رواية ( روناك .... دمـــاء ودموع ح3 ) من ج25..... - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-03-2014, 10:28 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رواية ( روناك .... دمـــاء ودموع ح3 ) من ج25.....


رواية ( روناك ...دمـــاء ودموع ح3) ج25......
تأليف :- محمد عبد اللطيف السويجت


(25)
البحث عن حل
استلقى مهند على قفاه وعيناه تحدقان في سقف الغرفة شارد الذهن ألغى كل ما حوله ممعنا في أمر روناك ... كثيرا ما نعتها بألفاظ هي أسمى وأنبل من ان تلصق بها أو تكون رداءً لها .... روناك فتاة فقيرة ولكنها جميلة يعجز عن وصفها خلقا وخُلُلقا هي لا تستحق ان ترمى بهذا العار ... لا شك ان روناك اختلطت في ذهنها الأوراق فهي غير قادرة لايجاد حل ناجع لمحنتها ترى ببساطة الجنون وحده هو الحل الذي يُبعد شبح العار والفضيحة عن أهلها وقد تذهب بعيدا ان الانتحار والموت خير وسيلة بل هو الوسيلة الصائبة في الخلاص من هذا العالم وآثامه التي أبتليت بها من أولئك القساة ( الزناكَين ) .... حاولت الابتعاد عن مهند في البدء ، انها لا تريد أو ترغب أن يصاب بأذى أو ان يدخل هذه اللعبة
القذرة أما التهمة لم تكن من بنات أفكارها ولا في خلقها وطبعها ما يدعوها الى اتهام الآخرين .... انها أخلاق ومقومات حياة المضمدة صبيحة حيث رأت الباب مغلقا أمامها في رفض الدكتور طلبها لجأت الى مراوغة بسيطة بالتلويح اليه ان ما حدث من فعل صاحبك وأنت مشترك معه في الجريمة وعلى علم ان لم تكن متسترا عليها ...... زيارة روناك وطلبها للمساعدة ،يقينا هي وأمها يبحثان عن حل والحل فيما يبدو في تصورهما ، يتزوجها مهند ولو لفترة قصيرة ثم يطلقها هذا ما فهمه من طلب روناك للمساعدة حفاظا على شرف العائلة وردّ الجميل لهذا الرجل الكريم أبي مصطفى وبذلك ينقذ شرف العائلة ويرحم الفتاة وأهلها ..... ذهب به الليل طويلا وهو يطيل الفكر ويمعن النظر في هذه المشكلة حتى غلبه النعاس واذا به يسمع أصوات الديكة وزغزغة العصافير فتح عينيه وقد امتلأت الغرفة بضوء الصباح .....ترك البيت قاصدا المدرسة بعد ان أتمّ فطوره حاملا معه مفكرته اليومية يسجل فيها ما يجري عليه من أمور يومه اضافة الى ذلك كانت سجل لدرجات الطلبة اليومية وملاحظاته حولهم .... قرر ان يزور الدكتور ويشرح له ما سمعه من روناك بالتفصيل ليزيل عنه ثقل التهمة التي لصقها به ويبحث معه عن حل سليم ينقذ العائلة من سوء المصير ......وكان قد أشار اليه قبل يومين في لقاء سريع عن توصله للفاعل الحقيقي ووعده بأن يروي له أحداث ما سمع قريبا عندما يكتمل تقصيه ومتابعة تحقيقاته ....... كثيرا ما كان يسامر الدكتور في بيته ويجلس معه وعائلته كأخت كريمة ولكن أحداث روناك استوعبته وصرفته عن زيارة الدكتور في بيته بعض الشيءفمنذ عودته لم يطل الجلوس عنده وكان يمرّ مرورا عابرا، جلسوا معا والدكتور بحاجة وبشوق لسماع حقيقة ما حدث مع كونه على يقين مما قاله لمهند .....
ــــــ وعدتني يا استاذ ،أن تحكي لي ما وصلت اليه من تحقيقاتك،انا مستعد للسماع. هل تأكدت ان اللقيط عائد لروناك و أن جنونها مفتعل أو هناك سر آخر .....
ــــــ ما نقلته يا دكتور ، صحيح ،وهو الحقيقة ولكنني أبحث عن الفاعل ولماذا أنا بالذات .
ـــــ نعم ، لنسمع ما عندك
ـــــ لا تسمع فقط ، وانما أطلب منكما ان تساعدني في ايجاد حل لهذه المشكلة .
ــــــ ان شاء الله ، نجد حلاً .
ــــــ عندما أعلنت نتائج البكالوريا لصف الثالث المتوسط ، ذهبت لوحدها من غير ان يرافقها أحد من عائلتها في الساعة الحادية عشرة صباحا لاستلام النتيجة ، استلمتها وكانت متفوقة ،وكم كانت فرحة واثناء مرورها بالساحة المكشوفة خلف المدرسة عند عودتها الى البيت خطفها رجل وكم ّ فمها كي لا تتكلم ثم حملها لآخر كان ينتظره في سيارته وانطلقا بها باتجاه الغابة ، هناك آذوها وضربوها حتى انهارت قواها لشدة الضرب فنال منها الأول حاجته وأراد الثاني ان يأخذ حقه الخسيس ،دافعت عن نفسها بشدة وضربت زجاجة السيارة فانكسرت وكثرت الجروح فيها وقد علقت رجلها وسالت الدماء نتيجة لحركتها .تركها الثاني ثم أعطوها عشرة دنانير وتركوها وحذروها ان تتكلم بحرف أو تذكر أسماءهم يحرقون بيتهم ويمسحون العائلة من الخارطة .
ـــــ هل تعرف روناك الفاعل ؟
ـــــ نعم تعرفه ولكن ترفض ذكر اسمه لأنها تعتقد ان الرجل ظالم يفعل ما يريد وحذرها من قتل أهلها جميعا وقتلي . حاولت ان أسرق الاسم بزلة لسان فلم أقدر.
ـــــ مسكينة ، البنت مظلومة .
قاطعت زوجة الدكتور زوجها قائلة :- أولاد الحرام ، شنو ذنب هذه الفقيرة المسكينة
قال مهند :- السقوط من سطح الدار والجنون أمر مفتعل لتبعد التهمة عنها قليلا ، وهي تبحث الآن عن خلاص وحل راضية بالموت شرط ان لا يلحق أهلها العار بموتها .. لم تجد الحل حتى في الانتحار وكانت عازمة على التنفيذ ومنعتها أنا وأمها من ذلك ... تفكر في كل شيء .......
عمّ الصمت الجلسة ،وكل فرد منهم يفكر في حل يقلب الموضوع في طيات ذهنه لعدة حلول ثم يرجح أحد الآراء ليكون هو الأفضل وأخيرا بادرت زوجة الدكتور قائلة :-
ــــــ يا استاذ أنا عندي حل أرجو ان لا يزعجك
ـــــــ تفضلي ، قولي ، هو رأي لماذا الازعاج ؟
ــــــ أرى ان تتزوج أنت البنت ،وتستر عليها وتحفظ شرف العائلة ،العائلة التي أكرمتك وفتحت بابها لك ،رُدْ عليهم الجميل ،وعلى هذا الرجل الطيب الذي تذكره دائما ، تقبل ان يهان .... تزوّجْها ولو بشكل مؤقت ثلاثة أشهر وأكثر ثم طلقْها بحجة عدم انسجامكما ، اتفق معها على ذلك .
أيّد الدكتور رأي زوجته قائلا :- هذا رأي صائب وسديد ، بالتأكيد الله والناس يرضون بهذا الحل ولك فيه أجر وثواب .
ــــــ يا دكتور ، لماذا أدفع أنا ضريبة العمل السيء للفاعل ؟ ولماذا لا يجبر الفاعل على الزواج منها .
ــــــ كيف نصل الى الفاعل اذا كانت هي رافضة حتى ذكر اسمه ، هذا ما قلته انت
ـــــ نحاول اقناعها على كشف الاسم ثم نتحرك للاتصال به و اجباره على الزواج منها.
ــــــ هذا اذا وجدناه واعترف بالجريمة ثم ما الدليل على كونه هو الفاعل؟ من المستحيل ان يعترف هو بجريمته وليس لدينا أي دليل على تجريمه ( ضاحكا ) العشرة دنانير وصرفتها صبيحة ....
ــــــ نبحث عن حل آخر .
ــــــ يا استاذ ، الحل الوحيد ، الحافظ على شرف البنت وعدم فضحها بزواجك منها سواء كان الزواج دائميا أو مؤقتا ... ولا يوجد حل آخر
ــــــ (بعد صمت قصير ) أطلت الجلوس أعتذر ، أخذت من وقتكم الكثير ، أترككم في أمان الله..... نفكر سوية أكثر في الموضوع ، وعاد الى غرفته .....


(26 )
خطة الخلاص
لم يكن مهند بمنأى عما تعانيه روناك وأمها من هم ونكد وما تفكران به من أنّ المنقذ من المحنة والمخلص من العار والكاشف عن هذه العائلة ثقل المصيبة والنكد هو لا أحد غيره . هو بنظريهما الوحيد الذي بامكانه ان يقلب الموازين لصالحهما وينهي الموضوع بأمن وأمان ......... كان مهند يدرك بدقة ان الأم هي التي دفعت بابنتها اليه وهي وراء طلبها المساعدة ... وأي مساعدة تريد ؟ الزواج كما قالت زوجة الدكتور ، الغطاء الساتر لعارها ... المهم ان يقتنع مهند بهذا الزواج ولا ضير ان كان زواجا دائميا أو مؤقتا بل وله الفضل الكبير لو اتفق معها بالقبول بالاسم دون الفعل ودون ان يلامسها اطلاقا ثم بعد ذلك يفسخ عقد القران بينهما ويعلن الطلاق بسبب عدم انسجامهما ......لو حكيت القصة لأيّ من مخلوقات الله لما عدا هذا الرأي ولا خالف زوجة الدكتور ولقال :- على مهند ان ينقذ العائلة من هذا الظلم والجور الذي لحق بها وله أجر وثواب في زواجها وهذا أقل ما يمكن أن يؤديه قبال موقف الرجل الطيب منه ........ بعد عودته من بيت الدكتور لم يجد في نفسه الرغبة لاعداد الخطة اليومية لمنهجه الدراسي لليوم التالي فقد وجد نفسه تحت ثقل هم كبير سيطر على جوارحه وأتعب ذهنه وأرّق عينيه فلم يتمكن النوم منه رغم رغبته الشديدة اليه يقلب الموضوع ما استطاع فما وصل الى حل يرضيه كما لا يرضى ان تكون الحلول على حساب سعادته ومستقبله .... احتوته المشكلة ولم تفارق مقلتيه صورة روناك صورة روناك المجنونة ـــ بكل ما في هذه الكلمة من معنى ـــ ضارعة متوسلة طالبة الرحمة والمساعدة ، وهو يقف بعيدا عنها في محنتها وهل معنى الحب أن يهجر من يحب حبيبته عند المحنة والضيق ؟ لكنه لم يهجرها راغبا ، ان ما حدث لها يهز كيانه غضبا يتمنى لو عرف الفاعل لانتقم منه ثأرا ورد اعتبار لهذا الرجل الكريم وله في حبه لها ....... لفت انتباه زملائه المدرسين شروده وابتعاده عنهم كان بلبلا غرّيدا يضفي على الجو الدراسي وخاصة اثناء فترة الاستراحة بين الدروس جوا من المرح والبهجة بما كان يردد بصوته الشجي من مقاطع غنائية خفيفة لمحمد عبد الوهاب وام كلثوم و...و... سألوه عما يكدره فكان جوابه :- لا شيء ، لا شيء يقلقني انا مرتاح ، لا أجد في نفسي رغبة في الغناء ، الحمد لله مرتاح جدا . لمزهُ أحدهم بكلمات لا يقصد فيها شيئا بيد ان مهند وقف عندها قليلا ثم حملها محملا طيبا قال لمهند :- نخشى عدت الى الفندق من جديد ، وتركت البيت .
ـــــــ لا ، الحمد لله ، انا في البيت ومرتاح .
بقي على هذه الحالة أياما يناقش الموضوع من جميع جوانبه فتوقفه مسارات عدة في عدم تنفيذ رغبة الدكتور وزوجته ورغبة أي عاقل يرى رأيهما .... كان يتساءل مع نفسه :- اذا تزوجتها هل أكون سعيدا في حياتي الزوجية .... وسرعان ما يُجيب على سؤاله :- لا ، وألف مرة لا ، لأسباب كثيرة منها ، انها على يقبن ان زواج مهند منها لم يكن برغبته وانما تعاطفا وتحنّنا منه عليها وعلى عائلتها دفعا للعار من هنا تقف دائما أمامه ذليلة ضعيفة الشخصية ربما تفسر كل كلمة ينطقها بالمعارة والشتيمة أو انه يريد ان يذكرها بماضيها الوضيع ويكفيها انه قبلها كزوجة . وكذلك لا يستطيع ان يمنع ذهنه عما مرّ بها من حكاية وقصة مؤلمة وعليه فان الحياة الزوجية معها ستكون مرة وقاسية لا طعم فيها ...... وعلى افتراض طلقها ما الحجة المنطقية التي يقف بها أمام ذلك الرجل الطيب أبي مصطفى ليقول له :- اني غير منسجم معها وانها فتاة مؤذية غير مريحة ويومي معها مليئ بالمشاكل والشجار لغيرتها وسوء تصرفها... فهل هذه الحجة منطقية صائبة وهل يقتنع الرجل بما أقول وهو على علم ودراية كاملة بخلق ابنته وحسن تربيتها واجلالها واحترامها لي بالذات ... ربما تترتب على هذه الحجة أمورر أخرى ..... ومن الصعب ان يكذب على من آواه وساعده وفتح له باب داره في محنته وأكثر من ذاك اعتبره أحد أفراد عائلته وجعلهم أمانة في عنقه أيطعنه من الخلف وهذه ليست مساعدة بل هي خيانة ونكران جميل ...... ثم لماذا يدفع هو ضريبة أخطاء الآخرين وسوءاتهم ؟ أليس من الأجدر ان تذكر هي اسم
الرجل ويحاول هو والدكتور وآخرون يعتمد عليهم للوصول اليه واجباره على الزواج منها ... أليس هذا هو المنطق ؟ ولماذا تتهرب من ذكر اسمه وحتى التلميح اليه وتدّعي انه من (الزناكَين ) ظالم يحرق ويقتل والديها والأطفال ويقتله ولا يبقي أحدا... هل هذا هو الصحيح ؟ وهل هو على هذا القدر من الوحشية ؟ .... وما مدى مصداقيتها ؟
بقاؤها على هذه الحالة من الجنون لا يحل المشكلة اطلاقا ، عليها ان تخرج من صومعة اعتكافها وتبدو امرأة سوية سليمة لا شيء فيها ،مرضٌ اعتراها فترة وشفيت منه ومن أجل ان تحل مشكلتها لابد من ان توجد هناك خطة عمل تعيد لروناك حيويتها وصحتها أولا ، ثم البحث عن حل لما هي عليه بعيدا عن التشنج والشد العصبي والخوف من المجهول وعليه يجب ان يكون هناك أمل يعيد لها ثقتها بنفسها .... وبعد جهد ولأيّ اهتدى الى فكرة نعتها بالطيبة وقرر مناقشتها مع روناك عند زيارتها له عسى ان تعينه في تنفيذها ...... وخلاصة خطته تعتمد على شقين :- الأول ، ان تترك روناك حالة الجنون وتعود الى ما كانت عليه قبل الحادثة . والثاني ان تُظهر رغبتها في العودة الى الدراسة ولكن هذه المرة ليس اكمال الدراسة الأكاديمية في الصف الرابع الثانوي وانما الذهاب الى دار المعلمات للبنات في السليمانية وعليه ان يمهد لها الطريق في هذا المجال وان يلمح لها في حديثه عن حبه بين الفينة والأخرى وتعلقه بها وان حبها مازال قائما. عندها شعر مهند انه وضع رجله في الموضع الصحيح واذا ما ساعدته روناك تمكن من انجاز عمل طيب يضمن لها سلامتها وحياتها وشرف عائلتها أضف الى هذا يوفر لها موردا معاشيا طيبا تحسد عليه وتكون هي المسؤولة في البيت لايرد لها طلب ولا يفرض عليها ما لا ترغب . هدأ باله وكأنه بلغ المراد ذهب على أثرها في غفوة عميقة أفرغ فيها أتعاب أيام مضت............

يتبــــــــــــــــــــــع






  رد مع اقتباس
/
قديم 29-03-2014, 12:07 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رد: رواية ( روناك .... دمـــاء ودموع ح3 ) من ج25.....

رواية( روناك..... دمــاء ودموع ج3) ح27
تأليف محمد عبد اللطيف السويجت

تابــــــــــــــــــــــــع


(27)
أمل أم سراب ؟ !
كانت روناك بحاجة ان تسمع أو ترى صدى توسلاتها وتضرعاتها بين يدي مهند واندفاعها في تقبيل يديه ورجليه من أجل مساعدتها ، هل تجد لديه جوابا شافيا يخفف عنها ثقل محنتها وأين حبه الذي صرح لها به من غير ان تدفعه لذلك باغراء أو تحرش سافر ؟ نحر حبها في قلبه وقبره الى الأبد وأنهاه أم ان في قلبه منه وقدة ود وحنان ....هي الأخرى كانت في دوامة من الحيرة والقلق فقد تخلصت من الحمل ولكن العار مازال لاحقا بها تحمله ما بقيت على قيد الحياة ... ومن يضمن لها كتمان سرها وهل صبيحة صادقة فيما وعدت فاذا شاع وانتشر خبرها كانت الفضيحة وحلّ القتل ....حقا ان والدتها تدفعها نحو مهند وتقول لها :- روناك ، انتبهي كفاك جنونا ، هذا وحده هو الذي ينقذ شبابك وينقذنا ، اغريه ما استطعت . وكأن أمها تدفعها بلا خجل ولا وعي الى الهاوية والسقوط ، ماذا تفعل وقد أظلمّت الدنيا بعينيها ؟؟ ........ زارت مهندا ليلا في غرفته وكان هو بانتظارها حقا وكأن القلوب تحدث بعضها نهض عند طرقها الباب مستقبلا وأجلسها قبالته وجلس هو على طرف السرير كالعادة حالتها النفسية تبدو أفضل مما هي عليه ولكن هيأتها هي هي ، بدأ مهند بالحديث :-
ـــــ الى متى تبقين هكذا ؟ انا لا أصدق نفسي ان روناك التي عرفتها سابقا هي أنت بدمها ولحمها ، كانت اذا دخلت عليّ الغرفة ملأتها نورا ومحبة وبهجة واذا نظرت اليها تتجدد الحياة في نظري ، أرجوك يا روناك، قاطعته قائلة :-
ـــــ روناك التي عرفتها زمانا ماتت يا استاذ (وانسابت من عينها دمعة لتحرق وجنة صفراء أذبلتها الهموم وصبغها الخوف ) :-
ــــــ لا ، لم تمت ولكن تحتاج الى ارادة وعزيمة وهي قادرة عليها ، لا أدري لماذا تهربين أمام المشكلة ؟ .
ـــــــ (حركت يدها ألما ) تقول مشكلة ، اذا كانت مشكلة ابحث لها عن حل .
ــــــ بحثت بدقة ووجدت الحل (فغرت فمها وحدقت بعينيها مستغربة )ولكن لا يمكن تحقيقه الا بالصبر والارادة القوية .
ــــــ ما الحل ؟ أريد سماعه .
ـــــ لا تسخري مني يا روناك . اسمعي جيدا ، عودي الى الدراسة .
ـــــ ( ابتسمت رغم ما فيها من الألم ثم انهمرت من عينيها دمعات حزن مكتوم لم يُبقِ للروح بقية ) من كل عقلك تتكلم ، لو تضحك عليّ ، حتى أنت يا استاذ .
ــــــ لا ، والله ، أقول بجد .
ـــــ كيف أعود للدراسة ومضى على الدوام أكثر من شهر ونصف؟ ثم بأي عين وقحة أواجه الطالبات وأجلس معهنّ؟ .
ـــــ انا قلت الدراسة ، لا تتقوّلي عليّ ما لا أقول ، انا على علم ان عددا من الطلاب فصلوا لتجاوز غياباتهم الحد الرسمي وهذا يعني لا يمكن ان تكملي مع الطالبات العام الدراسي الحالي ، اللهم ، الا باجازة طبية . ولكن أقول :-
ـــــ ( قا طعته ) ماذا تقول ؟
ـــــ صبرا ، لا تستعجلي ، اسمعيني جيدا ، لا تعودي الى الدراسة السنة وانما في السنة القادمة ثم انا لم أقصد ان تكملي الدراسة الثانوية في الصف الرابع ، بل أقصد ان تدخلي دار المعلمات في السليمانية .
ـــــ هذا هو الضحك بعينه ( سكتت قليلا ) تحولت الى مسخرة ، استاذ انت تعرف ان حالتي فقيرة ومن المستحيل ان أذهب الى السليمانية . من أين أحصل على الفلوس والمصاريف ونحن لا نملك حتى قوت اليوم؟ .
ــــــ اسمعي ، لا تفكري ، انا أتكفّل جميع مصاريف الدار للسنوات الدراسية الثلاثة وحتى تتخرجي وهذا وعد مني .
ــــــ على أي اساس تصرف على فتاة غربية مثل روناك ؟ وبأي حق تهدر أموالك ؟
ـــــ أولا ، انت ليس غريبة وانت تقرأين ما في قلبي بصدق وثانيا أعتبريه عملا أنسانيا وأحب ان أقدم مساعدة انسانية .
ـــــــ على افتراض اني قبلت . من يقنع والدي في ذهابي الى السليمانية والدراسة فيها ؟
ـــــ هذه المسألة اتريكيها عليّ ، انا أحاول، واذا اقتنع نبدأ بالتدريس مباشرة يشرط ان يتحسن وضعك وتعودين الى حالتك الطبيعية .
ـــــ أريد أعرف الغاية من هذا العمل .
ـــــ هذا من حقك ، اسمعي ، اذا أكملت الدراسة بنجاح وتعيّنت معلمة سوف تصبحين سيدة البيت وصاحبة الكلمة الأولى فيه والعائلة تعتمد عليك اقتصاديا في مصاريفها وحاجاتها وليس لأحد القدرة على رفض قرارك ، فاذا خطبك رجل ترفضين بحجة انت لا تتزوجين حتى يكبر أخوك الصغير الذي في المهد ، وهذه حجة مقبولة ، من هنا تكونين بعيدة عن الشبهات .اما اذا بقيت على هذه الحالة ، بالتأكيد سوف يجبرونك على الزواج وتظهر الحقيقة ويلحق العائلة منك العار .
ـــــ هذه أمنية بعيدة المنال ، تُقْبل روناك محمد البنت الفقيرة بالدار وترفض بنات الآغاوات والزناكَين ؟! ، هذا مستحيل، من يقبلني ؟ في دار المعلمات .
ــــــ معدلك جيد جدا (86) صحيح قبل سنة ...ان شاء الله القبول مضمون وانا أحاول بكل جهدي .
ــــــ اتفقنا .
ــــــ اتركي هذه الحالة وكوني طبيعية ـ تتحسن حالتك بالتدريج خلال أسبوع أو أكثر خطوة خطوة ....لا تلفتي نظر الوالد أو مصطفى
هزّت رأسها بالموافقة وتركت الغرفة غارقة في تفكيرها،هل سيحدث ما وعدها ؟


يتبـــــــــــــــــــــــــع






  رد مع اقتباس
/
قديم 09-04-2014, 10:16 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رد: رواية ( روناك .... دمـــاء ودموع ح3 ) من ج25.....


رواية (روناك .... دمــــــاء ودموعح3) منج25 ...الى 28
تأليف محمد عبد اللطيف السويجت
تابــــــــــــــــــــــــع


(28)
الموافقة على اكمال الدراسة
عملت روناك بوصايا مهند واستعادت شيئا فشيئا بعضا من حيويتها ونشاطها في أيام بعد تركها اياه في آخر زيارة لها، عاد شعرها الأسود الطويل ذي الضفيرة الواحدة (ذيل الحصان) تنوس على كتفيها وظهرها وأبدلت ملابسها التي لم تفارقها منذ أمد ليس بالقصير غيّر لونها التراب بأخرى وان كانت قديمة ولكنها نظيفة ومرتبة كما تركت مخدعها في غرفة أبيها لتجلس في ساحة الدار وتداعب وتحدّث أخوانها الصغار وخفّت صفرة وجهها وكأن الحياة دبت فيه من جديد وفي بيت أبي مصطفى ، وكم كانت فرحة الأب كبيرة بشفاء ابنته وعودتها الى حالتها الطبيعية ... ألتقى أبو مصطفى مهنداّ في غرفته ، حمد الله وشكره لشفاء ابنته وتحسن حالتها وأخذ يثني على صفاتها النبيلة متحدثا :-
ـــــ والله ، ابني ، انا أحمد الله على سلامتها ،هي بنت طيبة عاقلة ،وبصراحة هي يدي في البيت اعتمد عليها ،وهي عندي والله أفضل من مصطفى .... مصطفى شاب طائش لا أجد عنده حرقة على البيت والحفاظ عليه ومتابعة أمور العائلة في غيابي ......
ـــــــ نحمد الله ونشكره ،روناك عاقلة مؤدبة ، لا تستحق كل هذا لكنها حكمة الله ولا اعتراض على حكم الله .
ـــــ نِعْمَ بالله ، نِعْمَ بالله
ــــــ يا عم ، بالمناسبة ، عندي فكرة أحب أن أطرحها عليك .
ـــــ تفضل يا ابني
ـــــ ربما يكون تصوري قاصرا ، خلال تواجدي في البيت ،الله يحفظكم جميعا ، تولدت لدي فكرة روناك أقرب شخص اليك يا عم في البيت وهي الوحيدة التي يمكن ان تكون لك عونا ليس الآن وانما في المستقبل ،هي أكثر لك نفعا من مصطفى .
ـــــ هذا صحيح وانا ايضا أقول هذا ،عاقلة مؤدبة وفية .
ـــــ انا واثق ،مصطفى مجرّد ان يتزوج يتركك ويترك أمه ويخرج من البيت اما روناك مستعدة ان تبقى معك الى آخر العمر ــــ الله يطيل في عمرك ـــ تخدمك
ــــــ هذا أملي فيها ، وانا الآن فرحان وأحمد الله على شفائها .
ـــــ أنا أريد أن أصل من حديثي هذا الى شيء ، أرجو ان لا تستغرب.
ـــــ تكلم ، أي شيء ؟
ــــ الشيء الذي أريد قوله هو ان ترجع روناك الى الدراسة من جديد هي طالبة ذكية وحرام ينتهي مستقبلها بهذا الشكل .
ـــــ يا ابني ، كيف ترجع ولم يبق لامتحانات نصف السنة الا شهر ونصف تقريبا .
ـــــ لا أقصد ترجع الى المدرسة،ولا أقصد ترجع الآن لأنها لم تتماثل للشفاء بعد ... هي بحاجة الى فترة نقاهة ... تتحسّن صحتها بشكل أفضل .
ـــــ يا ابني أنت تقول ترجع الى دراستها ، ماذا تقصد ؟
ـــــ أنا أقصد ترجع تدرس في دار المعلمات في السليمانية حتى تصبح معلمة تعتمد عليها وتفيد نفسها والعائلة .. ياعم ، أسأل الله ان يطيل بعمرك اذا كبرت قدرتك على الخياطة والعمل تضعف تعتقد مصطفى يشتغل ويعين العائلة ويعينك بالذات ، على الأقل هذه تكون معلمة تساعدك وتساعد اخوانها .
ـــــ (ابتسم ) صحيح ، الوقت صعب وكلامك ذهب ، انت أعرف بالحال ، السليمانية تحتاج فلوسا ومصاريف والحال لا تخفى عليك.
ـــــ عم ، أنا مستعد ان أتكفل بالصرف عليها حتى تنتهي دراستها بالدار .
ـــــ كم سنة تدرس ؟
ـــــ ثلاث سنوات .
ـــــ رجل غريب مثلك قاطع مسافات حتى يتعين ويعيش ويكوّن نفسه ويرتب حياته يصرف راتبه على بنت غريبة ، هذا شيء غريب ، ما السبب ؟ ( شنو السبب؟ )
ــــ عمل الخير ما انتهى على الأرض ، اعتبرني فاعل خير وانت لك فضل كبير عليّ . اتركني أرد جزء من فضلك وارجو من الله الرحمة.
ـــــ لا ، يا ابني ، هذا موضوع صعب .
ــــ ابدا ما هو بالصعب ، سهل جدا ، فقط ، يعتمد على موافقتك
ـــــ أوافق على روناك تروح الى السليمانية
ـــــ يا عم ، هناك قسم داخلي خاص للبنات، فيه الأكل والمنام ، وهي واحدة منهن.
ـــــ ثلاث سنوات تحتاج الكثير ، تحتاج مصاريف و..و..
ـــــ اترك الفلوس وانا بحاجة الى موافقتك فقط .
ــــــ اوافق وما عندي قدرة على التنفيذ ، ما استطيع ...
ــــــ يا عم ، وضعي المادي جيد ، والحمد لله ، والعائلة وضعها جيد جدا، أرجو رحمة الله بانقاذ حياة عائلة، موافقتك هي قبول نزول الرحمة عليّ .العفو ، موافقتك الآن لا يعني قبولها بشكل قطعي في العام القادم ولكني أحاول بكل جهدي الحصول لها على قبول في دار المعلمات .
ـــــ كل كلامك على السنة القادمة ، تصير لو ما تصير .
ــــــ نعم ، اذا رفضت دار المعلمات قبول الطالبات الخريجات في السنة السابقة لا تقبل ، هي محاولة لتعويض البنت عما فاتها وتشجيعها.
ــــ اعطني الموافقة حتى أبدأ بتدريسها واعدادها كمعلمة .
ـــــ اذا كان الموضوع يتعلق بالسنة القادمة انا موافق .
ـــــ بارك الله فيك يا عم ، والله انا على ثقة ، اذا الله وفّقها وقبلت في الدار وأكملت دراستها بنجاح وتعينت معلمة سوف تخفف عنك كثبرا من المتاعب وتكون كل شيء في حياة العائلة .
امتدت الجلسة وتشعب الحديث والرجل الطيب أبو مصطفى يفكر في طلب مهند لماذا في هذا الوقت ؟ وما ذنبه ان يهدر ماله على الآخرين ؟ فلم يجد جوابا يوصله الى الحقيقة ، ترك مهندا فرحا بموافقته وذهب الى غرفته .

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع






  رد مع اقتباس
/
قديم 20-09-2014, 11:58 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رد: رواية ( روناك .... دمـــاء ودموع ح3 ) من ج25.....


رواية (روناك .... دمــــــاء ودموع)ج29 و30
تأليف :- محمد عبد اللطيف السويجت

تايـــــــــــــــــــــــــــــع

(29 )
بين الجد والاغراء
شمر مهند عن ساعد الجد والعمل لتنفيذ ما اهتدى اليه من خطة هي في رأيه الأنجع والأصوب مما يفكر به الآخرون لانهاء محنة روناك . فخطته تُبعد عنها التقولات والشبهات وتبقيها شامخة رافعة الرأس لا يستطيع أحد ان يقدح في أخلاقها ونبلها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى في حالة اكمالها الدار بنجاح وتعيينها كمعلمة سوف تُدخل موردا ماليا حسنا ينقل العائلة من وضعها الفقير الحالي ما دون خط الفقر اقتصاديا الى حالة أفضل والمعلم آنذاك له مكانة وهيبة في نفوس الآخرين من هنا لن يتمكن أحد ان يتحكم في حياتها اضافة الى هذا ما لعائلتها من ثقل طيب ومكانة اجتماعية لائقة وحضور مميز لما تتمتع به من سماحة وحسن معاشرة وقدرة هذا الرجل من التأثير في محيطه وقد لاحظ مهند ذلك اثناء مروره بالسوق وعلاقة أبي مصطفى بالآخرين ،هذه الأمور قادرة على كم الأفواه ودرء الشبهات عنها فيما اذا تحدثت صبيحة أو ظهر منها شيء يوحي بذلك ...... أول عمل قام به مهند ذهابه الى محافظة السليمانية المركز والتقى هناك بلفيف من زملائه المدرسين الذين عيّنوا على ملاك دار المعلمات أو ممن كان محاضرا فيها وله علاقة طيبة بهم منذ تنسيبه الى المحافظة ... حاول ان يستثمر هذه العلاقة في الحصول على المناهج الدراسية المعتمدة في دار المعلمات للسنوات الثلاثة ، وقد حصل عليها فعلا وجلبها الى غرفته في حلبجة ...... مهند مهيأ لهذا الدور وهو خريج كلية التربية وقد أعدّ رسميا لهذه المهمة فقد درس فيها وطبّق طرق التدريس كما درس علم النفس اضافة الى مواضيع أخرى ، فليس من الصعب عليه ان يفتح دورة تدريبية لروناك في هذا المجال . وضع جدولا زمنيا دقيقا في توزيع محاضراته والقائها ورسم خطة تدريسية رائعة وعلى روناك متابعته وقراءة المواد واستيعابها وهو في عمله هذا حصل على فائدتين تهيئة روناك وتوسعة مداركها بشكل جيد قبل ان تطأ قدمها عتبة دار المعلمات وثانيا
انشغالها بما ينفع والانصراف عما تفكر به من سوء العاقبة لما حدث لها من مكروه مستقبلا وتعيد بذلك شبابها وحيويتها ونضارتها ....ألتزمت روناك بما يملي عليها من أوامر وطلبات وشرعت تقرأ بشغف نهارا وليلا كما اعتادت عليه من قبل في غرفته ، طالبة ذكية تصغي لما يلقي عليها استاذها واتجهت الى العلم وحده ....... لم يكتف مهند بمعلومات المنهج الدراسي بل اضاف اليها معلومات أخرى مما قرأه هو في دراسته الجامعية أو من قراءته الخاصة مضيفا اليها ما في تجربته وتجارب الآخرين ليشد من عزمها وثباتها ....علّمها كيف تكتب الخطة اليومية للدرس والخطة السنوية لمجمل مفردات المنهج وقرن ذلك بالتطبيق وقد فرض عليها دروسا تطبيقية تلقيها على أخويها قمرية وعلي في غرفته وأمام عينيه ويتابع اداءها ويصحح ويقيّم طريقتها في تناول الموضوع والخطة . روناك التي كانت بالأمس معتكفة مجنونة لم تفارق مقلتيها الدموع عادت الى نشاطها وحيويتها في خدمة مهند مستغنية عن خدمات بديلتها أختها قمرية هي التي تنظف الغرفة وترتبها وتجلب له الشاي والفطور وبرغبة ورحابة صدر تنفذ أي شيء يطلبه .... لم تقف روناك عند هذا الحد بل ذهبت الى أبعد من ذلك اظهار مفاتنها وحسن جمالها لاغرائه بغية ترغيبه في الزواج منها فاذا جلبت له الفطور اقتربت اليه كثيرا لتريه ترائبها وما بين نهديها واذا جلست أمامه تعمدت في جلستها ان تظهر له بعضا من ساقيها وفخذيها..أدرك مهند ما ترمي اليه وان روناك بريئة مما تعمل ولكن هذا بدافع وضغط من والدتها .... اذن لابدّ ان يضع نهاية لمثل هذه الأعمال المشينة وقبل ان يتسع الخرق على الراتق، قال لها بعدم رضا وقد كشفت عن ساقها عمدا ليراه اثناء جلستها :-
ــــــ روناك ، ابتعدي عن هذه الأعمال الصبيانية والطفولية ، أنت أكبر من هذه الصغائر، اجلسي بشكل طبيعي ، انا على يقين أنت لا تفكرين بهذه الطريقة، هذا تفكير الوالدة ، بلّيغيها ، لو كنت أسلك هذا الطريق لغيّرت أحوالك ، وأنا شاب أعرف طريق الرذيلة جيد ولكن لي دين وعرض وعائلة تمنعني أن أقوم بعمل قبيح دنيء لا يرضي الله ولا يرضى به العقلاء......هذه آخر مرة أسمح بها والا ــ والله العظيم ـــ أبلغ الوالد وأترك البيت الى الفندق ، تكبرين بعيني اذا كنت بنتا مؤدبة محترمة غير مبتذلة ....
لم تستطع روناك رفع رأسها خجلا ولم تحتمل ثقل كلماته ، تركت الغرفة وهي تقول :-
ـــــ العفو ، استاذ ، ما أقصد العفو
بعد ساعات قليلة عادت اليه نادمة خجلة على ما فعلت طالبة منه السماح :-
ـــــ استاذ ، انا اعتذر، صحيح لأمي دور في تصرفاتي ولكن اعذرني واعذرها ، هذا ما فكرت به وأنا مضطر على متابعتها ، اعذرنا ،استاذ ، ( ثم انتحبت باكية )..
ــــــ نعم ، أنا أفهم ما تريد الوالدة ،ولكن هذا الطريق صعب وأخطر من الأول ،اهتمي بالقراءة وتابعي المحاضرات وان شاء الله نجد حلا للموضوع ..

(30 )
حادثة ثأر
عاد مهند من جديد ليلتصق ببيت أبي مصطفى ويقضي أغلب أوقاته في غرفته فقد أناط مهام حسابات النادي الى نائبه ولم يبق له إلا الإشراف فلم يعد يتأخر ليلا كما كان قبل موافقة الأب على ذهاب ابنته الى دار المعلمات .... استغرقت روناك جلّ وقته اِنْ لم تكن قد اقتسمت عطاءه مع طلابه واذا كان لطلابه وقت محدد لالقاء محاضراته وسماع أسئلتهم واستفساراتهم مقرونا بتواجده بالمدرسة ، فان لروناك الحق ان تسأله في أي وقت تشاء ليلا كان او نهارا في غرفته لا حاجز يمنعها عنه ..... بات لم يرَ زميله الدكتور الا لماما وكثيرا ما عاتبه على هجرانه وابتعاده وكانت حجته انه مشغول بين المدرسة والنادي والعمل مع روناك فليس لديه وقت للزيارة ..... ذات يوم ساقه قدمه لزيارة الدكتور في المستوصف بعد ان انهى محاضراته في مدرسته الساعة الحادية عشرة صباحا ، رأى ان يقضي وقته حتى الظهيرة موعد الغداء وجد المستوصف خاليا من المراجعين تماما والدكتور جالس وحده يقلب صفحات جريدة بين يديه ما ان رأى مهند مقبلا حتى رمى الجريدة من يده جانبا ونهض مستقبلا ومعاتبا ( قبل ان يؤدي سلامه :-
ــــــ اهلا ، اهلا وسهلا ياستاذ ، الكلب الي عظك قتلناه ، ( مثل في لهجتنا العامية)
ــــــ السلام قبل الكلام ، يا دكتور ، ارحمنا .
تصافحا وجلس مهند على كرسي كان فارغا أمام مكتب الدكتور ، أسرع الدكتور في سؤاله ..
ــــــ خبّرني ، يا استاذ ، أين وصلت خطتك ؟ وما مدى نجاحها؟ وكيف حال البنت؟
ــــــ (مبتسما ) هوّن عليك . سؤال ، سؤال
ــــــ جواب السؤال الأول، الحمد لله ، الخطة تسير بنجاح .
جواب السؤال الثاني ، تمكنت هذه الخطة المتواضعة من اخراج البنت من اعتكافها وخلعت ثوب الجنون .
جواب السؤال الأخير ، هي الآن بخير .
ــــــ ( صفق الدكتور ممازحا ) برافو . جيد ، تصلح ان تكون باحثا اجتماعيا .
ـــــ لا تنسَ يا دكتور نحن نقرن التربية بالتعليم هذه مهنتنا (متفاخرا).
ـــــ بعدك .... الى الآن لم تفكر بالزواج منها .
ـــــ لا أنكر ان روناك زوجة مثالية ، وانا أحبها ، وما مرّ يوم الا ازداد تعلقا بها .
ـــــ اذن ، ما المانع من الزواج منها ، البنت مظلومة ،ولك الثواب .
ـــــ لا أستطيع ، لا أقدر .
ـــــ هذا تناقض مع الذات ــ أحب البنت ولا أتزوجها ــ لماذا ؟

ـــــ عاطفتي تدفعني اليها بقوة ، جميلة عاقلة مؤدبة ــ سبحان الله ــ فيها كل الصفات النبيلة ، ولكن صوت العقل يمنعني وأعتقد انها رغبة تُشبع ثم تبدأ تعاستي وآلامي .
ــــــ لماذا هذه النظرة السوداوية ؟ هل أنت غير واثق من نفسك ؟
ـــــ لا ، يا دكتور ، أنا اليوم هكذا، ولكن غدا ما يدريك كيف أكون ؟ وهل البنت تثأر من الرجال بعدما أصابها من جور وظلم، وأكون انا الضحية . لا أستطيع .
ــــ على افتراض ان خطتك فشلت ولم تُقبل روناك في دار المعلمات، كيف تواجه الموقف ؟
ــــ لم أخسر شيئا ،البنت عادت الى حالتها الطبيعية ،هذا هو المهم، اما القبول ، أنا أسعى بكل جهدي والعون من الله ... كنت صريحا معها في هذا الاتجاه .
دخل عليهم فجأة ضابط شرطة وعددا من أفراده ، سلّم . ردّا عليه التحية ، خاطب الضابط الدكتور قائلا :-
ـــــ دكتور ، تفضل معي الى المركز ، عشرة دقائق فقط وترجع .
ـــــ خيرا ، ان شاء الله
ـــــ مشاهدة جريمة ، حادثة قتل .
ـــــ ممكن تأجيله ، لدي ضيف عزيز

ـــــ عن أذن الضيف ، لا ، يا دكتور بسرعة ، عشرة دقائق، مشاهدة حادثة قتل حتى تزودّنا بعدها بتقرير اوشهادة وفاة، تفضلْ
ـــــ( التفت الدكتور الى مهند معتذرا ) العذر عند كرام الناس مقبول. الموضوع خارج السيطرة ، أبق هنا ، انتظرني ، انا راجع .
جمع الدكتور وسائله الطبية، السماعة وجهاز الضغط وأوراقه وأودعها في جرّارات المكتب ثم نادى المعاون الطبي سعد الله وسلّمه مفاتيح المكتب وقال له :-
ـــــ اجلس هنا ( وأشار الى مكانه ) أنا ذاهب مع الأخوة عشرة دقائق وأعود.. لم يقترب الوقت بعد الى منتصف النهار ، اصطحب الضابط الدكتور وخرجا معا سعد الله معاون طبي من محافظة ديالى أُبعد الى حلبجة لانتماءاته الفكرية ولكونه نشطا سياسيا هو وان لم يلتق مع مهند في الفكر الا انه كان حسن المعشر طيب الحديث يمتلك وعيا ثقافيا واجتماعيا حسنا أضفى على جلستهما جوا من المرح والمنفعة نسيا معه الوقت فقد مضى دون ان يشعرا به ومن دون قصد نظر مهند الى ساعته واذا به يقول لجليسه :-
ـــــ الساعة الواحدة والربع ، العفو تأخرت ، اسمح لي بالذهاب
ـــــ الى النادي
ـــــــ نعم
ــــــ انتظرني ، أحفظ الوسائل وأغلق الأبواب
ـــــ انتظرك في حديقة المستوصف .
خرجا من غرفة الدكتور وبدأ سعد الله بغلق الأبواب وجمع الوسائل بينما يتخطى مهند في الحديقة واذا بسيارتين مسلحتين تابعتين الى قوة الشرطة تقفان عند باب المستوصف يترجل من أحدهما الدكتور ويتجه بسرعة الى غرفته مناديا سعد الله أن يفتح الباب ، أسرع اليه سعد وامتلأت أروقة المستوصف بعناصر الشرطة ، استغرب مهند من هذا المشهد واقترب الى ضابط صف كان على معرفة به قال له:- ماذا حدث ؟
ـــــ حادث قتل .
ـــــ في القضاء
ـــــ لا ، كان على الشارع الرئيسي بين القضاء والمحافظة .
دفع الفضول مهندا ان يخرج من باب المستوصف وينظر القتيلين على سطح السيارة المسلحة مضرجين بالدماء وقد جعل الرصاص جسمهما كالمنخل .. اقترب مهند من ضابط الصف قائلا :-
ـــــ ماهذه الوحشية ؟ قتلة بشعة .
ـــــ يستحقان وأكثر .
ـــــ ما ذا فعلا ؟
ـــــ هما مجرمان يا استاذ ، الشخص الذي لا يحترم أعراض الناس يستحق أكثر من هذا .
ـــــ ماذا تعني ؟
ـــــ هذا سروان من الآغاوات والزناكَين في حلبجة شاب طائش مجرم دنيء يعتدي على أعراض الناس هو وسائقه ، قبل فترة خطفا شابة اسمها فاطمة واغتصبوها ولما عرف الأب قتل ابنته المسكينة البريئة في وقتها ، هذه تقاليد المجتمع القذرة، وما استطاع الأب ولا العشيرة ان يفعل شيئا للقاتل لأنهم ليس لهم القدرة لمواجهة عشيرة سروان وسائقه ، استهان سروان بعائلة الفتاة المغتصبة واستصغر شأنهم ولم يرسل عشيرته لتسوية الخلاف والأخذ من خاطرهم وارضائهم فيما يبدو لم يحتمل والد فاطمة ثقل العار واهانة سروان وعائلته لهم نصب له ولسائقه اليوم كمين على الطريق بين المحافظة والقضاء وقتلهم أبشع قتلة،أفرغ رصاص بندقية كلاشنكوف ومسدس في صدزيهما وسلّم نفسه الى الشرطة وخبّرنا عن مكان الحادث وذهبنا لجلب الجثث ، ونحن خائفون أن تهاجم عشيرة سروان المركز ويقتلوا الرجل ونريد تسليمه مع الجثتين بأسرع ما يمكن الى المحافظة ولذلك تلاحظ الضابط على عجل .
هنا أيقن مهند ان الذي اختطف روناك واغتصبها هو الذي اغتصب فاطمة فقد سمع هذا من روناك نفسها قالت ان أهلها قتلوها ولم يقدروا على الثأر من المغتصب .. اقترب من غرفة الدكتور ورفع يده مشيرا اليه مودعا ، هو الآخر على عجلة ليوصل الخبر ، وليتأكد من أن الفاعل هو لاغيره ...... خرج الدكتور خلفه وبصوت عالٍ ناداه :-
ـــــ استاذ ، استاذ مهند ، انتظرني قليلا لا تذهب حتى أنهي شهادات الوفات ..
ـــــ عندي شغل .
ــــــ لا تذهب ، تعال هنا ( بصوت آمر وكأن بينهما سرأ لا يعرفه سواهما )


يتبـــــــــــــــــــــع






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:53 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط