هنـــــــــــــادي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-03-2021, 04:07 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سيد يوسف مرسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديمية للعطاء
مصر
افتراضي هنـــــــــــــادي


وقفت هنادي أمام المرآة كعادتها كل صباح لترى وجهها قبل أن تخرج لزبائنها ، تعودت أن لا يراها أحد ٌ بوجه عبوس ، وهي تقدم له طبق الكشري بيدها ، اعتادت أن يراها زبائنها بوجه صبوح ضاحك ، منذ أن وطئت بقدميها الصنعه ومارستها عن قرب وهي ملتزمة بزيها ومظهرها العام غير متبرجة ..فقد صارت حديث الناس في الحارة والأماكن المجاورة وذاع صيتها وانتشر اسمها ( كشري هنادي ) وبات الناس يألفونها ويأتونها من كل فج ٍ عميق أماكن بعيدة عنها ، يتناولون طبق الكشري من صنع يدها ، لذلك كان على هنادي أن لا تخرج إلا منهدمة ، لها بريق وضياء ، فتصافح بوجهها المرآة كل صباح قبل أن تصافح بوجهها الزبائن .. أخذتها اللحظة في الخيال واختطفتها من حاضرها لتسافر عبر القطار ليرسو بها حيث كان الماضي وهي ترى صورتها وهي تركض خلف الحمار يحمل الروث على ظهره وجهها مغبرٌ ، حافية القدمين ، تجرى تحت أقدام الحمار مثل القطار فوق القضبان ، لا يألونها بالاً ،، جائعة أو يقتلها الظمأ .. ويقذها الخيال فوق رصيف الماضي ويرجعها للخلف ، وتطوف بها الذكريات .. تذكرت حين كانت تود أن تخرج بعد أن كبرت وبان على جسدها أثر البلوغ فلا يسمح لها ، ولا يسمح لها برفع صوتها ، فتطلب الخروج همساً من أمها وخفاء ، وإن أخذت موافقة بالخروج لا تخرج إلا وهي مغماه ملفوفة إلا من عيناها اللتان تبصران بهما ويبرقان تحت نقابها لترى الطريق فلا يرى منها إلا جبهتها من وجهها و قدميها في نعليها ...يوم أسود لو قابلها أحد من الجيران في الطريق وتعرف عليها ، تظل ترتعش ويكسوها الخوف خشية أن يخبر أخويها أو أحداً من أهلها أنه رآها ، فتكون في ذلك نهايتها ، أو على الأقل علقة ساخنة تنالها من أخيها الأكبر عبد العزيز .. لقد كانت نهاية فرحتها وقمة سعادتها هو خروجها إذا سُمحَ لها بالخروج ، وتظل تشكو لأمها الضيق حتى تسمح لها بالخروج خُفية بعيد اً عن أخوتها ، فتصحبها معها حتى القنطرة التي تقع خارج العمران لتشم بعضاً من الهواء وتتنفس من الضيق دون أن يعلم اخوتها وأبيها بذلك .. لقد كانت هنادي أشبه بسجينة في بيت أبيها ولا تستطيع أن تخالف أمرهم أو تكسر العرف السائد في بلدتهم وعند أهلها فعقاب ذلك عند الأهل شديد وقد يؤدي إلى قتل الفتاه أو المرأة المخالفة وتعتبر في عرفهم السائد نشوز لها ...
أما الآن فقد أصبحت حرة طليقة وقد تحررت من الكثير من هذه القيود لتخرج ، وتدخل ، ، وتصافح الرجال ، وتبتسم ، وتضحك ، وتضع المساحيق على وجهها، وتكحل عينيها ،، لقد دفعت هنادي الكثير مقابل حريتها وسعادتها وتحملت الكثير ولم ترضخ لمواطئه العرف رقبتها طول حياتها ،كانت تواقة للحرية عاشقة لها . فحين تقدم لها الحاج مدكور والذي كان يكبرها بأربعين سنة ، لم تعارض الارتباط به ، إلا إنها تود أن ترى الوجود ويراها ، وقد علمت أن الحاج مدكور على قدر من الثراء ، لا يحتاج إلا لمن يرعاه بعد أن فارقه أولاده وماتت زوجته ،وقد اتخذ من القاهرة موطناً وسكناً ، كانت هنادي تتطلع دائما للحرية لتخرج من القمقم المسجونة فيه ، وقد حانت لها الفرصة واتخذت قرارها بالموافقة لتعيش مع الحاج مدكور ، بعدما رأت في عيون إخوتها وأبيها الرضا به ، فعزّت هنادي بما تبقى من حياتها وشبابها ، ولم ّ لا ... فقد تجد عند الحاج مدكور متسعاً وبراحاً لم تره في بيت أهلها ، وقد شاء القدر أن لا تطول حياتها مع الحاج مدكور ... فقد ألم به المرض واعتلاه السعال وهي تطوف به على الأطباء حتى تركها بعد عام ونصف العام يلبي أمر ربه ، تاركاً لها ثروة تكفيها ، وقد استطاعت هنادي بذكائها أن تصمد أمام رغبة اخوتها ورجوعها للبلد مرة أخرى ، وهي تتودد لأخوتها بالهدايا تارة ، وتارة بالتعلل بفض الاشتباك مع أولاد المرحوم وراحت تستغل الوقت لصالحها ، وهي تأبى أن تعود لم َ كانت عليه وتسجن ، راحت هنادي تعمل وتشق طريقاً أخر .... فأبت ألا تعود إلى ما كانت عليه في حياتها مع أهلها ، فاشترت محلاً عن طريق أحد السماسرة وجعلته مطعماً لبيع الكشري وقامت هي بإدارته والعمل فيه بيديها ، فهي طباخة وطاهية ماهرة وست بيت ممتازة وكما يقولون صاحبة نفس في الطبخ والطعام .. وها هي الآن تقف على قدميها شامخة غير مقيدة وذاع صيتها وعلا اسمها وأصبحت حديث الناس لكن هناك شيء بداخلها يناديها .. فهل تلبي هنادي النداء ؟...
بقلم : سيد يوسف مرسي
وعودة حميدة مع هنادي بإذن الله في فصل قادم






قالوا :
لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع
فإن الخير فيها دخيل
  رد مع اقتباس
/
قديم 17-03-2021, 12:47 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محمد فهمي يوسف
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للإبداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية محمد فهمي يوسف

افتراضي رد: هنـــــــــــــادي

أهلا أديبنا الكبير الأستاذ سيد يوسف مرسي
سعيد أن أكون أول من يصافح قصتك الجديدة ( هنادي ) لأكتب رؤيتي المتواضعة لأخيه المتمرس في القصص
الريفية من جنوب مصر الغالية ، وبعد أن دار الحوار بيننا اليوم عن العادات المتوارثة في صعيد مصر ومدى
محافظتهم على الخلق الكريم لبناتهن وأبنائهم إناثا وذكورا ، وقد لمست ذلك بنفسي قبل أن تبوح لي عنه في
شخصكم المحافظ المؤمن مع أسرته . فقد عشت أكثر من عام كامل في جوف الصعيد القبلي لمصر المحروسة
في أول حياتي الوظيفية وتعلمت من وجودي وسط أهل تلك البلاد الكثير من القيم والمباديء العالية .
=====================================================
بعد هذه المقدمة التعريفية بالأديب العزيز الأخ / سيد يوسف مرسي
أهنئك على هذا السرد الجيد لأحداث بطلة القصة الصعيدية ( هنادي )
وهذه العقدة التي تصاعدت فيها الإحادث لتصل إلى عقدة الفكاك من أسر
وقيود الحبس لفتاة تشتاق لحرية الانطلاق مع محافظتها على الأخلاق
وهنا تبدأ الحياة التي نشدتها بمهارة وشهرة وعمل جاد مثمر نافست فيه
المرأة الرجل فيه كما نافست غيرها القيادات حتى أصبحت من كبار الشخصيات
في الدول المختلفة في ضوابط هذا الانطلاق الذي لا يعارضه الدين طالما
اتفق مع ما نالته المرأة في ظل الإسلام من الحقوق والحريات ما جعلها تنافس الرجال
وهنادي ( بطلة قصتك ) ما زالت أحداث طريقها كما نوهت في نهايتها ممتد إلى فصل آخر
وأرجو لك التوفيق حتي الانتهاء من مصيرها في قفلة تشد الأحداث من البداية حتى النهاية
وتجعلها قفلة متميزة باختلاف الرؤى والآراء في تفصيلاتها والتعليق عليها وهنا يكمن جانب
الإبداع الحقيقي للأديب المؤلف الأستاذ سيد يوسف مرسي
================================
أما جانب ( خدمات رابطة محبي اللغة العربية )
فله شأن آخر في التعليق ، ولعلك تفطن إلى بعض الأخطاء فتراجعها وتصوبها
قبل أن يتولاها المتصفحون بالنقد أو البيان . مع تحياتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 17-03-2021, 08:15 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
سيد يوسف مرسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديمية للعطاء
مصر
افتراضي رد: هنـــــــــــــادي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيد يوسف مرسي مشاهدة المشاركة

وقفت هنادي أمام المرآة كعادتها كل صباح لترى وجهها قبل أن تخرج لزبائنها ، تعودت أن لا يرها أحد ٌ بوجه عبوس ، وهي تقدم له طبق الكشري بيدها ، اعتادت أن يراها زبائنها بوجه صبوح ضاحك ، منذ أن وطئت بقدماها الصنعه ومارستها عن قرب وهي ملتزمة بزيها ومظهرها العام غير متبرجة ..فقد صارت حديث الناس في الحارة والأماكن المجاورة وذاع صيتها وانتشر اسمها ( كشري هنادي ) وبات الناس يألفونها ويأتونها من كل فج ٍ عميق وأماكن بعيدة عنها ، يتناولون طبق الكشري من صنع يدها ، لذلك كان على هنادي أن لا تخرج إلا منهدمة ، لها بريق وضياء ، فتصافح بوجهها المرآة كل صباح قبل أن تصافح بوجهها الزبائن .. أخذتها اللحظة وركض بها الخيال واختطفها من حاضرها لتسافر عبر القطار ليرسو بها حيث كان الماضي وهي ترى صورتها وهي تركض خلف الحمار يحمل الروث على ظهره وجهها مغبرٌ ، حافية القدمين ، لتعزز الخصوبة بالأرض فتأتي بثمار وفيرة ، تجرى تحت أقدام الحمار مثل القطار فوق القضبان ، ولا أحد يألوها بالاً ،، جائعة كانت أو يكاد يقتلها الظمأ .. يقذفها الخيال فوق رصيف الماضي ويرجع بها للخلف ، وتطوف بها الذكريات .. فتذكرت حين كانت تود أن تخرج بعد أن كبرت واستدارت وبان على جسدها أثر أنثوتها والبلوغ ، فحجبت عن الأعين فلا يسمح لها بالخروج ولا يسمح لها برفع صوتها ، فتطلب الخروج أحياناً همساً من أمها وخفاء ، وهي تتضور وتتشفع لأمها كي تسمح لها بالخروج ، فإن أبدت أمها موافقة لها بالخروج لا تخرج إلا وهي معها ، مغماه ملفوفة إلا من عيناها اللتان تبصران بهما يبرقان تحت نقابها حتى تكاد لا ترى الطريق ، فلا يرى منها إلا جبهتها من وجهها و قدميها في نعليها ...يوم أسود لو قابلها أحد من الجيران في الطريق وتعرف عليها ، تظل ترتعش ويكسوها الخوف خشية أن يخبر أخويها أو أحداً من أهلها أنه رآها ، فيكون ذلك بمثابة الطامة الكبرى ونهايتها ، أو على الأقل علقة ساخنة تنالها من أخيها الأكبر عبد العزيز .. كانت نهاية فرحتها وقمة سعادتها هو خروجها إذا سُمحَ لها بالخروج ، وتظل تشكو لأمها الضيق حتى تسمح لها بالخروج خُفية بعيد اً عن أخوتها ، فتصحبها معها حتى القنطرة التي تقع خارج العمران لتشم بعضاً من الهواء وتنفس بعضاً من الضيق دون أن يعلم اخوتها وأبيها بذلك .. لقد كانت هنادي أشبه بسجينة في بيت أبيها ولا تستطيع أن تخالف أمرهم أو تكسر العرف السائد في بلدتهم وعند أهلها فعقاب ذلك عند الأهل شديد وقد يؤدي إلى قتل الفتاه أو المرأة المخالفة وتعتبر في عرفهم السائد نشوز لها ...
أما الآن فقد أصبحت حرة طليقة وقد تحررت من الكثير من هذه القيود لتخرج ، وتدخل ، ، وتصافح الرجال ، وتبتسم ، وتضحك ، وتضع المساحيق على وجهها، وتكحل عينيها ،، لقد دفعت هنادي الكثير مقابل حريتها وسعادتها وتحملت الكثير ولم ترضخ لمواطئه العرف رقبتها طول حياتها ،كانت تواقة للحرية عاشقة لها . فحين تقدم لها الحاج مدكور والذي كان يكبرها بأربعين سنة ، لم تعارض الارتباط به ، إلا إنها تود أن ترى الوجود ويراها ، وقد علمت أن الحاج مدكور على قدر من الثراء ، لا يحتاج إلا لمن يرعاه بعد أن فارقه أولاده وماتت زوجته ،وقد اتخذ من القاهرة موطناً وسكناً ، كانت هنادي تتطلع دائما للحرية لتخرج من القمقم المسجونة فيه ، وقد حانت لها الفرصة واتخذت قرارها بالموافقة لتعيش مع الحاج مدكور ، بعدما رأت في عيون إخوتها وأبيها الرضا به ، فعزّت هنادي بما تبقى من حياتها وشبابها ، ولم ّ لا ... فقد تجد عند الحاج مدكور متسعاً وبراحاً لم تره في بيت أهلها ، وقد شاء القدر أن لا تطول حياتها مع الحاج مدكور ... فقد ألم به المرض واعتلاه السعال وهي تطوف به على الأطباء حتى تركها بعد عام ونصف العام يلبي أمر ربه ، تاركاً لها ثروة تكفيها ، وقد استطاعت هنادي بذكائها أن تصمد أمام رغبة اخوتها ورجوعها للبلد مرة أخرى ، وهي تتودد لأخوتها بالهدايا تارة ، وتارة بالتعلل بفض الاشتباك مع أولاد المرحوم وراحت تستغل الوقت لصالحها ، وهي تأبى أن تعود لم َ كانت عليه وتسجن ، راحت هنادي تعمل وتشق طريقاً أخر .... فأبت ألا تعود إلى ما كانت عليه في حياتها مع أهلها ، فاشترت محلاً عن طريق أحد السماسرة وجعلته مطعماً لبيع الكشري وقامت هي بإدارته والعمل فيه بيديها ، فهي طباخة وطاهية ماهرة وست بيت ممتازة وكما يقولون صاحبة نفس في الطبخ والطعام .. وها هي الآن تقف على قدميها شامخة غير مقيدة وذاع صيتها وعلا اسمها وأصبحت حديث الناس لكن هناك شيء بداخلها يناديها .. فهل تلبي هنادي النداء ؟...
بقلم : سيد يوسف مرسي
وعودة حميدة مع هنادي بإذن الله في فصل قادم

تم تمحيص بعض الهنات بالقصة






قالوا :
لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع
فإن الخير فيها دخيل
  رد مع اقتباس
/
قديم 30-07-2022, 12:04 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
سيد يوسف مرسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديمية للعطاء
مصر
افتراضي رد: هنـــــــــــــادي

هنادي
الفصل الثاني
اليوم غير الأيام التي سبقته ، شعور مختلف عند هنادي ، وهي تقف خلف البترينة ،
يأخذها الخيال فتغيب عن وعيها ، تسبح في بحرها الذي لا ترى له شواطئ ، تتجلى
الصورة في عينيها ويهدر الموج الضاحك ، ينتابها الخوف ترتد مذعورة وتخشى
المصير المجهول ، يعيد إليها الوعي العامل المكلف بطلبات الزبائن ، إنها المرة الأولى
التي تجد فيها نفسها بلا وعي ، شعور مغاير ، ودقات قلبها المتسارعة ، لقد باتت مؤرقة
حتى أحست أن وسادتها اشتكت ، من كثرة نقلها وتقلبها تحت رأسها ، ذهبت إلى المرآة
التي تقف على وجه الحائط ، كأنها تريد أن تحدثها عن نفسها ، تحكي لها عما يؤرقها ،
تعرف يقينا أن المرآة حفظت كل ملامحها ، تعرف أن المرآة صادقة معها ، ولا تخبئ
عنها شيئاً إذا قصدتها ، لم تضحك المرآة كعادتها لها ، وإنما وارت عنها ما لاحظته في
عيونها ، لكنها أوحت إليها بشيء أخر ، طال وقفها أمام المرآة ، والبحر لا يتوقف
عن الهدير وهي لا تجيد السباحة ، سمعت الكثير من القصص ، لكن وجدان هنادي
باتت تشكو من العطش ، تحتاج من يرويها لها ، لماذا لا يسقط عليها الغيث ؟،
لماذا لا يندي وجهها الندى ؟، تعود هنادي تقهقريا للوراء حين يصدمها الواقع ..
كيف تنجو من المألوف عند القوم ؟،كلما نظرت وأرادت أن تدور برأسها لتجد منفذا ،
اصطدمت بالعرف الأسود ورجاله الأشداء يلتفون حولها ، يحملون المدي والخناجر ،
لا شيء يتم إلا بموافقة العرف ورجاله ، وأي تمرد سوف يقابل بطعنة خنجر أو
رصاصة من بندقية غير مرخصة جاهزة لتجرب في هذه الحالات ، كانت هنادي تريد
أن تجد لها منفذا تخرج منه وتنجو بنفسها ، وكلما أدارت وجهها وجدت أمامها أخيها
عبد العزيز بنظراته الحادة وهو يأكل في شفتيه بأسنانه ، وطه بصوته العالي وتهوره ،
واسماعيل التي كانت تظنه مختلفاً عنهم ،والذي بات داهية من الدواهي الكبيرة .
أما زوجاتهم تعرف هنادي أنهم لا يختلفون عن إخوتها شيئاً ، فقد لاقت منهم الكثير
قبل زواجها ، دائما ما تصف عايدة زوجة عبد العزيز بالسوسة ، فمن عادتها أن تنخر
في السليم كي تفسده ، أما سمية التي تجرعت كل أنواع السموم وباتت كالحية ،
لا يحلو لها إلا الزحف على الأرض واللدغ ، وبنت اللئام فاطمة التي رضعت لبن الذئاب
وباتت كاللبؤة مفترسة ، والذي لا يعنيها إلا مصلحتها ، كيف تستطيع هنادي الخلاص
أو التمرد ؟، تعلم هنادي يقينا أن أمرها في غاية الصعوبة ، فقد تأخذ لتكون ضحية بدون
عيد أضحى ، وقد تصبح وجبة دسمة في وليمة بدون عُرس ، استطاعت هنادي أن
تخلق هدنة أو تصنع بينها وبين إخوتها سلام هزيل .. كممت أفواههم وراحت تغدق عليهم
بالكساء من حين لأخر وهي تحاول ارضائهم واسكاتهم عنها ، لكنها لا تعرف إلى أي مدى
يستمر الوضع معها هكذا ؟....
تذكرت هنادي وقد سقطت من مقلتيها دمعة حارة ، سمعت صوت اصطدامها بالأرض
تذكرت أن النافذة التي كانت ترى بها الدنيا قد أقفلت ، لقد ماتت أمها التي كانت هنادي ترى
من خلالها الدنيا ، وهي التي كانت تحميها من اخوتها وتدافع عنها ، تذكرت هنادي
حينما كانت أمها تختلق الأعذار لتأخذها معها عند العوجة عند أخوالها ، ملفوفة بملاية
من صابع قدمها حتى رأسها ، مسدله على وجهها طرحة أو لا ثمة وجهها بطرحة ،
فتبطيء هنادي خطوتها خلف أمها لتكشف عن وجهها ، لتنعم ببعض الهواء البارد
كي يلفح وجهها وتشم بعضاً من الهواء وهي تقول :الله .. الله على الهواء الطيب
وكأنها تدهن بشرتها بهذا الهواء وتشربها إياه ، فتحس بالنضارة قد ملأتها ..
تخشى أمها أن يكون أحدا قريبا منهم فيرى وجهها فيشي لأحد من أخوتها أو أبيها
فتنال علقة ساخنة .. لقد تزوجت هنادي ممن هو في سن أبيها لتهرب لتنجو بنفسها ..
لكن القدر جعلها بين فكي الرحى ، فهل تكرر هنادي ما فعلته حتى لا تعود للجحيم ؟
وإلى فصل أخر مع هنادي
بإذن الله تعالى






قالوا :
لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع
فإن الخير فيها دخيل
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-08-2022, 04:35 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
سيد يوسف مرسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديمية للعطاء
مصر
افتراضي رد: هنـــــــــــــادي



هنادي
الفصل الثالث
استعانت هنادي بأحد الطهاه كي تطوير نشاطها فيما ودت أن تقدمه لزبائنها ، فبدلا من اكتفائها بطبق الكشري المكون من الأرز والمكرونه وقليل من حبات الحمص والعدس وقليل من صلصة الطماطم المسبكة ،صنعت الهامبرجر والحواوشي وطواجن اللحمة والباشمل ، فتنوعت زبائنها وجلبت إلى مطعمها فئة قادرة على الدفع ، كتقديم وجبات كاملة من الدجاج المشوي تحتوي على الارز والسلطة الخضراء والحمراء والخبز وجميع الخضروات ، حتى سادت وتسيدت الزمان والمكان ، فقصدتها العائلات وأصحاب الدخول المرتفعة، كما قصدها من قبل العمال والفقراء وأصحاب الأعمال الذين يسعون لوجبة سريعة ليس فيها تكلف ، فاستطاعت أن تسحب السجادة من تحت أقدام الكثير ين من أصحاب الشهرة في مجال المأكولات ، وصعد نجم هنادي وارتفع في عنان السماء حتى باتت تسطع في سماء المدينة كلها ...و كان ممن بات يقصدها زبونا لم تعره بألا وانتباها ، شأنه شأن الكثيرين الذين يترددون على مطعمها ويقصدونه ، عادة ما يأتي إلى المطعم في المساء ، يجلس هناك على طربيزة تقع في الركن الهادئ كما يسميه هو ، يبدو أنه من الذين يعشقون الهدوء ، يكاد عمره لم يفارق العقد الخامس إلا بعام أو عامين ، يتبعثر الشعر الابيض في رأسه وينتشر ،طويل متزن يبدو عليه الوقار ، مهندم في لباسه ، دائما ما يخفي عينيه تحت نظارته العسلية الفاتحة ، لا يأتي مترجلا ، عادة ما يصحب سيارته السوداء ، يقف قريبا من المطعم ثم يدخل لتناول طعامه ، اليوم جاء مبكرا على غير عادته ،جلس في مكانه المعتاد له ، لم يكن في هذه المرة وحيدا ، بل جاء بمن يصاحبه ويمشي خلفه ، طلب طعاما لنفسه ورفيقه ، لاحظت هنادي أنه بنظرها ويرمقها من خلف زجاج نظارته العسلية ، كانت الحركة في المحل مكتظة ،لا تجعلها ولا تسمح لها بالوقوف طويلا أمام كل ما تشاهده أو تراه ، أنهى الزبون ورفيقه طعامهما ،تقدم الزبون المهندم صاحب النظارة العسلية إلى هنادي ليدفع لها قيمة فاتورة طعامه .. صاح العامل المخصص في تقديم الطلبات .. مئة جنيهاً يا معلمة ، ناول الزبون المعلمة هنادي الحساب حاشرا بين النقود بطاقة تعارف له ، الزبون : تفضلي يا هانم الحساب ...
لاحظت هنادي البطاقة المحشورة بين النقود وهي تتناول النقود منه .. ما هذا ؟. الزبون : بطاقة تعارف خاصه بي. ... هنادي دون أن تنظرها جيدا : وماذا أفعل بها و لماذا التعارف يا أستاذ ؟ . الزبون : أرجو أن لا يساء فهمك لي ، فأنا أقدم لك نفسي وهذا شرف لي ، أنا العقيد كرم الماحي ضابط شرطة ، لم يكمل حديثه معها ، فانقبض قلبها وتغيرت ملامحها في الحال . رأى العقيد كرم أثر الموقف على وجه هنادي ؛ فتبسم ابتسامة عريضة وهو يقول لها : لا تخافي ولا تنزعجي .. أنا طالب قرب ، وطالب حلال ، هنادي :وكأنها لم تسمع ما قاله وتنكره . يا سعادة البيه :أرجوك أخبرني ما الحكاية وما القصة؟. العقيد كرم وابتسامته لم تفارقه ، كما قلت لك بالضبط وتستطعين أن تتحري عني وهذه البطاقة ستيسر لك معرفتك بي والسؤال عني ،.....
فلا ترفضين ولا توافقين سأنتظرك حتى تأخذين وقتك في التفكير و تأخذين قرارك على مهل وتدبر .ثم تركها وغادر هو وصاحبهوابتسامته تصاحبه ..إنسامت هنادي وتركاها في لجة من الطوفان لا تعرف كيف تنجو من الغرق
ومع هنادي وفصل أخر
باذن الله تعالى






قالوا :
لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع
فإن الخير فيها دخيل
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-08-2022, 09:50 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
سيد يوسف مرسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديمية للعطاء
مصر
افتراضي رد: هنـــــــــــــادي

هنادي



@@@@@
هنادي
الفصل الرابع
ترك العقيد كرم هنادي في موقف لا تحسد عليه ، لقد تقدم الكثير لها بغية الزواج منها ، تقدم إليها موظفين وأصحاب محلات ، وممن يقول منهم رجل أعمال ، من لحظة أن مات زوجها ، وهي تعلن الرفض
وتقدم لكل خاطب لها سببا مقنعا للرفض ، فإذا تقدم خاطب من أصل صعيدي تعللت بأن قبيلتها لا تزوج بناتها خارج القبيلة ولا ترضي بذلك ولا أهلها يقبلون ، وإذا تقدم لها خاطب من أصول فلاحية إدعت بطريقة ظريفه لا يزوج الصعايده بناتهم للفلاحين ، كانت تقدم رفضها للمتزوجين وترفض أن تكون زوجة ثانية ، أو ضرة لغيرها ، كانت هنادي ترى أن أغلب المتقدمين لها أصحاب نزوات وأهل طمع ، وتعتقد أن كل ما بنته سينتهي أمره في طرفة عين ، والعقدة ما زالت بها من جنس الرجل لما تراه في إخوتها من تسلط وطمع ،وما يصنعونه مع زوجاتهن ، هنادي لن تعود لما كانت عليه ، فيصفع خدها من جديد كما كان يصفع من قبل ... حارت هنادي في أمرها ، فلا تعرف هل ترد هذا الخاطب أم توافيه بالقبول ؟.. وماذا لو قبلت طلبه ورفضه إخوتها وأهلها ؟.. وهل العقيد كرم سيكون لها أم سيجعلها سجينة في شقته ويهدم كل ما قامت ببناءه ؟... أسئلة كثيرة دارت في رأسها ، لكنها وقفت على حين غرة ، وهي تتحسس قلبها ، لقد أخفت هنادي مشاعرها عن الدنيا كلها ، حتى تكاد تكون قد أخفت مشاعرها عن ذاتها ، واعتلت شفتاها ابتسامة عريضة وبرقت عيناها فجأة . لكن ماذا عن هذا الذي كلما رأته هنادي دق قلبها ......!؛ لأول مرة في حياتها تحس هذا الإحساس تجاه شخص لا تعرفه عن قرب ، إنما الصدفة التي جعلتها تقابله ، بمجرد رؤيته لأول مرة دق قلبها ، وأحست بإحساس لم تحس به قبل ، أبطلت الكثير من معاملاتها ووجهت أغلب مشترياتها من الأرز والمعكرونه من خلف ، داخلها يحدثها دائما ويدفعها إليه ، ترتاح لحديثه معها ، لم تتبادل معه اي كلام غرامي أو أي كلام معسول ، كان هدوء خلف وطريقة كلامه جاذبة لهنادي المتعطشة ، لم تعرف هنادي ولا تستطيع أن تتأكد أن خلف يبادلها نفس الشعور ونفس الراحة النفسية حين تذهب إلى شركته وتقابله... واليوم بات عليها أن تتجرأ لتخطو خطوة للأمام حتى تستطيع أن تقف على أرضية صلبه ، وتنخذ قرارا صائبا ، فأما أن تعلم خلف بشعورها تجاهه ورغبتها في الاقتران به ، وأما أن تعصر على قلبها ليمونتين ليهدأ ، وثم تقبل وتوافق على طلب العقيد كرم الماحي فهو مازال منتظر ردا منها ..
وضعت هنادي بعض حروفها للمقارنة فيما هو أوجب أو أفضل لها بين خلف والعقيد كرم .. رأت هنادي أن خلف ليس كبيرا عنها بفارق في العمر بينهما كبير يكاد يكبر ها بثلاث سنوات أو خمسة على أكبر تقدير ، متلهفة هنادي عاشقة لجنس الرجل الهادي ، صالح باعتدال دون تزمت ، يعمل في مجال ينتاسب مع مجالها، وسيكون منفيد لها في عملها ، لن يحجر عليها عملها وسيكون عنونا لها ، أما العقيد كرم فقد رأت هنادي فيه الاتزان والجدية ،لكنه أكبر منها ب25 بخمسة وعشرين عاما ، رجل عسكريا وذو مكانة ، له أسلوبه في الحياة التي تتعارض مع أسلوب حياتها ، لكن من الأشياء التي جعلتها تعزز رفض طلبه ، فهي لا تعرف عن حياته شيئا ، ولا يوجد لديها من يأتيها بتفاصيل حياته حتى تستطيع أن تقول له نعم باقتناع ....

مع هنادي وفصل أخر وأحدث جديد
باذن الله تعالى

@@@@@@






قالوا :
لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع
فإن الخير فيها دخيل
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-08-2022, 10:17 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
د.عايده بدر
فريق العمل
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
فائزة بالمركز الأول
مسابقة قصيدة النثر 2020
تحمل صولجان الومضة الحكائية
وسام المركز الاول في القصة القصيرة
مصر

الصورة الرمزية د.عايده بدر

افتراضي رد: هنـــــــــــــادي


مبدعنا القدير الراقي
أ.سيد يوسف مرسي
مرحباً بحرفكم الراقي القدير
كنت قد قرأت الجزء الأول قبلاً
وتركت تعليقي عليه وكما يبدو كنت مصيبة في توقعي أن لها أجزاء
نقلت تعليقي السابق هنا أيضاً
وسأكمل قراءة الأجزاء التالية على مهل
تقبل تقديري مبدعنا الراقي

/

وكم من "هنادي" مغلقة عليهن الأسوار
ومكبلات في قيود لا أساس لها من الصحة
ذلك أن القيم المجتمعبة والدينية لا تتعارض مع حرية الإنسان
وطالما كانت تربية الاهل تزرع فيهم الثقة
فربما تخفيف وطة هذه القيود يكون لصالحهم/ن
نموذج حقيقي كانت بطلتنا هنا مبدعنا القدير
وقد صورت باحترافية واتقان مشاهد حيااتية عاشتها
وقصة كفاحها لتظل تنعم بحريتها الملتزمة
وتركتنا في شغف لمعرفة القادم
مبدعنا القدير الراقي
أ.سيد يوسف مرسي
نصك الرائع له تكملة وقد بدا لي أنه جزء من رواية
أو قصة طويلة ليتتك تستكملها
يسدني أني حظيت بقراءتها اليوم وانتظر استكمالها
تقبل تقديري الدائم وكل مودتي
عايده








روح تسكن عرش موتي
تعيد لي جمال الوجود الذي هو بعيني خراب
  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:05 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط