الفينيق سليمان العيسى يليق به الضوء ،،، / زياد السعودي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > 🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘

🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘ موسوعات .. بجهود فينيقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-08-2013, 12:01 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي الفينيق سليمان العيسى يليق به الضوء ،،، / زياد السعودي

سلام الله

تعودنا أن نضع نصاً تحت الضوء
ومن خلاله نشتغل
هنا ووفاءً لتجربةٍ فذّة
سنستميح روح الفينيق سليمان العيسى رحمه الله
لنضعه تحت الضوء
إذ به يليق الضوء






نبذة عن حياته
ــــــــــــــــــــــــــــ

سليمان العيسى شاعر سوري (النعيرية في أنطاكية من لواء إسكندرون عام 1921 – 9 آب 2013 عن عمر 92 سنة)
تلقى تعليمه و ثقافته الأولى على يد أبيه أحمد العيسى في القرية، فحفظ القرآن والمعلقات وديوان المتنبي وآلاف الأبيات من الشعر العربي. ولم يكن في القرية مدرسة غير (مدرسة الكُتَّاب) الذي كان بيت الشاعر الصغير ، والذي كان والده الشيخ أحمد يسكنه، ويعلّم فيه.
بدأ سليمان العيسى كتابة الشعر في التاسعة أو العاشرة فكتب أول ديوان من شعره في القرية، تحدث فيه عن هموم الفلاحين وبؤسهم.
دخل المدرسة الابتدائية في مدينة أنطاكية - وضعه المدير في الصف الرابع مباشرة – وكانت ثورة اللواء العربية قد اشتعلت عندما أحس عرب اللواء بمؤامرة فصله عن سورية.
شارك بقصائده القومية في المظاهرات والنضال القومي الذي خاضه أبناء اللواء ضد الانتداب الفرنسي على سوريا وهو في الصف الخامس والسادس الابتدائي.
غادر لواء إسكندرون بعد سلخه ليتابع مع رفاقه الكفاح ضد الانتداب الفرنسي، وواصل دراسته الثانوية في ثانويات حماة و اللاذقية و دمشق. وفي هذه الفترة ذاق مرارة التشرد وعرف قيمة الكفاح في سبيل الأمة العربية ووحدتها وحريتها.
دخل السجن أكثر من مرة بسبب قصائده ومواقفه القومية.
شارك في تأسيس حزب البعث منذ البدايات وهو طالب في ثانوية جودة الهاشمي بدمشق - وكانت تسمى «التجهيز الأولى» في ذلك العهد - في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي.
درّس في دار المعلمين ببغداد، عمل مدرساً في مدارس حلب وموجهاً أول للغة العربية في وزارة التربية السورية. وهو عضو جمعية شعر التي أسسها أدونيس ويوسف الخال. انتسب مبكراً لحزب البعث وكتب مجموعة من الأشعار العروبية.
له ديوان ضخـم مطبوع تغلب فيه أناشيد الأطفال. يقيم في اليمن مُنذ عدة سنوات، وقد كُرم بالعديد من الجوائز والاحتفاليات.
كان من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سورية عام 1969 م.
متزوج. له ثلاثة أولاد: معن، وغيلان، وبادية.
يحسن الفرنسية والإنكليزية إلى جانب لغته العربية، ويلم بالتركية.
زار معظم أقطار الوطن العربي وعدداً من البلدان الأجنبية.
اتجه إلى كتابة شعر الأطفال بعد نكسة حزيران عام 1967 م.
شارك مع زوجته الدكتورة ملكة أبيض في ترجمة عدد من الآثار الأدبية، أهمها آثار الكتاب الجزائريين الذين كتبوا بالفرنسية .
شارك مع زوجته وعدد من زملائه في ترجمة قصص ومسرحيات من روائع الأدب العالمي للأطفال.
وفي عام 1990 م انتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق.
في عام 2000 م حصل على جائزة الإبداع الشعري، مؤسسة البابطين.
توفاه الله في 9 / 8 / 2013




علاقة الشاعر الراحل سليمان العيسى باليمن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمعة, 09-أغسطس-2013
المؤتمرنت -

أعلن صباح اليوم الجمعة في العاصمة السورية دمشق عن وفاة الشاعر العربي الكبير سليمان العيسى وذلك عن 92 عاما أمضى سنواته الأخيرة يعاني من أمراض الشيخوخة .
وتربط الراحل باليمن علاقة متميزة حيث زارها لأول مرة في العام 1972م ،وزارها مرات أخرى قبل ان يستقر به المقام في اليمن مع زوجته الدكتورة ملكة أبيض ـ الأستاذة في كلية التربية في جامعة صنعاء ـ في اليمن حيث عاش وعمل فيها لأكثر من عقد ونصف من الزمن .
وخلال هذه الفترة كتب العيسى كما يقول خمسة دواوين شعرية عن ناس وأمكنة اليمن، ومنها (ديوان اليمن) و(ثمالات) و(أمشي وتنأين) إضافة إلى عشرات القصص للأطفال.
وضم كتاب «اليمن في شعري» نصوصاً شعرية مختارة ومميزة اختارتها زوجة الشاعر ملكة أبيض وقامت بنقلها إلى الفرنسية وطبعت في هذا الإصدار باللغتين العربية والفرنسية.
وقد احتوى الكتاب على قسمين: يضم الأول قصائد مختارة في 65 صفحة من القطع المتوسط، ويحتوي القسم الثاني على الترجمة الفرنسية لتلك القصائد في 70 صفحة.
أما كتاب «يمانيات» فهو ديوان شعري يضم أحدث ما كتبه سليمان العيسى عن اليمن ويقع في أكثر من 180 صفحة من القطع المتوسط تتوزع عل 43 قصيدة كرسها سليمان العيسى لليمن أرضاً وإنساناً وتأريخاً.
زوجة الراحل تتحدث عن علاقته باليمن
وعن علاقته باليمن تقول الدكتورة ملكة ابيض زوجة سليمان العيسى أول ما اتصل باليمن كان في العام 1972م جاء إلى اليمن لحضور ندوة في مؤتمر تربوي وبعد مشاركته رأى أن الجمهور اليمني متعطش للشعر لسماعه ولذلك أقيمت لسليمان أمسية شعرية كان لها صدى كبير في نفسه وفي نفوس الآخرين.
وتضيف: وعندما جاء بعد عشر سنوات تقريباً في العام 1980م للمشاركة في مؤتمر شعري.. مؤتمر أدباء العرب بين عدن وصنعاء.. ايضاً حدث تفاعل كبير بينه وبين أهل اليمن، مثقفين وجماهير.. وهذا جعله يفكر في العودة مرة بعد أخرى، وصادف الشاعر أن الدكتور عبدالعزيز المقالح اتصل به ودعاه للعودة مرة أخرى، ودعاني لزيارة اليمن وقد سررت بهذه الزيارة وبدأنا نأتي كل سنة أنا وسليمان مدة سبع أو ثمان سنوات، حتى في الأخير اتفقنا على أن اجري تعاقداً مع جامعة صنعاء واستقر هنا خلال هذه الفترة.
وتتابع: ولذلك علاقة سليمان باليمن علاقة طويلة وتواصلنا معه تواصلاً مستمراً وتفاعلاً مستمراً إلاّ انه في الأخير حظي بالتقدير من الشعب والرئيس والمثقفين.
وتضيف في مقابلة صحفية: قراراقامتنا في اليمن حدث تدريجياً.. الدكتورعبدالعزيز المقالح كان مقنعاً إلى درجة كبيرة، بان نحضر كل سنة ولو ثلاثة أسابيع أو شهر كأستاذة زائرة، وسيلمان يأتي إلى هنا ويقوم بنشاطه الشعري والأدبي، وهكذا عام بعد عام كنا نشعر بأننا نقترب أكثر فأكثر من اليمن ونتصل بطائفة واسعة من أبنائه وعندما عرض علينا لماذا لا أتعاقد مع جامعة صنعاء واستقر هنا.. كأن الأمر أصبح شبه بديهي لأننا اعتدنا على اليمن واعتادت اليمن علينا.



اليمن يكرم الشاعر سليمان العيسى بوسام الوحدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في يوم الأربعاء 6- يوليو العام 2005م قلد الرئيس السابق علي عبدالله صالح الشاعر العربي الكبير الأستاذ سليمان العيسى وسام الوحدة( 22 مايو) تقديراً لمواقفه الأخوية والقومية المؤازرة للشعب اليمني في قضاياه الوطنية واعتزازاً بعطاءته الأدبية والثقافية التي شكلت رافداً للثقافة العربية .
وأكد الرئيس السابق خلال فعالية التكريم أن الشاعر العربي سليمان العيسى سيظل محل تقدير واحترام من قبل كل اليمنيين اعتزازاً بمواقفه الوطنية والقومية والوحدوية مشيرا إلى أن اليمن ستظل وطنا لكل العرب باعتبارها موطنهم الأول ومنبع العروبة.

سليمان العيسى يتحدث عن اليمن
من جانبه عبر الشاعر سليمان العيسى عن عظيم شكره وتقديره للرعاية الكريمة التي حظي بها أثناء إقامته في وطنه الثاني اليمن والتي لمس خلالها ابلغ مشاعر الأخوة والوفاء والحفاوة من الرئيس والحكومة والشعب اليمني ،مؤكداً انه سيظل يحمل لهذا البلد العربي الأصيل وقيادته الحكيمة أعمق المشاعر الأخوية واصدق آيات المحبة والتقدير.
وعقب تكريمه من الرئيس السابق ألقى كلمة يعيد المؤتمرنت نشر نصها :-
الأخ الرئيس....
قبل عشرين عاماً.. سألني مذيع شاب من تونس أجرى معي لقاءً تلفزيونياً استمر أكثر من ساعة.. في نهاية الحوار .. فاجأني قائلاً:
«عرِّف عن نفسك بعبارة واحدة نختم بها الحديث.
أطرقت لحظةً.. ثم قلت:
«أنا خلية في جسد عربي.. تبحث عن ملايين الخلايا من أخواتها، و تكافح.. لكي يتحرك الجسد، وتبعث فيه الحياة».
«منذ ذلك اليوم.. ما زلت قانعاً بهذا التعريف.. أردده في كل مناسبة أجل.. مازالت قانعاً بأني لست سوى خلية في جسد عربي.. لكي أكون صادقاً مع نفسي.. ومع الإنسانية التي أنتمي وننتمي جميعاً إليها».
كنت في التاسعة أو العاشرة من عمري حين حملت الجمرة في يدي، والكلمة على لساني، ورحت أغني حلماً عربياً وهبته حياتي وشعري.
ومنذ خمسة عشر عاماً وأنا وزوجتي الدكتورة ملكة أبيض نقيم في اليمن.. نناضل معاً.. ونعيش معاً، هذا الحلم الذي شغل حياتنا.. هي في جامعة صنعاء.. تدرس وتؤلف، وتترجم، وتشغل كل دقيقة من حياتها في خدمة الثقافة والمعرفة التي تستطيع أن تعطيها لأبنائنا وبناتنا في هذا البلد، وأنا املأ وقتي في حب البلد الذي عدت فيه إلى جذوري القومية الأولى، وسميته: المهد، وكتبت له حتى الآن خمسة دواوين شعرية، هو الذي املاها على ريشتي..
وحين ارتفع علم الوحدة اليمنية على شاطئ عدن سبقته دمعة فرح في عيني، وقصيدة للوحدة، كتبتها في اليوم نفسه، ورددتها في اليوم نفسه، شواطئ عدن اللازوردية، وقمم صنعاء السمر، وهضاب تعز الخضراء، وشجرة الغريب التي يربو عمرها على ألفي عام.
نعم.. في ذلك اليوم الأغر.. كانت الوحدة اليمنية حدثاً رائعاً، أعاد إلينا الأمل الذي فجعنا به في وحدتنا بين سوريا ومصر.. وكان مطلع قصيدتي التي تلتها قصائد بعد ذلك:
أملأ بها التاريخ والزمنا
وئدت هناك لكي تعيش هنا
هل يسمح لي فخامة الرئيس أن أسجل ببساطة وصراحة أن علم الوحدة اليمنية الذي رفعته بيديك صباح 22 مايو على شاطئ عدن قد حقق لي أنا حلماً غالياً غالياً من أحلامي التي وقفت حياتي وشعري عليها كما ذكرت قبل قليل.
وفي قناعتي التي لم تزعزعها الكوارث والنكبات أن الوحدة ستعيش هنا وهناك، وإنها قادمة يوماً لا محالة لتشمل هذه الأرض العربية كلها، طال الزمن أم قصر..
فالشهور والأعوام تحسب في عمر الأفراد، وليس في عمر الشعوب القادرة على الحياة وان امتنا العربية التي أعطت أول أبجدية في التاريخ، وأول تشريع في التاريخ وزرعت أول حبة قمح على الأرض.. إن هذه الأمة قادرة على الحياة.. نعم يا جبابرة الأرض الذين تستمتعون بتقطيع أوصالها وأوصالنا الآن.. هذه الأمة قادرة على الحياة.

الاخ الرئيس:

شكراً على التحية التي أتلقاها هذا الصباح، إنها ليست لي فأنا لم افعل شيئاً جديراً بها حتى الآن.. إنها تحية للقضية.. للفكرة.. للحلم الذي عشنا ونعيش من أجله جميعاً.إنها تحية لأطفالنا الحلوين الذين اغني، واكتب لهم منذ سبعة وثلاثين عاماً بدون انقطاع.
ويعرف الجميع أني لم انتظر في حياتي مكافأة على ما كتبت لليمن، أو لسورية أو للعراق، أو للجزائر، أو لفلسطين، أو لأية بقعة عربية انتمي إليها.
هذا الوطن العربي كله عندي جسد واحد..
وأنا.. كما قلت في مفتتح حديثي خلية في هذا الجسد.. ليس إلاّ.
حسب لحنٍ ينتهي في وتري
أنه في صدر غيري يبدأ
سأظل أغني هذا الحلم العربي الذي فتحت عيني عليه، وسأغمض عيني عليه، وإنه لجدير بالغناء، وبالتضحية والشهداء.
سأظل أنا وزوجتي الدكتورة ملكة أبيض على الطريق الذي بدأناه منذ اليوم الأول.
شكراً لكل الذين تحدثوا، أو كتبوا، أو احتفوا بنا في أية مناسبة.
شكراً لكل الأخوة والأخوات الذين جعلونا نشعر أننا في بيتنا، وبين أهلنا، وذوي قربانا..شكراً لليمن الذي أصبح جزءاً من حياتنا، ونرجو أن يقبلنا جزءاً من حياته ذات يوم.
سلامٌ على مهدنا الأول
على اليمن المشرق المقبل
سلامُُ على كل وادٍ يمور..
بأسرار تاريخنا الموغل
سلامٌ على حلوتي في الذرا
وصنعاء أعني، فلا تسأل
سلامٌ على موطن الخالدين..
سلامٌ على العبق الأول.



آثر الرحيل في العيد ... الشاعر الكبير سليمان العيسى في ذمة الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




وكالة أنباءالشعر /زياد ميمان
بقي صامتاً عن الكلام منذ عام ونصف تثريباً وينتظر يوم العيد ليلاقي ربه .. رحل الكبير سليمان العيسى . رحل الشاعر الذي حفظت أشعاره أطفال الوطن العربي من محيطه لخليجه .. رحل ابن لواء الاسكندرون وهو في نفسه توق لرؤية تلك الأرض ورؤية مسقط رأسه النعيرية وكان قد خط الكثير الكثير من البوح فيها ... رحل الشاعر الذي وقفت إلى جانبه امرأة من ذهب لتكمل مشواره الأدبي وخطه الكتابي الذي لم ينقطع يوماً ...رحل سليمان العيسى ابن الثانية والتسعين عاماً وهو في المشفى منذ عام ونصف تقريباً فارقه الكلام لكن البوح كان ينبض مع كل نبضة قلب ..وعندما يرحل هذا الكبير يحس السوريون وأطفالهم بفراغ لايعوضه أحد وهو صاحب قصيدة لاتنسى أبداً

ماما ماما يا أنغاما
تملأ قلبي بندى الحب
أنت نشيدي عيدك عيدي
بسمة أمي
سر وجودي
أنا عصفور ملأ الدار
قبلة ماما ضوء نهاري
أفتح عيني
عند الفجر
فأرى ماما
تمسح شعري
أهوى ماما
أفدي ماما



وهو الانسان الذي رزع البسمة على شفاه الجميع فحفظوا قصائده حتى اسمه حفظ مع الابيات ليكون جزءً لايتجزأ منها .
في صبيحة هذا اليوم وهو اليوم الثاني من ايام العيد فاح ياسمين الشعر من دمشق لتزهر فضاءها ببوح سليمان العيسى ....ويشيع جثمان الراحل من مشفى الأسد الجامعي بعد غد الأحد على أن يوارى الثرى في مقبرة الشيخ رسلان بدمشق.
ومن أبرز أعمال الشاعر الأعمال الشعرية التي تقع في أربعة أجزاء طبعتها المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت 1995 و/على طريق العمر/معالم سيرة ذاتية طبعتها المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت 1996 و الثمالات بأجزائها الثلاثة أصدرتها الهيئة العامة للكتاب في صنعاء 2001 إضافة الى الكتابة بقاء و الديوان الضاحك 2004 و قصائد صغيرة لي ولها و كتاب الحنين و ثمالات5 و باقة نثر.
كما له العديد من المجموعات الشعرية المستقلة أبرزها حب وبطولة مختارات وموجز ديوان المتنبي وديوان الجزائر و دمشق حكاية الأزل وغيرها.
ومن أهم أعماله الشعرية والنثرية للأطفال فرح للأطفال ,مسرحية الشيخ والقمر, أغاني النهار, كتاب الأناشيد, احكي لكم طفولتي يا صغار, وائل يبحث عن وطنه الكبير,علي بابا والأربعون لصاً,علاء الدين والفانوس السحري إضافة الى العديد من القصص المعربة والمترجمة.
وقد نال الراحل العديد من الجوائز منها جائزة لوتس للشعر من اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وجائزة الإبداع الشعري من مؤسسة البابطين ووسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة في عام 2005 تقديرا لعطائه الأدبي والثقافي وتفانيه في خدمة الأمة العربية.
وأعلنت وزارة الثقافة مؤخراً عن قيامها بطباعة أعماله التي انتجها في اليمن وهي التي لم تطبع في سوريا ابداً



وكان الراحل قد كتب شهادة بخط يده تثمن عمل وكالة أنباء الشعر ويبارك هذه الخطوة حيث أجرت الوكالة معه عدت لقاءات حول حياته وتجربته الشعرية والأدبية وتواصلت معه في الكثير من المناسبات
نسأل الله الرحمة للفقيد الكبير سليمان العيسى ولأهله الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون




قراءة في ديوان الأطفال للشاعر سليمان العيسى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: غسان كلاس

إن العناية بأدب الأطفال دليل حضاري، ولقد أصبحت النظرةُ إلى أدب الأطفال وكتبهم وقصصهم وثقافتهم والاهتمام بهذا الأدب يعد مؤشراً مهماً لتقدم الأمة ورقيها، وعاملاً جوهرياً في بناء مستقبلها فهو يشبع حب الاستطلاع لدى الطفل، ويشعره بالاطمئنان والأمل، ويثري لغته، وينمي قدرته التعبيرية، ويساعده على تحسين الأداء، ويزوده بالمعلومات، ويتيح له فرصة للتعاطف مع المشكلات ومواجهتها، ويوسع آفاقه.....
ودون الخوض في ملامح نشأة "أدب الطفل" عند العرب نقول: لقد حرص العرب القدامى منذ وقت مبكرعلى تربية النشئ، قال عمر بن الخطاب(رضي الله عنه): علموا أولادكم السباحة والرماية والفروسية، وما سار من المثل وحسن من الشعر، ونجد –في التراث الشعري العربي- فيضاً من المقاطع التي كانت تغنى للأطفال لأنهم فطنوا أن أذن الطفل ترتاح للأناشيد والأغنيات الخفيفة:

يا حبذا روحه وملمسه
ألمح شيء صلا وأكيسه
الله يرعاه لي ويحرسه

وقصيدة بشار بن برد معروفة مشهورة:

ربابة ربة البيت
تصب الخل في الزيت
لها عشر دجاجاتٍ
وديك حسن الصوت

وفي النثر، فإن كتابي كليلة ودمنة/ عبد الله بن المقفع، وفاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء وإن لم يكونا موجهين للأطفال أصلاً، إلا أن بعض خصائصهما تتوافق مع قدرات الأطفال ولاسيما أنها توظف عالم الحيوان رمزاً يصور عالم الناس وأخلاقهم.
لابد من التنويه أن الترجمة كانت مصدراً مهماً لأدب الأطفال في الوطن العربي فقد ترجم رفاعة الطهطاوي: حكايات الأطفال، وترجم محمد عثمان جلال: العيون اليواقظ في المثال، والمواعظ(حكايات الثعلب والعنب):

حكاية عن ثعلب
قدمر تحت العنب
وشاهد العنقود
لون كلون الذهب
وغيره من جنبه
أسود مثل الرطب

ويأتي أحمد شوقي لينظم أكثر من خمسين قصة شعرية للأطفال:

هرتي جد أليفة
وهي للبيت حليفة
هي، مالم تتحرك
دمية البيت الظريفة
فإذا جاءت وراحت
زيد في البيت وصيفة

وكتب علي فكري: مسامرات البنات، النهج المبين في محفوظات البنين....... ومن ثم ترسخ أدب الأطفال على يد محمد الهراوي وكامل الكيلاني، حيث كتب الأول: سمير الأطفال للبنين، سمير الأطفال للبنات، أغاني الأطفال... أما الثاني، والذي يعتبر رائداً وعملاقاً، بحق، في الكتابة للأطفال ومما كتب: السندباد البحري.... ومن ثم جاء حامد القصيبي، رزق الله حسون، زكريا تامر، وسليمان العيسى، شفيق المهدي، عبد الرزاق الربيعي، راضي عبد الهادي، نبيل صوالحة، كمال رشيد، محمد الفايز، عبد الوهاب حقي، عبد القادر عقيل، علي الشرقاوي، عبد الحميد بن باديس، محمد العيد آل خليفة، جميلة زنير، جمال طاهري.....
وفي الأهداف: لابد من تلقين الطفل الاستغراب والحيرة ليولد التساؤلات ويشجع على الاحتذاء والاقتداء،عبر حكايات غنية بالجمال الفني والأسلوب الشائق يركز مفاهيم الصحة والنظافة، من خلال قصيدة ومفردات واضحة تعتمد عنصر التشويق والارتباط بالوطن وإبراز القيم الخلقية.
وفي إطار الشكل فغني عن القول: أن أدب الأطفال يكون قصة أو نشيداً أو مسرحية، ضمن سياق الأنواع الأدبية والفنية... أما في خصائص شعر الأطفال فهو مبني على بساطة الفكرة، المنبثقة من المعاني الحسية واللغة البسيطة وسواها...
يوصف الشاعر سليمان العيسى بأنه من آباء شعر الأطفال العربي في عصرنا

من دواوينه الكثيرة:

"مع الفجر" الذي صدر في حلب سنة 1952، و"شاعر في النظارة" الصادر سنة 1954 في حلب أيضاً، و"أعاصير في السلاسل"، الذي طبع سنة 1954 في حلب.
أما مجموعة شعره الكاملة فصدرت منذ سنوات عن دار الشورى في بيروت في ثلاثة مجلدات تحت عنوان: شعر سليمان العيسى .
كما كتب قصة طفولته للأطفال مرتين:
-شعراً، تحت عنوان: أحكي لكم طفولتي يا صغار.
-ونثراً، تحت عنوان: وائل يبحث عن وطنه الكبير.
وعن قصة بداية كتابته للأطفال، يقول:
".... وأنا لن أقطع خيط الأمل، وعندما تمر كارثة من الكوارث مثل كارثة 1967، كنت أحس أن الدنيا (طربقت) فوق رأسي وبدأت أختنق.
ورأساً بدأت أدق الجدران السود حولي، وفتحت نافذة اسمها "الكتابة للأطفال". ماذا يعني الأطفال؟.. يعني المستقبل.
الحقيقة أنني لم أكتب للأطفال إلا من أجل أن أفتح للأطفال نوافذ أعبر بواسطتها عن الهم الذي حملته دائماً وعبّرت عنه، وقاتلت من أجله.
الكتابة للأطفال كانت بالنسبة لي الهروب إلى المستقبل، نوعاً من التشبث بالمستقبل، التشبث بالحلم نفسه الذي حملته.

قراءة في الديوان:

جاءت المضامين في الديوان على النحو التالي:
1-قصائد اجتماعية: تعالج مواضيع تخص العلاقات الاجتماعية بما فيها العلاقات الأسرية مثل علاقة الطفل بوالديه وباقي أفراد أسرته، وتصف الأفراد وأدوارهم داخل الأسرة ومكانتهم فيها: نشيد ماما، نشيد بابا، أمي، يا قلب أمي، الأسرة تعمل، عودة الأم، أخي....
2-قصائد تربوية: أخذت حظاً وافراً في الديوان، فيها عرض للصفات الحميدة والأخلاق والقيم النبيلة التي يطمح الأديب من خلالها إلى غرسها في نفس الطفل، فحين يتحلى بهذه الصفات، سيكون حتماً عضواً صالحاً في مجتمعه.
من هذه الصفات حب الآخرين واحترامهم وتقديرهم، والتعود على الأخلاق الحسنة البناءة، مثل: التحية وزيارة المريض وتقديم المساعدة لمن يحتاجها، وعرض علاقة الطفل بأصدقائه ومحيطه المدرسي، وكيفية حفاظ الطفل على صحته وبيئته:
نشيد العمال، عمي منصور، غذاء طفل، ولد نظيف، للجميع الماء، دماء الطفل، في المستشفى، التعاون، أحلى لغة، إلى معلمتي، التلاميذ، في الباحة، صباح الخير، حلوة مدرستي، كي نجني الذهب، يا صغاري، اليقظة، سوف أبدو، وردة، العربي الصغير يقول...
3-قصائد تعليمية تثقيفية: تناولت مواضيع هذه القصائد ماهية الأشياء، والحقائق والمعارف التي من الواجب إطلاع الطفل عليها سواء أكانت موجودة في بيئته، أوهي حقائق يحتاج الطفل إلى اكتشافها، لأن من الأهداف التي يسعى إليها المربون في يومنا هذا ويعملون على تحقيقها هي تثقيف الطفل وتوسيع مداركه وإتاحة الفرصة أمامه ليتعرف على بيئته وعلى مجتمعه: شبابة سعد، حروفنا الجميلة، الرسام الصغير، وائل الصغير يتعلم، السد المائي، قارب الصيد، أغنية القطار، الفلاح، القارئ الصغير، الكاتب الصغير، الصغير يرسم، يا نجمتي الصغيرة، أغنية للون الأصفر، الحرف الأول، لجام الطاغية، الطفل الرسام، أكتب كلمة، النهر يقول، أبو فراس الحمداني، مكتبتي الصغيرة، مركبة القمر، أغنية الفصول الأربعة، الزجاجات الخضراء، قطاري، نشيد بردى، صباح الخير، وطن الأطفال، الماء.
4-قصائد تناولت علاقة الطفل بالحيوانات أو وصفها، والهدف منها إبراز هذه العلاقة، وحث الأطفال على الرأفة بالحيوان، لأنه صديق الإنسان، وفيه منافع كثيرة، كما أنه الرفيق الذي يستمتع الطفل برفقته، فعلاقة الطفل بالحيوان حقيقة يؤيدها السيكولوجيون في عدة حالات نفسية، وخاصة في أحلامهم، فالحيوانات تعتبر أصدقاء للأطفال، فالطفل يهفو إلى لمس الحيوان الذي يشاهده في منزله أو يراه يتحرك خلف زجاج النافذة: رفيقي الأرنب، ليلى والحمل، عصفور طلال، ذات الوشاح الأبيض، المهر الأصيل كوكب، منى والعصافير، رشا والبطة، بدور الصغيرة تحب الطيور.
5-قصائد جاءت على لسان الحيوان، الهدف منها التعريف بهذه الحيوانات: الناي، والقطيع، البقرة، النحلة الصديقة، الكناري الساحر يقول، الفأر فلفل، أنشودة البط، السنونو، المغرور يعترف، الغربان، الأرنب الحكيم.
6-قصائد وطنية، فأول ما يشدنا عند تصفحنا لديوان الشاعر سليمان العيسى تلك الروح القومية التي يتحلى بها، وانعكست بصورة جلية في جل قصائده –وإن لم تكن كلها وطنية-، فلا يكاد يخلو أي نشيد من هذه الروح، وهذا إن دلَ على شيء إنما يدل على هدف سام يسعى الشاعر جاهداً لتحقيقه، وبثه في نفوس براعمنا منذ نعومة أظفارهم، لأنه يرى فيهم الحياة والمستقبل والامتداد، فهو من خلال أشعاره –كما يرى- "يقدم أثمن هدية للأطفال لكي يحب الأطفال لغتهم، لكي يحبوا وطنهم"..
تناولت القصائد الوطنية حب الوطن والاعتزاز بالانتماء إليه والتغني بجماله ووفرة خيراته: كيف وهي أرض الأجداد التي يحب الدفاع عنها وبذل أقصى جهد في سبيل تطويره ورخائه، سواء أكان هذا بالنسبة إلى الوطن الأم، أو الوطن العربي ككلّ: فلسطين داري، وائل الصغير يتكلم، نشيد ابنة الشهيد، طفل من فلسطين، أنشودة ابن الشهيد، أبطال تشرين، المشاعل، نشيد الطفل الجزائري، افتح يا وطني، نشيد السنابل، العربي الصغير يقول، الصغيرة ترسم، الشباب يشقون الطرقات، حفيدة الشموس، وطني.
7-قصائد جاءت بمثابة رسائل موجهة من الشاعر إلى بعض أصدقائه الصغار تعكس معرفة ومعايشة لهم، ومشاركة لهمومهم وأحلامهم، إذ لا يكفي أن يعرف أديب الأطفال جمهوراً جيداً، بل لابد أن يحترمهم، ويلقي في روعهم أنه صديق لهم، وألاَّ يغالي بأستاذيته عليهم، أو أن يقلل من شأنهم أو يستخف بهم وبقدراتهم وهذا ما استطاع سليمان العيسى تحقيقه في ديوانه هذا:
هنادي وناهد والبلبل، رشا والبطة، أنشودة غالية، أنشودة صبا، عاش كنان، أنشودة ريم، يا طفلة عمان، الشاعرة الصغيرة، نشيد رملة، إلى الصغير همسات، نشيد السنابل، ترنيمة كندة، الشاعر الطفل، همسة في دفتر، جارتي الصغيرة أمل، نشيد شغاف، نشيد سلمى يا صغاري، دالية، ترنيمة حسام، الصغيرة أشواق، نشيد البركان.
8-القصائد التي تتحدث عن الطبيعة: من الأمور التي تسترعي اهتمام الطفل وتجذبه الحديث عن جمال الطبيعة والتغني بها وذكر بعض ظواهرها، أنشودة الناضورة، أغنية الفصول الأربعة، ريح الشتاء، الربيع، الخريف، الصيف يتحدث إلى الأطفال، النهر يقول، إلى صديقتي الصغيرة تيم، الشجرة.
9-قصائد وردت على لسان الأطفال: وهي تتضمن تأثر الأطفال بمضامين الديوان وإحساسهم بأنه موجه إليهم معبرعن عالمهم: النحلة الصديقة، الكاتب الصغير، صفوان الصغير يتحدى، بيت على النهر، أرجوحة بدور، كي نجني الذهب، رباب، تيم على البحر، شهرزاد، ترنيمة كندة، ديمة تغني، نشيد أسامة، الفرسان الصغار والبحر، بيت على القمر، مهند يغني، العربي الصغير يقول، أسمي شعلة.
10-قصائد موجهة إلى الشاعر: وهي عبارة عن رسائل من الأطفال إلى صديقهم الشاعر، أو حوار للشاعر مع غيره من الأطفال أو الحيوانات: الشاعر والدوري، الأطفال يخاطبون شاعرهم، رسالة من عصافير، قطر الندى، الشاعر وعصافيره، منى الصغيرة تقول، فنان عظيم يتحدث إلى الأطفال.
11-قصائد غنائية: عاش الحب، الحقل الأخضر، اسمي شعلة، الشجرة، الطفل الرسام، أقلام التلاوين، الأرجوحة، الطيارة، أكتب كلمة، إلى أعلى إلى أعلى، بائعة المحار، مزحة البحر، أغنية للقمر، أغنية القطار، أطفال الأٍسبوع، يا نجمتي الصغيرة، الغناء، نجمة الصبح تشترك في الغناء، الخيل.
12-قصائد قصصية أو حكايات تغنى للأطفال لهدف تربوي: وتحمل هذه القصائد عبرة والحكمة التي تختزل معاني القصيدة وتلح على انتصار قيم النبل والخير: الغراب والثعلب، الثعلب والعنب، الراعي والذئب، الصياد والحجل، المدعي، الإوزة التي وضعت بيضات ذهبية، عندما واجه المسافران الدب، البوم والبلابل، زيتونة وبسبس، الفلاح والغراب، النحلة الصديقة، الثعلب واللقلق.
13-قصائد تناولت حب الأطفال للحركة واللهو واللعب: نبيل الصغير يحب اللعب، دميتي، لعبتي، أهوى الحركة، الكرة، الألعاب النارية، الرياضيون الصغار، نشيد الكرة، السباحان الصغيران.
14-قصائد تناولت الأماكن المحببة للأطفال: في مدينة الأطفال، في المزرعة، في المسبح في حديقة الحيوان.
15-قصائد خاصة في المناسبات: العيد، عيد الطفل، عيد الشجرة.
اللغة الشعرية في الديوان:
حين نقرأ هذا المقطع من نشيد (ماما):

ماما ماما
يا أنغاما
تملأ قلبي
بندى الحب
أنت نشيدي
عيدك عيدي
بسمة أمي
سر وجودي

نجد أن الشاعر عرف كيف ينقل هذه الأفكار والأحاسيس النبيلة عن أقرب الناس للطفل في سهولة وبساطة وبأدق العبارات فجاءت الألفاظ دقيقة، قوية الإيحاء، مشحونة بالأحاسيس والعواطف التي تجعلها مؤثرة في النفس، وذلك يجسد قول الشاعر، تطبيقياً، أنه يحرص أن يكون في النشيد الذي يكتبه للصغار اللفظة الرشيقة الموحية، الخفيفة الظل، البعيدة الهدف، التي تلقي ظلالاً وألواناً، وتترك أثراً عميقاً في النفس.
وفي نشيد (لعبتي) استطاع الشاعر أن يوظف بعض خصائص اللغة العربية كالتقديم والتأخير: قلبي يحبها، وفي موضع آخر صيغ التفضيل: أنقى من الصباح، أقوى من الرياح، إضافة لتنوع الجمل بين الفعلية التي تدل على الحركة والحدث، والاسمية التي تعنى بوصف بعض المظاهر والأشياء:

فلسطين داري
ودرب انتصاري
تظل بلادي
هوى في فؤادي
ولحناً أبياً
على شفتيا
وجوه غريبة
بأرضي السليبة
تبيع ثماري
وتحتل داري
وأعرف دربي
ويرجع شعبي
إلى بيت جدي
إلى دفء مهدي
فلسطين داري
ودرب انتصاري

وأحياناً يستخدم الشاعر التدرج في زيادة خبرات الطفل ومفردات جديدة شريطة أن تساعد العبارة أو التركيب على فهمها وإيضاحها، يقول في أنشودة: غرفة من زجاج:

أبي حداد
تقول سعاد
ولألأ حول منزلها
سنا غرفة
ووزعها شبابيكا
شعاع حبور

ونلحظ أحياناً التكرار والتوكيد على بعض الكلمات أو العبارات:

مطر مطر مطر
بالنعمة انهمر
بالعشب والثمر
تهللي يا أرضنا السمراء
واستقبلي هدية السماء
مطر مطر مطر

الصورة في الديوان:
إن الطبيعة بجانبيها: المتحرك والصامت هي المصدر الأول لصور الشاعر وتكون هذه الصور بصرية أو سمعية وأحياناً تحرك حاسة اللمس وحب الحركة عند الطفل، في قصيدته رفيقي الأرنب:

قفز الأرنب خاف الأرنب
كنت قريباً منه ألعب
أبيض أبيض مثل النور
يعدو في البستان يدور
يبحث عن ورقات خضر
يخطفها كالبرق ويجري
يا موجاً من فرو ناعم
فوق العشب الأخضر عائم
لا تهرب مني يا أرنب
أنت رفيقي هيا نلعب

وصفوة القول: إن اتجاه الشاعر سليمان العيسى إلى أدب الأطفال لم يكن وليد مصادفة، ولم يكن من قبيل الترف، بل كان إدراكاً منه بضرورة تحضير النشئ للنهوض بالأمة، وقد سخر شاعرنا طاقاته اللغوية وعصارة تجاربه لإنتاج شعر يلقى الرواج، ويحظى بالقبول، ويحقق التأثر لدى الأطفال، ويلاحظ أن الهم القومي العربي كان يدندن الشاعر في معظم قصائد الديوان فهو ينشد وطناً واحداً لا تفرقه الحدود بل يجمعه الانتماء والمصير المشترك.
في إجابته عن سؤال: لماذا تكتب للأطفال؟... قال الشاعر الكبير سليمان العيسى: ولمن تريدون أن أكتب؟.. وهل هناك موضوع أجمل، وأغنى وأهم؟.. وهل شبع أدباؤنا وشعراؤنا من الكتابة للصغار حتى أسكت وأطوي هذه الرغبة بين الضلوع؟...
أدبنا العربي، والكلام للشاعر العيسى، محروم من شعر الأطفال، وشعراؤنا ما زالوا يخجلون من وضع بسمة الملائكة على شفتي طفل، أعني من كتابة نشيد للصغار يخجلون أو يترفعون أو يتهيبون..... لا أدري... تظل النتيجة واحدة ويظل أطفالنا محرومين من بسمات الملائكة على شفاههم، أعني من الأناشيد الجميلة، من الشعر الحقيقي، ويظل أدبنا العربي ذو التاريخ العظيم محروماً من أحلى ينابيعه، أعني الأطفال،ورحم الله شوقي الذي أحس هذا فلبّي وفتح لنا الطريق، أياً كان الطريق. الأطفال هم فرح الحياة ومجدها الحقيقي لأنهم المستقبل، لأنهم الشباب الذي سيملأ الساحة غداً، لأنهم امتدادي وامتدادك، في هذه الأرض، لأنهم النبات الذي تبحث عنه أرضنا العربية لتعود إليها دورتها الدموية التي تعطلت ألف عام وعروقها التي جفت ألف عام.
وفي رسالة موجهة لي، كتب الشاعر سليمان العيسى: لا أكتب للصغار لأسليهم، ربما كانت أية لعبة أو كرة صغيرة أجدى وأنفع في هذا المجال. وإنما أنقل إليهم تجربتي القومية، تجربتي الإنسانية، تجربتي الفنية، أنقل إليهم همومي وأحلامي.
لقد حرص شاعرنا سليمان العيسى، في شعره الموجه للأطفال والذي جمعه في "ديوان الأطفال" موضوع هذه الدراسة حرص أن تتوفر فيه اللفظة الرشيقة الموحية الخفيفة الظل البعيدة الهدف، التي تلقي وراءها ظلالاً وألواناً، وتترك أثراً عميق في النفس.
ولابد من الإشارة إلى الديوان، وعبر صفحاته الثمانمائة، تضمن أكثر من مائتي قصيدة، كما رأينا استطاع الشاعر المبدع، من خلالها، أن يختصر تجاربه الإنسانية والقومية والوطنية والاجتماعية والأٍسروية بأسلوب غاية في الإحكام والدقة والشفافية يلامس شغاف القلوب والمشاعر فقد قرب، كما رأينا، للأطفال الكثير من المفاهيم وعلمهم الكثير من الدروس، ليس في الإطار اللغوي والفني فحسب، وإنما في الإطار الحياتي إجمالاً. وولد في نفوسهم المعاني والقيم الإنسانية السامية وعرفهم بقضايا أمتهم وتاريخها العريق.
ويسجل لشاعرنا الكبير تذييله بعض قصائد الديوان بأسئلة يشحذ من خلالها: ذهن قارئها الطفل في الإجابة عنها، وأحياناً قدم لبعضها بكلمات مختصرة هادفة تؤدي الغرض وتبلغ المراد.




سليمان العيسى.. الشاعـر، الرؤيا والرؤية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم:محمد بن زيان


...قراءة مسار سليمان العيسى هي قراءة لمسار فكرة وطرح وتحولات تتابعت في المنطقة العربية منذ زمن سايكس بيكو.. قراءة العيسى هي قراءة لمدونة من مدونات المنجز الشعري العربي بمختلف اتجاهاته وتشكلاته، وكان للعيسى مساره المرتبط بسيرورة تشكله، مسار شاعر مسكون بالهاجس الجمعي القطري والقومي والإنساني..
في الذكرى الخامسة لرحيل محمود درويش رحل عن دنيانا شاعر عاصر تحولات وعاش نحو القرن، رحل سليمان العيسى الذي بدأ حياته بضياع مسقط رأسه الذي سلخ من
سوريا وألحق بتركيا وكانت خاتمة مشواره مع الوضع المفجع الذي تعيشه سوريا.
وظل العيسى مشدودا إلى طفولة طبعتها عملية سلخ، تحولت إلى جرح ينزف كلمات شعرية تعيد صياغة التاريخ، كلمات تجترح الجرح، وآخر كتاب للمرحوم كان عن قريته: “النُعيرية قريتي”..
رحل سليمان في أجواء عيد فقد النكهة، وصار لسان الحال يردد لازمة المتنبي: “بأي حال عدت يا عيد”.



الشاعر والقضية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سليمان كان من بدايته شاعر قضية، قضية الإنسان وقضية الانتماء.. بدأ الشعر بالكتابة عن الفلاحين وما يعانونه..
يقول الشاعر سليمان عيسى:
“أقاتل بالشعر منذ كتبت أول قصيدة لي تحت شجرة التوت التي تظلل باحة بيتنا في قريتي الصغيرة (النعيرية) في لواء الاسكندرونة”.
الشعر بالنسبة للعيسى انوجاد وانبعاث ورتق ما يفتقه السلخ والبتر.. الشعر حياة، تكثيف للحياة بنحت المفردة التي تتغذى من الواقع وتمتد لتغذيه بما يرتفع به عن الارتهان لعابر يمارس المحو، فيصير الشعر محوا مضادا، يكتب الذي يبقي النبضات.
ومن طفولته سكنه الهاجس القومي وكثف الشحن سلخ مسقط رأسه فكانت العروبة حاضرة كمقوم من مقومات سيرورته وصيرورته.
واندمج في بوتقة النضال ضد الانتداب الفرنسي وتشبع بالتوجه القومي فحمله طيلة حياته ودفع الضريبة بتعرضه للسجن.
كانت سوريا مهدا للفكر القومي، كانت موطنا حاضنا لحركات ودعوات تنوعت من الكواكبي إلى زكي الأرسوزي وميشال عفلق، وكان العيسى يحضر رفقة زملائه لاجتماعات “نادي العروبة” التي كان يشرف عليها الأرسوزي مع رفاقه في سياق مواجهة سلطات الانتداب الفرنسي.. وتنقل العيسى إلى بغداد لمواصلة الدراسة وكانت العراق بدورها تغلي سياسيا وتعرف تحولات حاسمة في الاتجاهات الشعرية خاصة مع رواد التشكيل الشعري المتجاوز لهيمنة النسقية العمودية.
رغم الظرف بصراعاته ومعاناته، كان الحلم كبيرا، كانت القضية تسكن الذات فتؤجج الشعلة البرومثيوسية، يقول العيسى:
“كنا نحلم.. أنّا سوف نهزُ الشمس، فتسقطُ في أرض الفقراء، بيادر من قمحٍ وغلال”.
كان العيسى فاعلا سياسيا فهو من مؤسسي حزب البعث في السابع أفريل 1947 في مقهى الرشيد الصيفي بدمشق، وكان دينامو جريدة الحزب الأسبوعية “البعث” كان يكتب كل صفحاتها، وبسبب مواقفه ونضاله ضد الانتداب كان من أوائل البعثيين الذين تعرضوا للسجن بعد تظاهرات ضد سلطة الانتداب.
يستعيد العيسى ماضيه، معتزا به فهو رأسماله وقاعدة تشكله يقول: “أعتزُ بشيءٍ واحد، هو أحلامي التي كانت وراء كل كلمةٍ قلتها في حياتي، ولا أرى لحياتي معنى من دون حلم، ومنذ أن رفعني المناضل زكي الأرسوزي بيديه ووضعني على منبر (نادي العروبة) في أنطاكية لألقي أولى قصائدي في جمهورٍ حاشد؛ إبان انتفاضة اللواء، وأنا تلميذٌ في المدرسة الابتدائية، إلى آخر كتاب شعري وضعته (النُعيرية قريتي) أشعر أن ربة الشعر واحدة في حنجرتي، يخفتُ صوتها ويقوى، ينكسر ويشتدُ، يصمتُ حيناً ويعاود الغناء، ولكن الكلمة هي الكلمة، والغناء هو الغناء، والنسغ الذي جرى يوماً في العروق لا يزال يجري، فمن طبيعة الشجرة أن تعيش بنسغها، فهي لا تستطيع له تغييراً، ولو غيّرته لزوّرت حياتها كلها”.
لقد شكل الحلم دوما الحياة، وكانت اليوتيبيا أقوى من الفناء.. الحلم منح للحياة المعنى وأمدت الرؤيا المبدع بالرؤية، الرؤية المتشكلة بامتحانات المسار.
ولقد ظل الجدل محتدما حول علاقة الإبداع بالواقع وبالسياسة، واحتكم البعض لكليشيهات نمطية عندما يتحدثون عن شاعر كالعيسى ووضعا للنقاط على الحروف قال شاعرنا:
“لم تكن في حياتي سياسة في يومٍ من الأيام، هذه الكلمة أراها ضد الشعر في امتياز، فأنا طفلُ مشرد من لواء اسكندرون، رأى نفسه ذات يوم يُقلتع من تحت شجرة التوت التي تظلل باحة داره، ويُلقى في أحضان الغربة، بعد اقتطاع بلده الصغير، مسقط رأسه، ومنذ ذلك الحين فتحت عينيّ على حلمٍ عربي كان محور حياتي وشعري، ومازلتُ مصراً على هذا الحلم الذي تدور حياتي وشعري حوله، فهل يمكن أن تدخل هذه الكلمة المراوغة (السياسة) في مثل هذا المجال؟”
وبخصوص لعبة التصنيفات وخصوصا تداول وصف ملتزم قال الشاعرالمرحوم:
“لا أحب كلمة ملتزم، ولا كلمة التزام، لأني أرى التعبير مصطنعاً مهما أجيدت صياغته، كانت الجماهير العربية ومازالت قصيدتي الأولى أعطتني أكثر ما أعطيتها، فمهمة الكلمة أن تتحول إلى طاقةٍ وفعل، فالكلمة ليست مجرد شكل لفظي، يتألف من حروف وإيقاعات صوتية، إنها جزء لا يتجزأ من وجودنا، من حقيقتنا، من سلوكنا اليومي، فإذا لم تحمل رصيداً من هذه الحقيقة، ظلت شيئاً يدور في الفراغ، ولا يترك أي أثر، فالكلمة هي الإنسان”.
وقراءة مسار سليمان العيسى هي قراءة لمسار فكرة وطرح وتحولات تتابعت في المنطقة العربية منذ زمن سايكس بيكو.
قراءة العيسى هي قراءة لمدونة من مدونات المنجز الشعري العربي بمختلف اتجاهاته وتشكلاته، وكان للعيسى مساره المرتبط بسيرورة تشكله، مسار شاعر مسكون بالهاجس الجمعي القطري والقومي والإنساني.



سليمان العيسى والجزائر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حضرت الجزائر في مسار العيسى، حملها في أشعاره التي تفاعل فيها مع الثورة الجزائرية وكتب عن أحداثها ورموزها..
قال يوم استشهد البطل زيغود يوسف:

“صمت على الوادي يروّع الوادي
وسحابة من لوعة وحداد
أرسى على الهضبات ريش نسورها
وتمزقت من بعد طول جلاد
هدأ الوميض.. فلا أنين شظية
يُصمى، ولا تكبيرة استشهاد’’
ويختم هذه القصيدة الجميلة الرائعة قائلا:
‘’يا سفح يوسف يا خضيب كمينه
يا روعة الأجداد في الأحفاد
يا إرث موسى في النسور وعقبة
والبحر حولك زورق ابن زياّد
يا شمخة التاريخ في أوراسنا
يا نبع ملحمة بثغر الحادي
أتموت؟ تاريخ الرجولة فرية
كبرى إذن، ووضاءة الأمجاد
أتموت كل حنية بجزائري
ميلاد شعب رائع ميلادي”
ويعتبر العيسى من أكثر الشعراء العرب الذين حضرت الجزائر في نصوصهم، حضورا استمر معه في مسيرته وقاده ما يحمله عن الجزائر إلى الاهتمام بأدبها فترجم مع زوجته الدكتورة ملكة أبيض بعض أعمال كتابنا بالفرنسية.
إننا كجزائريين من الجدير بنا إذا ما أردنا فعلا المصالحة مع ذاكرتنا وتاريخنا استحضار كل من وقفوا معنا وانصهروا في بوتقة واحدة معنا من أجل حريتنا وخدمة لثقافتنا. ولعل هذا ما عبر عنه بعض أدبائنا كالشاعر بوزيد حرز الله في التعليقات الأولى بعد ورود خبر رحيله.



العيسى وأدب الطفل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال شاعرنا:
“اذكروا أني كالأطفال غنيتُ، وطاردتُ الفراشات طويلاً.. تسلقتُ الشجر.. وقطفتُ التين والرمان من بساتين جدي والقمر”
بعد هزيمة جوان التفت الشاعر سليمان عيسى إلى الأطفال فخصص جهده الإبداعي لهم، تخصيصا يحمل دلالات التمسك بغد آخر ينسخ ما توالى من فجائع وخيبات في منحنيات الزمن العربي.
وفي التفاته إلى الأطفال، كان ينشد صبح يتنفس ويبدد
يقول:
“وأنا لن أقطع خيط الأمل، وعندما تمر كارثة من الكوارث مثل كارثة 1967، كنت أحس أن الدنيا (طربقت) فوق رأسي وبدأت أختنق.
ورأساً بدأت أدق الجدران السود حولي، وفتحت نافذة اسمها “الكتابة للأطفال”. ماذا يعني الأطفال؟.. يعني المستقبل.
الحقيقة أنني لم أكتب للأطفال إلا من أجل أن أفتح للأطفال نوافذ أعبر بواسطتها عن الهم الذي حملته دائماً وعبّرت عنه، وقاتلت من أجله.
الكتابة للأطفال كانت بالنسبة لي الهروب إلى المستقبل، نوعاً من التشبث بالمستقبل، التشبث بالحلم نفسه الذي حملته.”
وأضاف في تصريح آخر تفصيل ذلك بقوله:
“لأنهم فرح الحياة ومجدها الحقيقي، لأنهم المستقبل، لأنهم الشباب الذي سيملأ الساحة غداً أو بعد غد، لأنهم امتدادي وامتدادك في هذه الأرض، لأنهم النبات الذي تبحث عنه أرضنا العربية لتعود إليها دورتها الدموية التي تعطلت ألف عام، وعروبتها التي جفت ألف عام.. إنني أكتب للصغار لأسليهم، ربّما كانت أي لعبة أو كرة أجْدى وأنفع في هذا المجال، إنني أنقل إليهم تجربتي القومية، تجربتي الإنسانية، تجربتي النفسية... أنقل إليهم همومي وأحلامي”.
والعيسى من الأدباء الذين أثروا رصيد أدب الطفل بأعمال حملت رسالة مصاغة بما يتلاءم مع المدارك العقلية للأطفال.
في قصيدة “نشيد الوحدة” يقول:

“طيروا في أرض العرب
لا تعترفوا بالأسوارْ
رباني أمي وأبي
للحرية، والإصرارْ
طرْنا مثل العصفورةْ
نحن ملايين الأولادْ
حررنا الأرض المقهورةْ
وحدنا وطن الأجداد”.
ويمكن أن نلخص الحديث عن شاعرنا بمفردتين هما الرؤيا والرؤية...رؤيا بحلم لم يتبدد رغم تراكم الانكسارات، ورؤية نضجت في خضم ما شهده قرن من التحولات الإقليمية.



الشاعر سليمان العيسى واقتناص الحالة الشعرية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سليمان العيسى قامة من قامات الشعر العربي التي يليق بها اسم الشاعر ويليق بها حسنُ الانتماءِ والتمسّكُ بالثوابت وهو من الشعراء الذين حفروا اسمهم ومسيرتهم بالحبِّ للضادِّ والأمة والإنسان، وبالحبِّ للقيم العربية الإنسانية النبيلة، والتي اكتسبها من نشأتِهِ الأولى، وتكوينه القومي الذي غرسَ فيه أسمى القيم العربية
عبّر عن هذه القيم النبيلة وعن هذا الحبّ السامي بأساليبَ متنوعة وأشكال مختلفة. كتبها مسرحية شعرية هادفة، وباح بها شعراً للأطفال وللكبار وصاغها بأشكالها التعبيرية المختلفة عمودية وتفعيلة ومزجاً بينهما ونثراً وهذا مؤشرٌ على طاقته الإبداعية وعلى تقبّله الأشكال الجديدة ولكن بوعي الشاعر المتمكن من أدواته فهو شاعرٌ فطريٌ بإحساسه ، والشعر يجري في دمِهِ وعلى شفتيه تراه مغرِّداً ومطرباً، يحلّق به كطيرٍ حرّ يداني السماء، تأسُرْهُ الحالة الشعريّة المؤثّرَة والمباغتة فتسيطر عليه، وتوقعه في شَرَك الإبداع الجميل الآثر. صحيحٌ أنه تجاوب كثيراً مع القضايا القومية التي تعرَّضَتْ لها الأمة العربية وما زالت تشغله وتؤلمه دون أن يفقد الأمل بالخلاص. فالشاعر سليمان العيسى شاهدُ عصرٍ كان واعياً لكلِّ ما يعترض أمَّتَهُ من مخاطر وأحداث. ودافعه إلى ذلك إحساسٌ شعريٌّ مُفْعَمٌ بالودِّ ومُسَوَّرٌ بالإخلاص تجاه ما يعبّرُ عنه، وقد جرَّه هذا الإخلاص في بعض الأحيان للوقوعِ في إشكالية الأسلوب والخطاب الشعري والمنجز له . اقتُرِن اسمُهُ بالقصائد القومية التي يعبِّرُ فيها عن عقيدته القومية الثابتة فكان ملتزماً فطريّاً بأهداف أمّتِهِ، وعقائدياً بثوابتها. ومؤمناً بمبادئه، فلم يلتفت إلى جزئيات الحدث القومي التي تُولِّدها اللحظات العصيبة والمستحدَثَة فلمْ يوقعْ نفسه في مثل هذه المتاهات. وهذه حالةٌ لصالحِهِ. فما أكثر الأدباء الذين انجرفوا مع الراهنِ ثم انسلخوا عنه ثمّ عادوا حتى فقدوا المصداقية وأفقدوا المصداقية للنابعين ضمن هذا الاتجاه للشاعر لا غرابة أن يتوجّه الدارسون إلى دراسة شعره القومي وما فيه من جزالة ومتانة وجرأة في الصياغة فهو شاعر خطابيٌّ متمكن من أدواته الفنية وصياغته. تشدّهُ المناسبة التي تخاطب وتهزُّ مشاعرهُ وانتماءَه فتثير قريحته دون أن تقف الحواجز أمامها أليسَ القائل عن رحلته الطويلة مع الوحدة العربية والتي ما زالت حلمَهُ رغم عاتيات الزمن عليه وعلى أمّتِهِ فقال في مقدّمة (قصيدة العمر). (قصيدة طويلة … كانت أغنيتي للوحدة … للاتحاد … ماذا تهمُّ التسميةُ؟ قصيدة طويلة … أكلَتْ عمري … استغرقَت كلَّ ما قلْتُ … وما سأقول لماذا يأكلني هذا الهمُّ الذي يساوي وجودي) فيقول من قصيدته : أطلِّي على ليلِ اختناقي، تيبَّسَتْ لهاتي، وملَّتنْي أناشيدُ مأتمي أطلِّي علينا وحدةً، طيفَ وحدةٍ بريقاً، سراباً، كيفما شئتِ فاقدمي وهبْتُكِ عمري، ما وُهِبْتُ سوى الظما إليكِ، أنا الحادي القتيل، أنا الظمي أطلِّي على الأطفال … لا يتشرَّدوا ومن أجلهم ياليلَنا الخالدَ ابسمِ هذه صرخة ألم وحسرة ومكابدة وهي نفثة إنسان محروق مفجوع دفعته للتعبير عن فرحِهِ العظيم إلى مستوى إيمانه والتزامهِ بها: أنا في هدرةِ الحناجرِ أنسا بُ هتافاً ملْءَ الدُّجى و دويّا الأهازيجُ ترعِشُ الأفقَ حولي و تصبُّ الحياةَ في مسمعيّا لا تلمني،فلن أعدَّ حياتي في دروبِ الضياعِ و الذلِّ شيّا منذ يومين قد وُجْدتُ فعمري يومَ أعلنْتُ مولدي اليعربيا إن القضايا القوميّة المصيرية عايشها عن قرب لم يدِّخرْ إحساساً من أحاسيسه أمامها. يفرح ويحزن ويتفاءَل ويقلق ويبتهج. عايشها بنبضهِ لم يتوقَّفْ عندها كأداء واجبٍ أو مسايرة لموجةٍ من الموجات الوافدة، ولم يقلها مجاملةً أو إرضاء لشخصٍ ولذلك نراه أكثرَ الشعراء إلحاحاً وإحاطة بهذه الموضوعات لا يضعف ولا يسأم ولا يستسلم وهو جانب جوهريٌّ بارزٌ في شعره . وهذا الجانب يحتاج إلى دراسة نقدية متأنيَّة و جادةٍ تنصف الشاعرَ و شاعريّته، و تنصف المرحلة التي شهدها الشاعر وهي مرحلة غنيِّة بالمدِّ القومي المندفع و المؤمن … وهذا ما عبَّرَ عنه الأديب (حيدر حيدر) في دراسته التي ختم بها الشاعر سليمان العيسى ديوانه (أغنيات صغيرة) سأقتطف بعض ما قاله حيدر حيدر … « إذا كان « فيدر يكوغرسيالوركا قصيدة الوطن والدم للشعب الإسباني، فإنَّ سليمان العيسى هو الشيَّابة الريفية والبشير القومي لأجيال العرب، خلال سنيِّ المخاض والإرهاص الثوريين قبلَ أن تكتحِلَ عينٌ عربية بثورةٍ ويومَ كانت الثورة محضَ نبوءة لم يكن سليمان أوَّل شاعر قومي بشَّرَ بالثورة، وأرهصَ بالغدِ العربي ولكنه كان الشاعر الأكثرَ هدفيَّة، والأشدَّ تركيزاً .. حدَّدَ ملامحَ تلك الثورة بإصرارٍ وعناد ووهب لها حياةً برمَّتها كان من الممكن أن تُعاش بطريقة مغايرة رفض الوجه الآخر للحياة.. اختارَ توتُّرَه الواعي البصير … وقبل سليمان كان شعراء.. كانوا قوميين بشكل عمومي، وكانت قصائدهم وطنيَّة تفيض بالحماسة و الغضب … كانوا طارئين... في حين كانت قصائدُ سليمان شيئاً آخر أكثر تميُّزاً وتجذُّراً وحلوليّةٍ ». ذكرتُ هذه الجمل النقدية لما فيها من رأي نقديٍّ حصيف منصف وقد أصابَ الأديب «حيدر حيدر» كبد الحقيقة وما التفاتي إلى هذا الجانب إلاَّ تحريض للغوص العميق فيه وربمَّا يبعث مواضيع أخرى وهذا شأن النقد الجادّ …… أرى أن المبدع الحقيقي مَنْ يُحْسِنُ التقاط الحالة الإبداعية الجاذبة والصادقة لأحاسيسه والمفجِّرة لطاقاته. فتوقظ مشاعرَه الساهية فتهبُّ سريعاً كيلا تفلت منه. فلا يتركها تهرب منه لأنها لن تعودَ ثانية بنفس المساحةِ والدفقة… فلا يعيدُ صياغة الحالةِ إلاَّ وقد أحاطَ بجزئيَّاتها الموحية والباعثة على الخيالِ والتخيُّل وهنا مكمن الإبداع… فإعادة الراهن والمرئيّ دون إحاطة بهِ وتلمُّسٍ لجوانبهِ الخفيَّةِ المتوارية يُصْبِحُ نسخاً وتكراراً مألوفاً لا جديدَ فيه … وهذا الاقتناص الذي يحلو لي أن أسميَّهُ بهذه التسمية لأنه يحتاج إلى طاقاتٍ كبيرةٍ ومجتمعة ومتوثبةٍ هذه الطاقة تفجِّرُ الإبداعَ الجديرَ بالدراسة والإعجاب والخلود … الشاعر سليمان العيسى في دواوينه المتعدِّدة تتناثر قصائدُ وجدانية شفّافة، تدخل في هذا التصنيف، فالجانب الذاتي والوجداني والجانب « الجوانّي « لدى الشاعر غَفِلَ عنه النقّاد أو لم يلتفتوا إليه أمام الكمِّ الكبير من القصائد القومية التي كستِ الشاعرَ بردائها وظلالها، فاتجه النقّاد إلى الجاهزِ والمعَدِّ والمناسبِ للمرحلة، وهذه الحالة يتعرَّض لها الكثير من الشعراء، فيلتفت النقاد إلى الجانب الأبرز المطروق والمشهور دون أن يكلِّفوا أنفسهم عناءَ البحثِ والإبحارِ إلى مرافئ جديدة لم يلتفت إليها أحدٌ أو لم تأخذْ حقَّها. في ديوان أغنيات صغيرة الصادر عن مكتبة الشرق بحلب في الفترة التي كان فيها الشاعر مدرِّساً ونشيطاً في حلب في هذا الديوان الكثيرُ ممَّا يقال عن هذه الحالة في قصيدة (فلَّة) يطلُّ علينا الشاعر بعذوبة ألفاظه ورقّة معانيه وهمسِ مشاعره : ص35 صَبا … وتضحك خلف الأفقِ زنبقةٌ تعطِّرُ الجبلَ المسحورَ، والأفقا تفتَّحتْ في حكاياتي وبين يدي كفجر نيسان من بستاننا انبثقا النبعُ الذي أعرفه في ضيعتي غزلاً يسقي الجرارَ، وكرمَ الفلِّ والحبقا فالشاعر أحسن الاصطيادَ والتقط ما حُفِرَ في ذاكرته من أيَّام الطفولة، في ضيعته السليبة وبساتينها وهي من الصور والقصائد اللافتة، ومثلها في التعبير والتأمل ( أغنية الصمت ) ص47 : أصطادُ أحلامَ البنفسجْ وأعودُ بالسّرِّ المؤرّجْ أتراهُ يهمسني بلاشفةٍ ويعيشُ في أعماقِ أغنيتي أتراهُ قد عتبا أن رقرق اللَّهبا نبعاً بظلِّ الصخرِ في جبلِ لم تبقِ منه جراحُه العطشى سوى وَشَلِ في هذا المقطع الجميل تتجلّى ذكريات الشاعر ورومانسيته الحالمة الهادئة، وكأنَّهُ ليس سليمان العيسى في القصائد العمودية الخطابية وهذا سرُّ الإبداع ومكمنُ الشعرية التي تتجاوب حسب الحالة، لأنَّ الشاعرَ الحقَّ ترسُمُه الحالة، وتسيِّر مجراه و روافده، لا تحنِّطهُ الصورُ والتراكيبُ الجاهزة. وشاعرنا بارعٌ في التقاط الحالة الشعريّة الباعثة في النفس المشاعرَ والأحاسيس. في قصيدة (وكان زادي) كتبها في مقهى / ب / يقول فيها : ص79 يا صورةً تُبْدِعُني سرّاً كما تشاءْ يا هبة السماءِ للسماءْ …… الصيف والشتاء الخريف … نهرُ ربيعٍ في دمي و ريف …… منذ استظلَّ العاصِفُ العنيفْ …… شطَّ الصدارِ الأعفرِ الأليف تقطَّعَتْ عُفْرَتُهُ بالنورِ، بالحنين بعاصفِ الشوق أتذكرين ؟ وعندما تَقْصِفُني البروقُ ويُمْطِرُ الليلُ بأعماقي مرارةً تملأ أحداقي تومض في عينيَّ كالشروق كنبضة الربيعْ في رئةِ الصقيعْ …… هذا عالم ريفيٌّ نقيٌّ، وعالمُ البراءةِ الذي يتنامى في حنايا ذاكرة الشاعر، وينبي عن حزن دفين يلسعُ دون رؤيته. وهو عالمُ الرومانسيين الذين يجدون في الطبيعة وصفائها ملاذهم ودواءَهم ولكن هيهات هيهات.. فأغلبُ الصور تمتح من ذكريات الطفولة واللواءِ والهجرة القاسية وقسوة النشأة فلا مهرب للشاعرِ منها وهو الذي التقطها من كلِّ الزوايا الزمانية والمكانية وارتبط بها حسّاً وشعراً وطفولةً وشيخوخةً ولكنه يراها في أحفادِهِ . في أعماق الشاعر عالم متواشجٌ من الصراعِ والقلق والحيرة والتجاذب بين اليأس والأمل ولكنَّ وميض التفاؤل وشعاعَ الأمل ترجِّحان كفّة الشاعر، وقد تأثّرْتُ بقصيدة (ساقية الضيعة) وذلك عندما مرَّ إلى جوار بيت الطفولة بعد غياب طويل، رأى ساقية تصبُّ في العاصي، تهدر شتاءً حتّى تهدِّدَ البيوت المجاورة، وتجفّ صيفاً إلا من قطرات هنا وهناك فترك على ضفّتيها قصيدته : ص 127 أُحسُّ طعْمَ حصاكِ البيضِ في قدمي يا سمفونيَّةَ تسعٍ غضْةَ النغمِ يا جارتي … كلَّما أفلْتُ من قفصي ورحْتُ أهمِسُ في أذْنِ الحصى حُلُمي كنَّا على لَسَعاتِ الماء قافلةً من الصغارِ ، بلا دَرْبِ ، و لا ألمِ نخوضُ صدركِ أقداماً مثلّجَةً ونستطيبُ تحدِّي سيلكِ العرِمِ وربمَّا… ربَّما جلجلْتِ غاضبةً فكنتِ ثورتيَ الأولى تروضُ فمي كبْرتُ يا جارتي مرَّتْ على طرقي سواحلٌ و بحارٌ مُرَّةُ الظُّلَمِ وجئْتُ أُلْقي شراعَ التيهِ محترقاً في حضنِ داري على قرميدي الهرمِ كبْرتُ فالتفتي هل تسمعينَ صدىً هل تلمسينَ صدىً ؟ هلْ تلمسينَ حصاكِ البيضَ في قدمي ؟ … هذه القصيدةُ وأمثالُها تقدِّم سليمان العيسى من جوانب أخرى يتألَّق فيها الهمسُ والخيالُ، وتتنامى فيها الصور المعبِّرةُ والموحيةُ وهذا سرٌّ من أسرارِ طاقته الإبداعية. وفي مقدِّمة مختارات ( نشيد الجمر) التي اختارها الأديب ( مصطفى طلاس ) ونشرها، هناك كلمات أخذت عنوان (قطرات ضوء على الطريق) فيها يسكب الشاعرُ رؤيته وآراءَه ونظرته في الشعر والأدب والعالم المحيط بنا في هذه الكلمات نظرة المتأمِّلِ والمتألِّم وفيها بوح المتألِّق والقلقِ معاً وهذا مزيج الشاعر الحقيقي وردَ فيها : (الموسيقا عَصَبُ الكلامِ الجميلِ، نثراً كان أو شعراً، تبلغ ذروتها في الشعرِ، والذين لا يُحسُّون هذه الموسيقا ولا يجيدونها لا يملكون العَصَبَ السليم …). هذا رأيهُ وفيه خلاصة تجربة لشاعر يرى ببصيرتهِ وإحساسِهِ ويقول أيضاً «حين تبلغ الحادثة حدَّ الفاجعة تشغلك عن الفنِّ وترغمك على الحديث عنها مباشرة. الحريَّة هي أن تكافح لتعطي أجمل وأنبل ما تستطيع أن تعطيَه … والكفاح شرطٌ أساسيٌ من شروط الحريَّة بل هو لُبُّها وجوهرها شيء آخر ذلك الذي يتوهَّمُهُ بعضنا (حرية) شيء آخر اسمُهُ الفوضى، اسمُهُ الضياع. لا أريد أن أقول: الانحلال» هذا بعض ما قاله في مقدمته ولذلك تراه في شعره واضحاً وكذلك في نثره ينطلق من قناعاته وإيمانه بجدوى الكلمة وهذا ما يجعلنا نقول : إنَّهُ صائدٌ بارعٌ في مجالات الشعر الوجدانية الذاتية يُحسِنُ القَنْصَ الجميلَ بما يملكه من رهافةِ حسٍّ ودفء مشاعرٍ وحسن تقديرٍ للحالةِ. وهو صَيْدٌ ثمين يقع في فخٍّ القصائد الفجائعية والمنبرية التي تدعو إليها المناسبة فتصطاده المناسبات الجليلةُ والمثيرة للخطابة وهذا جليٌ في أعمالِهِ الكاملة (شعر سليمان العيسى) الصادرة في بيروت في ثلاثة مجلدات عام 1980 ومجموعة (غنّوا يا أطفال) الصادرة في مجلدٍ كامل ويضاف إليها الكثير من الدواوين الصادرة بعدها خلال ربع قرن . فالشاعر غزير الإنتاج دفَّاق الشاعرية يتماوجُ ويتناغم مع القصائد الذاتية فتراه سلسبيلاً عذباً ينضح من معين الموسيقا الموحية والبحور المناسبة ثم تراه واقعاً في شرك الخطابة وهو واعٍ كلَّ الوعي لها، و ذلك عندما تهزُّه المناسبة وهذه لفتَةٌ جديرة بالدراسة النقدية التي تنطبق على مشوار الشاعر الطويل .‏



نماذج من شعر الراحل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

•مع الفجر
•أعاصير في السلاسل
•رمال عطشى
•ثائر من غفار
•قصائد عربية
•الدم والنجوم الخضر
•الصلاة لأرض الثورة
•رسائل مؤرقة
•أمواج بلا شاطئ
•أزهار الضياع
•أغنيات صغيرة
•كلمات للألم
•أغنية في جزيرة السندباد
•أغاني بريشة البرق
•إنسان (مسرحية شعرية)
•ابن الأيهم (مسرحية شعرية)
•ميسون (مسرحية شعرية)
•الفارس الضائع ( مسرحية شعرية)
•الكتابة أرق
•اني أواصل الأرق
•وسافرت في الغيمة
•رمال ما تزال عطشى
•ديوان الأطفال
•مسرحيات غنائية للأطفال
•أغاني الحكايات
•ثمالات 1و2
•أحلام شجرة التوت
•الديوان الضاحك



الرسام الصغير
أرسم ماما أرسم بابا
بالألوان أرسم علمي
فوق القمم أنا فنان
أنا صياد اللون الساحر
أرض بلادي كنز مناظر
دعنى أرسم
ضوء النجم
دعنى أرسم
لون الكرم
اكتب شعراً
بالألوان
أحيا حراً
أنا فنان .


* أنشودة تيـــــــم *
الرمل الناعم بين يدي
وانا ألعب
أبني بيتاً وطريق غد
أبني ملعب
اسمي من ديوان العرب
اسمي : تيم
اثنان نرفرف : قال أبي
أنا والغيم
يا موج الشاطىء يا أزرق
أفرح وأمرح
في الشاطيء زغلول صفق
وأتي يسبح


فلسطين داري
فلسطيني داري
ودرب انتظاري
تظل بلادي
هوي في فؤادي
ولحنا أبيا
على شفتيا
وجوه غربية
بأرضي السلبية
تبيع ثماري
وتحتل داري
وأعرف دربي
ويرجع شعبي
إلي دفء مهدي
أن أبن الحياة
برغم الغزاة
فلسطين داري
ودرب انتصاري

رسالة إلى خطيبها في الجبهة

الصبح لَمْلَمَ عن ذُرى "قسيون"* أهدابَ الظلامِ
والربوةُ الخضراءُ أغنيةٌ تهزّ .. بلا كلامِ
والشام .. ساقيةُ الربيع ، ولو عرفتَ بأيِّ جامِ
بَردى ، وأمواجُ الضياءِ ، وعطرُها بعضُ المُدامِ
والعيدُ في نيسان سكرةُ أمةٍ ، وشبابُ عامِ
والطالعون على الحياة ، كأنهم عبَقُ السلامِ
جيلُ البطولةِ كله والدربُ يهدرُ – في الزحامِ
بُعِثَتْ بلادي ، فالربيعُ شموخُ ناصيةٍ وهامِ
ألصبحُ ينفضُ عن ذُرى "قسيون" أهدابَ الظلامِ
والشام .. غارُ الوحدةِ الكبرى أكاليلُ الشآمِ
وضّاح .. أين يداكَ ، أشبِكُ في لهيبها يديّا ؟
وأضيعُ في حُلُم صباح العيدِ يُرْعِشُ جانحيّا
ويمر موكبُ أمتي نشوانَ ، هدّاراً ، أبيّا
وخُطاه خَفْقٌ في ضلو عي ، أو سناً في مقلتيا
وملاحمُ الثوار تَزْحَم مسمع الدنيا دويا
ما زلتُ في عينيكَ أبـ ـصرُ شعبيَ العربيّ حيا
تظْمَا ميادينُ الكفاحِ ، فتستقي دمه الزكيّا
ما زلتُ في قَسَماتِكَ السمراء ألمحه جليا
كالموج ، كالشلال ، يَهْـ ـدِرُ ، صامداً أبداً ، عتيا
ما زاد زَرْعُ السدودِ بوجهه إلا مُضيّا
جَدلْتُ من خصل الربيع ، ومن ذُؤاباتِ الأقاحي
أضمومةً خضراء. تَعْبَقُ بالإباءِ ، وبالسماحِ
للموكب الهدّارِ ، مَرّ بشرفتي عند الصباحِ
لقوافلِ الأبطالِ .. سُمْرُ زنودِهم حُلُمُ السلاح
لرفاقك المتعطشينَ إلى الفداء بكل ساحِ
للجيش ، تقفو خَطْوَه قِصصُ البطولةِ والأضاحي
نحمي زنابقَ أرضِنا من بَطشةِ الغدرِ الوَقاحِ
ونردّ نابَ الوحش منحطماً على صخر الكفاحِ
ضفّرتُ أطواقي لموكبِ أمتي مِلءَ البطاحِ
يتعجّلُ الثأرَ القريبَ ، وعودةَ الوطن المُبَاحِ
وضّاح .. حدِّثني عن الميدان ، عن ظَمأ الحدودِ
للموعد المضروبِ بينكمُ وبين ثرى الجدودِ
أللص .. أفقده الصوابَ تفتُّحُ الفجرِ الوليد
وتألّقُ التاريخ، تا رخِ العروبةِ من جديدِ
أللص .. يُنْذِرُ باللظى والحقّ جبّارُ الصمودِ
إني أخافُ .. فلستَ ممن يصبرون على وعيدِ
إني أخافُ .. فلستَ ممن يصبرون على وعيدِ
إني أكاد أراكَ تهزأ بالزوابعِ ، والرعود
وتَشُدّ رايتَك الخضيبة فوق ناصيةِ الخلودِ
آمنتُ بالوطن الكبير ، يُطِلّ خفّاقَ البنود
بطريقنا الدامي ، بأمتنا ، بصخرةِ "بورسعيدِ"
أيغيبُ عن عينيّ طيفُكَ خلفَ "حفرتكَ" الرهيبه ؟
كفّ على ضلعِ الزناد ، ونظرةٌ ثَبَتَتْ ، مَهيبه
وعلى يمينكَ ، أو يَسَارِكَ ، أرضُنا الثكلى ، الحبيبه
وأراكَ تهمسُ : لن تظَلّ ديارُ آبائي سليبه
لا .. لن أعودَ ، فساعةُ الإعصار قد باتت قريبه
العيد ، والأفراح ، والحبُ العمق رُؤىً كئيبه
العيد نَغّصَه الذئابُ ، نيوبُها أبداً خضيبه
لا .. لن أعودَ ، لأسرق اللحظاتِ مُرْهِقَةً ، عصيبه
لي موعدٌ معَ من يُريدُكِ فوق تربتنا غريبه
سنرى .. لِقُطّاعِ الطريق النصرُ ، أم لضحى العُرُوبة !
أملي إليك ، وحوليَ الضحكاتُ تطفرُ ، والأغاني
والمهرجانُ .. وعبقريةُ أمتي في المهرجانِ
تثِبُ السطورُ هوىً ، ويَرْ عَشُ فوق أحرفها كياني
لِمَ يحرمون بلادنا من نُعْمى الأمانِ ؟
لِمَ يحملون لنا الدمار ، بألف فَحّةِ افعوانِ ؟
ألأننا قلنا : لنا هذي المَرابعُ ، والمغاني !
ألأنّ أرضي .. لم يعد للص فيها من مكان !
أشدد يديكَ على السلاحِ ، أحسّ عزمَكَ في جَنَاني
يتعرفُ "القرصان" حَقّكَ حين يلمع في السنانِ
قدَرٌ تحرُّرنا ، ودعهم يوقفوا سَيْرَ الزمان !
وضاح .. حدّثني متى تصفو لنا نعمى الجلاءِ !
أنظلّ نستهدي الجراحَ ، ونقتفي ألقَ الدماء !
ستقول – اعرف ما بصد رك من سعير الكبرياء –
ستقول .. أمتنا بخط النار ، والهَيْ إن تشائيّ
يحلو نشيدُ الحب حيثُ أكون حراً في غنائي
شعبي بخطِّ النار يَقْـ ـتنِص الحياةَ من الفناء
تلك الحقيقةُ كالضحى يجتاحُ مقلةَ كل رائي
وضّاح ، أبصرتُ الطريق ، وقد توَشّحَ بالضياءِ
سأكونُ في الميدانِ قربَكَ ، عند جلجلةِ النداء
هذي الرفيقة في السلاح ، وتلكَ معركةُ البقاءِ

أهلا.. بعبد الناصر

أهلاً .. بعبد الناصرِ أهلاً .. بحلم الشاعرِ
أهلاً .. بماضينا العظيم ، يُطلّ بسمةَ ثائرِ
ويجسِّد الحلم الكبير ، على شفاه الحاضر
أهلاً .. بزمجرة النسور كواسراً ، بكواسر
أهلاً .. بأغنية الصبايا ، في الكفاح الظافر
أهلاً .. صغاري يرقصون على جناحَيْ طائر
ويقبِّلونك .. فاتحين قلوبهم .. للزائرِ
أهلاًَ .. دموعي في السطور قصيدتي ، وخواطري
أهلاً .. مدينتيَ الكبيرةُ زغرداتُ بشائرِ
وحناجرٌ .. هَدرت لتَغرقَ في هديرِ حناجرِ
أنا ضائع بين الجموع ، تموجُ نارَ مَشاعرِ
الدرب .. غطاه الصغار ، كوشي روضٍ ناضرِ
والأرض تزخر بالحشود ، كأنّ رُقيْةَ ساحر
عقدت لسانَهمُ على اسم جمال عبد الناصرِ !
أهلاً .. مدينتيّ الطّروب جنونُ حب غامرِ
زحفت على النبأ الحبيب.. مع الغمام الهادرِ
سَيْلان هدّاران .. جُنّا في الصباح الباكر
سيلان .. من شعب يموج ، ومن سحابٍ ماطرِ
زحفت مدينتيَ الطروب مع الغمام الهادر
زحفت بأجمعها .. تريد عناق عبد الناصرِ !
يا مارد العرب الحبيبِ ، أأنت؟ أم حلمٌ أطلا !
جُمعت على الشفة الخواطرُ كلها: أهلا وسهلا !
ألعرس .. عرس المجد ، لم تر أمتي أشهى ، وأحلى
عبثاً .. أفتش عن خيالٍ ، حسبيَ العبراتُ تمْلي
حسبي هتاف : يا جمال ! ترده الآلاف جّذلى
حسبي دويّ الشعب : أهلاً قائد الأحرار أهلا !
أنا من عرينك في الشمال ، تمرُّ بي الأعراسُ عجلى
من قلعة الأبطال ، من حلبٍ ، أعُلّ البِشْرَ عَلا
هي بانتظارك يا جمال ، لتستحيلَ الأرض فُلا
وبنفسجاً ، وزنابقاً عربيةً ، وندىً وظلا
ومواكباً كالرعد ، تهزج للرئيس ، وقد أطلا
النافضِ الأجيال عن أعناقِنا رهَقاً وذلاً
الصانع التاريخ مَلْحَمةً بساح المجد تُتْلى
الشعب ظامٍ يا جمال ، فَبُلّ نار الشوق بُلا !
ألقلعة الشمّاء يقتلها الحنين إليكَ قتلا
وحسامُ سيف الدولة الجبار مَلّ الغمد مَلا
إني لألمح نصله في القبضة السمراء سُلا
أهلا .. فتى العرب الحبيب ، وحلمَهم .. أهلا وسهلا !

نجوى

عذراء.. هذي أنت فوق قصيدتي .. جارٌ ، وجارَهْ !
هذا محياك الجميل ... عليك من روحي أماره !
هذا جنون الأمس في "النقاد" .. أغنية مُثارَه !
حملتكِ أجنحةُ الجريدة فوق أبياتي شراره
سبع من السنوات .. تنفضها على عيني إشاره
هي من حياتَيْنا اللهيبُ ، ومن شبابَيْنا العُصاره
سبع من السنوات.. تنفضها على عيني إشاره
هي من حياتَيْنا اللهيبُ ، ومن شبابَيْنا العُصاره
سبع من السنوات .. تفصل بيننا .. يا للمَراره !!
ها أنت .. يا عذراء أمسي .. لا أريد - هنا - اذّكاره
ها أنت .. لا ، لا ، لن أعكر للضحى الحلو افترارَهْ
تحيّيْن .. فوق قصيدتي ذكرى ، وأغنيةً مُثاره
لكِ من بياني - أحسنَ "النقادُ" موقعك - الصداره
خلقتكِ ريشةُ شاعر سكران فجراً من نضاره !
وجهاً .. أرقّ من الخيال البِكْر أشرَقَ في عباره !
ثغراً .. أحبّ من النعيم ، ومن سلافته المُدَاره !
عينان .. بين السحر - لم تبرح - وبينهما سفَاره !
شفتان .. تختصران تا _ ريخ السعادة في افتراره
خلقتكِ ريشةُ شاعر سكران .. دفقاً من نضاره
ورمتكِ في ثغر الزمان على المدى .. أرَجَ استعاره


بين الجدران

ها أنتِ .. لو تدرين أين الآن شاعركِ المجيدُ ؟!
من أين يُرسل همسَهُ شعراً ، ليحضنَه الخلودُ !
من أين يخترق الظلام مزغرداً .. هذا النشيدُ !
تُصغي له الجُدُر الثخانُ بجانبيَّ .. وتستزيدُ
ويكاد ينشده معي السجّان ، والبابُ الحديدُ !
ها أنتِ .. فوق قصيدتي ، وأنا ، وأنت هنا قصيدُ
صمتُ "النظّارة" ، والرطوبةُ ، والدُنى حولي همودُ
والليلُ .. كالشبَح المسمّر ، ليس ينقُصُ ، أو يزيدُ
وخيال شاعركِ القديم جوانحٌ - أبداً - ترودُ !
خفاقةٌ .. ودّت - لتهدأ - لو يكون لها حدودُ
مجنونةُ النّزوَات .. تُسكرها المهاوي .. والنجودُ
والسهلُ ، والقِمم المخيفةُ والتردّي ، والصعودُ
مجنونةُ النّزوات .. أجهلُ مثلَ غيري .. ما تريدُ
تنهدّ أبياتاً بواقيَ ، حينَ تصدمها القيودُ
وتصكّها الجُدُر الثخانُ .. فلا تموت ، ولا تبيدُ

وحشة!..

ها أنتِ تبتسمين يا عذراء أمسي .. في مراحِ !
وأنا ، وشعري في الجريدة ، ساهران إلى الصباحِ
ألوحشة السوداء .. لستُ إخالها سمعت صُدَاحي !
ألوحشة السوداء .. ورة أمتي .. عبر الكفاحِ
هي في زوايا الأرض أشلاء تمزّق ، أو أضاحي
هي في "النظارة" ألفٌ أغنيةٍ .. تَعَثّرُ بالجراح !
ليست حياتي غير بيتٍ من ملاحمها الفصاحِ !
ليست أغانيّ السماح .. سوى أمانيها السماحِ
ها أنتِ تبتسمين .. في خجل الزنابق والأقاحي !
أرأيتِ "مقبرتي" الصغيرة شُدّ داخلها جناحي ؟!
ثقبت "نويفذةٌ" بأعلا ها .. "لنَرْفزة* الرياحِ
وتشاجرت قطع الحديد بها .. كأسنان الرماحِ
جدرانها .. ستٌ من الأشبار .. أشباري الصحاحِ
زَخَرت بأسماء .. هنا وهناكَ .. في كل النواحي
قِصص الذين "تشرفوا" قبلي .. يسوقهمُ "جُناحي"
لو تنطق الجدران .. أيّ "مجلّدٍ" هي للكفاحِ !!

للمأساة آخر

من أين نحن ؟ تلعثمت بحروفها شفتا صغيري
وتعلّقت عينان وادعتان بالصمت المرير
تستنطقان شروديَ القتّال عن سرٍّ كبيرِ
من أين نحن؟ وغام في عينيّ جرحٌ كالسعير
وضممتُ طفلي ، والسؤال ، وبسمةً عصرت شعوري
كفّنْتُ خلف بريقها عشرين مفجعةَ السطور
عشرين من عُمُر القتيل ، بلى ، ومن دامي المصير
من أين ؟ قصة ثورةٍ طاشت على ثغرٍ غريرِ
أتريدها ؟ مأساة تر بتكٍ الشهيدة يا صغيري !
...

مَنْ أشعلَ الصدر البريءَ ، وهزّ في دمك السؤالا !
أتريد قصتك الخضيبة ، لا رُوَاءَ ولا خيالا ؟
في كل عامٍ وقفةٌ نتحسس الذكرى ظلالا
نتفقد الجرح الدفين ، ونستقي منه النضالا
لا ترهقِ الصدر البريء ، وخلِّها غصصاً طوالا
مزقاً مفجَّعةً على نَبَرات قافيةٍ تَوالى
من أين نحن ؟ أأستعيرُ البسمةَ الثكلى مقالا !
وأجيبُ تمتمةَ الصغير ، وأنفض الجمر اشتعالا !
سيظل جرحى في الشمال ، يصوغ في لهَبي الشمالا
...

إنّا من البلد القتيل ، من الجراح ، من الرعودِ
من صخرةٍ عثر الشهيدُ وراءها بدم الشهيد
من ربوةٍ خضراءَ رَقْـ ـرقتِ الألوهةَ في نشيدِ
من ضلْع شلالٍ يقصّ على الدنى قصص الخلودِ
من ألف ساقيةٍ توشوشُ وهي سكرى في قصيدي
إنا ترابٌ يا صغيري ظامئ خلف الحدودِ
داري هناكَ وخيمتي تتمردان على السجودِ
عربيتان أكاد أنشَقُ فيهما عبقَ الصمودِ
موّارتان بأغنيات البعث ، والفجر الوليد
...

إنا خيوطُ الدفقةِ الأولى إذا شمَخ النهارُ
وانداح في أرض العرو بة عاصفٌ ، وزها انتصار
من ضفة العاصي ، من الشلال غيّضَه الدمارُ
من "دفنةٍ" وهضابُها صمتٌ وشوق ، وانتظارُ
من شاطئٍ أمواجه مُضَرٌ وصخرتُهُ نزار
ولدت رؤى الوطن الكبير ، وأرضعَ الحُلُمَ الصغارُ
من أين ؟ لا تسأل أباك ، طريقنا شوكٌ ونارُ
تدري غداً ، لم ينته الشوط المرير ولا السفار
عند المحيط ، على الخليج ، يقرّ للركب القرارُ
...

تدري غداً يا معن كيف تمزّقت هذي البلادُ !
كيف استبحُ مهادكَ العربي ، واغتصب المهاد
كيف ارتمى عَلَم العروبة* كي يجلّله الحدادُ
كم لفّه جسدٌ بخلجته وفدّاهُ سوادُ
وتناثرت مزَقُ الرصاص وشق زحمتها عناد
وحنا الشهيد عليه ، وانتصر "الذئاب" كما أرادوا
واستلم البلد القتيلُ ، ولملم الجرحَ الجهاد
ومشى على نعش "اللواء" عصابةٌ حكموا وسادوا
تدري غداً ، كم "ناضلَ" الأجراءُ في وطني و "ذادوا"!
...

قدري ، ويعرف جيلُكَ الوضّاء أي دجىً رهيبِ !
نُحرت بعتمته الضحيةُ فهي شدْوٌ في النيوب
والثائرون براعم ، زُغْبٌ تتيه على الدوربِ
يا للجريمة في الشمالِ ، وللفجيعة في الجنوبِ !
لم ننطفئْ .. يا معن .. شعلةُ أمتي فوق الخطوبِ
لم ننطفئ .. كذبَ الغروبُ ، ومن يَعَضّ على الغروب
إسمعْ هديرَ العائدين يهزُّ أضلاعَ الغيوب
ويفجّر التاريخ ملحمةً ، ودفْقَ سناً وطيبِ
عدنا.. لنمحوَ من حياةِ الشمس كارثة المغيبِ
...

إسمَعْ على قمم الكفاحِ ، يهزُّها نجداً فنجدا
صوتٌ كعطشان اللهيبِ على الهشيم انداح وقدا
تحنو الملايين العطاشَ ، فترتوي بأساً ومجداً
ويُحيلها لندائه قلباً وحنجرةً وزندا
عملاقُكَ العربي .. آمنّا بماردنا المفدّى
بالأسمر الحادي .. وودّ الصبحُ قافلةً لِتُحْدى
بمجسّدِ التاريخ أغنيةً ، بشعبٍ ذاب فردا
إنا لهَاتُكَ يا جمال ، فأترعِ الصحراء رعدا
واهدم بنا سدّاً على رأس الطغاةِ ومُدّ سدا
عند المحيط ، على الخليج ، تَقَرّ صيحتنا وتهدا
...

إنّا يمينكَ في اللواءِ ، وفي عُمَانَ ، وفي الجزائرْ
في كل مَيْدانٍ تنفّسَ فيه ثائرةٌ وثائرْ
في كل رابيةٍ تُكَحّلُ بالغَد العطرِ المحاجرْ
تُغْفي الرمال على رؤاكَ ، وتستفيق على البشائرْ
وتعيش في دمنا .. وخلّ الليل يبتدعُ الستائرْ
دنيا العروبة محْجُرٌ بك شدَّه قدرٌ ، وناظرْ
بغداد قلعتُنا .. وطيفٌ موكبُ الهجناءِ عابرْ
والأطلسيّ قصيدةٌ عربية بلَهَاةِ شاعرْ
من أين ؟ رُدّ على صغيري ، فالسؤالُ الحلو قاهرْ
ألموعد الجبار وحدتُنا ، وللمأساةِ آخرْ !

في جزيرة السندباد

دُنْيا تَتنفّسُ عن عَبَقِ
عن صَمْتِ يصدَحُ، عن ألقِ
لا تَقطَعْ أُغنيةَ الجِسْرِ
وَلْتَنْسَ رُؤاك
أُتركْ للغَيمةِ ... للنَّهْرِ
أُتْرُكْ لإلهاتِ الشِعرِ
وتَرَ القيثارْ
دَعْهُنَّ ، وما يحلو للشطِّ وما يختارْ
يُنشِدْنَ، يُهَيِّئنَ الاكوابْ
وَادْعُ الأصحابْ
أُدْعُ الأصحابْ!
لِلخَمرِ اليومُ ...
تقولُ الليلُ،
ولِلسُّكْرِ
***
الشطُ الحالمُ أسطورَةْ
الشطُ قصائدُ مَسحُورَة
ما زَالت في شَفةِ الزمَنِ
التخلةُ ميلادُ الزمَنِ
من هذا الغابْ
والأرضُ يَبابْ
منْ هذا الغابِ السابحِ في صدرِ
الأُفقِ
والماءُ حكاياتُ العِطْرِ المسفوح،
حكاياتُ الألق
من تُرْبَتِنا بَدأ الفجْرُ
وتَنَفّسَ في الأرضِ الشعرُ
مِنّا ولِدا
ناراً ونَدَى
الشطُ مَرايا الأبديّةْ
والنخلُ ضفائرُ جنيّةْ
هَرَبتْ من قَلْبِ الصحراءِ
وانداحَ ربيعٌ في الماءِ
الشطُّ سَوَاقٍ من نورِ
تتغلغلُ .. لا أدري أينا؟
تتلاقَى.. لا يدري أحدٌ
لا يَعْرِفُ جِنّيٌّ أينا؟
ما لِلْمَجهولِ الحُلْوِ .. ولي؟
سأضيعُ على زَنْدِ الأَزَلِ
وكمخمورِ..
بنشيدٍ مجنونِ النبرة
ألقيتُ على هُدْبِ البَصرة
ألقيتُ رَحيلي وعَذَابي..
يا ليلُ.. عَطاشَى أكوابي
يا ليلُ! وَيغْمُرني الألَقُ
وينامُ بعَيْنَيَّ الأُفُقُ.

وأغرف في يديّ الرمل

وتَشْرُدُ بي خُطَايَ على بِساطٍ من أساطيرِ
وأَغْرِفُ في يَدَيَّ الرمْلَ.. مَنظومي ومنثوري
وأذروهُ مع الريحِ
واسأَلُ عن مصابيحي
أَضاءَتْ ذاتَ يومٍ هذهِ الصحراءْ
ومَرَّتْ من هُنَا..
مِنْ وَهْجِ هذي التُّرْبةِ العذراءْ
وأسمَعُ في السكونِ المُرِّ وَقْعَ حوافرِ الخيلِ
تدُقُّ الليلَ، تُؤْنِسُ بالبطولةِ غُرْبةَ الليل
أَتنطَفِئُ القناديلُ التي حَمَلتْ سَنَا الأَزَلِ؟
سؤالٌ مُحْرِقٌ أطْعمْتُهُ عُمْرِي بلا مَلَلِ
سُؤَالٌ مُحْرِقٌ كالجمرْ
له غنّيتُ، قلتُ الشعرْ
له، لو عشْتُ ألفاً مثلَ هذا العمرْ،
له، لجوابهِ المُضْنِي
أقاتلُ، أضربُ الصحراءَ من رُكْنٍ إلى رُكْنِ
وأحمِلُ غُصَّتي بدمي، وأنتظرُ
ويَسحَقُ جفنيَ السَّهَرُ
وقافلتي وراءَ الليلْ
مُمَزَّقةٌ وَراءَ الليلْ
تُناديني.. ويَنْتَحِبُ الصّدى،
يَبْكي وراءَ الليلْ
خُذِي يا ريحُ هذا الرَّمْلَ، سِرُّ المُعجزاتِ هُنا
خُذيهِ.. يَضْحَكُ الأحياءُ حين أُمَجِّدُ الكَفَنا
خُذي يا ريحُ .. لستُ الآنْ
سوى مُتَشرّدٍ عطشانْ
يجوبُ قبورَنا المتَسكعاتِ على شَفَا الزَّمنِ
يَدُقُّ بقيضتَيْهِ البابْ
ويُنْذِرُ ، يُنْذِرُ الأنصابْ
ويَهْدِمُهُنَّ،
يَهْدِمُهُنَّ.. ثًمَّ يعودُ لَمْعَ سَرابْ
وتَزْحَمُني الحقيقةُ: نحنُ مُنْطَفِئونَ يا وَطني!
*
متَى، يا غُرْبَتي في أَرضِ أَجدادي؟
متى، يا بَدْءَ مِيلادي؟
تَبيعُ، يا هذهِ البَيداءْ
تَبيعُ نُضارهَا وتموتُ جائعة، تموتُ عَيَاءْ
متى يَتحرَّكُ القَدَرُ؟
مَتى يتَفجَّرُ اليَنْبوعُ فيكِ، ويَنْتهِي السَّفرُ؟

عودة شهرزاد

شهرزاد
"تظهر فجأة أمام الشاعر وهي تضحك"
كان الحديثُ مُضيئاً..
كنتُ أسمعُهُ..
الشاعر: وأينَ كنتِ؟
شهرزاد: على أرجوعةِ القصبِ
تموّجتْ في شِعابِ النّخْلِ أُغنيةٌ
فغِبْتُ فيها..
الشاعر: خُذيني..
شهرزاد: "في جد":
لستَ للهرب
مسمّرٌ أنتَ في الصحراء، متّحِد
بالأرضِ، ممتزجٌ بالكأسِ والعِنَبِ
بالحزنِ يحمل تاريخاً برُمّتهِ
في منكبيهِ.. وحلماً في جفونِ نبي
مُعَذّبٌ أنتَ..
مصلوبٌ على حُلُمٍ
...
الشاعر: أنا الذي اخترتُ..
شهرزاد: واصِلْ رحلةَ السَّغَبِ*
لا تنشدِ الظلّ، لا تحلمْ بِزَنبقةٍ
على الطريقِ..
تَشرّدْ وحدكَ.. اغتربِ!
إقبضْ على الريحِ واسقِ الظامئينَ بها
وأطعمِ الجوعَ والجوعى دم الحِقَبِ
دمَ الظلامِ عميقَ الموتِ تَجلدهُ
ولا حراكَ..
تمزّقْ وحدكَ!
اغتربِ!
لا.. لستَ للهربِ
لا.. لستَ يا شاعِرَ الأصفادِ للهربِ
..
الشاعر: "في شبه توسل"
ياروعة الليل، يا أسرار فتنتهِ
ويا أساطيرهُ النشوى ورياه
على جمالِكِ فتّحنا محاجرنا
ومن حكاياتكِ السُّمْرِ ارتشفناهُ
كبِرتُ يا حُلوةَ العينينِ في رَهَقي
كَبِرتُ في حملِ تابوتي وموتاهُ
في صدركِ الحبُّ مِلءُ الليلِ نِعمَتُهُ
وفي ذراعيكِ يَنْسَى الشعرُ بلواهُ
أقاتِلُ الدربَ كي تَخْضَرّ نرجِسةٌ
على جناحيكِ.. يا أحلى عطاياهُ
أليس للمُجْهَدِ المكدودِ زاويةٌ
على بساطكِ.. والدنيا زواياهُ؟
أنت التي نسجتْ لليلِ أجنحةٌ
وأعطتِ الجسدَ الجوعانَ معناهُ
وبَرْعَمَ الشعرُ في نهدَيْكِ أُغنيةً
يقالُ: عَتَّقَها في عُودِهِ الله
وتُشرقينَ على صحْرائِه غزلاً
حلواً فتغرقُ في عينيكِ صحراهُ
خُذي حِوَاري..
خُذي صَمْتي..
خُذي سَفَري..
شهرزاد: "تأخذ بيده مرة أخرى"
هيهاتَ!
هَيّا.. نُتَمِّمْ ما بَدَأْناهُ!

إلى قمريّة الشط

يا جارةَ النَّخْلِ، يا قيثارةَ الأَزَلِ
هاتي نَشيدَكٍ من عِطْرٍ ومن غَزَلِ
هاتي نشيدَكِ مِلءَ الفجرِ غمغمةً
وأَيقِظي الشاطئَ المخمورَ بالقبلِ
بالضوءِ يَرقُصُ عُرْياناً على أَبَدٍ
منَ النخيلِ غريبٍ، ساحرٍ، خَضِلِ
أَمْلي على شَفتي لحناً، على قَلَمي
قصيدةً من بَناتِ الشطِ لم تُقَلِ
لم تجرِ في وَتَرٍ، لم تَسْرِ في عَصَبٍ
لم يُسٌَها الليلُ في أكوابهِ الأُولِ
يا جارةَ النَخّلِ، خيطُ الغجرِ يَسْرِقُني
من سَكْرَتي، وبقايا الحُلْمِ في المُقَلِ
رُدّي إليّ رُؤايَ الخُضْرَ.. لا تَدَعي
يَدَ النهارِ تَرُوعُ الليلَ، لا تَسلي!
الخيمةُ البِكْرُ، هذا الصمتُ، رائعةٌ
قصيدةُ اللهِ.. هذا الصمتُ يَهتِفُ لي
مُدّي عليّ غِطاءَ السحرِ.. واتّكئي
في خاطري نشوةً تنداحُ كالأملِ
كغَابةٍ خلفَ غاباتٍ، يَضِلُّ بها
شِعْري، يَتيهُ على لألائِها الثّمِلِ
هَدَّ الرحيلُ شبابي، فاتركي ظَمَئي
فوق الجزيرة أسقيهِ على مَهَلِ
أنامُ بضعَ هُنَيْهَاتٍ، أغِيبُ على
مشارِفِ الجنةِ العَذراء عن مَلَلي
أغيبُ عن صَحْوتي، والدربُ يَسْحَقُني
دَرْبُ التحدّي سَلَكْناهُ، ولم نَزَلِ
الشطُّ أمسِ تلقّاني.. وَهيّأ لي
ما لا يُقالُ، صديقي الشطُّ هَيّأ لي
لا تُوقِظيني.. سأنسَى لحظةً سَهَري
أقولُ للحُزْنِ: عَنْ أجفانيَ ارْتَحِلِ؟
السندبادُ شِرَاعٌ يَسترِيحُ على
وِسَادتي، ويَلُمُّ البَحْرَ في كَسَلِ

نشيد للدولة العربية



منَ المحيطْ إلى الخليجْ
من المحيطِ الهادرِ
إلى الخليجِ الثائرِ
لبيكَ .. عبد الناصر

تفَجّري يا أرضُ باللّهَبْ
وأشرقي يا دولة العرب !
مواكباً مواكباً نسير كالرعودُ
للشعب، للقوافل السمر ، لنا الخلودُ
إلى الجحيم هذه الأسوارُ والحدود

يا وطني الكبيرْ ..
هل تسمعُ النفير ؟

من المحيط الهادرِ
إلى الخليجِ الثائرِ
راياتُ عبد الناصرِ

تمَوّجي يا أرضُ باللّهَبْ
وأشرقي يا وحدةَ العرّب

عُدنا إلى التاريخ عدنا .. ضمّنا لواءْ ..
نفديه – إنْ عَزّ الفدَا – نحميه بالدماءْ
لنا السماءُ والثرى ، والماءُ والفضاءْ

والموكب الأخضرْ
والفارس الأسمَرْ

من المحيطِ الهادرِ
إلى الخليج الثائرِ
لبيّك .. عبد الناصر

تفجّري يا أرضُ باللهبْ
وأشرقي يا دولة العرَبْ !

إلى تخوم الوحدة الكبرى ، إلى الغدِ
لبّيكِ كل بقعةِ من وطني المهدّدِ
لبيك .. أقوى من طغاةِ الأرض
زندي ويدي ..

الأرض للأحرارْ
والنصر للثوارْ

من المحيط الهادرِ
إلى الخليج الثائرِ
رايات عبد الناصرِ

تدفّقي يا أرض باللّهبْ
وأشرقي يا أمةَ العربْ


أتيتكَ يوماً

أتيتُكَ.. يا مَرْفأ الخالدين..
أتَذْكُرني جيداً يا عِراقْ؟
أتيتكَ أُنشودةً في الغُبارِ
أشُدُّ على الجوع حُلْمَ البُرَاقْ
صَغيراً صغيراً طويتُ الطريقَ
إليكَ.. إلى مَرْفَأِ الخالدينْ
على كَتِفي كلُّ تاريخِنا
وثورةِ أطفالهِ الضائعينْ
أتيتُكَ يوماً دَماً يَقْطُرُ
ومَهْداً بلا ألمٍ يُبْتَرُ*
شريداً شريداً وداري هنا
وداري هناكْ..
وتَتْرُكُني غُرْبَتي مُثْخَنا
ويخضّرُّ في لَهْفَةٍ ساعداكْ
اتيتُك يوماً رُؤَى شاعرِ
يفتِّشُ عن مَطَرٍ ثائرِ
ومن أرضِنا يَتقَرَّى المَطَرْ
ويبدأُ منها، ويُنْهي السفرْ
والقيتُ في المَرْفأِ الخالدِ
على عَتَماتِ الغدِ الواعدِ
طُفولةَ أُغنيةٍ في الضبابْ
تُبشِّرُ بالبَعْثِ هذا التُّرابْ
تقولُ لكلّ القبُورِ الصِّفاقْ:
سَنَنْفُضُ أكفانَنا يا عِراقْ!
سيَخْضَرُّ يَخضَرُّ هذا اليَبابْ
سنَسْقِي الجُذّورَ جنونَ الشبابْ
أَتذْكُرني نخلْةُ "العاليةْ"*؟
لها كنتُ يوماً، وكانَتْ ليَهْ
تُخبِّئُ للسنديادِ الصغيرْ
شِراعَ الرحيلِ الكبيرِ الكبيرْ
وبينَ حَدِيثِ الصَّبايا
عن الحُبِ والشعرِ كانت خُطايا
تَجُسُّ الطريقَ لميلادِ أمَّةْ
لصحوَةِ أمَّةْ
لِثورةِ أمَّةْ
وأَعْرِفُ أنَّ عِراقي المُكبَّلَ
يَحْمِلُ هَمّي، وأحمِلُ هَمَّهْ
*
أتيتُكَ.. دَعْني من الذكرياتِ،
فقد كَبِرَ الجُرحُ والخَنْجَرُ
يُقالُ: لقد سَبقَتْنا الدروبُ
فَصَيحتُنا خَبَرٌ يُؤْثَرُ
يُقالُ: سُدىً تَلْعَقُون السرابَ
فلن تَرِدُوا، لا، ولن تَصْدُروا
يُقالُ: حديثُ المخاضِ العظيمِ
خَيالٌ بأجفانِكم يُنْحَرُ
يُقالُ.. سأعْصِرُ مما يُقَالُ
بَريقي.. وأمضي
أُُعمِّدُ أرضي
بميلادِ أُمّةْ
بوَحدةِ أُمّةْ
وبينَ حديثِ الصَّبايا
عن الحُبِ والشعرِ أُزْجِي خُطايا
واكتُبُ اكتبُ للمُتْعَبينْ
وأُطْعِمُ عينيَّ للقادمينْ
لأطفالنا.. للعيونِ الجميلةْ
تُفَتِّشُ عن واحةٍ مُستحيلةْ
إذَا لم نجِدْ كُلَّ واحاتِنا
وكُلَّ أحبَّائِنا الضائعينْ

*
يُقالُ.. سأعْصِرُ مما يُقَالُ
بريقي.. وأمضي
حريقاً بأرضي
أجلْ.. كَبِرَ الجُرْحُ والخَنْجرُ
وإني بوَهْجِهما أَكْبَرُ

.................

سليمان العيسى في مكتبتنا عمون:

1.الأعمال الشعرية الكاملة -الجزء الأول

تحميــــــــــــل

2.الأعمال الشعرية الكاملة-الجزء الثاني

تحميـــــــــــل

3.الأعمال الشعرية الكاملة-الجزء الثالث

تحميـــــــــل

4.الأعمال الشعرية الكاملة-الجزء الرابع

تحميــــــــل

5.أراجيح تغني للأطفال

تحميــــــــل

6.ديوان الأطفال

تحميــــــــل

7.على طريق العمر - سيرة ذاتية

تحميـــــــل


اعداد :
عبير محمد / مصر
هبه الشايب / الاردن
سلطان الزيادنة / الاردن
زياد السعودي / الاردن






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط