قصة حب مختلفة،،، - الصفحة 3 - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-03-2015, 01:15 AM رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى الصالح مشاهدة المشاركة
..

(هل تقبلني صديقة؟) ومن أنا يا رقة الريحان وعطر الياسمين حتى أقبل أو أرفض؟ طبعاً أقبل، ورجلي فوق رأسي أيضاً، أقبل وأنا أفندي، ومحترم، وإلا فما ذا يعني أن أقول لك مثلاً: آسف والله لا أستطيع فعالمي مليئ بالأصدقاء!! صديقة!!؟؟ حسناً، لا بأس بذلك كخطوة أولى لما قد ينتظرني من الجحيم المشتعل في شفتيكِ، وغابت!!
طبعاً أقبل، ورجلي فوق رأسي أيضاً، أقبل وأنا أفندي، ومحترم،
أبوها عربي، وأمها ألمانية، قالت: لعل هذا سبب صعوبة نطقي لبعض الكلمات في اللغة العربية. يا حبة العين انطقي كلمات اللغة العربية بأي لكنة تريدين، سأدون طريقة نطقك الجديدة لهذه الكلمات في جميع قواميس اللغة العربية،
كان يكفيك أن تدخلي مكتبي بكل جرأة، وأن تقولي: مرحباً يا أستاذ علاء، أنا معجبة بشعرك، وأحب أن أتعرف عليك. سأنهض من مقعدي بكل جنون الشاعر في أعماقي، وأهتف لك: أتشرف يا صبية بالتعرف إليك. وأعلم أنني سأموء عندها مثل قط يتسكع في الحارات في شباط، وأنتكس إلى أعماقي باحثاً عن الكلمات المناسبة، ولعلنا كنا عندها لم نخسر سنتين من عمرينا في الهواء!!
سأستخرج لك المعاملة من تحت الأرض، وسأصرفها لك بعينيَّ، وقلبي، اجلسي يا كارثتي القادمة من عالم المستحيل،
وبكل بلاهة سألتها: " كيف حالك ؟". حالها!!؟؟ كيف حالها؟ تسألها عن حالها؟ اسأل عن حالك أنت أيها المسكين، هي في أحسن حال، أما تراها يانعة، مشرقة، هانئة البال، مقبلة على الدنيا؟؟ هل شكت لك من قبل؟ هل أشعرتك أن ثمة هناك ما قد يقلقها؟ حتى تسألها الآن عن حالها!


ما هذا يا رجل!!

كلمات الثناء والاطراء لا تكفي لإعطاء ما قرأت حقه

منذ اللحظة الأولى قلت أنني أمام رواية

وللحظة تذكرت أحلام قبل أن تصل لكتابيها

أحلام تصف الشمال بعد إذنك

دمت باهرا

سأكمل ما تبقى الآن وأعود

تحياتي

أخي مصطفى،،

شهادة أفخر بها من شاعر جميل،،
ونعم، أحلام تصف الشمال،
ولكنها تتحدث عن ما آلت إليه أحوال الثورة كذلك،،

شكراً لك

محبتي







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 12-03-2015, 01:19 AM رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

تستطيعون أن تنعتوني بكل الصفات التي تريدون، وأن تنظروا إليَّ بأطراف أعينكم، وأن تتغامزوا فيما بينكم، وأن تقلبوا شفاهكم سخرية وازدراءً، وكذلك أن تهزوا رؤوسكم أسفاً، فقد تعودت منكم حتى الآن كل هذا، فكل ما يهمني أن أطهر أعماقي من هذا التاريخ الذي ينوء كاهلي بثقله، فعندما أخبرتني ريم بأن سلوى تحب شاباً آخر من مستواها الأكاديمي، وأن هذا الشاب هو أحد أعضاء فريق كرة القدم في الجامعة، وأنه يعاملها بقسوة حتى كرهته، أو ظنت أنها كرهته، وأن علاقتها معي قد تكون هروباً من البؤس الذي تعاني منه معه، وأن علي َّ أن أفاتحها بذلك أذا لم أصدق ريم، وأنه سطحي وسخيف، ومع ذلك فهو مصر على إبقائها إلى جواره ومشاركته في هوايته، على الرغم من أن سلوى لا تطيق تلك الرياضة، ولم تعد تطيق ذلك الشاب، وخاصة بعد أن تعرفت عليَّ، وتعلقت بي، ومع ذلك فلم تقطع علاقتها به، بل تخافه، وتخشى أن يعرف عن علاقتنا، ولذلك تصر على أن تكون لقاءاتنا مساء، بعد أن يغادر الجامعة. أقول، بعد أن عرفت كل هذا ،في جلسة واحدة وخلال دقائق معدودة، توقفت بعدها ريم، ونظرت في وجهي لترى رد فعلي، لم يتحرك عندي ساكن، على الأقل فيما بدا لها. ولكنني رحت في تفكير عميق، استغرق مني ما يعادل إحراق عشرة سجائر تباعاً، ثم قلت: سنرى!!

- ألا تغار؟ قالت ريم.
- أغار ممن؟ من شاب تافه؟؟!
- من مجرد الفكرة؟؟
- ريم، قلت لك: سنرى!
- تشرب شيئاً؟
- قهوة.

وحين غادرت ريم الطاولة لتحضر لي فنجاناً من القهوة، كان عقلي قد توقف عن التفكير تماماً، وارتسمت على شفتيَّ ابتسامة ساخرة وقلت بصوت مرتفع: (إيه يا حياة البؤس والشقاء، سنرى)!


(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 12-03-2015, 01:52 AM رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

أكلُّ هذا الشغف يا سلوى، وهذا الاندفاع، وما حصل بيننا ذلك المساء، وما تغمرني به عيناكِ من الحب، أكل هذا وتتعلقين بآخر معي؟ لماذا لا تقولين لي إنك تتسلين بي في انتظار أن يتغير مزاج حبيبك الآخر؟ وهل يعقل أن تحب امرأة رجلين في وقت واحد، وتحبهما بالقدر نفسه من المشاعر؟ وكيف لم تقل ذلك من قبل، ولماذا لم تقل؟

قلت لها: ما أخبار عادل؟ (وعادل هو اسم غريمي في قلبها).
قالت، وقد فاجأها سؤالي كأنه صاعقة: من عادل؟
- عادل، يا سلوى، لاعب الكرة، حبيبك الآخر.
- من أخبرك بأمره؟
- ما لك ومال من أخبرني، لِمَ لمْ تقولي لي؟
- ماذا أقول لك؟ إنني أحب رجلين، ولا أستطيع الاستغناء عن أي منهما؟
- كيف يمكنك ذلك يا سلوى؟ كيف يمكن أن يحتل قلبك رجلان في وقت واحد؟
- لا أدري!
- اسمعي يا سلوى، أنا لا أتحمل أن يكون لي منافس فيكِ، فإما أن تختاريه وإما أن تختاريني.
- أنا أحاول التخلص من تأثيره عليَّ فساعدني.
- حسناً، سأصبر، ونحاول، ونرى.

حاولت أن لا ينكسر شيء بيننا، وأن نبقى كما كنا قبل أن ينهار الكون على رأسي. وحين أخبرت الجماعة بما حصل، قال سامر: ألم تكن تعرف؟ نظرت إليه مستغرباً وقلت: وهل كنت تعرف أنت؟
قال: طبعاً، ظننتك تعرف، ولكنك تتسلى معها.
كدت أن أقلب الطاولة رأسه، لولا أنني تمالكت نفسي، فأنا أعرف سامر حق المعرفة، قلت لكم إنه نفعي ولا تشكل العواطف الحقيقية عنده أمراً ذا بال. هززت رأسي وأنا أنظر إليه بأسف، قلت: عاداتك السيئة، لا تستغني عنها. ضحك من تحت شاربيه الكثيفين، وقال: تلعب الصفنة؟؟


(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 12-03-2015, 08:33 AM رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
نوال البردويل
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
فائزة بالمركز الثالث
مسابقة القصة القصيرة2018
عنقاء العام 2016
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
فلسطين

الصورة الرمزية نوال البردويل

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

متابعة وفي انتظار ما يجد من أحداث
تحياتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 13-03-2015, 01:30 AM رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل مشاهدة المشاركة
متابعة وفي انتظار ما يجد من أحداث
تحياتي

الأخت نوال،،

هلا وحيا الله،

مودتي واحترامي







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 13-03-2015, 01:31 AM رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر الهباش مشاهدة المشاركة
ننتظرك دوما في كل جديد فقد اصبحنا جزءاً من عالمك الشفيف بما فيه من سرد معبر

تحياتي وتقديري أخي الشاعر الأديب نزار اللبدي

أخي وصنو روحي عمر،،

وأنا أنتظر حضوركم دائماً،
فقد أصبح به لما أكتبه هنا معنى خاص،

نتابع،،

محبتي







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 13-03-2015, 01:38 AM رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

وأما جميل، فكعادته يأخذ الأمور ببساطته المعهودة، ابتسم بهدوء، ولم يعلق بشيء، فالأمر لا يخصه، وعليَّ أن أنتزع أشواكي بنفسي، أو على الأقل، هذا ما قالته ابتسامته الجميلة.
وأما فوزي، ذلك الكائن العجيب، الذي لم أحدثكم عنه حتى الآن، وهو حكاية قائمة بذاتها، فمط َّ شفتيه بابتسامة شامتة، وقال: "خطايا بايتة!!" وفهمت أنه يشير إلى ما كان بيني وبين سهاد، ولكن، تلك حكاية أخرى.
وأما يحيى، أكبرنا سناً، وأكثرنا غموضاً، وهو كذلك حكاية أخرى، فقد أخذ الموضوع ببساطة، ولم يعره أدنى اهتمام، فقد كان غارقاً في قصة حب مأساوية، تشغله عن الاهتمام بغيرها.

وأما حضرتي، محور الأمر، الذي شرب المقلب حتى آخر قطرة منه، فقد حزمت أمري وقررت أن أخوض التجربة حتى نهايتها، فلم أرَ في استمرار علاقتي بسلوى من بأس لعلي أستطيع إقناعها بإنهاء علاقتها مع عادل.

أصبحت اللعبة مكشوفة للجميع، وصرنا حكاية الجامعة، وطالبات السكن الداخلي فيه، وكثر اللغط وعمَّ الحديث عن فاتنة تعشق واحداً وتحب آخر، ولا تستطيع أن تحيا بدون الاثنين.

واستمرت ريم في نقل ما يدور من أحاديث بين طالبات السكن الداخلي حول هذا الأمر لي، كانت تشفق عليَّ مما قد يؤول إليه الأمر، وتحاول أن تقنع أختها بالتعقل واختيار طريقي، لأنها تدرك سطحية ذلك الشاب، ومدى انجذاب أختها غير المبرر له في رأيها.

تخيلوا ما كنت أعاني منه وأنا معها، وذلك الشعور الغامر بأنني مضحوك عليَّ، ولي شريك فيها، تحبه كما تحبني، وتصارحني بأنها لا تستطيع تركه، ولا تستطيع تركي، ومع ذلك استمرت لقاءاتنا المسائية، وكنت أشعر بأعين الآخرين ترمقني بإشفاق ممزوج بالسخرية وأنا أتمشى معها في شوارع الجامعة، نتبادل الحديث، كأيّ عاشقين لا يكدر صفوهما شيء!!

تحديت الجميع بها، حتى إنني دعوتها مرة إلى الخروج مع طلبة قسمنا في رحلة إلى إحدى المناطق الجميلة، وجاءت هي متحدية كل شيء، وتغاضى جميع الزملاء والزميلات في الرحلة عن حضورها، على الرغم من أنهم أشعروها بعدم ارتياحهم لوجودها، وإمعاناً مني في تحديهم، لم أفارقها طوال الوقت، ولإغاظتهم أكثر، أسندت رأسي إلى حضنها وتمددت على العشب بعد وجبة الغداء الخلوية، وراحت هي تمسد شعري، وأنا أعلم كم كانت تشعر بالحرج، وكم كانوا جميعاً يشعرون بالغيظ.

ولكن كل ذلك لم يغير من موقفها العجيب شيئاً، حتى إنني في أحد مشاويرنا المسائية، أخذتها إلى مكان خال من الناس وراء مبنى المكتبة، ويدها في يدي، وجسمها الصغير يلتصق بجسدي، وعلى حين غرة، أدرت وجهها إليَّ، وضممتها، ورحنا في قبلة عميقة كانت قبلتي الأولى لامرأة، وعلى الرغم من أنها بوغتت بتصرفي الأرعن ذاك، إلا أنها لم تعلق بكلمة، واستمرت تسير إلى جانبي وكل خلية في جسمها ترتعش. ولكم أن تتصوروا حالتي أنا بعد ذلك، فقد كنت أهتز كريشة في مهب الريح، وأنا لا أصدق أنني فعلتها.

طال الأمر بنا على هذا المنوال، دون أن أحقق خطوة واحدة باتجاه ثنيها عن حب الاثنين، وضقت ذرعاً بذلك، فالحب امتلاك كامل لمن نحب، وليس نزوة نطفئها ثم نعود نمارسها كلَّ مرة مع شخص آخر في ما يلي من الوقت.

لم تمض أسابيع قليلة على بدء الحكاية كلها، حتى كنت أجلسها في مكان لا يبعد غير خطوات عن مكان اللقاء الأول، وعلى ذلك المقعد فوق المسطح الأخضر، قلت لها وقد انهمرت دموعها كالمطر، وراحت تهتز كورقة يابسة أسقطتها الرياح وراحت تعبث بها على الطريق: "لابدَّ أن تختاري يا سلوى! إما أنا وإما هو!"

لم أكن صارماً في حياتي كلها كما كنت في تلك اللحظة، وأصررتُ عليها أن تتخذ قرارها الآن، فلا مجال للتفكير، ولا مجال للمماطلة.

تمايلت السفينة فوق أمواج جبارة، وعصفت الرياح، وتحطم الشراع، وانتفضت العصفورة كالذبيح، وتم الاختيار. و تركتها تفرُّ هاربة إلى سكن الطالبات لتكمل نحيبها، وبقيت جالساً لا أصدق أن كل ما حصل قد حصل، وكأن الأمر لم يعد يعنيني، أشعلت سيجارة، ونهضت متثاقلاً، أتمشى في الحرم الجامعي بشعور غامر بالحرية لم أتمتع به منذ أسابيع طويلة.


(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 13-03-2015, 01:45 AM رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

كانت سلوى بداية احتكاكي بعالم المرأة الحقيقي، اللمسة الأولى، التصاق الجسدين الملتهبين، القبلة الأولى، أقسم أن يدي لم تلمس قبل يدها يد امرأة غير يد أمي وأختي وجدتي وخالتي، ولو كان لي عمة لكانت عمتي معهن، ولم أشعر بحمى التصاق جسد رجل بامرأة قبلها، ولم تلمس شفتاي شفتي امرأة قبلها، ولم تعشقني امرأة وتحب رجلاً آخر معي قبلها.

انتهت علاقتي بسلوى، كحلم ليلة صيف، إلا أنها تركت عندي جراحاً لا تبرأ، وأيقظت قي دمائي اشتهاء جديداً للمرأة لم أكن أعرفه إلا بشكل غامض، شأني شأن أي شاب نشأ في بيئة محافظة متدينة، وبدأ زمن القحط والفراغ القاتل، الذي كنت أملؤه باللهو مع الشباب، والمزاح، وتتبع حضور النشاطات الجامعية اللامنهجية، والرحلات، وارتياد المقهى الذي يلم ُّ شباب الجامعة بعد انتهاء الدوام وحتى بعد منتصف الليل، يلعبون الورق، ويدخنون، ويشربون القهوة والشاي بنهم، وفي آخر كل يوم، أعود منهكاً إلى غرفتي المليئة بالفوضى، فألقي بنفسي على السرير بملابسي أحياناً كثيرة، وأنام كالقتيل.

كنا قد اقتربنا من نهاية الفصل الأول من السنة الرابعة والأخيرة لنا في الجامعة، نحاول أن نكسب في وقتنا المتبقي لنا منها أكثر ما يمكن من الذكريات، وازدادت جرأة الكثيرين منا في التعرف على آخرين من فتيات وشباب لم يكونوا على علاقة معهم خلال السنوات السابقة، كأننا نسابق الزمن، وكأننا نعرف أن آخر العهد ببعضنا بعضاً سيكون ما تبقى لنا من وقت لحين التخرج.

لكنَّ ظمئي إلى امرأة تشاركني أيامي واحزاني، لا ينتهي، كما لا ينتهي ظمئي الآن لحضورك يا فداء، أين أنتِ؟ ولم لا تجيئين؟ أكاد أجنُّ وأنا أتوقع كل صوت خطى تقترب من مكتبي خطاكِ، وحين لا تكونين أنتِ أسقط في الفراغ القاتل، وأكاد أبكي.


(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 13-03-2015, 01:48 AM رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

وقفتْ بباب المكتب وقد علت شفتيها ابتسامة ناعمة، فاستندت إلى مقعدي وقلت: أين أنتِ يا فداء؟ أطلت غيابك عني. فهمست برقة: والله مشاغل!

يا ليتني بعض هذه المشاغل التي تبعدها عني، أو يا ليتني بعض دفاترها، أو قطعة من ملابسها. لا أدري ما الذي يحصل لي، صدقوني لم يحدث معي أن تشوقت لامرأة مرت في حياتي كما أتشوق لفداء، لم يمض على أول لقاء لنا سوى أيام، ومع ذلك أشعر أنني مرتبط بها منذ الأزل.

جلستْ وتحدثنا، وقرأت لها ما كتبت لها من شعر، وتحدثنا عن أحلام مستغانمي، وعن بعض ما يهمها من الحياة، كان الحديث يسوقنا دون أن نخطط له، وفي لحظة قدرية شعرت أنني لا بد أن أقول لها شيئاً، قلت وأنا أنظر في عينيها:"أتعرفين لغة العيون؟" همست ْ بنبرة ذات مغزى: "طبعاً!" قلت:"وماذا تقرئين في عينيَّ؟" قالت: "أقرأ شيئاً أحب أن أسمعه منك!"

استجمعت كل شجاعتي، وقلت وأنا أضغط على كل حرف، وأرقب ما قد تكون ردة فعلها: "أنا أحبك يا فداء!" خفضت عينيها، وحنت رأسها قليلاً، وانتظرت أن تسحقني بكلمة تدفنني بها في أعماق الأرض، لكنها رفعت رأسها ونظرت إليَّ بحنو شديد، وكأنها تقرّني على ما قلت.
ساد صمت صاخب فيما تبقى من الوقت، لم نقل شيئاً، وحين نهضت تودعني وقفتُ أرافقها إلى الباب، وبدون مقدمات قالت: إحنا نحبك! وانفلتت كظبي شارد، تاركة عقلي وقلبي وكياني كله في ذهول غامر.


(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 15-03-2015, 01:43 AM رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر الهباش مشاهدة المشاركة
متابع معك في هذه القصة الجميلة التي تذكرنا بأيام خلت في الجامعة
وهي بلا شك أجمل لحظات الحياة

مساء الخير أستاذي الغالي نزار
أخي وصنو روحي عمر،،

صرت اعتبر أنني أجالسك في كل مرة أكتب هنا،
وأنني أكتب لك خاصة،
وللأخت نوال بردويل،

وحين أهم بأن أتوقف فترة من الوقت،
لأستجمع أنفاسي،
تشجعني كلماتكما عل الاستمرار،

شكراً لحضورك الدائم،
والأخت نوال،

بكل المودة والاحترام







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 15-03-2015, 01:46 AM رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

"إحنا نحبك!"

لمَ يا فداء قلتِها هكذا؟ لماذا (إحنا)، وليس (أنا) ؟ نعم، أنتِ أكثر من مجرد فتاة عادية أحبت رجلاً أكبر منها سناً، أنتِ عالم من النساء، والمشاعر، والأحاسيس، أنت كون كامل من كل ما أعرفه ولا أعرفه، ولكن، لو قلتِ (أنا أحبك!)؟

يا ناس! حتى في تعبيرها عن حبها لي كانت تختلف عن كل من مررن بعالمي المضطرب، وحتى في ذهابها وغيابها، وحضورها، تختلف، تعلم أنني أذوب اشتياقاً لها، وأعلم أنها تذوب اشتياقاً لي، ومع ذلك تغيب، وكأنها تغيب عن شخص عادي، وتحضر، كأنها لم تغب إلا دقائق، فهل يعذرني أحد منكم على ما أنا فيه من الحال؟؟

في كل مرة تخرج من عندي، أجلس ذاهلاً عن كل شيء، أستعيد لحظاتها الخاطفة، وكلماتها القليلة، وأعيد حساباتي، وأغرق في تفكير عميق لا يخرجني منه إلا صوت مراجع أو موظف أو طالب يسأل عن أمر ما، فأنتشل نفسي بتثاقل من غيبوبتي، وأكمل يومي على مضض.


(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 15-03-2015, 01:52 AM رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

حين أعد ُّ نفسي لها، وأتوقع حضورها، لا تجيئ، وحين أستسلم لليأس، وأنفض يدي من حضورها، وأنقضُّ على أعمالي اليومية المعتادة، تهبط علي َّ دون سابق إنذار، وتكسر إيقاع اليوم البائس بنشوة حضورها الغامرة. وبعد المرة الثالثة التي أحيت فيها قلبي واستنقذته من حيرته، لم تطُل غيبتها، فما انقضى يومان حتى جاءت معذبتي واختارت أن تحضر في وقت الاستراحة، على أن تحضر محاضرة لها في في ذات الموعد، جاءت متهللة منشرحة، واتخذت مكانها الأثير، بعد أن قمت بطقوس استقبالها المعتادة.

كان الموظفون يغادرون مكاتبهم لاستراحة الغداء، وكنت الوحيد الذي لا يغادر مكتبه في الاستراحة، فذلك الوقت هو فرصتي الوحيدة خلال الدوام لأختلي بنفسي، وأريح أعصابي، وأجيب على تساؤلات المراجعين الذين قد يمرون في تلك الساعة على دائرتي. قلت لها: هل أغلق الباب حتى لا يزعجنا أحد من المراجعين؟ قالت: كما تشاء، أحسن.

رددتُ الباب، وجلسنا نتساقى كؤوس الكلام، هي تهمس، وأنا أتكلم، هي تسكب وأنا أثمل، وكان الوقت يتسرب من بين أيدينا دون أن نشعر، حتى حان موعد ذهابها، وقفت لأودعها، فقالت وهي تنسحب بهدوء وتفتح الباب وتخرج كنسمة عطرت روحي وقلبي وبثت الحياة في دمائي: كأننا لا نريد أن نتفرق الآن!!

وراحت.

(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 15-03-2015, 09:00 AM رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
نوال البردويل
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
فائزة بالمركز الثالث
مسابقة القصة القصيرة2018
عنقاء العام 2016
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
فلسطين

الصورة الرمزية نوال البردويل

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نزار عوني اللبدي مشاهدة المشاركة
أخي وصنو روحي عمر،،

صرت اعتبر أنني أجالسك في كل مرة أكتب هنا،
وأنني أكتب لك خاصة،
وللأخت نوال بردويل،

وحين أهم بأن أتوقف فترة من الوقت،
لأستجمع أنفاسي،
تشجعني كلماتكما عل الاستمرار،

شكراً لحضورك الدائم،
والأخت نوال،

بكل المودة والاحترام
لم أنقطع عن المتابعة وقرأت ما دونت أمس
ولكني لم أوقع الحضور ..
متابعة لك ولهذه القدرة العجيبة (ما شاء الله)على السرد
ومتابعة أبسط الأمور وكأننا نعيش القصة
تحياتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 16-03-2015, 01:00 AM رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل مشاهدة المشاركة
لم أنقطع عن المتابعة وقرأت ما دونت أمس
ولكني لم أوقع الحضور ..
متابعة لك ولهذه القدرة العجيبة (ما شاء الله)على السرد
ومتابعة أبسط الأمور وكأننا نعيش القصة
تحياتي

الأخت نوال،،

أشعر بذلك،
وأكاد أراكِ وأنت هنا،

شكراً لك،

تحياتي وتقديري







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 16-03-2015, 01:05 AM رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

"أتشوق إليك رغم لقاء البارحة .. أشتهي حبك .. كلماتك .. سخرياتك .. أشرد .. أفكر .. أتمنى .. أعيش لحظات .. أردد اسمك في منامي .. أتمثلك أمامي .. فتمحو كل الصور.. لأظل في اشتياق مستمر لك .. ولأظل أحبك .. وأموت في حبك".

في اليوم التالي جاءت فداء، مسرعة يطاردها موعد محاضرتها الصباحية، ناولتني ورقة وقالت:
"لا تضحك مني، كتبت هذه لك أمس، ليست هذه كتابة أدبية، إنها مني لك، هكذا أشعر بك". وانفلتت هاربة كنسمة شاردة.

فتحت الورقة وقرأت، ثم قبّلت كل حرف فيها، وطويتها برفق وأودعتها درجي الخاص، وأغلقت عليها بحنو بالغ، فقد لمستها يدها، وصافحتها أنفاسها، وأودعت فيها بهذه الكلمات البسيطة مشاعرها. كنت كمن يخبيء كنزا ثميناً يخشى عليه من الضياع.

لا أكتمكم، داخلني بعض الزهو لما تركته كلماتها بي من مشاعر، أأنا كل هذا عند فداء؟؟ وعلام يا رقة الريحان وعطر الياسمين وغناء العنادل؟ علام كل هذا الحب؟؟ وما الذي فعلته كي أستحق هذه الهدية الثمينة من الأيام؟ يا إلهي ساعدني على تحمل هذا الحب الغامر.

في الأسبوع الذي تلا ذلك، جمعتنا جلسة طويلة في فترة العصر، وتحدثنا عن كل شيء، تهمس وأجيب،
أسألها وتهمس، ويعبق الجو حولنا بشتى الانفعالات، وحين قامت لتغادر، قالت: سأمرُّ غداً! ما هو اليوم؟ قلت: الاثنين. قالت: لماذا؟ قلت: لماذا اليوم الاثنين؟ ابتسمت في شقاوة وقالت: نعم، لماذا اليوم الاثنين؟ قلت مداعباً: لأن أمس كان الأحد، وغداً يكون الثلاثاء. فردّت شعرها إلى الوراء بهزة خفيفة من رأسها الجميل، وضحكت. وضحكت كل الأشياء حولي، وضحكت معها.

مر الثلاثاء، والأربعاء مرّ، ومر ّ الخميس، وجاء الأحد، ولم تحضر فداء. أسبوع كامل دون أن أراها، أو أسمع منها، عشرات الرسائل عبر النقّال أرسلت لها، ولا جواب. كنت أعرف أن جدتها لأبيها مريضة جداً، ويتوقعون وفاتها في أي وقت، فظننت أنها ربما توفيت، ولكن لو كان الأمر كذلك لأخبرتني، فما الذي حصل يا فداء؟؟ هل أغضبتك في شيء؟ هل تريدين أن تختبري صبري؟ هل تجربين اشتياقي إليكِ؟ وأين تذهبين بكلماتك التي أهديتني إياها؟

مرّ الأسبوع بي في دوّامة من الأسئلة التي لا أجد لها جواباً، ويئست أخيراً من أنها ستعود. راودني شعور بالقهر لم أستطع أن أتفاداه. وغضبت وقررت أن أخاصمها، وحتى لو جاءت فلن أسامحها على هذا الغياب الطويل. قلت: سأعلمها درساً لن تنساه!

(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 17-03-2015, 01:11 AM رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر الهباش مشاهدة المشاركة
نحن معك الشاعر والأديب نزار اللبدي
نتابع كل ما تهمس به على الورق ونلتقي بك حرفا حرفا
وحين ترتاح من الكتابة نقلق جدا
تحية تليق بك أستاذي الغالي
تقبل مني المحبة والتقدير العميقين

أخي وصنو روحي عمر،،

شكراً لحضورك الجميل الذي يدفعني للاستمرار،
تحية المحبة

بكل الاحترام والتقدير أخي،،







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 17-03-2015, 01:17 AM رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

يوم الاثنين، وبعد أسبوع من الانتظار الممض، جاءت فداء، وكعادتها، وقفت بباب المكتب وكـأنها تنتظر رد فعلي على حضورها. نظرتُ إليها مطوَلاً، ثم نهضتُ من وراء مكتبي، واقتربتُ منها، لم أدرِ هل أغضب، أم أفرح، كانت لحظة صمت عميقة، ولمحت في عينيها عدم رضىً ، قلت: أسبوع كامل يا ظالمة؟؟ أين أنتِ؟ أنا غضبان!! تفضلي.. دخلت كالنسمة المترددة، وهي تهمس: بل أنا غاضبة، وعاتبة! وجئت أقدم رجلاً وأؤخر أخرى، شيء يقول لي اذهبي عنده، وشيء يقول لا تذهبي، ولكنني لم أستطع إلا أن أجيئ.
قلت: خيراً إن شاء الله؟ لم كل هذا الغياب؟ ولم أنت ِ غاضبة؟!
قالت وهي تتخذ مجلسها المعتاد: كنت في طريقي إليك يوم الثلاثاء الماضي، على الوعد، وعندما اقتربت من مكتبك، شاهدت فتاة تخرج من عندك وهي مسرورة جداً وتبتسم، فرحانة كثير يعني! فتعكر مزاجي. أنا أغار عليك، أغار عليك! أتفهم ماذا يعني ذلك؟ أنا أغار! ولم تكتف تلك الفتاة بذلك، بل رمقتني بطرف عينها عندما رأتني متوجهة إلى مكتبك وابتسمتْ، يا إلهي كم شعرت بالقهر! قررت أن لا أدخل عندك، وأن أخاصمك، عدت أدراجي وأنا أفكر؛ هل أعود مرة أخرى أم لا ؟؟ صدق أو لا تصدق!

يا إلهي العظيم! فداء تغار عليّ!! كيف يمكن أن أتحمل كل هذا الحب؟ تغار عليّ!! أنا أفهم أن الرجل قد يضايقه أن تغار عليه المرأة، أما أن يسعده ذلك؟؟ كنت أغرق في محيط من السعادة لا يُحدّ. فداء تغار عليّ!! ولكن من هي تلك الفتاة التي أثارت غيرتها؟ زويتُ ما بين حاجبيّ وحاولت أن أتذكر، فمكتبي ملاذ للكثيرين والكثيرات ممن يطلبون المساعدة في أمور مستعصية عليهم في الجامعة، يوم الثلاثاء؟؟ وتذكرت، قلت:
- آه! تلك طالبة في كلية الهندسة جاءت تسأل عن أمور تتعلق بتخرجها، وتواجه مشكلة مع أهلها، فنصحتها بما يجب أن تفعل، ولعلها وجدت فيما قلت لها حلاً مناسباً، فخرجت من عندي مسرورة.
- فقط، هكذا؟؟
- نعم. صدقيني يا فداء! ثم هذه مسألة تطول، أنا تراجعني طالبات كثيرات لمشاكل يواجهنها، وأعمل ما بوسعي لمساعدتهن، وكذلك طلاب كثيرون، فإذا كنتِ ستغارين من كل من تخرج من مكتبي مسرورة، فهذا أمر يطول! صحيح أنا سعيد بهذا الشعور منكِ تجاهي، ولكن المسألة ليست بهذه الصورة.

لانت ملامح وجهها، وابتسمتْ:
- بصراحة، لم أستطع أن أتحمل، يجب أن تعرف أنني أحبك، وأغار عليك! ولا أتحمل وجود امرأة أخرى معي!
- ليس من أحد معك في قلبي يا فداء!

هدأتْ، وطاب الجو، تركتُ مقعدي إلى جوارها، وعدت أجلس إلى مكتبي قبالتها:
- كيف حالكِ أنتِ؟
- مشتاقة لك! على الرغم من أنني كنت غاضبة، وأنتَ؟
- لا تعرفين كيف قضيتُ الأسبوع الماضي!
- بسيطة، غمة وزالت!



(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 17-03-2015, 01:57 AM رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

انسدل علينا هدود حميم، غرقتُ فيها أريد أن أعوض تعب الأسبوع الماضي في غيابها، قلت، وأنا أسحب نفساً عميقاً من صدري وأبثه في الفضاء:
- تعرفين يا فداء؟! هي قصة عمري، الآخرون، منذ أن بدأت أعي الحياة وهم همّي، أنسى في حلِّ مشاكلهم والاستماع إلى شكواهم هموم حياتي، ولا أجد من أبثه همومي من البشر، ولذلك لا تستغربي تردد الطلبة إلى مكتبي!
- لا حظتُ ذلك خلال جلوسي عندك، وأعجبتني طريقة تعاملك معهم، الله يعينك.
- حاولت الهروب من ذلك كله فلم أستطع، أجد نفسي فيهم على الرغم مما يسببه لي ذلك من تعب وإحراجات أحياناً.

كانت تستمع لي بكل جوارحها، وكنت أتحدث إليها كمن يفكر بصوت مرتفع. لهذه الفتاة حضور عجيب. فأنا قليل الكلام في حضرة من أحبها عادة، إلا مع فداء، أتحدث بغزارة، ولا أخفي شيئاً، أتحدث في كل موضوع يعنُّ لي، ولا يوقفني إلا تساؤل منها أو لحظة أريد فيها أن أستزيد من بهائها.

والحقيقة هي ما قلته لها عن غرقي في عالم الآخرين، وقد بقيت أمارس هذا الجنون اليومي دون أن أدري له سبباً، حتى عادت بي الذاكرة إلى أيام الدراسة الثانوية، يوم كتبت في موضوع التعبير التقليدي الذي يكتبه جميع الطلاب تقريباً في المدارس (ماذا تريد أن تكون عندما تكبر؟).
وعادة يكتب الطلاب عن مهنة يحلمون بها، طبيب، مهندس، طيار، تاجر، محامي، عتال حتى!! أما أنا فقد رحت أكتب وأكتب وأكتب، حتى ملأت أربع صفحات، دون أن أختار مهنة أو وظيفة، وعندما أردت أن أختم الموضوع، لم أعرف ماذا أقول، عدت فقرأت الموضوع مرتين أو ثلاثاً، ثم كتبت: أريد ان أكون مصلحاً اجتماعياً! تصوروا!!

كرّت الأيام، ونسيت أمر موضوع التعبير ذاك وأنهيت دراستي الثانوية، والجامعية الأولى، وانخرطت في الحياة العملية، وغرقت في عالم الناس، وهمومهم، وكنت موضع أسرار الكثيرين، وسبباً في حلِّ مشاكل الكثيرين، دون أن أدري أنني كنت قد زرعت في عقلي الباطن تلك المهمة الصعبة التي كتبت عنها موضوع التعبير ذاك.

كانت فداء تنصت باهتمام شديد لما أقول، وعندما انتهيت، هزّت رأسها الصغير يمنة ويسرة بتعجب. التقطت أنفاسي قبل أن أكمل:
- تخيلي أن توضعي في أشد المواقف حرجاً بسبب هذا الاهتمام بالآخرين؟
- كيف؟
- كنت ما زلت طالباً في الجامعة، في السنة الثانية، وكنت في بداية علاقة حميمة مع طالبة في قسمي اسمها سهاد.
برقت عينا فداء، استندت، وأشارت بإصبع يدها اليمنى باتجاهي:
- حدثني عن سهاد!
نظرت في عينيها بعمق، سحبت سيجارة، أشعلتها، ونفثت سحابة من وجع، (سهاد!) قلت، (تلك حكاية عجيبة!!) ونفثت سحابة وجع أخرى، سأحدثك عنها، لكنني الآن سأروي لك ذلك الموقف المحرج الذي قلت لك عنه.



(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 17-03-2015, 02:54 AM رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

- أخ محمود، أريد أن أحدثك بشيء، فهل تسمح؟
- طبعاً!
وسحبه معه إلى إحدى قاعات المحاضرات الخالية، قدم له سيجارة، قال محمود:
- ماذا تريد؟
- عفواً إذا كنت أزعجتك، وأعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي نتحدث فيها معاً.
- ليس مهماً، ماذا عندك؟
- بالنسبة لسهاد، اسمح بأن أتدخل في شؤونك الخاصة، لاحظت أن علاقتك بها قد فترت منذ مدة.
- وما شأنك أنت؟
- أخشى أن أكون أنا السبب في ذلك.
- كيف؟
- لا أدري، ولكن أذكر أنني كتبت لها منذ شهرين أو ثلاثة، لا أتذكر بالضبط، قصيدة غزلية، غيّرت فيها خطي، ووقعتها باسم مستعار، وأرسلتها لها بالبريد، وقد ظننتُ أنها ربما حسبتها منك فتخاصمتما بسبب ذلك.
- إذن فهو أنت! الحقيقة أننا تخاصمنا بسبب أشياء كثيرة، ولكن لم تكن قصيدتك هي السبب. لقد أقرأتني إياها، كما اعتادت أن تطلعني على كل ما يردها من رسائل إعجاب أخرى، وقد استطعت أن أعرف كل من أرسل إليها ما عداك أنت، ومع أنني كنت مقتنعاً أن القصيدة منك، لأنني سمعت شعرك وأعرف جودته، إلا أنني لم أستطع إثبات ذلك.
- وها أنت ذا تعرف الآن بالتأكيد ومني شخصياً.
- وماذا تنوي أن تفعل؟
- لا أدري، أود أن أعرف هل أغضبتها القصيدة؟
- أنت لا تعرفها، إنها حساسة جداً، وقد ظلت مدة من الزمن متأثرة منفعلة.
- أعتقد أن عليَّ الاعتذار لها.
- لا بأس!
- سأكتب لها قصيدة اعتذار، فهل ستوصلها لها؟
- دع الأمر لي، سأشاورها في الأمر.

عاد محمود بعد ذلك بفترة قصيرة ليخبره أنها ترفض ذلك، وسوف ترفع به شكوى إلى عميد الكلية، فلم يتمالك نفسه إلا أن قال: (طز!) وجلس يكتب قصيدة لاذعة، ومهرها بتوقيع مستعار، وأرسلها لها، ثم نسي الأمر.



(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 18-03-2015, 01:23 AM رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

قلت لكم، وسأكررها دائماً: عندما يتملكني ذلك الشعور الغامض إذ تلتقي عيناي بعيني امرأة معينة، أو تقع عيناي عليها، بأن شيئاً ما سيحدث بيننا، فإنني أعلم انه سيحدث، ولو بعد حين.

عندما بدأ دوامنا في اليوم الأول من السنة الأولى في الجامعة، لم يكن معظمنا يعرف أحداً ممن حوله إلا ما ندر. ولكم أن تتخيلوا المشاعر المتضاربة التي يعيشها كل واحد من طلبة السنة الأولى في الجامعة الوحيدة في البلد آنذاك، وهو يبدأ مسيرته الجديدة كطالب جامعي، من خوف ورهبة وطموح واستغراب وتهيب من وجود الجنس الآخر معه على مقاعد الدراسة في زمن كنا فيه لا نحلم بالاقتراب من المرأة لأكثر من عشرة أمتار، ونحن نلاحقها في الشارع، وعلى تخوف وتلفت خشية أن يضبطنا الكبار. كانت المرأة حلماً مستحيلاً وفاكهة بعيدة المنال، وها نحن نلمس وجودها قربنا بدون حواجز ولا رقابة، فيا لهول ما نحن فيه من اضطراب وتشوّف!!

كنا 330 طالباً وطالبة في السنة الأولى بكلية التجارة، ونأخذ محاضراتنا كلها في المدرّج الكبير للكلية، فما كان لك من مجال للتعرف إن شئت إلا على من يجلس أو تجلس بجوارك، وعلى استحياء وتخوّف من رد الفعل. أما أنا فقد اتخذت لي مكاناً منذ اليوم الأول في المنطقة العلوية من المدرّج، وبقيت كذلك حتى نهاية السنة الأولى. هناك كنت أشعر بأنني مسيطر على الوضع، أرى الجميع، ولا يراني الكثيرون، إضافة إلى ابتعادي عن المحاضر.

جلستُ في المحاضرة الأولى، أجيل ناظريَّ فيما حولي ومن حولي، أتفحص الأشياء والنساء، ولعلي لم أسمع كلمة مما قاله المحاضر، حين وقعت عيناي على شَعرٍ ذهبيٍّ ينسدل حتى الكتفين، وجسم نحيل كما يبدو من الخلف، وعلى حين غرّة، هاجمني ذلك الخاطر اللعين، ظللت دقائق مسمّر العينين عليها، ثم انصرفت إلى كل ما حولي، ونسيت الأمر برمّته فور خروجنا من المحاضرة.

لم أكن الوحيد في الجامعة الذي لفتت انتباهه سهاد، الفتاة المسيحية الرقيقة، الأجمل من الجمال نفسه، الأرق من الرقة، الصافية كنبع رائق، الهادئة كبحر عميق. كانت محط أنظار الجميع، وموضع إعجابهم، كل يريد أن يحوز إعجابها وصداقتها، ويدور حولها، إلا أنا، فمع إعجابي الشديد بها، لم أجرؤ على مجرد الكلام معها، كل ما فعلته أن كتبت لها قصيدة عبرت فيها عن إعجابي بجمالها الرائع، وأرسلتها لها بالبريد بعد أن غيّرت خطي فيها ووقعتها باسم مستعار، وانتهى الأمر في السنة الأولى بالنسبة لي عند هذا الحد، حتى حصل ذلك الموقف بيني وبين محمود.


(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 18-03-2015, 10:00 AM رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
نوال البردويل
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
فائزة بالمركز الثالث
مسابقة القصة القصيرة2018
عنقاء العام 2016
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
فلسطين

الصورة الرمزية نوال البردويل

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

صباح الخير أستاذنا
نتابع وبصمت
تحياتي وتقديري






  رد مع اقتباس
/
قديم 19-03-2015, 01:03 AM رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل مشاهدة المشاركة
صباح الخير أستاذنا
نتابع وبصمت
تحياتي وتقديري
أوقاتك الخير أخت نوال،،

ونتابع،


بكل الاحترام والتقدير







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 19-03-2015, 01:09 AM رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل مشاهدة المشاركة
صباح الخير أستاذنا
نتابع وبصمت
تحياتي وتقديري

أوقاتك الخير أخت نوال،،

نتابع،

بكل الاحترام والتقدير







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 19-03-2015, 01:14 AM رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

- ليس في الأمر حتى الآن أي إحراج كما ترين يا فداء!
- ماذا حصل إذن؟
- سأقفز عن كثير من التفاصيل الآن والتي ربما أقولها لك فيما بعد، إلا أن علاقتي مع محمود توطدت بعد ذلك، ولم أعد أسأله عن سهاد إلا ما يخبرني هو به من معاناته في حبه لها دون أن يلقى تجاوباً منها، ولا أخفيكِ أنني ارتحت لذلك بأعماقي دون أن أبحث عن السبب، فلم يتعدَّ اهتمامي بها آنذاك سوى الإعجاب بذلك الصنع الإلهي البديع. إلا أن محموداً كان ينهار، ويهمل دراسته، على أنه كان من الطلبة الأذكياء، ولم تكن علاقتي به، على توطدها، بذلك العمق، إلا أننا كنا نلتقي ونتحدث، ولم تكن قد تشكلت جماعة الأصدقاء الخمسة بعد، فلم يكن منهم معي حينها سوى جميل ويحيى، وكلٌّ على انفراد.
- طيب! وماذا حصل بعد ذلك؟
- على مهلك يا فداء! تلك ذاكرة بعيدة، وعليَّ أن أتذكر جيداً ما حصل.
أشعلت سيجارة، أخذت منها نفسين عميقين، ونبشت الذاكرة.

- قلت لكِ، تحسنت علاقتي مع محمود، وغابت سهاد عن مساحة تفكيري، فقد كنت مشغولاً وقتها بعلاقات عابرة سطحية، أملأ بها حياتي العطشى إلى وجود المرأة، دون أن أجد عمقاً عند من عرفت منهن.

كان ذلك في نهاية السنة الأولى من الجامعة، وكنا نستعد للامتحانات النهائية عندما طـُرق باب البيت، كان محمود هو الطارق: "هل أطمع منك في أن ندرس معاً مادة الاقتصاد هذه الليلة؟" قلت: "ما بالك مغموماً هكذا؟" قال : "إنني لا أستطيع التركيز".

كان الامتحان النهائي لمادة الاقتصاد في اليوم التالي، وأدركت أنه ضائع بسبب صدِّ سهاد له، وشدة تعلقه بها. حملت أوراقي ودفاتري، وذهبت معه إلى غرفته التي يستأجرها في إحدى مناطق العاصمة الشعبية، إذ كان من منطقة بعيدة عن العاصمة.

غرفة موحشة، قليلة الأثاث، شأنها شأن غرفة أي طالب جامعي أعزب، متغرب عن أهله، سرير بسيط، وطاولة صغيرة وكرسيان، ثياب متناثرة في كل زاوية. جلسنا قليلاً، ثم قام فأعد لنا إبريقاً من الشاي الثقيل، وبدأنا نراجع المادة، والليل يمضي. وما هي إلا ساعة من زمن حتى ترك محمود الدراسة، واستلقى على السرير، غطى وجهه بدفتره، بعد أن أطفأ النور، وراح يتأوه. كانت الغرفة معتمة إلا من ضوء خافت تبعثه لمبة الطاولة المنكفئة على وجهها، فتركته يهيم في حزنه لحظات، ثم وقفت في منتصف الغرفة مصمماً على انتزاعه من هذا الجو الكئيب.

أضأت ُ النور، ونزعت الدفتر عن وجهه، وصحتُ فيه: قمْ، ولا تضيّع وقتنا في كلام فارغ! نحن هنا لندرس، والامتحان غداً. لم يرسلك أبوك الفلاح المسكين إلى الجامعة لتحب، بل لتدرس، والامتحان غداً، أم تريد أن تترك فتاةً مهما كانت ترمي بك إلى الفشل؟ ماذا ستقول لأبيك غداً؟ والله يا با رسبت لأني فشلت في الحب؟ قمْ قامت قيامتك، وكن رجلاً!

نهض كالملسوع، وهز رأسه كمن يصحو من غيبوبة طويلة، غسل وجهه، واستند إلى المقعد، وما طلع علينا الصباح حتى كنا أنهينا مراجعة المادة كلها، وذهبنا إلى الجامعة لتأدية الامتحان، وكنت سعيداً وأنا أرقب نفسيته الجديدة المقبلة على الحياة والدراسة.

قالت فداء: وما المحرج في كل ذلك؟
- لم أصل إلى ذلك بعد.
- يعني كل هذا تمهيد؟؟



(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
قديم 19-03-2015, 01:51 AM رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

انقضت السنة الأولى من دراستنا الجامعية بأفراحها وأتراحها، ونتائجها، وذهب كل منا في حال سبيله، لقضاء العطلة الصيفية، نجح معظمنا وانتقل إلى السنة الثانية. وحين عدنا إلى الجامعة مع بداية السنة الثانية، تخصص كلٌّ في مجال مختلف، فاخترت أنا إدارة الأعمال، واختار محمود أن يتخصص في مادة الاقتصاد (المادة التي كاد أن يرسب فيها)، وكان القدر أن نجتمع أنا وسهاد في تخصص واحد.

مرَّ الشهران الأولان من السنة دون أن يدور بخلدي أن أتحدث إلى سهاد، ولو كزميل في التخصص نفسه، ولم أجد في نفسي شوقاً لذلك ولا رغبة فيه، فقد كنت قد رغبت عن عالم حواء، لكثرة ما سببت لي من الحزن. إلى أن وقع المحذور وتعلقت وسهاد ببعضينا بعضاً، ولكن لذلك حديث آخر.

قالت فداء: حدثني به!
قلت: مرة أخرى يا فداء ربما!
- طيب، نكمل ..أين موقفك المحرج؟ طلعت روحي!
- تصوري، أن يحب شاب فتاة، ويحبها في الوقت نفسه صديق له، والفتاة تحب الشاب ولا تحب صديقه، لكنها تحترمه وتقدر أخلاقه، وأن الشاب والفتاة اللذين يحبان بعضيهما بعضاً لا أمل لهما في نهاية سعيدة إذا جاز التعبير، بسبب اختلاف الدين، في حين أن صديقه والفتاة من نفس الملة، ولكنها لا تبادل الصديق شعوره تجاهها، ثم يلحظ الصديق أن علاقة الشاب بالفتاة جيدة، ولا يخالطه أدنى شك بأنهما قد يكونان يحبان بعضيهما بعضاً لما قد يظنه من أن اختلاف الدين بينهما يقوم عائقاً في وجه وجود مثل هذه المشاعر، فيطلب مساعدة الشاب في أمره مع الفتاة، لظنه أنه وإياها مجرد أصدقاء، ماذا تظنين أن ذلك الشاب التعس قد يفعل؟؟
- وهل هذا ما حصل ؟ أم هذه حزيرة؟؟
- بل هذا ما حصل.
- كيف؟
- اسمعي ...


(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:23 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط