ذات الصواري (مقالات ملفقة 13\3)

[محمد فتحي المقداد]

ذات الصّواري

مقالات ملفّقة (13\ 3)
بقلم - محمد فتحي المقداد

ذات الصواري أوّل معركة بحرية، خاضها المسلمون بقيادة عبدالله بن أبي السّرح مع الإمبراطوريّة البيزنطيّة أمام شواطئ الأناضول، حدثت في العام 35 هـ 655م، انتصر فيها المسلمون، و تأتي أهميّتها من كونها جاءت بنهاية سيطرة الدولة البيزنطيّة على البحر الأبيض المتوسّط، و يعدّ معاوية بن أبي سفيان هو أوّل من انتبه لبناء أسطول إسلامي، وسميّت بذات الصّواري لكثرة عدد صواري السّفن التي اشتركت فيها من الجانبين؛ والبعض يذكر أن هذا الاسم نسبة إلى المكان الذي دارت قريبًا منه المعركة.
و البحر ضدّ البرّ من الأرض اليابسة، وسُمّي به لاتّساعه، والجمع منه على (أبْحُر و بحار و بحور)،وكلّ نهر عظيم بحر. وفي العام 1956 أبحرت أساطيل بريطانيا وفرنسا واسرائيل من قواعدها في البحر المتوسّط إلى قُبالة الشواطئ المصريّة لتشُنّ عُدوانها الثُلاثي، على إثر قرار الرئيس المصريّ جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، وتصادف في هذه الآونة تخرّج الضابط (جول جمّال) برتبة ملازم ثانٍ، ضمن دفعة من بعثة عسكريّة سوريّة في كليّة سلاح البحريّة في مصر، عندما نال في مايو 1956 شهادة البكالوريوس في الدّراسات البحريّة، لم يرحل (جول) وبقيّة أفراد البعثة السوريّة من مصر بعد التخرّج في تلك الفترة؛ لأن مصر استوردت زوارق (طوربيد) حديثة، وقد إرتأت الحكومة السوريّة في ذلك الوقت أنّه من الأفضل ان يتم تدريب ضبّاطها المبتعثين على تلك الزوارق الحديثة، وفي ليلة 4 نوفمبر، التقط (جول) وأقرانه بثًّا فرنسيًّا للسفينة الحربيّة (جان بارت) العملاقة، وهي أوّل سفينة مزوّدة بأجهزة (الرادار) في العالم، وكانت مهمّتها في الوصول بالقرب من شاطئ بورسعيد، و كان أن قام بعمليّة انتحاريّة أحدثت أضرارًا بالغة في البارجة، ومن ثمّ غرقت.
و إذا كانت الفَرَس واسعة الجَري شديدة العَدوِ ، فهي (بحْرا)، وكان من عادة العرب شقّ أذُن النّاقة و الشّاة و خرقها؛ لتمييزها من أجل النُّذُر واحتفالاتهم الدينيّة، وهو ما يطلق عليه (البَحِيرَة)، وهي أن تلد النّاقة خمسة أبطُن؛ فإن كان الخامس أنثى شقّوا أذنها، وهي ابنة السّائبة التي كانوا يسيّبونها لأصنامهم، فلا يركبون لها ظهرًا ولا يحلبون لها لبنًا.
ويعتبر دير (الرّاهب بحيرا) في مدينتي بُصرى الشّام من أهمّ المعالم التاريخيّة الدينيّة فيها، حيث ارتبط ذكره بقدوم النبيّ محمد صلى الله عليه برفقة عمّه أبي طالب إليها، وقد تبيّن للراهب بحيرا مما يحتفظ بين يديه من الكتب و العلوم، بقدوم نبي آخر الزّمان إلى هذه المدينة، وقام بدعوة القافلة إلى وليمة، وسألهم: ما إذا تخلّف أحدٌ منهم. فأخبروه بأنّ هناك صبيًّا يحرس قافلتهم، فطلب إحضاره، ولمّا كشف عن ظهره رأى خاتم النبوّة، وبشّر عمّه بذلك، ونصحه بالمحافظة عليه من أن يُصاب بسوء، خاصّة من اليهود إذا علموا به.
ويُقال بأنّ مجمع البحرين المذكور في سورة الكهف يقع في منطقة (رأس محمد) في شرم الشّيخ في مصر، وهو مكان لقاء نبي الله موسى والخَضِر عليهما السّلام.
ومن هذا المعنى اتّخذ الشيخ فخرالدين الطريحي النّجفي، اسم (مجمع البحرين) لكتابه الذي تلتقي فيه اللغة مع التفسير و الحديث. كما أنّ كتاب (بحار الأنوار) للعلّامة محمد باقر المجلسي المعاصر للدولة الصفويّة (1037 هـ-1111هـ) يعتبر عمدة كتب الحديث عند الشّيعة.
ومملكة البحريْن هي مجموعة من أرخبيل من الجزر على الشاطئ الشرقي للجزيرة العربية المطلّ على الخليج العربي، ويبدو أنّها اتّخذت اسمها من التقاء مياه بحر عُمان مع مياه الخليج.
كما أنّ محافظة البحر في جمهورية مصر العربيّة، تقع في غرب الدّلتا، ويحدّها شمالًا البحر المتوسّط، وشرقًا فرع الرّشيد، وغربًا محافظتي الاسكندرية ومطروح، وجنوبًا الجيزة، وهي من الأماكن غزيرة الانتاج الزراعيّ، بينما محافظة البحر الأحمر امتدّت من خليج السويس على طول سواحل البحر الأحمر المصريّة.
ومن ركب البحر وأبحر في أعالي البحار في المياه المفتوحة البعيدة مسافة عن المياه الإقليميّة، إلى البحار السّبعة وهي ما نُطلق عليه اليوم مصطلح المحيطات، فلا بدّ له من مصارعة عُباب البحر أي أمواجه العاتية للنفاذ إلى وجهته، والمرور وسط البحر في دوّامة تتميّز بدوام الأمواج فيها، وهناك من الناس من يُصاب (بدُوار البحر) وهي الإسهال و القيء المترافق مع الدّوخة، بينما من يتنّسم نسيم البحر هروبًا من المدن المزدحمة و درجات الحرارة المرتفعة، ومن الممكن أن يُشاهد ويستمتع بمنظر حيوان (عقرب البحر) وهو من جنس السّمك من فصيلة عقربيّات البحر، ذو رأس ضحمة و زعانف ظهرية.
ويعتبر الفنّان (إيمان البحر درويش) هو من أعاد غناء تراث جدّه الفنّان سيّد درويش، ونجح في ذلك إلى حدّ ما، نال من خلاله الشهرة والاستحسان لعمله هذا في عالم الفنّ، و كثيرًا ما نسمع من صباح كلّ يوم أغاني فيروز التي تبثّها المحطّات على اختلافها، ومن أجمل أغانيها (شايف البحر شو كبير.. كِثر البحر بحبّك)، ما أجمل هذا المقطع المعبّر عن حالة إنسانية فريدة لكل قلب مفعم بالحبّ لحبيبه، الذي يسمو بمثل تلك المشاعر الشفيفة كنسيم الصباح.
كثيرّا ما يتردّد على ألسنتنا، عن شخص حاذق ماكر: (أخذه للبحر، ورجّعه عطشان)، ومن اتّسع صدره و اتّصف بالحلم، يقال عنه: (مثل البحر لا يتعكّر)، و(إللي ما يعجه، يشرب من البحر) كناية عن إغاظته وقهره، عندما لا يُستجاب لاقتراحاته و طلباته.
متعة الإبحار في ملفّقاتي، جعلتني أتبحّر في المعنى مُتعمّقًا مُتوسّعًا فيه، مما سيستطيبه (بحْرٌ) من القُرّاء والمثقفين واسعي المعروف و العلم، متوسّعين في مدّ الجسور لما أصبو إليه.

عمّان \ الأردن
28-3-2017