لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-06-2017, 12:08 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الضَّيْف (الجُزْءُ الثَّاني)
الصَّوت: " أتَعْلَم؟ كنت أرى أعمالَك باسْتمرار وقَدْ أعْجَبَني سُلوكك بِرَغْم كثرة سُقوطكَ في التَّجارِب، لا سيَما الرَّهيبة مِنْها.
جوزيف (بِصوت هادِئ لا يخلو من التَّحدّي ناظِراً إلى الأرض رامِقاً الطيف بِنَظرَة جانِبِيَّة) : " كُنْتُ أشعُر دائِما بِأنَّ أحَداً ما يَتَعَقَّبني وعزَوتها للمَرَض؛ فالأصوات الحادَّة العالية التي ما انْفَكَّت تطرُق أذُناي على الدَّوام منذُ ولِدْتُ حَتَّى الآن، أي بعد مرور أربَعين عاماً، تُعَذّبني بِلا هوادة، زارِعَة في رأسي البَلْبَلَة اللاشُعورِيَّة. الصَّوت: " يا لَكَ مِن وَغْدٍ، حَتَّى أن الأمور الروحِيَّة الغامِضة باتت منجَلِيَة أمامَك فَصارَت لَك من المسافة أقرَب من حَبل الوريد! جوزيف (صارِخاً بِنَبْرَة عَصَبِيَّة مُؤَقَّتة): " اكْشِف عَن نَفْسكَ. أجِبْ أيَّها الجَبان. الصَّوت (بِصوت حاد وهادِئ جِدَّاً): "بَقِيَ التَّحَدّي الأخير وهُوَ أن تَجِدَني. أنا أعْرِف عَنْكَ كُلّ شيء، أجَل، كُل شيء..." وَقَفَ جوزيف مُحَوَّلاً وجهه بِهدوء شطر الشَّمال الغرِبي ثُمَّ قال: " حَسَناً، بِما أنَّك مُصِرٌّ على ذلك فليُكُن الغموض أداة التَّحَدي. أحاجِيَنّك أُحْجِية فإن عَرَفْتها، أكون الخاسِر والعَكس بالعَكس. الصَّوت: " قَبِلْتُ التَّحَدّي" جوزيف: " ما هي فاكِهة الشِّتاء وأين موقِعها؟" الصَّوت: " إنَّها النَّار التي يَحْتاجها البَرْدان وهي بالنّسبة لِموقِعكَ الآن تَقع إلى الشَّمال الشَّرْقي حيث الشَّمس تَبْزُغ." قال جوزيف في نَفْسِه:" يا للوغد، كأنهُ يَعْرف ما أُفَكّر بِهِ... ما أصْعَب هذا التَّحَدّي!" في تلْكَ اللحْظة، ظَهَرَتْ غَمامة حمراء غريبة الشَّكْل في السَّماء، وكانت قريبة من الأرض وكان يخال للنَّاظِر أنها ملاك يُصارِع بيَده شيطاناً أحمَراً ذي قَرْنَين وكانت يَديهما في وضعيَّة تكافُؤ. جاء دَور الشَّيطان حيث قال: " أعْرِفُ ماذا يَدور في خُلْدِكَ الآن من إسْتراتيجِيَّة شامِلَة. والآن أحاجيك، خُذْ إذَن، أحجيتي هي: بِحَسَب ذَبْذَبَتِهِ يَسْطَع وبِحِدَّةٍ يُحاكيك" أمْعَن جوزيف في التَّفكير، وكان ذلك الصوت يَتَرَدَّ في أذُنِهِ كالصَّدى قائلاً إيَّاكَ والخَطأ. وبعد عِدَّة دقائق أجاب جوزيف قائلاً: " للجَرَس صوت حاد وهو يَسْطَع، إذَن جوابي هو (المَعادِن)." لَمَعَتْ عين الشّيطان آنَذاك وهو يُحَدّق وجها لوجه بجوزيف الذي لاحَظ شيئاً يَلْمع في الضَّباب! ما أن اقْتَرَب جوزيف من الصَّوت مُحاوِلا الإلْتحام بِه حَتَّى توَجَّه الصَّوت نحو الشَمال الغربي إذْ راح جوزيف يلحَق مصدر الصوت (صَفير الرّيح) من الشمال إلى الجنوب الشَّرقي ثُمَّ الشمال الغَربي حيث تَوَقَّفا بعد عناء شَديد. جوزيف (لاهِثاً بِغَضَب): " هاكَ أُحجَتي، تَلِدْ لكن لا نَسْلَ لَها وحَيثُ تكون هي واجِهَة، وَفي قَلْبِها تَطْمَئنُّ أرواح أهْلِها." الصَّوت الشّيطاني: " تَلِدُ لكن لا نَسْلَ لها؟! إذَن هي الأم، إنها الأرض، وبالأخَصّ القِشْرة الأرْضِيَّة المُطِلَّة على العالَم، أمَّا قَلْبها فَهو حيث تَسْتَقْبِل الموتى؛ القبْر. أما الجواب فَهو (الأرْض)." حَدَثَ في تِلْكَ الأثْناء رَعْد، وإذا بالغَمامة الرَّهيبة تُصَوّر صورة شيطان يكاد يَهْزِمُ مَلاكاً! ثُمَّ صَدَرَت أصواتاً إبْليسيَّة مع صَرخَة للبطَل بدَت كألَمٍ دَهْرِيّ. وإذا بِعَيْنِ المَلاك الحامِلة تاريخاً من الحُروب تَدْمع، ويَهْطُل المَطر. وإذا بجوزيف يَتَدحْرج من الإعياء إذ كان واقِفاً على حافَّة مُنْحَدَر، فإذا بِه في مكان نحو جِهَة الشَّرْق. وجَاءَ دورُ الصَّوت الذي حَكى بِنَبْرة غاضِبَة قائلاً: " لا شَكْلَ لَهُ، لكِنَّهُ الأقوى على الإطلاق." جوزيف (ساخِراً): "وما غير الألْماس العديم اللون ويُصاغ في جميع الأشكال وهو المادَّة الأقْسى على الأرض، ثُمَّ اسْتَطْرَد قائلاً، ومَع ذلك ليست هذه هي الإجابَة أيّها المُخادِع في سُؤالكَ، ليس الألماس هو الأقوى، هناك ما يَخْرقه ويُحَلله، فأُجْبِر الشيطان أن يُجيب عَنه قبل أن يَفُوه جوزيف بالجواب فقال: إنه الماء. راحت دموع الشّطاني غير المَرْئي تسيل بِشِدَّة كأنَّها دّم مِمَّا تُرجِم بِهطول سامَّة على الأرْض. وَدَوَّى الرَّعْد كما من قنابِل ذَرِيَّة أطلقَت في آن واحِدٍ. يَتْبَع... |
|||
13-06-2017, 02:11 AM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: الضَّيْف (الجُزْءُ الثَّاني)
حوار سردي متمكن
من لدن قاص له دالة على السرد اثريتم الذهن كل الود |
||||
13-06-2017, 11:46 AM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: الضَّيْف (الجُزْءُ الثَّاني)
اقتباس:
إحتِرامنا الجَمّ وتقديرنا لِحضتركم أستاذنا الأديب السيّد زياد السُّعدي. وافِر امتِناننا. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|