الروح ترقص في مهدها - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ قال المقال ⊰

⊱ قال المقال ⊰ لاغراض تنظيمية يعتمد النشر من عدمه بعد اطلاع الادارة على المادة ... فعذرا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-06-2015, 12:03 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
هيام ضمره
عضو أكاديمية الفينيق
رابطة الفينيق/ عمون
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن

الصورة الرمزية هيام ضمره

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

هيام ضمره غير متواجد حالياً


افتراضي الروح ترقص في مهدها

قراءة تحليلية في كتاب
الروح ترقص في مهدها.. للأديب الشاعر نزار سرطاوي
إعداد الأديبة هيام ضمرة

في يوم حمل تاريخه ذات مناسبة إبداعية لأحد زملاء الثقافة المُبدعين، ومِنْ عِقر دار المكتبة الوطنية في عمان العاصمة، تلقيت الإهداء بهذا المُنجز الذي يحمل عنوان (الروح ترقص في مهدها) مُهْدىً منّ الصديق الأستاذ الأديب نزار سرطاوي، وهو ممنْ أحمل لهم مشاعر أخوة باذخة واحترام خاص، كونه يمتلك في ذاته منظومة أخلاقية هي جديرة بأن تفرض احترامها على الآخرين إضافة لإبداعه الشعري وتعدد ثقافاته وإبداعاته، وقدرته على الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الانجليزية وبالعكس بجودة عالية، بحيث لا يُفقد النصوص الأدبية نبْض الحياة المُكتنز داخلها، فأنْ تكون ضليعاً باللغتين التي تترجم بينهما معناه أنكَ ملكت أهم أدوات الترجمة وسحر إغداقات اللغتين في آن، فالترجمة ليست مجردة من الحياة، وإذا لم يجري النبض في شرايين النصوص المترجمة فقد فقدت بريق الإبداع فيها.

التمهيد
منذ لحظة دخولي إلى مُعترك مضمون الكتاب، ونقاط الجذب تشدني مِنْ أشد أطراف إحساسي، وتمنحني قوة الانجذاب لبريق مادته، بدءاً مِنَّ المدخل بالعنوان تلك البوابة الرئيسة للكتاب، إلى الجهة المُهدى إليها الكتاب، ثم إلى المتن الذي تكتشف فيه ما تكتشف من تأثير اللغة العربية على المثقف الغربي وما تمنحه مِنْ أثر إيجابي يُضاهي الانتشاء بها حد السُكْر، لدرجة أنْ يمنحك هذا الغربي إحساساً بالفخر لانتمائك لأمة عربية لغتها باذخة، سادت حضارتها في الأزمان الماضية، رغم كونها تعيش في الزمن الحالي ظروف حالة الانحطاط المؤلم بفعل أصابع الكيد الاستعماري البغيض، تستشعر خروج أمتك من التاريخ، فيما هم يتنافرون ويقتل بعضهم البعض، وتتردى أوضاعهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية إلى درجة خطيرة، فتجد نفسك وسط دائرة من النار تحيطك كالسوار لا يُطفئها التقادم ولا نية العبور، الأمر الذي يُصيب أطراف النزاع بخيبة الوصول للاتفاق، فما تزال تشابكاتهم تتأجج كانصهارات البركان، فيما يتباعد عن أطرافها العقل والاحساس الآدمي.

الإهداء
فالإهداء استنثنائي بقيمته حيث يُسمِّي الكاتب السرطاوي والدته بالإسم الثلاثي، ويرسم لروحها حالة الرقص رغم أنه يُنهي الحالة بانتقال هذه الروح إلى بارئها، كناية عنْ تضحياتها على مدى عمرها حتى لحظة خروج الروح خارج الجسد الفاني، إلى حيث تخلد الروح هانئة راضية في عالم البرزخ.. فالروح ترقص حين الاحساس يقوى بحمل المسؤولية، والأمومة تجعل من المرأة بطلة حقيقية لا تكافئها بالحياة بطولة، ولا غرابة أن يرفع الله قيمتها في الدنيا والآخرة ويقرن الايمان به وبكتابه وبنبيه ببرها، فهي الأم مصنع الحياة، ومربية الأبناء، ومورِّثة القيم، والحاضنة الحنون لدرجة ألا تكاد تستشعر نمو أبنائها فتظل تمنح بلا حدود.. وأيضاً الروح ترقص حين تمتشق عزمها للنجاح والإبداع كحالة محاولات سبر غور لُغة تثير اهتمام أمم أخرى كونها احتضنت كتاباً سماوياً قمة في البلاغة فكان وعاءاً حامياً لها يصونها من التغريب، لغة في تعبيراتها قوة ومتانة تتشكل بعذوبة وليونة لتصدح معانيها في الأفاق.

المقدمة
ثم يعرج الكاتب على المقدمة، فيسرد قصة النص الشعري الذي وصله عبر الشبكة الألكترونية باللغة العربية من شخص دانمركي الجنسية مجهول بالنسبة للكاتب، موَّقع بإسم (نيلس هاو) دون رسالة توضح ما هو مطلوب منه، وعنوان النص (نساء كوبنهاجن) يتناول في فكرته حالة الانجذاب الفطري من الرجل للمرأة الأنثى، تلك العلاقة الأبدية في الميل بين الرجل والمرأة التي جعلها الله ضمن التكوين الفطري الجيني، ليس فقط الانساني وإنما في كل المخلوقات الحية البسيطة منها والمتطورة لاستدامة الحياة في هذا الكون، وقد جعل الله الإنسان وكيلا بالإعمار لاستمرار تطوُّر الحياة كونها حياة قابلة للتطور والارتقاء، وكون الإنسان المخلوق الأفضل والأرقى المؤهل للمهمة، وأعتقد جازمة أنَّ عقل الرجل مهيأ خلقياً للعوْم في بحيرة التخيل والاعتقاد، وأنّ عقله يشطّ به بعيداً في عالم المتخيّل في لحظات التأمل وفي حضور النساء الجميلات، فيعيش حالة العشق الذهني النشط لمجرد رؤيتهن على مقربة، فيرى نفسه عاشقاً لهذه الجميلة أو تلك، وقد تناولت أنا شخصياً مثل هذه الحالة في القصة التي حمل عنوانها إسم مجموعتي القصصية (إنهن النساء) فيما عاش بطلها لحظات مُتخيَّلة مُتوهِّماً اهتمام تلك المرأة به وسقوطها في حبائل عشقه، قبل أنْ يصل إلى لحظة الحقيقة الصادمة، وأنّ المرأة لم تكن حتى تراه أو تلحظه.... إنما المثير في النص الشعري موضوع المقدمة، أنّ صاحبه يتخيّل نفسه يقع في هوى خمسة نساء دفعة واحدة خلال رحلة حافلة، كانت تنتهي علاقته الذهنية بهن بمجرد مغادرتهن الحافلة على تتابع المحطات، الأمر الذي يشي بحالة حوارية ذاتية بحيث يرى نفسه يعيش معهن ضمن بيئتهن في موطنهن الأصلي، وتنتهي قصته معهن بمجرد اختفائهن عن أنظاره
ويظلّ كاتبنا سرطاوي يعيش هاجس حاجته لسبر الحقيقة، ولا يتأتى هذا إلا مِنْ خلال رسالة استفهام رد بها على الدنماركي عاشق اللغة العربية، وحاسد متداوليها لثرائها الغامر وعراقة جذورها.. ويتبادلا التعارف وتتطور العلاقة إلى الصداقة، لنكتشف أنَّ الدنماركي هو أديب معروف في محيطه وخارج حدود بلاده، وله سيرة ذاتية مثيرة، وسبق أنْ طبع مجموعة شعرية بعنوان (حين أصير أعمى) مترجمة للعربية.. ويحصل بين الصديقين أنْ يتبادلا النصوص ليقوم مترجمنا متطوعاً بترجمة نصوص (هاو) الشعرية إلى العربية ونشرها في أماكن متعددة، مبتدئاً بتلك القصيدة الساخرة التي يقارن بها الشعر بالنقانق، مُسْتلهماً موضوعها منَّ التراث الاسكندنافي مما يؤكد امتلاكه للحس الفكاهي نوعاً ما.. ولعل سرطاوي وجد في هاو ما يؤهله لأنْ يكون موضوع مادة لمؤلف أدبي، ثم لأنْ يُجري معه مقابلة صُحفية لصالح إحدى المجلات العربية، مِنْ باب تعريف القارئ العربي بشخص شاعر مُلهم عاشقٍ للغة العربية في زمن يتكاثر به المنقلبون على العرب مِنْ أهل الغرب، ليتوضح لنا ذكاء هذا الشاعر الدنماركي ليس فقط في تميز شعره وانتشار أعماله بل في اختياره صديقه العربي الذي انتقاه مِنْ بين الكثيرين، بحيث يكون مِنْ أهل الثقافة والإبداع والترجمة، والأهم مِنْ كلِّ ذلك هو كونه مِنْ أهل الهمة والعزم في آن واحد مِنْ خلال متابعته صفحة الأستاذ سرطاوي على الفيس بوك.. والفيس بوك أصبح عالماً أكبر بكثير منْ كونه موقع تواصل، فقد مدّ جسوراً بين الثقافات وقرب بينها المسافات، إنه نافذة مُشرّعة على ثقافات العالم، وأهل الوعي وحدهم هم مَنْ يستفيدون مِنْ إمكانياته المتاحة !

المتن
ويُبادر الكاتب بتعريفنا بالشاعر هاو مِنْ خلال سيرته الذاتية، فهو مِنْ أهل الريف الأنقياء، يعبُر حالياً سن الخامسة والستين، كان في طفولته يعيش حياة شبه جافة ومحدودة الفرص، حتى إذا ما أصبح شاباً أخذ قرار مغادرة قريته ليستكمل دراسته، وقد أثاره التراث الكلاسيكي وهذا بحد ذاته يؤكد حجم طموح هاو وبُعد نظره على تحقيق ذاته الابداعية.. وبدأ هاو دخول غمار الشعر والأدب مُبكراً مُتسلحاً برهافة أحاسيسه ولغته في أساليب تعبيره، وراح يكتب وينشر ويرتقي بأدواته، كلما ازدادت ثقافته تفتحت بتلات زهر ذهنيته وازداد تألقاً، لكنه يعتبر بدايته الحقيقية مع الإبداع بعد استكماله النضوج الفكري الثقافي، فأصدر مجموعة قصصية بعنوان (الضعف ممنوع) ومن ثم أصدر عدد مِنَّ الدواوين ترجمت إلى عدة لغات أوروبية بالإضافة للإنكليزية والعربية والتركية والصينية، وأعتقد أنَّ الأديب الأوروبي مضطر الاعتماد على الترجمات، كون دول أوروبا لا تتحدث لغة واحدة كالدول العربية، فكل دولة أوروبية تنفرد بلغتها وتراثها، ولا يمكن للأديب في أيِّ دولة أنْ يحقق الانتشار خارج حدود دولته دون الاعتماد على هذه الترجمات بأوسع ما يمكن، وقد عرف هاو جيداً هذه النقطة فسعى باجتهاد أنْ ينال الترجمة بأكبر عدد ممكن مِنَّ اللغات، حتى بات أديباً مُبرزاً في المشهد الأدبي لبلاده، وانطلاقه خارج حدودها من خلال التراجم.
ثمة أمر لا بُد أنْ نعرج عليه ونحن نتحدث عن طبيعة دول أوروبا، أنَّ الحدود بين دولها لا تشكل عقبة بين المواطنين الأوروبيين أنفسهم، حيث شراكة السوق الأوروبية واءمت علاقاتها بحيث تسهِّل الحركة بين الدول، حركة الأشخاص والتجارة والمال، وتوحيد العملة كان حافزا لتوثيق هذه الشراكة، وهو أمر يُيَسر الحركة والمعاملات بما فيها الترجمات، مما سهل على هاو الحصول على عدة ترجمات لأعماله !
بات من الطبيعي أن يوجه إلى الشاعر أو الكاتب سؤالاً مفاده.. لمن تكتب أو لماذا تكتب؟ وقد يحلو لبعضهم الارتكاز في إجاباتهم على الدوافع الانسانية وقيمها العظيمة والارتقاء بمفاهيمها، وهناك مَنْ يرى سبباً لكتابته بأن يختبر أحاسيسه، أو لأنَّ الكتابة تُشعرهم بالعيش بحرية، أو لاستشعارهم جماليات الأشياء، وفي الواقع فالكاتب يكتب في بداية الأمر لنفسه مختبراً ذاته، ولكنه سرعان ما يتحول بالكتابة للمتلقي إنْ كان لمنفعة أو ليحوز على إعجابه ومِنْ ثمّ ينال هو مجد الأثر الابداعي بأيّ حالة مِنْ حالاته !
والأديب سرطاوي ابن لغته البار، عرك مجد حروفها الإبداعية، ونهل منْ منبعٍ صافٍ غزير التدفق، فارتوى مخزونه اللُغوي منْ مُصْطلحاتها، وتضلَّع منْ عذبها، فقد تحرَّك بين سطور مُنجزة برشاقة مَنْ ائتلفت نفسه اللعب على السطور، وشد متلقيه ليس فقط لأنه أراد التعريف بهذا الصديق الدنماركي القافز عبر أثير الشبكة الإلكترونية، بل لينبهنا نحو جمال لغتنا العربية الأم التي بات يستشعرها المثقف الغربي ويتلمس قوتها وقدرتها على التشكل التعبيري، ونحن الذين أصبحنا اليوم أمام هيمنة اللغات العالمية الأخرى في عالم معولم اقتصاديا واجتماعياً واعلامياً وسياسياً، مغرقين بعقدة النقص كوننا بتنا الأقل حضارة بعد انحسار مجد عصر عربي ذوى ورحل عنا بعيداً، محكومين بقانون التأثر والتشرب من الحضارة الأكثر تقدماً واللغة الأكثر استخداماً، على أننا لا يجب أن ننقل بأعين مغمضة ما نظنه تقدماً دون غربلة واعية، فنذهب إلى إذابة لغتنا وإحلال اللغات الأجنبية مكانها حتى باتت بعض الأسر لا يتقن أطفالها العربية، وحلّت الخادمة الأجنبية محل الأم في التربية، فانكفأت قيم التربية وضعفت اللغة وتحولت للشكل المشوة، فالطفل عربي الأصل لغته الرئيسة انجليزية، وعاداته وسلوكياته آسيوية.. لكنها اللغة العربية العريقة والساطعة التي تشد أهلها إليها كحبل الوريد.
ورغم أنّ الكتاب لا يتجاوز في عدد صفحاته 88 صفحة إلا أنّ مضمونه عابق بالمعاني، من حيث إجادة الكاتب للترجمة الشعرية التي باتت له فيها خبرة متقدمة ومقدرة طيِّعة وصياغة تعج بالحياة، ومنْ حيث المقاصد السامية بالايعاز بتقدير اللغة العربية كونها لغة العراقة والأصالة والجمال والقوة، ومن حيث مد جسور التعارف بحضارة الآخر ليس من قبيل تمجيدها والتعريف بها كحضارة متطورة بل من قبيل توسيع دائرة المعرفة بالثقافات المتعددة، وأيضاً ببيان كيف يكون الاستخدام الصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي مُكتنزاً بالمعرفة ومُحفزا للإبداعات.. فصداقة الكاتب العربي المُترجم بالكاتب الدانمركي هاو حصدت لهذا الكاتب أنْ يشقّ طريقه إلى عقل المُتلقي العربي مِنْ خلال فوزه بمنجز باللغة العربية يعرِّف به وبإبداعه، وقد عرض لنا الكاتب مجموعة مترجمة مِنْ قصائد هاو على درجة عالية مِنَّ الإبداع
السؤال الذي فرض ذاته عليّ كمتلقية ومحللة.. هل حقق الصديقان حصاداً ثقافياً عالمياً مِنْ خلال علاقتهما الثقافية وترجمة أعمالهما بلغات أخرى، وتوسيع دائرة معرفة المتلقي بهما مِنْ كلا الجانبين العربي والدانمركي.. أعتقد أنَّ الفائدة هذه قد تحققت فعلاً ونال كلاهما المنفعة الشخصية، فالسرطاوي مبدع متميز وله أدباً وشعراً منشوراً عدا عن التراجم ويستحق درجة العالمية
عمد هاو في موضوعاته الشعرية إلى اختيار عنصر التناقض، أو اختراق قضية من القضايا بصورها البسيطة لكنها معبرة، وقد يضعنا في النهاية تحت عنصر المفاجأة معتمدا على المفارقة، فيرى الناس يحولون المشكلة العامة إلى شخصية ظناً منهم أنهم الأفطن والأفضل والأرقى، أي أنّ الصدامات تتولد مِنْ تقدير غير عادل ومتجني للآخر في أغلب الحالات، فتصويره الطفل الذي ينطلق من المدفع كناية على حمل الموروث التربوي الخاطئ منذ الطفولة كونها ثقافات عامة متجذرة يجب تغييرها، ويُبدي نظرته الغريبة بالنسبة لوجود الأطفال في حياته التي فرضت عليه لكنه وجد فيهم دواءاً للكآبة، وكأنّ الفطرة الخلقية تغلب الإرادة وإن كان يرى بها تكيفاً لا غير.. وينظر للكتابة على أنّها أثر لا يزول وأنّ اللغة لا تمنحك إحساسا بالحب أو الكراهية، لكنها تمنحك قدرة على التعبير والوصف، ويتحدث عن والده الذي كان حفاراً للقبور فصار مقيماً بها، وساعته القديمة التي نهضت ثانية منّ الموت وصاحبها مستغرق بالموت إلى ما لا نهاية، فلسفة عجيبة تخادعه حول معاني كثيرة تضعه في حيرة من أمر الدنيا، ويرى في كون أنْ تكون شاعراً، معناه أنْ تكون أكثر إحساساً بالأشياء وأكثر حساسية وتأثراً بها، ولهذا فالشعراء بالنهاية بائسون مصابون بآفة الإحساس المُفرَط، ويتحدث عن القصيدة ذاتها كيف تولد في أجواء الحرية والانطلاق في المساحات الشاسعة، فهي مستعدة أن تقف بالطابور بانتظار لحظة انطلاقها، وتتسكع في كل الأمكنة التي تتيح لها الإنطلاق، تسايس اللحظة رغم بغضها للسياسة ذاتها، فهي حالة اهتياج عصبي متمرد تتيح لها خلع معطفها بلا أدنى تردد.
ونراه أي هاو يُفلسف العقل ضمن منظومة رؤاه الخاصة فيشبهه بالفندق، له قاعة استقبال كبيرة وغرف متعددة وطوابق عديدة، السفلية منها للتفاهة والطوابق العليا للمهندمين أصحاب المنطق ممن هم يمتلكون الملكات الإبداعية، لكن من يتخذ القرارات في الآخر هي الذات المالكة زمام النفس.
وتتبدى مقولة هاو حول نضوجه الفكري من خلال فلسفته للأشياء والمواقف وقد باتت واضحة من خلال أشعاره، فالتجربة أثرت مفاهيمة وأنضجت أفكاره فامتلك الحكمة، وأدرك السبب وراء كون الشباب أكثر قابلية لاحتمال الفشل، فيما الكبار لا يحتملون الخسارة، لأنهم يرغبون بترك الأثر النافع للأجيال من بعدهم.
استثارتني قصيدته المُكناة (لكنة) وهو يتناول فيها موضوع التعبير عن المشاعر الذاتية بالكلمات، وضرورة اللهج وجهاً لوجه بعبارات الحب للطرف الآخر، ونبذ التردد في ذكرها لاعتبارها ليست ذات أهمية، لكنه يعترف أن ظلت كلمات بعينها قيد الأسر لأن استخدامها ينطوي على صعوبة ربما لتأثيرات نفسية تفوق مقدرته بسبب غلبة مفاهيم تبرمجت في عقله، وكنا نظن أنّ العرب وحدهم من يستصعبون التعبير عن مكنوناتهم للزوجة، وأنهم مزروعين بشبه الجفاف العاطفي
للشاعر ومضات بدت معبرة عن فلسفة ذاتية، عن رؤية تقتنص حدثاً، عن أبواب تُصْنعُ لها مفاتيح حتى لا تبقى مُغلقة في وجه الإدراك، هو الشاعر بحساسيته وشفافيته يرى ما لا يراه الآخرون، ويتفاعل مع الحدث كأنما يتقصده بذاته، فنراه يدور في حلقات ذاته بلا هوادة، يعقد مقارنات ويُثير حوارات ويمنح قرارات، لكنه في النهاية يسجل فلسفته بالأشياء والأحداث، يضع لنفسه بصمته الأدبية التي تُعرِّف عنْ نفسه، عنْ الذات الشاعرة

نزار سرطاوي أديباً وشاعراً برائحة المسك
أديب وشاعر ومُترجم من قرية سرطة غرب نهر الأردن، عانق حروف الأبجدية مِنْ زمن بعيد، وأجاد صنعة الشعر فشكل منه ديوانه المكني (بين زمانين) فكان بوحه تغريدة شعرية تقتفي أثر الجمال في محاور الاعتدال، فرسم بالحروف صوراً إبداعية ملأها فيوض زهر مِنْ كل الفصول، والشاعر يقوى إحساسه بشعر الآخرين، ولأنه احترف الترجمة بين اللغتين العربية والانجليزية وأهلّّه لذلك تخصصه الدراسي الجامعي في الأدب الإنجليزي، فرغم استكماله دراسة الماجستير في تطوير الموارد البشرية إلا أنَّ اللغتين العربية والإنجليزية ملأتا عليه وجدانه، فغرق بين جمالياتهما غرق المُتمتّع المُسْتمتع الذي يغترف الجمال مِنْ بئره العميق، فخاض غمارهما بقلب مفعم بالحياة، يدير دفة اللغتين بإجادة عالية، فترجم عدداً مِنَّ الأعمال فرَّغها ورقياً ونشرها في كتب على التوالي.. صدر له منها (شظايا القمر للشاعر الايطالي ماريو ريلي 2013م).. (وصلوات العندليب للشاعرة الهندية ساروجيني نايدو 2013م).. (وشعراء أردنيون معاصرون الجزء الأول مترجم عن العربية 2013م).. (ومُقل الريح للشاعرة فضيلة مسعى، مترجم عن العربية 2014م).. (ويعكف حالياً على ترجمة مختارات من الشعر العربي إلى الانجليزية من خلال سلسلة صدر منها حتى اللحظة 12 عدداً).. هذا الفيض من غيض ما بعقل المُترجم مِنْ مشاريع ستكون جسراً ثقافياً يُشْبعُ نهم المهتمين والمتابعين للحركة الثقافية عند الشعوب، خاصة في متعلقات الثقافة العربية
مع خالص تحيتي وتقديري لشاعر مترجم مدرك تماماً دور الترجمة في تقريب مشاعر الشعوب وتقبل ثقافة الآخر، لأنَّ البشر قد يختلفون بأمور كثيرة لكنّهم يتفقون بالنواحي الانسانية وبالنظر نحو الكون بجانبه الرئيسي.






  رد مع اقتباس
/
قديم 20-06-2015, 03:14 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

الوارف السرطاوي
فارق كبير في الساحة الادبية الاردنية والعربية
طوبى لمن جالسه

طوبى لي

ومرحى بالهيام






  رد مع اقتباس
/
قديم 21-06-2015, 04:00 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
هيام ضمره
عضو أكاديمية الفينيق
رابطة الفينيق/ عمون
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن

الصورة الرمزية هيام ضمره

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

هيام ضمره غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد السعودي مشاهدة المشاركة
الوارف السرطاوي
فارق كبير في الساحة الادبية الاردنية والعربية
طوبى لمن جالسه

طوبى لي

ومرحى بالهيام
كل الشكر والامتنان لسعادتك المهندس الشاعر عميد هذه المملكة الثقافية الباذخة بأرقى الأقلام وأهم العقول
ونيابة عني وعن الأستاذ نزار السرطاوي أشكرك أستاذ زياد وأثمن جهودك الثقافية.. وكل عام وأنتم بألف خير






  رد مع اقتباس
/
قديم 21-06-2015, 04:05 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
هيام ضمره
عضو أكاديمية الفينيق
رابطة الفينيق/ عمون
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن

الصورة الرمزية هيام ضمره

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

هيام ضمره غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

نص رسالة الأديب الشاعر (نيلس هاو) من الدانمرك وصلتني عبر الشاعر الأديب نزار سرطاوي يعبر فيها عن إعجابه بالمقالة وامتنانه لكاتبتها

إليك نص رسالته التي طلب مني فيها أن أشكرك على المقالة الرائعة


Thanks a lot dear Nizar. I find it perfect she focuses on the translator - often the translator is neglected in a review, but as we all know: without heroic translators any cultural exchange between our cultures would be impossible. I'm glad Hiyam Damra provide your efforts justice. Please give her my warm greetings. Now our book is on the good track & THE SOUL DANCES IN IT'S CRADLE !!! - yours, Nielsا






  رد مع اقتباس
/
قديم 16-07-2015, 02:40 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

جميل ان نبحر في حروف الآخر اهتماما وإنصاتا
وها قد فعلت يا هيام وعرفتنا بقلم عميق
ثم
يبدو لي مكان القراءة// ركن تحت الضوء

تحيتي لك وللمحتفى به في رسالتك وقراءتك
وعيدك مبروك






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 22-07-2015, 04:16 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
محمود قباجة
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
فلسطين

الصورة الرمزية محمود قباجة

افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

قراءة واعدة ومعبرة تحمل معاني سامقة ورسالتها سامية




لك احترامي






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2015, 01:51 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
هيام ضمره
عضو أكاديمية الفينيق
رابطة الفينيق/ عمون
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن

الصورة الرمزية هيام ضمره

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

هيام ضمره غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
جميل ان نبحر في حروف الآخر اهتماما وإنصاتا
وها قد فعلت يا هيام وعرفتنا بقلم عميق
ثم
يبدو لي مكان القراءة// ركن تحت الضوء

تحيتي لك وللمحتفى به في رسالتك وقراءتك
وعيدك مبروك

فاطمة الزهراء العلوي سيدة الألق والإبداع حضورك بحرفك الباذخ أناقة وجمال

سلمت الأيادي ومرحبا بالحضور وشكراً على التوقيع

ولك كثير احترامي وتقديري






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2015, 01:52 AM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
هيام ضمره
عضو أكاديمية الفينيق
رابطة الفينيق/ عمون
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن

الصورة الرمزية هيام ضمره

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

هيام ضمره غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود قباجة مشاهدة المشاركة
قراءة واعدة ومعبرة تحمل معاني سامقة ورسالتها سامية




لك احترامي


أشكر مروركم وقراءتكم

وتوقيع له التقدير والاحترام

دمت بخير وكل عام وأنت بخير






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2015, 03:28 AM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نوال البردويل
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
فائزة بالمركز الثالث
مسابقة القصة القصيرة2018
عنقاء العام 2016
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
فلسطين

الصورة الرمزية نوال البردويل

افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

دراسة مثقفة واعية ومنجز رائع
شكراً لكِ على هذا الإثراء
وإعطائنا الفرصة للتعرف على
أديب بهذا الحجم وهذه الثقافة الأدبية
بوركتِ العزيزة هيام
تحياتي وودي






  رد مع اقتباس
/
قديم 24-07-2015, 01:16 AM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
هيام ضمره
عضو أكاديمية الفينيق
رابطة الفينيق/ عمون
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن

الصورة الرمزية هيام ضمره

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

هيام ضمره غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل مشاهدة المشاركة
دراسة مثقفة واعية ومنجز رائع
شكراً لكِ على هذا الإثراء
وإعطائنا الفرصة للتعرف على
أديب بهذا الحجم وهذه الثقافة الأدبية
بوركتِ العزيزة هيام
تحياتي وودي

وبورك توقيعك الباذخ سيدتي المبدعة نوال البردويل

شكرا لمرورك على الموضوع وقراءتك المستفيضة

الانفتاح على الثقافات الأخرى هو اثراء بالمعرفة ومعرفة حجم التطور أدبياً

فالترجمة جسر يصل بين الثقافات ويقرب المسافات

شكرا لك وكل عام وأنت بخير






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-10-2021, 10:35 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
أحلام المصري
الإدارة العليا
شجرة الدرّ
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
عضوة تجمع أدباء الرسالة
تحمل صولجان الومضة الحكائية 2013
تحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية أحلام المصري

افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

في صناديق الفينيق قطع ماسية،
ولآلئ نحتاج إلى ضوئها..
وها هي أ/ هيام ضمرة القديرة
تمنحنا إحداها، من عالم شاعر وكاتب ومترجم قدير هو الوارف نزار سرطاوي..
عالمٌ مستقل من الأدب والإبداع،
فشكرا لك المكرمة هيام،
على هذا البهاء..






،، أنـــ الأحلام ـــــا ،،

  رد مع اقتباس
/
قديم 23-12-2021, 10:13 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: الروح ترقص في مهدها

مقالة رائعة ومدهشة
تحيتي استاذة هيام






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط