العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 17-01-2018, 09:45 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
خالد يوسف أبو طماعه
عضو مجلس إدارة
المستشار الفني للسرد
عضو تجمع الأدب والإبداع
عضو تجمع أدب الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الاردن

الصورة الرمزية خالد يوسف أبو طماعه

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


خالد يوسف أبو طماعه غير متواجد حالياً


افتراضي في مهب الريح / خالد يوسف أبو طماعه

في مهب الريح


تجاوزت الأربعين، لم يطرق باب بيتها غير أولئك الذين ماتت نساؤهم، ممن يبحثون عن قضاء آخر سنوات العمر في فراش وثير، تعودت على تلك المهاترات، قطار العمر يمضي، تقضي أغلب لياليها بقيام الليل وتلاوة القرآن، تكالبت عليها هموم وأحزان لم تستطع البوح بها، تمشي الهوينا لانحراف في أسفل كعبيها، نتف من شعيرات نبتت في أسفل ذقنها وأطراف وجنتيها، ابتسامتها الخجولة تهرب من شفتيها.

تتفقد الساحة، تدور كحجر الرحى ولا تتعب، حب الأطفال وإخلاصها لعملها أهم ما يشغلها، نسيت نفسها وتلك البروز التي تطاولت في وجهها، تتقاذف الكلمات مع العاملين بصراخ أرعن، يلفها صمت للحظات وتعود تمارس عادتها القديمة، تدور في المكان، تتناوشها النظرات، تتسم بالجدية عندما تلتقي عيناهما، يدغدها إحساس غريب، هل فعلا يحبني، هل يريد الزواج أم يتلاعب بمشاعري؟.

سندس محمود عبد الرحمن، قالت له عند ثالث لقاء، لم تتورع عن إخفاء اسمها، قال ببرود.. عبد الحميد، اسمي عبد الحميد، أخبرته في أول لقاء أنها تقوم الليل وتتعبد حتى مطلع الفجر، بادلها نفس الشعور، قيام الليل رابط قوي بينهما، توالت الأيام وركضت السنون، تبدلت الدنيا، تغير الناس، لم يبق غير وجهها تعاتبه في المرآة.

مسكينة أنا، غبية ومغفلة، كل الرجال سواء، لا يصدُقون في مشاعرهم، توهمت عندما قال بأنه سيتزوجني، وأنه لا يشعر بالسعادة مع زوجته، والدي مجرم ويستحق القتل... هذا لا يناسبك... ذاك ليس من طبقتنا.. أكلتني الأيام، أقف حائرة على مفترق طرق، أسامره حتى منتصف الليل، سهراتي على الياهو لم تنته، اسمي أجمل ما أحمله، معناه أراح نفسي عندما عرفته، قالها لي ذات مرة في ليلة حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر، صليت ولعنت نفسي، كم أنا كاذبة... عندما ألتقي زميلاتي أقدم التوجيه والنصح وأنا ألوك الكذب، سأحرق كل شيء، لباس الصلاة وجلبابي وحجابي.

ليس لي أي جدار أستند إليه، تتقاذفني رياح المجهول، أغدو ورقة في مهب الريح، تكلمت مع صديقه، تقربت منه، توطدت العلاقة في الكتابة، أنا لا أحب الكتابة ولا الشعر، أردت أن أشعره بالغيرة، أن أحرق قلبه، أستفزه وأحرك صمته الطويل، أستحثه على الكلام، أن يعترف بخطيئته وكذبه، ثارت ثائرته عندما رآني أجلس في مكتبه، نظراته تقدح شررا.
بعدما خرجت أعلن هاتفي حالة طوارئ، لم يتوقف صراخه، علمت أنني نجحت، حرّكت مشاعره وأيقظت غضبه، انهالت الكلمات الغاضبة من فمه لهبا أشعل حواسي ورطب أنحاء جسدي، فرحت بانتصاري وانتشيت لكبح جماحه، والضحية في نهاية النجاح هو من كان لا يدري ما يدور له في الخفاء، مسكين جمال، لا يعلم أن شخصا أحبه قد حاك له خيوط لعبة أتقناها، فنحن شخصان بين الناس كقديسين وفي خلواتنا.......

هل أصبحت عانسا، أم سأتزوج مثل النساء، هل أنا إنسان له قلب وعقل ومشاعر؟ أسئلة تطرق جدار العقل ويجيبها الفراغ، تتوق النفس للقاء قريب مع رجل يريد خطبتي، قلت له أمهلني حتى أمعن التفكير، أخبرت جمالا بالأمر، راقته فكرة ستري، أجبته متعالية... لا أريد، لا ينقصني شيء، ما زلت في ربيع الشباب، كذبت عليه وعلى نفسي، تظاهرت بجمالي الذي أطفأته الأيام، مصيبتي أنني أكابر حتى في كذبي، خرجت إلى العمل، فوجئت باستدعائي للتحقيق، اصفر وجهي، قبضت أنفاسي، لم أستطع الدفاع عن نفسي، شعرت باليأس، بصقت على ذاتي وانصرفت محاولة تشويه صورة من كان ينصحني، تذكرت عبد الحميد ولقاءاتي، وجمالا الذي حاولت نسيان صورته فيقحمني في متاهة تقض مضجعي.
في ليلة نام فيها القمر، جمعت شتاتي، أحصيت شهواتي، لملمت بعثرتي، كومت كل متاعي، بدأت رحلة الخلاص مع ذاتي .





خالد يوسف أبو طماعه






  رد مع اقتباس
/
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:33 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط