العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-02-2014, 11:11 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


محمد السويجت غير متواجد حالياً


افتراضي رواية (روناك... دماء ودموع ج2) من 20-.....


رواية ( روناك ..... دمـــاء ودموع)
تأليف : محمد عبد اللطيف السويجت

(20)
التلويح بالعودة الى الفندق
بعد زيارته المفاجأة لروناك أعاد الكرة من جديد بحثا عن الحقيقة، فليس في جعبته دليل واحد قوي يبعد عنه الشبهة وان جراح رقبتها ورجلها لا يزيلان عنها التهمة قطعا وان انصراف روناك عنه وعدم زيارتها له جعل الأمر صعبا وغامضا هو بحاجة الى معرفة الحقيقة وسماعها من فمها وحدها لا غير ..ولكن لا سبيل الى ذلك فقد طوى اليوم العاشر من تواجده في القضاء هي في غرفة أبيها وهو في غرفته تساعده قمرية في ترتيب وتنظيف الغرفة واعداد الشاي ..... أدرك مهند أن روح روناك هي التي كانت تشده الى هذا البيت وتحببه اليه وهي وراء السر الذي دفعه ان يشتري لها هدية (بدلة) كان قيمتها ضعف هدية والديها معا بل وأكثر بقليل ... الزيارة الثانية لم تجدِ شيئا ورجع بخفي حنين ما كان يقرّبه الى عائلة أبي مصطفى عاد اليوم ينأى به بعيدا وشعر في وجوده غربة وعزلة وان فراشة الأمس التي كانت تزيّن الغرفة بقوامها وميسها وألفاظها غابت عن عينيه وأثقل غيابها وجدانه وأرهق روحه دائم التفكير حتى آخر ساعة من الليل أرق يتقلب على فراشه كالسليم بحثا عن حلّ أو الوصول الى حقيقة ما سمع، وكيف يصل الى الحقيقة و أحد أطرافها بل الطرف الأساسي في القضية لا يسمع ولا يتكلم ..... كانت حركته في دائرة مفرغة لن توصله الى ما يريد .... اذن لا بدّ من عمل ولا بدّ من حل ... انّ ما يثقله اليوم من هموم هي أكثر بكثير مما حصل له من شخير وشجار في الفندق سابقا ، تلك تنتهي في حينها اما أحزانه وأشجانه الآن ترافقه على مدار الساعة في البيت والشارع والمدرسة لا يستطيع ان يفلت منها ولو للحظة واحدة فيما يبدو ان ما حذره الدكتور واقع لامحال وان تهمة روناك واعترافها بانه الفاعل أمام صبيحة ثم الدكتور توسعت دائرته وتحدث أولئك للآخرين ولم ينحصر الخبر بهما فقط . عليه ان يلوح الى عائلة أبي مصطفى ويوصل الخبر الى روناك بأنه سوف يغادر البيت الى الفندق وان يمهّد لذلك بتأخره ليلا لانشغاله بنادي الموظفين حيث تمّ اختياره مديرا له في دورته لهذا العام .. وينظر هل يحرك هذا الخبر مشاعر روناك وتأتي لزيارته .... قدّمت قمرية له فطوره الصباحي بادرها بقوله :- شكرا يا قمرية انا أتعبتك .... سوف أضع لها نهاية – ان شاء الله -
ــــــ ليش يا استاذ ، ما ذا تعني ؟
ـــــ أترك البيت وأرجع الى الفندق قريبا .
ـــــ استاذ ، لو روناك موجودة ما ارجعت ... انا قصّرت وياك ..روناك مريضة
ـــــ لا ، لا تروحين بعيد .....
انتقل الخبر الى العائلة ومضى عليه يومان ولم يرَ أي رد فعل من أفرادها ، أيقن انه الآن الشخص المنبوذ المرتكب للجريمة ولو كان له حضور في قلوبهم ووجدانهم لسألوه عن السبب .. لماذا يريد ان يترك البيت ويعود الى الفندق الذي جاء منه فارا بحثا عن مكان مريح فوجده هنا . إهمالهم لخبر تركه البيت اشارة واضحة لعدم رغبتهم في تواجده بينهم من هنا بدأ يفكر بجد للعودة الى الفندق فكل ما في البيت الآن يذكره بالضعة والرذيلة لما حدث لروناك ،هو المتهم الأول وبلا منافس في الأمر ولا مجال لاثبات براءته والحال المجني عليها كما هي الآن. دخلت عليه قمرية يوم الخميس عصرا بالشاي ، سارع ليأكّد لها ما عزم عليه فقال:-
ـــــــ قمرية ،ان شاء الله، غدا الجمعة نهاية هذه الأتعاب . انا ممنون منك .
ــــــ لا ، يا استاذ ، انت أخوي الكبير وأدي لك خدمة بسيطة ، لا شكر على واجب ،هذا كلامك ..... ممكن أعرف السبب .
ـــــ السبب واضح ، تأخري في النادي الى ساعة متأخرة من الليل إتعاب إضافية عليكم لا أقبلها ،هو السبب الحقيقي في عودتي الى الفندق .
بحياء تأملت وجه مهند صامتة ثم قالت :- المهم ،يا استاذ ، انا ما قصرت في عملي ..... اما روناك مريضة لا تقدر على أي عمل .
تركته ودخلت غرفة ابيها لتذيع خبر مغادرة مهند البيت غدا ، يبدو ان روناك لم تعر لهذا الخبر أهمية ولم تزره في غرفته كما يتوقع مما زاد في غضبه واصراره ترك البيت واعتبر ذلك طعنة في كبريائه وإشعارا بإهماله وجفائه .....
ليلة الجمعة عاد مهند متأخرا وقد تعمّد في أيامه الأخيرة أن يأتي البيت في أوقات متأخرة ومتفاوتة من الليل وكالعادة عندما يطرق الباب يخرج أبو مصطفى لفتحه ...هذه المرة دخل أبو مصطفى عليه في غرفته بعد ان أحكم غلق رتاج باب الدار ، سلّم وجلس على حافة السرير ، رحب مهند بالقادم وبعد قليل مهّد للحديث قائلا :-
ــــــ ياعم ، انا أتعبتك كثير في هذه الأيام ، ماذا أعمل وقد تم اختياري مدير ادارة نادي الموظفين لهذا العام ؟ هذا المنصب يفرض عليّ التأخير ليلا لاكمال حساب اليوم أولا ثم الاعداد والتهيئة لما يحتاجه النادي لليوم الثاني .... انا أشعر بحرج كبير ..أتركك ساهرا تنتظرني الى ان أعود وأكون سببا في عدم راحتك ......
ـــــــ واذا تأخرت . يا ابني ، انا دائما أنام متأخر ، انا جالس ، افتح لك الباب والموضوع بسيط استمر في عملك ولا تفكر في شيء .
ـــــــ لا ، ياعم ، ما ذنبك وأنت تنتظرني حتى هذه الساعة المتأخرة لتفتح الباب .
ــــــ المسألة هيّنة وبسيطة أترك لك الباب مفتوحا
ــــــ هذا صعب .
ـــــــ أي صعوبة ،(مبتسما) اذا كنت تخاف من حرامٍ او سارق ، فليأتِ ويسرق ما يشاء ، ماذا يجد ؟
ــــــ ليس من المعقول ان يبقى الباب مفتوحا .
ــــــ انت مصر على ترك البيت ، يا بني ، كن معي صادقا وصريحا وقل الحقيقة ، أريد أعرف السبب الذي يدعوك الى الخروج ، والله أحببتك مثل ابني مصطفى ولك محبتك ومكانتك في قلوبنا جميعا ، اذا كان السبب روناك فروناك مريضة وانت أخوها الكبير بالتأكيد تتألم لحالها . واذا أحد أفراد العائلة أسمعك كلاما سيئا ومؤذيا أرجو ان تقول لي من هو ؟ وانا أدبه ... اذن ، ما السبب ؟
ــــــ الموضوع لا يخص روناك ولا الأولاد ، الحمد لله كلهم مؤدبون ويحترموني ولكن المسألة تتعلق في مسؤوليتي في النادي مثل ما قلت لك . طأطأ رأسه قليلا ثم رفعه وخاطب مهند بشيء من الجدية والجرأة :-
ـــــ شيء واحد أوضحه ، والأمر راجع لك ، ما دمت أنت مصر على الذهاب .... يا ابني ، انا حصلت من الجماعة المسلحة "البيشمركة " ضمانة على سلامتك في بيتي والناس يحترموني كثيرا وانت خلال هذه الفترة في أمان فاذا خرجت حياتك في خطر وانا أبرئ ذمتي أمام الله وأمامك حتى تكون انت على علم .
هذا أمر لم يتوقعه فقد تسرب شيء من الخوف في نفسه عندما علم ان حياته مرتبطة بتواجده في بيت الرجل .. وتذكر ما حدث له قبل ليالٍ اثناء تأخره في النادي حيث خرج عليه رجل مسلح كان يخفي نفسه خلف شجرة شاهرا عليه مسدسا وعندما عرف انه استاذ مهند تركه وذهب ....شعوره بالاهانة من لدن روناك واحترامه لقراره جعله أكثر اصرارا على ترك الدار . ولما لم يجد أبو مصطفى مجالا أو فسحة أمل على ثنيه لكسر قراره قال له :-
ــــــ انا وضحت لك الأمر، والموضوع راجع لك كما قلت ، لكن راجع نفسك قبل ان تأخذ قرارك بشكل نهائي .
تركه أبو مصطفى وتمنى له ليلة هانئة ومن أين يحصل على الراحة والهناء وهو في دوامة من الأفكار والمشاكل لا تفتأ تضغط على روحه وجسمه .


(21)
روناك في غرفته
ذهبت محاولات مهند أدراج الرياح لجذب روناك واخراجها من عزلتها واعتكافها في غرفة أبيها ومن ثمة معرفة السر الخطير الذي أدّى بها ان تكون هكذا كئيبة حزينة توحي للناظر اليها انها الى الجنون أقرب منها الى العقل فقد خسرت كل شيء فلا حاجة لها بمهند وحبه ....عدم استجابتها دفعت بمهند ان يضع قراره قيد التنفيذ ..وما تفعله روناك الآن استخفافا به وبعلاقته معها أو انها ترفضه وغير راغبة فيه ..لها الحق ان تفكر بما تشاء ولكن لماذا هذه التهمة التي لصقتها به كذبا وزورا 0 ومن هو الفاعل الحقيقي ؟ هذا ما يجهله .... روناك وحدها القادرة على كشف الحقيقة لا أحد غيرها ... لماذا اختارته هو دون غيره .نعم ، انه عربي ومدرس ويسكن في بيتهم اضافة الى ذلك انها المكلفة من قبل والدها بخدمته والمكوث معه لوحدهما حتى ساعة متأخرة من الليل ، هذه الأمور تكفي لادانته 0 ولكن ما العمل وروناك تأبى ان تلتقيه أو تكلمه بل سلّم عليها فلم ترد واكتفت بالبكاء ... نعم ، أعطاه أبو مصطفى مهلة ان يفكر جيدا في انتقاله الى الفندق اعتزازا به وحرصا على حياته .... بعد ان قضى ليلته في أرق وتفكير صعب ،شعر بصداع يثقله ومصير مجهول ينتظره ربما ينتهي به الأمر الى العار والهلكة ... مع اشراقة صباح يوم الجمعة أخرج حقائبه المخبأة تحت سريره و بدأ يجمع وسائله وحاجاته في الغرفة استعدادا للذهاب الى الفندق ..... دخلت عليه قمرية حاملة معه فطوره ,شاهدته يجمع كتبه وأوراقه ورأت حقائبه فاغرة فاها تلقف في جوفها ما يمتلكه ،سألته مستفهمة :- ما تعمل يا استاذ ؟
ــــــ أنتقل الى الفندق - ان شاء الله - جمعت وسائلي لهذا الغرض .
وضعت الفطور على الطاولة واندفعت الى داخل البيت مولولة باكية وبصوت مرتفع سمعه مهند في غرفته :-
ــــــ الاستاذ راح يتركنا الى الفندق ، يجمع ملابسه .
واذا بأم مصطفى تقف على عتبة باب غرفته ولأول مرة خلال تواجده في الغرفة تصل هذه المرأة النبيلة الى بابها ، جاءته دامعة العينين باكية راجية منه البقاء متوسلة :- أخوي ، ليش تتركنه ، انت – والله – عزيز علينه ، هنا راحتك وهذا بيتك وانت أصبحت واحد من العائلة ، خويه ، شنو السبب ؟
ـــــ اختي ، عملي بالنادي وتأخري بالليل هو السبب الوحيد لتركي البيت .
ـــــ هذا مو سبب .... اذا كان السبب روناك فروناك مريضة وما بأيدينا شيء .
ـــــ روناك ما لها أي علاقة بالموضوع .
ـــــ استاذ ، ارحمنا . اذا تركتنا أبو مصطفى يسوّد الدنيا بوجوهنا ..يقول انتم السبب لوما آذيتوه ما ترك البيت .
ـــــ انا أكلمه وأفهمه الموضوع ، انا على تواصل معكم أزوركم ان شاء الله . تركته وخرجت ولم تنفع توسلاتها لثنيه عن عزمه في الذهاب .. أكمل رزم وسائله جميعا الصغيرة منها في حقائبه وكذلك رزم فراش نومه ولم يبق لديه الا ملابسه المعلقة ينتزعها من مكانها على الحائط ليضعها في حقيبتها الخاصة حفاظا على نظافتها وحرصا على سلامة كيّها ..... سحب قميصا رتّبه ووضعه في الحقيبة وعاد ليأخذ غيره وكان ظهره الى الباب واذا بيد تخرج القميص من الحقيبة وتضعه في مكانه على الحائط انها روناك شعثاء غبراء منفوشة الشعر كالمجانين ، وبلغة آمرة مدّت يدها باتجاهه – أخافته الحركة - وتذكر حينها قول والدته ان المجنون اذا ضرب أحدا انتقل الجنون الى الثاني ..ابتعد عنها الى الخلف وصوتها يرن في أذنه :- لا ، لا ، انت ما تروح ، انت تبقى ....
بهت قليلا ثم عاد اليه ما ذهب من روعه قال :- هذه مسألة خاصة بي ثم اني اتفقت مع صاحب الفندق ..
وبعينين جاحظتين غاضبتين أعادت عليه القول :- لا،لا انت تبقى ، ما تروح. حدّق فيها جيدا ثم تمتم بصوت مسموع :- سبحان الله ، هذه روناك ... ماذا فعلت بنفسك يا روناك ؟!!!!!
لم تجبه وأعادت عليه الأمر ثالثة :- انت تبقى
ـــــ روناك ، انا أبقى بشرط ان تزوريني هنا ، واذا رفضت لا توجد قوة على وجه الأرض تمنعني من ترك البيت .
هزت رأسها بالموافقة ولم تنطق بحرف بعدها ...... لم ير في وضع روناك وما هي عليه الآن من غضب وشد عصبي وقتا مناسبا للحديث معها ومعرفة ماجرى عليها قال :-
ــــــ لك ثلاثة أيام تأتين هنا في الغرفة وأسمع منك ما حدث ، انا في حيرة فان لم تأتي ليس عليّ عتاب ، جاوبيني .
هزّت رأسها مشيرة الى موافقتها أدارت ظهرها وتركته وحيدا في غرفته ، حالة روناك ووضعها المأساوي جعلته في حيرة من أمره جلس على سريره يطيل النظر ويمعن الفكر في حقيقة الجنون الذي أصاب هذه الفتاة لم يهتدِ الى حل ثم ما علاقة الجنون وبالتهمة التي لحقته ......


(22 )
محاولة كشف الحقيقة
انقضت أيام المهلة التي منحها مهند لروناك وليس هناك ما يشير الى انها سوف تمزق ثوب عزلتها وتخرج الى الحياة من غرفة أبيها من جديد لتعيش عالمها الخاص بعيدا عما تشعر به وما يحيطها من أوهام وظنون ما لها في الواقع صدى .في اليوم الرابع بعد الظهر وقد خلت الدار الا من الأطفال الصغار ووالدة روناك طرقت عليه باب غرفته ، لا يميزها الناظر عن أيِّ مجنونة ذهب عقلها ، صفراء الوجه شعرها طويل تناثر على كتفيها غير مرتب وكأنه لم ير الماء منذ أمدٍ بعيد ذابلة الأجفان ، وقفت احتراما وحياءً ولم تجلس كما كانت تفعل سابقا ، طالت الوقوف ومهند ينظر اليها باستغراب وألم هو الآخر ذهل تماما وكأنه يقول :- هذه روناك التي أحبها وأضاع ليله أرقا لم يغمض له جفن يتقلب في فراشه ألما وحسرة من أجلها ، احتوت نهاره حتى لم يعد يفكر بسواها بل أثرت على عطائه لطلابه مما لديه من علم ومعرفة ... قال لها بعد صمت :-
ــــ تفضلي ، أجلسي
جلست على جانب الكرسي أمامه مطأطأة رأسها مذنبة في ذاتها ، وقد انسلت من عينها دمعة مسحتها بكمها كي لا تُشْعره بما تعانيه... حاول مهند جاهدا أن يُنعش الجو بحديثه مذكرا اياها بحبه
ــــــ لماذا ، يا روناك ، تركتيني طيلة هذه الفترة حيران تايه أفكر ليل نهار ، وأسأل نفسي أيّ ذنب ارتكبته مع روناك حتى تجازيني بهذه الجفوة وهذا البعاد ؟ تركت حلبجة وانا وروناك على صفاء ومحبة ... جئت وأنا كل اشتياق للقائك وأحمل معي أخبار طيبة لك ياروناك ( تجاهلته وكأنها لم تسع الكلمة الأخيرة فلم تسأله عن طبيعة أخباره ) استمر في حديثه :- على افتراض أنت مريضة . (رفعت رأسها ونظرت اليه بعمق ثم عادت لوضعها ) هل يمنع مرضك ان تكلفي نفسك خطوات للسلام علي وانا ضيف وحبيب ؟!.... روناك ، أنت نبتة طيبة ، غرس طيب من عائلة طيبة , مهما قست الظروف وكثرت المآسي فأنت الأقوى ، كوني على ثقة ، ان العرق الطيب مهما جفّ لن يموت.... باقية تقاومين الأحداث والصعاب..... ولكن يا روناك أرجو ان تكوني صادقة معي ماذا حدث ؟
أجابته بنبرة حادة على غير عادتها :- ليش , أنت ما سمعت بالموضوع ، أبوي وقمرية قالوا لك كل شيء ....
ـــــــ نعم ، ذكر لي الوالد وقمرية . انا أريد أن أسمع من روناك نفسها.
ــــــ قبل آذان المغرب وقت صفرة الشمس صعدت على سطح الغرفة ، زلت رجلي وسقطت على الأرض ، وهذه الجروح (وأشارت بيدها ) وهذه حالي ، يقولون انت سحقت جني....
ـــــــ هذا الحديث صحيح ؟
ـــــــ هذا كل ما حدث ...
ـــــــ ما معقول مثل روناك في عقلها ورزانتها تصدق بهذه الأكاذيب.....هذا ما لا يعقل . آمنت بالله سقطت من السطح ومن الجن تمرضت ولكن لماذا هذا الخبل وهذا الجنون ، واذا كنت مجنونة لماذا هذا الاعتكاف المؤدب في غرفة أبيك
ــــــ حظي ، هذا حظي وقسمتي في الدنيا .
ـــــــ ليس هذه الحقيقة ،قولي لي الحقيقة ، أرجوك ، تعبت كثيرا .
ـــــــ (باستغراب ) أيّ حقيقة ؟ وقعت من السطح وأهلي كلهم على علم .
ـــــــ نعم، الوالد صادق وقمرية صادقة ، خبر السقوط ممكن ان يكون صحيحا ، وقعت وأصابتك جروح وتألمت ، لاشك فيه ، ولكن الجنون بهذا الشكل مبالغ فيه ، لا يمكن ان يكون الانسان مجنونا وهادئا هدوء روناك ،في الوقت نفسه ، هذا تناقض ..... مضى علي نصف شهر أو أكثر هنا لم أسمع ولم يحدث لك نوبة جنون واحدة بل فتاة عاقلة هادئة معتكفة في غرفة أبيها فقط . ما الدافع لهذا البكاء؟ لا أدري ...... روناك انت واعية لما تفعلين .
ـــــــ أبكي حظي ، ضاع شبابي ومستقبلي ،ضاعت حياتي ودراستي.
ــــــــ ارادتك أقوى من الجنون ، ما ضاع منك شيء ، اتركي هذه الأمور و قولي الحقيقة .
ــــــــ (بحدة) الحقيقة الحقيقة ،هذي هي الحقيقة ،انا كاذبة .
ـــــــ حاشاك ، انا الكاذب (بابتسامة أراد ان يخفف غضبها ) ممكن ان أسمي الحالة (الجنون المثقف ).... مازلت كعهدي بك واعية ذكية ، أرجوك كوني صادقة معي .... والله عذبتني أكثر مما تتصورين ......
ــــــــ ( نهضت تريد الخروج ) استاذ ، انا ما عندي شيء ، قلت لك ما عندي الحقيقة التي تبحث عنها هي التي سمعتها من والدي وقمرية وبس .
ــــــــ اجلسي يا روناك ، انا أعرف الحقيقة اذا ...(سكت ) .. ولكن أريد أسمعها من فمك .
عادت لجلستها محدقة فيه بغضب عارم سائلة :-
ــــــ ماذا تعرف ؟ وأيّ حقيقة تعرفها ؟
ـــــــ قوليها والا أخبرتك أنا بها .
ــــــــ قلت لك كل شيء ،خبرّني ان كنت تعرف ما حدث لي أكثر مني .
ـــــــ ( بهدوء ) روناك ، الدكتور الدكتور خبّرني عن كل ما جرى قبل أن يتم كلمته صرخت باكية مهرولة ضاربة على رأسها قائلة :- أنا لا أستحق الحياة ، انا لا أستحق الحياة .. تبعها مهند واذا بها لم تتجه الى غرفة أبيها وانما ذهبت الى غرفة صغيرة بجوارها اتخذتها العائلة كمخزن للأخشاب ، خرجت والدتها على أثر سماعها صراخ ابنتها هي الأخرى باكية .... أدرك مهند روناك تبحث بين الأخشاب على سكينة كبيرة مسكتها نهضت تريد ان تطعن نفسها أسرع مهند أمسك يدها بقوة وهو يردد :- لا ، لا ياروناك ، لا .... روناك هي تصرخ باكية :- انا لا أستحق الحياة بعد اليوم ، انا ما استحق الحياة بعد اليوم . أخذ يدها بقوة ليبعد السكين عن جسدها ، وكان بينهما صراع شديد ، وكم هاله ان يجد في روناك من القوة ما لا يتصور، لديها من القوة ما عجز عن ثني يدها ، ساعدته أم مصطفى وبعد جهد كبير تمكنا من سحب السكين ، سقطت روناك أرضا وانتابها صرع وأخذت ترفس بيديها ورجليها .... أسرعت والدتها الى غرفتها وجاءت بكأس ماء وعلبة أخرجت منها قرصا واحدا وأجبرتها على تناولها .... نظر مهند الى العلبة كانت من النوع الذي أعطاه الدكتور اياها يوم عودته الى حلبجة بعد قليل أخذ القرص مفعوله واسترخت الفتاة وحملاها معا الى مكانها في غرفة أبيها .....


يتبع






  رد مع اقتباس
/
قديم 21-02-2014, 07:45 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
روضة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


روضة الفارسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: رواية (روناك... دماء ودموع ج2) من 20-.....


الأستاذ محمد السويجت مرحبا بك بعد إذنك أعدت تنسيق هذا الجزء حتى يتسنى لي قراءته لاحقا فأرجو المعذرة






  رد مع اقتباس
/
قديم 24-02-2014, 12:09 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
روضة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


روضة الفارسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: رواية (روناك... دماء ودموع ج2) من 20-.....



الأستاذ محمد سوجت عشت مع شخصياتك رونا ك ومصطفى ومهند وغيرهم وأحسست أني أقرأ لاديب كبير سيكون له ذات يوم شأن

الحوار ناجح جدا والسرد متقن

ننتظر الباقي وأيضا توقيعك في نصوص بعض الأصدقاء

روضة






  رد مع اقتباس
/
قديم 27-02-2014, 11:57 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


محمد السويجت غير متواجد حالياً


افتراضي رد: رواية (روناك... دماء ودموع ج2) من 20-.....

رواية روناك..... دمــــاء ودموع ج2 ) 23 ......
تأليف محمد عبد اللطيف السويجت



(23)
الاعتراف
عاد مهند الى غرفته متعبا لما بذله من جهد في صراعه مع روناك مانعا لها من الانتحار ....ولم يتوقع ان تكون بهذه القوة وهو الفتى الشاب لم يستطع من ليّ ذراعها بسهولة وانتزاع السكين من يدها الا بعد مساعدة أم مصطفى ... استراح قليلا واستغفر الله فقد لامس جسده جسدها ولأول مرة لكنها الضرورة و لانقاذ حياتها –والله يشهد على ذلك...... وبصوت واطئ مسموع كان يتحدث مع نفسه :-
ـــــــ استغفر الله ،استغفر الله لو انها نفذت قرارها بالانتحار أين سيكون محلي ومصيري؟ ومن يصدقني ؟ ومن يثبت براءتي – غفرانك اللهم انت عون لكل مظلوم .......
ارتدى ملابسه وخرج عند الغروب قاصدا النادي مشتت الفكر مجهد الى حد بعيد ، ماذا يحدث لو ان أحدا سرق الخبر من فم صبيحة وطار بالفتنة نحو أبي مصطفى ،كيف يكون مصيره ، نعم القتل فان لم يقتل فسوف يودع في السجن ثم الى المحكمة ــــ يالها من فضيحة وعارــــ وكل الدلائل ضده وأشدها عليه اعتراف روناك نفسها ... اما روناك فالى العدم وتذبح كما تذبح الخراف ..... لم يتمكن من زيارة الدكتور تلك الليلة لانشغاله بالنادي وما يحمله من هم ونكد ليشرح له ما حدث. عسى ان يجد لديه رأيا سديدا يعينه على ما هو عليه مع كونه على يقين ان الدكتور عليه لا له في محنته وهو يشك في نزاهته حتى هذه اللحظة ...... في بيت أبي مصطفى الذي كان يراه ملاذ خير وبركة وأمنا وأمان ، وفي غرفته حصرا تعدم الهموم ويجد الراحة وتفيض عليه روناك بحنانها و بحبها الطاهر ، فما الذي أحاله الى سجن قاتل أثقل ذاكرته وأجهد كيانه حتى بات يذكره بظلمة القبر حيث لا قبر سواه ......... لم يزل ليومين أو أكثر ينتظر مقدمها اليه من جديد ليحدثها حول الموضوع ، الاسقاط وقد تحقق وصدق الدكتور فيما نقله ولكن من الفاعل ؟ ومن هذا الندُّ والغريم الذي أحبته وفضلته عليه ؟... وكيف تجرأت ان تلصق التهمة به ؟ هو بحاجة لمعرفة كل هذه التفاصيل منها وحدها فلا الليل بسواده وظلمته قادر على اغماض عينيه فيريحه من أوهام تصطرع وأفكار تتبارى لا توصله الى بر الأمان ، كان يتقلب على جمرات الهم والرذيله وليس على فراشه الوثير ..... لم يكتمل الاسبوع في غيابها عنه بعد محاولة الانتحار دخلت عليه الغرفة ليلا جلست على الطاولة أمامه ذليلة مجهدة متعبة أتعبها السهر وأضناها الخوف من المجهول.... ينظر اليها والدموع تترقرق في مآقيها حتى اذا استقرت وهدأ روعها قال :-
ـــــ الحمد لله على سلامتك يا روناك ، (استمر في حديثة بلغة فيها من التأنيب الكثير) لو فعلتيها لخسرت حياتك آثمة وذهبت أنا وأبوك في داهية .. الله وحده يعلم كيف تكون نهايتنا ...... الذي يقدم على عمل يا روناك ، عليه ان يفكر بشكل جيد بالأسباب والنتائج ..ألم تفكري جيدا ؟ بالنتائج الوخيمة التي تخلفها فعلتك هذه .
ـــــ (باكية ) استاذ ، لا تلمني انا الآن لست من الأحياء ،انا قرينة الموتى ، لا ،لا تلمني انا رفيقة العار..... حتى أسمي سرقوه اسمي الآن الزانية والعا..( لم يمكنها البكاء من الحديث )....
ـــــــ ( باستغراب وحيرة ) يعني ما سمعته صحيح .
ـــــــ ( بلهجتها العامية وبمرارة حادة قالت ) سوّها الزناكَين . مو انا اتهمتك ، همّ وضعوك موضع التهمة .
ــــــ كيف ؟ وضّحي لي .
ــــــ انت تركتنا ورحت الى بغداد ،وتركت لي الغرفة وقلت لي :- ادرسي هنا أريد منك تحصلين على درجات عالية وافتخر بالنتيجة ،تبيضين وجهي ....وانا أقرأ ليل ونهار وما تركت الغرفة الا لأمور بسيطة درست وتعبت كثير وكان جوابي جيد وكنت مرتاحة أحسب الدقائق لاستلام النتيجة حتى أُقدّمها لك عنوان للوفاء .......... ( قاطعا ليثير فيها لوعة الحب الكامن في حناياها قائلا ):-
ــــــ انا في نفس الوقت جئت أحمل معي أخبارا سارة وبشرى طيبة ، فاتحت أهلي بحبنا وتركوا لي الخيار في انتقاء شريكة حياتي ولكنهم قالوا عليك ان تنتظر بعد زواج أخيك الأكبر ، وهذا ما كنت أتمناه ، لم يعترضوا على اختياري اطلاقا وبالمناسبة عند عودتي حصلت لي مشاكل في الطريق ، عطلت السيارة بعد تركنا العاصمة أقل من نصف ساعة وتأخر السائق في اصلاحها وقبل ان نصل محافظة السليمانية انقلبت السيارة وكدت ان أموت لولا رحمة الله ، مات رجل وجرح آخرون ... وقد ذكرتك في حينها ، هذا ما حذرتيني منه يا روناك "لاتركب سيارة ،لا تركب سيارة " كان حلمك صادقا
ــــــ ( لم تعر لحديثه أهمية وكأنها لم تسمعه أو ان ما فيها من الهموم يغنيها عن أحاديث الحب والغرام وانساقت مع آهاتها وآلامها متحدثة )
ـــــ كان أملي أن أُقدّم النتيجة لك يوم عودتك وانا فرحة مسرورة ثم أنظر ماذا تقول؟
( سكتت قليلا وانهمرت من عيونها دموع سقت وجنتيها ) في أحد الأيام وفي الساعة الحادية عشرة تقريبا طرق علينا الباب واذا بزميلتي ريمان طلبت منها ان تدخل رفضت وكانت مبتسمة فرحة قالت لي :- روناك ، استلمت النتيجة ؟ .... أجبتها :- لا ، هل أعلنوا النتائج ؟ .... قالت :- نعم ، انا ناجحة ،المديرة الآن في المدرسة ،اذهبي واستلمي النتيجة ، استعجلي .... واستأذنت وذهبت الى أهلها ... أغلقت الباب وعدت الى داخل الدار، سألتني أمي عن الطارق فأخبرتها الحديث وطلبت منه السماح لي في الذهاب الى المدرسة ولم يكن في البيت في وقتها من أخوتي أحد يرافقني وافقت على مضض تحقيقا لرغبتي ارتديت ملابسي واعطتني (50 خمسين فلسا ) هدية الفراشة من الطلبة الناجحين،عند وصولي باب المدرسة التقيت بالمديرة تريد الخروج وترك المدرسة ما ان رأتني رجعت الى ادارتها رافعة صوتها :-
ـــــــ عفيه بنتي روناك ، بيّضت وجه المدرسة والقضاء ، انت الأولى على المدرسة والأولى على القضاء ،بارك الله فيك
أدخلتني الادارة وسلمتني نتيجة الامتحان أخرجت الدرهم (خمسون فلسا) لأعطيها ، رفضت ان تأخذه مني وقالت هي لك ........تركت المدرسة مسرعة أحمل معي بشارة النجاح ثمرة أتعاب عام دراسي كاملا ، وجهشت بالبكاء واستمرت في بكائها ، هدأ من روعها قائلا :-
ـــــــ روناك ،كفى بكاء ، البكاء لا يحل قضية ، هذا لا ينفع ، اكملي الحديث
ـــــــ القدر يستكثر عليّ فرحة واحدة في حياتي ، ما اكتملت الفرحة ، يا ليتني مت ذلك اليوم ،استرحت وأرحت الآخرين ( وعادت من جديد الى البكاء وبصوت مرتفع قليلا ...)
ـــــــ يكفي بكاء ، هدئي نفسك
ــــــ استاذ ، انا أقول كل شيء ولكن بشرط
ـــــ ماهو الشرط ؟
ــــــ لا تسألني عن اسم الفاعل .. من هو ؟
ـــــ (باستغراب ) انا أريد أعرف من هو؟ حتى أخذ حقي منه
ــــــ لا ، لا ما من حقك ، هم ناس ظلمة . هذا حدي ما راح تسمع شيئا .
ــــــ ( بعدم رضا ) تكلمي ولن أسألك عن الاسم ..انا موافق
ــــــ تركت المدرسة وانا أحمل فرحتي بيدي أقلبها وأقرأ ما فيها حامدة الله شاكرة وأقول في نفسي الآن وفيت بوعدي لاستاذ مهند .. واذا بيد ترفع رجليّ في الهواء وأخرى تضغط على فمي ووجهي بقوة تمنعني من الصراخ والحامل يركض بي الى سيارة كانت واقفة بجوار جدار المدرسة الخلفي ، يرميني بداخلها وهو معي وينطلق السائق الى عمق غابة كثيفة من الاشجار بعيدة عن القضاء ..... في وقتها أدركت اني مقتولة –لامحال – وليتني مت في حينها فقد جلبت العار والشنا ر لعائلتي (قاطعها مهند )
ـــــ ما أفهم كيف توصلت لهذه المعلومة .
ـــــ لا تستعجلْ اتركني أتكلم .
ـــــ براحتك ، العفو ، العفو .
ـــــ وسط الغابة لا أحد موجود الا الله ، لا تسمع صوتا ، ولا ترى أحدا ، كنت أبكي وأتوسل وأصرخ أناشدهم بالمروءة بالرجولة بأعراضهم بكرامتهم ،عرضي شرفي شرف أهلي ، وانا داخل السيارة أتوسل :- أبوس أيديكم ،أبوس أرجلكم وكلما مدوا يدا داخل السيارة مسكتها لأقبلها طالبة الرحمة منهم ولكن (لم تعد تحتمل بكت قليلا ثم استمرت ) لكن قلوبهم قاسية كالحجر .... دخل عليّ السيارة السائق- الزنكَين - والسائق الحقيقي الذي حملني اليه .....يمد يده الى ثيابي أمنعه ، أتوسل اليه ،كان حيوانا . الحيوان أفضل منه وأنا أمانع وأصرخ ثم بدأ هو وصاحبه بضربي وبقوة حتى انهارت قواي وتعبت ، وانا فتاة صغيرة بين وحوش، ذليلة متوسلة ( بكت وارتفع صوت نحيبها ) ها هي آثار الضرب على رقبتي وصدري ، يا للوحشية ، لما قضى الأول حاجته أراد الثاني ان يفعل ما فعل صاحبه ، جنّ جنوني وقلت لهم :- خافوا الله ما انا حيوانة يسلمني الأول للثاني ، مانعت كثيرا وجاء الأول ليمسك بيدي بعد ان فتح باب السيارة الخلفي وانا أرافس كالمصروع كثرت عليّ اللكمات والضرب من كل جهة ... وبلا وعي ضربت زجاجة السيارة برجلي فانكسرت وخرقت رجلي الزجاجة وكلما حركت رجلي زادت جروحها فسالت الدماء على جسمي والسيارة عندها رقّ الثاني لحالي وربما خشي ان تتلوث ملابسه بدمي فقال لصاحبه : - اتركها . ركبا السيارة وعادا بي الى المنطقة التي أخذاني منها . وقبل نزولي من السيارة أخرج عشرة دنانير من جيبه ووضعها بين الثوب وصدري وقال مستهزئا :- اسقطي بها الطفل اذا حصل و ثم هدّدني قائلا :-
ــــ احذري ان تكلمي أحدا كائنا من كان بما حدث لك أو يجري اسمي على لسانك من الآن انسي كل شيء ، والله والله ، ما أترك فردا من عائلتكم الا وأقتله وأحرق البيت عليكم حتى هذا العربي الذي في بيتكم أقتله ,انت تعرفيني اذا قلت أنفذ .... وبنبرة زاجرة ختمها :- انزلي ..... رموني في المكان نفسه وذهبوا ... مدت يدها الى صدرها وأخرجت ورقة كالكرة في لملمة أجزائها ملطخة بالدموع والدمــــــــاء :-
ــــــ هذه هي النتيجة .... كنت أتمنى أن تراها وانا على غير هذه الحالة ، فيها دمي ودموعي .
رأى مهند ما سبب لها الاعتراف من ألم وحسرة فقد بكت كثيرا رقّ لحالها وقال :-
ــــــ الله بعونك ، اذهبي الآن ، وخذي راحتك ، تألمت كثيرا ، زوريني في وقت آخر ، ربما نهتدي ونجد حلاً لهذه المشكلة ......
يتبع






  رد مع اقتباس
/
قديم 08-03-2014, 10:05 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


محمد السويجت غير متواجد حالياً


افتراضي رد: رواية (روناك... دماء ودموع ج2) من 20-.....

رواية (روناك ... دمـــاء ودموع)
تأليف :- محمد عبد اللطيف السويجت
صدرت في 2013م

(24)
محاولة التخلص من العار
بعد يومين من زيارة الاعتراف وبعد ما سكن الليل وعاد مهند كعادته من النادي متأخرا زارته روناك في غرفته وهي على ما كانت عليه من غبرة وصفرة ، لم تعر شعرها ولا جسمها أي اهتمام فقد ارتضت ان تكون مجنونة أو تنعت بهذه الصفة .... جاءت لتكمل معه حكايتها وتوضح له بصراحة انها لم تخنه وان ما حلّ بها هو من قبل الجبابرة الظلمة ( الزناكَين ) على حد تعبيرها .... أخذت مكانها هذه المرة في الغرفة على سجادة أرضية ومهند جالس على سريره قبالها ، كسر مهند الصمت وبادرها قائلا :-
ــــــ أي،ياروناك ، وما حدث بعد ذلك ؟ بعد ان تركوك أين اتجهت؟
ـــــــ اين أتجه يا استاذ ، ومن يقبلني ؟ ذهبت الى بيتنا أتعثر في مشيي أخشى ان يراني أحد على ما أنا عليه ، الدماء تسيل من رجلي تاركة أثرها على الأرض وثيابي ممزقة لا أعرف كيف ألمّ نفسي ألمّ ثيابي ودموعي كالسيل تأبى ان تنقطع لهول وثقل المصيبة ..... ولحسن حظي كان الوقت ظهرا والناس في بيوتها فلم يرني أحد .... وجدت أمي لوحدها في البيت لما رأتني صرخت وقالت :-
ــــــ روناك ،ما بك ؟
رميت نفسي على الأرض بكيت بحرارة وشرحت ما حدث لي جلست قبالي تبكي وتصرخ بصوت مخنوق وتجأر الى الله :- يا للفضيحة ،يا للفضيحة !! روناك اذا سمع أبوك وأخوك يقتلوك.... يارب انت للفقير انت للمظلوم .. .... انتبهت أمي فجأة وكأنها استيقضت من غفوة ثم قالت لي بلغة آمرة :-
ــــــ قومي بسرعة بدّلي ثيابك وغسلي وجهك ورجلك .... الحزن أثقلني تماهلت بل وكأن همي وحزني يسحبني الى الأرض و اذا أمي تصرخ :- بسرعة ، قومي.. ابوك يأتي وننفضح، قولي وقعت من السطح ، مفهوم . اجبتها :- نعم غسلت وجهي ورجلي وأبدلت ملابسي الممزقة وصحبتني الى المستوصف وتمّ علاجي هناك وأعطاني الدكتور لفائف طبية أضافية ومعقم استخدمه في البيت - جزاه الله خيرا - بقيت على هذه الحالة حتى اذا ما انقضى الشهر شعرت بالحمل وتأكدت من ذلك مستعينة بتجربة والدتي في الحمل والولادة (سكتت طويلا ونظرها الى الأرض سبقتها عبرة رافقها سيل من الدموع ....ومهند يستمع وهو يغتلي غضبا وألما تمتم بصوت سمعته روناك :-
ــــ ألم يجد هذا الملعون غيرك يا روناك ، فتاة بريئة مسكينة ، لعنه الله ومن يكون هذا ؟ جزاؤه عند الله والناس القتل ...
ــــــ لا تنس الشرط، ابتعد عن البحث عن اسمه ، حبا لك وحرصا على حياتك وحياة أبي والعائلة ....... هؤلاء قساة ظلمة .
ـــــ والله يا روناك ، لا أدري ماذا أقول :- عذّبتني مرتين في بعدك وجفاك وفي سماعي قصتك ، تحدثي وكفى بكاءً .....
ــــــ والله ، يا استاذ ،ايقنت اني مقتولة ان حقي في الحياة انتهى في اللحظة التي رفعت يد ذلك المجرم رجلي وحملني الى الساحة القريبة من المدرسة تلك لحظة موتي ولحظة الخزي والعار سألتني عن السبب والآن أجيبك :-
ــــــ في حلبجة الآن خبر أو أخبار في حوزة النساء تتناقلها الألسن من واحدة الى أخرى فقط والرجال لا علم لهم بهذا اطلاقا ، هنا فتاة اعذرني عن ذكر اسمها اختطفت وانتزعوا منها شرفها وحالتها كحالتي ، نساء حلبجة جميعا على علم بالحادث وأبوها وأخوانها غافلون لا يدرون ما جرى لابنتهم ولا يعرفون عن الموضوع شيئا، هي تخشى طرقة الباب أو شجار بسيط يحدث لاخوانها مع الآخرين فيكون سببا في قتلها وفضيحتها ، كذلك هناك ثانية اسمها فاطمة علم بخبرها أهلها بعد حين فقتلوها ولم يستطيعوا ان يقتلوا الفاعل الظالم لأنه من عائلة متجبرة طاغية وعائلة فاطمة فقيرة ،والثالثة ،انا يا استاذ ، والله منذ تلك اللحظة ولحد أنام خائفة وأجلس خائفة ارتعد فرقا اذا ارتفع صوت أبي ويزداد خفقان قلبي اذا خرج أخي من البيت خوفا من سماعة كلمة عار من طفل أو شاب ـــ لا والله ـــ لا خوفا من الموت ويا ليتني مت وليتهم قتلوني ... ما أخشاه العار الذي يلحق أبي وأخوتي بعد موتي .. ما الفائدة اذا مت والعار يسحب ذيله خلفي الى حفرتي الى القبر .....فكرت بالانتحار أكثر من مرة ولكن ما الفائدة ـــ لا تلمني ـــ تُنقل جثتي الى المستشفى وببساطة يعرفون السبب الذي دفعني الى الانتحار فيفتضح أمري وهذا ما لا أريده ... أرمي بنفسي أمام سيارة ما ذنب السائق أكون أنا سبب بلائه ، وبالتأكيد سوف يعرفون فيما بعد عند عرض الجثة على لجنة طبية الحقيقة . والسؤال لماذا رمت نفسها أمام السائق المسكين ويأتي الجواب بعاري ...(رمت بنفسها على رجله لتقبّلها قائلة) :-
ـــــــ أرجوك أقبّل رجليك
ــــــ (سحب رجله) استغفر الله
ـــــ أرجوك أقبّل يديك ورجليك ،ساعدني ، اهديني، ماذا أفعل؟ ،أريد موتا لا عار فيه ، أريد أموت وأهلي بعيدين عن فضيحتي وعاري .
ــــــ روناك ، تريدين مني أن أكون انا القاتل أو أساعدك على القتل. لا ، ياروناك ، كفى بكاء ، اكملي حديثك ، امسحي الدموع ، اهدئي .
(بعد فترة صمت مسحت دموعها ناولها كأس ماء وضعته على الأرض ولم تشرب)
ــــــ اذا خلت الدار وبقينا أنا وأمي جلسنا متقابلتين نبكي ونندب حظنا ولا نعرف كيف نتصرف للخلاص من هذه المصيبة حتى نشعر بصداع وألم شديد وتعب جسدي وذهني ، يوما قالت لي أمي :- روناك اذا طال الوقت يكون الخلاص من الحمل صعبا علينا ان نتخلص منه الآن . وطال بينا التفكير واتفقنا البحث عن مخرج للخلاص من الحمل بعيدا عن مسامع الرجال ونحفظ شرفنا وعرضنا من ألسنة الآخرين .... وعصر ذات يوم ذهبت أنا وأمي الى بيت المضمدة صبيحة بحجة العلاج وحدثتها أمي بما جرى دون أن تخفي عنها شيئا وطلبت منها مساعدتنا باسقاط الحمل ،تمنعت أولا لعلمها اني فقيرة ولم تحصل على فائدة وادعت انها أمام مسؤولية صعبة ،وهذا خلاف القانون ، وان صفحتها نظيفة وليس لديها أي عقوبة . ولكن بعد ان أخرجت والدتي ( العشرة دنانير ) من جيبها وقدّمتها لها أخذتها وتغيرت لهجتها وأبدت استعدادها للمساعدة في الخلاص من الحمل بكل ما تستطيع وقالت :-
ــــــ هذا أمر بسيط ، في المستوصف توجد ابرة لاسقاط الحمل تنهي الموضوع ، بعد يومين مرّوا عليّ مثل هذا الوقت ....
في اليوم الثاني لما فاتحت صبيحة الدكتور رفض ولم يصرف لها الابرة بل زجرها بقوة وفي نفس اليوم جاءت صبيحة الى بيتنا مستاءة ضجرة وأخبرت والدتي برفض الدكتور وقالت بالحرف الواحد :-
ـــــ الدكتور رفض صرف الابرة و زجرني ، ماذا تقولين يا أم مصطفى أن أبلغ الدكتور ان الفاعل استاذ مهند وهو صديقه وعليه ان ينقذ سمعته ؟ توافقين
كانت أمي كالغريق يبحث عن قشة في البحر لتخلصها قالت لها:-
ـــــــ قولي له ما شئت المهم خلاص ابنتي وحفظ شرفنا ...... فعلا ، نجحت الخطة ووافق الدكتور وزرقت الابرة وحدث الإسقاط .
ـــــــ قصة الجنون هذه ، كيف افتعلتيها ؟
ــــــ شعوري بالخوف أفقد صوابي ولم أجد أي وسيلة الا ان أظهر بهذا الشكل والا ما هو الحل يا استاذ ؟
ــــــ هذا ليس بالحل الصائب ولا الصحيح .
ـــــ اذن ، ماذا أفعل ؟ ساعدني يا استاذ
ـــــ والدك يصبر على حالتك هذه شهر ، شهرين ، سنه أو أكثر ثم يأتيه من يقول له :- ابنتك ما فعلت بنفسها هذا الفعل ،وهي كاذبة ، الا وتريد الزواج. زوّجها تعود كما كانت سالمة طيبة . فيزوّجك والدك بالقوة عندها تظهر الحقيقة ويعرف الناس ما أخفيت .....
ــــــ ساعدني ، ساعد أبي هذا الرجل الطيب ، والله ما أساء لأحد ، أرجوك .
ـــــ الموضوع ليس بالأمر الهيّن و لا السهل يحتاج الى تفكير وتفكير عميق ـــ أسأل الله ــــ ان نهتدي اليه ونصل الى حل يبعد عنك وعن العائلة كل شر ... انت فتاة نبيلة وعائلتك طيبة ، اتركيني لوحدي أفكر .... لا تقطعي عني زيارتك .. ان شاء الله اساعدك .
قامت من أرضية الغرفة مثقلة بحزنها وهمها تركته وعادت الى غرفة أبيها .

يتبـــــــــــــــــــــــــــــع






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:53 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط