الاخطل الصغير به يليق الضوء ،،، / زياد السعودي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > 🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘

🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘ موسوعات .. بجهود فينيقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-05-2012, 08:32 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي الاخطل الصغير به يليق الضوء ،،، / زياد السعودي



الاخطل الصغير
يليق به الضوء







مقدمة :
ـــــــــــــــــــــــ


بشارة عبد الله الخوري المعروف بالأخطل الصغير ولقب أيضا بـ "شاعر الحب والهوى" و"شاعر الصبا والجمال". وسبب تسميته بالأخطل الصغير اقتداءه بالشاعر الأموي الأخطل التغلبي.
ولد في بيروت عام 1885، وتوفي فيها بتاريخ 31 يوليو 1968.
تلقى تعليمه الأولي في الكتاب ثم أكمل في مدرسة الحكمة والفرير وغيرهما من مدارس ذلك العهد.
ديد في الشعر العربي المعاصر ويمتاز شعره بالغنائية الرقيقة والكلمة المختارة بعناية فائقة.



اصدارات
ــــــــــــــــــــــــــــ


ديوان الهوى والشباب عام 1953.
ديوان شعر الأخطل الصغير عام 1961.
وصلت شهرتة إلى الأقطار العربية، وكرم في لبنان والقاهرة
في حفل تكريمه بقاعة الأونيسكو ببيروت سنة 1961
كان قد تسلم مسئولية نقابة الصحافة في العام 1928.
أنشأ حزبا سياسيا عرف باسم حزب الشبيبة اللبنانية، وانتخب رئيساً لبلدية برج حمود عام 1930.
غنى له محمد عبد الوهاب ووديع الصافي وفيروز وفريد الأطرش.
لم يبايع بإمارة الشعر العربي بعد أحمد شوقي سوى بشارة الخوري وعباس محمود العقاد، وإذا كان العقاد قد عادت له مكانته الشعرية في المختارات التي نشرها له الشاعر فاروق شوشة، فإن بشارة الخوري ظل حيا في أغاني عبد الوهاب "جفنه علم الغزل" و"الهوى الشباب" و"ياورد مين يشتريك" التي مزج فيها العامية بالفصحى في تجربة فريدة، وفي أغنية أسمهان الرائعة "أسقينها" وعنوانها في ديوانه الصادر عن "مكتبة الأسرة المصرية" طبعة " الهيئة المصرية العامة للكتاب" 1997 "بأبي أنت وأمي".
جدير بالذكر قصيدته الأكثر من رائعة "سلمى الكورانية" والتي ألقيت في الحفلة التي أقامتها جمعية من كرائم السيدات في بشمزين من قضاء الكورة في أيلول "سبتمبر" 1933



غزليات الأخطل الصغير بشارة الخوري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


محمد إبراهيم أبوسنة

يتصور الكثيرون من قراء الشعر ان الشاعر اللبناني بشارة الخوري المعروف بالأخطل الصغير قد وقف معظم شعره على الغزل والحب وقد جاء هذا التصور بسبب شهرة ديوانه الهوى والشباب الذي نشر في عام 1953م وتضمن مجموعة من القصائد والمقطوعات الشعرية تهافت عليها المطربون والمطربات يتغنون بأبياتها الجميلة ومن يطالع الأعمال الشعرية الكاملة للأخطل الصغير التي اصدرتها مؤسسة عبدالعزيز البابطين وجمعتها ورتبتها وقدمت لها الدكتورة سهام ابوجودة سوف يجد معظم شعره قد دار حول الهموم القومية والوطنية والتغني بجمال لبنان والدفاع عن العروبة واستنهاض همم الشباب ومقاومة الطغيان سواء كان عثمانيا او اوروبيا، وتكريس النزعة الوطنية والقومية العربية ومواكبة الأحداث ومدح بعض الزعماء وتقريظ الشعراء والأدباء والتغني بالابناء والبنات والاحفاد,, ولا يكاد يمثل الغزل الا نسبة قليلة من شعره اما اسباب ذلك فهي:
اولا: ان معظم قصائده قد تغنى بها المشهورون من المطربين والمطربات ومنهم محمد عبدالوهاب وفيروز وفريد الاطرش واسمهان، وقد صنعت هذه الاصوات للأخطل الصغير شهرة طبقت الآفاق وسارت بها الركبان حتى تنادى الشعراء بتنصيبه اميرا للشعراء بعد شوقي في لبنان في عام 1961م,
ثانيا: ان شعره العربي يتسم بمجموعة من الخصائص الفنية تتمثل في البساطة الفنية وانتقاء الالفاظ الموحية المتأثرة بالطبيعة اللبنانية الفنانة وقصر القصائد المغناة حتى يسهل حفظها واسترجاعها والاحتفاظ بها في اعماق الوجدان لفترات طويلة,, واذا شئنا ان نضع هذا الشاعر في اطار أو اتجاه فني فإن الرومانسية هي اقرب المذاهب الى طبيعة عالمه الشعري ولكن نتاجه المنوع والذي يتنفس منذ مطلع القرن العشرين حتى وفاة الشاعر في يوليو 1968م فهو تعبير وتجسيد للاحداث السياسية ويعكس طموح الشاعر الى الحرية والعدالة والتقدم,, فإذا جئنا الى غزله الذي صنع شهرته وجدناه شاعرا مفتونا بمحاسن المرأة الخارجية يلتقط من الطبيعة بعض ملامحها ومظاهرها ليبني منها صوره وألوانه وليصنع لوحة تمزج بين الطبيعة والمرأة في انسجام لغوي وموسيقي يميل بنا الى الطرب واطلاق عنان الخيال,, الشاعر لا يتألم كما يتألم العشاق فهو اقرب الى الاعجاب بالمرأة منه بعشقها، وفتنته بها لون من الفتنة الكبرى بالجمال.
ومن بدائع الاخطل القصيدة التي تغنى بها عبدالوهاب ونلحظ فيها قصر الشطرات وتكثيف الكلمات وسهولة المأخذ حين يقول:

جفنه علّم الغزل
ومن العلم ما قتل

وربما كانت قصيدة الهوى والشباب التي حمل الديوان الشهير عنوانها اقرب الى شعر اللوعة فهو فيها يخاطب قلبه مرة وحبيبه مرة ويكاد اليأس يغلبه حين يقول:

الهوى والشباب والأمل المنشود
توحي فتبعث الشعر حيّا
الهوى والشباب والامل المنشود
ضاعت جميعها من يديّا
يا أيها الخافق المعذب يا قلبي
نزحت الدموع من مقلتيّا
فحتم على ارسال دمعي
كلما لاح بارق في محيّا
حبيبي لأجل عينيك ما القى
وما اول الوشاة عليّا
أأنا العاشق الوحيد لتلقي
تبعات الهوى على كتفيّا

وتغني فيروز يا عاقد الحاجبين من شعر الأخطل فتؤكد هذا العنصر المطرب في شعره وولعه بالطبيعة وتركيزه على الحوار.
, يقول بشارة الخوري:

يا عاقد الحاجبين
على الجبين اللجين
ان كنت تقصد قتلي
قتلتني مرتين

ثم يقول:

تبدو كأن لا تراني
وملء عينيك عيني
ومثل فعلك فعلي
ويلي من الاحمقين
مولاي لم تبق مني
حيا سوى رمقين
صبرت حتى يراني
صبري وقرب حيني
ستحرم الشعر مني
وليس هذا بهين
اخاف تدعو القوافي
عليك في المشرقين

ومن قصائده البديعة قصيدة الصبا والجمال التي يجري فيها الشاعر على سنته في الوصف الخارجي واستلهام الطبيعة واختيار الموسيقى الراقصة حيث يقول:

الصبا والجمال بين يديك
اي تاج أعز من تاجيك
نصب الحسن عرشه فسألنا
من تراها له فدل عليك
فاسكبي روحك الحنون عليه
كانسكاب السماء في عينيك
قتل الورد نفسه حسداً منك
والقى دماه في وجنتيك

لقد كان بشارة الخوري شاعرا غزلا مطربا في شعره ولكن حقيقة هذا الشاعر الاصيلة تتجلى اكثر ما تتجلى في شعره الوطني والقومي حيث يبدو لنا شاعرا شديد السيطرة على ايمانه بالعروبة ولبنان، مولعا بالحرية والعدل والتقدم.



الأخطل الصغير والفيتوري.. وعلى الأرض السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


بشارة الخوري شاعر الهوى والشباب
لم يكن الشاعر العربي الكبير محمد الفيتوري مبالغا في ما كتبه للشاعر الأخطل الصغير وهو يجر ذيوله إلى العزلة الأبدية راثيا له, بل على العكس من ذلك كان الفيتوري العظيم عظيما في وصفه ودقة نصله وأصالته كما هو عظيم دائما في عذوبة عروبته وملوحة أفريقيته يقول:

أنت في لبنان..
والشعر له في ربى لبنان عرش ومقام
شاده الأخطل قصرا عاليا
يزلق الضوء عليه والغمام
وتبيت الشمس في ذروته
كلما داعب عينيها المنام
أنت في لبنان..
والخلد هنا
والرجال العبقريون أقاموا
حملوا الكون على أكتافهم
ورعوا غربته وهو غلام
غرسوا الحب فلما أثمر الحب
أهدوه إلى الناس وهاموا
غرباء ومغنين
وأحلى أغانيهم على الأرض السلام.

وحق للفيتوري ذلك, فالشاعر بشارة الخوري هو صناجة لبنان وأخطله الذي اتقدت نار شعره وشرارة إبداعه مع أول ضوء لنار الحرية ومع أول فجر لشمس الفضاء الرحيب, الأخطل الذي أذهلت منمنمات معانيه وجمالية بناء ألفاظه وفسيفساء قصائده أبناء جيله فغنوا وراءه لليأس من منطلق البحث عن أمل, كما تغني الذئاب السائبة لليل باحثة عن الصباح وراء عتمته, الأخطل هو الذي ابتسم ساخرا من القهر والظلم الذي انتعل جسده وجسد لبنان, سخرية معرية تساوي العدم بالوجود والظلام بالضياء والليل بالنهار قائلاً:

طلت يا ليلي أو لم تطل مثلك الفجر الذي سوف يلي
ما يفيد النور في إشراقه إن يكن أطفئ نور الأمل...

مشوار
ولد شاعرنا في بيروت عام 1890 وسرعان ما بدأ يتردد على الصحافة, لينشر فيها بعضا من قصائده ومقالاته.. إلى أن استفاد من إعلان الدستور العثماني فرخص لجريدته (البرق) التي ضمت كبار الأدباء والمفكرين ممن ناصروا حركات التحرر ومحاربة الاستبداد لينخرط بعد ذلك في العمل السياسي بعد تردي الأوضاع إثر سياسة تكميم الأفواه وتعطيل كل مظاهر الحرية والرقابة المشددة على الصحف حتى تعرض لمحاولة اغتيال كادت تودي بحياته عام 1910 تبعها إغلاق جريدته ثم تشرده متخفيا من النظام التركي، يقول الشاعر في ذلك:

ضحك المجد لنا لما رآنا بدم الأبطال مصبوغا لوانا
عرس الأحرار أن تسقي العدا كأسا حمرا وأنغاما حزانا.

إلا أن هذه الحالة الظلامية وحياة الدهاليز لم تدم طويلا فعاد الشاعر إلى الكتابة في أغلب الجرائد اللبنانية ولكن باسم مستعار لشاعر عربي من العصر الأموي وهو الأخطل الذي وجد فيه شاعرنا مثلا له من الناحية السياسية، لتعود صحيفته (البرق) إلى الصدور عام 1918 ويستمر في الحياة السياسية بأنفة وكبر حتى يودع الحياة في تموز 1968 قائلاً:
ضجت الصحراء تشكو عريها فكسوناها زئيرا ودخانا
شرف للموت أن نطعمه أنفسا جبارة تأبى الهوانا.

حزن وحب

إن شعر الأخطل الصغير تكسوه مسحة شبابية تشوبها مسحات أخرى من الحزن العميق وحب للحياة بكل مفرداتها. فقد جمع شعره بين الرقة والحب، وصدر عن عاطفة متدفقة كأنه يرى أفقا خياليا لا نراه نحن ولا نسمعه ولا نفهمه إلا حينما يسقينا جماليته بغيوم فلسفية يقلب فيها كل معايير الجمال وينسف فيها كل مؤشرات الذوق بصورة ساحرة مبهرة للقارئ لا يماثلها سوى جمال لبنان وغناء الريح على سفوح تلاله ومرابع هضابه وصوت فيروز تغني له:

يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين
إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين
ويتجلى ذلك الإبداع الصوري في قوله:
نفض الحسن عرشه فسألنا
من تراها له فدل عليك
اسكبي روحك الحنون عليه
كانسكاب السماء في عينيك



الأخطل الصغير المجدِّد لا يزال جديداً ثلث قرن على رحيل آخر أمراء الشعر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ


جهاد فاضل

وفي العام 1968م، توفي الشاعر بشارة الخوري المعروف أكثر باسم الأخطل الصغير، ثاني أمير للشعراء بعد أحمد شوقي. واليوم، وفي غمرة الاتجاهات والمذاهب الشعرية المعاصرة، يفوت الكثيرين الالتفات إلى من مهَّد الطريق أمام ظهورها بأرقى ما فيها، ومن ضمنهم، إن لم يكن على رأسهم الأخطل الصغير. الناقد جهاد فاضل يعيد هنا قراءة مقتطفات من بعض قصائد هذا الشاعر العملاق الغزلية والوطنية مبيناً عدداً من جوانب التجديد في شعره، التي يصعب القول إن اللاحقين تجاوزوها.
لم يبدأ الأخطل الصغير حياته شاعراً كبيراً، ولم يُعترف بكفاءته الشعرية إلا بعد مرحلة مرّة من القرزمة، إلى أن بايعه الشعراء العرب في السنوات الأخيرة من حياته بإمارة الشعر في احتفال كبير أقيم في قصر الأونيسكو في يروت.

ومن طريف ما يُروى عن هذا «الأمير» في بدايته أنه كان عضواً في حلقة الشيخ اسكندر العازار، يختلف إلى مجالسه فيُصغي مع المُصغين إلى نوادره الأدبية والشعرية، ويقرض الشعر معارضاً كبار الشعراء. روي عن أحد أفراد هذه الحلقة أن الشيخ اسكندر العازار كان إذا قيل له: «هو ذا بشارة يقرض الشعر» يجيب: «بشارة صحافي وسليم شاعر، (وهو يعني سليم العازار) فاتركوا بشارة للصحافة يبرز فيها». وكان بشارة آنذاك قد أنشأ مجلة البرق يساعده الشيخ اسكندر العازار، شيخ الحلقة. إلا أن بشارة لم يقنع بالصحافة، بل عكف على النظم وطلع ذات يوم على شيخه ورفاقه بقصيدته الغزلية:
عشتَ فالعب بشعرها يا نسيمُ
واضحكي في خدودها يا كرومُ
فلما استمع إليها الشيخ اسكندر العازار، هتف قائلاً:
ما زال بشارة يهذي حتى نطق بالشعر أخيراً ...

عند الحديث عن الأخطل الصغير تتداعى إلى الذهن سمتان بارزتان في شعره، أولاهما أنه شاعر غزلي من الطراز الأول، وثانيتهما أنه شاعر وطني كان لسان العرب والمدافع الأول عن قضاياهم، والمشارك على الدوام، باسم بلده لبنان، في المحافل والمحطات القومية.

ليونة العاطفة في شعره الغزلي
فأما عن شعره الغزلي، فالمُبحر في شعره يعجب لهذا الكلف بالحب والجمال الذي يشيع فيه. غنَّى عواطف قلبه فأطرب وأشجى، وصوَّر اختبارات نفسه في حالتيْ فرحه وأساه، فارتفع بالشعر الغنائي إلى أعلى مستوى. ولعل سر الغنى في شعره هو تلك الحيوية العاطفية الطاغية عليها.

ويمكن للمرء أن يستلَّ من ديوانه الشعري أبياتاً، أو قصائد، في الغزل ليس كمثلها أبيات وقصائد. ويكفي أن نحيل القارئ على بعض ما يغنيه المطرب محمد عبدالوهاب من شعره الغزلي، كقصيدته التي مطلعها:
الهوى والشباب والأمل المنشود
ضاعت جميعها من يديّا
وقصيدته الثانية:
الصبا الجمال ملك يديكِ
أيُّ تاج أعزّ من تاجيكِ

على أننا لسنا إزاء، قصائد غزلية محدودة. فالغزل يبسط نفوذه على شعره كله حتى لنجد تعابير هذا الغزل في شعره الوطني أيضاً، كقوله مثلاً: «قم نقبِّل ثغر الجهاد وجيده»! فالليونة غلبت على شعره كله، وإذا بهذا الشعر بعيد من الجفاف والشدّة. وكان الأخطل في مجالسه يسمِّي هذه السمة في شعره «بالزوم» (العصارة) وهي عبارة عامية لبنانية تفيد الطراوة والنداوة.

كان الشعر قبل الأخطل الصغير في معظمه شعراً جافاً خالياً من الليونة والرقة. كانت الرصانة تحجب العاطفة فيه، فيبدو كأن العاطفة إذا ما لجأ إليها الشاعر حُملت حملاً إليه لفرط رصانته وتجهمه. ويختلف شعر الأخطل عن ذلك. فقد أدرك أن الشعر الحقيقي هو الشعر الذي يمتزج نغمه بمعناه، وشكله بمضمونه، كذلك أدرك أن موسيقى الشعر هي الوحدة بين المعنى والمبنى فجاء شعره يقطر «زوماً»، على حد تعبيره.

وهو يصقل شعره ويُغنيه بكلمات تطابق المعنى تمام المطابقة وتلائمه وتؤثر في قارئه كقوله:
أيها الخافقُ المعذبُ يا قلبي
نزحتَ الدموعَ من مقلتيا
أو:
رَقدَتْ ترشفُ الكرى مقلتاها
مثلما يرشفُ العطاشُ المياها
أو:
أنت ذوّبت في محاجرها السحر
ورصّعتَ باللآلئ فاها
أنت عسّلتَ ثغرها فقلوب الناس
نحل أكمامها شفتاها
أو:
تعجّب الليلُ منها عندما برزت
تُسلسل النور من عينيه عيناها

ولا نعرف شاعراً مولعاً بالحسن، كلفاً بالجمال، يشيع قلبه في شعره كالأخطل الصغير:
كفاني يا قلبُ ما أحملُ
أفي كل يوم هوى أولُ؟

وفي أبيات قليلة يلخص زمن الحب كله:
تمرّ بي كأنني لم أكن
ثغرَك أو صدرَك أو معصمَكْ
لو مرّ سيف بيننا لم نكن
نعلم هل أجرى دمي او دمك!

إنه الإعجاز في الإيجاز. معان منتقاة من ينابيع الهوى والجمال، تؤلِّف ذخيرة وافرة، بل كنزاً ثميناً يجعله أغنى شعراء الحب ثروة وأرفعهم ذروة وأوفرهم تفنناً. وفي شعره يتيه الشعر دلالاً على الحسن لأن في يديه نشر صيته وبثّ محاسنه، وفي قوافيه مقاصير الخلود يُسكنه إياها منعماً متفضلاً. لنسمعه مفاضلاً بين الشعر والحسن مكللاً جبين الشعر بغار السبق إذ يقول:
ما الحسن لولا الشعر إلا زهرة
يلهو بها في لحظتين النظرُ
لكنها إن أدركتها رقةٌ
من شاعرٍ، أو دمعة تنحدرُ
سالت دماء الخلد في أوراقها
ونام تحت قدميها القمرُ



تجاوز الوصف إلى الحركة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


على أن الطرافة بذاتها ليست كافية لإنارة السمات المميزة لهذا الغزل. فمن مميزاته كذلك أنه ليس غزلاً وصفياً تصويرياً في الغالب، بل يغلب فيه التحول إلى حركة وجدانية تتعمق الحسّ الجمالي في الداخل. وهذا التحول يجعل من الوصف الخارجي ظاهرة حركية تشارك مشاركة أساسية في التعبير عن امتلاء الوجدان بنبضات الشاعر الجمالية. يجد الحب والجمال وحدتهما الكاملة في شعر الأخطل الصغير. فلنسمعه يقول:
إيه ريحانة الرياحين فيضي
مرحاً، واملأي الجوانح وجداً
امسحي جبهة الظلام تفض نوراً
ومرّي على الصخور فتندى

فهل يعني مثل هذا التصور للجمال غير الشعور الداخلي بالاندهاش من روعته؟ وماذا يعني مثل هذا الوصف لصوت مطرب:
يا غابة الصوتِ اللهيفِ كأنه
تحت الظلام أشعةُ تتكلم!
ثملت به الأزهار وهي أجّنة
وتشوّفت، فانشقّ عنها البرعمُ

إنه ليس مجرد وصف، بل دهشة وجدانية أمام «غابة» من ينابيع النغم تتدفق على مسمع الشاعر، فتنسكب في أوصاله ارتعاشاً كانسكاب الشعاع المنعش، حتى يتصور هذا النغم يفعل فعل الشمس بالزهرة: تدركها في البرعم جنيناً، فتتفتح زهرة كاملة من أثر الشعاع. والشاعر هنا لا يصف الصوت نفسه بقدر ما يصف أثر الصوت في وجدانه. وكلمتا «الغابة» و«اللهيف» في هذه الصورة لا تعنيان دلالتهما الحرفية، بل دلالتهما في تصور الشاعر الخاص!

ونستحضر هنا أبياتاً من قصيدة الأخطل: عُمر ونُعم. فقد أعاد إلى زماننا صورة من ابن أبي ربيعة في رائيته الطريفة، وجلا منها مشاهد غزلية بطرافة جديدة هي طرافة الأخطل الصغير بخصائصها:
أخاكَ يا شعر فهذا عمرُ
وهذه نعمٌ وتلك الذكرُ
لوحان من فجر الصبا وورده
غذاهما قلب وروّى محجرُ
فرخان في وكرٍ تلاقى جانحٌ
وجانحٌ ومنقرٌ ومنقرُ

ومن الطبيعي لشاعر مثله يغنِّي الحب والجمال مثل هذا الحب أن يجنح مركبه نحو بحر النواسية من جهة، ونحو بحر الخيَّامية من جهة أخرى. هذا إن كان هناك فرق يُذكر بين البحرين، أو بين البحور الثلاثة معاً، وآخرها بحر الحب الذي ينصرف إليه المرء فلا يستفيق من لحظته الراهنة. وقد أخذ الأخطل سواء في سيرته الشخصية، أو في شعره، بقسطٍ وافر من هذه الحياة المفعمة بالحب والوجد، ودعا إليها كما دعا من قبل الحسن بن هاني وعمر الخيام. فلنسمعه يقول:
لستَ، مهما عُمّرتَ، غير جناح
حط في الروض برهة ثم طارا

ممهداً الطريق إلى المجددين
وللأخطل الصغير مزية تعلو على أية مزية أخرى، هي أنه لم يستسلم للمعاني التقليدية التي كانت سائدة في الشعر العربي في زمانه (النصف الأول من القرن العشرين)، بل تجاوزها إلى ما كان يمور في الحياة الجديدة في زمانه. وقد لا نغالي إذا زعمنا أن شعره اللدن والسلس والمائي والطريف هو الذي مهَّد لشعر شاعر من طينته هو نزار قباني. فلولا القفزة الهائلة في التعبير عن الذات ومواجعها المستجدة وانعكاس الراهن عليها، التي قام بها الأخطل الصغير، لما أمكن لشعراء الحداثة الذين أتوا بعده أن يقولوا ما قالوه.

والواقع أن الأخطل الصغير، كما وصفه أحد الأدباء الذين عرفوه عن قرب، كان الجسر الذي مهَّد لكل جديد في الشعر حصل بعده. فلولاه لبقيت مدارس النظم المشدودة إلى المعاني القديمة، والأطلال الدارسة، وسطحية الغزل، وانتحار المعاني على أيدي جلادي التقليد، وموت الأخيلة في كهوف الرثاثة.

ولا شك في أن لمهنة الصحافة التي انصرف إليها الأخطل باكراً أثراً في اقتراب لغته من الحياة ومن الناس. فالصحافة بما تتطلبه من مرونة و«طبيعة» في التعبير، هي التي قادته نحو هذه اللغة السلسة التي تشيع في شعره. وقد أشاد الكثيرون بخفة روحه وطرافته وإبداعه في اصطياد المعاني. وحسناً فعل بترك النظريات الشعرية لمن عاصره، أو أتى بعده، واستسلم لقريحته مبتعداً عن تلك النظريات التي كثيراً ما أفسدت الشاعر وشوَّهت شاعريته.

قد يأتي غربال الزمن على الكثير من شعر الأخطل، ولكنه لن يأتي على شعر له في الحب والجمال هو من أروع ما كتبه شعراء الغزل العرب على مدار القرن العشرين. في هذا الشعر نعثر على جمالات وحلاوات كثيرة أشرنا إلى بعضها فيما تقدم. وفي هذا الشعر قلب يغني للجمال بصدق وعفوية. ولم يخطئ المطرب الكبير محمد عبدالوهاب عندما سئل مرة كيف لحَّن «الهوى والشباب» و«الصبا والجمال»، و«جفنه علَّم الغزل»، فأجاب: «أنا لم ألحِّن هذه القصائد لأنها جاءتني ملحنة من الأخطل الصغير»!

ولم يبالغ عندما قال في قصيدته له:
أنا في شمال الحبِ قلبٌ خافقٌ
وعلى يمين الحق طيرٌ شادِ
غنّيتُ للشرق الجريح وفي يدي
ما في سماءِ الشرق من أمجادِ

عروبة شعره تتجاوز اللغة
والواقع أن شعر الأخطل الصغير يتوزع على الغزل والقصائد الوطنية. فهو شاعر لبناني، كما هو شاعر ذو نزعة عروبية. وهذه النزعة العروبية جديرة بالتنويه لأن شعراء كثيرين في زمانه كتبوا الشعر بالفرنسية، وعندما كتبوه بالعربية لم يكن أفقهم أفقاً عربياً. أما الأخطل فقد لقب نفسه بهذا اللقب تيمناً بالأخطل الشاعر النصراني الأموي الذي كانت تُفتح له أبواب الخلافة، ويتدلل على الخلفاء الأمويين ويملأ قصورهم شعراً ومرحاً.

وفي كل مواقفه لم يطأطئ الأخطل الصغير رأسه لأحد من أجل مصلحة خاصة، بل ظلّ مرفوع الرأس، يذكِّر وطنه بما قدّم له من خدمات، وبسيرته النضالية من أجل عزته وكرامته:
لبنانُ يا وَلَهَ البيان أذاكرٌ
أم لستَ تذكرُ نجدتي وكفاحي
قبَّلتُ باسمك كل جرح سائل
وركزتُ بندكَ عالياً في الساح
أنا إن حُجبت فليس ذاك بضائري
وعلى الخواطر غدوتي ورواحي

وله في لبنان قصائد كثيرة، منها هذه الأبيات:
لبنان كم للحسن فيك قصيدة
نثرت مباسمها عليها الأنجمُ
كيف التفتّ: فجدولٌ متأوهٌ
تحت الغصون، وربوة تتبسمُ
وطن الجميع! على خدود رياضِهِ
تختال فاطمة، وتنعم مريمُ!

وطن الجميع: هكذا عرفه أو أراده الأخطل. فهوية الشاعر هي هوية عربية بالدرجة الأولى. وقد توضحت هذه الهوية على أفضل ما يكون في قصائده التي كتبها في مناسبات قومية عديدة. كان الأخطل يمثل لبنان عادة في السوانح الوطنية في البلاد العربية. ومن أفضل نفثاته القومية ما نظمه في القضية الفلسطينية. ومن أقواله فيها:
سائل العلياءَ عنا والزمانا
هل خفرنا ذمة مذ عرفانا
المُروآتُ التي عاشت بنا
لم تزل تجري سعيداً في دمانا
ضجتِ الصحراءُ تشكو عريها
فكسوناها زئيراً ودخانا
مذ سقيناها العلى من دمنا
أيقنت أن معدّا قد نمانا
ان جرحاً سال من جبهتها
لثمته بخشوع شفتانا
قم إلى الأبطال نلمس جرحهم
لمسة تسبح في الطيب يدانا

وله في الشام قصائد كثيرة:
سل عن قديم هواي هذا الوادي
هل كان يخفق فيه غير فؤادي
بردى هل الخلد الذي وعدوا به
إلاّك بين شوادنٍ وشوادي
قالوا تحبّ الشام قلت جوانحي
مقصوصةٌ فيها، وقلت فؤادي!

ومن أجمل قصائده قصيدته في رثاء شوقي في القاهرة. فيوم التأبين، أو قبله، أصيب الأخطل بوعكة صحية كادت تحول بينه وبين إلقاء قصيدته. تهافت على غرفته في الفندق كبار أبناء الجالية اللبنانية في القاهرة (سنة 1932م) يطلبون منه أن يذهب إلى الاحتفال. أحْضَروا الدواء له، بعضهم ألبسه ثيابه، وحملوه حملاً إلى حيث يقام اللقاء والشفاه تبتهل كي تسمح له الحمّى بالوقوف على المنبر وإلقاء قصيدته في أمير الشعراء شوقي الذي كان بينهما حب متبادل:
قال الملائك من هذا فقيل لهم
هذا هوى الشرق هذا ضوء ناظرهِ
هذا الذي نظم الأرواح فانتظمت
عقداً من الحب سلك من خواطرهِ
هذا الذي رفع الأهرام من أدب
وكان في تاجه أغلى جواهرِهِ
هذا الذي لمس الآلام فابتسمت
جراحها ثم ذابت في محاجرهِ
كم في ثغور العذارى من بوارقِه
وفي جفون اليتامى من مواطرهِ

وينهي الأخطل قصيدته في شوقي بهذا البيت:
سألتنيهِ رثاءً خُذهُ من كبدي
لا يُؤخذ الشيء إلا من مصادره!
وكان شوقي قد طلب من الأخطل مرة أن يرثيه إثر حادثة اصطدام تعرض لها.

ويذهب الأخطل الصغير إلى بغداد ليرثي شاعرها جميل صدقي الزهاوي بقصيدة من عيون شعره، منها هذه الأبيات:
بغداد ما حمل السرى مني
سوى شبح مريبِ
جفلت له الصحراء والتفت
الكثيب إلى الكثيبِ
وتنصتت زمُر الجنادب
من فويهات الثقوبِ
يتساءلون وقد رأوا
قيس الملوح في شحوبي
والتمتمات على الشفاه
مخضباتٌ بالنسيبِ
يتساءلون عن الفتى العربي
في الزي الغريبِ

هو والنقَّاد وطائفة الحسَّاد
لم يخْلُ عصر الأخطل من نقاد، أو حسّاد، يأخذون على شعره مآخذ شتى. في هذه القصيدة التي رثى بها الزهاوي، قالوا: من أين جاء بشاره الخوري، أي الأخطل الصغير، بالجنادب إلى الصحراء؟ وعندما نقلوا للأخطل هذا المأخذ، قال: حسبنا الله ونعم الوكيل! لئن خلت الصحراء من جنادب، فأين نجدها؟ أتريدونني أن أنزل إلى مستواهم، وقد قلت فيهم مرة:
وربّ أخ رأى فرحاً بذمّي
فقلت: رضيتُ ذمك لو شفاكا
أتطمع ان تحلّق للثريا
فتطفئها! عدت إذن حجاكا!

والواقع أن الأخطل ابتلي في زمانه بطائفة من النقاد والشعراء الذين أخذوا عليه مآخذ كثيرة كالسرقة من الشعراء الفرنسيين، وما إلى ذلك من المآخذ. وقد روى صلاح لبكي في كتابه «لبنان الشاعر» أن الأخطل الصغير أنشد مرة في منتدى «الويست هول» بالجامعة الأمريكية في بيروت قصيدته «عروة وعفراء»، وهي قصيدة تقليدية موضوعها مأخوذ من تراث العرب، فلما انتهى من الإنشاد بين تصفيق الجمهور وهتافه، صعد المتكلم الثاني (بعد الأخطل) وكان الشاعر سعيد عقل، (وكان لا يزال في ميعة الصبا ويخالطه الغرور)، وراح ينثر نظرياته حول الشعر. ومما قاله، وهو يغمز من قناة الأخطل: «أنا لا أقيم وزناً لأديب أو شاعر قضى عمراً في الأدب والشعر ولم يصدر كتاباً يحمل اسمه، كما أشفق على شاعر يغسل البحر قدميه، ويكلل صنين رأسه، ثم ينتزع ذاته من هذه الجمالات رائحاً إلى الصحراء ليدبج قصيدة»!

لم يخفَ مقصد سعيد عقل على المستمعين، فما إن انتهى حتى راحوا يهتفون: «نريد بشارة! نريد بشارة!»، وما انفكوا حتى صعد بشارة المنبر ليقول: لستُ بزجَّال لأساجل، إنما تذكرتُ موقفي من فتيان جاؤوا إليَّ، فلما اكتمل ريشهم، أو ظنّوه، راحوا يطارحونني العداء، فقلت فيهم:
ومعشرٍ حاولوا هدمي ولو ذكروا
لكان أكثر ما يبنون من أدبي
تركتُهم في جحيم من وساوسهم
ورحتُ أسحبُ أذيالي على السحبِ

وتمرّ الأيام ويظهر سعيد عقل بعد ذلك في مهرجان تكريم الأخطل الصغير قبل رحيله بسنوات قليلة، ويستعيد تلك الواقعة في منتدى «الويست هول» ليفسِّرها على غير ما جاءت، وهو أنه لم يكن يقصد الإساءة إلى الأخطل. وكان الأخطل قد ذكر مرة عن خصومه، أو حسّاده:
كلما أطبق الغبار عليهم
حشرجوا تحته وماتوا اختناقاً

كما كان يقول: «إنهم أصدقاء، إنهم شعراء لبنان وأدباؤه، وما الأعمال إلا بالنيات»!
إنها أنفة على لين، وحنان على بذخ، وروح للرضوى عندها أكثر من باب، وأبعد من مزار. هذا هو الأخطل الصغير الإنسان.



شاعر مناسبات وأغنيات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أخذ الكثيرون على الأخطل أنه كان شاعر مناسبات. والواقع أن «المناسبة» يومئذ كانت أفضل وسيلة إعلامية بيد الشاعر ليدلي برأيه في قضايا عامة كثيرة مطروحة. كان شاعر المناسبة ينطلق من هذه المناسبة، ليستغلّها وليدلي برأيه في المسائل العامة. وللأخطل الصغير قصائد اجتماعية كثيرة منها:
يا أمةً غدت الذئاب تسوسُها
غرقت سفينتها فأين رئيسها
غرقت فليس هناك غير حطائم
يبكي مؤبنها، ويضحك سوسُها
تتمرغ الشهوات في حرماتها
وتعيث في عظماتها وتدوسُها

ويبرز هذا الحسّ الاجتماعي عند الشاعر في قصيدته «الجابي» وهو موظف الدولة الذي يحضر إلى البيوت لجباية الضرائب والرسوم:
من الناعب قبل الفجرِ
من هذا على البابِ
أعيذ القبح من قبح
بأظفار وأنيابِ
أقَبْل الشمس في الآفاق
والعصفور في الغابِ
وما زار الكرى جفني
ولم تعلقه أهدابي
ولا غذيت أطفالي
سوى همي وأوصابي

وعرف شعر الأخطل الصغير طريقه إلى الغناء، وكان من بين من غنَّى من شعره محمد عبدالوهاب وأسمهان وفريد الأطرش وفيروز. وقد ربطته صلة خاصة بمحمد عبدالوهاب الذي تعرف إليه في القصر الجمهوري بعاليه، وكان بصحبه شوقي، عندما أبلغه أحد الحاضرين أن شاعراً يضمه الحفل اسمه الأخطل الصغير له قصيدة جميلة مطلعها: الهوى والشباب والأمل المنشود. وعندما سمع عبدالوهاب القصيدة رغب بالتعرف إلى الشاعر. ونشأت بينهما بعد ذلك صداقة قوية أثمرت خمس قصائد غناها عبدالوهاب له، إحداها وئدت في مهدها ولم تُذع سوى مرة واحدة من إذاعة القاهرة وكانت في تحية الملك فاروق.

وقد قرأ عبدالوهاب مرة قصيدة الأخطل: «اسقنيها بأبي أنت وأمي»، فأبرق إلى الأخطل طالباً منه أن يغنيها.. ويبدو أن أسمهان سمعت بهذا الخبر، فاستأذنت الأخطل أن تغنيها.. حار الأخطل، ولكن الذي حسم الأمر عنده هو سحر أسمهان ونفوذها في القلوب.. وعندما عاتبه عبدالوهاب بعد ذلك، قال له: لقد تأخرت برقيتكم في الوصول فلم أعرف برغبتكم في غناء القصيدة. وكانت أسمهان قد طلبت القصيدة مني فلم أمانع.. ولم يصدِّق عبدالوهاب ذلك بالطبع.

ومن طريف ما ذكره الأخطل مرة: سامح الله محمد عبدالوهاب فقد أجبرني أن أصبح زجالاً مصرياً.. فقد كتبتُ له، وبناء على طلبه: «يا ورد مين يشتريك». كنتُ وعبدالوهاب ذات صباح في حديقة الورد قرب منزلي. وبينما نحن نرشف القهوة، نظرتُ إلى وردة وشَّاها الندى بأعراق ونقطها باللؤلؤ. وكان عبدالوهاب قد طلب مني قصيدة لأحد أفلامه، فقلت:
يا ورد عاش الورد
طاب الذي شمّك
يا برعماً في نهر
شقّ الهوى كمّك

أعجب عبدالوهاب بالمطلع ولكنه رغب إلى الأخطل أن يجعل القصيدة شعراً شعبياً، فكانت «يا ورد مين يشتريك»، وهي تجربة فريدة لأن القصيدة مزيج من الفصحى والعامية المصرية، ولم تتكرر التجربة فيها بعد.

على أن الزمن يفعل فعله في الشعراء في سنواتهم الأخيرة. انزوى الأخطل في منزله في تلك المرحلة الصعبة من العمر. بات عوداً بلا وتر. هيكلاً نحيلاً لولا بريق عينيه لظنه زائره شبحاً من الأشباح. يزوره أصحابه فلا يتعرف إليهم إلا بعد مذاكرة، فإذا خطر لأحدهم أن يروي بيتاً من إحدى قصائده، انتفض فجأة واستعاد ذاكرته ليسردها دون تلعثم، فكأنه أسطوانة الحاكي تخالها قطعة من جماد، فما إن تطلق الإبرة على صفحتها حتى تتحول إلى كائن ناطق.

لقد خبا رسول الغزل والكلمة الأنيقة كما تخبو الشمعة وقد أذاب اللهب جسمها. على أن الأخطل الصغير يبقى في الذاكرة الشعرية العربية شاعراً كبيراً. هو تراث لبناني له حرمة الأرز وروعة هياكل بعلبك، كما هو تراث عربي يضم إلى ذخائر الفصحى مفاخر العرب.

وكان آخر ما كتبه هو هذه الأبيات الثلاثة التي ألقاها في احتفال تكريمه عندما جاءت إلى لبنان نُخبة الشعراء العرب ليبايعوه بإمارة الشعر، فكان كل ما جادت به قريحته هذه الأبيات الثلاثة:
أيومَ أصبحتُ لا شمسي ولا قمري
من ذا يغنّي على عودٍ بلا وترِ
ما للقوافي إذا جاذبتها نفرت
رعت شبابي وخانتني على كبري
كأنها ما ارتوت من مدمعي ودمي
ولا غذتها ليالي الوجد والسهرِ!



صورة المرأة في شعر الأخطلِ الصغير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


بقلم:د. أميمة منير جادو

يعدُ الأخطل الصغير من الشعراء الذين صوروا المرأة التي تجور وتظلم وتجرح بعدما كانت أنشودة الخلود على ثغره ، وهمس السماء في أذنيه ، ودنياه التي أصابها وباء الاضمحلال وكانت حلماً من شعاع صباه لكنه سرعان ما خنقته يد المنون .
فالمرأة كما تبدو قوة دافعة ملهمة ومعذبة في أن واحد ، وفي قصيدة له بعنوان " ياخيال الحبيلب " يقول فيها :
" جُرْتِ في الموتِ والحياةِ عليَّا
ومحوتِ الضياءَ من ناظريَّا .
كنتِ أنشودةَ الخلودِ على ثغري
وهمسَ السماءِ في أذنيَّا .
كنتِ دنيايَ فاضمحلَّت وحُلماً
ومن شعاعِ الصبا مضى حينَ حيَّا .
ياخيال الحبيبَ لم تبقِ مني
غَيرَ حزني ، وغير دمعي حيَّا .
أمسحُ القبر بالجفونِ وفاءً
لغرامي ، وإن أساءَ .......إليَّا .
أإذا رمتُ قُبْلةً من حبيبي
عَثَرَت قبل لمسها...... شفتيَّا ؟

نلاحظ من الأبيات السابقة أن الشاعر يترحم على زمان مضى وولى ،فهو يخاطب المرأة ويصورها في الماضي وتجيئ الأفعال الماضية مناسبة لمشاعره مثل ( جُرتِ،ومَحوتِ ,كنتِ ،وهمستِ ...إلخ) ويبدو أن الحبيبة قد فارقته بالموتِ والشاعر يعتبر أن هذا بحد ذاته ظلم من الحبيبة له ، غير أن هذا الظلم والجور يتجاوز مماتها إلى حياتها أيضاً فلا يستثني أحدهما كما نقرأ في البيت الأول ، إن بكاء الشاعر وحزنه يبدو لنا مستمراً في الحالتين ( الحياة والموت ) حتى أن صورتها صارت خيالاً مثيراً للأحزان واللوعة والدموع والألم ، فالشاعر يجلس عند قبر الحبيبة مصورأً لواعج نفسه ووفاءه لها في حياتها وفي موتها مهما تحمل من إساءة منها ومهما كانت درجة شقائه بهذا الحب ، فصورة الحبيبة في قصيدة الأخطل الصغير جائرة ظالمة في حياتها وموتها




مواقف الأخطل الصغير الوطنية..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


جسد شعر الأخطل الأحداث السياسية وعكس طموح الشاعر الى الحرية والعدالة والتقدم، وللشاعر مواقف وطنية وشعريـة جريئة، فعندما رحل صديقه وديع حـداد، حضـر تأبـينه حشد من رجال السياسة والمنـدوب السامي الفرنسي فوقـف الشاعر على المنـبر يرثي صديـقه بقصــيدة جاء فيـها:
قل للوديع أفي جوارك منزل *** بين القبور لأمة وبلادي
القبر إن عقّ البلاد رجالها *** وتبدلت بالأصدقاء أعادي
وهوت الى الدرك السحيق وقادها *** في الغي شرذمة من الأوغاد

وحينها هجم عليه رجال الأمن وأنزلوه بالقوّة عن المنبر، لكن الجمهور أنقذه وأعاده الى المنبر لإكمال قصيدته.
وعندما رحل الزعيم المصري سعد زغلول كتب الخوري قصيدة يرثيه فيها تقول:
قالوا دهت مصر دهياء فقلت لهم هل غيض النيل أم زلزل الهرم؟
قالوا أشد وأدهى قلت ويحكم إذن لقد مات سعد وانطوى العلم
لم لا تقولون أن العرب قاطبة تيتموا كان زغلول أبا لهم
لم لاتقولون أن الغرب مضطرب لم لاتقولون أن الشرق مضطرم
.

وللشاعر كثير من القصائد في بلده "لبنان" ومنها ننتقي قصيدة "لبنان! عيد ما أرى" وفيها:

لبنان عيد ما أرى أم مأتم
لله أنت وجرحك المبتسم ..
عصروا دموعك وهي جمر لاذع
يتنورون بها وصحبك مظلم
***
قل للرئيس إذا أتيت نعيمه
إن يشق رهطك فالنعيم جهنم
أيطوف الساقي هنا بكؤوسه
ويزمجر الجابي هناك ويرزم
تعرى الصدور هنا على قبل الهوى
وهناك عارية تنوح وتلطم
والكهرباء هنا تشع شموسها
وسراج أكثر من هناك الأنجم ..
***
لبنان يا بلد السذاجة والوفا
حلم .. وهل غير الطفولة يحلم
هذا حصيرك والحبيبات التي
كانت غذاءك واللحاف المبهم
بيعت لتهرق في الكؤوس مدامة
هي - لا روتهم - أنفس تتألم
***
لبنان يا بلد السذاجة والوفا
حلم .. وهل غير الطفولة يحلم
كبر الزمان ولا تزال كأمسه
فعساك تكبر أو لعلك تفطم
زمن به تشقي الفضائل أهلها
ألصدق يقتل والمرؤة تعدم




النضارة الشعرية سر بقاء الأخطل الصغير في ذاكرة الشعر العربي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


كان شهر مايو من كل عام شهر حزن عند الأخطل الصغير، فقد شهد هذا الشهر من عام 1916 شنق نخبة من احرار لبنان وسوريا في ساحة البرج في بيروت، وساحة المرجة في دمشق، على يد القائد العسكري العثماني جمال باشا، وكان قسم كبير من هؤلاء الشهداء اصدقاء شخصيين للأخطل، والأخطل نفسه كاد يلقى مصيرهم لولا رسالة سرية عاجلة وصلته من صديقه محمد كرد علي الذي كان يومها موظفا في الإدارة العثمانية في مدينة عاليه اللبنانية، عندها هرب الأخطل وتوارى عن الأنظار في منزل صديقه خليل فاضل حتى زالت الغمة عنه وامكنه ان يمارس حياته بحرية، وفي هذا المنزل يتعرف الأخطل، وكان في العشرينات من عمره، الى ابنة صديقه ويحبها ويتزوجها فيما بعد، وقد تستر الأخطل يومها باسم حنا فياض وهرب بسيارة جلس فيها بين صديقين له، وقد جلس بين الاثنين لقصر قامته وكي لا يرى، واثناء هروبه التقى بالشيخين الاخوين فيليب وفريد الخازن وهما ذاهبان لزيارة الوالي التركي فنصحهما بعدم زيارته خوفا من غدره، فلم يوافقا، وظنا ان هذا الوالي صديق مخلص لهما، وتابعا سيرهما الى الوالي الذي قبض عليهما وعلقا فيما بعد على أعواد المشانق.

وبسبب الاكتئاب الذي كان يستولي على الأخطل خلال شهر مايو، فانه اعتذر عن اقامة مهرجان مبايعته بإمارة الشعر في هذا الشهر، وطلب من اللجنة المولجة به ان تؤجله الى شهر آخر، فكان هذا الشهر هو يونيو من عام 1961، ففي الرابع منه، وفي قصر الاونيسكو في بيروت، وقف الأخطل وهو في الهزيع الأخير من حياته، ليشكر، ويحيي، وينشد هذه الأبيات الثلاثة التي ختم بها ملفه الشعري:


اليوم أصبحت لا شمسي ولا قمري
من ذا يغني على عود بلا وتر
ما للقوافي اذا جاذبتها نفرت
رعت شبابي وخانتني على كبر
كأنها ما ارتوت من مدمعي ودمي
ولا غنتها ليالي الوجد والسمر

وكانت هذه المناسبة هي المناسبة الثانية والأخيرة التي أقيمت في القرن العشرين لمبايعة شاعر عربي بإمارة الشعر، تمثلت المناسبة الأولى بمبايعة الشاعر الكبير أحمد شوقي بهذه الإماراة في حفل ضخم اقيم في القاهرة في منتصف العشرينات من القرن الماضي، وكان مقررا ان يقام حفل ثالث في بيروت لمبايعة أمين نخلة، الا ان الحفل تأجل ثم ألغي أخيرا بسبب غارة قام بها الاسرائيليون على العاصمة اللبنانية قتلوا خلالها بعض قادة المقاومة الفلسطينية ومنهم الشاعر الفلسطيني كمال ناصر الذي كان مقررا ان يلقي كلمة فلسطين في هذا الحفل، وعندما قتل كان ينظم قصيدته في أمين نخلة وقد تبعثر دمه على بعض صفحاتها.
وكان بين الأميرين: أحمد شوقي والأخطل الصغير، واسمه الأصلي بشارة عبدالله الخوري، ود عميق، فعندما التقيا في منزل رئيس الجمهورية اللبنانية شارل دباس في مطلع العشرينات، كاد شوقي يلاقي حتفه وهو قادم من بيروت الى عاليه بسبب حادث سير، وعندما صافح شوقي الأخطل، قال له: لو مت كنت سترثيني.. وقد رثى الأخطل شوقي فعلا عند وفاته وذهب الى القاهرة ليشارك في يوم شوقي بقصيدته التي يختمها بهذه الأبيات:

شوقي! أتذكر اذ (عاليه) موعدنا
(...) دهر عن مقادره
وأنت تحت يد الآسي ورأفته
وبين كل ضعيف القلب خائره
ولابتسامتك الصفراء رجفتها
كالنجم خلف رقيق من ستائره
ونحن حولك عكاف على صنم
في الجاهلية ماضي البطش قاهره
سألتنيه رثاء خذه من كبدي
لا يؤخذ الشيء الا من مصادره

ومن طريف ما يذكر ان الاخطل عندما وصل القاهرة كان مريضا وحرارته مرتفعة وقد اشتد عليه المرض في القاهرة، فلزم الفراش في فندقه وهم بالاعتذار عن حضور الحفل ولكن الجالية اللبنانية اندفعت نحو الفندق واخرجت الاخطل قسرا من فراشه واقتادته الى دار الاوبرا على اساس ان لبنان سيتأذى من عدم حضوره، فألقى القصيدة والحمى تأكله! وكان القاؤه، كما ذكر، بديعا، ونال التصفيق الحاد للمرة الاولى في مأتم، واجبره الحاضرون على اعادة بعض ابيات القصيدة.
وشوقي هو الذي عرف الاخطل على المطرب الصاعد يومها محمد عبدالوهاب،
قبل وفاة شوقي بثلاث سنوات، اسمع الاخطل شوقي قصيدته التي يقول فيها:

الهوى والشباب والامل المنشود
توحي فتعبث الشعر حيا
الهوى والشباب والامل
المنشود ضاعت جميعها من يديا
يشرب الكأس ذو الحجي
ويبقي لغد في قرارة الكأس شيا
لم يكن لي غد فأفرغت كأسي
ثم حطمتها على شفتيا!

فالتفت شوقي الى عبدالوهاب وطلب منه ان يغني هذه القصيدة.
وقد توثقت الصلات بعد ذلك بين الاخطل وعبدالوهاب، فغنى له عدة قصائد هي: الصبا والجمال، جفنه علم الغزل، ياورد مين يشتريك (نظماها معا: الفصحى للاخطل، والعامية المصرية لعبدالوهاب) وكفاني يا قلب ما احمل.
ومن مظاهر تلك الصلات التي توثقت بين الاخطل وعبدالوهاب انهما حضرا معا انتخاب جميلة حداد الخليل ملكة لجمال لبنان، كان عبدالوهاب يجلس الى جوار الاخطل تلك السهرة، وقد اخذا بجمال الملكة وكانت يومها في ريعان صباها وقبل ان تزوج من الدكتور سعدالله الخليل، شقيق كاظم الخليل، نائب مدينة صور طلب عبدالوهاب من الاخطل ان ينظم قصيدة في جميلة حداد، لكي يلحنها ويغنيها.
صعد الاخطل الى غرفته في الفندق، وعندما طلع الصباح اسمع عبدالوهاب قصيدته:

الصبا والجمال ملك يديك
اي تاج اعز من تاجيك

وقد سببت هذه القصيدة احراجا شديدا للأخطل اذ ادعت اكثر من مليحة ان الاخطل قال قصيدته فيها، لا في جميلة الخليل ولا في سواها.. ولأنه كان معتادا على مخاطبتهن، فقد كان اذا سألته احداهن: الم تقل هذه القصيدة في؟ يجيب بالعامية اللبنانية: 'القصيدة بتليق لك، هي لك'؟ الى ان عم الجهل فيما بعد بمن هي ملهمة هذه القصيدة، ولم يعد يعرف احد من هي الملهمة الحقيقية!
على ان هناك غيمة واحدة شابت سماء العلاقة الوطيدة التي قامت بين الاخطل وعبدالوهاب. فعندما قرأ عبدالوهاب مرة في القاهرة قصيدة الأخطل:

أسقنيها بأبي انت وامي
لا لتجلو الهم عني انت همي

ابرق اليه على الفور (وكانت البرقيات ذروة الاتصال في ذلك العصر) طالبا ان يأذن له بتلحين القصيدة وغنائها، صمت الأخطل ولم يرد، الى ان سمع عبدالوهاب القصيدة بصوت اسمهان، فعتب على الاخطل، ولكن الاخطل قال لعبدالوهاب بعد ذلك وهو يعاتبه ويقول له انه فور نشرها ابرق اليه مستأذنا بغناء القصيدة: في تلك الفترة التي تحدثني عنها، كانت الاتصالات البرقية بين مصر ولبنان مقطوعة او بحكم المقطوعة، بسبب الاعطال الفنية، وانا لم استلم اي برقية منك بهذا الخصوص!

عبدالوهاب قال بعد ذلك انه لم يصدق الاخطل، وانه نسب تفضيله اسمهان عليه، الى المرأة وقدرتها على اللعب بعقول الشعراء وغير الشعراء، ولم يكن الاخطل، في سره، يعتبر عبدالوهاب على خطأ!
على ان الاخطل الصغير الذي تتسع دائرة نفوذه الشعري سنة بعد سنة بدليل كثرة الابحاث التي يكتبها نقاد وباحثون من اقطار عربية مختلفة، بدأ، كأي شاعر، بداية متواضعة.

فعن تلك البداية قال مرة: كنت اقرأ قصائدي على اسكندر العازار شيخ الحلقات الأدبية وسيد سادات الحرية في ذلك الزمن، فيتناولها بالنقد اللاذع، ويقول: لن تكون شاعرا يابشارة! انت صحافي. دع الشعر لسليم، مشيرا الى سليم العازار احد اعضاء الحلقة. ولكن ذات ليلة كنا في مقهى من مقاهي بيروت البحرية نجلس حول الشيخ، فالتفت الي فجأة وقال: هات ما عندك يابشارة.. فقرأت عليه قصيدة لا اذكرها. فلما انتهيت تبسم وهو يحمل صدفة من صدفات التوتيا يعمل سكينه فيها، وقال: شعرك مثل التوتيا هذه: جزء من اللحم لذيد، وتسعة وتسعون جزءا من الصدف الشائك لا يصلح لغير.. وهنا توقف عن الكلام ونظر إلي ساخرا، مدمى الصدفة في البحر، الى ان جئت الحلقة ذات يوم بقصيدتي التي مطلعها:

عشت فالعب بشعرها يا نسيم
واضحكي في خدودها يا نجومفصفق لها الشيخ وهلل ثم ربت على كتفي قائلا: ظل بشارة يهذي حتى نطق بالشعر أخيرا.



لماذا الاخطل الصغير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


لماذا 'الأخطل الصغير' فلأن بشارة الخوري اتخذه لقبا له يوقع به قصائده الوطنية والعروبية زمن العثمانيين، كان ذاك الزمن هو زمن الارهاب والنفي والمشانق والتنكيل، وقد انطوت الاعوام بعد الشهور على حالات شتى من البؤس، ومفاجآت مفعمة بالمخاوف حتى كان يوليو من عام 1916، فإذا بالشاعر يطمئن قليلا الى نفسه يأنس كثيرا بكتبه بعد طول وحشة وألم غربة، وكان هو وكان معه الناس يتنسمون الأخبار عن البادية حينا، وعن البحر حينا آخر، ولا يدرون: أيدركهم السلم وفيهم رمق من الحياة، أم لا. وكانت الحاجة ماسة الى اثارة الخواطر في البلاد تعجيلا ليوم الخلاص، ولم يكن يجرؤ احد على ان يرسل في ذلك قصيدة يترجع صداها، وكان يعجبه من الأخطل الأموي خفة روحه وابداعه في اصطياد المعاني يقودها ذليلة الى فصيح مبانيه، وفوق ذلك فقد كان الأخطل الشاعر النصراني الفذ تتفتح له أبواب الأمويين ليملأها لذة وطربا ودلالا، فرأى بشارة عبدالله الخوري، ان يدل على حقيقة الشاعر المتنكر، فلم ير 'كالأخطل الصغير' لقبا يوقع به ما كانت تفيض به القريحة المتألمة.
وعاد بشارة الخوري في حقب لاحقة ليشرح لماذا ثبت على هذا اللقب لاحقا فقال: 'كان من حقي ان اطرح هذا الاسم بعد الحرب العالمية الأولى، ولكن ابت لي شيمة الوفاء الا ان أكون من الكرام الذين اذا اسهلوا ذكروا من كان يألفهم في المسكن الخشن، فالأخطل الصغير ألفني أيام البؤس، فما أنا بناسيه أيام الهناء والطمأنينة'.

نضارة وبقاء

نود ان نشير أخيرا الى نضارة ما يجتاح شعر الأخطل كله، من العاطفي الى الوطني، وحتى الى بعض شعر الحكمة الذي نلمحه في بعض قصائده . هذه النضارة هي سر بقاء الأخطل حيا حتى الساعة في ذاكرة الشعر العربي المعاصر، وفي ذاكرة القارئ العربي على السواء ثمة ندى يشبه ندى الربيع على أوراق الورد، والزهر، يطغى من شعره فيهبه حياة مديدة لم تكن من حظ شعراء كثيرين مجايلين له أو لنا اليوم، هذه النضارة مؤلفة من الصور والاخيلة واللغة الشعبية الحية، ومن ابتعاد عن التقعر وتوسل الالفاظ والمفردات القاموسية البالية التي تجاوزها الزمن، يضاف الى عناصر هذه النضارة خفة ظل كالتي كانت للأخطل الأموي، ولعمر بن أبي ربيعة، ولأبي نواس، ويتجلى ذلك في ديوانه، وفي قصائد موهوبة للخلود.




الاخطل الصغير شعره يحوم حول الجمال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



لا شك أن قارئ شعره يقف على حقيقة مفادها أن شعره يحوم حول الجمال أنى ترصده الشاعر في الوجوه أو في الموسيقى أو في النصوص الأدبية ، ولا شك أن طبيعة لبنان قد أيقظت حواسه لتذوق الجمال كما أنه أفاد من اتقانه الفرنسية واطلاعه على عيون الأدب الفرنسي خاصة أدب هوغـو و لامارتين وألفريد دي موسيه وألفريد دي فينه ورامبو وبودلير ، وفي ديوانه بعض النصوص المعربة عن الشعر الفرنسي التي تكشف تاثره بالثقافة الفرنسية غير أن ميوله العربية أشد وأقوى .
لقد كانت حياة الأخطل الصغير كشاعر و إنسان تترنح بين ثنائية لا مناص من الإفصاح عنها إنها ثنائية السرور والحسرة ، فما ذكر الجمال والحب والخمرة والأنس والنشوة إلا أعقبه بذكر الخوف والزمن الحامل معوله لهدم الأحلام وإحراق الرؤى و إصابة الخلايا بالعجز و التلف ، ويدفع الشاعر رغما عنه إلى الحنين إلى طفولته وشبابه حيث القوة و اللا مبالاة وشرخ الشباب الفتان :
هل لي إلى تلك المناهل رجعة
فلقد سئمت الماء غير قراح
رجعى يعود بي الزمان كأمسه
صهباء صارخة وليل ضاحي
أشف روحها و أعطي مثلها
روحا و أسلم ليلتي لصباحي
روح كما انحطم الغدير على الصفا
شعبا مشعـــبة إلــــــى أرواح
للحب أكثرها وبعـض كثـيرها
لرقى الجمال و بعضها للراح
ولعل الشاعر قد كفى القارئ والباحث كليهما مشقة البحث في خصائص شعره وسر حياته لما تلقب بالأخطل الصغير فهو قد طمح في حياته الأدبية إلى أن يضاهي شاعرية الأخطل ويمتلك رؤيته الشعرية وقدرته البيانية ولعل الأخطل الكبير كان قدوة الأخطل الصغير الذي يقول في الكأس والوتر داعيا إلى الصخب ودرء النوم الموحي بالهجوع :
ياصارف الكأس عنا لا تضن بها
ويا أخا الوتر المكسال لا تنم
أدر علينا من الصهباء أفتكها
وخدر العصب المحموم بالنغم
قد يشرب الخمر من تعلو الهموم به
وقد يغني الفتى من شدة الألم

و كأن الانسان عند الأخطل الصغير لا يعيش إلا لأجل سويعات صفاء يمسح بها الكدر عن قلبه وينتشي بسرور يراه مهيمنا في مجلس أنس و لا يذكر الشاعر الخمرة إلا قرنها بالنغم و كأن نشوة المدام لا تتأتى إلا بنشوة الإيقاع .

و الأخطل الصغير شاعر غزلي وهل يغض الشاعر طرفه عن الجمال الكائن في الخد الأسيل والقد المياس والعين النجلاء والصدر المرمري ؟ والمرأة ملهمة الشعراء ودرة الوجود ومعقد السحر والفتنة والقرب منها من نعيم والبعد عنها من جحيم وفي غزل الشاعر كبرياء رجولة وشهامة نفس و أنفة لا ترضى التهتك والفحش، إنه غزل انساني على الرغم من تصريحه بذكر النهود والصدور والقبلات ، ولا يمكن للشاعر أن يسف بالهوى إلى دركات الغريزة ،وفي ديوانه قصيدة تجري مجرى القصة الشعريةعن فتى عب من اللذة المحرمة و أكل من الشجرة الملعونة في أحضان ساقطة حتى أسلمته الفاحشة إلى الداء العياء و أسلمه هذا إلى ظلمات القبر.
ولم يكن الأخطل الصغير في غزله مثل جميل بن معمر أو قيس بن الملوح يكتفي بامرأة واحدة تختصر في وجدانه مملكة النساء يبثها هيامه ويشكوها سهاده ويستعطفها وصالا ويستجديها نظرة حانية ، بل كان فراشة حوامة تطير من روض إلى روض و تحط على زهرة وعينها على زهرة أخرى، مادامت الغاية الاستمتاع بفتنة القد وسحر الخد وسعار القبلة المجنونة ،وتتولى الخمرة مباركة الوصال ومضاعفة النشوة :
فتن الجمال وثورة الأقداح
صبغت أساطير الهوى بجراحي
ولد الهوى والخمر ليلة مولدي
وسيحملان معي على ألواحي
ياذابح العنقود خضب كفه
بدمائه بوركت من سفاح
أنا لست أرضى للندامى أن أرى
كسل الهوى وتثاؤب الأقداح

وقارئ شعره لا تفوته ميزة تميز شعره وربما حياته ، وما كان الشعر إلا مسفرا عنها وتلك هي أنة التحسر وهي حاضرة في جميع مجالس أنسه جنبا إلى جنب مع الفرح والانتشاء فمهما سعى الشاعر إلى الصفاء و أخلص في طلب السرور ،فالزمن سيذرو ذلك حطاما ولن يجد الشاعر في يده غير الخواء ورماد الذكرى ، وصاحب الجلالة الزمن سيقهر الشاعر بأن يعطب خلاياه ويثقل خطاه، ويتكفل المشيب ببقية الديكور الموحي بالعجز و الضعف وما أحسن بلاغة الشاعر في الترميز له بالثلوج في قوله :

إلفان في صيف الهوى وخريفه
عزا على غير الزمان الماحي
دعني ومازرع الزمان بمفرقي
ما كنت أدفن في الثلوج صداحي
من كان من دنياه ينفض راحه
فأنا على دنياي أقبض راحـي
إني أفـدي كل شمس أصيلة
حذر المغيب بألف شمس صباح

وقد كانت حسرة الزوال قاسما مشتركا بين كثير من الشعراء من طراز الأخطل الصغير ألم يقل امرؤ القيس :
كأني لم أركب جوادا للذة
ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال
ولم أسبأ الزق الروي مرة
ولم أقل لخيلي كري كرة بعد إجفال
وبعده الشاعر الفارسي عمر الخيام :
فجدد مع الكـــأس عهـد غـرامك
وحـــل مرارتها بابتسامـــك
وعجل فجوقة هذي الطـيور
قد لا تطيل الطواف بجامك

فهؤلاء جميعا قد نهبوا اللذات نهبا وسابقوا سيف القضاء وفي النفس خوف من جبروت الزمن وتسليم فطري بانتصاره .
وقد جر صخب الحياة ونعيم الأنس وفتنة الجمال شاعرنا إلى النفور من النوم فعشاق الأنس يمقتونه لولا أنه ضرورة بيولوجية تجدد العافية ، ألم يقل الخيام:

فما أطال النوم عمرا ولا
قصر في الأعمار طول السهر

بلى فلا مناص من النفور من النوم لأنه يذكر بالهجوع الأبدي ، ومحاكاة لعالم الموتى والشاعر يريد صخب الأنس وضجيج الحياة يقول الأخطل الصغير :

يا صارف الكأس عنا لا تضن بها
ويا أخا الوتر المكسال لاتنم

و أما الملكة اللغوية وسلاسة التعبير وعذوبة الجرس وخصوبة الخيال فهي من خصائص شعرالأخطل الصغير لا تعاني لغته ضعفا أو قلقا في التعبير ، فقد كان الشعر ينبجس من نفسه بتلقائية كما ينبجس الماء من المنبع ، وعلى الرغم من أن الشاعر مارس شعر التفعيلة ركوبا لموجة التجديد كما ركبها شعراء العراق الكبار ولفيف من شعراء مصرولبنان إلا أن الأخطل الصغير ظل في شعره الكلاسيكي الأنضج والأكثر إغراء ،وأما شعر التفعيلة الذي مارسه فليس بذي بال بالقياس إلى شعره العمودي ، تماما
كما كانت قصائد صلاح عبد الصبور العمودية لا أهمية لها قياسا إلى شعره كما قرأناه في الظل و الصليب وغيره .فالأخطل الصغير مدين للبنان بالسحر الذي لف فيه شاعرنا مذ كان صبيا ويافعا وكهلا ثم هرما والشعر الحديث مدين لشاعرنا بعبقريته الشعرية التي أبدعت رؤى شعرية جميلة ولغة سلسة طيعة وصورا مبتكرة ، تحاشت المديح الزائف ، والتملق الكاذب والطابع النظمي الساذج والتقليد الأعمى ولئن عانى الشاعر من فجيعة الزمن وحسرة الزوال –زوال ساعات الصفاء ولحظات الأنس- ثم زوال الشاعر نفسه فعزاؤه وعزاؤنا تلك الروح الشعرية الباقية والرؤى الخالدة والقصائد التي لا ينالها الزمن بسيفه المسلط على رقابنا جميعا .

والشاعر كان شديد التعلق بوطنه لبنان وله فيه قصائد رائعة منها قصيدته التي يقول فيها:

لبنانُ يــا ولَــهَ البيــان أذاكرٌ
أم لســت تذكر نجدتي وكفاحي

قبلت باسمك كل جرح ســائل
وركزتُ بندَك عالياً في السّاحِ


وفي شعره القومي والسياسي يتجلّى التعلق بمبادئ الحق والعدالة والحريّة والكراهية للاستبداد والظلم والغيرة على مصير الأمة العربية فينهض:

أي بني العُرب كِدت أخشى عليكم
خَطَـــلَ الــرأي وانهيـــارَ العقيدة

قـــد ملأتم أذنَ الليــــــالي غنــاءً
والليـــالي ينسُـــجن كـــلَّ مـكيدة


وعاطفة الشاعر المرهفة حملته على تصوير آلام المعذّبين ومعاناة المرضى، ومن روائع ما قاله في هذا الجانب قصيدته «المسلول» التي صوّر فيها ما فعله الداء الوبيل بأحد الفتيان، يقول منها:

هـــذا الفتى بالأمس صار إِلى
رجــلٍ هزيل الجسم مُنجَردِ

عينـــاه عــالقتان فــــي نفَـــق
كســراج كوخٍ نصـف متّقـد

يِمشــــي بعلتـــه علـــى مــهلٍ
فكأنه يمشـــي علـى قصَــد

ويمـــجّ أحيانــــاً دمـــاً فعلـــى
مَِنديلـــه قطـــعٌ من الكِبـــدِ

وفي الجملة عبّر الأخطل الصغير في شعره عن رؤيته الذاتية لكل ما أحاط به من أحداث ومشاهد وأبدع في صوره إبداعاً كان فيه المجلّي بين معاصريه من الشعراء، وهذا كله بوَأه منزلة الصدارة بين شعراء عصره.



نماذج من شعره وبعض ما تغنى منه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



أرق الحسن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يبكي ويضحك لاحزناً ولا فرحا كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا
من بسمة النجم همس في قصائده ومن مخالسة الظّبـي الذي سـنحا
قلبٌ تمرس باللذات وهو فتى كبرعم لـمـسته الريح فانفـتحا
ماللأقاحية السمراء قد صرفـت عـنّا هواها؟أرق الـحسن ما سمحا
لو كنت تدرين ماألقاه من شجن لكنت أرفق مـن آسى ومن صفحا
غداةَ لوَّحْتِ بالآمال باسمةً لان الذي ثار وانقاد الذي جمحا
ما همني ولسانُ الحب يهتف بي اذا تبسم وجه الدهر أو كلحا
فالروضُ مهما زهتْ قفرٌ اذا حرمت من جانحٍ رفَّ أو من صادحٍ صدحا

إني مت بعدك
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

عش أنت أني مت بعدك وأطل إلى ماشئت صدك
كانت بقايا للغرام بمهجتي فختمت بعدك
مـاكان ضرك لو عدلت أمـا رأت عيناك قدك
وجـعلت من جفني متكأً ومـن عـيني مـهدك
ورفعت بي عرش الهوى ورفعت فوق العرش بندك
وأعـدت للشعراء سيدهم ولـلـعـشاق عـبـدك
أغـضاضه ياروض إن أنا شاقني فشممت وردك
أنقى من الفجر الضحوك فـهل أعرت الفجر خدك
وأرق مـن طبع النسيم فـهل خلعت عليه بردك
وألـذ مـن كأس النديم فهل أبحت الكأس شهدك
وحياة عينك وهي عندي مـثلما الأيـمان عندك
مـاقلب أمك إن تفارقها ولــم تـبـلغ أشـدك
فـهوت عليك بصدرها يـوم الـفراق لتستردك
بـأشد مـن خفقان قلبي يـوم قيل:خفرت عهدك


وهنــــــــــــا على هذا الرابط بصوت فريد الاطرش



ياعاقد الحاجبين
ــــــــــــــــــــــــــ

يـاعاقد الـحاجبين على الجبين اللجين
إن كنت تقصد قتلي قـتلتني مـرتين
مـاذا يـريبك مني ومـاهممت بـشين
أصُـفرةٌ في جبيني أم رعشة في اليدين
تَـمر قـفز غزالٍ بين الرصيف وبيني
وما نصبت شباكي ولا أذنت لـعيني
تـبدو كأن لاتراني ومـلء عينك عيني
ومـثل فعلك فعلي ويلي من الأحمقين
مولاي لم تبق مني حـياً سوى رمقين
صبرت حتى براني وجدي وقرب حيني
ستحرم الشعر مني وليس هـذا بهين
أخاف تدعو القوافي عليك في المشرقين


وهنــــــــــــا على هذا الرابط بصوت فيروز



وغنّت له نور الهدى

نم ان قلبي



قد أتاك يعتذر
ـــــــــــــــــــــ


قد أتاك يعتذر لا تسله ما الخبر
كلما أطلت له في الحديث يختصر
في عيونه خبر ليس يكذب النظر
فد وهبته عمري ضاع عنده العمر
حبنا الذي نشروا من شذاه ما نشروا
صوحت أزاهره قبل يعقد الثمر
عد فعنك يؤنسني في سماءه القمر
قد وفى بموعده حين خانت البشر


وهنـــــــــــــا بصوت فيروز



المسلول
ـــــــــــــــــــــ


حسناء ، أي فتى رأت تصد
قتلى الهوى فيها بلا عدد
بصرت به رث الثياب ، بلا
مأوى بلا أهل بلا بلد
فتخيرته ، وكان شافعه
لطف الغزال وقوة الأسد
ورأى الفتى الآمال باسمة
في وجهها ، لفؤاده الكمد
والمال ملء يديه ، ينفقه
متشفياً إنفاق ذي حرد
ظمآن والأهواء جارية
كالسلسبيل ، مسى يرد يرد
روض من اللذات ، طيبة
أثماره ، خلو من الرصد
نعم أفانين ، يكاد لها
يختال من غلواه في برد
ماضيه ، لو يدري بحاضره ،
رغم الأخوة مات من حسد
سكران ، والكاسات شاهدة ،
إن الكؤوس لها من العدد
سكران لا يصحو كسكرته
أمساً ، وسكرته غداة غد
سكران ، وهي تزقه قبلاً
ويزقها ، وإذا تزد يزد
سكران ، وهي تمص من دمه
وتريه قلب الأم للولد
سكران ، حتى رأسه أبداً
لا يستقر لكثرة الميد
(( قالت له : نم ، نم لفجر غد
ضع رأسك الواهي على كبدي
نم ، لا تسلط يا حبيب على
مخمور جسمك قلة الجلد
عيناك متعبتان من سهر
ويداك راجفتان من جهد
- لا ، لا أنام ولا أذوق كرى ،
إن النهار مضى ولم يعد
لا ، لا أنام و لا أذوق كرى ،
أنا لست من يحيا لفجر غد
سلمى ، أحس النار سائة
بدمي ، وتجري معه في جسدي
وأحس قلبي فاغراً فمه
للحب ، للذات ، للرغد
إن ضاع يومي ، ما أسفت على
خضر الربيع وزرقة الجلد
نم لا تكابر ، كاد رأسك أن
يهوي بكأسك ، غير أن يدي ..
- يهوي ! .. نعم يا فتنتي ومنى
نفسي ، وزهرة جنة الخلد
يهوي ! .. ولم لا ، والشباب ذوى
وعلى شبابي كان معتمدي
لم تبق لي مني ، سوى رمق
متراوح في أضلع همد ...
رباه مذ يومين كنت فتى
لي قوتي وشبيبتي وغدي
واليوم ، أسرع للبلى ، وأنا
لم أبلغ العشرين أو أكد
سلماي إنك أنت قاتلي !
فجميل جسمك مدفني الأبدي
وطويل شعرك صار لي كفناً
كفن الشباب ذوى وكان ندي
سلمى اطفئي الأنوار وافتتحي
هذي الكوى لنسائم جدد
ودعي شعاع الشمس يضحك لي
فشعاعها يرد على كبدي
ودعي أريج الزهر ينعشني
وهديل طر الأيكة الغرد
أنا ، إن قضيت هوى ، فلا طلعت
شمس الضحى بعدي على أحد ))
- أنا إن قتلتك كيف تحفظني
إن صح زعمك ، حقظ مقتصد
أو كنت مت لليلتي جهد
يا مهجتي خفف ولا تزد
- لا ، أنت محييتي ومنقذتي
من عيشي المتنكر النكد
أفأنت قاتلتي ؟ كذبت أنا ،
لولاك كنت أذل من وتد
لكنما العشاق ، عادتهم
ذكر المنايا ذكر مفتئد
يبكون من جزع للذتهم
أن لا تكون طويلة الأمد ..
قلبي لقلبك خافق أبداً
ويظل يخفق غير متئد
- إن كان ذاك ، فهذه شفتي
من يشتعل في الحب يبترد
وتصافحا فتعانقا فهما
روحان خافقتان في جسد
نهبا أويقات الصفاء ، وقد
عكفا عليهما عكف مجتهد
وترشفا كأس الغرام ، وما
تركا بها من نهلة لصدي
ومشى الهوى بهما كعادته ،
والبحر لا يخلو من الزبد ...
سنة مضت ، فإذا خرجت إلى
ذاك الطريق بظاهر البلد
ولفت وجهك يمنة ، فترى
وجهاً متى تذكره ترتعد :
هذا الفتى في الأمس ، صار إلى
رجل هزيل الجسم منجرد
متلجلج الألفاظ مضطرب
متواصل الأنفاس مطرد
متجعد الخدين من سرف
متكسر الجفنين من سهد
عيناه عالقتان في نفق
كسراج كوخ نصف متقد
أو كالحباحب ، باخ لامعه ،
يبدو من الوجنات في خدد
تهتز أنمله ، فتحسبها
ورق الخريف أصيب بالبرد
ويكاد يحمله ، لما تركت
منه الصبابة ، مخلب الصرد
يمشي بعلته على مهل
فكأنه يمشي على قصد
ويمج أحياناً دماً . فعلى
منديله قطع من الكبد
قطع تآبين مفجعة
مكتوبة بدم بغير يد
قطع تقول له : تموت غداً
وإذا ترق ، تقول : بعد غد ..
والموت أرحم زائر لفتى
متزمل بالداء مغتمد
قد كان منتحراً ، لو أن له
شبه القوى في جسمه الخصد
لكنه ، والداء ينهشه ،
كالشلو بين مخالب الأسد ..
جلد على الآلام ، ينجده
طلل الشباب ودارس الصيد ..
أين التي علقت به غصناً
حلو المجاني ناضر الملد
أين التي كانت تقول له :
ضع رأسك الواهي على كبدي ؟..
مات الفتى ، فأقيم في جدث
مستوحش الأرجاء منفرد
متجلل بالفقر ، مؤتزر
بالنبت من متيبس وندي
وتزوره حيناً ، فتؤنسه
بعض الطيور بصوتها الغرد ..


أرق الحسن
ــــــــــــــــــــــــــــ


يبكي ويضحك لاحزناً ولا فرحا=كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا
من بسمة النجم همس في قصائده=ومن مخالسة الظّبـي الذي سـنحا
قلبٌ تمرس باللذات وهو فتى=كبرعم لـمـسته الريح فانفـتحا
ماللأقاحية السمراء قد صرفـت=عـنّا هواها؟أرق الـحسن ما سمحا
لو كنت تدرين ماألقاه من شجن=لكنت أرفق مـن آسى ومن صفحا
غداةَ لوَّحْتِ بالآمال باسمةً=لان الذي ثار وانقاد الذي جمحا
ما همني ولسانُ الحب يهتف بي=اذا تبسم وجه الدهر أو كلحا
فالروضُ مهما زهتْ قفرٌ اذا حرمت=من جانحٍ رفَّ أو من صادحٍ صدحا

ياجهاداً صفق المجد له
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ـ يا جهاداً صَفَّقَ المجد له:
لبس الغار عليه الأرجوانا
سائل العلياء عنا والزمانا
هل خفرنا ذمَّةً مُذْ عرفانا
المروءاتُ التي عاشت بنا
لم تزل تجري سعيراً في دِمانا
قل (لجونْ بولٍ)* إذا عاتبتَهُ
سوف تدعونا ولكن لا ترانا
قد شفينا غلّة في صدره
وعطشنا، فانظروا ماذا سقانا
يوم نادانا فلبّينا النِدا
وتركنا نُهيَةَ الدين ورانا
ضجَّت الصحراء تشكو عُرْيَها
فكسوناها زئيراً ودُخانا
مذ سقيناها العُلا من دمنا
أيقنت أن مَعَدّاً قد نمانا
ضحك المجدُ لنا لما رآنا
بدم الأبطال مصبوغاً لِوانا
عرسُ الأحرار أن تسقي العِدى
أكؤساً حُمراً وأنغاماً حزانى
نركب الموتِ إلى (العهد) الذي
نحرتْه دون ذنب حُلفانا
أمِنَ العدل لديهم أننا
نزورع النصر ويجنيه سِوانا
كلّما لَوَّحتَ بالذكرى لهم
أوسعوا القول طلاء ودِهانا
ذنبنا والدهر في صرعته
أن فينا لأخي الوِد وخانا
يا جهاداً صفّق المجد له
ليس الغارُ عليه الأرجوانا
شرفٌ باهتْ فلسطينٌ به
وبناءٌ للمعالي لا يُدانى
إن جرحاً سال منْ جبهتها
لثمتهُ بخشوعٍ شفتانا
وأنيناً باحت النجوى به
عربياً رشفتهُ مقلتانا
يا فلسطين التي كدنا لما
كابدته من أسىً ننسى أسانا
نحن يا أختُ على العهد الذي
قد رضعناه من المهد كِلانا
يثربٌ والقدسُ منذُ احتلما
كعبتانا وهوى العرب هوانا
شرفٌ للمت أن نطعمه
أنفساً جبارة تأبى الهوانا
وردةٌ من دمنا في يده
لو أتى النار بها حالت جنانا
انشروا الهول وصُبّوا ناركمْ
كيفما شئتم فلن تلقوا جبانا
غذّتِ الأحداثُ منّا أنفُساً
لمْ يزدها العنفُ إلاّ عنفوانا
قَرَعَ (الدوتشي) لكم ظهر العصا
وتحدّاكم حساماً ولسانا
إنهُ كفوٌ لكمْ فانتقموا
ودعونا نسألُ الله الأمانا
قُمْ إلى الأبطال نلمسْ جرحهمْ
لمسة تسبحُ بالطيب يدانا
قم نجعْ يوماً من العمر لهمْ
هبْهُ صوم الفصح، هبهُ رمضانا
إنما الحقُّ الذي ماتوا له
حقنا، نمشي إليه أين كانا


سلمى الكورانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ



عَجَّبَ اللَّيْلُ مِنْها عِنْدَما بَرَزَتْ
تُسَلْسِلُ النُّورَ في عَيْنَيْهِ عَيْناها
فَظَنَّها وَهي عِنْدَ المَاءِ قائِمَةٌ
مَنَارَةً ضَمَّهَا الشَّاطي وَفَدَّاها
وَتَمْتَمَتْ نَجْمَةٌ في أذْنِ جارَتِها
لمَّا رَأَتْها وَجُنَّتْ عِنْدَ مَرآها:
أُنْظُرنَ يا إِخْوَتا هَذِي شَقيقَتُنا
فَمَنْ تُرَاهُ عَلى الغَبْراءِ أَلْقَاها؟
أَتِلْكَ مَنْ حَدَّثَتْ عَنْها عَجَائِزُنا
وَقُلْنَ إِنَّ مَليكَ الجِنِّ يَهْواها
فَأَطْلَقَ المارِدُ الجَبَّارَ عاصِفَةً
تَغْرو النُّجُومَ فَكانتْ مِنْ سَباياها؟
قَصَّتْ نُجَيْمَتُنا الحسناءُ بِدْعَتَها
عَنْ نَجْمَةِ الشَّطِّ وَالآذانُ تَرْعاهَا
وَكانَ بِالقُرْبِ مِنْها كَوْكَبٌ غَزِلٌ
يُصْغِي فَلَما رَآها ، سَبَّحَ الله
وَرَاحَ يُقْسِمُ أَنْ لا باتَ لَيْلَتَهُ
إِلاَّ عَلى شَفَتَيْها لاثِماً فاها
يا مَلْعَبَ الشَّطِّ مِنْ (أَنْفا) أَتَعْلَمُ منْ
داسَتْ عَلى صَدْرِكَ البازِيِّ رِجْلاها
وَيا نَواتِئَ مِنْ مَوجٍ وَمنْ زَبَدٍ
أَثْنى عَلَيْكَ وَحَسْبُ الفَخْرِ نَهْداها
وَ الشَّطُّ في الصَّيْفِ جَنَّاتٌ مُفَوَّفَةٌ
كَمْ فاخَرَ الجَبَلَ العالي وَكَمْ باهى
إِذا أَرَتْكَ الجِبالُ الغِيدَ كاسِيَةً
فالشَّطُّ أَذْوَقُ مِنْها حينَ عَرَّاها
وافَتْ سُلَيْمى وَما أَدْري أَدَمْعَتُها
تِلْكَ الَّتي لَمَعَتْ لي أَمْ ثَنَاياها
وَذَلِكَ الأَبْيَضُ المَنْشورُ في يَدِها
مِنْديلُها أَمْ سُطورُ الحُبِّ تَقْراها
كَأَنَّما البَدْرُ قِدْماً كانَ خَادِمَها
فَمُذْ أَرادَتْهُ نادَتْهُ فَلَبَّاها
وما أَصابَ الهَوى نَفْساً وَأَشْقاها
إِلاَّ وَأَلْقَتْ بِإُذْنِ البَدْرِ شَكْواها
كَأَنَّهُ حَكَمُ العُشَّاقِ كَمْ وَسِعَتْ
بَيْضاءُ جُبَّتِهِ شَتَّى قَضاياها
أَوْ كاهِنُ الأَزَلِ الحالي بِشَيْبَتِهِ
قَبَّالُ تَوْبَتِها ماحِي خَطاياها...
أَمَّا سُلَيْمى فَما زاغَتْ وَلا عَثَرَتْ
فَالْحُبُّ وَالطُّهْرُ يُمْنَاها وَيُسْراها
مَنْ كانَتْ الكُورَةُ الخَضْراءُ مَنْبِتَهُ
فَلَيْسَ يُنْبِتُ إِلاَّ المَجْدَ وَالجاها
تَعَلَّقَتْهُ طَرِيراً ، كالهِلال على
غُصْنٍ منَ البانِ مَاضِي العَزْمِ ، تَيَّاها
نَمَتْهُ لِلْشَّرَفِ الأَسْمَى عُمُومَتُها
وَنَشَّأَتْهُ على ما كانَ جَدَّاها
أَحَبَّها وأَحَبَّتهُ وَعاهَدَها
أنْ لا يُظلِّلَهُ في الحُبِّ إِلاَّها
فَيَبْنِيا في ظلاِلِ الأرزِ وَكْرَهُما
وَيجْرَعا من كؤُوس الحُبِّ أَشْهاها...
وَرَاحَ يَقْرَعُ بابَ الرِّزْقِ مُشْتَمِلاً
بِعَزْمَةٍ سَنَّها عِلْمٌ وَأمْضَاها
حتَّى انْثَنى وَعلى أَجْفانِهِ بَلَلٌ
وَدَّ الإِباءُ لـه لَوْ كانَ أَعْماها
بَكى فؤادٌ لِسلمى والبِلادِ معاً
وأَنْفُسٍ رَضِيَتْ في الذُّلِّ مَثْواها
فَحَمَّلَ المَوجَ منْ أشجانِهِ حُمَماً
وشَدَّ يَضْرِبُ أُولاها بأُخْراها
وقال واليأْسُ يمْشي في جَوارِحِهِ
دِيارُ سُلْمَى عَلى رُغْمٍ هَجَرْناها
خمسٌ مِنَ السَّنَواتِ السُّودِ لا رجِعَتْ
صَبَّتْ عَلى رأسِ لُبْنانٍ بَلاياها
وَحُبُّ سُلْمَى ورِيقٌ مِثْـلُ أوّلِهِ
سَقَتْهُ منْ ذِكْرياتِ الأَمْسِ أَنْداها
تَمْضي لِواجبِها حتى إِذا انْصَرَفَتْ
فَلَيْسَ يَشْغَلُها إِلاَّ فُؤَاداها
سَلْمَى أَرَى الشَّمْسَ في خَدَّيْكِ ضاحِكَةً
وكُنْتِ كالغَيْمَةِ المَقْطُوبِ جَفْناها
أَنَفْحَةٌ من فُؤَادٍ؟ كِدْتُ أَقرَأُها
فَفي عُيُونِكِ مَبْنَاها وَمَعْنَاها
أَمْ سَوْرَةٌ مِنْ عِتَابٍ؟ أَيُّ فاجِئَةٍ
في لَحْظَةٍ صَبَغَ الخَدَّيْنِ لَونَاها
قُولي فَلَيسَ سِوى الخُلْجَانِ تَسْمَعُنا
وَرَقْرِقيها سُلافاً فَوقَ حَصْبَاها...
قُلْ لِلْحَبيبِ إذا طَابَ البِعادُ لَهُ
وَنَقَّلَ النَّفْسَ مِنْ سُلْمَى لِلَيْلاها
وَاسْتأْسَرَتْهُ وَإخْوَاناً لـه سَبَقوا
مَظَاهِرٌ مِنْ رَخاءٍ ما عَرَفْنَاها
إِنَّا إِذَا ضَيَّعَ الأوْطَانَ فِتْيَتُها
واسْتَوثَقُوا بِسِوَاها ما أَضَعْنَاها
حَسْبُ البُنُوَّةِ إِنْ ضَاق الرِّجالُ بِها
أَنَّ الَّتي أَرْضَعَتْها المَجْدَ أُنْثَاها..
لُبْنَانُ ما لِفِراخِ النَّسْرِ جائِعَةً
وَالأَرْضُ أَرْضُكَ أَعْلاها وَأَدْناها
أَلِلْغَرِيبِ اخْتِيالٌ في مَسَارِحِها
وَلِلْقَريبِ انْزِواءُ في زَواياها؟
مَنْ ظَنَّ أَنَّ الرَّياحينَ الَّتي سُقِيَتْ
دُمُوعَنا الحُمْرَ قَدْ ضَنَّتْ برَيَّاها
كأَنَّ ما غَرَسَ الآباءُ مِنْ ثَمَرٍ
لِغَيْرِ أبنائِهمْ قَدْ طابَ مَجْنَاها
ومَا بَنَوْهُ على الأَحقابِ منْ أُطُمٍ
لِغَيْرِ أَبْنائِهم قَدْ حَلَّ سُكْناها؟..
لا ، لَمْ أَجِدْ لَكَ في البُلْدانِ من شَبَهٍ
ولا لِناسِكَ بَيْنَ النَّاسِ أشْباها
لوْ مَسَّ غَيْرَكَ هَذا الذُّلُّ من أسَدٍ
لَعَضَّ جِبْهَتَهُ سَيْفٌ وحَنَّاها‍..




قصائده المغناة
ــــــــــــــــــــــــــــــ

جفنه علم الغزل/محمد عبدالوهاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سماع وتحميل

أضنيتني بالهجر/فريد الأطرش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سماع وتحميل

وردة من دمنا/فريد الأطرش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سماع وتحميل

يبكي ويضحك/فيروز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سماع وتحميل

موال كفاني يا قلب/وديع الصافي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سماع وتحميل

قد أتاك يعتذر /فيروز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ




بلغوها إذا أتيتم حماها/لطفي بشناق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سماع وتحميل

أسقينها بأبي أنت وأمي / اسمهان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






اعدادا :
هبه الشايب / الاردن
عبير محمد / مصر
سلطان الزيادنة / الاردن
زياد السعودي / الاردن








  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:53 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط