جحيم غربتي....!

[أحمد الوديع]

جحيم غربتي..
===============
كانت شتائل الياسمين في بلدي نامية مستقرة..
كانت في سوريتي حدائق عمري وحدائق قلبي عامرة....
وفجأة ... تحولت وجوه كانت بنظرنا طيبة حنونة إلى مستحقرة...
عاثت في سوريتي الفساد... ومارست القتل والتدمير والاضطهاد.....مارست اغتصاب الانسانية وسياسة التعذيب والتجويع....ضد جميع العباد..
ضد الشيوخ والاطفال والرجال والنساء سويا" كانول... ذبحوهم باسم شيء يسمى الجهاد...

ففر والدي بي هاربا وباخوتي... ما عدا اثنين...
ليبقيا في نبضهم رغم الألم لكن رفضا ان يخرجا الى تلك الغربة الحمقاء،..

لتبدأ مسيرتي في شيء اسمه الغربة ....التي لم أجربها ولو لمرة في حياتي..
آملا"أن أكمل دراستي وطريقي الى مستقبلي الذي بدأت مساري نحوه في بلدي...

أقمت بتلك الغرفة المتواضعة الصغيرة ...
وقد كان في القرية المجاورة للبلدة التي أقمنا فيها مدرسة خاصة بالمغتربين...
فطلبت من والدي أن يسجلني فيها لأكمل دراستي المعهودة من قبل التي اعتدت عليها في بلدي....فرد قائلا" بأسف : يجي عليك ان تعمل لنستطيع العيش ... فأنا اصبحت مسنا" لا أحد يقبل بي عاملا" فعليك بالعمل لنستطيع تدبير حياتنا .... وعندما نعود ستكمل دراستك ان شاء الله ....فقلت له هل بإمكاني العمل والدراسة معا" فقال اذا لم يسبب لك ذلك الإرهاق أجل....

فذهبت وعملت في الأرض ...تأتي الدرَّاسة فتقلع البطاطا مخرجة غبارا" حادا" يسبب الحساسية.... والشمس في الظهيرة كلما تحنو علي ......انتهى الدوام وعدت إلى المنزل .... بشرتي محترقة ...ثياب مغبرة لا يبدو مني شيء إلا وعليه اثار الغبار..... وظهري يكاد ينقسم...... وأيد متعبة ..... وسعال يأجج نارا" في رئتيّ.... وحلقي...

فقال لي والدي بحسرة.... تبدو متعبا" اجلس لا أريدك أن تعمل ثانية ..... فقلت لا عليك والدي انا لست متعبا"" أنا شاب وماذا يعني آثار غبار قليلة تبدو علي ....لا عليك لا عليك...

فقلت له ما زلت أستطيع الذهاب إلى المدرسة سأذهب؟ فقال حسنا"....

مدرستي في القرية المجاورة ولا توجد حافلة تنقلني وإن وجدا لا أستطيع الركوب فقد نفد المال لدي والذي في يدنا فقط مقدار قليل من اجل الخبز....والأكل وأجار المنزل ههه أو الغرفة الصغيرة...

فقررت ان أذهب مشيا" على الأقدام... الى المدرسة...

أخذت أمشي وأمشي الى أن وصلت بعد عناء والعرق يتصبب مني وما زال السعال يرافقني ....
وصلت متأخرا" حوالي ساعة فطلبني المدير قائلا"... أنت...أنت الى اين انت ذاهب.... فقلت له إلى صفي ...... فأخذ يقهقه بخبث ويقول لماذا انت متأخر يكاد وقت الدراسة ينتهي ....فقلت له سآتي بقوة سآتي كل يوم هكذا....فأنا أريد العمل وأريد الدراسة.... فنظر الي بعينين تكادا تنفجران ... كان ينظر نظرات تأسف على قهقهته التي بدت حينها قهقهة بلا سبب اي جنون ....ومن ثم قال اذهب ولك ما شئت ... فشكرته ودخلت صفي فرحا" ......

دق جرس الإنصراف في الساعة السابعة بعد صلاة العشاء....الظلام حالك ....- وطريق مقطوعة ....نسمات المساء قاسية....وأثناء إيابي أمر بجانب شبان يجلسون على حافة الطريق وما لبثوا إن رأوني إلا وبدأوا يمعنون بي النظر ..... وعندما أصبحت قريبا" منهم ..... رميت السلام .... لكن لا رد .... وأنا مكمل طريقي بدأت الحجارة تتساقط علي من حيث لا أدري .... واذا بهم يشتموني ويلقون علي الحصا والحجار .....لم أستطع أن أقدم أي شيء ل نفسي ...لم يكن بوسعي إلا أن نظرت إليهم نظرات مستحقرة......ومن ثم أكملت طريقي ....فلحق بي أحدهم وقال ما بك .... هل تريد شيئا".... فرددت لا شكرا..لك.. وأكملت الطريق.... وأصوات قهقهتم تتردد في أذني... مذلول خافض الرأس أمشي.... الدموع بدأت تهتز في عيني.... تتشبث بي لا تريد ان تهطل.... لأنها إن سقطت ستجف دموعي ... وتحرق عيوني .... تترك أثرا" لـ هطولها....

وقبل أن أدخل البيت ساعدت دموعي على البقاء في عيوني ودخلت البيت مبتسما".... وكأن لم أرى أي شيء يعيق مسيرتي نحو مدرستي .......

وما تزال حياتي الى هذا اليوم ....هكذا.... عملي...مدرستي.... وذل الغربة .... وقهقهة اهلها الساخرة منا نحن االمغتربون....

يستطيعون منع لساني من الرد على شتائمهم...

يستطيعون كف يدي اذا ما حاولت الرد على ضرباتهم....

لكن لا يستطيعون منع قلبي بالدعاء عليهم....

أنا ما زلت شابا" صغيرا" في بتلة الياسمين ما زلت في بداية عمري .... لا يجب أن تموت حياتي هكذا....

لكن هو قدر الله يصيب به من يشاء .... وأشكر هذه البلد على الاستقبال الحار الذي بدا منها...
======================
أعتذر كلماتي ليست لائقة بمقام كلماتكم لكن .... كنتم لي عونا" بالتخفيف عما في داخلي من أحاسيس كادت تقتلني...
أقدم اعتذاري وسلام الله...
==================

[كمال أبوسلمى]

بسردية وعفوية كتبت واقعك المعيش أخي الوديع ,,
ودعت دمشق ,لتحتضن أرض الله الواسعة ,,
يهرب الواحد منا من عبث الإنسان ,لكي يحيي نفسه بين بني الإنسان ,,

أحييك ,,
ولأوطاننا كل الخير ,,

[الحمصي مصطفى]

أوجعتني حد البكاء يا صديق

أوجعتَني وأكثر

محبتي والقلب

[أحمد الوديع]

نعم الاستاذ الفصيل كمال ابو سلمى...--- لقد ودعت دمشق لاحتضن ارض الله الواسعة.... احتضنتها لكنها كانت خالية من الدفئ والخير الذي اعتدت عليه في تلك الفيحاء.....لم أجد سوا الذل ضعفه الذي وجدته في سوريتي..... أشكر مرورك الذي دخل القلب من غير أن يدق ابوابه ..... تحايا حتى تليق بروحك الزكية

[أحمد الوديع]

الاستاذ الفاضل الحمصي مصطفى لا أحد يتألم في هذه المواضيع إلا ولديه قلب صادق صدوق نقي يحمل الصفاء والنقاء.... تحايا روحك الصديقة العذبة واطيب المنا استاذي واشكر مرورك الطري سلام الله

[الحمصي مصطفى]

أحمد الوديع

أحمد المقدام الشجاع الصبور

صاحب الصوت الشجيّ .. غريدنا العذب

أحمد ذاك الملاك الأبيض النقيّ

وروح يغدقها البهاء والتقوى

جميلٌ أنت يا رفيق

وديعٌ ككلماتك .. رائعُ الروح والقلب

ابتسم إن بعد الله فجر يرتسم

وسيجعل الله بعد عسر يسرا

وسيبدل الحال إلى أحسن منه

هو ابتلاء وقضاء من الله

فاصبر واحتسب أيها الحبيب

كن بخير ولك كل المحبة والتقدير

[أحمد الوديع]

لم أكن ملاكا" إلا بسبب أعينك الطاهرة الرائعة...

وصوتي لم يكن جميلا" إلا لان آذانكم الصاغية عذبة...-

ولم أصبر الى هذا الحد إلا أان هناك أرواحا" كروحك....

ونا بعد الضيق الا الفرج

اسأل الله ان يجعلني واياك من الصابرين تحايا حتى تليق ومرورك هذا وكلماتك تلك اضفت في روحي جمالها ونقاءها دمت بخير...

[محمد الدمشقي]

بوح سردي معبر عن وجع الوطن و الغربة
ننقلها لتجليات سردية
محبتي

[أحمد الوديع]

لروحك الامتنان....

استاذي القدير محمد الدمشقي...
ممتن لمرورك المفعم برائحة روحك...
فقد نهشت آلآم الغربة قلبي وأحدثت فيه أسى وصفته بما فيه...بكلمات متواضعة امامكم...
فاقبل خالص موتي.... وتقديري
دمت بخير...

[زياد السعودي]

كتابة عن قرب
بحبر الوجع
نتابع بتقدير

ودنا

[روضة الفارسي]

مرحبا بك أديبا أحمد بين عائلتك نحن

سرد ممتع متماسك

إلى المزيد

أجدد الترحاب

روضة

[أحمد الوديع]

الأستاذ القدير زياد السعودي ..... نعم بحبر الوجع،.... لكن حبر قلمك جاء دواء لذالك الداء....اسعدني مرورك جدا" ودامت تحليقاتك العذبة استاذي ....سلام الله

[أحمد الوديع]

سيدتي روضة الفارسي..... ان شاء الله سأصبح أديبا" بتحليقاتكم في هذا المنتدى الرائع وبنصائحكم الراقية الصحيحة ....تحايا كبيرة بحجم السماء .... باقات من الورد والود