لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ مَطْويّات⊰ للنصوص اللاتفاعلية .. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
29-04-2015, 01:35 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
قانون العبور
في غرفة ذات أثاث بسيط، تطل نافذتها على حيٍ ريفيٍ جميل، كان يجلس على حافة السرير. تناول شيئاً صلباً - لعله منبه ساعة على شكل دُب صغير - ورماه على المرآة المنتصبة على يمينه، أدار بؤبؤ عينيه ونظر لملامح وجهه المتعرج على زجاجها المهشّم. هتف بصوت عالٍ وهو يعتصر بقبضتيه غطاء السرير:
- تباً لك أيها الوغد البدين، سأجعلك تدفع الثمن غاليا.. ً كلما تمر بمخيلته تلك اللحظات، تتلبد في عقله غيمة سوداء تهطل سهاماً غزيرة تريق ماء كرامته، فيشعر بالدم يصعد أعلى رأسه، هو نفسه لا يدري كيف انعقد في ذلك الوقت لسانه ولم يستطع أن يدافع عن نفسه !! قال مخاطباً نفسه: لن أغفر لذلك المتعجرف فعلته تلك، كيف يطردني من بيته مثلما يطرد كلباً أجرب. لا بد أن أجد طريقة ما، لا بد، لن أستسلم، لن أدع اليأس يسيطر عليّ، خسارة جولتين لا يعني انتهاء المباراة، الملاكم الجيد هو من يعرف كيف يراوغ ويدير معركته بنجاح، حتى يعالج خصمه بالضربة القاضية. فجأة يقف محدقّاً في فضاء الدار، وكأنما يتراءى لعينيّه نورٌ ينبعث من ثقب صغير يقوده نحو الخروج من كهف أفكاره المظلم. يتناول هاتفه الجّوال، يضغط على أزراره بأصابع مرتعشة، قال: - مرحباً ( ميّ ) هل أنتِ مستعدة للخيار الآخر؟ - أهلاً ( أحمد )، هل قررت أخيراً ؟ - نعم، لا يوجد خيار آخر. - حسناً يا عزيزي، من أجلك أفعل المستحيل. يرتدي معطفه الأسود، يمتطي سيارته العتيقة، وينطلق كالريح ينهب الشارع نهباً، يتجاوز السيارة تلو الأخرى بحركات متموجة رشيقة حتى بلغ الهدف، غاب لمدة نصف ساعة ثم عاد إلى المنزل وفي يده ورقتان. في المساء كانت السماء تكتسي شالاً أسود، والرياح تلثم الأشجار فتجعلها تتراقص يمنة ويسرة، ومن خلف إحدى الشجيرات المحاذية للسور الرفيع والقريبة جداً من البوابة الخلفية للڤلة الضخمة، أقبلت بحقيبتها المتوسطة الحجم بعد أن أشار لها بإضاءة من مصابيح سيارته المتوارية، كانت تلبس معطفاً طويلاً وتعتمر قبعة فاخرة من الصوف، يعبُر من تحتها شعرٌ كستنائيٌ بالكاد يلامس كتفيها، تركب السيارة، تتعانق أعينهما في ابتسامٍ لذيذ. قال: - كل شيء سيكون على ما يرام، سيوصلنا صديقي ( طلال ) للمطار، لقد رتبت معه كل الأمور. كان التعارف الأول بينه وبين ( ميّ ) قبل سنتين في محله الخاص لتصليح وبرمجة الهواتف النقالة وبيع مستلزماتها، والقريب جداً من مدرستها الثانوية الخاصة، أصبحت زياراتها للمحل تتكرر، أحياناً يقدم لها خدمات مجانية، هو يكبرها في العمر تقريباً بثماني سنواتٍ، لا يقل طلاوة لسانه عن منظره الخارجي، له بشرة بيضاء نقية، عينان خضراوان، شعر بنيٌ غليظ. ذات ظهيرة وعند خروجها من مدرستها لمحت صديقتها المقربة ( رغد ) تبتسم له، احمر وجهها، سحبتها من يدها، عاتبتها، عنّفتها، نشب شجار معها أدى إلى انقطاع العلاقة بينهما. كان المطار مزدحماً بالأشخاص المغادرين والقادمين، أُناس يشيعون أحبتهم بالقبلات، وآخرون يستقبلونهم بالأحضان والورود، جلسا معاً فوق كرسي بانتظار استكمال باقي الإجراءات الروتينية للسفر، فقد بقي ساعة ونصف تقريباً على موعد إقلاع الطائرة. الهاتف يرن باستمرار، تستله ( ميّ ) من بطن حقيبتها الصغيرة، تنظر في شاشته، تهز رأسها، تُصدر أفأفة من فمها ثم تعيده بسرعة لمكانه مرة أخرى. - من المتصل ؟ - ....... يا إلهي.. إنه أبي. - لا بأس يا عزيزتي، لا تخافي، كل الأمور تسير حسب الخطة المرسومة، سنجتاز هذه العقبة بسلام، وعندما تكملين بعد أسبوع سن الثامنة عشر سنعقد القران هناك، ثم نعود ونضع أباكِ والجميع أمام الأمر الواقع. بعد بضع دقائق، تطلب منه أن تذهب لدورة المياه، وقبل أن تجتاز عتبة الباب يعاود الاتصال من جديد، وفي هذه المرة تجيب على الهاتف قبل أن يغيبها الباب: ألوووو.. تغيب لعدة دقائق ثم تعود. - لماذا أجبتِ عليه ؟ تبتسم، ثم تهمس له وهي تعدل ياقة معطفه: - لا تخف، إنها أمي، قلت لها فقط إني بخير. في طابور عسكري كأنه سربٌ من النمل وقف ( أحمد ) و ( ميّ ) جنباً إلى جنب بانتظار استكمال بعض الإجراءات، يستلم موظف المطار جوازي سفرهما ويدقق فيهما، يستدير لزميله ويهمس له بكلمات مبهمة لا تصل للمسامع، يعود لوضعه الطبيعي وقبل أن يفتح فاه، يتوقف قليلاً ويتجه بنظره إلى الجانب الآخر، ثمة ضوضاء، ويبدو أن رجلي أمن يحققان مع أحدهم. - هيا بسرعة من فضلك. - ....... عفواً، لا يمكن أن تمر. يمتقع وجه ( أحمد ) قبل أن يبادره باستفسار. - لماذا ؟ - جواز سفرك على وشك الانتهاء، والقانون لا يسمح بعبورك. ( النهاية ) بقلمي: 29/4/2014م |
|||
29-04-2015, 03:08 AM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: قانون العبور
كم هو مؤسف هذا الموقف الأخير وقانون العبور
الذي عطل حياة وأنهى أملاً هو ذا قانون العبور الذي ابتدع من الغرب ليقف حائلاً وعائقاً بين بين الأخوة في وطن كان واحداً جميل أسلوب السرد وقصة هادفة بوركت أخي علي الحسن تحياتي وتقديري |
|||
29-04-2015, 01:52 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: قانون العبور
سرد مشوق بلغة رقيقة الحواشي و معبرة عن خلجات النفس.
نهاية معبرة جدا مودتي |
|||
29-04-2015, 09:13 PM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: قانون العبور
النص جميل و حبكته رائعة و متقنة و فيها فنية
السرد أتى جميلا أيضا و هو يتابع اضطرابات النفس و دواخلها أعجبتني أستاذي القدير علي الحسن و دوما تفعل تقديري و احتراماتي |
|||
01-05-2015, 11:47 AM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: قانون العبور
اقتباس:
الأستاذة الفاضلة نوال البردويل
الجميل هو مروركم ومداخلتكم في هذا النص المتواضع شكراً بحجم السماء |
||||
01-05-2015, 12:45 PM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: قانون العبور
مرور أول
وعودة بعد حين بحول الله تحيتي لمبدعنا الحسن
|
||||
01-05-2015, 08:49 PM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: قانون العبور
سردية رائعة جدا بكل ما تحتوي عليه مفردة رائعة
قصة قصيرة بامتياز: اللغة الحوار المساحة المتاحة لـ : الفلاش باك ثم الصورة التي سكبها شاهد العيان / الرواي/ بشاعرية جميلة نقلت المتلقي غلى عمق الشخصية/ البطل/ حتى نهاية الحدث بضربة ختام جد موفقة همسة" في غرفة ذات أثاث بسيط وتطل نافذتها ؟؟ يبدو لي الواو التي تربط ما بين الجملتين الأولى والثانية مع فعل / تطل/ غير لازمة كان يكفي وضع فاصلة ثم تقديري الكبير للمبدع الرائع علي ومع كل النجوم أختم هذه القراءة *******************..............
|
||||
02-05-2015, 12:35 PM | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
رد: قانون العبور
اقتباس:
القدير عبد الرحيم التدلاوي
سعيد بتواجدك الجميل، وتعقيبك المشجع واللطيف.. دمت بكل الخير أستاذي |
||||
03-05-2015, 01:48 PM | رقم المشاركة : 9 | ||||
|
رد: قانون العبور
اقتباس:
الأستاذ المحترم بسباس عبد الرزاق..
الجميل حضوركم وتعقيبكم الرائع.. كن بخير عزيزي |
||||
03-05-2015, 01:51 PM | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
رد: قانون العبور
اقتباس:
أهلاً وسهلاً بكم أستاذتنا المبدعة..
دمتم بألف خير وصحة وعافية |
||||
03-05-2015, 02:07 PM | رقم المشاركة : 11 | ||||
|
رد: قانون العبور
اقتباس:
أستاذتنا القديرة والمبدعة فاطمة الزهراء العلوي
دائماً ما نستفيد من مداخلاتكم وهمساتكم الرائعة.. يعجبني كثيراً تحليلكم وقراءتكم للنصوص، وهو أمر غير مستغرب لما تملكونه من حنكة ودراية.. تم التعديل.. شكراً جزيلاً على التقييم.. دمتم موفقين دائماً وأبدا |
||||
04-05-2015, 01:21 PM | رقم المشاركة : 12 | ||||
|
رد: قانون العبور
نص محكم متقن جميل جدا أثبته وهو يستحق ذلك مع تمنياني للأديب علي بالألق الدائم
|
||||
12-05-2015, 07:27 PM | رقم المشاركة : 13 | ||||
|
رد: قانون العبور
اقتباس:
الروائية المبدعة روضة الفارسي
شيء جميل أن تحوز هذه الحروف المتواضعة على رضاكم، رأيكم وسام أتقلده.. شكراً جزيلاً حد انقطاع النفس |
||||
25-03-2018, 10:33 PM | رقم المشاركة : 14 | ||||
|
رد: قانون العبور
نعيدها إلى الواجهة ونسأل عن الاستاذ علي
عساك بخير أديبنا الرائع اشتقنا حرفك والمدينة الحالمة
|
||||
01-04-2018, 10:18 AM | رقم المشاركة : 15 | ||||
|
رد: قانون العبور
قوانين العبور كثيرة تتشابه .. تتقاطع.. وأحيانا لا تلتقي.
هنا وجدت أمرا إيجابيا بعد سنوات طويلة من الإحساس بألم ومرارة الإستعمار الذي أوجد قانون العبور هذا.!! السبب بسيط لكنه هام جدا. ماذا لو تم العبور والسفر ما هو مصير هذه الفتاة التي لم تكن بوعي مطلوب وإرادة أقوى مما كانت عليه. وأي صدمة كانت ستتسبب بها لوالداها ووالدتهاوالعائلة كلها. لسنا ضد اختيار الفتاة وأعطاءها حقها المشروع في الرفض أو القبول.. أما ذه الطريقة فلا مبرر لها. أنانيتنا أحيانا تدفعنا الى جرح من يخافون علينا من مرور نسمة فتجرحنا.!! نص جميل وسرد مشوق. الفكرة تحدث كثيرا وتعالج بطرق متعددة ومختلفة باختلاف البيئة العادات والتقاليد.. الدين..التأثر بقصص غرام ربما أسطورية لكن يروج لها على أنها الحق وما على الإنسان أن يفعله دون الالتفات الى المعيقات الكثيرة. أديبنا المكرم علي الحسن بوركتم وبورك عطاؤكم الراقي احترامي وتقديري
|
||||
14-01-2020, 11:32 AM | رقم المشاركة : 16 | |||
|
رد: قانون العبور
أعيدها إلى الواجهة
قصة قصيرة بكل ما تحمل المفردة ونسأل عن أخينا ومبدعنا الحسن عساك بخير أخي |
|||
19-01-2020, 03:09 PM | رقم المشاركة : 17 | ||||
|
رد: قانون العبور
سلام الله وود
حروفكم تناديكم كرما عرجوا عليها كل الود
|
||||
19-04-2020, 12:47 PM | رقم المشاركة : 18 | |||
|
رد: قانون العبور
قانون العبور ..
عنوان فارق تجاوز المعنى المباشر ليحيط بكلّ المشهد , هو لم يحظى بالقبول كزوج فللأب مقاييس خاصة , لم ينجح في عبورها و تعدّيها بثقة , هل هو الجانب المادي الذي تسبب في ذلك !! للمال سلطان يجعل بعض الأهل لا يدققون في الأخلاق كثيرا مقابل الإغراءات المادية .. هذا قانون العبور الأوسع انتشارا رغم النتائج المخيبة عموما في الخاتمة تأتي مسألة انتهاء صلاحية جواز سفره و في ذلك ملمح يمكن أن يعكس شخصيّة هذا البطل الذي لا يجيد التخطيط و لم يكن ليلجأ إليه لو لم تهن كرامته أو يتم إذلاله بشكل كبير و جارح .. شكرا على هذا السرد الجميل و الممتع الأستاذ الاديب علي الحسن تحياتي و تقديري .. |
|||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|