اجوبة ارتدادية عن أسئلة حوارية - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-02-2016, 12:48 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مختار سعيدي
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي اجوبة ارتدادية عن أسئلة حوارية

من وحي الحوار الذي أجرته الأديبة التونسية حليمة بوعلاق
مع الكاتب الجزائري مختار سعيدي
أجوبة ارتدادية عن أسئلة حوارية
حليمة بوعلاق
• نستهل الحوار بهذا السؤال :كيف كانت نشأة الملكة الادبية لمختار سعيدي وكيف تم تطويرها وما هي العوامل او الاشخاص الذين كانوا وراء ذلك؟
ابتسمت في قرارة نفسي و أردت أن أقول لها ...يا سيدتي ها أنت تعودين بي أكثر من 30 سنة إلى الوراء ، لا الزمن يكفينا و لا المكان يتسع لتراكمات حبر طفولة كان أبيض فاسود من هموم أمة و لا يزال، من تداخل معاناة وطنية وذاتية و لا يزال ، من اغتيال طموحات و لا يزال، من قتل أمال و لا يزال...وكثيرة هي الأشياء المؤلمة التي بدونها تستحيل البدايات، عندما يقتني الطفل قطعة جميلة، يحسبها كذلك ، و مع مر الزمن يكتشف أن في جوفه أو بين يديه شيء مفخخ، أظن أن الوضع يختلف تماما على ما كان عليه، عندما نستيقظ و نجد أنفسنا قد تورطنا بحب الوطن، ونرى القيم والآخلاق و المقومات الآساسية التي ضحت من أجلها الأجيال أعز ما تملك ، تعبث بها و تزدريها أصابع لا تقدس أي شيء، و شنجها الجحود حتى كتبت موت التاريخ، أقلام كأنها إعصارات عنيدة همها الوحيد تدمير البنية الذاتية لأمة بأكملها، أظن أن الأمر يختلف و السؤال يمتد مد البصيرة ويأخذ منعرجا أخرا ليدرك قصد دعوتك و قصد حضوري بمفهوم أجمل فيتشكل كالآتي...
نستهل الحوار بهذا السؤال اللغز...كيف تحول مختار سعيدي من طفل يعبث بيراع البراءة على صفحات دفاتر الرسم إلى رسام على جدارية أمة أنهكها التخلف و الفتن و حولها الأعداء إلى مجرد فزاعات يخوف بها الغرب متى شاء أذياله في كل مكان ؟..هل هناك دافع أقوى من هذا يا سيدتي ليرفع جميع أبناء الأمة العربية القلم بيد واحدة ليقولوا لهؤلاء...لاااااااااااااااااااااااااااااا بداية من صرخة المولود عند ولادته إلى صرخة الوالدة عليه و هو مذبوح أو مشنوق أو مقتول برصاص الغاز و البترول ؟... نعم سيدتي من وحي هذه الأرواح نستلهم و بدمها نكتب خلف السذاجة أحيانا حتى تمر رسالتنا بسلام... و الحيز لا يكفي الجواب...أليس كذلك ؟
حليمة بوعلاق:
• اثرت من خلال اجاباتك بعض المشاكل التي يعانيها الادب العربي الحديث فهل يمكن ان نعرف بقية هذه المشاكل وما هي الحلول الكفيلة بتجاوزها من منظور مختار سعيدي ؟
مختار سعيدي
عندما يضع صديقك أو عدوك أنامله على الجرح و مكان الوجع، يؤلمك كثيرا، لكنك تكظم ألمك، لأنك واثق أنه يتحسس ليعرف عظمة معاناتك وعظمة صبرك، فتمزج مرارة الألم بحلاوة الإبتسامة ، ليتأكد من ثباتك و عزمك على رفع التحديات...أتصور الأدب اليوم كالأمبراطورالهرم لما امتلك مشارق الأرض و مغاربها، وهن جيشه وخارت قواه، وسقطت هيبته، و أمسى مطمع كل الضلالات، استفحل فيه الداء و تعفن جسده الذي رفض ما زرعت فيه أصابع الدناءة والمكائد من خبث في تكالبها على تدجينه و القضاء على سلطانه بكل وسائل المكر و الخداع بالمسخ و الإنبطاح...عندما تتغلغل فيروسات العدوانية و الإقصاء و تسفيه التراث بما فيه العادات و التقاليد،و إلغاء التاريخ بحضارته و مجده، و يرفع شعار القضاء على المثالية، يسقط تقديس الكتابة و تسلب روحها، و يتحول الأدب إلى نصوص لقيطة لا تعبر عن هويتنا..شعب لا يؤمن بمرجعية فكرية لأدبه نابعة من أصوله شعب محكوم عليه باالذوبان..و لهذا تمنيت لو سألتني السيدة الفاضلة حليمة بوعلاق عن أمراض و علل الأدب العربي في الجزائر، لاعن مشاكله ، إذا كنا لا نملك أدبا أصيلا يعبر عن همومنا وامالنا و الامنا كيف يمكن أن تكون لنا مشاكل أدبية ؟ عندنا أدب فرنسي مكتوب باللغة الوطنية، انتقادات فكر فرنسي عنصري بأقلام جزائرية، حلول فكر استعماري مصلحي متسلط لمشاكل جزائرية ، أطروحات فرنسية مضللة لقضايانا المصيرية ...كل هذا تأكيدا و ترسيخا لفكرة أن الجزائر هي امتداد لفرنسا تحت البحر...فما أخبثك يا حليب فرنسا عندما تغذي دما جزائريا...أتمنى ان يتحول الشباب الجزائري إلى اللغة الإنجليزية و أدبها و تاريخها كمرحلة انتقالية ليعود بعد ذلك الى أصله و فصله، كل مستعمرات انلجلترا لا تزال تحافظ على وجودها و كيانها. و هذا كحل أقصى لأنه لا بد من نقل العلوم المختلفة للتأسيس لثقافة محلية و اعادة الاعتبار للتاريخ و الماضي على ضوء ما ننقله من علوم ، ربما بهذا تتحرر الجزائر من عقدة فرنسا، لأن أكبر مشكل تعاني منه الثقافة الجزائرية هو مشكل الإنتماء، نأمل أن يأتي جيل ينظر إلى فرنسا كدولة منفصلة عنا، لا علاقة لنا بها إلا علاقة مصلحية متبادلة بعيدا عن سذاجة الواقع الذي نعيشه اليوم، لتكون جزائريا بالجسد يجب أن تكون فرنسيا بالفكر و اللغة
حليمة بوعلاق:
• تختلف العوامل الفاعلة في عملية الكتابة فبعضها نابع من الذات الكاتبة في خواطرها ومشاعرها و مبادئها وبعضها نابع من ظروف المجتمع والفكر والثقافة وبعضها مرتبط بمعايير الكتابة وضوابط الاجناس الادبية والمقاربات النقدية . فماهي اولويات مختار السعيدي اثناء عملية الكتابة
مختار سعيدي...
هي الساحرة... الكتابة كامرأة حالمة عاشقة سادية في حضن المتيم بها...اااه يا سيدتي، كأن سؤالك نسمة باردة تثلج الصدر و تنعش الوجدان، للغتنا طقوسها و للقلم الأصيل صهيل، نمارس بها الكتابة من وحي الضمير الحي، تنزل اياتها أحيانا كالوحي في الحلم الجميل، وأحيانا تأتي في مخاض الغضب العسير، هي وحدها التي تتمرد ولا تقبل القيود..الكتابة بها نزيف مزيج العرق و الدم، مثلها مثل الحقيقة تقتل بصبرها من يريد اغتيالها و لو بعد حين، لا تقبل العمليات القيصرية، و لا الحمل العسري، و لا الإجهاض، تحب التلقائة و تكره التكلف، مطواعة لينة حنونة رؤوفة رحيمة، تأتي دائما لتبلسم الجروح و تحرر الذات التواقة لجمال الحياة، و لهذا لا تقبل أبدا بيد حملت السلاح بغير حق أن تحمل اليراع، لأنها في نظرها كاذبة خاطئة غير مستأمنة على الحرف، و لهذا ما أصبحت أؤمن بتلك الضوابط القانونية الجافة التي فرضها البعض على النص باستناء ما يزين الدباجة، المجتمع العربي مادة دسمة بتفاعلاته وصراعاته واختلافاته، يحتاج فقط إلى رسام ماهر ومسؤول، لما يمتزج في ذاته الوعي التاريخي بوحي الحاضر يولد النص شرعيا، يعبرعن طموح الأمة بأكملها ويرسم لنا أجمل و أروع لوحات الآفاق التي يحلم بها كل الأحرار، هي وحدها هذه الكتابات التي يمكن أن توقظ هذا العملاق الذي ينام فينا ...هي ذي يا سيدتي الروح الوفية التي تسقي قارحتي و لا بديل ..هي ذي الثقافة التي تجعلنا نتعلم العلم لذاته و ليس من أجل خبز الذل و الهوان...هناك كتابات جزائرية تخاطبنا بلغة الأرجل السوداء، بلغة الكولون وبلغة عسكر فرنسا، أعتقد أن كتابات جيل الإستقلال بالفرنسية، ليست امتداد لجيل الثورة و ما قبلها، و شتان ما بين كتابات مولود فرعون و مولود معمري و حتى كاتب يسين و بين كتابات هذا الجيل الذي يستمد تخذيره من مقومات و تاريخ وثقافة فرنسا...و العيب ليس في الأدب الفرنسي ، إنه أدب رائد، لكن العيب هو في إثرائنا لأدبهم على حساب ثقافتنا و تاريخنا و وجودنا ...نقتل ماضينا و نخلد ماضيهم و حاضرهم و مستقبلهم فينا. سيقول بعضهم أنا لست عربيا، فقول له إننا لا نطلب منك إلا أن تكون أنت، فهل تستطيع ؟..
حليمة بوعلاق هل لك أن تفسر لنا كيف يكون طبع الكتاب مغامرة وعناء؟
.مختار سعيدي
طبع الكتاب الأدبي باللغة العربية في الجزائر مغامرة خطيرة جدا بالنسبة للناشرين، لأنه منبوذ، ابتذلته الكتابات المغرضة التي تحاول سلخ هذه الأمة، تدفعها إلى التنصل من ثقافتها و تاريخها و محوهويتها، كتابات تسفه كل ما هو جزائري عربي حتى المقدسات، انتقادات إقصائية إلغائية لا تحمل أي لمسة من لمسات تهذيب عاداتنا و تقاليدنا المتنوعة ، كتابات تحمل العداوة و الكره لكل ما له علاقة بالماضي القريب أو البعيد، قيل عنها حداثة، كتابات تمجد الغزو الثقافي الغربي عبر التاريخ، خطاب تفكيكي مفبرك تحت ستار التحضر و التقدم و حرية التعبير و الديموقراطية و غيرها من القيم الإنسانية السامية،سخروها لأغراض هدامة، مباديء حق أريد بها باطل...فلمن يقرأ الطفل أو التلميذ في الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي و كتاباتهم لا تخرج عن إطار صور فتوغرافية وحديث عن الأعضاء التناسيلية و غرف النوم و الممارسات الجنسية و الكلام البديء، و الإنحلال الخلقي وتشويه المعتقدات، و الدعوة إلى التمرد عن الأخلاق و القيم تحت غطاء التفتح بأفكار بتراء عاجزة عن تبرير طروحاتهم ...أشياء ما لمسناها في الأدب الغربي و هو الذي عالج حرية الجنس بطريقة علمية رد فيها الإعتبار للإنسان حسب ما اعتقده هو دائما عبر التاريخ، لم يحرض في نقاشه و لم يتحرش و فصل في الأمر دون تجريح و في إطار احترام متبادل لحرية الذات البشرية و المعتقد مهما كان...
أما في مجتمعنا فترى المنحرف من أبنائنا و بناتنا أول شيء عند استقامته يذهب مباشرة إلى الكتاب الديني و يلتزم المسجد أين يجد نفسه أمام تيارات دينية متناحرة تحلل و تحرم دون مرجعية دينية موحدة، و إطارات أغلبها لا يتجاوز مستواها الثالثة ثانوي عاجزة عن احتواء طاقات شابة بشحنات مختلفة وشيوخ من رواسب الجهل و الضلالة، و لا يجد هو في النتاج الأدبي إلا سخافات و تخريف و شذوذ و خوارم مروءة تروج لفساد الفرد و المجتمع...فالنتصور النتيجة...و من هو الأستاذ الذي يغامر بتلامذته أو طلبته يدعوهم لقراءة أدب يراه اختراقي ليصنع منهم شردمة لا يحكمها شرع و لا وضع و لا تحترم ضوابط و لا تقدس معتقد؟..فاختلط الحابل بالنابل و دفع الكاتب الملتزم كالكتاب البناء و من ورائه المجتمع بأكمله ثمنا باهضا و لا يزال..وصدق الشاعر و هو يقول
..إنما الأمم الأخلاق ما بقيت... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا...
حليمة بوعلاق
• قرأت على خلفية صفحتك هذه الكلمات " حريتنا في الحلم بركان لا يعرف احد متى يثور هكذا نمارس الكتابة " فهل ترى ان الحبر يمكن ان يقول ما لا تتفوه به الالسن؟
مختار سعيدي
الكلمة انعتاق، الكلمة حرية، و الحبر وحده قادر على حملها بعيدا لتخترق الافاف، إذا كان التدفق صادقا، و النبع صافيا...
الحبر رسول مقدس يأتي كالغيث النافع، سيوله جداول رقراقة و أودية و بحيرات تنشر حولها الحياة في كل مكان لا الموت
الحبر هو الروح المبدعة التي ينفخها التاريخ في تفاعل الحضارات والثقافات عبر الزمن، لتتجدد وتزهر مسيرة الأمم و تثمر..
الحبر ليس جلادا، ولا عبدا مرتزقا، الحبر هو امتداد الحياة في كل ذات جميلة تؤمن بالحوار و التسامح و تبني جسور التواصل على أسس الإحترام المتبادل لخصوصيات الماضي و الحاضر في تاريخ الإنسانية ..
الحبر شهادات حق لكل مكان و لكل زمان، الحبر لا يغتال أحد، لا يلغي أحد، لا يقتل أحد، لا يقصي أحد..
الحبر ذاكرة الإنسانية التي لا تموت، أحلامها و الامها و أمالها، الحبر هو الأمس الموصول بالغد عبر الحاضر، الحبر هو الخلود الذي يتحدى به حضورنا كل العصور
الحبر هو تحدياتنا و طموحاتنا، الحبر هو ذلك التواصل بين الأفراد و الجماعات، بين الحضارات و الثقافات، بين الأمم و الشعوب..
الحبر كالأزهار والورود حتى لو كان طعمه مر فرائحته طيبة، حذاري فقط من الحبر المسكر الذي تفوح منه رائحة الردة و الخيانة لأنه مسموم
حليمة بوعلاق:
• أشرتَ في قولك الى أن للأديب رسالة يرمي الى تبليغها ونحن نعلم ان الادب في حد ذاته فن وثقافة وألوان من التأثير ذات ابعاد واهداف مختلفة فلماذا يكتب مختار السعيدي؟
......................
مختار سعيدي
لا للزخرفة الفارغة، كل فن لا يخدم رسالة فهو ابتذال و عبثية للوسائل المقدسة التي يبلغ بها، الفن مهما كان هو قبل كل شيء مشاعر انسانية سامية تعبر عن كيان معين في ظروف معينة، الفن الصادق يأتي تضحيات من البعض لسعادة البعض الآخر، الكون كله مبني على هذه العلاقة، غالبا ما يصنع الفنان روائعه من ألمه أو من تأثره بالألم والمعاناة أو الإقصاء سواء المسلط عليه أو على مجتمعه... و ما قيمة عمل فني لا يحمل هم و طموح الانسان، و لا يحمي قضية مشروعة و لا يدافع عن حق مهضوم، و لا ينقل جمال الخلق و الإبداع، و لا يرمم التصدعات و يبلسم الجروخ ؟...
الفن هو تلك التركيبة العجيبة للذات البشرية كما تشهد بهذا كل العلوم ، تحتاج دائما الى نواميس فكرية تنفخ فيها روح التجديد و تبث فيها إلهام الجمال في نظرتها إلى المستقبل كما تتصوره، أحيانا نتوقعه ضربا من خيال الأسطورة لكنها ممتعة، ولهذا لا نراها تستقر على حال عبر كل العصور، بقدر ما تصبو إلى الكمال بقدر ما تتعب و أحيانا تشقى و لكنها لاتتراجع ، تواصل مسيرتها يدفعها الأمل و الحلم بغد أفضل..
الأفكار تتوقف لتتنفس و لا تقف لتموت و لهذا يقول الكثير من الناس أن التاريخ يعيد نفسه، أفكار الأمس مثلا هي براكين خامدة، انصهارات يهضم بعضها بعضا، فاذا فسح لها الزمن فجوة انفجرت ، تحاول أن تصنع فضاء متميزا و تكيف الواقع كما يراه مفجروها..هو الفن وحده القادر على احتوائها و تهذيبها و جعلها تتبلور مع جمال الواقع المأمول..
وانطلاقا من هذه النظرة أحاول أن أكتب للمحافظة على الماضي بصفته الذاكرة و معالجة الوضع الراهن الذي أره ينحني و التأسيس للمستقبل بطموح ذون المساس بأصالتي و مجد الأجداد الذين أسسوا لكثير من الحضارات كالحضارة الغربية، و ليس قصدي بما أقول دفن الأفكار في عقول الناس حية، و لكن لا أحب التبني بقصد السلخ، و صدق من قال إذا أنت لست أخي فمن أكون أنا
حليمة بوعلاق
• نفهم من خلال اجاباتك ان شرف الادب يكمن في اهتمامه بشواغل الانسان و تصوير الواقع واستنادا الى قول ارنست فيشر " اننا نحتاج الى وسائل جديدة للتعبير من اجل تصوير الحقائق الجديدة " فهل ترى ان القصة القصيرة والخاطرة باعتبارهما نمطين ادبيين حديثين قادرين على تصوير الواقع تصويرا وظيفيا فاعلا ؟
مختار سعيدي
انا مع التجديد الذي أسس له الماضي ، و لست مع التجديد اللقيط الذي لا أصل له أو التقليد الأعمى من أجل الذوبان في الآخر، انا مع تجديد الأفكار الجزائرية في الشكل الجزائري و المظمون الجزائري، مع تجديد وسائل الطرح والنقاش بيننا كجزائريين، بعيدا عن كل تجريح و في حدود ضوابط التهذيب التي تنظم تواصل الإنسان مع أخيه الإنسان، بعيدا عن الدكتاتورية و أحادية التفكير واحتكار مجالات الرأي للعبثية بروح الفن واغتيال نمط على حساب نمط اخر لعجزنا عن محاداته ، يجب أن نبدع لنجدد و ليس العكس، يجب أن يلد الفكر الجزائري الجديد و نسميه باسمه، لا نكتب نثرا بدسائس لإغتيال الشعر العمودي، قولي هذا رأي بعيد عن قصد الناس و نواياهم... كما قلت يا سيدتي نسميه " خاطرة، أو نص حر، أو تحبيرات.. أو نص مفتوح.. واللغة العربية غنية جدا و قادرة على تسمية ما نبدع بأسمائها، نريد تجديدا يميزنا عن الآخرين و لا نختفي وراء الإنسانية و العولمة، لنكون نسخة طبق الأصل لثقافة ن أو س، نثريها و نضيف فيها على حساب وجودنا ونلغي كينونتنا، يجب أن تخدم الإضافات الجزائرية فنوننا، لسنا في حاجة الى أدب تركيبي نستورده، تربطنا قطع غياره بالغرب..التجديد أو الجديد الذي نريده هو الذي يحمي تقافتنا و عاداتنا و تقاليدنا و عقائدنا من الزوال و التلف، و يحافظ على حضورنا عبر التاريخ أننا أسسنا بنقلنا و تهذيبنا العلوم و الفنون المختلفة لحضارتنا و ساعدنا كما قلت سابقا العالم الغربي في بناء ما هو عليه الآن، زيادة على ما سلبه منا في كل الظروف،نريده تجديدا بعيدا عن استظهار ما تعفن من جثث الخطأ عبر تاريخنا و نشرحها بغرض التشويه و تزوير الحقائق لصناعة موت الأب مرتين، لا نريد تجديدا مبنيا على نقد مغرض لما قدمته الأجيال السابقة من اسهامات كانت في ذلك الزمن تعتبر قمة الابداع، عبرت فيها بأروع الواسائل الممكنة في ذلك الزمن، الذي لو كنا نحن فيه ربما ما كنا استطعنا أن نبلغ ما بلغوا، أو ربما على ما هي عليه السرقة اليوم لنقلنا الفنون الإغريقية كما هي وادعينا أنها ابتكاراتنا، و الواقع يثبت ذلك، كل الإضافات و في كل الفنون و العلوم التي جاءت بها الأجيال الأخيرة هي دخيلة علينا، نقلناها من الغرب كما هي، عوض أن نسرقها تصدقوا بها علينا، فأين اسهامات الذين يدعون التجديد ؟.. ترجمت الحضارة العربية تقريبا ثرات العالم الشرقي كله و هي تحافظ على ما يميزها في الصغيرة و الكبيرة، إلا في القليل القليل ، و لم يكن مندسا، و كانت حضارتنا ناقلة أمينة، حضارة تجاوزت مساحتها كل امبراطوريات العالم، لاتزال معالمها و أثارها تتحدي الهجومات المختلفة، و تتصدى لكل الإنتقادات.. فهل من مجدد على هذا الأساس ؟..
الكتابات كلها تحتاج الي الصدق و فراسة الرؤية، يحب أن نعيش ما نكتب بأي طريقة لتشخيص ما نتناوله ، و وضعه في قالب يكون في متناول القارئ حسب الظروف والزمن والمكان و لهذا الومضة و القصة القصيرة و الخاطرة لا تزال تكتسح فضاء القراءة لأنها حررت القارئ من قبضة ذلك الذي يمارس عليه جبروت الكتابة، و يريد إخضاعه للذي يراه هو صواب، هذا النمط من الكتابة كالخاطرة و الومضة و القصة القصيرة اصبح وسيلة تواصل تساعد المجتمع على رؤية نفسه بنفسه لا بعين مستوردة، إنها كتابات نعول عليها لرد مصداقية الكتابة ورفع نسبة المقروئية ، و فتح الأبواب أمام كل المبادرات لجيل يرد قاطرة الأدب العربي الى سراطه المستقيم، لعلها المرحلة الانتقالية لأدب يوحدنا و يميزنا عن غيرنا ،فقط يجب أن نجنبها المسخ الذي أصاب الأدب العربي بصفة عامة...
نلاحظه في المنتديات الأدبية مثلا أو الفيسبوك أحيانا الخاطرة الواحدة يقرؤها ما يزيد عن ألف أو أكثر في زمن قياسي جدا، شيء مبهر وجميل، هذه هي الشعوب التي نقول عنها أنها لا تقرأ، عندما نقدم لها صورتها الحقيقة و نعبر عن مشاعرها التي هي مشاعرنا تقرؤها بنهم ، و هذا العدد من القراء يشجع كثيرا على فرض الخاطرة كنمط أدبي رائد..و لكن هل تقبل الأقلام الديكتاتورية هذا المنافس الصغير و الشرس الذي يهدد مبيعاتهم ؟...
حذاري من دفن الأفكار حية حتى لا تتحول إلى لعنة تطاردنا في كل مكان، و يكفينا ما نعانيه من فتن و هرج جراء دفن بعض الأفكار حية في صدور الناس لفرض أفكار أخرى تحت شعار التنوير و التجديد.. و الواقع عندما نغتاله لا يرحمنا لأنه يتحول الى شبح لروح شيطان شرير
حليمة بوعلاق
الحداثة الادبية وعي بالزمن في حركيته وتحولاته وهي مواكبة لمتغيراته واستشراف للمستقبل .اذ هي تصل الحاضر بالاتي في ثورة ضد الماضي " الى اي مدى يصح هذا الرأي على كتابات مختار سعيدي؟
مختار سعيدي
هذا ضرب من الجنون، و رهان على ثقافة التفكيك والإنسلاخ ، هذا ابتذال للذات البشرية وإجحاف في حق الجهود التي صنعت جسور وصل الماضي بالحاضر، هذا اغتيال لتاريخ البشرية بأكمله، وتمهيد هذا الجيل للفناء مباشرة بعد موته بنفس الأدوات التي قتل بها الأب...لغاية واحدة، هي احتكار فكر واحد لكل مجالات الحياة بالطريقة الوحيدة التي تمكنه من الجلوس على عرش الاستبداد الفكري و دكتاتورية الرأي، و بعده هو الطوفان، الشيء الوحيد الذي يجعل البعض يؤمن بهذه المدرسة هو تأكيدها على بناء المستقبل، و قد يكون هذا الطرح مجرد تمويه أو قناع، لأن الحركية التارخية أثبتت للجميع أن أي شيء يبنيه الإنسان على الفراغ ماله الإنهيار، ..هذه المدرسة جردت الفكر من مبدأ التأسيس على التواصل و عوامل التكامل و عبقرية التركيب وحقنته بمفعول التفكيك والهدم وسحق كل وجود سبقها و كل موجود يخالفها، لا تؤمن بالثابت و لا تحافظ على المتغير، وأن الوسيلة الوحيدة التي تدفع الإنسان إلى الخلق والإبداع، في اعتقاد من تبناها في البلاد العربية، هي تجريده من جميع مقوماته، تنادي بطوفان يدمر عالم كل الأفكار التي سبقتها ، لا تؤمن بفكرة التطور عبر التاريخ، لا تؤمن أن العقل البشري يبدع عندما يشعر أنه مهدد، و لا يشعر بهذا التهديد حتى يستهلك كل محتواه ، فيتحول ذلك المخزون الذي استهلكه إلى طاقة تفجر فيه قدرات الإبداع، رغم أن اليات تلك المدرسة هي بعض الهفوات البديهية التي تثبت أن الكمال في الذات البشرية غاية لن يدركها أبدا، و أن هذه الطبيعة أوسع في حركيتها و حركتها من أن يحتويها العقل البشري مهما اتسع، و أن التطور هو وليد صراع الأفكار و ليس و ليد تفريغ الإنسان من الأفكار وحشوه بوجهة نظر قابلة للزوال في أي لحظة أو بمجرد زواله. وحده ثابت الأمس يؤسس عليه للغد ، أقول أمسنا لا أمسهم و غدنا لا غدهم و مستقبلنا لا مستقبلهم...و لهذا يجب أن تكون غايتنا في الكتابة وصل الماضي بالحاضر لبناء مستقبل مميز
حليمة بوعلاق * كثيرا ما يشتكي الاديب من اخفاق الحرف في احتضان التجربة اذ تعانده اللغة وتراوغه متمنعة كلما سعى الى استدراجها لتقول تجربته وتصور واقعه " فهل يصح هذا القول على كتابات مختار سعيدي
مختار سعيدي
اللغة هي العامل الأساسي في بناء النص، يستحيل على أي كان التعبير عن افكاره و ارائه اذا كان لا يتحكم في ناصية اللغة و غير قادرعلى ترويضها و تطويعها لحمل رسالته، وهذا ما يسعى إليه الكثير من أعداء اللغة العربية بتدجينهم لآلياتها و تعطيل الدراسات الأكادمية لتنميتها وترميم ما تصدع منها بالإثراء و التوليد، ناهيك عن التحرشات و الاستفزازات لتفريق الشعوب العربية بخلق صراعات واهية تشغلهم عن بناء أكادمية للغتنا لها مقرها و رجالها بعيدة عن الحساسيات السياسية و العرقية .... و القتنة أشد من القتل.. في اعتقادهم أن القضاء على اللغة العربية هو القضاء على الإسلام، و هذا تفكير ساذج لأن عدد العرب في مجموع المسلمين لا يكاد يتعدى بصمة سمراء على بساط أبيض، و العرب لن يشكلوا خطرا على أحد ما داموا متفرقين و منقسمين إلى دويلات تحكمها افكار من خارج حدودها، و حتى لو ارتد كل العرب عن دينهم لن ينقص من مد الاسلام شيء، لأنه اصبح في منعة واعتنقته أغلبية شعوب العالم و لا يزال يدخله العالمون من كل الأمم...ان الخطاب المغرض الذي تتبناه بعض الكتل و الأفكار المسمومة التي تحاول أن تسوقها و الداعية إلى أن اللغة العربية ليست لغة العصر و ليست لغة التكنولوجيا ناتج عجز هذه التشكيلات عن اكتسابها و ترويضها على حسب أهوائهم، لأنها لغة لا تقبل الدخلاء تدافع بنفسها عن وجودها بفضح كل محاولة اغتيالها، حتى الذين يحاربونها بحروفها و لا أقول بكلماتها، لأن الخطاب يختلف، لما يكتب المنتمي إلى البلاد العربية بلغة الغرب يكتب بأسلوب استعراضي تعجيزي، يتحدى به أكادمياتها، بدون معجم لن تصل إلى فكرته أبدا، و لما يكتب عربي بأسلوب قوي و معبر يقولون له أن أسلوب المعاجم قد انتهى ...أما في جانب المصطلح التقني و التكنولوجي فحدث و لا حرج، يعيبون على اللغة العربية تبنيها لبعض مصطلحات الإختراعات الغربية، و البديهيات تقول أن من اخترع شيئا لا بد أن يخترع له اسم اعتمادا على وظيفته أو مصدره، يسمى باسمه، رغم أن العجز الراهن يكمن في مستعملي اللغة العربية لا في اللغة العربية ذاتها، أولائك الذين احتكروا منازل النخبة بأفكار سممها أعداء اللغة، فاستكانوا و عطلوا الفكر العربي عن الابداع و التعبير بنفسه عن نفسه...هؤلاء هم الذين لا تطاوعهم اللغة العربية لتبليغ رسائل مفخخة بألسنتهم، و تصل المتلقي معوقة مشوهة، كأنها عضو غريب في جسد أصيل، و رغم هذه الأرمدة الثقافية الإستعمارية الرهيبة التي تسيطر عليها مجموعات منسلخة تؤسس لفكر استطاني استعماري، لا تزال اللغة العربية قائمة تتحدي و تفرض وجودها و تقاوم ببسالة كل هجمات الأعداء الذين صنعوا وجودهم من عداوتهم لها،مثلهم مثل وجود أمريكا المرهون ببقاء المستضعفين في الأرض..فمتى يستيقظ العرب على الأقل لجمع شمل ألسنتهم و يتحكموا في ناصية لغتهم لبناء مستقبل عربي يحفظ لهم وجودهم ؟..
حليمة بوعلاق:
• شارع الثورة " عنوان اقصوصة لمختار سعيدي تنقل واقع الثورات العربية . فهل يمكن ان يكون للأدب دور في هذه الثورات وهل يمكنه ان يستفيد منها ...
مختار سعيدي..
شارع الثورة أردت بها توعية الشباب الجزائري بل المغاربي بأننا شعب واحد تجمعنا الإنتماءات المختلفة من أصول وثوابت و ثورات و دين و عادات و تقاليد و ثقافة و تاريخ ..أردت أن أهز ذاكرة هذه الشعوب النائمة لتثور ضد سياسات التفرقة.. أردت أن افضح التاريخ المزيف والملغم الذي تكتبه أيادي المرتزقة التي تحول اتجاه قاطرة نوفمبر إلى البحر وتضع المتاريس و الحواجز خدمة للمصالح الغربية و على رأسها فرنسا...
الأدب الذي نريده هو ذلك الأدب الذي يحمل قضايانا ،هو تلك الصورة الجمالية التي ترسمها المشاعر الصادقة للأحداث التاريخية، هو لمسات التضحية و الوفاء من أجل أهداف نبيلة سجلها جيل كان همه الوحيد حب الوطن بمفهومه الواسع بعيدا عن الأنانية و العنصرية و التفرقة و سياسة أنا وأخي على إبن عمي و أنا و إبن عمي على الغريب، بعيدا عن سياسة دمك هو همك....
الأدب الذي نريده هو العيون التي ينظر بها الجيل الذي سيحمل راية تواصل الماضي مع الحاضر و يصل بها الغد حتى لا يقع في الهاوية، هاوية المسخ و الفناء... مصيبتنا أن أغلبية هؤلاء الذين يحتكرون التفاعلات و المحافل الثقافية لا تقدس تاريخ الجزائر، ولا تثمنه، ولا تثني على إنجازات الأجيال التي سبقت، وحدها كتاباتهم مقدسة يحرم لمسها أو الإشارة إليها، بطونهم و عقولهم في الغرب و ألسنتهم الحداد هنا، هؤلاء مراجع أدبهم كلها من الغرب قلبا و قالبا، نحن لا ننكر أنه أدب متميز لكنه لا يخدمنا ، لأنه يعبر عن كيان لا تربطنا به إلا الصفة في الخلق، كيان تكبر و تجبر و طغى و بنى حضارته و شيد ثقافته بدم و عرق الشعوب المستضعفة، كيان سجله التاريخ وصمة عار على جبين مفهوم الإنسانية الحقيقي، و لا يزال يكيل بمكيالين، حتى لا أقول أن هؤلاء الكتاب كانوا سببا في تشويه هذا الجيل بتجريده من كل شيء، حتى أصبح لا يؤمن إلا بالنزاعات و الصراعات و القوي فيه أكل الضعيف...
. حليمة بوعلاق:
• سجلت المرأة حضورها في كتابات مختار سعيدي بامتياز (كذات فاعلة وعاطفة متأججة ) فلو اردنا أن نعرف في قضية نظرة المجتمع الشرقي للمرأة وما اتسمت به هذه النظرة من دونية واحتقار .
مختار سعيدي:
- المرأة في العالم العربي بدأت تتحرر بعد أن حررت الرجل من ثقافة الاستبداد و التسلط بكونها الروح النابضة في كل مجالات الحياة، بدونها يتعطل الكون كله، ..أظن انها قطعت شوطا كبيرا في اثبات وجود الرجل قبل اثبات وجودها، لأنه في اعتقادها التربة الخصبة التي تتجذر وتنمو فيها، و أغلبية المجتمعات في عصرنا هذا تحاول استغلال هذه الذات المعطاءة لتكون اداة انتاج مربحة، تستعملها كوسيلة لتحقيق غاياتها مهما كانت دنيئة،همها الوحيد تجريد المرأة من مميزاتها الأنثوية لتكون ذكرا مجردا من رجولته، انا هنا اتحدث عن المرأة التي تريد ان تترجل لا عن المراة التي تهذب وجود الدكر ليكون رجلا و تصنع من الأنثى امرأة تحادي الرجل في مسيرتها المتوازية معه بل تضاهيه لبناء مجتمع متوازن و متكامل بعيدا عن الصراعات الدونكيشوتية، هي ذي المراة التي يجب أن تكتسح كل المجالات الحيوية بهدوء و ترو، دون تشوية لسنن الذات البشرية وككيان جاء ليكون متكاملا لبلوغ الكمال في تركيب الأليات التي تؤسس للتعاوش و التسامح و التواد بين الرجل و المرأة على حد السواء بعيدا عن الضرر و الضرار..قد يتحرر الرجل العربي بتلقائية من أنانيته و جبروته بسهولة أمام هذه المرأة التي هي أمه قبل ان تكون زوجته أو أخته أو إبنته،ما تفرضه عليه العادات و التقاليد و الدين، و ما تمليه عليه المروءة و الشهامة، فهل تستطيع المرأة العربية أن تثبت ذاتها بدون عدوانية و تمرد ونشوز و تفرض نفسها كشريك باسهاماتها وريادتها دون الإعتماد على الرجل ؟.. كامرأة هي السند و المدد بجدارة واستحقاق دون ابتزاز و لا تغرير ولا استغلال من طرف الرجل ؟...و خلاصة القول هل المرأة العربية قادرة ان تواصل مسيرتها التحررية بعيدا عن التضحية بكيانها كانسان لا يساوم و لا يبيع نفسه في أسواق نخاسة بريق الأفكار المزيفة، عكس ما هي عليه المرأة في المجتمع الغربي التي هي تحت طائلة العرض و الطلب ؟..نحن لا نريد جواري و سبايا تعتق لتبقى تحت رحمة الرجل، بل حرائر شامخات يسجلن حضورهن بكفاءات محترمة تستحق التنويه والإحترام...و تفرض على الرجل شراكة عادلة بدون تنازلات
هذا ما ستكشفه لنا وسائل و اليات نضالها لتحقيق طموحاتها و الوصول الى أهدافها و غاياتها في المستقبل القريب...
.
حليمة بوعلاق.....فهل تراها حافظت على ما حققته من مكاسب
:مختار سعيدي
لا شك في هذا، إلا أن طريق النضال لا يزال طويلا، يحتاج إلى الخطى الثابتة و الطرح الموضوعي، بعيدا عن الصراع الدونكيشوتي و التسييس المغرض و المزايادات للدخول في حرب مع المقومات الأساسية للأمة و تبني ثقافة المسخ الإنسلاخ للدوبان في الآخر، نتمنى حضور المرأة كعامل بناء بمفهومه الواسع ، لا أداة ترفيه و تسلية للرجل في فضاءت الرذيلة باسم الحرية و التحرر والاندماج و غيرها من مصطلحات الحق التي يراد بها باطل، مرحبا بامرأة طبيبة و ممرضة و مكانيكية و تاجرة و بناءة و أستاذة و شرطية و دركية و غيرها...لا امرأة تبيع الهوى و تشتري الضلالة و تفسد الوسائل و الغايات في الملاهي و الادارات و الآسلاك المختلفة كما هو الحال في كثير من البلدان العربية، فتتسب في صراع عرقي أو مذهبي أو سياسي فتوقع الأمة بأكملها في فتنة لا تنتهي و تصنع من ابنها و أخيها و ابيها عدوا بالمجان و تكون نهايتها في جحيم حكم المجتمع، حقوق المرأة لا تأخذها بيد من حديد و لا بنصوص قانونية جافة بل يجب عليها ان تكون جيلا فيه استعداد لقبول المرأة كما تريد هي أن تكون. و بهذا تحافظ أكثر على كل ما تكتسبه و تتقدم بخطوات عملاقة و ثابتة.
حليمة بوعلاق:
• ان عصرنا هو عصر المتناقضات بامتياز اذ بقدر ما تشهده الحياة الادبية من نفور القراء وخاصة الشباب منهم فإنها تعج بالمبدعين فهل من علاقة تواصل بين الادباء في الوطن العربي؟
محتار سعيدي
عندما لا نجد من يعبر لنا عن همومنا و مشاغلنا و ألامنا و امالنا بطبيعة الحال نكتب لأنفسنا، كلنا نكتب و نقرأ لبعضنا و يحاول الناجي أن يأخذ بيد أخيه، و هذا الوضع نتج عن الضغوطات المختلفة في الساحة الثقافية، فأصبح الجميع يكتب للمساهمة في الخروج من النفق الذي أريد للفنون كلها، الشيء الذي يبشر بالخير هو أن هذه الكتابات كلها تعبر عن وعي و نضج رافض للاستكانة و هو يتحدي بكل ما أوتي من قوة و إمكانات لمواجهة المسخ و الإنسلاخ ,,, الجزائر ليست فرنسا

حليمة بوعلاق
هل حقق الاعلام التواصل والتعاون بين الأدباء في الوطن العربي خاصة بين الشبان المبتدئين والأدباء الكبار وهل نجح في تحقيق المصالحة بينهما ؟
مختار سعيدي
لا شك في هذا إلا أن التواصل الحقيقي الذي نعيشه هو تواصل ربط بين الأقلام التي ترفض الوصاية التي يحاول البعض فرضها كقضاء و قدر على أنها النموذج الجزائري أو العربي وما هي في الحقيقة إلا المسخ المتعمد للهوية و التاريخ والحضارة و الثقافة و المقومات الآساسية لهذه الأمة، لسنا ضد اللغة كأداة و لكن نحن ضد الإنحراف الثقافي تحت شعار الانسانية و العولمة التي من المفروض علينا كأمة أن نشارك ونساهم في بناء موزايك الصرح الثقافي العالمي بما يميزنا عن غيرنا، و هؤلاء لما عجزوا عن الخلق و الإبداع تبنوا التقليد و نقلوا أفكارا غربية حد الذوبان، حتى أصبحنا نشكك في هويتهم و انتماءاتهم لأن أغلبية كتاباتهم تعبر عن إزدراء و انتقاص لكل مكوناتنا، و تثري الأدب الغربي و تمجده على حساب ثقافة هذه الأمة، حقيقة أن بعض الأعمال الفنية صنفت على أنها تراث عالمي إلا أنها لا تزال تحافظ على هويتها حتى تحسب بصمة مجد و شموخ للأمة التي أبدعتها، و لهذا نجد أن أغلبية هذا الجيل لا يقرأ لهؤلاء الكتاب، بل وحده الإعلام يروج و يضخم أسماءهم لإرضاء الأطراف التي يخدمها أدبهم، و منحت لهم جهات مغرضة جوائز لخلفيات يعرفها الخاص و العام، رفضها الكثير من الأحرار، فإذا أردت أن تكون شيوعيا مثلا فكن على أقل جزائريا في كتابات ومواقفك، و كن أنت ، و سيتواصل معك الكثير من أبناء هذه الامة حتى لا نقول الجميع، و يقرأ لك و يناقشك لإثراء بنائنا الثقافي في كل الفنون، جرب فقط و سترى
حليمة بوعلاق
شد انتباهي وأنا أقرا روايتك سمراء العينين أن أحد أساتذة مختار سعيدي في صباه كان يرفع شعار العصا لمن عصى هل ترك هذا الأستاذ بصمات واضحة في شخصية الكاتب؟
مختار سعيدي
رواية سمراء العين هي من وحي الخيال أردت أن أعبر بها عن فترة معينة من مرحلة تاريخ الشعب الجزائري و الكاتب هو في أغلب الأحيان مراة بيئته وانعكاس صورة المحيط من الذات المبدعة لرسم واقع معين يجب تصحيحه، أما أنا فلا أذكر أنني عرضت نفسي للضرب لأنني كنت تلميذا نجيبا و لا فخر
………………………………………………….
حليمة بوعلاق:
قبل ان نتركك استاذنا نفتح لك المجال لتضيف ما تشاء وتقول ما فاتنا أن نسألك عنه
مختار سعيدي
الأدب فن ورسالة تتطور لخدمة الأمة على مقاس الانتماء، وتحافظ على ما يتميز به بعضنا عن بعض، لتخليد جماليات الآثار و الماثر الإنسانية عبر تعاقب السنين، حتى نعرف كيف نتعامل مع خصوصيات الذات البشرية لبناء مستقبل يشهد بمرورنا من هنا دون التباس
شكرا سيدتي حليمة بوعلاق على هذه الجلسة الإفتراضية الطيبة مع طيفك الجميل
مختار سعيدي






  رد مع اقتباس
/
قديم 29-02-2016, 10:19 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
منوبية الغضباني
عضو أكاديميّة الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تونس

الصورة الرمزية منوبية الغضباني

افتراضي رد: اجوبة ارتدادية عن أسئلة حوارية

محاورة ذكيّة متمكّنة من أصول محاورة الأدباء في حجم المبدع مختار سعيدي.
فالأسئلة عميقة ورائعة الإنتقاء وقد لقت تأثيرها على المحاوَر الأديب الرّاقي والرّوائي القدير
مختار سعيدي
فشكرا لحليمة بوعلاق التي مكّنتنا من إقتراب اكثر من وجدان هذا المبدع ومن سيرته الذّاتية
وكلّ التّقدير والإجلال لهذا المبدع الذي لابدّ من مزيد تسليط الأضواء حول أدبه ومنتوجه الفكريّ المتنوّع
فهو يكتب الخاطرة والرّواية بامتياز كبير...وأعتبر نفسي محظوظة في معرفة كتاباته وابداعاته من خلال موقع أدبي جمعني بهذا القامة الأدبية الرّاقية وقد تناولت جلّ خواطره بالتّحليل والتّعقيب .
فمرحبا بك قديرنا مختار هنا فالفينيق سيزداد تألّقا بقلمك .






لِنَذْهَبَ كما نَحْنُ:

سيِّدةً حُرَّةً

وصديقاً وفيّاً’

لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن

لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن

ومُنْفَصِلَيْن’

ولا شيءَ يُوجِعُنا
درويش
  رد مع اقتباس
/
قديم 29-02-2016, 02:19 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
مختار سعيدي
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رد: اجوبة ارتدادية عن أسئلة حوارية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عوض بديوي مشاهدة المشاركة
سلام الله ،
حوار مثر مفيد
شكرا للرفد والإثراء
وجهد طيب مبارك ميمون
رائع أنت
شكرا لك
مودتي
................................

الأستاذ الفاضل عوض بديوي

شكرا أستاذنا القدير على هذا الحضور الجميل ..
شهادة بكلمات ثمينة جدا أثقلت ميزان حسن الحوار.
تقبل سيدي تحياتي و تقديري







  رد مع اقتباس
/
قديم 29-02-2016, 02:32 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
مختار سعيدي
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رد: اجوبة ارتدادية عن أسئلة حوارية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منوبية كامل الغضباني (دعد) مشاهدة المشاركة
محاورة ذكيّة متمكّنة من أصول محاورة الأدباء في حجم المبدع مختار سعيدي.
فالأسئلة عميقة ورائعة الإنتقاء وقد لقت تأثيرها على المحاوَر الأديب الرّاقي والرّوائي القدير
مختار سعيدي
فشكرا لحليمة بوعلاق التي مكّنتنا من إقتراب اكثر من وجدان هذا المبدع ومن سيرته الذّاتية
وكلّ التّقدير والإجلال لهذا المبدع الذي لابدّ من مزيد تسليط الأضواء حول أدبه ومنتوجه الفكريّ المتنوّع
فهو يكتب الخاطرة والرّواية بامتياز كبير...وأعتبر نفسي محظوظة في معرفة كتاباته وابداعاته من خلال موقع أدبي جمعني بهذا القامة الأدبية الرّاقية وقد تناولت جلّ خواطره بالتّحليل والتّعقيب .
فمرحبا بك قديرنا مختار هنا فالفينيق سيزداد تألّقا بقلمك .
..............................
الأستاذة منوبية كامل الغضباني أيتها القديرة

ماذا أقول لك يا فاضلتي..يا سندي القوي ...يا مددي الجميل ..
ماذا أقول و لمسات يراعك ترمم تصدعات قريحتي في ظاهر كتاباتي و باطنها ..
ماذا أقول و أنت الكريمة تنزليني دائما في منزلة العظماء و انا دون ذلك يا سيدتي
و الله حار القلم و خانه التعبير ..
أهديك شقيقتي مودتي و عطر حبري و جمال كلماتي .
ليس لي إلا ذاك يا روعة ما انجبت تونس الخضراء








  رد مع اقتباس
/
قديم 12-10-2017, 06:02 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: اجوبة ارتدادية عن أسئلة حوارية

شكرا للمحاورة ولضيفها الكريم
حوار فيه جدية اسئلة وجدية جواب
تحيتي لكما






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:54 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط