ في وجهِ زرزورٍ مضى لطِباعِهِ !
أكلَتْ فوارسَها الخيولُ السَّائِبـَةْ !
هاتَفتُ وجهَ " محمـَّدٍ " ، لكنـَّما بَدَّالَةُ الوَجدِ المُجَمَّدِ ذائِبـَةْ !
وخُطوطُ طولِ الأَرضِ باتَتْ هَشـَّةً ومُراقَبـَةْ !
" وابنُ الوليدِ " كأنـَّهُ ارتَكَبَ الحصانَ وسيفَنا ،
فيما مضى كانَتْ مُعاقِرَةُ الرِّماحِ مُحارِبـَةْ !!
وسأَلتُ :
أينَكِ يا تُرى يا فاطمةْ ؟
لا بُدَّ من زنزانةٍ بيني وبيني ، أو بقايا قُبلَةٍ
بينَ الحبيبةِ والحبيبْ !

( 27 )

ألوبُ في مَهاجِري كيما أعودُ صامدًا قويّ !
قد قالَها النبيُّ ، ثُمَّ هاجَرَ النبيّ .
هَوى الهدوءُ عن سريرِ مَولِدِكْ –
سَهوًا هَوى .
يا صارِخًا حتى الوجَعْ
على فمِ الذِّكرى يُقيمُ قِفلُنا ،
مِفتاحُنا خَلـْفَ الصَّدأْ !
وطفلتي ستذبَحُ الحَمامْ ..
لعلـَّني أنامْ ..
ماذا يقولُ سيِّدي الإمامْ ؟
يستأنِسُ الوحيدُ باليتيمِ
يأسى المَدى لظلـِّهِ المُقيمِ
وقُدسُنا تُطـِلُّ من نوافذِ الشَّمالْ
ومُديَةٌ تُطـِلُّ من مواجِعِ الجَّنوبْ
فضَعْ يديكَ في يَديْ ،
وارسُمْ على ظِلـِّكَ بعضَ ظِلـِّي !
لنتـَّقي حَرَّ المنافي يا أخَ الحُروبْ
يا عَمـَّنا أيـُّوبْ !
يا صابِرًا مَهيبْ !.

( 28 )

وترقَّبـَتْ بسذاجةٍ يومَ " العَدَلْ " !
وتعلـَّقَتْ بفضاءِ خيمتِها على ظَهرِ الجَبـَلْ !
وبكـَتْ على مستقبلٍ ،
سيصيرُ رُغمَ القلبِ ظِلاًّ للطـَّلـَلْ !
لتسوقَ مثلَ حمامةٍ مذبوحةٍ فَنـَنَ الهديلِ إلى زُحـَلْ !
وتدثـَّرَت بخشوعِها ،
طلبـَتْ لمذياعِ العواصمِ كلـِّها قِصـَرَ الأَجـَلْ !
وتنبـَّأَتْ وجهَ العريسِ ،
وفجأَةً ،
ذهبَتْ بها الطُّرُقاتُ في وَجـَلِ الوَجـَلْ !
قالَ المُذيعُ :
لمَشرِقٍ أو مَغرِبَينِ ، إلى الشَّمالْ ..
وللحظةٍ سالَ السؤالُ على السؤالِ على السؤالْ ..
ماءً تورَّطَ في البـَلـَلْ !
وشموسُ خيمتِنا تَصالـَبَ نورُها بأَكُفـِّنا مثـلَ الأَمـَلْ !
ومحيـَّمٌ جَفـَّتْ على جَنـَباتِهِ جَنـَباتُها
جَفـَّتْ فساتينُ الفَرَحْ !
قالَ المذيعُ :
لمَشرِقٍ أو مَغرِبَينِ ،
تلفـَّعَتْ بصَلاتِها ليَصيحَ لَوعَتـَهُ " بِلالْ " !

( 29 )

تركـَتْ على نارِ المـَواقِدِ كلـِّها قِدْرًا ،
وقد حسِبـَتْ بأنَّ رجوعَها يُضـْفي على الوَجَباتِ مِلـحـًا ، بعضَ شَوقٍ ،
أو غزارَةَ دَمعِها الحُلوِ اللـَّذيذْ !
وكؤؤسَ عُمـْرٍ من نبيذْ !
هل صدَّقـَتْ مَنبوذَتي " بِرنابا " ؟
شَفـَةٌ وتُشـْهِرُ قُبـلَةً ويـَدٌ تُقـَبـِّلُ نابـا !
في مرَّةٍ تركـَتْ على كلِّ الموائِدِ لحمَها ورضيعـَها ..
ما أغلـَقـَتْ في مرَّةٍ للقلبِ بـابـا !
والقَولُ أكثـَرُ حُمرَةً من لحمِنا ..
وتفوحُ من أشداقِ " بَلفورَ " الحقيرِ نتانـَةٌ ،
شـَلـَّتْ تُرابَ الأرضِ والأحبـابـا !
" بَلفورُ " يأكلُ لقمـَةً أخرى على شُرُفاتِنـا
يتجـَشـَّأُ الخنزيرُ بعضَ رُفاتـِنا
يُعطي ضفيرَةَ طِفلةٍ مَنهوبـَةٍ كهدِيـَّةٍ في عيدِ ميلادِ ابنـِهِ المـُدَلـَّلْ !
يتأَفـَّفُ البـَدُّوقُ في غـَنـَجٍ :
- أبي !
- أهديتَني قـِطًّا سيامـِيـَّا بِطَوقٍ من ذَهـَبْ ، حَوضَ السـِّباحَةِ ،
- دُميـَةً ، عشرينَ سِروالاً ، حذاءً فاخِرًا ، أسقَيتَني ماءً مـُقـَطـَّرْ ، خُبزُنا حُلوٌ مُعَطـَّرْ ،
والكعكةُ العصماءُ فيها سـُكـَّرٌ يأوي لسـُكـَّرْ ، وإذا تَمادَتْ تـُخـْمـَةٌ أطعـَمتَني لـَحمَ البَشَرْ ،
والسَّائِقُ المَحشورُ جَوفَ البـِزَّةِ السوداءَ يأخذُني لمدرسةِ الأَكابِرْ ، وأُذِلـُّهُ وبـِذُلـِّهِ الشافي أُفاخِرْ ،
علـَّمتَني أرقى علومِ لصوصِنـا ، وبأنَّ هذي الأرضَ إنْ دارَتْ تدورُ بأَمرِنا ، ووهبتَني بعضَ القِطـَطْ ، خُبزَ الفقيرِ وأَلـفَ مِليونٍ فقطْ !!
أبي !
أريدُ ضَفيرَةَ البنتِ اليتيمَةِ يا أبي ، وأريدُ فرشَتَها ولُقمـَتـَها وطَوقَ الشَّعرِ يا أبتي ،
أبي !
وأُريدُ بِسـْمـَتَها ... أها !!
" بَلفورُ " يُعطي وجهَ طفلتِنا الوحيدةِ لابنـِهِ الفـَجِّ المـُهَنـْدَمْ !!
****
سأَدُقُّ صُلـْبـَكَ يا حقيرُ ومِعصـَمـَكْ !!!
سأقـُصُّ زِندَكَ كي أُعـَلـِّقـَهُ على بابِ المخـَيـَّمْ !!!
شأنَ ابنِ زانيـَةٍ طـَغـَتْ ..
ما " فَشـَّلـَتْ " من يَومِها جيشـًا عرَمرَمْ !!!
ولدَتهُ كي يُعطي هنا ما ليسَ يملـِكُ ، للـَّذي لا يستَحـِقُّ –
تُرابَ أجدادي ،
إذِ اعتقَدَ الوضيعُ بأَنـَّهُ الربُّ المُحـَكـَّمْ !!!
صـَلـَّى الحزينُ على تُراثِ ديانـَةٍ عُظمى وسـَلـَّمْ !!!
صـَلـَّى على أفراحـِهِ مِليونُ مـَأْتـَمْ !!!!.

( 30 )

لخِطابـِها خيـلُ المَدى ولقلبِها سَرجُ اللـِّسانْ !
لأَميرَةٍ بينَ الحِسانِ ، لقَولِها كَرَوانْ !
جلسَ الأَصـَمُّ على يمينِ قـُضاتِنا ووُلاتـِنا ،
وأنا على قَحطانَ أخشى من خُطاها ، والدُّروبِ الذَّاهِباتِ إلى الشـَّمالْ !
وعلى القبائِلِ من ألاعيبِ القـِيانْ ..
ومِلاءَةٌ خَيـَّاطُها الماضي المـَجيدُ ،
تـلُفُّ أبدانًا من الوقتِ العـُضالْ !
يا قارئَ العينينِ ، ما فَحوى رسالَتـِها لنا ؟
خَفـَضـَتْ على ذُلٍّ نخيـلَ عيونِها
يا قارئـًا وجَعَ العيونْ !
وأنا ببابِ حبيبتي جاثٍ على زمـَنٍ مَضى
أتلو على قـَسـَماتـِها صَبـرًا وقلبـًا غاصَ في بـَدَنِ النـِّزالْ !
بينَ الإقامـَةِ والرَّحيلِ ، وبينَ قلبي والجـَّليلِ مُقيمـَتي !
رِفـْقـًا بقلبي يا تعيسـَةُ ساعـَةً !!
قومي أشيحي بالدُّموعِ عنِ العيونْ !
كي أنصـُبَ القلبَ المُعـَذَّبَ خيمـَةً في " مَيسَلونْ " !
أو أَشعـِلَ الدَّربَ الوحيدَ لدَولـَتي !
وقُدورُنا ، غـَبَّ البلادِ غريبـَةٌ ..
ووجوهُنا ، رُغـمَ البـِعادِ قريبـَةٌ ..
سأَرُشُّ " مـِتـْرًا " فوقَ غُربَتـِها هـُنا ..
وأرُشُّ " مـِيـْلاً " فوقَ غـُربـَتـِها هُناكْ !
وسأَقضـُمُ البـُعـْدَ اللـَّذيذَ ،
ليَحـضـُنَ الجَّوعى مـَلاكْ !
وسأرتـَوي بمـِياهِ لـُقـْياها الزُّلالْ !!.

( 31 )
لـِمـَن أُفشي بإعلاني وسـِرِّيْ ؟
لـِمـَن أفشي بلـَيليْ ؟
وما ساروا على قـَمـَري ،
وما قرأوا على قـَبري سوى أياتِ صـَبري !
فمـَن يتلو النـُّجومَ على مزاميرِ الظَّلامْ ؟
ومن سيُراقـِصُ الزِّئبـَقَ في فـِكـْرِ الرُّخامْ ؟
أنا "غـُولٌ " ..
وأقضـِمُ في زمانِ الغـَيظِ ذَيـْلي !
لـِمـَن سأَبوحُ يا " فـْرويْدُ " بـِلـَيليْ ؟!

( 32 )

ومن الذي يبكي على أعراضِ نِسوَتـِها بِها ؟
من يسحَبُ القُربى من الأخوالِ والأعمامِ في أنسابِها ؟
وأنا كعـَبدِ حزينةٍ طبخَتْ حصاةً أو دُمـًى
فنفَقتُ من وهـْمِ الحصى بتُرابِها ..
ورحلتُ في ريحٍ تدوسُ على عقيدةِ جمرةٍ
هَزَّتْ غصونَ صَلاتِنا ، فتساقَطَتْ عن عـِمـَّةٍ ،
تهوي على رأسِ الإمامَةْ !
والوَجـْدُ يضرِبُ في مَعانيها خِيامـَةْ !
ولـَكِ الرغيفُ كبَدرِنا ،
هاتي لواهِبِكِ الرغيفَ ، ولليَتامى كـِسْرَةً ..
وتقَدَّمي لأضُمَّ مُقلـَتـَكِ الحزينَةَ مِثلـَما ضـَمَّ الفَوارِسُ مُصْحـَفا !
وتأَلـَّمي ليكونَ حُزني في شؤونـِكِ مَوقـِفا !
وسأَفهـَمُ البـُسطارَ لو ذهـَبَ العدُوُّ بنَعلِهِ فوقَ المـَناكِبِ أو غـَفا !
لكنني لا أفهـَمُ الشَّعبَ الذي يرتادُ عَبْدًا مُنصِفا !!
قومي ، قـِفي كي تنفُضي عن وردَتي زمنَ القُمامـَةْ !
فالوَجدُ يضرِبُ في مَعانيها خِيامـَةْ !
لـَكِ وَحدَكِ الأحزانُ يا غجريـَّةٌ ،
ولحُزنـِكِ العالي الزَّعامـَةْ !.

( 33 )

يا فاطِمـَةْ !
فُضـِّي العِتابَ وعاتِبي ..
لا تأسِري طَيـْرَ الرِّضا بفَضاءِ أقفاصِ الغَضـَبْ !
غـَفـَرَ العـَتـَبْ !!

( 34 )

رُوَيـدًا أيـُّها المَدفَعْ ،
ففاطمتي تُرَوِّضُ شَعرَها في يومِ زفــَّتـِها لتَمضي في سُلالـَتِها .
تمـَهـَّلْ ريثـَما يُثري حديقَتـَهُ على فستانـِها " إبنُ المـُقـَفـَّعْ " !
رُوَيـدًا ،
فالمؤَذِّنُ نائِمٌ فوقَ المآذِنِ لا يُناديها ليـَسمـَعْ !
وخـَيلُ الفُرسِ والرومانِ ما زالَت بمـَرعى ضـَعفِنا تـَرتـَعْ !
تـَرَيـَّثْ أيـُّها المـَدفَعْ !
تعودُ خـُطا " بلالِ " إلى أزقـَّتِنا
" عـَليٌّ " يُنجِبُ الفرسانَ في زمنِ المَوالي
ويذهبُ كلُّ أطفالِ البلادِ إلى طفولـَتـِهم ،
فصَبـْرًا أيها المـَدفـَعْ !
عيونُ اللهِ لم تـَهجـَعْ !.

( 35 )

نـَدَّدتُ بالعَينِ التي قتـَلـَتْ قَتيليْ مرَّةً ،
فاستَعذَبـَتْ تَنديديْ .
ونظـَمتُ حَولَ دموعِها جيشَ البَقاءِ ،
فأدمـَنـَتْ تَشريديْ .
وبـَّختُ في صـَلـَفٍ دَمي ،
فبـَلـَعتُ حـَلقِيَ وانبَرى مـِنـِّي شَهيديْ .
أمعَنتِ في مـَنـْعٍ وكـُفـْرِ تـَمـَنـُّعٍ ،
لأَقولَ رُغـمَ الظـُّلـْمِ : زِيـديْ !

( 36 )

عُصفورةٌ وَجـَمـَتْ ، يُخـَيـِّرُها الرُّماةْ
ما بَينَ مَوتٍ أو مـَمـاتْ !
يقسو الخـَيارُ وقـَد بـَكـَتْ ،
رُغـْمَ استِحالـَتـِها الحَياةْ !.

( 37 )

عارِيـَةُ الشـُّعورِ والمـَبيتِ والحـَقيقـَةْ ..
وكـُلـَّما نادَتْ :
أَيـا مـُعتـَصـِميْ !
صاحوا بـِها : زِنديقـَةْ !.

( 38 )

يَطفو على وجهِ الأزقـَّةِ نـَومـُها الضـَّحْلُ الخَفيفْ ،
قـِصديـرُ خـُطوَتـِها يُحاصـِرُ قـُبـَّةً تأوي لـِصـَخرَةْ !
وتقومُ من نـَومِ الغُزاةِ كطـَيرِ " رُخٍّ " ،
طارَ من أصفادِ فـِكـْرَةْ !
لأَذوبَ في ماءِ الخَريفْ ،
وأَسيرَ في يـَدِها أَسيرًا ، إِنـَّما ،
هـَل تـَملـِكُ النـَّسـَماتُ قـَيـْدًا للحـَفيـفْ ؟!

( 39 )

وَ " صـَفـُّوريـَّةُ " انتـَدَبـَت أبـا فادي على كـَرْمِ النَّفيـرْ .
وَ " صَفـُّوريـَّتي " ..
لا بابَ يـَمضي في صَريرِ البابِ أو دَربِ الحَريرْ .
ولا كـَلبٌ سينبـَحُ إِنْ سـَرَتْ خطواتُ لـَيـلٍ ،
ولا راعٍ يُعيـْدُ قَطيعـَها من كـَرْمـِها الحـُرِّ الأَسيرْ .
ولا صـَوتٌ :
" تـَعالـَي وابعَثي لي يا فـُطـَيمُ فَطيرَةً يأتي بـِها " فادي " الصـَّغيرْ ،
بـُعـَيـْدَ غـُروبِ شَمسِ الكـَدِّ ، يرجِعُ زَوجيَ المـَكدودُ من أشتالِ تـَبـْغٍ ،
ولـَم تَجنـَحْ مَواعيديْ إلى صُنـْعِ الفـَطيرْ ! "
- " نـَعـَم ، يا أُمَّ أحمدَ " تـِكـْرَميْ " " خـَيـْتـَهْ " ، ففادي يـُلـْقـِمُ الزِّندَينِ آياتِ الحجارَةِ
والرِّمايـَةِ يا أُخـَيتُ ، وحالـَما يُنهي الصَّلاةَ ، بحـِمـْلـِهِ – " عِفريتَ " إسنادٍ يـَطيرْ !؟ "
وَ " صَفـُّوريـَّةُ " انتـَدَبـَتْ أبا فادي على كـَرْمِ النـَّفيرْ .
يقيسُ دُروبـَها بسَلاسـِلِ القـَيـْدِ المـُذَهـَّبْ !
على مـُهـْرٍ من الأخشابِ طارَدَ لـِصَّ نارٍ ،
وكانَ عـَذابـُهُ حـَطـَبـًا لنـارِ الشـِّعـْرِ دَوْمـًا .. والنـَّثـيرْ !
وأرضُ الحَرفِ أشعـَلـَت الوِحامَ بمـُسْتـَميْتٍ ،
والمُزاوَجـَةَ الأَخيرَةَ في الأَخيرْ !.

( 40 )

نشرَتْ على حـَبلِ الغـَسيلِ نهارَها ،
مطـَرَ الرَّحيلِ وعَتـْمـَةً قـَبـْلَ الغُروبِ ،
ورَعشـَةً – خـَوفـًا وبـَرْدًا ،
رعشـَةً بدِيارِها .
نشَرَتْ على وَعـْدِ الجيوشِ قَرارَها
وتمدَّدَتْ مثـْلَ المعادِنِ ، قَيظُها من نارِها
وفُطـَيْمُ ما علـِمـَتْ بأَنَّ دروبَها ،
ستَسوقُها لـلاَّرُجوعِ ... وَ" قلبـُها ما دَلـَّها " !.

( 41 )

من كـُلِّ شـَئٍ غادَرَتْ ..
وبـأَيِّ شـَئٍ قامـَرَتْ ..
وتـَناثـَرَتْ وتـَساءَلـَتْ :
أمـرٌ كهـذا هل يـَصيرْ ؟!
كـَم قامـَرَتْ ،
فـَعـَلى تـَقاويمِ الخـِلافـَةِ قامـَرَتْ ، وعلى النـَّفيرْ !
كـَم قامـَرَتْ ،
وعلى تـَعاليمِ الرِّسالـَةِ والبـَشيرْ !
كـَم قامـَرَتْ بـوحيدِها ، ووحيدَةً قـَد قامـَرَتْ ،
مالـَتْ على الماضي الغـَفيرْ !
وتـَأَبـَّطـَتْ بدروبـِها كـَتـِفَ الضـَّريرْ !
- شـَعبٌ وهـذا شـأنـُهُ سيـُعيدُني ..
- جيـشٌ ويـَرمي خـَيـلَهُ في شَعرِها الحـُرِّ الحـَريرْ !
- وأُمـَيـمـَةٌ ،
خـَرَّتْ شعوبُ الكـَونِ تـَحتَ نـِعالـِها ،
زَحـْفـًا بوَجـهِ الـلـهِ ، والـلـهُ النـَّصيرْ !
كـَم كـَبـَّرَتْ ، صـَلـَّتْ وصامـَتْ ، حارَبـَتْ ، حـَجـَّتْ وزَكـَّتْ ،
كـَم عـَفـَتْ ، ورغيفـُها خـَفـَضَ الجـَّبينَ أمامَ مـِحرابِ الفـَقيرْ !
لـَنْ تـَمـَّحي الخـُطـُواتُ عـَن دَربِ الرُّجوعْ !!
إبـكيْ لأَبـكي ،
لا يـَجوزُ تـَسابـُقٌ في حـَضـْرَةِ المـَلـِكِ الأَميـرْ !
والـوَجـْدُ مـُتـَّهـَمٌ ، إِذًا ،
تـَتـَرافـَعُ العـَيـنانِ بالـدَّمـعِ الغـَزيرْ !!
كـَم غـَرَّرَتْ حـُفـَرُ القـَنافـِذِ بـالـخـُطا ، وتـَعـَثـَّرَ الزَّمَنُ الضـَّريرْ !
قـُومـيْ أُخـَيـْتُ ، فَ " خالـِدٌ " خـَجـِلٌ بـِهـِم !
" عـُثـمانُ " يـَمسـَحُ دمعـَةً
وَ " بـِلالُ " يـَرمـُقُ قـَيـْدَهُ : أَمـرٌ كهـذا هـَل يـَصيـرْ ؟!
من كـُلِّ شـَئٍ غادَرَتْ !
وسـَرَتْ كبـَعضِ العـطْرِ في كـُلِّ الأَثـيرْ !
إثنانِ من دَمـْعٍ ومن ماءٍ إلى طـُرُقِ البـُخارِ ،
ويـَنـْهـَرُ البـاكيْ دُموعَ البـاكـِيـَةْ :
داريْ دُموعـَكِ يا فـُطَيـْمُ عن الرَّسولِ المُصطـَفى ،
لا تـُحـْزِنيـهِ بـأَهـلـِهِ !!
لا تأخـُذي قـَسـَماتـِهِ بجـَريرَةِ النـَّسـْلِ الحـَقيرْ !!
لا تأخـُذيـهِ بفارِسٍ تـَرَكَ الحـِصانَ مـُقـَيـَّدًا ،
فـَسـَطا على غـَزَواتـِهِ الـزِّنـدُ القـَصيـر !
داريْ دموعـَكِ يا فـُطـَيـْمُ وعـَلـِّمي فادي أُصولَ الحـَربِ والسـِّلـْمِ القـَديرْ !
لا تـَكـْسـِري قـَسـَمـاتـِهِ !
لا تـَردَعـي نـَزَواتـِهِ !
لا تـَسـكـُبي غـَزَواتـِهِ ماءً على وَجـَعِ الهـَجيرْ !
فادي يـَصيرُ فـَراشـَةً فـَكـَّتْ قـُيـودَ النـَّارِ عن ألوانـِها ..
فادي يـَصيرُ طـَريدَةً ،
نـَزَعـَتْ وحوشَ الكـَونِ من أسنانـِها ..
فادي يـَصيرُ بـِشارَةً ،
مـَسـَحـَتْ غـُبـارَ الـرِقِّ عن أشجانـِها ..
فادي يـَصيرُ قصيدَةً ،
شـَدَّتْ حـُروفَ الأبجـَديـَّةِ من أسـى أَدرانـِها ..
فادي يـَصيرُ تـَمـيـمـَةً !!
فادي يـَصيـرْ !.

( 42 )

يا فاطـِمـَةْ !
فـُضـِّي الشـِّتاءَ وحاذِري !
لا توقـِظي المـِزرابَ فـَوقَ سـُطوحـِنا ، دَلـَفَ الغـَضـَبْ !
عـَجـِبَ العـَجـَبْ !.

( 43 )

- إِسـمـَعْ !
وجاءَ الصـَّوتُ كالـرَّعـدِ النـُّحاسـِيِّ الـذي يـَهوي على أُذُنٍ من القـِصديرْ !
- إِسـمـَعْ !
بـَرأتُ الأَرضَ والماءَ الـزُّلالَ وأُمـَّتي ،
ولـَكَ الجـِّهاتُ بـَرأتـُها !
ولـَكَ الـلـُّغاتُ وما يـُتاحُ من الحجارَةِ والثـَّمَرْ !
ولـَكَ الـذَّهابُ ، لـَكَ الإِيابُ ، لـَكَ الشـَّفاعـَةُ لـَو صـَدى صـَوتي كـَفـَرْ !
- إسـمـَعْ !
وعـادَ الصـَّوتُ كالـرَّعدِ النـُّحاسـِيِّ الـوَتـَرْ !
سيـَكونُ نـورٌ أو ظـَلامٌ أو نـَفيرْ !.

( 44 )

إسمُ الغريبـَةِ فاطمـَةْ
فادي وقلبي قـِصَّةٌ ، وبنـِصفِ أُختٍ صُغتـُها
فادي ، طفولتـُهُ التي عادَتْ من القـَصفِ المـُبـَكـِّرِ سالـِمَةْ
كـُلُّ الخـَليقـَةِ فاطـِمـَةْ
وجَنى الجـُّناةُ على رغيفِ بـُنـَيـَّتي
شـَتـَمَ الطـُّغاةُ أُخـَيـَّتي
وتـُرَبـِّتُ الأُختُ الكريمـَةُ فوقَ أكتافِ العَذابِ
بزُرقَةٍ من عَينـِها
وأُخَيـَّتي جـَوفَ الرَّمادِيِّ المـُحيطِ جزيرَةٌ وَرْدِيـَّةٌ
خَرَجـَتْ على بَحـرِ الشـِّفاهِ الشـَّاتـِمَةْ
ما هَمـَّني سـَعـَرُ العـَبيدِ وكـَيدُهـُم ومـَعي أُخَيتي فاطـِمـَةْ ؟!
إسـمُ اللـَّبيبـَةِ فاطـِمـَةْ !.

( 45 )

من كـُلِّ حـَدْبٍ نـَهـْدَةٌ
من كـُلِّ صـَوْبٍ قـَطرَةٌ
ذَبـَحَ الذي ذَبـَحَ الذين تـَقاطـَروا
وفـُطَيمُ تغسـِلُ ثـَوبـَها من بـُقعـَةٍ دَمـَويـَّةٍ لا ناقـَةٌ فيها لـَها ،
لا طـَعنـَتانِ ولا جـَمـَلْ !
رصـَدَ الذي رصـَدَ الذينَ تـَكاثـَروا
ورصيـدُ فاطمـَةٍ كصـِفـْرٍ نائـِمٍ خـَلـْفَ المـُقـَلْ !
في كـلِّ سـِكـِّينٍ نـَمـَتْ قـَسـَماتُ شـُذّاذِ الأُفـُقْ !
سـَقـَطوا عن الـظـُّلـُماتِ فوقَ نـِقابـِها
لا عـَدْلَ في أنْ يـَسقـُطَ المـُتـَوَجـِّعونَ " الصـَّادِقونَ " ،
على طـُفولـَتـِها البـَريئـَةِ كالشـَّلـَلْ !
لا عـَدْلَ في أنْ تـَبصـُقَ الدُّنيا سـُيوفَ ضميرِها ،
ودَمَ الضـَّحايا في فـِراشِ عـُيونـِها ، ليـَقولَ سـَفـَّاحٌ بأَنَّ نزيـفـَهُ فيها عـَدَلْ !
لا عـَدْلَ في أنْ يستـَبيحَ صـَوابـَها مـَطـَرُ الخـَبـَلْ !
لكنـَّها ،
قالَ المـُذيـْعُ فصـَدَّقـَتْ !!
ما صادَقـَتْ ساحاتـِها !
ما وَبـَّخـَتْ خـُطـُواتـِها !
وتـأَبـَّطـَتْ طـِيـْبَ النـَّوايا في مـَتاهاتِ الأَمـَلْ !.

( 46 )

جاءَني ذاتَ مساءٍ صاحِبي الطـَيـِّبُ ، جاءْ
باحِثـًا خـَلـْفَ القوافي عن مـَزيدٍ من سَماءْ
سائـِلاً أوراقَ شِعرٍ ناشِفاتٍ عن حروفٍ من شـِتاءْ
جاءَني المـَغدورُ إبـَّانَ المَساءْ
مُستـَغيثـًأ بالذي من شأنـِهِ أن يـُشعـِلَ القـِنديلَ في حَرفِ الهـِجاءْ
صـِحتُ : مـَهـلاً !
يا أبا الطـيـِّبِ مـَهلاً !
كـُلُّ مـَعتوهٍ غـَدا في عَصرِنا شَيخَ المـَعاني والمـَقالْ !
كـُلُّ لـِصٍّ صارَ يـَحمي بـَيتَ مالْ !
كـُلُّ نوتـِيٍّ دَعـِيٍّ يـُضرِمُ النيرانَ في فـُلـْكِ القَوافي ، قائـِلاً :
- " شـِعري أنا من خـَلفـِكـُم ، والقـَهرُ ذا قـُدَّامـَكـُم !
" وابنُ زيادٍ " كـِذبـَةٌ بيضاءُ من نـَسـْجِ الخـَيالْ ! "
يا صـَديقي ،
خـَيلـُنا في لـَيلـِنا ،
بـَيداؤُنا في غـِمدِنا ،
قـِرطاسـُنا في رُمحـِنا ،
أقلامـُنا في خـَزْنـَةٍ سـِرِّيـَّةٍ تـَحتَ النـِّعالْ !
( خـُذْ تـَناوَلْ قـِطعـَةَ البـَسكوتِ هذيْ ، إنـَّها من صـُنعِ " تـِلـْما "
" نِـيسْ كافِيْ " من شأنـِهِ أن يـَمسـَحَ الهـالَ الذي أَودى بعـقلـِكْ ! )
خـُذْ تـَناوَلْ صورَةً شـِعريـَّةً مَقلـِيـَّةً ، من بـَعضِ خَيـْرِكْ !
لن تـَراها عـِندَكـُم في سـَهْلِ " عـَبقـَرْ " !
خـَيلـُكـُم صارَتْ على " الديسْكو " تـَهـُزُّ الذَّيـْلَ ، والإِقدامُ يـَسـْكـَرْ !!
ها هـُنا يـُبنى " كازينو " ، عـَلـَّقوها كالدَّواليْ فوقَ أبوابِ المـُعـَسكـَرْ !
ماتَ عـَهـْدُ العـِزِّ يا هذا ، ويـَومُ المـَجـْدِ دالْ !
يا أبا الطيـِّبِ أهلاً !!
كـُلُّ أُمـِّيٍّ يصيرُ اليـَومَ أُستاذًا أبـِيـًّا ، لو طـَغا أو شاءَ ، شاءْ !
مـُتَّ وارتاحـَتْ خـُيولٌ يا صديقي ..
مـُتَّ فانتابـَتْ جيوشَ المـُفرداتِ الغاضِباتِ القُرفُصاءْ !!!
يا أبـا الطيـِّبِ إِسمـَعْ :
ذَهَبَ الدَّهرُ بـِعـَقلي بـَعدَما بالـشـِّعرِ جـاءْ !
هـَل تـُنادي يا رَديفي عاقـِلاً في الأَشقـِياءْ ؟
أم تـُنادي يا شـَريكي أهبـَلاً في الأَتقـِياءْ ؟
صارَ ، فـَلتـَعـْلـَم ، ذَوو الإِدراكِ مـِنـَّا شـُهَداءْ !

( 47 )

قالَ : مـَهـْلاً !
أنتَ بـَعـْدي مـِثـلـَما تـأتي بـُعـَيـْدَ البـاءِ تـاءْ !

في زَمانـي ، قُلتُ : إِسـْمـَعْ !
في زمانـي لـَم يـَعـُدْ ثـَمـَّةَ فـَرْقٌ بينَ مـَوتٍ وسـُباتْ .
وشـُبـاطٌ صـَدَّقَ الطـَّقـْسَ فـَماتْ .
قـَيسـُنا ما عـادَ صـَبـًّا مـِثلـَما في الأَمسِ كانا !
وانتـَثـَرنا بـَعدَما انـحـَلَّ الـغـِراءْ !
واندَحَرنا بـَعدَما ارتـَدَّ الجـَّلاءْ !
قــدْ جـَلا المـُحتـَلُّ عن أعناقـِنا ، مُستـَودِعـًا أعناقـَنا نـَعـْلَ الحـِذاءْ !
عـَنكـَبوتُ العـُسـْفِ يبني بـَيـتـَنا " قـَصرًا " لشـَعبِ السـُّجـَناءْ !
من بـَعيـدٍ جاءَنا في الأَمسِ لـِصٌّ ،
فاقتـَلـَعنا جـِذرَهُ بالحـَربِ أو بالسـِّلمِ أو بـَعضِ الدَّهاءْ !
ما نقولُ اليـَومَ والأَعداءُ من أَهـلٍ بـَنـَوا أوكارَهـُم حـَولَ " حـِراءْ " ؟
ذا زمانٌ يـَزدَري في صـَلـَفٍ ما يستـَفـِزُّ الشـُّعـَراءْ !!
ذا زمانٌ يحـكـُمُ الآسادَ فيـهِ نابـِحٌ بينَ الجـِّراءْ !.

( 48 )

لا تـَقـُل ليْ :
خَيلـُنا أو لـَيلـُنا أو سَيفـُنا ..
حـُمَّ القـَضاءْ !!
دَعـْكَ من هذا الهـُراءْ !
عـُدْ إلى المـَوتِ ودَعـْني ، سأُغـَنـِّي لتـَموتْ !
كـُنـتُ يـَومـًا مـُرسـَلَ المـَبعوثِ فينا ..
ناشـِرًا تقوى وديـنـا ..
لـَمْ اُجـَشـِّمْ أيَّ بيتٍ من قـَصيدي الانحـِناءْ !!
مـُرَّ بـِي إنْ شـِئتَ نـِدًّا ،
وانقـَلـِعْ عـَنـِّي إذا ما شـِئـْتَ وجـْهَ البـَبـَّغاءْ !
وسأَقضيْ مـِثـْلَ ثـَلجٍ في خطوطِ الإستـِواءْ !.

( ليسَ شِعرًا ما سمـِعتـُم !
إنـَّما بَعضُ البـُكاءْ !! )

( 49 )
سـَيـِّدي ، واعذُرْ دُموعيْ ،
سيـِّدي ، في كـُلِّ يـَومٍ تـَعتـَرينا كـَربـُلاءْ !!!

- قـُمْ يا أَخي !
نـَزَلَ الضـَّبابُ من الجـِّبالِ إلى فـِراشـِكْ !
ذَهَبـَتْ بـِكَ الأَحلامُ ،
وانتـَصَرَ الدُّخانُ على سـِراجـِكْ !!

وأَفـَقتُ مـَذعورًا ،
سـأَلتُ أُخـَيـَّتيْ : هل عادَ من بـَغدادَ زائـِرُنا ؟
وهـَلْ .... ؟!
أُلـطُفْ بـِعـَبدِكَ يا مـُجيبُ ..
ورُحـتُ في صَحـْوي أَغيـبْ !!.

( 50 )

يا واقـِعـًا ، كحقيقـَةٍ تنمو على قـِمـَمِ الخـَيالْ ..
يا فاطـِمـَةْ !
عـَلـَّقتِ أنهارَ البـِلادِ على ذَهابـِكِ عـِقـْدَ مـَوتْ !
عـَلـَّقتـِها شـَبـَقَ الحياةِ على مَراعي حـَضرَمـَوتْ !
ذَهـَبٌ تـُرابُ المـَرجِ ، صحراءُ البـِلادِ كفـِضـَّةٍ ،
نـَطـَقـَتْ تـَراميها ،
أعادَتْ ضـِيـْقَ فاطمـَةٍ إلى سـِعـَةِ الشـَّمالْ !
ومن الشـَّمالِ رياحـُنا ،
ومن الشـَّمالِ ذَهابـُنا ونـُواحُنا ،
ومن الشـَّمالِ الـدَّبكـَةُ الـدَّمـَويـَّةُ ..
ومن الشـَّمالِ عقيدَةٌ للإشتِعالْ !
ومن الشـَّمالِ بـِشارَةٌ لفـُطـَيمَتي ،
ومن الشـَّمالِ صليبـُها وهـِلالـُها وضـَياعُها ،
صـَنـَمـًا ينامُ على تعاليمِ الضـَّلالْ !.
عـِقـْدٌ كحـَبـْلِ مشانـِقٍ خـَيـْطُ الأَسى ،
خـَرَزاتـُهُ هذي الجـِّبالْ !
كـَثـُرَ العـِناقُ وشـَحَّ يا أُختُ الوِصالْ !!
في واقـِعٍ كالوَهمِ يجثو فوقَ هاماتِ الخـَيالْ !!.

( 51 )

مـُنذُ ألـفَينِ وعـامٍ ، لا حـَقـَت قلبي فُصوليْ ..
نالـَني في راحـَةِ البـالِ فـُضوليْ ..
ذابَ في كـَفـِّي الربيعُ المـُستـَوي ،
والــزَّهـرُ نـامْ !
مـُنـذُ أَلـفَيْ غـَصـَّةٍ قـُصـوى .. وعـامْ ،
ناطـَحـَتْ صـَخرَ المـَوازينِ فـُحوليْ ..
كـَم تـَنادى كـُلُّ سـِمسـارٍ ومـُحتالٍ على روحِ البـِلادِ ،
ذاكَ دَوسـًا ، ذاكَ جـَلـْدًا ، في انفـِصامٍ وانسِجامْ ..
كانـَت الأحلامُ تُعطيني فـِراشـًا كـَي أنـامْ ..
كنتُ أَبري في حـَديدِ الغـَيظِ أسنانيْ ،
أُحـَلـِّي وأُصـَلـِّي خـَمسَ مـَرَّاتٍ لآياتِ البـَقولِ !
كنتُ أَشقى في بـِلادي ..
كنتُ أعرى في بـِلادي ..
كنتُ أبقى رُغـمَ سـِكِّينِ اغتـِرابي ، في بـِلادي ..
ناثـِرًا قلبيَ وردًا في الزَّوايـا والحقولِ !
هـَل تراني أُطلـِقُ السـَجـَّانـَةَ البـَلهاءَ طـَوقـًا حـَولَ باقـيْها –
سـَليـلِ البـُكـْمِ ، قـُوْلـيْ !!.

( 52 )

جـَمَعـَتْ عبيدَ الكـَهفِ والرُّهبانْ
وضِمادةً يمضي إلى خـَلـَجاتـِها رُمحانْ
عـَبـَثٌ مـَدائِنُها اللـَّقيطـَةُ والطـِّلاءُ على الخُدودِ ،
ومـُلـْكـُنا منـذُ انكـِسارِ الصـَّولـَجانْ
ومـِلاءَةُ المـُقـْصاةِ عن أحلامـِها كنـِفايـَةٍ نـُوَوِيـَّةٍ ،
تـُمـْسي على الراياتِ رايـَةَ أُمـَّةٍ ،
جـَمـَعـَتْ عبيدَ الكـَهفِ والرُّهبانْ
هذا التـُّرابُ تـُرابـُها ، فلتـَقرأوا !
هذا الذَّهابُ رجوعـُها .. هذا الرَّحيلُ أَذانْ
فارمُوا على صـَدرِ اليـَتيمـَةِ طـِفلـَها ،
ولتـَأكـُلوا إنْ شـِئتـُمُ النـِّيشان !
واستـَوقـِفوا لمـَلامـِحِ الشـُّهـَداءِ في وُجدانـِها الجـُّدرانْ !
أو ما تـَبـَقـَّى في المـَعاني لـُغـزَ إبحارٍ خـَفـِيٍّ في الـزَّمانْ !
هيَ أوصـَدَتْ أبوابَ حـِكمـَتِها ،
وعـَلـَّمـَت الخـُيولَ فـَراسـَةَ الفـُرسانْ !
وتـَصالـَبـَتْ ظـُلـُماتـُها ودروبـُها ، فاستـَفحـَلـَت بثـِيابـِها الصـُّلبانْ ..
حـُلـُمانِ بينَ نـِيامـِها جـَوفَ اللـَّيالي يـَعبـَثانْ ..
حـُلـمٌ إلى بـَحرٍ يـَلوكُ دروبـَها ،
وزميلـُهُ يـَشقى على بـَرِّ الأَمانْ !.

( 53 )

يا فاطـِمـَةْ !
فـُضـِّي الطـُّيورَ وعشـِّشـيْ !
لا تـَعصـُري غـُصـنَ القـُلوبِ ، فـَماءُ سيـْرَتـِنا زَغـَبْ !!
رَجـِعَ الهـَرَبْ !.

( 54 )

[size
="5"][/size]






 
/
قديم 24-12-2015, 03:11 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي رد: فتوى لدمعةِ فاطمـَةْ !

( 54 )

وتـَفـَقـَّدتْ أبوابـَها بابـًا فبابْ !
وتـَفـَقـَّدت حبـلَ الغـَسيلِ وعنزَةً شامـِيـَّةً ..
وتحـَسـَّسـَت قـُنَّ الدَّجاجِ ، ورَشـَّت النـَّعناعَ من ماءٍ ترَقرَقَ مثـلَ دَمعٍ ،
في أَسـى المـِزرابْ !
وتـأَمـَّلـَت لهـُنـَيهـَةٍ عـُشبَ الزَّريبـَةِ ،
عانـَقـَت بعـُيونـِها رَوَثَ الـدَّوابْ !
وقـَفـَت على سـِرِّ الزَّمانِ وأَطرَقـَتْ ،
وأَخافـَها صـَوتُ " المـُذيعِ " مـُؤَنـِّبـًا :
- هـَيـَّا انهـَضوا وتشـَرَّدوا ، لنـُعيدَكم لـدِ يارِكـُم من ثـَلـجِ " آبْ " !!
ومـَضـَتْ على مـَضـَضٍ .. وضاعـَتْ فاطـِمـَةْ !

( وعلى الحـُدود ) :

إسـمُ الغـَريبـَةِ ؟
- فاطـِمـَةْ .

من أيـنَ ؟
- من أرضِ اليـَقينِ الواهـِمـَةْ .
أينَ الإِقامـَةُ ؟
- فوقَ وَعـْدٍ أطلـَقـَتهُ على قـُرانا العاصـِمـَةْ .

حـَتـَّامَ ؟
- حتـَّى ينتـَهي بـِخـِيامـِنا خـُبـزُ الإِيابْ !!

( 55 )

وعدُوُّها هـَشًّ قليلٌ ، إنـَّما يأتي على جوعٍ مـُصـِرٍّ كالـذِّئابْ !
وجيوشـُها منذورَةٌ للإنسـِحابْ !
وسـُيوفُ أَهليـها بـُخارٌ ، قـَولـُهـُم نارٌ ،
وقد حرقوا على قـِدْرِ الصـِّياغـَةِ ماءَها .
سـُبـُلُ الكلامِ كثيرَةٌ ..
فـَقـَدوا مـَذاقَ حقولـِها .
فـَقـَدوا صـَوابَ تـُرابـِها وفـُصولـِها .
ونـَأَوا كثيرًا عن كلامِ " رسولـِها " !
وتكـَلـَّموا عنها كثيرًا ، فانتـَهـَتْ !!
لـَجـَأَتْ إلى كـَهفٍ يـَعـُجُّ بلـَحمـِها ،
وبـِأَلفِ مـُنـْهـَزِمٍ وأَفـَّاقٍ .. ونـابْ !
أَغفـَتْ على زِنـْدٍ يـُقيـْمُ على شـِفارِ السـَّيفِ ،
ما بينَ الحقيقـَةِ والسـَّرابْ ..
نـَزَفـَتْ على لـُغـَةِ الحـِرابْ ..
حـَجـَبـَت عيونَ اللهِ عن طـُرُقاتـِها كـَفُّ السـَّحابْ ..
وتـَآمـَرَ الأُمـَراءُ والتـُجـَّارُ وانـدَسـُّوا كمـِسبـَحَةٍ بجـَيبِ " الإنتـِدابْ " !
وهي المـُواطـِنـَةُ الكـَريمـَةْ !
وهي المـُصـَدِّقـَةُ الحـَليمـَةْ !
وهي المـُهاجـِرَةُ المـُقيمـَةْ !
وهي البـَريئـَةُ رُغـمَ إلحاحِ الجـَّريمـَةْ !
وهي اللـَّئيمـَةُ والغـَبـِيـَّةُ والحـَكيمـَةْ !
وهي التي انكـَسـَرَتْ كمـُنعـَطـَفٍ على وَهـْمِ البلادِ المـُستـَقيمـَةْ !
وهي التي غـَنـَّى على أغصانِ دَوحـَتـِها الغـُرابْ !
هي كـُلُّ شـئٍ ما عـَدا قـَسـَماتِها ..
هي كـُلُّ فـَرقٍ بين خيمـَتـِها وغـَيمـَتـِها ورغبـَتـِها وعـَينِ سـُباتـِها ..
هي كـُلُّ ما يـَمضي إلى ما فاتـَها ..
وهي انعـِكاسُ رُفاتـِها ..
وهي الحريقـَةُ بينَ أوهامِ الحـَصادِ وذاتـِها ..
هي تـُربـَةُ الخـُطـُواتِ تـَزرَعُ في خصوبـَتـِها اليـَبابْ !
ولـَها ظـِلالُ مـَعاجـِمٍ ،
ولها خـَيالٌ جامـِحٌ ، ولغـَيرِها فـَحوى السـِّلالِ وثـَروَةٌ لـُغـَويـَّةٌ ..
يبنونَ فوقَ خـَيالـِها مـُدُنـًا ومن قـَطـَراتِ لـَوعـَتـِها سـَحابْ !
وهي الوحيدَةُ والوَحيدَةُ والوحيدَةُ والوحيدةُ في زِحـامِ مـَآتـِمٍ ،
وهي اليتيمـَةُ واليـَتيمـَةُ واليـَتيمـَةُ عـِنـْدَ أُمـَّةِ " حاتـِمٍ " ..
وهي السـَّماءُ تلـَبـَّدَتْ بدِمائـِها ..
ما من بـُروقٍ أو رُعودٍ أو صـَوابْ !!.
( 56 )
كي تـَعـْبـُرَ الشـلاَّلَ يـُرجى أن تكونَ كـَمائـِهِ ..
كي تـَعـْبـُرَ النـِّيرانَ أجدى أن تصيـرَ شَرارَةً ..
كي تـَعـْبـُرَ الأَنهارَ .. يـُحـكى أن تـَلوذَ بـِمـَوجـَةٍ ..
لـكـِنـَّهُ ، قالَ " المـُذيعُ " لفاطـِمـَةْ ..
واستـَسلـَمـَتْ لكـَلامـِهِ – غـَرَقـًا وحـَرقـًا في ضـَياعٍ واغتـِرابْ !!.
( 57 )
رسـَمـَتْ على ماءٍ طـُفولـَتـَها ، فـَذابـَتْ !
وتـأَبـَّطـَتْ يـُتـْمـًا وشاطـَرت الصـِّيامَ موائـِدًا ،
قـَضـَمـَت من البـَدرِ الهـِلالْ ..
وتـَوَزَّعـَت بين المـَشارِقِ والمـَغارِبِ والجـَّزيرَةِ والشـَّمالْ ..
شـَفـَّافـَةً في لـَيلـِها ذابـَت فخابَ رصاصـُهـُم !
أنتِ الحقيقـَةُ يا فـُطـَيمُ ، فحاوِلي وتحـَوَّلي يـَومـًا إلى بـَعضِ الخـَيالْ ..
يـَومـًا ... وكـُوني زوجـَةَ الـرَّجـُلِ الذي سيـَعودُ بـَعدَ الظـُّهرِ من تـَعـَبِ الغـِلالْ ..
يـَومـًا ... وكـُوني الثـَّانـِيـَةْ .
ولـتـَقـْنـَعي فيـما إذا أَمـَرَ الثـُّلاثُ أو الرُّباعُ وناوَرَت سـُبـُلُ الحـَلالْ ..
يـَومـًا ... وكـُوني أُمَّ صـِبـْيـَةِ مـُسـلـِمٍ .
ولـِديْ الخـَليفـَةَ والوزيرَ وأُمـَّةً نشـَرَت على غـَزَواتـِها طـَلـْعَ الخـِصالْ ..
يـَومـًا ... وكـُونيْ ما يـَؤوبُ إلى مـَساحـَتـِهِ المـُصـَلـِّيْ ،
والمـُحارِبُ والمـُسافـِرُ والمـُهاجـِرُ كيفـَما شـَدَّ الـرِّحالْ ..
مـَخلوقـَةً عادِيـَّةً ، ولـَها البـُكاءُ على قـَتيلٍ ، أو صـَدى زُغرودَةٍ مـَخنوقـَةٍ ،
لـَمـَّا تـُغادِرُ إبنـَةُ الجيرانِ بـَيتَ جـِوارِها في زفـَّةٍ قـَرَويـَّةٍ عاديـَّةٍ ،
مـَبهورَةً في مـُطـْلـَقِ الإنجابْ !
أو جـَلسـَةٍ عـَفـَويـَّةٍ مـَوضوعـُها " قـيـْلٌ وقالْ " ..
دَهـرًا ... وكـُوني عـَبـْدَةً لسـِيادَةِ البـَيتِ المـُقيـمِ ،
ولـَو كـَداءٍ في فـؤادٍ نـَبضـُهُ باقٍ .. عـُضالْ ..
أو فارحـَميني يا فـُطـَيمُ وعاقـِري دَربَ الخـَيالْ ..
وتـَرَجـَّلي في فـِكرَةٍ ،
لا يجرؤُ الرَّشـَّاشُ أن يـَرميْ رصاصـَتـَهُ على فـِكـْرِ الرِّجالْ !!.
( 58 )
يا فاطـِمـَةْ !
فـُضـِّي الكـِتابَ وقاتـِلي ،
لا تـُوقـِظي نـَومَ الهـَديلِ ، فـَفارِسُ الكـَونِ انقـَلـَبْ !
عـَجـُمَ العـَرَبْ !!.
( 59 )
عـَشتارُ ،
يـَثربُ دينـُها انسـَحَبـَت فيالـِقـُهُ إلى كـُفـرِ البـِدايـَةْ !
عـَشتارُ يا عـَشتارْ !
وفطـَيمُ تجلـِسُ خارجَ الأسوارْ !
سقـَطـَت على أوقاتـِها في ساعـَةٍ مـَصلوبـَةٍ فوقَ الجـِّدارْ !
عـَشتارُ ، قد سقـَطَ الجـِّدارْ ..
وفطـَيمُ تـَقـْبـَعُ خارجَ الأنهارِ والأَقدارِ والأخبارِ والنـُّسـَّاكِ والكـُفـَّارِ والأخيارِ
والأشرارِ والأَهلينَ والأَغيارِ والتـَّحليقِ والأطيارِ والتـَّزميرِ والمـِزمارِ ،
فاطمـَتي تـُحـَلـِّقُ في سماءٍ أرضـُها مـَقلوعـَةُ الأشجارْ !
فـَفـُطَيمُ ترحـَلُ نـَحوَ شـَعـْرٍ مـُستـَعارٍ .. مـُستـَعارْ !
وفـُطيمُ تـَرحـَلُ في الدُّوارْ !
وفطيمُ تـَبعـُدُ ألـفَ بـَسمـَلـَةٍ وحـَوقـَلـَةٍ عنِ الـدَّارِ التي حـَضـَنـَت مـَزارْ !
خـَرَجـَت إلى تـَرنيمـَةِ القـِصديرِ في كـَفـَنِ النـُّحاسِ قوافـلٌ ،
لـِيـَحـُطَّ فـَوقَ مـَتاعـِها طـَيـْرُ الـشـِّعارْ !!.
( 60 )
وتـَسيرُ والعـَينانِ خـَلفَ الرأسِ .. والأَخشابُ فـَوقَ الفـَأسِ .. والشـَّفـَتانِ تـَحتَ الكـَأسِ .. والإيمانُ عـِنـْدَ اليـَأسِ .. من حـُزنٍ ونـارْ !.
رأسٌ يـُزاوِلُ غـَيمـَةً ، مـَطـَرٌ على بـُسطارْ !
هي نـَقـْلـَةٌ من هـَجـْعـَةٍ قـُصوى إلى الأَسفارْ !
ومن احتـِراقِ البـَرِّ في حـَدَقلتـِها نـَحوَ البـِحارْ !
يا فاطـِمـَةْ !
عـُودي إلينـا .. عاشِرينا أَربـَعينَ ولادَةً ،
ولتـُصـْبـِحي مـِنـَّا أو ارتـَحـِلي بـِنا ،
فمـِن المـَدارِ إلى المـَدارِ إلى المـَدارْ !
وفـُطـَيمُ تـَرحـَلُ في الـدُّوارْ !.
( 61 )
في " بازِلٍ " قالوا وفي جـَنـَباتـِها فـَعـَلوا ،
وفي " نـَجدٍ " غـَفـَت أقوالـُنا وزُنودُنا وتـَناقـَلـَت أخبارَنا الأَخبارْ !
وفـُطـِمتِ يا أُختي على عـَجـَلٍ ،
لكي يـَرتاحَ نـَهـْدٌ ناشـِفٌ تـَغفو على أطباعـِهِ الأَمطارْ !
( 62 )
وفاطـِمـَةُ التي خـَرَجـَتْ لتـَملأَ جـَرَّةً ، عادَت إلى عـُنوانـِها الآخـَرْ ..
وقـَدْ نـَشـِفـَتْ بـِئارُ جـِهاتـِها .. مـَطـَرٌ تـَقاعـَسَ أو رعودُ سمائـِها وَهـْمُ ..
وكـَم تاهـَتْ فـَلـَم تـُسـْعـِفْ إشاراتُ المـُرورِ ولـَم تـَقـُدْ أعماقـَها ،
إِلاَّ إلى قـَلبٍ يـَغـُطُّ بـِنـَبضـِهِ سـَهـْمُ ..
وسارَتْ خـَلـْفَ نـَظرَتـِها إلى الخـَلـْفِ القـَريبِ مـَخافـَةَ الأَملاحِ ،
ما عـَصـَرَتْ على حـَلـْقِ الجـَّفافِ ثـِمارَ " يـافـا " ،
ما تـَوَلاَّها بـِرَحمـَتـِهِ بـَقاءٌ أو تـَعاويـذٌ وفـَهـْمُ ..
بـِها جـُرحٌ ، ولا يـُجـْدي معَ استـِفحالـِهِ نـَثـْرٌ ونـَظـْمُ !!.
( 63 )
وتـظـَلُّ تـَرفـُلُ في قـُيودِ اللـَّيلِ فاطـِمـتي .. وتـَسطـَعُ نـَجمـَتانْ !
وتـَظـَلُّ أقمارٌ على وطـَنٍ ، وعاشـِقـَةُ الرَّحى دارَتْ على كـَفِّ الزُّؤانْ !
أقوى من القاموسِ فاطـِمـَةُ المـَهيـْنـَةْ ..
أعتى من السـكـِّينِ نظرتـُها الحـَزينـَةْ ..
أشهى شـُموخُ السـِّندِيانِ بـِوَخزِهِ ، من حالـِمٍ بالسـِّندِيانْ !
من غاطـِسٍ جـَوفَ السـِّناجِ ، ولاعـِقٍ إسفـَلتَ ساحاتِ المـَدينـَةْ ..
أشهى من " البـَسكوتِ " طـَعمُ رغيفـِها ،
أحمى من الأَفرانِ في صالونـِهـِم وَقـَّادَةْ !
ولـَكِ الشـَّهيدُ فطـَيمـَتي ، ولـَكِ الرَّغيفُ ، لـَكِ الشـَّهادَةْ !
ولـَكِ الـزِّفافُ ، لـَكِ العـَريسُ ، لـَكِ اعتـِباراتُ الوِلادَةْ !
ولـَكِ التـَصـَرُّفُ في العـِبادَةْ !
وهـُمومُ فـَرْشـِكِ والوِسادَةْ !
ولـَكِ التـَحـَكـُّمُ والسـِّيادَةْ !
ولـِمـُهرِكِ الحـُرِّ الحـَرونِ سـُروجـُنا ..
ولـِخـُصـْلـَتـَيْ شـَعـْرٍ على الفـَودَينِ يـَجثـو فارِسُ الفـُرسانْ !
وتـَظـِلُّ تـَرفـُلُ في قـُيودِ اللـَّيلِ فاطـِمَتي .. وتـَسطـَعُ نـَجمـَتانْ !
فتـَهـَيـَّأيْ لحزينـِكِ الحـُرِّ الوحيدِ ، تقـَيـَّأيْ قـَرَفـًا على الخـِصيانْ !!.
( 64 )
فـَلتـُوقـِفوا هذي المدينـَةَ سادَتي ،
مـِنـكـُم سأَنزِلُ في نـَهارِ الأُمـَّةِ الأُمِّ الحزينـَةْ !
ولتـُوقـِفوا هذي المـَدينـَةْ !
هيَ نـُدبـَةٌ تـِلكَ القـُرى في الـذَّاكـِرَةْ ..
هيَ لـُقمـَةٌ مـَقسومـَةٌ لـِموائـِدِ المـُتـَشـَرِّدينَ العامـِرَةْ ..
يا فاطـِمـَةْ ،
ولـُدِغتِ من جـُحرِ الأَفاعي ألـفُ أَلـفا مـَرَّةٍ ،
هيَ نـَكبـَةٌ أن تـَقـْبـَلي تـَقبيلَ كـَفٍّ ناحـِرَةْ ..
فـَتـَعـَلـَّمي " لاءً " وقومي مـَيـِّزي بينَ الذينَ لوَجهِ ربـِّكِ كـَبـَّروا ،
صاموا وصـَلـُّوا ، قاتـَلوا ،
وجـُموعِ أوغادٍ وكـُفـَّارٍ تـَمادَوا ،
يـَلعـَقونَ دراهـِمـًا عن جـُرحـِكِ المـَنعوفِ جـَوفَ الذِّكرياتِ النـَّاغـِرَةْ ..
تـَرَكوكِ صـَدرًا عاريـًا ، والبـَردُ يـَشحـَذُ سـَيفـَهُ وخـَناجـِرَهْ ..
والحـُلـمُ أعمـَقُ من تـَراتيلِ النـِّيامْ !
والشـَّمسُ أَعلى من ذِراعِ نـَهارِهـِم !
وثـِمارُ نـَومـِكِ قابَ كـَفٍّ ، قابَ حـَتـْفٍ من دَميْ ..
وتـَأَلـَّمي إنْ شـِئتِ أن تـَتـَأَلـَّميْ ..
جاوَرتُ حـُزنـَكِ في الغـِيابِ وكـُنتـُهُ ..
وحـَضـَنتُ وجهـَكِ " كالكـِتابِ " وصـُنتـُهُ ..
وعلى جـَبينِ القـَلبِ ألـفُ زبيبـَةٍ ،
وهـَجـَرتُ ألفَ حبيبـَةٍ من أجـْلِ بـِنتٍ طاهـِرَهْ ..
وملأتِ قلبي ، إنـَّما نـَقـْدًا ملأتِ جـُيوبـَهـُم !
ودجاجـَةٌ باضـَت على أيـَّامـِهـِم ذَهـَبـًا ،
وحُزنـًا أغرقوها " بالعـِنايـَةِ " واستـَزادوا كوبـَهـُم !
ووهبتُ نـَبضـِيَ للحزينـَةِ ، فانثـَنـَتْ نحوَ الذينَ تسـَربـَلوا بقـُروشـِهـِم !
وأكـَلتِ لـَحميَ ثـُمَّ نـِمتِ سـَمينـَةً بـِكروشـِهـِم !
ونسَجتُ من جـِلدي رداءً طاهـِرًا ، فمسـَحتِ عاريـَةً وحافـِيـَةً بـَلاطَ عـُروشـِهـِم !
وهجـَرتُ ألفَ غـَريبـَةٍ من أجلِ أُخـْتٍ طاهـِرَهْ ..
ولـَعـَقتِ غـَيـْبَ الكافـِرينَ ، سـَحـَقتِ كـَفـًّا حاضـِرَهْ ..
يا كافـِرَهْ !!
يا كافـِرَهْ !!
فتـَعـَلـَّمي " لاءً " وصـُدِّي عن سذاجـَتـِكِ الرُّؤوسَ الماكـِرَهْ !
أرهـَقتـِني يا كافـِرَهْ !!
وذَبـَحتـِني من يـَومِ خـَلـْقِ الخـَلـْقِ حـَتـَّى الآخـِرَهْ !
من نـَكبـَةٍ أَسلـَمتـِني لنـُكـَيـْبـَةٍ .. فلنـَكسـَةٍ ولـِزَلـَّةٍ ولهِجرَةٍ ولهِجرَةٍ ولهجرةٍ ،
قدَماكِ تـَستـَلاَّنِ عاشـِقـَكِ المـُضـَرَّجَ بالهـَوى من قـَلبـِهِ ..
وفـَرَمتِ قلبيَ في صـُحونٍ طائـِرَهْ !
شـَرَّدتـِني في دارِكِ المـُتـَبـَقـِّيـَهْ ..
ماذا سأَفعـَلُ بالـذي يستـَمرئُ الصـَّلـَواتِ رُغمَ المـَعصـِيـَهْ ؟
قومي مـُعـَفـَّرَةَ الجـَّديلـَةِ من قـُعوديْ !
وتـَبـَعثـَري خـَلـْفَ انطـِلاقاتي وعوديْ !
فـأَنـا سأَحبـِسُ دمعـَةً من شأنـِها أن تـُطفئَ النـَّارَ التي تحتـَلُّ عـَينـًا شاغـِرَهْ !!.






 
/
قديم 24-12-2015, 03:15 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي رد: فتوى لدمعةِ فاطمـَةْ !

( 65 )
هيَ رحلـَةً رحلـَتْ بـِنا من جـُملـَةٍ كـذَّابـَةٍ ودُخانِ سيجارِ الزَّعيمْ ..
ذهبَ الـدُّخانُ لحالـِهِ – شأنَ الـدُّخانِ ، تكاثـَرَتْ جرثومـَةُ الأَقوالِ في جـُمـَلٍ على جـُمـَلٍ ،
وفي خـُطـَبٍ على خـُطـَبٍ وفي كـُتـُبٍ على كـُتـُبٍ ،
وصارَ ضـَياعـُنا في قاعـَةٍ للسـَّفسـَطاتِ مـُحاضـَرَهْ !
كـَم لـَخـَّصوا أوجاعَ فاطمـَةٍ هنـا .. إثـْرَ اجتـِماعٍ عاجـِلٍ في القاهـِرَهْ !
كـَم أوجـَزوا .. تـَرَكوا التـَّفاصيلَ الصـَّغيرةَ قـَيـْدَ بـَحثٍ للثـُّلوجِ معَ الجـُّلودِ العارِيـَهْ !
ولـِكـَفِّ لاجـِئـَةٍ معَ الأَلغامِ في حـُمـَّى الحـُروبِ الضـَّارِيـَهْ !
ليـُناقـِشَ الحـَقـلُ الحـَرائـِقَ والتـِفافَ الطـَّائـِرَهْ !
تـَمضي البـُطونُ الخاوياتُ إلى الجـُّيوبِ المـُفـْلـِسـَهْ ..
وقـَرارُنا :
تـُبنى لحـُزنِ اللاجـِئينَ مؤَسـَّسـَهْ !!
هي رحلـَةٌ بدأَتْ بـِنا ، وطعنتـُها بظـِلالِ سـَيفْ !
سقطـَتْ شـِفاهٌ عن بـِدايـَةِ رحلـَةٍ بدأَتْ بـِنا ..
سـَقـَطَ السـِّتارْ !
هي أُمـَّةٌ ، وتـَراكـَمـَتْ فوقَ النـِّهايـَةِ في التـَّساؤُلِ والتعـَجـُّبِ ،
تـَفتـَحُ الأَفواهَ ميناءً ، وقـَد قـُتـِلـَتْ على مـِصـْراعِها ،
فـُتـِحـَتْ لبـَعضِ قواربٍ تـَبكي ريـاحـاً ضامـِرَهْ !
هيَ أُمـَّةٌ نـامـَتْ على مـِسمـارْ !!.
( 66 )
يا فاطـِمـةْ ،
فـُضـِّي الوُضوحَ وناوِريْ !
لا تـَرسـُمي حـَرفَ الشـُّحوبِ على مـَراسيمِ النـَّقـَبْ !
دَمـُكِ السـَّبـَبْ !.
( 67 )
يا كـِسْرَةَ الـدَّعَواتِ في يـَومِ الرِّضاعـَةِ ، نـَهـْدُ حـَيفا من خـَزَفْ !
في الإنتـِشارِ تـَصالـُبٌ ، وصـَليبـُها يـَهتـَزُّ في أَرضِ البـَقاءِ مـُفاخـِرًا :
مـِليونُ ظـِلٍّ فـَوقَ ظـِلٍّ لا يـُساوي قامـَةً قـَدْ يـَدَّعيها الغارِبونَ لـِمـَن نـَزَفْ !
هيَ لـُعبـَةٌ أَعتى وأَوسـَعُ من مـآقيْ فاطـِمـَةْ ..
وتـُخاصـِرُ النـَّجمَ البـَعيدَ ، تـُراقـِصُ الوهمَ القـَريبَ إلى عـُيونٍ حالـِمـَةْ ..
وَطـَنانِ تـَحتَ الإِبـْطِ ... قـَدْ يـَقـَعُ الطـَّريقُ ويـَنكـَسـِرْ !
وَجـَعانِ فـَوقَ القـَلبِ ... قـُنبـُلـَتانِ ... قـَد يـَمضي الفـَتيلُ إلى الرَّمادِ فيـَنفـَجـِرْ !
في مـَحـْضـَرِ الأَوطانِ وَجهـُكِ بينَ قـَوسـَينا .. وسـَهمٍ ،
قـَلبـُنا رامٍ صـَبورٌ يـَنتـَظـِرْ !
هي غـَفلـَةٌ أو هـَفوَةٌ أو غـَفوَةٌ أو رَفـَّةٌ لـِرُموشـِها ،
تـَستـَقدِمُ المـُسـْتـَقـْدَمينَ لـِهـَدْأَةٍ مـُتـَثائـِبـَةْ !
عـَسـَسٌ قـَناديلُ المـَدينـَةِ ، وهْيَ لا تـَتـَفـَهـَّمُ الأَسرارَ في إشعالِ لـَونـِكِ ،
حـِنطـَةٌ لـَونُ البـِلادِ وبـُرتـُقالٌ ،
يـَسكـُبُ البيـَّارَةَ العـَطشى على وجـَعِ الضـَّميرِ المـُستـَتـِرْ !
هامـَتْ على وَجهِ الدَّيارِ ، على نـُعاسـِكِ تـَهبـِطُ الطـَّلـَقاتُ في عـِزِّ الشـَّغـَفْ !
والوَصْلُ شـَمعٌ والإرادَةُ شـُعلـَةٌ ، والجـِّسـْرُ في حـُمـَّى المـُرابينَ انجـَرَفْ !
يا كـِسرَةَ الدَّعـَواتِ في يومِ الشـَّفاعـَةِ ، نـَهـْدُ حيفا من خـَزَفْ !.
( 68 )
يا فاطـِمـَةْ ،
فـُضـِّي الجـَّليلَ ورابـِطي !
لا تـَخرُجي عن ضـِفـَّتـَيهِ ، فـَحـَدُّ غـُربتِنا رُطـَبْ .
تـَعـِبَ التـَّعـَبْ !.
( 69 )
بـَدَويٌّ واعتـَقـَلوا كـَلأَهْ ..
بـَدَويٌّ واختـَصـَروا مـَلأَهْ ..
بـَدَويٌّ جـَزَّ بـِلـَوعـَتـِهِ زمنَ الفـُرسْ !
بـَدَويٌّ أَبقى في يـَدِهِ من عـِصـْمـَةِ أحزانِ الصـَّحراءِ الكـُبرى بـَعضَ الأَوثانْ
بـَدويٌّ حاوَرَ قـِصديرَ التـُّرسْ !
بـَدويٌّ حاربَ ، صـَبَّ على كـِسرى حـَمـَأَهْ ..
رَجعـِيٌّ جـِدًّا ذا ،
قـَبـَلـِيٌّ جـِدًّا ذا وجـَميلٌ جـِدًّا ..
لـَم يـَشرَبْ من بـِئـْرِ القـُربى ما يـُقـنـِعُ في يـَومٍ ظـَمـَأَهْ ..
يـَتـَعـَذَّبُ ، يَرقـُبُ عـَبـْرَ سـَوادِ اللـَّحظـَةِ قـَنـْصَ الوَردِ ،
ويـَحفـُرُ للمـَطَرِ الآتي آبارَ الأَمـسْ !
يتـَحـَسـَّسُ غـِمـدًا ، يـَقرَعُ بابَ القـَلبِ بطـَرقـَةِ حـَدَّادٍ نـَزِقٍ ، يتوسـَّلُ سـَيفـًا ما ..
يتحسـَّسُ غـِمدًا في رُدُهاتِ الروحِ ويعتـَنـِقُ الشـَّمسْ !
يتعـَمـَّدُ أيـُّوبـًا شـَرِسـًا ..
يتحسـَّسُ قلبـًا نـَجْدِيـًا ..
بـَدَويٌّ جـِدًّا ذا ، يترصـَّدُ في وَجـَلٍ سـَبـَأَهْ !.
( 70 )
وكأنـَّما الأعمالُ بالنِيـَّاتْ ..
قـَد يرفـَعُ النـَّسرُ الجـَّسورُ سماءَهُ لتـَرَقـُّبِ الصـَّيدِ الذي يـَغفو
على تاريخِ قـَلعـَتـِنا التي ما شـُيـِّدَتْ لـلـَّهوِ بالدَّمِ والسـُّباتْ ..
وكأنـَّما الأقوالُ بالنِيـَّاتْ ..
وكأنـَّما البـَدَويُّ رمليُّ السـِّماتْ ..
ولـِحـِصنِ طاعـَتـِنا سنـَطلـُبُ فاطـِمـَةْ !
لـَجـَموا بـِعـُقـْمِ الطـَّاعـَةِ العـَمياءَ أرحامَ البـَناتْ ..
وقـَديمُ شـَهوَتـِنا رمى فـُرسانـَنا فـَوقَ الخـُيولْ
كانـَت لصـَولـَةِ خـَيلـِنا لـُغـَةُ الفـُحولْ
واليَومَ تـَعدو خـَيلـُنا من طـَلقـَةِ الفـِلـِّينِ حتى خـَزْنـَةِ المـُتـَراهنينَ من الخـُصاةْ ..
ماءٌ بحاضـِرِنا ، وما أَلقـَتْ شـُموسٌ من أشـِعـَّتـِها على أوقاتـِنا بعضَ الفـُتاتْ ..
وصديقـُنا البـَدَويُّ رملـِيُّ السـِّماتْ ..
نـَهـَقَ الصـَّهيلُ على وجوهِ خـُيولـِنا ، والمـَجـْدُ ماتْ ..
ما من سـِهامٍ أو مـُدًى ، كـَرٍّ وفـَرٍّ أو رُمـاةْ ..
ويصيرُ أصحابُ البـَواسيرِ الكـُماةْ ..
وتـَمازَجَ القـُطبانِ فوقَ ظـُهورِنا ، في لحظـَةٍ مـَسـَحـَتْ
سـِفاحَ المؤمنينَ بوَجـهِ لاتْ ..
ووريثـُنا البـَدَويُّ نـَجـْديُّ السـِّماتْ !.
( 71 )
يا فاطـِمـَةْ ،
فـُضـِّي الجـُّيوشَ وقاوِمي !
لا تـُسـْلـِمي زِنـدًا حـَديدِيـًّا لـِحـُلـْمٍ من قـَصـَبْ !!
تـَعـِبَ التـَّعـَبْ !.
( 72 )
وهـَلا بـِفاطـِمتي التي تبني تفاؤُلـِها على نـَصٍّ تقاعـَدَ
من تواصـُلـِها الذي يـُقـصيـْهِ قاتْ !
كـَرَزٌ لـَها ومـَطالـِعُ المـَوَّالِ ،
والصـُبـَّارُ يشربُ لـَونـَها ، ولـَها إلاهٌ جـَوفَ رَحـْمِ المـُعجـِزاتْ !.
( 73 )
ولتـُشعـِلي مـُدُنـًا فأنتِ ثـِقابـُنا !
سرَحـَت بساحـَتـِنا هـُنا فئرانُ باخـِرةٍ لنـا ، غرقـَتْ على أحلامـِنا .
وملامـِحُ الطـَّاعونِ تـَحرِقُ نارَنا ..
وشوارِعٌ ذبـَحَ السـُّعالُ هدوءَها واستـَسلـَمـَت للسـُّلِّ بعدَ غـِيابـِنا ..
للروحِ قارِعـَةٌ ، لنا خـُطـُواتـُنا ..
قـَدَمٌ بخـَيمـَةِ مـَوتـِنا يا فاطـِمـَةْ !
قَدَمٌ على مـَوتِ الوعودْ !
كـُفـِّي عن النـِّسيانِ والذِّكرى ، فبـَينـَهـُما نـُشورٌ أو صـُعودْ !.
( 74 )
يا فاطـِمـَةْ ،
فـُضـِّي الضـَّبابَ وواجـِهي !
لا تـَرحـَلي جـَوفَ الضـَّبابِ فدَربـُهُ إِربـًا كـَتـَبْ !
وثـَغا الأَرَبْ !.
( 75 )
أُريدُ لي دُوَيلـَةً أصيرُ فيها " السـَيـِّدُ الوزيرْ " !
أريدُ أن أصيـرْ ،
لو استطـعتُ ، نائـِبـًا عن كـُلِّ أوجاعِ الجـَّليلِ في رُواقِ البـَرلـَمانْ !
أريدُ أن أصيرَ لو لمـَرَّةٍ وحيدَةٍ رئيسَ كـُلِّ هيئـَةِ الأَركانْ !
رئيسَ هيئاتِ الوزارَةْ !
والآمـِرُ النـَّاهي بأنحـاءِ السـَّفارَةْ !
أو نائـِبَ السـُّلطانْ !
يـَحني ليَ الرؤوسَ أهلُ الياوَرانْ !
وكـُنتُ في طـُفولـَتي شـَيخـًا على الصـِّبيانْ !
وكـُنتُ في فـُتـُوَّتي رأسـًا على الفـِتيانْ !
وحاكـِمـًا مـُبايـَعـًا في المـُنتـَدى والحارَهْ ..
وزارِعـًا في كـُلِّ نارٍ حـِكمـَةَ الشـَّرارَهْ ..
فأَنجـَبَ المـَحصولُ عـِندَ " شـَعبـِنا " خـَيارَهْ ..
وكانَ يا ما كانْ ،
وكانَ أَنـِّي عن شـِمالِ نـِيـَّتي إنسانْ !
والوقتُ نـَغـْلٌ يمتـَطي حـِمارَهْ ..
وكانَ يا ما كانْ ،
والوقتُ يـَقضي وقتـَنا في مـَجلـِسِ الغـِربانْ !!
وكانَ أنـَّا عن شـِمالِ زندِنا : صـِفرانْ !!.
( 76 )
أَطماعُ " روما " أَبحـَرَتْ إلى ذُرى مـَجهولـِها واكتشـَفـَت عـَذابيْ !
وحاكـِمٌ ينامُ مـِلءَ جـَفنـِهِ في كـَفِّ أَعوادِ الثـِّقابِ !
تـَوقيتـُنا ، تـَوقيتـُنا –
نـَشيـْخُ في الشـَّبابِ !
وعـُمرُها عـُمرانْ !
والوقتُ في اندِلاعـِها .. وَقـتـانْ !
فهـَل تـَراني ناشـِرًا ساعاتِ رَغبـَتي على شـَمسٍ غـَريبـَهْ ؟
لعـَلـَّني أُعيـدُ بعضَ رغبـَتي من لـَعنـَةِ الإبحارِ في الغـِيابِ !
أَلـَمَّ بي طـَبـْعُ الصـَّهيلِ ، غـَيرَ أَنـِّي مـُتـْعـَبُ الحـِصانْ !
وكانَ يا ما كانْ ..
وكانَ أَنـِّي عن شـِمالِ رغبـَتي صـِفرانْ !
فـَلتـَعبـُري جـِسرًا من الشـَّمعِ إلى نارِ الوَعيدْ !
ولتـبحـَثي عن زنـدِهِ الوَحيـدْ !
قمحـًا يـُعيـدُ وجهـَهُ من رحلـَةِ الزؤانْ !.
( 77 )
يا فاطـِمـَةْ !
فـُضـِّي اللـِّسانَ المـُلتـَوي وحاذِري !
لا تـَذهـَبي في فـِضـَّةِ الحـَلقِ العـَتيقِ وَجـْمـَةً ،
قالَ الذَّهـَبْ !.






 
/
قديم 24-12-2015, 03:22 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي رد: فتوى لدمعةِ فاطمـَةْ !

أنقل إليكم هذا العمل الشعري الذي أسمتهُ شاعرتنا الراحلة فدوى طوقان : أول ملحمة شعرية فلسطينية تحكي حكاية النكبة عبر عيون المواطن الفلسطيني . والكلام موثَّقٌ بصوتها . ولقد أثارت هذه الملحمة ضجة كبيرة في أوساط الأدباء هنا لدينا ، وتناولها الكثيرون بالتحليل والنقد ، وأقيمت الندوات الشعرية احتفالاً بها كما جرى في قرى كفر ياسيف والرامة والجديدة والمكر وحيفا وعارة وغيرها .
وأضعها هنا بين أيديكم للتوثيق فقط .
ولقد تبقى القسم الأخير منها سأضيفه حالَ الانتهاء من طباعته .






 
/
قديم 24-12-2015, 05:07 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نفيسة التريكي
عضو مجلس إدارة
عنقاء العام 2008
عضوة تجمع أدباء الرسالة
عضوة لجنة تحكيم مسابقة شعر الرسالة
عضو ة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية نفيسة التريكي

افتراضي رد: فتوى لدمعةِ فاطمـَةْ !

د .نديم حسين
ماذا اقول عن هذه التحفة زلزلتني ولم اتم ّقراءتها بعد وقد وصلت إلى 14
لقد اهديتنا عملا ساحرا يجعلني انا شخصيا كل ما ادخل الفينيق أتفقد ابوابه واقفالها وشبابيكه امغلقة ابإمكان الشمس ان تدخلها في كل صقيع
عمل ترتجف له الخلجات كتب من صميم الويلات وكان رغم ظلال القلق يصدح بالثبات
عمل هادئ في إيقاعه ولكنه صاخب جدا في التيمة
عمل بمقاييس الإبداع الكوني
فحقيقة هذا اكتشاف شعري جميل جدا في يومي هذا
أحييك وانت إضافة حقيقية للفينيق لأنك تمتعنا دائما بالجيّد القوي الجواد الراكض ركضا في قضايانا الشائكة
اراك تضيف كيفا ولا يهمّك الكم ّوهذا مهم ّجدا
أما فدوى طوقان -رحمها الله - الشاعرة الرائدة الرائعة المناضلة فلي من رائحتها لما عانقتها ذات يوم ماطر في سوسة
لي منها فلسطين






 
/
قديم 31-12-2015, 02:24 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي رد: فتوى لدمعةِ فاطمـَةْ !

[b]( 78 )
فـُضـِّي جـَواريرَ القلوبِ على مـَوائـِدِنا ،
فغـَيمـَتُنا تـَرَنـَّحَ بـَرُّها ، طـَرِبَ الهـُطولُ وما حـَنى مـَطـَرٌ لسيـِّدَةِ التـُّرابِ سحابـَةً ،
فـُضـِّي سـَوادَ جـَديلـَتـَيكِ مـِلاءَةً تـأوي لرَغبـَتـِها البـِلادُ كـَآبـَةً !
فـُضـِّي الخـَريفَ وحاذِريْ !
حـَذَفَ الخـَريفُ خـُطايَ من دَجـَلِ العـِطارَةِ والـدُّروبْ .
وجـَعي ثـُلوجٌ فوقَ شـَمسِ القـِبـْلـَتـَينِ تـَمـَدَّدَتْ – مـَدَدًا يـَذوبْ .
فـَلتـَكْسـِري وجـهَ النـَّبيذِ على مـُسافـِرَةٍ لـِكوبْ .
كي تنتهي طـُرُقُ التـَّصـَبـُّرِ في مـَراسيمِ الجـَّنوبْ .
يا فاطـِمـَهْ ،
هـَل تـَقطـِفينَ عنِ الثـُّلوجِ وعـُمرِنا استـِرسالـَنا بضـَياعـِنا ؟
هـَل تـَلجـُمينَ البـَحرَ كي يتـَراجـَعَ الغـَرقى إلى أوجاعـِنا ؟
هـل تـُنجـِبينَ رياحـَنا لشـِراعـِنا ؟!
( 79 )
يا فاطـِمـَهْ ،
فـُضـِّي الخـَريفَ وحاذِري !
لا تـُشـعـِلي نارَ الظـُّنونِ ، فسـَقفُ مـِحنـَتـِنا خـَشـَبْ !!
تـَعـِبَ التـَّعـَبْ !.
( 80 )
ولتـَذهـَبي صـَوبَ المـَراجـِعِ كـُلـِّها ، واستـَرجـِعي بـَغدادَ من خـَيلِ التـَّتارِ وعارِهِم !
وجهي على عـرشِ التـَّعاسـَةِ واحـِدٌ أَحـَدٌ ،
وما كـَفـَني سـِوى وَهـْمٍ تـَوَسـَّطَ مـَوجـَةً ، لـُغـَةِ الـذَّهابِ وأَوَّلِ الإبحارِ في عـُمرٍ جـَديدٍ ،
فـُرصـَةٍ أُخرى لمـُرتـَكـِبٍ تـَعاسـَتـَهُ ... وذا كـَفـَني شـِراعْ !!
وسأَخلـَعُ العـُريَ الذي ارتـَجـَفـَت على جـَنـَباتـِهِ طـُرُقُ الضـَّياعْ !
وفوارِسٌ .. ونفوسـُهـُم مـَفتوقـَةٌ في قـَلعـَةٍ نامـَتْ على زندِ الجـِّياعْ !
سقـَطـَت بـِكـَفـِّي قـَلعـَةُ الفـُقـَراءِ وافتـَرَسَت مـَعانيها القـِلاعْ !
عـُكـَّازُنا أَحلامـُنا العـَرجاءُ في نـَومِ الرَّحيلْ !
يا مـُدْخـِلَ النـَّجماتِ في عـُبٍّ صـَغيرٍ مـُستـَطيلْ !
وطـَني سـَيـُنجـِبـُهُ اليـَراعْ !!.
( 81 )
يا فاطـِمـَهْ ،
كـُفـِّي دموعـَكِ عن بـِحارِ عـُيونـِنا !
مـِلحُ الطـَّعامِ غـِذاؤُنا ، وجـِراحـُنا مـَفتوحـَةٌ ..
عـَيناكِ مـِلحُ الأَرضِ ... لـَحمـُكِ في السـَّبيلْ !.
( 82 )
ألحـُبُّ .. أو خـوَفي عليكِ .. جـَهـَنـَّمي ..
عينُ الرخامِ عليكِ ، شاهـِدَةٌ على حـُلمِ الشـَّهيدِ .. قـِيامـَتي ..
مـَوتُ الشـَّهيدِ حـِكايـَتي !
مـَوتُ الشـَّهيدِ مـُصيـْبْ !
ووفاةُ أحلامِ الشـَّهيدِ نـِهايـَتي !
والحـُزنُ أَطوَلُ من شواطـِئـِنا ، وأوسـَعُ من مـَساحـَتـِنا ، وأَعمـَقُ من بـُحـَيرتـِنا .. دَمي !
وَقـْفٌ عليكِ ضـَراعـَتي !
وَقـْفٌ عليكِ الغـَفوَةُ القـُصوى وصـَحوُ رِضاعـَتي !.
( 83 )
نـِصفٌ من البـَيت القديمِ حمـَلتـُهُ مثـل الضـَّميرِ بـِبـُقجـَةٍ ،
نـِصفٌ سيـَبقى ها هـُنا !
وأُناصـِفُ المـُتـَمـَرِّدَ الجـَوَّالَ نـِصـْفيْ ..
ومن الـذِّراعِ إلى الشـِّفاهِ إرادَةٌ رحـَلـَتْ ،
وشـِفاهـُنا بـِشـِفاهـِنا ، تتلاطـَمُ الكـَلـِماتُ – لا بـَحرٌ ولا أَسداسُ أرضٍ .. خـَمسـَةٌ ،
فالسـِّندِبادُ حقيقـَةٌ .. وَجهي أَنا !
يا شـَعبـَنا ،
يا شـَعبـَنا يا سـِندِبادَ البـَرِّ في خـُمـْسٍ نـَجـا ،
حاذِر حـُدودَ الماءِ ، قـَد كـُتـِبـَت حـِكايـَتـُنا ، فـَحاوِلـْنا ... على ريـْشِ القـَطا يثغو الـزَّغـَبْ !
لا تـُشعـِل النـَّبضَ الجرئَ فسـَقـفُ نابـِضـِنا خـَشـَبْ !
تـَعـِبَ التـَّعـَبْ !.
( 84 )
وتـَطولُ دربٌ خـَلـْفَ فاطمتي وتـَنكـَمـِشُ الخـُطى
بدأَتْ من التـَّصديقِ أنَّ حليبـَها كتـَقاطـُعِ الطـُّرَقِ الذي يـَمضي إلى غـَسـْلِ النـَّدى
وتـَمـَرَّغـَتْ بخـَطيئـَةِ التـَّصديقِ ... لـَم يـُسعـِفْ دَمٌ !
يا حالـِمـَهْ ،
ونـَسيتِ أنَّ بدايـَةَ النـَّصرِ المزيـَّفِ تنطـَلي إسفـَنجـَةً هطـَلـَت على أنيابـِنا !
وخـَديعـَةٍ رفـَعـَت على هـامِ الرِّماحِ إهانـَةً لكـِتابـِنا !
ونـَسيتِ أن الخـُطبـَةَ العـَصماءَ تبدأُ في حـُروفِ الـلهِ ،
كـَيـْما تـَنتـَهينَ وتـَنتـَهي الكلـِماتُ بـاسمـِكِ فاحذَري !!
بـُومٌ يـُعـَشـِّشُ فوقَ سـَقفِ حـُلوقـِنا
بـُومٌ " يـُغـَنـِّي " كي يـَقومَ شـُروقـُنا
مـِن نـَومـِنا ،
لا ، لن نـُصـَدِّقَ أو نـُصادِقَ مـَوتـَنا ، أو جـُثـَّةً تـَرمي شـِفاهـًا في ارتـِعاشـَةِ بـُوقـِنا
لن تـَسمـَعي أصواتـَنا عـَمـَّا قـَريبٍ ، صادِقي هـَمسَ الخـُطى ..
صـَلـِّي على زمـَنِ الـزَّبيبْ !
لا تـَرفـَعي آمالـَنا مثـلَ الأذانِ على قـَوامِ نـَخيلـِنا ..
فالسـِّنديانـَةُ أقصـَرُ الأشياءِ من شـَفـَةِ القـَتيلِ إلى التـُّرابْ !
لا تـَرسـُمي قـَصرًا على وجهِ الـرِّمالِ ، فهكذا قـَصـرٌ يـَسيـلْ ..
لا تـَرسـُمي شـَجـَرًا على ورقِ الحـِرابْ !
قومي اصعـَدي صـَوبَ " الجـَّليلْ " !
وتـَعـَلـَّمي حـَذَرًا شديدًا ، حاذِري !!
وتـَعـَلـَّمي " لاءً " ورفـْضـًا عاقـِلاً ، ومـَناعـَةَ الشـَكِّ الجـَّميـلْ !.
( 85 )
من عـَينِ فاطـِمتي أُطـِلُّ عليكـُمو
ليسَ السـَّلامُ عليكـُمو ..
دمعي وإغـراقي بحزن الأرضِ ، والبـُعدُ البـَعيدُ عن القـُرى
ذُلٌّ لعينِ سليلـَةِ المـَوتى انبـَرى ..
عـُصفورةٌ مـَقتولـَةٌ بحـَثـَتْ لـَها عن غـَصنِ إقلاعٍ بـِها ..
من غـَفوَةِ النـَّاطورِ قـَد ولـَجوا بـِها
إنْ كـُنتَ تسـأَلُ عن مـَواجـِعـِها فـَقـُم واذهـَبْ إلى شـَجـَنِ الأَزقـَّةِ في " الخـَليلْ " !
قـَرَعـَتْ طـُبولَ الرَّاحـِلاتِ سـَواعـِدٌ
قـَرَعـَتْ قـُلوبَ العائـِدينَ مـَواجـِعٌ ، من صـَمتِ فاطـِمـَتي تـُطـِلُّ عليكـُمو ..
ليسَ السـَّلامُ عليكـُمو !.
( 86 )
للبـُعدِ سـَطوتـُهُ ويـَربـُضُ بينـَنا بـُعدُ النـَّسـَبْ !
يا فاطـِمـَةْ ،
ما بـَينـَنا سـِرُّ اعتـِناقٍ وانعـِتاقٍ ، عـَدْوُ خـَيلٍ ، شاطئً ومـَنارَةٌ ،
كـَفـَّا مـَلاكٍ ، قامـَةٌ تـُعطي الجـِّدارَ قـَساوَةً ، وغـِيابـَنا خـَلفَ الجـِّدارْ !
ما بـَينـَنا عـَبـَثُ انتـِقالٍ مـُوجـِعٍ من يومـِنا في بـُرهـَةِ الإبحارْ !
للنـَّاسِ فاطـِمـَةٌ ولي حـُزنُ اثنـَتـَينْ !
ولـُدِغتُ من قـَومِ الأَفاعي مـَرَّتـَينْ !
هل للرَّحيلِ قـَواعـِدٌ ؟
هل لـلإِيابِ قـَواعـِدٌ ؟
كـَسـَرَ القـَواعـِدَ كـُلـَّها في شـَأنِ فاطـِمـَتي الـزَّغـَبْ !!
هربـَتْ شواطـِئـُها ، تـَرَنـَّحَ قاربٌ ، سـَقـَطَ الـدُّوارُ على الـدُّوارْ !
( 87 )
يا فاطـِمـَهْ ،
فـُضـِّي الخـَريفَ وحاذِري !
لا تـُشعـِلي نارَ الحـَنينِ ، فسـَقـفُ لـَوعـَتـِنا خـَشـَبْ !
تـَعـِبَ التـَّعـَبْ !.
( 88 )
أمشي على روحـَينِ ، ما تـَرجيعُ أقدامٍ على طـُرُقاتـِنا ما تـَسمـَعينْ !
و " اللهُ يـَرحـَمُ فاطـِمـَه ! " فـَرَمـَتْ قلوبَ السـَّامـِعينْ !
للبـُعدِ سـَطوتـُهُ وشـَكٌّ في رحيلـِكِ أو يـَقينْ !
هـَطـَلـَتْ على كـَفـِّي أَكـُفُّ أحـِبـَّتي ،
هل للعـَزاءِ قـَواعـِدٌ ؟
شـَعبٌ ويـُتـقـِنُ مـُرغـَمـًا لـُغـَةَ العـَزاءِ بـِراحـِلٍ أو راحـِلينْ !
شـَعبٌ ويـُصبـِحُ صـَبرُهُ في الصـَّبرِ ديـنْ !
وتـَغيبُ فاطـِمةُ الحزينـَةُ مثـْلَ نـَجـْمٍ عن سـَماءِ المـُسلـِمينْ !
وتـَغـَيـَّبـَتْ عن " دَرسِ " أبوابٍ كـَبـَتْ ..
ومـَساربٍ للـدَّمعِ تـَفتـَحُ قـَوسـَها ، ونـِهايـَةُ الأَقواسِ طـينْ !
يا فاطـِمـَهْ ،
رفـَعوا نـِقابـَكِ لـَوزَةً لثـَرى أميرِ المـُؤمـِنينْ !
وستـَغرِفينَ من الحـَنينِ لتـُطفـِئي نارَ الحـَنينْ !
يا غـَصـَّةً تـَغفو على صـَلـَواتـِنا لتـَقولَ " مالـِكـَها الحـَزينْ " !
ورسوخـُها شئٌ من الإِمعانِ في الإِدبارِ ، شئٌ في قـَواعـِدِنا انقـَلـَبْ !.
[/b
]

يتبـَع ...






 
/
قديم 07-01-2016, 02:35 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي رد: فتوى لدمعةِ فاطمـَةْ !

[COLOR="Blue"]
[b][font="arial"][size="5"]( 89 )
يا فاطـِمـَهْ ،
فـُضـِّي التـُّرابَ وسافـِري !
لا تـُشعـِلي نارَ الغـِيابِ فسـَقفُ دَمعتـِنا خـَشـَبْ !
تـَعـِبَ التـَّعـَبْ !.
( 90 )
أمشي على زمـَنـَينِ ، جـَزُّوا خُطوةَ المـَطرودِ فينا مـَرَّتـَينْ !
صَحراءُ قلبي سافرَتْ لسـَرابـِها من جـَدوَلـَينْ !
كـَم هاجـَرَت مـَعنـِيـَّتي بحـِيادِها صـَوبَ الحـِيادْ ..
كـَم أَخرجـَتْ فـَرضَ الصـَّهيلِ – يـُقالُ – من سـُنـَنِ الجـِّيادْ ..
كـَم أَضحـَكـَتْ زمـَنَ الحـِدادْ ..
وجنازةٌ تمشي ونمشي خارجَ التـَّابوتِ نبكي وَحـدَنا !
أينَ البـِلادُ – بـِلادُنا – أينَ البـِلادْ ؟
وشؤونـُها سـَوطٌ ، وشأنُ قـُلوبـِنا دَمـعٌ وعـَينْ !
وشـُؤونُها بـُعـدٌ إذا اقتـَرَبـَتْ إليهِ جـِيادُنا ، لـَكـَزَ ابتـِعادْ ..
خـَلـْفَ التـَّراضي والتَّـغاضي والعـَتـَبْ !
وفـُطـَيمُ لـَم تـُسْرِج جنازتـَها سماءً أو سَحابْ !
وفـُطـَيمُ تـَقـْبـَعُ ها هـُنا تـَحتَ التُّـرابْ !
ودموعُ حَـسرتِـها تـُلاحـِقـُنا كـَنابْ !!
خَـلـفَ التـَراضي والتَّـغاضي والعـَتـَبْ !!.
( 91 )
يا فاطـِمـَهْ ،
فـُضـِّي الرَّحيلَ وحاذِري !
لا تـُشعـِلي نارَ الحـَنينِ ، فسـَقفُ دَولـَتـِنا خـَشـَبْ !
تـَعـِبَ التـَّعـَبْ !.
( 92 )
وبـُذورُ أَحلامٍ على لـَيلِ الـرُّخامْ ..
قـَتـَلـَتْ بـَقايا العـِشـقِ في نـَبـضِ النـِّيامْ ..
تـَرَكـَتْ صـِباكِ تـَميمـَةً لـِكُرومِ ذاكـِرةِ الصـِّبا ،
وتـَلـَتْ من " القـُرآنِ " آياتِ النـُّسورِ على مـَفاهيمِ اليـَمامْ !.
( 93 )
وعـَلى خـَرائـِبِ قـَمحـِنا شيـَّدتُ قـَصرًا للشـِّفاهِ .. وبـَيدَرِكْ !
لا تـُنكـِري ..
ورفـَعتُ عن جـُثـَثِ النـُّفوسِ دَمي وبـَصمـَةَ بـِنْصـَرِكْ !.
( 94 )
قـَد يـَصرخُ الصـَّمتُ المـُراقُ هنا على رئـَةِ القـَتيلْ !
يا رِقـَّةَ الطـَّعنِ التي قـَد نستـَزيدُ نـَزيفـَها ،
وخـَيالَ طـِفلٍ من يـُصادِقهُ يهـُزُّ المـُستـَحيلْ !
إيقاعـُنا رَثٌّ وقمحُ طـُيورِنا ،
وتـَرٌ على كـَفِّ الرُّخامِ ، ونـَخلـَةٌ يتـَطـَفـَّلُ التـَمرُ الذي قـَرَنَ الشـُّموسَ بثـَديـِها ،
دَهرًا على ثـَلجِ " الجـَّليلْ " !
إيقاعـُنا رَثٌّ ، ورَثٌّ قـَلبـُنا !
ضوءٌ كـذاكـِرَةِ القناديلِ القـَديمـَهْ ..
ظـِلٌّ كسابـِلـَةِ الأَزقـَّةِ في هـُدى القـُدسِ القـَديمـَهْ ..
عـِطرٌ كبـَسمـَةِ وردةٍ مـَشنوقـَةٍ جـَوفَ الدَّفيئاتِ القـَديمـَهْ ..
بـِنـْتٌ ، كثـَورةِ ذلكَ الحـَبـَقِ القـَديمِ على قواريرٍ قـَديمـَهْ ..
نـَغـَمٌ ويـَسقـُطُ فوقَ آذانٍ قـَديمـَهْ ..
وسينزِفُ الشـِّريانُ عاشقـَكِ الجـَّديدَ على مزاميرٍ قـَديمـَهْ ..
ما من جـَديدٍ غـَيرُ قريـَتـِكِ القديمـَةِ .. فاطـِمـَهْ !
قـَومٌ وتـَرحـَلُ نارُهـُم صَوبَ الصـَّقيعِ ،
ويرحـَلُ التـَّاريخُ عن تاريخـِهِ ، بـَتـَروا دروبَ زحوفـِهـِم !!
عادوا إلى نـَهرِ الضـَّياعِ وساوموا " السـَّلـَمونَ " عن طـَعـْمِ البـَقاءْ ..
وتـَساءَلوا عن أقصـَرِ الميـْتاتِ نحوَ شـَفاعـَةِ " القـُدسِ " الحـَكيمـَهْ " !!.
( 95 )
هل من خـُيوطِ الشـَّمسِ تـَغزِلُ خـَيمـَةً كـَيلا تـَذوبْ ؟
هل في شـِراكِ الغـَيبِ تـُدمـِنُ فـِكرَةً كـَيلا تـَؤوبْ ؟
لـَكَ ما تـُريدُ ، ولـي بـِذاتِ القـَلبِ واليـَدِ واللـِّسانِ بـَقـِيـَّةٌ من نـَزفِ دمعـَتـِها .. وكـوبْ !.
ضِيـْقٌ بـِذاتِ القـَلبِ واليـَدِ والأقارِبِ والعـَقارِبِ يـَعتـَري سـِعـَةَ الوطـَنْ ..
والسـَّاعـَةُ المـَعطوبـَةُ الـدَّوَرانِ تـَضبـِطُ لـَحظـَتينِ من الـزَّمـَنْ !
لوِلادَةٍ وجـَنازَةٍ ،
وتـُصيبُ وقتـًا مرَّتينْ
ولـَهاةُ مـِزماري غـُبارٌ أو لـُجـَينْ
واللـَّحنُ مـَذبوحٌ حـَزينْ
أنتِ الطـَّليقـَةُ يا فـُطيمُ ورأيـُكِ الـدَّامي سـَجينْ
ولـَكِ الصـَّلاةُ ورنـَّةُ الآيِ الأَمينْ
أنتِ الجـَّميلةُ يا فطيمُ وذاكَ يـَكفيْ !
أنتِ الخـَلوقـَةُ يا فـُطـَيمُ وذاكَ يـَكفيْ !
أنتِ العليمـَةُ يا فـُطيمُ وذاكَ يـَكفيْ !
أنتِ الجميلةُ والخلوقةُ والعليمةُ والحزينةُ يا فطيمُ .. وذاكَ حـَتـْفيْ !
سقـَطَ الكـَمالُ مـُضـَرَّجـًا بنـَقيصـَةِ الزَّمنِ اللـَّئيمِ .. وذاكَ حـَتـْفيْ !
هـذا نـَصيبيْ يا فـُطيمُ ،
قـَنـِعتُ بالوَجـهِ الذي سقطـَتْ مواجـِعـُهُ كجـَمراتٍ بـِكـَفـِّيْ !
أَتـُراهُ يـَكـفـيْ ؟!!
( 96 )
وجـَعي ونارُ قـَريحـَتي شمسانِ تـَقتـَلعانِ طـَعمَ اللـَّيلِ من لـُغـَةِ المـَعاجـِمِ والفـَلـَكْ !
فاسهـَرْ نـَهارًا وارمِ في حـِمـَمِ الجـَهـَنـَّمِ وجهَ مـِليونـَيْ مـَلـَكْ !
خـَلِّ القـَصيدَ لقـَيصـَرِ الشـِّعرِ العـَميقِ ونارِهِ ،
وبـَقـِيـَّةَ الأَشياءِ لـَكْ –
عـَكـَّا وكـُلُّ غـُزاتِها ..
حـَيفا ومـَرفـَأُ ذاتـِها ..
يافا ومـِحنـَةُ " لاتـِها " ..
صـَفـَدٌ وكـُلُّ بـَناتـِها ..
والقـُدسُ سيـِّدةُ البـِلادِ ، وغـَزَّةُ الحـُلـُمـَينِ ، رأسٌ في أريحا ، والوِسادَةُ في " الخـَليلْ " ..
و " رامـَةٌ " وَشـْمٌ بـِزِنـْدِ كـُماتـِها ..
خـَلِّ البـِلادَ لقانـِعٍ .. وبـَقـِيـَّةُ الأشياءِ لـَكْ !
ويجوزُ لي في حـُزنـِها ما لا يـَجوزُ لـِذاتـِها !!
فـَلتـَكتـَفـِنْ بحنينـِها ولتـَندَفـِنْ مثـْلَ الهـُدى بصـَلاتـِها ..
وقريحـَتي تـَرمي على نـَجماتِ رغبـَتـِكَ الشـَّرَكْ !!.
( 97 )
من خـَيمـَةٍ قـَد تـَخرُجينَ وإنـَّما ، هـَل يـَخرُجُ التـَّخييمُ مـِنكِ ومن نـَوايا مـِعصـَمـِكْ ؟
وصـَلـَبتِ حـُزنـَكِ والعـَراءَ على جـِهاتـِكِ إنـَّما ،
هـَل تـَنزِلُ الصـُّلبانُ يـَومـًا عن فـَمـِكْ ؟
والنـَّارُ مـَربـَضُ وَجـْدِكِ المـَقتولِ في مـَجرى دَمـِكْ !
والأَسـْرُ شئٌ طاعـِنٌ في القـَيدِ أو طـَقـْسُ التـَّجـَهـُّمِ طاعـِنٌ في مـَبسـَمـِكْ !
حـَجـَرٌ على قـَسـَماتـِكِ المـُتـَشـَرِّدَهْ ..
وَهـْمٌ زجاجُ المـُفرداتِ المـُبـْعـَدَهْ ..
ذَهـَبٌ صـُراخـُكِ ،
مـُنذُ دَهـرٍ ماتَ مـُبدِعُ مـَنجـَمـِكْ !
يا الفاطمـَهْ ،
مـَنذورَةٌ للإرتـِباكِ بمـَوتـِها –
فبـِوَجنـَةٍ متـَورِّدَهْ
وبلـَفظـَةٍ مـُتـَردِّدَهْ
وبكـَبوَةٍ متـَعـَدِّدَهْ
دَمـُها على الطـُّرُقاتِ يبحـَثُ دائـِمًا عن أَورِدَهْ
ويتيمُها عن مائـِدَهْ
عن عائـِدَينِ وعائـِدَهْ
وذِمارُها عن مـُنتـَهـِكْ !
هـل تـُقـْلـِعُ الصـُّلبانُ يومـًا عن دَمـِكْ ؟!!
الخاتـِمـَة

( 98 )
وعـَقيدَتي يا فاطـِمـَة ،
أن تـَكبـُري قـِدِّيسـَةً ومـُقاوِمـَة .
وكـَمـَكـَّتي ، صـِدِّيـْقـَةً ومـُكـَرَّمـَةْ .
حتـَّى تـُزَفـِّي للعـَريسِ ، مـُناصـِرًا مـَظلومـَةً أو ظالـِمـَةْ !
وعـَقيدَتي ،
أنْ أستـَبيحَ جـَوارِحي ، حتـَّى أجئَ لوَردةٍ بالعـِطرِ من سوقِ العـُطورِ الحالـِمـَةْ ..
وعقيدَتي ،
أنْ ألكـِزَ البـَدَنَ السـَّقيـمَ من الصـَّباحِ المـُبتـَدي حتـَّى المـَشيبِ ، وأنطـَفي ،
كي تـَأكـُليها لـُقمـَةً ، بـِنتَ الحـَلالِ ،
تظـِلُّ إنْ لـَم تـَشبـَعي في ماضـِغـَيَّ مـُحـَرَّمـَةْ ..
وعقيدتي ، أن أبذُرَ الواحاتِ حـَولـَكِ أنهـُرًا ،
وأُرَفـِّعَ الأَزمانَ تاجـًا فوقَ رأسِ المـُسْلـِمـَةْ ..
وأنا أخوكِ ، أدورُ حـَولـَكِ سـورَ قـُدسٍ في اللـَّيالي القاتـِمـَةْ !
يا فاطـِمـَةْ ،
وأشـُجُّ أوردَتي لكي لا تـَعطـَشيْ ..
وأكونُ يا أُختَ الكـِرامِ لظـَبيـَةٍ بيتـًا وبـابـا !
وأقصُّ من لـَحمي لكي لا تـَحسـَبي إلاَّ لرَبِّ العالـَمينَ ومـُرسـَلِ الدُّنيا حـِسابـا !
ولـَكِ الخـُروجُ إلى المـَعاركِ والوُلـوجُ إلى جهـَنـَّمَ والـدَّواءُ وحـُرُّ مـاليْ والبـِلادُ أو
انعـِكاساتُ البـِلادِ ، وليْ أُخـَيتٌ .. تاجُ رأسي ، شـرَّفـَتْ نـَسـَبَ العـَرَبْ !
سـأُقيـمُ فوقَ الصـَّخرةِ الأُخرى قـِبابـًا من ذَهـَبْ !
وسأذبـَحُ الطـَّيرَ الـذَّبيحَ لكي تـَناميْ ..
حتى إذا نـَزَفـَتْ سـِهاميْ ..
ولكِ الجـَّمالُ ، لكِ الزُّهورُ وصـِبـْيـَةٌ يتـَدافـَعونَ إليَّ مـُبتـَهـِجينَ عنـْدَ القـَولِ : خالـيْ !
كـُفـِّي عن المـَتعوسِ نـَظرتـَكِ الكـَسيـْرَةَ ، شـَفرَتـاها هـَدَّتا أوصاليْ !
مـِفتاحُ قـَيدٍ قـَلبـُنا الساعي على ساحاتِ نـَبضٍ ،
كـِلـْمـَةٌ كالجـَّمرِ تـُلقيها على ماءِ الوُجوهِ بـِلادُنا !
هل أَنجـَبَ الرشـَّاشُ لـَوعـَةَ فاطـِمـَةْ ؟
هل أنجـَبـَتْ طـُرُقاتـُها قـَسـَماتِها ؟
يا مـَسـْقـَطَ الرأسِ الذي سـَقـَطـَتْ مـَعالـِمـُهُ على حـَدَقاتـِها !
كسـَحابـَةٍ من بـَعضِ إسمـَنتٍ ودَمْ !
فولاذُ مـِحنـَتـِها فـَصيحٌ ، عاتـِقاها أَبكـَمانْ !!
هي أَعظـَمُ المـُتـَناقـِضاتِ جـَميعـِها :
هيَ مـُرَّةٌ أو حـُلوةٌ ..
هي نـِعمـَةٌ أو نـِقمـَةٌ ..
هيَ مـَعبـَدٌ أو حانْ !!
هي فـِطـْنـَةٌ وسذاجـَةٌ وقساوَةٌ وحـَنانْ !
عـَمياءُ أو مـُتـَبـَصـِّرَهْ ..
بـَنـَّاءَةٌ ومـُدَمـِّرَهْ ..
ومـُعـِزَّةٌ ومـُذِلـَّةٌ ..
ومـَليكـَةٌ ومـُهـَرِّجـَهْ ..
مـَعنـِيـَّةٌ ، مـُتـَفـَرِّجـَهْ ..
مـُتـَمـَرِّدَهْ ،
مـُستـَسلـِمَهْ ..
أو مـُسلـِمـَهْ ..
ويـَنامُ في حـَدَقاتـِها إنسانْ !
ومـُطيعـَةٌ وحـِرانْ !
وُلـِدَتْ على أرضٍ يـَلـُفُّ حـَنينـَها كـَفـَنانْ !.
هل تُفرحينَ على الأَسى آنـًا بـِآتْ ؟
خـَلِّ اليتيمَ لشـأنـِهِ ،
ماذا سيبقى من مدينتـِنا إذا خانَ الحـُماةْ ؟
من مـَوطئِ القـَدَمينِ حتى آخـِرِ الزمنِ المـُلـَفـَّعِ باللـُّغاتْ ؟
وزنودُنا نـَظـَريـَّةُ الأَفعالِ يا أُختَ الجـُّموعِ العابـِرَهْ !
وقلوبـُنا عـُذْريـَّةُ الأَحوالِ يا زمن القلوبِ العامرَه !
وولادتي منثورَةٌ فوقَ الشـِّفاهِ النـَّاحـِرَهْ !
فاستـَرسـِلي في بـُرجـِكِ العالي هـُنا ..
دُقـِّي حـُروفَ العاجِ في جـَلـَساتـِنا !
فـَمـَصاغُ فرحتـِنا نـُحاسٌ ، والمـَراثـي ساخـِرَهْ !!
( 99 )
يا فاطـِمـَهْ ،
أحزانـُكِ العقيدةُ الوحيدةُ التي تقومُ بـَعدَ وجـهِ اللـهِ في بلادِنا !
فـُضـِّي الجهاتِ كـُلـَّها ورابـِطيْ !
لا تـَسكـُبي الأَعذارَ في قـِدْرِ الهـَرَبْ !
جـَبـُنَ الأَرَبْ !.
( 100 )
لسـتُ الوحيدَ وَحيدَتي في هذهِ الزنزانـَةِ المـُتـَحامـِلـَهْ !
فـَمـَعي جـُموعُ المؤمنينَ الكامـِلـَهْ ..
قـَلبي على خـَيرِ الأُمـَمْ !
حكـَّامـُها في القاعِ ، حـِكمـَتـُها القـِمـَمْ !
كـَم وحـَّدَتْ وتـَوحـَّدَتْ وتفـَرَّقوا ، فجـَنـَتْ أَكـُفَّ المـُشْرِكينْ !
تاريخـُها نـَقـَعـَتهُ كـَفٌّ في حـُروفِ " النـَّفتـَلينْ " !
وتـَعـَذَّبـَت بسهولـَةِ الإِبحارِ من شـُطآنـِها ، والإنتشارِ الإنتظارِ ، الإنتحارِ بنارِها ..
فلتـَعصـُري قـُطنَ العـُيونِ على رحيقِ جـِرارِها ..
يا فاطـِمـَهْ ،
أُشفيكِ من لـُغـَةِ الرَّصيفِ ، ومن خريفـِكِ ، من حريقـِكِ ،
أو أزُفـُّكِ للزِّحامِ وزندِ قـَومِ الياسـَمينْ !
وأنا المـُشيـرُ بخـَندَقٍ ،
فتـَخـَندَقي في روحِ من صـَلـَّى وسـَلـَّمْ !
وستنشُرينَ الرايـَةَ الخَضراءَ فوقَ " قـُريشِ " حاضـِرِنا ،
لكِ البَيعاتُ والمقدادُ والجيشُ العرمرَمْ !
ولـَكِ الطـَّوافُ ، لـَكِ الحصاةُ ، لـَكِ الوضوءُ بماءِ " زمـزَمْ " !
فخُذي جناحـَينا وطَبـْعَ نيازِكٍ وسماءَ أحزانٍ وطـِيريْ !
مـِنـَّا السـُّيوفُ ومـِنكِ يا أُخـتُ الـذِّراعْ !
منـَّا الجـِّهاتُ وفيكِ ريحٌ والشـِّراعْ !
مـِنـَّا الوعودُ وفيكِ ما حسـَمَ الصـِّراعْ !
وعلى مـُحـَيـَّاكِ السـَّماءُ وغَيمـَتانِ بـِحاجـِبـَيكِ ، وزندُنا وطَنُ الرُّخامِ ،
وعـُذرُنا مـَسـْخٌ وأَقبـَحُ أَلـفُ أَلـفا مـَرَّةٍ من ذَنبـِنا !
ويمامـَةٌ من آخرِ التـَّحديقِ قد خرجـَتْ ،
ومن تـَهويمـَةِ التـَّحليقِ قد حـَطـَّتْ على غُصنٍ ذَوى !
خـَيلٌ لثـَغرِكِ والحروفُ سنابـِكٌ !
بايـَعـْتـِني في حـَقلِ حـَلقـِكِ نـَخلـَةً ، فكـُلي تـُموري واشرَبي معنى حضوري مرَّةً !
رَمـَقٌ أَخيرٌ فاطـِمـَهْ !
رُطـَبٌ على شـَظـَفِ البـِلادِ وجـَرَّةٌ بسـَبيلِ قافـِلـَةِ الحـَجيجِ لوجهـِها !
قـَذَفوا على بابي قميصَ خـَليفـَةٍ !!
وعلى مـَناسـِكِ راحـَتـَيَّ ، على الورودِ ، على التـُّرابِ ، على رفاتي ،
قد تنامُ .. تقومُ فاطـِمتي أنا ..!
هي ذي هـُنا ، وأنا هـُنا !!.
هل للخـَيالِ خـُيولـُهُ ؟
هل للجـَّمادِ مـُيولـُهُ ؟
خـَيلٌ لثـَغرِكِ والحروفُ سنابـِكٌ !
والطـَّقسُ صـَوتٌ ماطـِرٌ ..
وأنا المـُلامُ لأَنني فوقَ الرصيفِ وقفتُ أَرقـُبُ فاطـِمـَهْ !
ويفـُضُّ مـُغتـَصـِبٌ بـَكارَتـَها ، بكـُلِّ شـَهيـَّةٍ ،
وأنا سـُيوفي صائـِمـَهْ !!.
ودمي ينامُ على زنودي النـَّائمـَهْ !
وعلى يـَباسٍ في ثـُغورِ العاصـِمـَهْ !
وعلى شـَفا تـَسْآلِ قلبي : ثـُمَّ مـَهْ ؟
وأنا المـُلامُ لأَنني .. ولأَنني عـَبـْدُ الأَمـَهْ !
رقـَصوا على نابـي ، وسطحُ إرادتي ماءٌ وطـينْ !
وسقيتـُهـُم من دَلـْفِ أمطارِ اليـَقينْ !
وصَرَختُ :
أُمـِّي مـُسـْلـِمـَهْ !!
وأَبي أميرُ المؤمـِنينْ !!
ونظرتُ حَولي ، لم أُشاهـِدْ غيرَ ظـِلِّ السـَّامـِعينْ !
فتـَأَبـَّطي ثـَديَ المـَطـَر !
وحليبُ طَفرتـِنا كماءِ الدَّلـْفِ ، سقفُ ضـُروعِنا إسفـَلتـُنا ،
وسماؤُنا متشائـِمـَهْ !
يا فاطـِمـَهْ !
فـَضـُّوا ضـَفيرَتـَكِ الغزيرةَ بيتَ شـَعـْرٍ للـرُّواةْ ،
واستـَقدَموا لعيونـِكِ الأَحزانَ ،
أو بـَذَروا بـُذورَ سـُلالـَةٍ تـَنمو على كـَفِّ الغـُزاةْ !
شـَرقـًا .. فتـُغمـِضُ عـَينـَها مـِثلَ الـدُّمى !
غـَربـًا .. فتـَفتـَحُ عـَينـَها مـِثلَ الدُّمى !
خـَيطـًا فخَيطـًا ، ثـُمَّ تفتـَحُ صَدرَها لأَكـُفِّ عابـِثـَةِ المـُدى !
أَمـَّارَةً بـزُؤانـِها ،
ليـَصيرَ مـَعبـَدُ طـُهرِها قابَ الخـَطيئـَةِ عن مواخيرِ الخطايا !
أَمـَّارةً بالنـَّابِ والنـَّزفِ المـُهادنِ والرَّزايا !
ولـَجوا وأنتِ قـَعيدَةَ الأَبوابِ ، هـَل من عاذِرٍ ؟!
صلـَبوا " بلالَ " على استـِدارَةِ مـِئـذَنـَهْ !!
أو عـَلـَّقوا حـُزنَ الـدِّيارِ على ضَفيرةِ فاطـِمـَةْ !
فـإلى اللـِّقاءِ .. إلى اللـِّقاءِ على الفصولِ القادِمـَهْ !
فـَتوى لـدَمعـَةِ فاطـِمـَةْ :
تبكينَ من فرحٍ إذا أَهداكِ نصرًا قاطـِعـًا !
تبكينَ من تـَرَحٍ إذا أَهداكِ قبرًا ساطـِعـًا !
فـإِلـَيكِ يا عـَرَبـِيـَّتي دربُ العيونِ القائـِمـَةْ !
فتوى لدمعـَةِ " فاطـِمـَةْ " !!
فتوى
لدمعةِ
" فاطـِمـَةْ " !.

إنتهى .








 
/
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:21 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط