الحصــــــــــــــــان الأزرق

[بوشعيب العصبي]

في الثلث الأخير من الليل امتطيت حصانا أزرقَ من غير سرْجٍ ولا لِجام ، أمخُر عُبَابَ البحر في اتجاه اليابسة ، كنا نطوي صفحات البحر كما يطوي قارئٌ عابثٌ صفحاتِ كتابٍ، لم نشعرْ حتَّى ارتفعتْ أمامنا أمواجه كالحيطان ، وخلْت أننا سنغرقُ لا محالة، وأنا الذي لم يسبقْ له أن ركبَ بحرا أو اعتلى ظهرَ حيوان ..كأننا سقطنا من على سفينة نوح عليه السلام ، لكنْ نجونا بقدرةِ قادرٍ من جحيم الطوفان..هكذا أحسسْت ذات كَبْوَةٍ حين غمرتنا الأمواج من أخمص قدمينا حتى الرأس. كان شيءٌ ما يشدّني إلى ظهر الحصان لا أراه، إنما أشعر به ؛حَدَثَ ذلك مِرارا ، حين كانت تُدَاهمنا الأمواج على حين غرّةٍ. من شدة الخوف لم أكنْ أنظر إلى الخلف ولا أحدِّق كثيرا أمامي ، وحين فعلتُ بدَتْ لي قدّامي معالمُ جزيرةٍ يلفُّها الضَّبابُ وورائي نبتت صخورٌ ناتِئةٌ كسُفُنٍ غَزَاهَا الطُّوفان، ونحن معا على الشاطئ كسمكة قرْشٍ جَفَلَهَا البحرُ.
استرجعت بعض أنفاسي الباقياتِ ، وحاولت أن أخفيَ هَلَعِي عن الحصان،فكنت أمسح بيدي على ناصيته التي تراكم فُوَيقها رذاذُ الضّباب الخفيف ،وأُثْنِي عليه بوَابِلٍ من كلماتٍ ..، كان يطأطئُ رأسَه كسُنْبُلةٍ في شهر ماي، ويمجُّ من أنفه بين الفينة والأخرى بخارا كالدخان ، في الوقت الذي كان قلبي يوشك أن يفضحني من كثرة الخفقان..
لم أكنْ أحلمُ أبدا، إني رأيتني راكبًا مرَّاتٍ عدَّة على الحِصَان نفسه ،ولم أقصص ما رأيته على إخوتي.

[تسنيم الحبيب]

السلام عليكم

لا شك أن النص يحمل رسالة بليغة ، و لقد قدِم أكثر من مفتاح لفهمه ، و الواقع أني قرأت النص أكثر من مرة لأقترب من روحه .
هذا تأويل ما ربما يجانب فكرة الكاتب ، لكن النص و كما نعلم يتحرر من ملكية الكاتب بعد نشره ، و يخضع لقراءة المتلقي .
الناص يتحدث عن الثلث الأخير من الليل، أي وقت السحر ، و كما هو معلوم أن وقت خلوة أو عبادة ربما ،المجمل أنه وقت خاص، ثم يقدم لنا رمزية أخرى و هي الحصان الأرزق ، و قد قادني ذلك لأدوات النشر الإلكتروني ( الفيس بوك - تويتر - تليغرام )، ربما يقصد الناس أن الشخصية تمارس البوح اللامحدود ، فالحصان دون لجام ، و الرحلة فضفاضة حتى التيه !
أعجبتني القفلة أيضا ، لما لها من تناص قرآني ، و لما لها من رمزية حسب سياق النص .
يبقى هذا تأويل ما ، و يبقى المعنى في رحابة التلقي ، و يبقى النص جميلا .

خالص التقدير .

[رشيدة الفارسي]

رحلة مفتوحة على المدى
رحلة الذات إلى الذات
سباحة في الأعماق
في الغور
تستكشفه
تستكنهه
ألم يقل سقراط (اعرف نفسك بنفسك)

بوح جميل
مسني
مودتي والتقدير

[بوشعيب العصبي]

شكرا المبدعة تسنيم الحبيب على كرم القراءة التي فتحت بعض مغاليق النصيص...تحياتي..

[بوشعيب العصبي]

المبدعة البهية رشيدة عبد السلام..تسرني قراءة العميقة للنصيص..باقات ودي..

[زياد السعودي]

سلام الله
وتحية ترقى لبياض أرواحكم
نرى فيما يراه الحريص على جدوى العلاقة التشاركية
ان نرشح لكم هذا المنجز :

http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=66941

تعقيبكم اثراء

كل الود

[بوشعيب العصبي]

شكرا عميدنا على كل المجهودات المبذولة..محبتي الناصعة.

[بوشعيب العصبي]

شكرا المبدع الجميل عوض بديوي على فتح آفاق التأويل أمام القارئ....محبتي.

[خالد يوسف أبو طماعه]

لمزيد من الضوء والتلقي
كل الود

[محمد خالد بديوي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بوشعيب العصبي

في الثلث الأخير من الليل امتطيت حصانا أزرقَ من غير سرْجٍ ولا لِجام ، أمخُر عُبَابَ البحر في اتجاه اليابسة ، كنا نطوي صفحات البحر كما يطوي قارئٌ عابثٌ صفحاتِ كتابٍ، لم نشعرْ حتَّى ارتفعتْ أمامنا أمواجه كالحيطان ، وخلْت أننا سنغرقُ لا محالة، وأنا الذي لم يسبقْ له أن ركبَ بحرا أو اعتلى ظهرَ حيوان ..كأننا سقطنا من على سفينة نوح عليه السلام ، لكنْ نجونا بقدرةِ قادرٍ من جحيم الطوفان..هكذا أحسسْت ذات كَبْوَةٍ حين غمرتنا الأمواج من أخمص قدمينا حتى الرأس. كان شيءٌ ما يشدّني إلى ظهر الحصان لا أراه، إنما أشعر به ؛حَدَثَ ذلك مِرارا ، حين كانت تُدَاهمنا الأمواج على حين غرّةٍ. من شدة الخوف لم أكنْ أنظر إلى الخلف ولا أحدِّق كثيرا أمامي ، وحين فعلتُ بدَتْ لي قدّامي معالمُ جزيرةٍ يلفُّها الضَّبابُ وورائي نبتت صخورٌ ناتِئةٌ كسُفُنٍ غَزَاهَا الطُّوفان، ونحن معا على الشاطئ كسمكة قرْشٍ جَفَلَهَا البحرُ.
استرجعت بعض أنفاسي الباقياتِ ، وحاولت أن أخفيَ هَلَعِي عن الحصان،فكنت أمسح بيدي على ناصيته التي تراكم فُوَيقها رذاذُ الضّباب الخفيف ،وأُثْنِي عليه بوَابِلٍ من كلماتٍ ..، كان يطأطئُ رأسَه كسُنْبُلةٍ في شهر ماي، ويمجُّ من أنفه بين الفينة والأخرى بخارا كالدخان ، في الوقت الذي كان قلبي يوشك أن يفضحني من كثرة الخفقان..
لم أكنْ أحلمُ أبدا، إني رأيتني راكبًا مرَّاتٍ عدَّة على الحِصَان نفسه ،ولم أقصص ما رأيته على إخوتي.

جاء في الأثر :
{{ ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر}}

مفتاح ثمين قدمته أديبتنا القديرة : تسنيم الحبيب.
امتطاء الحصان الأزرق ربما دال على الدعاء وعلى ما قيل :

{{ركعتان يركعهما العبد في جوف الليل، خير له من الدنيا ومافيها}}

فكانت الصلاة والإطالة في القراءة والركوع والسجود ستكون هينة على من يقوم بهما خير قيام وقد شبههما الناص بالخيل الأزرق. فهو يخوض البحر الأزرق..وأمواجه الزرقاء..
كان في حالة اطمئنان وسكينة رغم مجابهته لأمواج عالية وظل شئ ما يشده إلى إعادة الفعل لما وجد من من أمن ومسرة. إلا أنه وحين دقق النظر أمامه وخلفه رأى :
{{ معالمُ جزيرةٍ يلفُّها الضَّبابُ وورائي نبتت صخورٌ ناتِئةٌ كسُفُنٍ غَزَاهَا الطُّوفان، ونحن معا على الشاطئ كسمكة قرْشٍ جَفَلَهَا البحرُ.}} شعور الخوف الذي تملكه أخفاه عن حصانه الغريب رغم خوفه وخفقان قلبه الظاهر, ويؤكد على أنه ما كان يحلم وقد حدث هذا مرات.

اللون الأزرق هو من الألوان الباردة وهذا ما يجعله أقرب للنور لأن النور بطبعه بارد
والإنسان حين يستمع إلى ما يدعو للخشوع يشعر ببرودة تسري من كتفيىه إلى أسفل
ظهره.أيضا اللون الأزرق من الألوان الهادئة. لون السماء..لون البحر.. واللون المحيط
بالهالة المحيطة بجسم الإنسان. كما أن علم النفس ينصح بهذا اللون لما له من انعكاس
ايجابي على النفس والجسد.
فيما يخص ملاحظة

{{ كان شيءٌ ما يشدّني إلى ظهر الحصان لا أراه، إنما أشعر به ؛حَدَثَ ذلك مِرارا ، حين كانت تُدَاهمنا الأمواج على حين غرّةٍ. من شدة الخوف لم أكنْ أنظر إلى الخلف ولا أحدِّق كثيرا أمامي }}

هي السكينة والطمأنينة تشده إلى ظهر حصانه دون أن يراه.. والرؤية هنا صعبة جدا ففيها خرق للحجب.. لكنها ليست مستحيلة في عرف العارفين. وكان يحدث ذلك

(( حين كانت تداهمنا الأمواج على حين غرة))

ويتابع من شدة الخوف لم أكن أنظر إلى الخلف ولا أحدق كثيرا أمامي. وهذه متطلبات وضروريات من أجل الوصول إلى حال يحتاج الكثير لأنه يفضي إلى رفعة المقام المنشود ولنا أن نتأمل بما حدث حين فعل.!! .. ربما هناك لن يبقى من الحجب إلا ما يقيها من طحنها لعدم قدرتها على رؤية مطلقة.

النص رائع ويحمل غير رسالة وإيحاء واتكاء القفلة على الآية الكريمة يبعث على التساؤل:

{{ لم أكنْ أحلمُ أبدا، إني رأيتني راكبًا مرَّاتٍ عدَّة على الحِصَان نفسه ،ولم أقصص ما رأيته على إخوتي.}}
تأكيد على أن ما حدث مرات عدة ليس حلما. أما الثانية ولم أقصص ما رأيته على أخوتي}} والآن .. نحن أخوانك نستمع بإنصات إلى حديثك المشوق .. عن نفسي لن اكيد لك بل سأدعو الله تعالى أن يزيدك من نوره وعلمه وأن ترى ما تطيق مما استعصى على البصيرة .

أديبنا المبدع بة شعيب العصبي

نص.. يبدو أن له أبعاده الفلسفية .. ومع قراءة أخرى والإطلاع على
ما جاء في ردود الأساتذة الأكارم يتضاءل البعد الفلسفي قليلا لأن أبعادا
أخرى تتجلى في حضرة النص.

سلمتم وسلمت روحكم النقية محلقة

احترامي وتقديري

[بوشعيب العصبي]

الأديب محمد خالد بديوي شكرا جزيلا على كرم القراءة
لولا رحابة عميدنا لما اطلعلت على تحليلك المدهش لمنجزي البسيط
إني لسعيد بكم وكل القراء المبدعين..
محبتي دائما صديقي.