صور من الماضي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :عبدالماجد موسى)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-08-2008, 10:19 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سعاد ميلي
عضو اكاديميّة الفينيق
تحمل وسام الأكاديمية للعطاء
المغرب

الصورة الرمزية سعاد ميلي

Question صور من الماضي

[align=justify][]



في يوم من أيام يناير الباردة، والتي تشهد نزول أمطار بكثرة، جلست سمية تنظر بتمعن من وراء النافذة، وتخترق ببصرها زجاجها الشفاف، إلى مدى بعيد، حيث سرحت بأفكارها، رغم جمال المنظر الذي ساعدها في أن تطرح على نفسها السؤال الروتيني، الذي لطالما جال في خاطرها أغلب الأوقات، لكن هذه المرة غير كل المرات. " آه، لو كان بمقدوري إعادة عجلـة الزمـان إلى الـوراء !" لكن هيهـات ! ليس كل ما يتمنـاه المرء يدركه. فجأة، ودون سابق إنذار، أصيبت سمية بحالة هستيرية، جعلتها تبكي بحرقة شديدة لم نعهدها فيها من قبل، فهي دائمة الابتسام والضحك، خاصة، عندما تجاوزت المرحلة الصعبة التي عاشتها بعد وفاة أمهـا.


كانت ذكريات الماضي الذي تمنت سمية إرجاعها، رغم سعادتها التي كانت من المنطقي، أن تجعلها تعيش في جو من الفرح المتجدد، إلا أنها بالعكس أدخلتها في حالة من الحزن، منعت ظهور البسمة على ثغرها الضاحك، وذلك بسبب فقدانها لأعز مخلوقة أحبتها على الإطلاق، فكان بالتالي يوم وفاتها، علامة حفرت في قلبها الضعيف، وقلبت حياتها رأسا على عقب.

مسحت سمية دموعهـا بسرعة عند سماعهـــا لصوت أبيهـا " ميلود"، ينادي بإلحاح. " سمية ! أين أنت ؟ ألا تريدين أن تأكلي ؟ " فردت بصوت مرتفع حتى يسمعهـا، لأنه كان في الغرفة المجاورة. " أنا هنا يا أبي، ابدءوا الأكل سوف آتي بعد لحظـات ".


فكرت سمية في نفسها أنها محظوظة، رغم كل شيء، فوالدها هو بدوره يحبها كثيرا، ودائما يحاول أن يعوضها غياب أمها، ولكن يبقى هذا غير كاف بالنسبة لها. فقد كان زواج أبيها " بربيعة " بعد مرض أمها، ضربة قاسية لها، جعلتها تكرهه حيينها، خاصة، - رغم أنه كان مخلصا معهما قبلا- عندما ترى أمها تتألم من غيابه وقلة وفائه، فقد تركها تعاني المرض القاتل، لوحدها دون حماية، سوى من وجود يد صغيرة، لا تعرف قسوة الدنيا الفانية، ترتفع لتمسح بحنو الدمع المتساقط بهدوء على خذ والدتها العليلـة، ليكون هذا أنجع مسكن للآلام، تتشبث به الأم لتكافح من خلالـه ما تبقى لها من العمر، ليس من أجلها بل من أجل طفلتها الصغيرة التي لا تعرف ماذا تخبئـه لها الأيـام.


بعدما انتهت سمية من وجبتها، قامت بجمع الصحون وتنظيفها بسرعــة، و ذلك للرجـوع إلى مكانها السابق، كما لو أنها على موعــد مع صديق تخشى غضبه، إن هي تأخرت في المجيء، لكن الحقيقة، أنها الذكريات التي تعد بالنسبة لها، من أحلى ذكريات العمر، فهي تحب الغوص في أعماقها، لتنسى معها العالم الخارجـي، عساهــا تجد فيهـا ضالتهـا.

رجعت سمية بفكرها مرة أخرى إلى الوراء، بالضبط، قبل وفاة أمها الحبيبة، كان ذلك اليوم، وفي كل سنة، زاخرا بالمفاجئات، انه يوم عيد ميلادها. و ما أروعه من يوم ! حيث تقوم أمها بدعوة كل الجيران مع أطفالهم، لحضور هذه المناسبة السعيدة، فيكون يــوم فرح سنوي بالنسبــة للأم، فهي تقف على قــدم وســاق، حتى تجهز كافة متطلبات الحفلة، من مشروبات غازية وحلوى عيد الميلاد، لتكون هذه الأخيرة معدة خصيصا لأصدقاء سمية، أما الكبار فالأم تقوم بتجهيز العشاء الرسمي لهم، وتكون فرصة، لزرع أواصر المودة بينهم، وكأنهم أسرة واحدة. (وكم افتقدنا مثل هذا التلاحم ! في أيامنا هذه ..) أحيانا كانت تستغرب سمية من الاحترام المبالغ فيه لأمها، من طـرف صديقتيهـا أمينة و الباتول إضافة لسكان الحي، لكنها كانت لا تركز على فهم السبب، بقدر ما يجعلها ذلك، تفتخر بكونها ابنتها، واليوم بعد أن كبرت، فهمت سبب تلك المعاملة.


ففي بادئ الأمر، تعتبر أمها من الشرفاء الأدارسة وتلقب "بـللا زهرة " كما أنها تجمع بين الاسم والمعنى، فمعاملتها الرقيقة لسكان الحي، ووقوفها معهم في الشدة والرخاء، جعلها تكبر في نظرهم أكثر، ويعاملونها بكل محبة واحترام، وبالتالي انتقلت محبتهم لها، إلى العناية بصغيرتها في غيابها، خاصة من قبل أمينة جارتها، فللا زهرة بحكم عملها - كمسؤولة رئيسية عن إعداد الطعام، عند أسرة يهودية ثرية، ذات جنسية كندية.. - تضطر إلى ترك ابنتها تحت رعايتها، فلها كامل الثقـة برفيقة دربها وأختهـا، التي تربطها معهـا علاقة الجـوار والصداقة الحقيقية.

غالبا ما تأتي للا زهرة، وهي محملة بما لذ و طاب من المأكولات الشهية وكذلك بملابس رائعة، تخص العائلة التي تشتغل عندها، فتقوم بإعطاء عائلتها جزءا منه، و تقوم بإرسال الجزء الآخر إلى أمينة و الباتول، أما المتبقي فإلى المساكين أو أبناء السبيل في" سيدي بن عاشــر "، فهي لا يحلو لها شيء دون أن تقوم بتقسيمه مع من تحب، فقلبهـا ملجــأ لكل تائـه.


بالنسبة لسمية، كانت بشرى الابنة الصغرى لأمينة (صديقة وجارة أمها) من أعز أصدقائها، ذلك أنهما في سن واحدة، إلى جانب أنها تسكن في منزل محاذ لهم، مع جارتهم" الباتـول" الطيبة الصبورة و زوجها " محمـد " و وحيدتهمـا "سناء"، التي تصغر سمية وبشرى بثلاث سنوات، وهذه المسكينة، كم من مرة، كانت سمية تضربها بمساعدة بشرى، لقد كانتا شقيتان. وفي يوم قامت سمية بحمل سناء على ظهرها، فقامت بشرى بإسقاطها على الأرض، لتسقط المسكينة على ذقنها، و ليبقى أثر تلك السقطة إلى الآن مرسوما عليها حتى بعد أن كبرت، وطبعا كانت العقوبة لكليهما شديـدة.


أما " الخالة أمينة " (كما تحب سمية أن تلقبها) كان لديها أبناء غير بشرى أصغر اخوتها، (والتي أصبحت الآن مضيفة طيران، تبارك الله ) منهم " زينب " التي لا تفتـرق عن أمهـا وهي جد حنونـة عليهــا، تم " سمحمد " الابن الأكبر، والوقور منذ صغره، المحب للدراسة، حيث مكنته هذه الأخيرة من أن يصبح طبيبـا، وشخصية مرموقـة في المجتمع، مما ساعده هذا على أن يرتقي بعائلته إلى الأحسن، و" لطفي" الرزين، الموظف في إحدى الشركات الكبرى، وكذلك أصغر الأخوة الذكور " توفيق " المشاكـس وحلـو الطبـاع، الـذي يستقـر الآن في أمريكا، أمـا " فاطمـة " فهي البنت الوسطى، و في نفس الوقت أخت سمية الكبرى، حيث كانت للا زهرة، قد ربتها قبل أن تجيء سمية إلى الدنيا، فقد أحبتها كثيرا وكانت تسافر معها في كل مكان تذهب إليـه، وتتصف بالطيبـة والأخلاق العاليـة، كما أنها لا تبخل عليها بالنصيحة، وطبعا، لا ننسى أب العائلـة " العربي" المتدين الحنون على أبناءه، وأخيرا وليس آخرا " لطيفـة " اسم على مسمى،( تتبع فاطمة في ترتيب العائلة ) وتعتبر بالنسبة لسمية الأخت والصديقة المتفهمة والمتتبعة لكل خطواتها، خاصة بعد سفر بشرى، حيت كانت كلما زارت منزل خالتها أمينة تنام بقربها، ويقمن بالتحدث بأشياء شتى، لكن يبدوا أن القدر مصر على حرمانها من كل أصدقاءها، فقد سافرت لطيفة أيضا، ولحقت بأختها بشرى في الكويت. و كذلك صديقة طفولتهـا وبنت حيهــا المحبوبـة " نجـاة " التي سافرت إلى إسبانيـا لتلتحق بأمها، )( ورغم ذلك تزورها كلما سنحت لها الفرصة للمجيء إلى المغرب ) وتزوجت هناك، وأنجبت ابنة حلوة وسمتها "آيــة ".



فقد كانوا أربعة لا يفترقن مع سمية، جمعنهما الحي والمدرسة: نجاة الأولـى، الغائبة الحاضرة، و نجاة الثانية ( التي رغم ابتسامتها الظاهرة إلا أنها تخفي من ورائها حزن كبيــر) التي رحلــت إلى "سلا الجديدة " وأصبحت لا تراها إلا نادرا، وكذلـك " سليمـة « التي جعلتها ظروف الحياة، شخصية صلبة لا تستسلم، رغم صعوبة الأمر عليهـا، تم" سعاد المشاكسة " وهي الوحيدة التي مازالت على صلة بسمية، ولا تنسى زيارتها أبدا، رغم أنها تزوجت الآن، حيث تأتي لزيارتها بصحبة زوجها " مصطفى "
وابنها الصغير "حسام "
كلما سنحت لها الفرصة لذلك.




وكما تذكر سمية كانت نجاة الأولى والثانية، دائما يذهبن في رحلة مدرسية إلى "البراج" أو "المعمورة" وحتى "الحدائق الغريبة" تحت اشراف أستاذ مادة الاجتماعيات " أذ مداحة " والذي كان يحب كثيرا سمية، حيث أنها كانت من التلاميذ المجتهدين في مادته، إلى جانب المواد الأدبية كلها، باستثناء الفيزياء والرياضيات. وميلها كذلك إلى المشاركة في المجلة الحائطية، الخاصة بالمدرسة الإعدادية التي كانت تدرس بهـــا " النهضة " في حي" باب شعفة ". و لأنها كانت مرحة، وذات أخلاق عالية، جعلها هذا محبوبة من جميع التلاميذ والأساتذة، وحتى المعيدين والمدير. و تتذكر سمية أنها في إحدى الرحلات قامت كل من نجاة الأولى والثانية، بتحريـض أصدقاء قسمهـا، لحملها ورميهـا دون انتباههـا، في مياه " البراج " الباردة" وكم كان الموقف هزليا، عندما خرجت سمية من الماء وهي ترتعد، كعصفور مبلل ريشه.


كانت والدة سمية في بعض الأحيان تقوم باصطحابها معهـا، لكن هذه الأخيرة جد شقية، حيث أنها لا تتوقف عن الحركة. ففي يوم اصطحبتها معها أمها، قامت بالجري وراء قطة تربيها العائلة الكندية، لتنط هذه الأخيرة فوق سطح المنزل، خوفا من سمية، ولولا ستر الله، لكانت الآن في عداد الموتى، ففي اللحظة التي كانت تحاول فيها تقليد القطة، كانت للا زهرة تبحث عنها لتفاجئ بالمنظر الرهيب، فدعت ربها ليمدها بالقوة لتسيطر على الموقف وبكل سرعـة، وهكــذا كـان.


و منذ ذلك الحادث، قررت أن لا تصطحبها معهــا إلى العمل، لتبقى تحت رعاية الخالة أمينة، و والدها طبعا، في حال وجوده بالمنزل.

عانت للا زهرة في حياتها من الوحدة فهي يتيمة الوالدين، تركاهــا، وهي في سن صغيرة مع اخوتها، وقد تم تفريقهم من طرف أقربائهم، حيث أن كل واحد من الاخوة تم تبنيـه لوحده، فكان حظها هي تعيسا، ذلك أن باقي اخوتها رغم أن كل واحد تربى بعيدا عن الآخر، إلا أنه لم تنقطع بينهم صلة الاخـوة، أما هي فقد قامت المرأة التي تبنتها بإبعادها نهائيا عن اخوتها، وعن المكان الذي ولدت وترعرعت فيه. وأسمتها باسم " خذيجة " والذي يعرفها به جيرانها في " سانية بن خضراء " بمدينة سلا، حيت نشأت سمية الصغيرة، أما اسمها الحقيقي هو: للا زهرة، بعد ذلك زوجتها المرأة التي تبنتها، في سن صغيرة، فكانت تمرة ذلك الزواج، ابنة توفت بسبب المرض، لتنفصل بعد ذلك عن زوجها الأول، وترحل بعدها وحيدة، إلى مدينة الرباط، التي أصبحت مقر عملها، وسلا محل سكناها، لتقابل بعد ذلك " ميلود " والذي كان آنذاك يقوم فقط بالسخرة عند العائلة الكندية التي كانت للا زهرة تشتغل عندها، لتكون مناسبة للتعارف بينهما، لتكلل العلاقة في النهاية برابط شرعي، وطبعا، بمباركة رفيقة دربها " الخالة أمينة ". وليعوض بذلك القدر، للا زهرة من الحرمان الأسري، الذي عايشته، خصوصا بقـدوم الضيـف الجديـد " سمية " التي ملأت الدنيا بألوان قوس قزح في قلب الأم الحنون والمعطـــاء للا زهرة وتصبح لوحدها كل عائلتها.
رغم بعض الذكريات التي لازالت قابعة في عقل للا زهرة وخصوصا فترة طفولتها، إلا أنها لم تساعدها لتذكر أخوتها. و الغريب في الأمر أنها عندما كبرت وتزوجت والد سمية كان أول من بحت عنها هو أخوها " حمد " الذي كان يقطن بمدينة الرباط،( قبل وفاته رحمه الله ) فكان بالنسبة لها السند الآمن، وكلما ضاق بها الحال تزوره في " باب الرحبة. « وبعده جاء أخوها "عباس " الذي كان ولا يزال يقطن في بلاد المهجر، حيث قام بالبحت عنها عبر الإذاعة، وفي كل مكـان يحتمل أن يجدهــا فيه، أما العجيب أن الحلم فقط، هو الذي هداه إلى شخص بعينه، لسؤاله عنها ليكتشف أن ذلك الشخص يعرف الكثير، وبالتالي يكون الخيط الذي أوصله في النهاية إلى مكان سكنى أخته الضائعة.

كان عمل الأم، لا يشكل عائقا لها في إعطاء كل الحنان والاهتمام، لابنتها وزوجها، حيث كانت مدبرة منزل ممتازة، تشتهر بإتقانها لكل أنواع الطعام وإذا ما جاء ضيف ما، وخاصة، إذا كان من أقرباءها، فهي تكون في كامل سعادتها، حيث أنها تحس بحب كبير لهم، وذلك لأنها لم تنعم بمعرفتهم سوى في كبرها. فتقوم بإعداد الكثير من الطعام وبشتى أنواعه، والمشكل هنا، أن من تقوم باستضافته، عليه عدم قول: لا أريد الأكل. حتى ولو شبع فهي تفهم ذلك بحساسية، و بأنه لا يحبها فتحزن حيينها، وعلى سبيل المثال، فقد حدثت لها حادثة طريفةمع أبناء اخوتها: " نجية " وهي ابنة أخيها الذي يقطن بالدار البيضاء، وقد توفي حاليا رحمه الله. و" مينة " وتكون ابنة أختها " خذيجة " التي تقطن بمدينة آسفـــي، إذ جاءا لزيارتها في مدينة سلا/الرباط. فقامت بتجهيز مأدبة فاخرة لهم، لكنها بعد حين، لاحظت توقفهما عن الأكل، فطلبت منهم المتابعة، فأخبراها أنهما قد شبعتا، ولكن سرعان ما تداركا الأمر لما رئيا حزنهـا، فتظاهرا بأنهما يأكلان، واستغلا فرصة انشغالها في المطبخ لتجهيز القهوة ( فهي تعشق شربها وسمية تشبهها في هذه النقطة وفي أشياء أخرى كذلك ) قامـا برمي الأكـل من النافذة بسرعة كبيرة. فكانت تلك حادثــة لم ينسياها إلى الآن، حتى بعدما كبرا وأصبح لديهما أبناء كبار في جيل سمية تقريبا.


كان العيد بالنسبة لسمية الصغيرة، مميز جدا، ومبعثا للفرح بالنسبة لها، فأمها تقوم بهذه المناسبة، بشراء أجمل وأحسن ثوب لها، لتتباهى به أمام أطفال الحي، فهي لم تكن لترضى إلا بالجديد, فهي دلوعة أمهـا وأبيهـا.

وقد كان والدها بدوره في صغرها، يقوم بدور الأم عند غياب هذه الأخيرة، فكان يطعمها ويبدل لها ملابسها، وكان أيضا يحب البحر جدا فكان يصطحبها معه، كلما سنحت له الفرصة، وهي لازالت في العام الأول، هي وبشرى، ليكبر معها بالتالي حبها العميق للبحر، إضافة إلى حبها للسفر، فقد كان لا يمضي وقت طويل دون أن يسافرا معا إلى الدار البيضاء، حيت كانت آنذاك الوحيدة تقريبا التي تشتهر بضمها لأكبر الملاهي الخاصة بالأطفال، إلى جانب سفرهما أيضا لمدن أخرى كسبيل المثال وحسب ما تذكره سميــة، مدينـة مكنـاس الإسماعيلية.



بالإضافة إلى ذلك فهناك بالقرب من منزلهم، ولي صالح يلقــب" بسيدي بن عاشر" كان ولازال محاج الزائرين، فكان والدها يصطحبهما معه، هي وبشرى، قصد أخد صورة لهما بالقرب منه، حيث كانت هناك ساحة كبيرة حوله معشوشبة، وعلى رأسها يوجد السور الملقب بالسور الإسماعيلي، فقد كان قديما يستعمله الجنود المغاربة للدفاع عن مدينة سلا ضد القراصنة، فلازالت لحد الآن بقايــا مدافـع أصبحت الآن من الآثار القيمة.


و هكذا، أود القول بأن العودة إلى الماضي، تكون مريحة بعض الأحيان، خاصة، لو كانت الذكريات التي يريد استعادتها الشخص منا، تتسم بالسعادة، لكن رغم ذلك طغا الحزن على سمية، وهي في خضم ذكريات الماضي، حيث أن المنغص الوحيد في رجوعها إليه، هو وفاة أمها الغالية، لتنزل الدموع مرة أخرى دافئة على خدها، فتدرك أن هذا من شأنه أن يلفت لها الأنظار، خاصة والدها، فهو لا يحب أن يراها حزينة أبدا، إذ ربما قد يضطرب ويغضب على أمها "زبيدة" كما تحب أيضا تسميتها، ( هي التي أكملت تربيتها بعد تطليقه للزوجة الثانية ربيعة، بعد أن كانت تتفنن في معاملتها السيئة لها ) ظنا منه أنها سبب حزنهـا.

وقفت سمية واتجهت صوب المذياع، عساها تجد فيه أغنية مرحة تخفف عنها بعض الضغط النفسي التي تعانيه، لكن للأسف أغلب الأغاني، كانت بالصدفة حزينة، فكانـت هذه الأخيـرة من زاد الطين بلــة، وبدل أن تخفف عنها وترتها.

" مآبك ماذا جرى ؟ "كان هذا هو الشيء الوحيد الذي أخرج سمية من حزنها، فأجابت والدها وهي مرتبكة." لا شيء أبي، كل ما هناك أنني أحس ببعض الوجع في بطني " ضحك والدها باستغراب وقال: أهذا الذي أبكاك يالـك من طفلة! ألا تصبري ؟ إنك قد كبرت الآن، لتبكي هكذا على أمر قد يعالج بحبة دواء صغيرة فقط، على كل حال خذي هذه النقود و أعطيها لأختك " فاطمة الزهراء" (أختها من أبيها) لتشتري لك الدواء ". فأجابته والتعب يبدو جليا في وجهها: " لا داع لهذا يا أبي إنني أصبحــت الآن بأفضل حـــال «.


لكنه أجابها مستغربا: ألم تكوني بعد لحظات قليلة تتوجعين حتى بكيت، على أي، كما تحبين ! خرج الأب والاستغراب يملأه لحال ابنته الذي انقلب هذه الأيام دون أن يعرف السبب الحقيقي.

طلع الصبـــاح وسمية لازالت نائمـــة حتى جــاءت أختها الصغيــرة لتوقدهــا قائلـة: سمية! هيا يا أختــي، استيقظــي، لقد حان وقت ذهابـك للعمل.

وذهبت سمية إلى عملهــا وهي تقول لنفسهـا: " آه.. لو كنت رجعت إلى الـوراء ثانية.. ).



الرباط/ سلا / 2005






)*( الإبتسام.. أول بزوغ المطر)*(
  رد مع اقتباس
/
قديم 28-08-2008, 01:50 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
سعاد ميلي
عضو اكاديميّة الفينيق
تحمل وسام الأكاديمية للعطاء
المغرب

الصورة الرمزية سعاد ميلي

افتراضي مشاركة: )*( صور من الماضي )*( بقلم سعاد ميلي



لوحة الفنانة التشكيلية نورا
صديقتي الجميلة/ القنيطرة

..................

..................



صور من الماضي لحظة فرح مضت،،،

ولم تعد للذكرى أسباب الخلود...

صور من الماضي عطرت سماء طفلة بالورود،

وجعلتها تعرف للحب معنى...

وتقرأ الفرح في كلمة،،،

وتزرع الشعر في الأخدود...

وجدان الماضي يتعالى،،

و القلب موصد...

فمتى أرجع طفلة،

و متى نحي قلب الأسود...




* *

سعاد ميلي

سلام محبة






)*( الإبتسام.. أول بزوغ المطر)*(
  رد مع اقتباس
/
قديم 01-09-2008, 01:28 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
اشرف الخريبي
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


اشرف الخريبي غير متواجد حالياً


افتراضي مشاركة: )*( صور من الماضي )*( بقلم سعاد ميلي

ربما كان النص يميل الي السرد الروائي
بهذه اللغة الشعرية الرومانسية رغم احداثه
ولا اري للمقدمة ضرورة فنية

تحياتي لتواجدك


اشرف






  رد مع اقتباس
/
قديم 01-09-2008, 11:51 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
سعاد ميلي
عضو اكاديميّة الفينيق
تحمل وسام الأكاديمية للعطاء
المغرب

الصورة الرمزية سعاد ميلي

افتراضي مشاركة: )*( صور من الماضي )*( بقلم سعاد ميلي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اشرف الخريبي مشاهدة المشاركة
ربما كان النص يميل الي السرد الروائي
بهذه اللغة الشعرية الرومانسية رغم احداثه
ولا اري للمقدمة ضرورة فنية

تحياتي لتواجدك


اشرف

أخي اشرف كلامك تقريبا في محله وافرحني تواجدك العطر في صفحتي المتواضعة امام قلمكم المبدع
...

رمضان مبارك كريم...


وماكان غير الي قلت عليه ازلت المقدمة واحتفظت بيها لنفسي .هههه امزح

وان شاء الله فالك اخير يهمني فعلا ان ادخل غمار الرواية لكني متخوفة قليلا وحاليا احاول ان اتعمق في قصص قصيرة وقصص قصيرة جدا.....

تقبل مودتي وتقديري اخي المبدع اشرف الخريبي


اختك سعاد تحييك

* شاعرة الوجدان *






)*( الإبتسام.. أول بزوغ المطر)*(
  رد مع اقتباس
/
قديم 01-09-2008, 05:32 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
اشرف الخريبي
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


اشرف الخريبي غير متواجد حالياً


افتراضي مشاركة: )*( صور من الماضي )*( بقلم سعاد ميلي

العزيزة سعاد
تقدير ي وكل عام وانت بخير رمضان كريم

لا تخافي شيئا برأي تملكين امكانيات السرد الروائي
وادواته الفنية ،
اتمنى ان اري لك قصص قصيرة ايضا


اشرف






  رد مع اقتباس
/
قديم 01-09-2008, 07:54 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
سعاد ميلي
عضو اكاديميّة الفينيق
تحمل وسام الأكاديمية للعطاء
المغرب

الصورة الرمزية سعاد ميلي

افتراضي مشاركة: )*( صور من الماضي )*( بقلم سعاد ميلي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اشرف الخريبي مشاهدة المشاركة
العزيزة سعاد
تقدير ي وكل عام وانت بخير رمضان كريم

لا تخافي شيئا برأي تملكين امكانيات السرد الروائي
وادواته الفنية ،
اتمنى ان اري لك قصص قصيرة ايضا


اشرف


أخي اشرف ربي يخليك يارب على التشجيع هدا واكيد هيكون محفز كبير لي للدخول في غمار الرواية التي احبها جدا..

لكن لم ادق بابها غير في هده القصة التي تنزف من تجاربي في الحياة وهي التي قراتها هنا...

اخي اشرف ارجوا ان ترى / زفرات حارة / ادرجتها هنا / في المدينة الحالة/ انقر على خانة مواضيعي واكيد هتكون نصيحتك جد مهمة لي فانا لا امانع ان استمع لنصائح اساتذة كبار في مجالهم ...على ان احتفظ بخصوصيتي الوجدانية التي تميزني مع احترامي لك استاذي المبدع وشكرا بزاااااف لانك منحت من وقتك لاختك سعاد وقرات نتاجها الوجداني النازف من اعماقها المحب لكل ما هو شاعري وتشكيلي وقصصي....

تقبل مودتي وتقديري اخي المبدع اشرف الخريبي


اختك سعاد تحييك

* شاعرة الوجدان *






)*( الإبتسام.. أول بزوغ المطر)*(
  رد مع اقتباس
/
قديم 06-09-2008, 01:28 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ريمه الخاني
عضو أكاديميّة الفينيق
تحمل وسام الأكاديمية للابداع الادبي
سوريا

الصورة الرمزية ريمه الخاني

افتراضي مشاركة: )*( صور من الماضي )*( بقلم سعاد ميلي

مرور وتحيه لقلمك الزاهي اختاه
يشرفني التعرف على قلمك وريشتك






  رد مع اقتباس
/
قديم 06-09-2008, 06:28 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
سعاد ميلي
عضو اكاديميّة الفينيق
تحمل وسام الأكاديمية للعطاء
المغرب

الصورة الرمزية سعاد ميلي

افتراضي مشاركة: )*( صور من الماضي )*( بقلم سعاد ميلي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
مرور وتحيه لقلمك الزاهي اختاه
يشرفني التعرف على قلمك وريشتك

لا تتصور مدى فرحتي بمرورك العطر الذي انار صفحتي المتواضعة امام روعة قلمك المبدع اختاه الجميلة...

اقبلي احترامي أختي المبدعة وامتناني الكبيرين..
* *

* شاعرة الوجدان *

سعاد ميلي






)*( الإبتسام.. أول بزوغ المطر)*(
  رد مع اقتباس
/
قديم 06-09-2008, 07:42 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أحمد عبد الرحمن جنيدو
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للإبداع الأدبي
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / آرام
> سوريا

الصورة الرمزية أحمد عبد الرحمن جنيدو

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

أحمد عبد الرحمن جنيدو غير متواجد حالياً


افتراضي مشاركة: )*( صور من الماضي )*( بقلم سعاد ميلي

الأخت سعاد أنا آسف للمرة السابقة لم ألحظ سوى فنانة تشكيلية
ولكن اآن وأنا أمام ابداع أدبي قصصي من الحكايات الزمردية
من أرقى فنون الأدب وأدقه وأكثره إثارة وحبكة ولغة متألقة وانسيابية سلسة
قرأت قصة رائعة لذلك الأديبة الراقية سعاد سعدت كثيراً بقراءتي ومروري
دمت بخير






عندما نبكي ضحكة الكلمات ِ ــــــ يصبح العمر أوّل المهملات ِ.
أرفع السيف عالياً دون جدوىـــــ وانتحاري في جرح روحي وذاتي
يا ملاكاً إني خائف كظلٍّ ـــــ في المدى يرمي شعلة الأمنيات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ajnido@gmail.com
ajnido1@hotmail.com
ajnido2@yahoo.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 07-09-2008, 05:05 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
سعاد ميلي
عضو اكاديميّة الفينيق
تحمل وسام الأكاديمية للعطاء
المغرب

الصورة الرمزية سعاد ميلي

افتراضي مشاركة: )*( صور من الماضي )*( بقلم سعاد ميلي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد عبد الرحمن جنيدو مشاهدة المشاركة
الأخت سعاد أنا آسف للمرة السابقة لم ألحظ سوى فنانة تشكيلية
ولكن اآن وأنا أمام ابداع أدبي قصصي من الحكايات الزمردية
من أرقى فنون الأدب وأدقه وأكثره إثارة وحبكة ولغة متألقة وانسيابية سلسة
قرأت قصة رائعة لذلك الأديبة الراقية سعاد سعدت كثيراً بقراءتي ومروري
دمت بخير


أيا القريب البعيد....
يامن لبى النداء....
وعاند تمرد الكبرياء....
لبيك ريشة الزرقاء....
تصحوا بهمس اللقاء...
وتعاتب هجر الرفاق....
لما.. وكيف....
غرق القلم العتيد....
ومتى سلّم الصدر للهم......
وألجم قلبه الوحيد....
و ترك العقل نسبيا يتحكم....
نعم حتى العقل مقيد ....
بروح من حديد....
ولكنها روح محبة...
لصديق فريد....
سلامك رسالة أدونها.....
و روح أفهمها....
و رموز أفك شفراتها...
فهيا هلم الى بحري.....
ننقذ القلم...
من غرق لا يجدي....
فلا تخشى على قلبي.....
من قلم عملاق عنيد .....
مع بداية العام الجديد....


لا تتصور كم سعدت لفروسيتك في الاعتذار عن خطا غير مقصود لك احترامي اخي المبدع ومودة لا ترد..
* *

* شاعرة الوجدان *

سعاد ميلي






)*( الإبتسام.. أول بزوغ المطر)*(
  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:20 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط