قراءة جهاد بدران على ومضة/ أزهار الكف/ أ.عباس باني المالكي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-10-2018, 07:29 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي قراءة جهاد بدران على ومضة/ أزهار الكف/ أ.عباس باني المالكي

(أزهار الكف)........... أ.عباس باني المالكي

قالوا : كيف تعود إلى ربيعك
وهي على وشك الخريف
قلت : تعالوا شاهدوا كيف تجتمع الفراشات
على أزهار كفي حين أحضنها .
...............................

ما أجمل وما أعمق هذا الحرف الذي يوجّه بوصلة الفكر نحو قبلة المجتمعات الحاضنة للفرد..وعملية التوجيه للفرد نحو مجتمعه ونحو نفسه ليتكامل الربيع واخضراره بشتى المناحي الحياتية لتحويل الفرد من خريف لربيع مزهر وبالعكس مع تحويل المجتمع لربيع يخدم الفرد..نحو ربيع الحياة بكل أنواعها..
أزهار الكف..
عنوان ملفت للنظر جذاب جدااا..عميق الدلالة مشحون بالقيم والمعاملات مع الذات وبين أبناء المجتمع..
عنوان تفتحت معه زهور الروح والفكر مما نسج تأويلات عدة ذات أبعاد مختلفة شرّحت الخيال وأزهرت الحروف بنبض الفكر الواعي الناضج..
العنوان منسوج بدقة من كلمتين.. ويحمل للذات أملاً تتفتح معه الروح وسط العتمة..
أزهار...لها دلالات مورقة مريحة للنفس تبث الجمال للروح وتتفتح معها الذهن فرحاً وأملاً يعيد للروح انبعاثها..
فالأزهار من أسرار الجمال في هذا الكون..تريح الأعصاب و
وتدل على ربيع الروح لتزهر العمل في النفس والبيئة المحيطة..
وهي تمنح حرية الإنسجام والتنقل مع البيئة التي يعيشها الفرد..
عدا عن أن الأزهار توحي للذوق الرفيع وخصوبة العيش والرقة والحفاظ على جمال الروح والكون..
أما بالنسبة للكف..فله دلالات تسقط على واقع الحقيقة إذ يمنح العطاء والجود والكرم..ويقع أيضاً في طرق المجاهدة المختلفة فذ سبيل الأرض التي يعيش عليها الفرد أو وطن الذات التي نبدأ منها المجاهدة لنحقق جمال كل شيء بعد تقويمها واستقامتها...
للكف دلالة الدفاع عن الروح النفس والوطن ..
للكف دلالة العطاء والصدقة والبذل تسخيراً لرضا الذات بعد الله ثم المجتمع ..
للكف قيمة عظيمة في الجهاد في سبيل الله على اختلاف أنواعه..
وللكف دلالات لا تقف عند هذا الحد..
أما وأن تجتمع الأزهار مع الكف..هنا يكتمل الجمال وتصبح اللوحة ساحرة عميقة التأويل لها أبعاداً نفسية فلسفية وإجتماعية وعلى صعيد الأمة التي ننتمي إليها..
لذلك سنرى مدلولات هذه الأزهار التي لا تزهر إلا الجمال والسحر والرقة حين تجتمع مع الكف..
يبدأ الشاعر ومضته الجمالية بقوله:

( قالوا : كيف تعود إلى ربيعك)

(قالوا).. هي تدل على وجود جماعة..والجماعة من المجتمع ..من البيئة ..وهم أكثر من شخص واحد..وتدل على حوار بين مجموعة لا بأس بها أخذنا الشاعر لها لنكون ضمن المجتمع لا ضمن الفرد الواحد..وبهذا تصريح شامل لعلاقة المجتمع بالفرد من خلال عملية الحوار بين الشاعر والمجموعة..
نتطرق لمفاهيم المجموعة حين تقع في استفهام الشاعر عن ربيعه..وهذا السؤال للعودة للربيع الذاتي ..يستحق التأمل والتدبر بين ردود الفعل الناتجة من الفرد للمجموعة..
وفي عملية استجواب الشاعر عن أجمل أيام السنة الربيع الذي يعيد للكون جماله..وللروح انبعاثها وتحويلها من حالة الحزن لحالة الفرح والبهجة..
السؤال المطروح.. (قالوا : كيف تعود إلى ربيعك).. ليس مفهومه عابرا سطحياً..بل له أبعاد وتخطيط ورسم منظومة حياتية على صعيد فردي أو صعيد عالمي..
كيف لنا أن نحوّل حياتنا لربيع بكل المفاهيم..
ليس من السهل الإجابة على حجم هذا السؤال..لأن الربيع العام للنفس ووللمجتمع وللأمة لا يعود بسهولة بل نجتاز الصعاب والمجاهدة والتعب للحصول على نفحات الربيع المزهرة والتي تبدأ بالكف الذي هو محور التغيير بعد النية عن الإقلاع عن خريف النفس والحياة..هي فلسفة عميقة يخوضها الشاعر ما بين الروح والمجتمع لتزهر في النهاية ربيعاً ذو رائحة تجذب المحيطين وتغيّر معها الواقع..
( كيف تعود لربيعك)..عملية توجيه الجماعة بالسؤال للفرد هي عملية توحي لنا أن عملية التغيير وتحقيق الذات وبناء النفس ثم المجتمع إنما تبدأ من الفرد الذي هو يقوم بتكوين الجماعة..وهذه تحتاج سلوكيات ومنهاج حياة له أسسه وركائزه وبناءه ليتم استخلاص الربيع من بين براثن الخريف والذبول..
فالخريف لا يمنح الإرادة للذات ولا يكتسب منه المرء الأمل بقوة..إلا إذا تحولت الروح ربيعية الإحساس والفكر ينبت بالجمال والنقاء والضمير الحي..
والعودة لربيع الروح يحتاج لتعزيزات إيجابية لحدوث إستجابة فيها حيوية وطاقة لتنتهي بالأمل وبناء حياة سليم..من خلال بناء النظرية أولاًثم السير على نهج حياة يزود الفرد بطرق التهذيب وصقل الروح من خلال تلك القوة المكنونة في الأعماق ..حيث يقول الشاعر مكملاً:

( وهي على وشك الخريف)

عودة الربيع وهي على وشك الخريف..لا يعني معنى فصول السنة كنظرة علمية مناخية..لأن الربيع يأتي عادة بعد الخريف..بينما السؤال هنا ..كيف العودة لربيعك وعي على وشك الخريف..دلالة واضحة تعني النفس الذات العميقة التي هي محرك الجسد في تغيير موازينه وقواعده حسب قدرات الفرد وموقعه من النفس من ناحية إيجابية أو سلبية..
تدل على عملية تحويل الفرد من الحزن والقنوط والألم لحياة تفاؤل ونشاط وإرادة...فخريف الذات والروح أسوأ وقعاً للتخبط والموت من ربيع الذات وهي تصنع الجمال في النفس وفي البيئة التي تحيط الفرد...ما نحتاجه هو عملية تحويل خريف الذات لربيع المحبة والسلام مع الروح وتخليصها من علق البغض والكراهية والفساد والعتمة...
سؤال وجّهه الجماعة للفرد:
(قالوا : كيف تعود إلى ربيعك
وهي على وشك الخريف)..
يحمل في طياته العبر والحكم ..يدل على هذا الفكر العميق الواعي الذي يطرح موضوعاً فيه الكثير من التأمل والتدبر..
فقد استخدم الشاعر ضمير المؤنث المنفصل ( هي) للربيع..وهذا دليل يأخذنا الضمير (هي) للذات وللروح التي ترمز للربيع..
ليكون الجواب من الشاعر:

(قلت : تعالوا شاهدوا كيف تجتمع الفراشات
على أزهار كفي حين أحضنها.)

هنا جواب عملاق يدل على فكر متفرد له أبعاده ودلالاته المعبرة المكتسية بالحكمة والحجة الكبيرة في تحقيق حصول الربيع من خلال الشواهد في الفراشات وعملية احتضان الأزهار التي تشير للتربية والإعتناء بجمال الروح والحياة سلوكيات محببة ..
يقول الشاعر للجماعة: ( تعالوا)... وهي فعل أمر بمعنى أقبلوا..هلّموا..ويعني أن معناه تحريك المكان وتغييره للحاق به لمكان آخر حدث فيه ذلك الأمر البالغ الأهمية والذي له شأن غير مألوف لهم..بمعنى يريدهم أن يلحقوا به لمكان المشاهدة التي ترفع من الحدث وقيمته العظيمة..وإلا لما طلب منهم المشاهدة والتي تعني التأمل والتحقق من الشيء لتصويبه وإظهار معالمه الحقيقية التي انبثق منها العجب..وكأنه عمل عملاً عظيماً يريد الغير مشاهدته للتفقه والتعليم والتأكيد على عظمة الإنجاز الذي حققه..
(تعالوا شاهدوا).. فعلان أمران ..فعل لتغيير المكان وفعل لتحقيق الرؤيا والإنجاز لتثبيت صحة القول...لأن المشاهدة أبلغ للصحة من مجرد السماع عن الحدث..فمشاهدة الحدث يختلف عن سماعه..والمشاهدة لتحصل عملية الإطمئنان والتعلم والتقليد كمثلها لتنتشر الفائدة ويعمّ الخير على الجميع...
وأما قوله :

( كيف تجتمع الفراشات)

عملية الكيف تختلف عن الكم..إذ فيها ذهول أكثر وإثبات بالدليل الواضح..وتوضيح الكيفية في الحصول على النتائج المرجوة..
أما وتجتمع الفراشات..فيكون في ظل الأزهار ومن وحي الربيع..وتدل على حصول النمو والإزهار وظواهر الربيع اللواتي هن من ظواهره..والفراشات تجتمع عند الجمال والرائحة العبقة من الزهور وألوانها الجاذبة...
بمعنى أن حسن التدبير في تحقيق الجمال في الذات والبيية يجلب الغير ليشتم رائحته من أثر ما يعمل من طيب ونقاء وجمال
فإن الإنسان حين تكون روحه وذاته طيبة نقية يخرج منها كل عمل صالح فإنها تكون قدوة للآخرين ونبذة عن كل معالم الجمال..ودليل على التعاضد وتهافت القلوب..هكذا تصبح العلاقات وطيدة حين تتخلص النفوس من الأحقاد..بالرعاية والإعتناء بالذات والمحيط للفرد ..لقول الشاعر:

( على أزهار كفي حين أحضنها.)

يجتمع الجمال والأفراد على الدفء والحنان والمحبة والعناية بالذات والإفراد..بالحب يتحقق السلام والحرية وتتخلص النفس من العتمة والسواد...
(أزهار كفي).. تعني الطرق المتلونة المختلفة التي تصدر من العمل لا من القول فقط..والعمل دلالة مأخوذة من الكف ..إسقاطاً على بذل التضحية والعطاء والعمل الصالح...
عملية الإحتضان هي الرعاية الكاملة للفرد عندما تكون من قِبل الكبار القادة للأفراد..احتضانهم ورعايتهم دليل على إنسانيتهم..لكن عندما يمارسون القمع والكسر والتعذيب هذا يؤدي للفساد والعصيان والتمرد ..لذا الاحتضان والرعاية هي من مسؤوليتنا جثيعا في كل شيء حتى يكبر وينمو بشكل سليم...
.
الشاعر الكبير المبدع الناقد الفذ
أ.عباس باني المالكي
لقد أثرت فينا الخيال والفكر في ومضة قصيرة كانت بمثابة لوحة فنية ومدرسة بنائية للأجيال..وقواعد للحفاظ على الفرد...
بوركتم وبورك قلمكم الفذ المتفرد
وفقكم الله ورعاكم حق رعايته

جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/
قديم 24-10-2018, 04:40 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عباس باني المالكي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للإبداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
العراق

الصورة الرمزية عباس باني المالكي

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران على ومضة/ أزهار الكف/ أ.عباس باني المالكي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
(أزهار الكف)........... أ.عباس باني المالكي

قالوا : كيف تعود إلى ربيعك
وهي على وشك الخريف
قلت : تعالوا شاهدوا كيف تجتمع الفراشات
على أزهار كفي حين أحضنها .
...............................
الله الله الله
ما أجمل وما أعمق هذا الحرف الذي يوجّه بوصلة الفكر نحو قبلة المجتمعات الحاضنة للفرد..وعملية التوجيه للفرد نحو مجتمعه ونحو نفسه ليتكامل الربيع واخضراره بشتى المناحي الحياتية لتحويل الفرد من خريف لربيع مزهر وبالعكس مع تحويل المجتمع لربيع يخدم الفرد..نحو ربيع الحياة بكل أنواعها..
أزهار الكف..
عنوان ملفت للنظر جذاب جدااا..عميق الدلالة مشحون بالقيم والمعاملات مع الذات وبين أبناء المجتمع..
عنوان تفتحت معه زهور الروح والفكر مما نسج تأويلات عدة ذات أبعاد مختلفة شرّحت الخيال وأزهرت الحروف بنبض الفكر الواعي الناضج..
العنوان منسوج بدقة من كلمتين.. ويحمل للذات أملاً تتفتح معه الروح وسط العتمة..
أزهار...لها دلالات مورقة مريحة للنفس تبث الجمال للروح وتتفتح معها الذهن فرحاً وأملاً يعيد للروح انبعاثها..
فالأزهار من أسرار الجمال في هذا الكون..تريح الأعصاب و
وتدل على ربيع الروح لتزهر العمل في النفس والبيئة المحيطة..
وهي تمنح حرية الإنسجام والتنقل مع البيئة التي يعيشها الفرد..
عدا عن أن الأزهار توحي للذوق الرفيع وخصوبة العيش والرقة والحفاظ على جمال الروح والكون..
أما بالنسبة للكف..فله دلالات تسقط على واقع الحقيقة إذ يمنح العطاء والجود والكرم..ويقع أيضاً في طرق المجاهدة المختلفة فذ سبيل الأرض التي يعيش عليها الفرد أو وطن الذات التي نبدأ منها المجاهدة لنحقق جمال كل شيء بعد تقويمها واستقامتها...
للكف دلالة الدفاع عن الروح النفس والوطن ..
للكف دلالة العطاء والصدقة والبذل تسخيراً لرضا الذات بعد الله ثم المجتمع ..
للكف قيمة عظيمة في الجهاد في سبيل الله على اختلاف أنواعه..
وللكف دلالات لا تقف عند هذا الحد..
أما وأن تجتمع الأزهار مع الكف..هنا يكتمل الجمال وتصبح اللوحة ساحرة عميقة التأويل لها أبعاداً نفسية فلسفية وإجتماعية وعلى صعيد الأمة التي ننتمي إليها..
لذلك سنرى مدلولات هذه الأزهار التي لا تزهر إلا الجمال والسحر والرقة حين تجتمع مع الكف..
يبدأ الشاعر ومضته الجمالية بقوله:

( قالوا : كيف تعود إلى ربيعك)

(قالوا).. هي تدل على وجود جماعة..والجماعة من المجتمع ..من البيئة ..وهم أكثر من شخص واحد..وتدل على حوار بين مجموعة لا بأس بها أخذنا الشاعر لها لنكون ضمن المجتمع لا ضمن الفرد الواحد..وبهذا تصريح شامل لعلاقة المجتمع بالفرد من خلال عملية الحوار بين الشاعر والمجموعة..
نتطرق لمفاهيم المجموعة حين تقع في استفهام الشاعر عن ربيعه..وهذا السؤال للعودة للربيع الذاتي ..يستحق التأمل والتدبر بين ردود الفعل الناتجة من الفرد للمجموعة..
وفي عملية استجواب الشاعر عن أجمل أيام السنة الربيع الذي يعيد للكون جماله..وللروح انبعاثها وتحويلها من حالة الحزن لحالة الفرح والبهجة..
السؤال المطروح.. (قالوا : كيف تعود إلى ربيعك).. ليس مفهومه عابرا سطحياً..بل له أبعاد وتخطيط ورسم منظومة حياتية على صعيد فردي أو صعيد عالمي..
كيف لنا أن نحوّل حياتنا لربيع بكل المفاهيم..
ليس من السهل الإجابة على حجم هذا السؤال..لأن الربيع العام للنفس ووللمجتمع وللأمة لا يعود بسهولة بل نجتاز الصعاب والمجاهدة والتعب للحصول على نفحات الربيع المزهرة والتي تبدأ بالكف الذي هو محور التغيير بعد النية عن الإقلاع عن خريف النفس والحياة..هي فلسفة عميقة يخوضها الشاعر ما بين الروح والمجتمع لتزهر في النهاية ربيعاً ذو رائحة تجذب المحيطين وتغيّر معها الواقع..
( كيف تعود لربيعك)..عملية توجيه الجماعة بالسؤال للفرد هي عملية توحي لنا أن عملية التغيير وتحقيق الذات وبناء النفس ثم المجتمع إنما تبدأ من الفرد الذي هو يقوم بتكوين الجماعة..وهذه تحتاج سلوكيات ومنهاج حياة له أسسه وركائزه وبناءه ليتم استخلاص الربيع من بين براثن الخريف والذبول..
فالخريف لا يمنح الإرادة للذات ولا يكتسب منه المرء الأمل بقوة..إلا إذا تحولت الروح ربيعية الإحساس والفكر ينبت بالجمال والنقاء والضمير الحي..
والعودة لربيع الروح يحتاج لتعزيزات إيجابية لحدوث إستجابة فيها حيوية وطاقة لتنتهي بالأمل وبناء حياة سليم..من خلال بناء النظرية أولاًثم السير على نهج حياة يزود الفرد بطرق التهذيب وصقل الروح من خلال تلك القوة المكنونة في الأعماق ..حيث يقول الشاعر مكملاً:

( وهي على وشك الخريف)

عودة الربيع وهي على وشك الخريف..لا يعني معنى فصول السنة كنظرة علمية مناخية..لأن الربيع يأتي عادة بعد الخريف..بينما السؤال هنا ..كيف العودة لربيعك وعي على وشك الخريف..دلالة واضحة تعني النفس الذات العميقة التي هي محرك الجسد في تغيير موازينه وقواعده حسب قدرات الفرد وموقعه من النفس من ناحية إيجابية أو سلبية..
تدل على عملية تحويل الفرد من الحزن والقنوط والألم لحياة تفاؤل ونشاط وإرادة...فخريف الذات والروح أسوأ وقعاً للتخبط والموت من ربيع الذات وهي تصنع الجمال في النفس وفي البيئة التي تحيط الفرد...ما نحتاجه هو عملية تحويل خريف الذات لربيع المحبة والسلام مع الروح وتخليصها من علق البغض والكراهية والفساد والعتمة...
سؤال وجّهه الجماعة للفرد:
(قالوا : كيف تعود إلى ربيعك
وهي على وشك الخريف)..
يحمل في طياته العبر والحكم ..يدل على هذا الفكر العميق الواعي الذي يطرح موضوعاً فيه الكثير من التأمل والتدبر..
فقد استخدم الشاعر ضمير المؤنث المنفصل ( هي) للربيع..وهذا دليل يأخذنا الضمير (هي) للذات وللروح التي ترمز للربيع..
ليكون الجواب من الشاعر:

(قلت : تعالوا شاهدوا كيف تجتمع الفراشات
على أزهار كفي حين أحضنها.)

هنا جواب عملاق يدل على فكر متفرد له أبعاده ودلالاته المعبرة المكتسية بالحكمة والحجة الكبيرة في تحقيق حصول الربيع من خلال الشواهد في الفراشات وعملية احتضان الأزهار التي تشير للتربية والإعتناء بجمال الروح والحياة سلوكيات محببة ..
يقول الشاعر للجماعة: ( تعالوا)... وهي فعل أمر بمعنى أقبلوا..هلّموا..ويعني أن معناه تحريك المكان وتغييره للحاق به لمكان آخر حدث فيه ذلك الأمر البالغ الأهمية والذي له شأن غير مألوف لهم..بمعنى يريدهم أن يلحقوا به لمكان المشاهدة التي ترفع من الحدث وقيمته العظيمة..وإلا لما طلب منهم المشاهدة والتي تعني التأمل والتحقق من الشيء لتصويبه وإظهار معالمه الحقيقية التي انبثق منها العجب..وكأنه عمل عملاً عظيماً يريد الغير مشاهدته للتفقه والتعليم والتأكيد على عظمة الإنجاز الذي حققه..
(تعالوا شاهدوا).. فعلان أمران ..فعل لتغيير المكان وفعل لتحقيق الرؤيا والإنجاز لتثبيت صحة القول...لأن المشاهدة أبلغ للصحة من مجرد السماع عن الحدث..فمشاهدة الحدث يختلف عن سماعه..والمشاهدة لتحصل عملية الإطمئنان والتعلم والتقليد كمثلها لتنتشر الفائدة ويعمّ الخير على الجميع...
وأما قوله :

( كيف تجتمع الفراشات)

عملية الكيف تختلف عن الكم..إذ فيها ذهول أكثر وإثبات بالدليل الواضح..وتوضيح الكيفية في الحصول على النتائج المرجوة..
أما وتجتمع الفراشات..فيكون في ظل الأزهار ومن وحي الربيع..وتدل على حصول النمو والإزهار وظواهر الربيع اللواتي هن من ظواهره..والفراشات تجتمع عند الجمال والرائحة العبقة من الزهور وألوانها الجاذبة...
بمعنى أن حسن التدبير في تحقيق الجمال في الذات والبيية يجلب الغير ليشتم رائحته من أثر ما يعمل من طيب ونقاء وجمال
فإن الإنسان حين تكون روحه وذاته طيبة نقية يخرج منها كل عمل صالح فإنها تكون قدوة للآخرين ونبذة عن كل معالم الجمال..ودليل على التعاضد وتهافت القلوب..هكذا تصبح العلاقات وطيدة حين تتخلص النفوس من الأحقاد..بالرعاية والإعتناء بالذات والمحيط للفرد ..لقول الشاعر:

( على أزهار كفي حين أحضنها.)

يجتمع الجمال والأفراد على الدفء والحنان والمحبة والعناية بالذات والإفراد..بالحب يتحقق السلام والحرية وتتخلص النفس من العتمة والسواد...
(أزهار كفي).. تعني الطرق المتلونة المختلفة التي تصدر من العمل لا من القول فقط..والعمل دلالة مأخوذة من الكف ..إسقاطاً على بذل التضحية والعطاء والعمل الصالح...
عملية الإحتضان هي الرعاية الكاملة للفرد عندما تكون من قِبل الكبار القادة للأفراد..احتضانهم ورعايتهم دليل على إنسانيتهم..لكن عندما يمارسون القمع والكسر والتعذيب هذا يؤدي للفساد والعصيان والتمرد ..لذا الاحتضان والرعاية هي من مسؤوليتنا جثيعا في كل شيء حتى يكبر وينمو بشكل سليم...
.
الشاعر الكبير المبدع الناقد الفذ
أ.عباس باني المالكي
لقد أثرت فينا الخيال والفكر في ومضة قصيرة كانت بمثابة لوحة فنية ومدرسة بنائية للأجيال..وقواعد للحفاظ على الفرد...
بوركتم وبورك قلمكم الفذ المتفرد
وفقكم الله ورعاكم حق رعايته

جهاد بدران
فلسطينية
كل الشكر والأمتنان لجهودك الأبداعية الراقية التي تحمل كل هذه الرؤيا النقدية الدقيقة في رصد شفرات النصوص بطريقة عالية جدافي الغوص في الدلالات التي يحملها النص ، وهذا يدل على معرفتك الشاسعة ومعرفة الطرق التي تؤدي الى النقد الحقيقي .. ألف شكر مع مودتي وتقديري








هكذا أنا...
أعشق كالأنبياء
وأموت بلا كفن
  رد مع اقتباس
/
قديم 31-07-2020, 12:15 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران على ومضة/ أزهار الكف/ أ.عباس باني المالكي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عباس باني المالكي مشاهدة المشاركة
كل الشكر والأمتنان لجهودك الأبداعية الراقية التي تحمل كل هذه الرؤيا النقدية الدقيقة في رصد شفرات النصوص بطريقة عالية جدافي الغوص في الدلالات التي يحملها النص ، وهذا يدل على معرفتك الشاسعة ومعرفة الطرق التي تؤدي الى النقد الحقيقي .. ألف شكر مع مودتي وتقديري
أستاذنا البارع حرفه الراقي المبدع والناقد العظيم
أ.عباس باني المالكي
لقد أتحفتموني بباقة ثناء مختلفة، تحمل دلالات الرقي والوعي والفكر..
كلماتكم اطلقت التشجيع وأنارت منابت القلم، لقد كرمتموني بشهادة أعتز بها وأفخر، وإنها لأعظم شهادة وتقدير من شاعر عملاق وناقد بارع تشهد له لغة الضاد وكل الأدب بأنواعه..
كلماتكم عبارة عن قلادة وجوهرة ثمينة ءعتز بها وأحفظها في سطور قلمي تذكاراً من أحد أعظم الأعلام وأرقاهم قوة في الدب والشعر..
شكراً لكرم نخيل العراق حضور دجلة والفرات في ريق قلمكم الفاخر، فقد أسبغتم زهور مخملية على ردي هذا من ذائقتكم الفخمة وشهادتكم التي هي وسام شرف في عنق القلم..
جزاكم الله خيراً أستاذي الفاضل عباس باني المالكي
سنابل شكر على رأيكم بالقراءة التي أعتز بها وأفخر
تشريف كلل الحروف الفقيرة بأكاليل النجوم
وفقكم الله ورعاكم
وكل عام وأنتم الخير والنور






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:04 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط