عفواً "كنوت هامسون"

[نجلاء وسوف]

عفواً "كنوت هامسون"
===============
كان صباحاً مغسولاً بالأمل، والشفاه تمرست الدعاء عن يقينٍ ..كل الأيام عند عتبة الباب تتساوى ولا جديد في هذا الزمن غير أن اللحظات تشبه بعضها ..
من لبّ الهمّ والحزن المحفور على وجه أبي معروف تناول معوله، ربط عمامته على جبهته، مدَّ يده لجيبه وأخرج ما كان بها من نقود ..
وكعادتها مدتْ يدها لتتناول الواجب الصباحي ، تمتمت قليلاً ثم استسلمت كالعادة
على أرصفة الدرب الذي يسلكه كل يوم، كان قد غرس الكثير من الشتائل وفي كل مرور كان يقف ليتأمل غرسات عناءه .
-ترى لمَ لمْ تشبُّ ولا أمنية في حياتي ، أيعقل بأني لم أربت على التراب حين سقيته، أم أني لا أصلحُ حتى لغرس أمنية ،
هل كل طلباتي عالية المنال ؟
هل خلقتُ لأنتهي كما خلقت .؟!!
كانت تدور في مخيلته الكثير من الأسئلة ويشوطها برهافة وأمل.
-يا الهي ما هذا البرد الشديد اليوم ، أظن بأن كفيّ ستتجمد قبل أن أكمل عملي إنما سأكمل حتى نهاية النهار ولو تحولتُ لقطعة خشب يابسة.
-اهدأي أيتها العظام ما بك تصطكين وتراقصين جسدي ، لوقت مازال صباحاً وإن كان بخصوص زفاف ابن الجيران فأنا لستُ مدعواً كما جرت العادة، مؤخراً صرتُ منبوذاً تماما لهيئتي وملابسي الرثة
-أظنك تقيمين حفل شواء في صدري، كأني أرى مايجري في داخلي، القلب قدَّه الوجع ورئتيّ بقايا رماد متفحمة من تبغ الفقراء، استهلكتُ عمري وأنا أبرم اللفافة، وفي ضبابها كنت أغرق، سيأتي يوم وأملك علبة سجائر من نوع فاخر ، مازلتُ أذكر ذات يوم بأني كنتُ أعمل عند أفندي وترك علبة سجائره الفارغة على طاولته ومضى في أمر ،وقتها فرحتُ بالعلبة لأملأها بلفائفي المتعفنة وخجلتُ حين سقطت مني وأنا أسويّ له جوانب الزرع ، من وقتها حرّمت على نفسي الصعود في الأحلام .
هل ما زلت يا عظام توزعين نظرك لأشيائي الفانية، أراك الآن تهتزين بعنف وتشيرين للكبد !
اذهبي إليه وخلصيني منه ، قيل أنه أكثر المسؤولين عن الحياة ،وظائفه متعددة لكني لم أتعرف عليه إلا حين تشمع ، ضحك الطبيب حين قلت له ألا أستطيع إخراج القليل من الشمع؟
فكان أول من وصفني بالجنون،والجنون العظيم عندما خرجت من منزلي صباح يومٍ آخر وأصطحبتُ معي رغيفاً من الخبز وزوجتي تصرُّ عليّ أن تلفه مع قليل من الزيت والزعتر أو تحشوه ببعض حبات الزيتون .
-كفى يا امرأة لا أريد، تيبست عروقي ، غار نبضي
ونفسي باتت تلتئم من زفيري المتعفن.
-ماذا أقول لكَ هذا كل ما عندنا
-الحمد لله ولكني اليوم سأذهب وأتناول فطور أسند به معدتي.
خرج "أبومعروف" معوله على كتفه ، معطفه البالي بالكاد يسدُّ نسمة الشتاء اللئيمة حين تدخل العظام بلا رحمة ، حذاءه أشقى من زمن محشو بالنقم والإهانات.
سلك الطريق المؤدي إلى الجزار "أبو حسام" بالرغم أنه يبيع اللحم يستغل زاوية في محله ليشوي وجبات صباحية سريعة، ألقى السلام ..فردَّ الجزار مرحباً مندهشاً، وقف أبو معروف جانباً منتظراً المكان أن يخلو قليلاً ومرةً منتظراً أسياخ اللحمة لتوضع على الفحم .
وقت قليل مضى وبدأت رائحة الكباب تفوح وتذيب كبرياء شيطان الجوع، تقدم أبو معروف ساحباً الرغيف من جيبه وراح ليضعه فوق المشوى وبعد أن نضج الرغيف وامتلأ بالرائحة رش عليه القليل من الملح ولفه وبدأ بالتهامه، وحين انتهى حمد الله وشكره وشكر الجزار .
خرج مشرقاً سعيداً محققاً قطف أمنية من صباحاته، لكن صوتاً صعقه حين قال :عفواً عفواً ...
وعندما استدار إلى مصدر الصوت..
قهرته الإشارة ...

[محمد الدمشقي]

قصة تأملية مؤثرة و مؤلمة في زمن قاس لا يرحم
أثرت بي كثيرا
سرد جميل و أسلوب تصويري رائع

جميلة جدا

[ناظم العربي]

قارس نداء الجوع
أشد وحشية من صفير البرد في العظام الخاوية
لاضمير له وهو يمرغ أحلام الفقراء بطين الذل
لو كان رجلأ لشنقته
لذبحته
لفتكتُ به
لوَزعّت أجزاءه في أنحاء الكون
وفي ومضة قاتلة
كان نداء الجزار
يساند الجوع في قهره
يساوي بطنا شبعى من اللحم
بأخرى غمست كسرة يابسة برائحة لاتدوم
آل نجلاء
نتعلم النبل من جود قلمك
لك تحيتي والتقدير

[ربى عبد الحي]

نص جميل بحروفٍ عذبة واسلوب شيق ممتع وقدرة رائعة على مزج الكوميديا الساخرة بالمشاعرة المثقلة بالحزن على حال بطل القصة
ابدعت كالعادة اديبتنا المميزة نجلاء
على أمل قراءة المزيد والمزيد من ابداعاتك

[رائد الحسْن]

أماني الفقراء تبقى هزيلة كأجسادهم،
تعانق صباحات كانون الباردة
وتصاحب أحلاماَ تأبى
أن تصطبغ باللون الوردي،
لكنها، تنام على حصيرة متواضعة
لا تقدر بثمن، انها القناعة، التي
تهب العزاء وتهدي الصبر
وتمنح السكينة، لاصحابها.

جميلٌ ما قرأته
اختي الفاضلة نجلاء وسوف
الى مزيد من الابداع والتألق

احترامي وتقديري

[نجلاء وسوف]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال عمران

الاستاذة نجلاء
هى تحفة عن الفقر والجوع وموت الأمانى لدى معظم شعوب أمتنا ..
أعجبنى الوصف الدقيق لمأساة هذا المدعو أبا معروفا ..وهى أوصاف ومواقف ليست بالغريبة على العبد لله ( زعيم الغلابة )
مودتى ولى عودة فللنص تأويلات كثيرة
مودتى وتحية بلون الشروق

====
الأستاذ جمال عمران
لحضورك ومرورك كل الاحترام والتقدير
شكراً لك

[نجلاء وسوف]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدمشقي

قصة تأملية مؤثرة و مؤلمة في زمن قاس لا يرحم
أثرت بي كثيرا
سرد جميل و أسلوب تصويري رائع

جميلة جدا

------
الحياة موجعة يا محمد
شكراً لطيب المرور والقراءة والمشاركة
تحياتي والتقدير

[روضة الفارسي]

مرحبا أديبتنا نجلاء

قصة مميزة أثبتها سعيدة مع تمنياتي لك بالتألق دائما


أختك روضة

[خديجة قاسم]

قصة زادها الوجع الكامن فيها إبداعا وزادتها القيمة الإنسانية فيها روعة
طوبى لك ولجميل ما سطرت عزيزتي نجلاء
دمت متألقة ومبدعة .

[محمود قباجة]

لله درك
شاعرة وأديبة وقاصة
نجلاء وسوف


لقد أبدعت في تصوير الفقر والمعاناة التي تعيشها شريحة واسعة من أبناء الشعوب العربية من مشرقها إلى مغربها مع وجود شريحة من المترفين الذين أصابتهم التخمة


الفقير يكتفي برائحة الشواء ومشاهدة قطع اللحمة المعلقة التي يتفنن الجزار في تقطيعها

ولكن الجزار
لن يكتفي ويلاحق أبا معروف بصوته ليدفع له ثمن القترة التي علقت برغيف الخبز


دمت راقية
احترامي

[نجلاء وسوف]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناظم العربي

قارس نداء الجوع
أشد وحشية من صفير البرد في العظام الخاوية
لاضمير له وهو يمرغ أحلام الفقراء بطين الذل
لو كان رجلأ لشنقته
لذبحته
لفتكتُ به
لوَزعّت أجزاءه في أنحاء الكون
وفي ومضة قاتلة
كان نداء الجزار
يساند الجوع في قهره
يساوي بطنا شبعى من اللحم
بأخرى غمست كسرة يابسة برائحة لاتدوم
آل نجلاء
نتعلم النبل من جود قلمك
لك تحيتي والتقدير

-----
كم أحترم توغلك العميق بين السطور
وفكرك المتقد برؤية الواقع وتفسير لحظاته القاسية وما أصعب ما يحيط بنا من قهر
للكبير ناظم العربي
أسمى التحايا والشكر لحضورك والقراءة
تقديري دائما

[علي الحسن]

الأستاذة نجلاء وسوف

قصة جميلة أجدت من خلالها تجسيد الفقر وما يعانيه الكثير من الفاقة والحرمان..

كثير ود واحترام

[نجلاء وسوف]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عوض بديوي

ثم لكويته بالنار خشية عودته...
جميلة هذه اللغة لغة القص..
وحزينة ومؤلمة..
عشتها
ووصلتني
تقديري

=====
القدير عوض
مرورك تحفة وقراءتك نور
فأهلاً بك
أشكرك وأقدّر حضورك

[نجلاء وسوف]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربى عبد الحي

نص جميل بحروفٍ عذبة واسلوب شيق ممتع وقدرة رائعة على مزج الكوميديا الساخرة بالمشاعرة المثقلة بالحزن على حال بطل القصة
ابدعت كالعادة اديبتنا المميزة نجلاء
على أمل قراءة المزيد والمزيد من ابداعاتك

-----
شكراً كثيرة لهذه القراءة العميقة
مودتي واحترامي

[نجلاء وسوف]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سرمد عزيز

أماني الفقراء تبقى هزيلة كأجسادهم،
تعانق صباحات كانون الباردة
وتصاحب أحلاماَ تأبى
أن تصطبغ باللون الوردي،
لكنها، تنام على حصيرة متواضعة
لا تقدر بثمن، انها القناعة، التي
تهب العزاء وتهدي الصبر
وتمنح السكينة، لاصحابها.

جميلٌ ما قرأته
اختي الفاضلة نجلاء وسوف
الى مزيد من الابداع والتألق

احترامي وتقديري

---------
الفقراء والجوع والقهر صرخة هذا الوقت
وعقرب الساعة الدائر على مدار هذا الوقت
تحياتي يا أستاذ ولك كل الشكر على مشاركتك الراقية

[محمود شومان]

أظن الإشارة التي قهرته لا تخلو من " هات ، و إلا .. "


بوركت الشاعرة القاصة / نجلاء
و حبكتها القصصية التي تناهز الواقع المعايش للكثيرين

بوركت و دمت

[نجلاء وسوف]

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روضة الفارسي


مرحبا أديبتنا نجلاء

قصة مميزة أثبتها سعيدة مع تمنياتي لك بالتألق دائما


أختك روضة



مواكب الضوء حين حضرت هنا
فأهلاً بك وكل لشكر على تثبيت النص
تحياتي والتقدير

[نجلاء وسوف]

خديجة قاسم
-----
مرورك كالربيع وأبهج متصفحي
دمت بخير وسلام
مودتي وتقديري

[نجلاء وسوف]

محمود قباجة
-----
أنرت المكان وأبهجته
وكل الشكر لقراءتك العميقة وحضورك
لك تقديري واحترامي

[نجلاء وسوف]

علي الحسن
------
أقدرُ منك هذا المرور الجميل
تحياتي والتقدير

[بسباس عبدالرزاق]

بداية أعتذر لأنني تأخرت لأقف عند هذه الرائعة

رائعة لا تكفي
خطفت قلبي بالسفر في النفس و هي قصة يلتحم القارئ بها و تصبح حكاية له

رائع استاذة نجلاء

تقديري و احتراماتي

[نجلاء وسوف]

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نـ ج ـاة خ ــيري
[align=center][tabletext="width:90%;background-image:url('http://img.el-wlid.com/imgcache/470607.gif');border:7px ridge white;"][cell="filter:;"][align=center]





[align=center][tabletext="width:80%;background-color:black;border:7px ridge white;"][cell="filter:;"][align=center]

الأديبة القديرة

نجلاء وسوف

قصة مؤثرة جداً

وصف دقيق لحالة

هذا المسكين معروف

ومايعانية !

وكم معروفاً أصبح

في هذا الزمن المتعب؟!؟

قصة من الواقع العربي المــُر

دمتِ مبدعة

بحرفكِ العملاق

تقديري ومودتي

[/align][/cell][/tabletext][/align]





[/align][/cell][/tabletext][/align]
الرائعة نجاة
نفتقدك
نسأل الله أن تكوني بخير

[نجلاء وسوف]

رائد الحسن
------
سلم حسك وحضورك
شكراً على كرم القراءة والمرور
تحياتي والتقدير

[نوال البردويل]

وكان صباحي معجوناً بالعسل لقراءتي هذه القصة
قرأتها على نفس واحد دون توقف كان الوصف والسرد
والمعنى والغرض حاضر يتسلسل بيسر وسهولة
تسر القاريء وتمده بالمتعة اللامتناهية
في النهاية أقول...
كم هي جميلة القراءة لنصوص النجلاء
بوركتِ الغالية
تحياتي وودي

[نجلاء وسوف]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روضة الفارسي

مرحبا أديبتنا نجلاء

قصة مميزة أثبتها سعيدة مع تمنياتي لك بالتألق دائما


أختك روضة

------------
نعم الأخت
شكراً لحضورك وقراءتك نصي كما أشكرك على تثبيتها
تحياتي وكل التقدير