سلسلة ضوء الأديبة فاطمة الزهراء العلوي على نصوص فينيقية - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > 🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘

🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘ موسوعات .. بجهود فينيقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-12-2013, 03:13 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي سلسلة ضوء الأديبة فاطمة الزهراء العلوي على نصوص فينيقية

..نصوص زياد السعودي
1..
قصة * كابوس *


القصة

الماءُ المنهمرٌ من سماءٍ سوداء
ما إن يلامس الارضَ حتى يتخذ ملامحَ السبخة المشوبة بالطين
تصاعدات الطين التي تُذعن لطرق زخات المطر تبدو مخيفة تتشكل بهلامية
وتنزاح يمنةً ويسرة ، على صغرها كان يراها كمخلوقات غريبة تزجره
بنظرات تحمل أسئلة مرعبة فوق احتمالات شعوره بالسكينة والأمان
طالما أن : المطر / البرد / الطين ...ثالوث يغتصب ذلك الشعور.
يزحفُ كبقية ليل يتكئ على جذع بلوط مُهمل غير آبهٍ بذلك الثالوث
يبحث في محيطه عن لا شيء !!
فهو لا يدري عما يبحث ..
ثمة قوة ما تجبره على البحث في محيطه
على يمينه بقعة اختفت منها تشكلات الطين الهلامية
رغم سقوطها تحت ذات الوابل من المطر
يزحف نحوها يزيح الطين بيديه بهستيريا
ثمة جثة بدات تظهر أجزاؤها
يتجه الى موضع رأس الجثة
ينبش .. يزيل الطين
يحفن بعض الماء النظيف
يغسل الوجه المختفي تحت تموهات الطين
ليتعرف أو ليحاول أن يتعرف على هوية صاحب الجثة ..
تتضح المعالم شيئا فشيئا
ليكتشف أنها : جثته هو
يهرب الى الجذع هلِعاً !!!
يستجمعٌ شجاعته
يعود إلى الجثة فلا يجدها فيتساءل من الذي
هرب إلى الجذع هلَعاً ؟!!


الفضاء الأول الذي نستقبل فيه النص هو فضاء الموت * جثة * عبر استهلالية يفتحنا عليها العنوان * كابوس*
منذ البداية نحن في فضاء من زاوية رؤية أخرى لا تنتمي
إلى مادية الشيء إنها * تنتمي إلى عالم الحلم* كابوس والكابوس يقطن هذا الفضاء الللامادي الغير محسوس الا في صورة الذهن الذي تنحى عن الوعي بالأشياء
ولكن
هذا الكابوس ينفلت من قبضة الحلم ، ويمترس حضوره بالقوة وبالفعل على أرضية الواقع
نقرأ:

{{الماءُ المنهمرٌ من سماءٍ سوداء
ما إن يلامس الارضَ حتى يتخذ ملامحَ السبخة المشوبة بالطين }}


مفردة * جثة * إذن ستؤثث الخط التصاعدي لنسق * البناء * بناء عمارة ألحكي
ويعلن العنوان المدخل المريب القاتم ، الذي يفتحنا على أفق ثقيل ويشي بالكثير
يهيئنا العنوان * كابوس* لاستقبال * الجثة *
ولذلك سطرناه بداية فاتحة استقبال وتهيئة لما سيحدث
والمفردة اللغوية المعجمية في هذه القصة مولدة للمعنى
فحين يكون الماء وليد السواد ، فلابد للنهايات أن تكون موتا

نقرأ:

تصاعدات الطين التي تُذعن لطرق زخات المطر ، تبدو مخيفة تتشكل بهلامية
إن الطين يقتات على سوادية الماء المنهمر
وفي تضاد يؤسس معادلة التسلسل الجميل بناء في هذه العمارة ، فــــ الماء يغدو قاتلا ...والماء في الأصل والمألوف والمعروف ، والذي يجب أن يكون الماء مولد للحياة { وجعلنا من الماء كل شيء حي } قرآن كريم
إذن كيف يمتح من غير أصله ؟؟ كيف يمحو نـَفـَس الحياة ويناصر الموت؟؟
ذكرني هذا بقصيد السياب أنشودة المطر :
أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر؟
وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع كالحبّ كالأطفالِ كالموتى

المطر حزن وماؤه لا يبعث حياة

لذلك نجد الرواي – المتحدث في ضمير القصة * كابوس* لا يحتمل موجة الأسئلة التي تشحنها في قلبه الصغير تلك السحابات لزخات مطر مخيفة..
من حقه أن يخاف هذا المطر ، الذي ينهمر من سماء سوداء ، ومن حق الفؤاد أن لا يأتزر بفرح فالمطر لا ينتمي إلى المطر الذي تنجبه السناء السابعة..

{فؤاد لا تسليه مدام}

نلاحظ تدوير الفكرة بشكل رائع هنا ، حيث سنعود كثيرا إلى بداية الحلقة ، حلقة البناء والبداية
تتسع الفكرة وتمشي بنا عمقا ، ثم تعود لتربط أو لنقل بدقة أكثر : تمتح من جوانيات وعمق هذا الماء فـــــــ تؤسس للنهاية

{ فن القصة القصيرة ، يحتاج إلى قدر كبير من التأمل والتركيز} محمد خضير

إذا كان الشعراء يشربون ويتنفسون الشعر ، فإن الكتابة مع المبدع الزياد في فضاء السرد هنا ، تجعل المتلقي يتنفسها من كل الزوايا وعبر كل النوافذ

و نتساءل
هل الخوف هو هروب سلبي من واقع معاش تؤسسه لغة ماء سوداء؟ أم مساءلة الذات التي تختار النهاية الموشومة بالردى ؟ أم هو انفصال عن ا الواقع لأجل حياة أفضل وأحسن؟؟
ربما..
فتيمة الموت هنا موظفة بشكل يعطي بطاقة تحرير للذات نفسها ، من قيود يسطرها هذا الكابوس ، ويحفر بها خريطة غريبة للأرض والإنسان
تيمة الموت هنا تسائل الحياة

نقرأ:
{يزحفُ كبقية ليل يتكئ على جذع بلوط مُهمل غير آبهٍ بذلك الثالوث
يبحث في محيطه عن لا شيء !!
فهو لا يدري عما يبحث }



تجيب القصة على التساؤل السابق بأنه ليس هروبا بل مواجهة

لان العدمية الأبيقورية التي تنتهجها الجثة ، كمدخل للنهايات وكعنصر مفاجأة غير محبب للذات ، تميتها المركزية * الواقع * ولذلك وجب مواجهته هذا الواقع
{{ عندما تكون الحقيقة عاجزة إلى درجة لا تستطيع معها الدفاع عن النفس فان عليها أن تتحول إلى الهجوم }} بريخت
والهجوم هنا المواجهة
إننا ننفصل عن الذات * أنا * الضمير المتحدث في خطاب الحكاية ونتوحد في البراني
نقرأ:
{ثمة قوة ما تجبره على البحث في محيطه}
هذه القوة تنتقل إلينا نحن المتلقي فنبحث عما تخفيه أسرار هذا المحيط المبتل بالوشم الأسود * ماء منهمر من سماء سوداء*

{ تتضمن شهوة الكتابة رفضا للحياة } سارتر
فهل هذا الرفض هو ما أسس حقيقة الحكاية وارتماء الذات في ظلمة النهايات؟؟
أم الكابوس يحذر من عدم المواجهة ؟ أم هو السبيل الوحيد للانعتاق من * أرضية تبللها زخات مطر لا تنتج؟؟
كل هذه الأسئلة مفتوحة على قراءات أخرى ربما تكون أغنى من لحظتي هاته

لغة قوية ومشبعة بالدلالات
قصة { تحترق بالأسئلة } من خلال السهل الممتنع

ففي تقنية البناء هنا نجد السهل الممتنع ،وهذا السهل الممتنع { يشم ولا يدرك } نحسه قريبا في البناء وسهلا ، لكنه عميق حين نتمفصل في شرايين الحكاية..

حيث تأخذ لعبة السرد والكتابة ، تأخذ عمقها وشرعيتها وتحقق القصة القصيرة ما أشار إليه محمد خضيري في ما ذكرته سابقا وهو النحت القصة هنا منحوتة بجدية وبرزانة
فــــــ
الخطاب مع مبدعنا الزياد ينتهج أفقا واسعا للقراءات وتداخلها مع عملية الإبداع * لحظة المخاض/ فيجعل المتلقي مسهما في هذه العملية وبالتالي منتجا معه
رائع جدا هذا الأفق الذي يتخلى عن أنانية الكاتب

إنها قصة { معجونة بطينة الواقع وطينة الذات وطينة اللغة }




مجالسة لنص/ لا تحبني
لناص : سكينة المرابط
التلقي : زهراء

النص :


لا تحبني
لــــــــم يبق بيننا
داع للحوار
ظل معي ...فقط
حبك يرويني

ماذا قدمت لي ؟
وهل ما قدمته لك لم يكف؟
فليس بيننا ما يكفينا
قد رحل بنا العمر

أنا,,, لا أهرب
من نظراتك,,,
ولا أخشى فراقك أبدا
و لن أتألم بعدك كثيرا
فكل ما عشناه
كان جميلا ,,,
اليوم
ما عاد لوجودك بحياتي ,,,
من داع

إذن
لا تقترب من ذاكرتي
ولا تهمس حروفك الولهى بي,,,
كل ما أعنيه ,,,,
أن تظل معي
لاأعلم لم ؟

إنما أرغب أن تكون معي
في مأساتي
في فرحي
في غضبي
في انهياري
أن تأكل من نفس صحني
أن تشرب الماء من وريدي
هذه أنا اليوم
لست عنيدة ولا مراهقة
أنا تلكها المرأة الناضجة
لا احب فيك جمال عينيك ولا وسامة محياك

أحب أن تلمحني من جديد، وعن بعد
وأن لاتقترب
فحالاتي تتغير و باستمرار

يكفيني هدوئي اليوم
تكفيني ابتسامتك هذا المساء ,,,
لا أحب صوتك الان
ولانبضات قلبك

انت اليوم بالنسبة لي
لست الرجل الذي أختارته,,,
ولست بي عميقا
تبدو اليوم مشدوه الأفكار
فأنا لاأدعي النبوة ,,,
واقرار المصير,,,
لم أعد أفهم
من أنا ؟
ومن أنت ؟
صار بي الدوار
والفراغ بيننا يتسع فجوات فجوات
ما عاد بيننا إصرار
صعب وجدا صعب أن أنسى أنني ملكت بك الدنيا
صعب أن تنسى,,, انني تركت العالم ورائي واخترتك ,,,
بعيدا عن الأقدار

إنني لا أدعي
أنت خياري الصعب
و الأصعب أني لست أدري
ما الذي يصنعني في هذه اللحظة
كي يحسم في لمحة عينيك الخيار

لا أفهم اليوم
ماذا بي ولا حتى ماذا صار
بي رغبة أن أسقطك من أعلى
موطنك
كي تنهار ,,,وتبكي ,,,وتئن ,,,
كأن تموت مثلا بين أشلاء القبور المنسية
وأن أكون التي تراك بحجم عالم صغير
وان تراني ثمثالا وسط كفيك الاثنين
ثم تراني نهرا يجري نحو البحر
ولا يراك مصبا كالأمس
ويراني الينبوع الأخضر
ماالذي سيجعلني
أميرة إذن ,,,إذا لم تتنح أنت
عن بداية المشوار
ماالذي يربطنا ,,,ويشدنا بقوة كي نكون واحدا
أتراه الصحن
السرير
الحلم
القدر
هل حين نثمل ونحكي ,,,الأسرار
أم حين يموت فينا الضمير
مالذي يجعلنا نتساقط كأوراق الخريف
على حافة الموت
فنشد أصواتنا
كي ينام الناس
ونقفل الأبواب
ونلتقي في حوار
حوار الذات
نخلق إبداعا
نهمس بكل اللغات
ننام متوسدين
حروفا من نعيم
يحل الصباح
فلم تغادر ,,,؟
قبل أن ألقي أخر نظرة على محياك
أو أترك بصمة حقد على صدرك
فتظل تتذكرني
وبحرقة
حتى إذا ما حل المساء
ساورتني أحاسيسي
وارتديت ثوب الرثاء
وأقنعتك أنني لا أحب
سواكَ

المجالسة :



دوار جميل جدا في دائرية رائعة أخذتنا فيها القصيدة ما بين المد والجزر
اقترب / ابتعد / أحبك حد الثمالة / وانتهنيا فلا داع للحضور
نقرأ

لا تحبني
لــــــــم يبق بيننا
داع للحوار
ظل معي ...فقط
حبك يرويني

النهاية هنا لا تسطر وداعا ، وسنلتقيها في آخر القصيدة ، وهذا ما يدعونا لنبقى و نستشف ونقرأ لماذا؟ لقد طلبت منه أن لا يحبها وهذه الـ * لا* هل هي نفي نهائي ؟ أمر؟ استفسار؟ تساؤل ايجابي استنكاري فيه الجواب نعم ..؟
نلج عمق القصيدة في المقطع الثاني لنتقصى حقيقة هذه الـ *لا * ونقرأ :

ماذا قدمت لي ؟
وهل ما قدمته لك لم يكف؟
فليس بيننا ما يكفينا
قد رحل بنا العمر


هنا وفي هذا العتاب تنفتح جبة الجواب ، وتقول بصراحة لا تحبني لا أريد ان تحبني بعد الآن ، لأن كل ما حدث هو* ماذا قدمت لي *

وذكية جدا بنية الفعل هنا نقرأه بضمير المؤنث * هي * التي تسأل وماذا قدمت لي أنت ؟ وبضمير * هو * الغائب المتحدث عنه حيث يحضر بقوة ويصبح هو الراوي لا المروى عنه - بضم الميم -

إن لعبة الكتابة
هنا بثوب سردي جميل ضيف على لغة السماء تتقنه الرؤية بوضوح في المقطع التالي ، ونقرا الحوار الدائر ما بينهما * هو و/هي * في مواجهة ، كرد على تساؤله السابق ، وتتضح المعنى وتـُقر بأنه هو السائل ونقرأ :


أنا,,, لا أهرب
من نظراتك,,,
ولا أخشى فراقك أبدا
و لن أتألم بعدك كثيرا
فكل ما عشناه
كان جميلا ,,,
اليوم
ما عاد لوجودك بحياتي ,,,
من داع


لاحظ عزيزي القارىء
كيف يتمحور الحديث ما بينهما انتقالا منه إليها ، بطريقة جميلة ومبنية بذكاء ، حيث أن البنية لا تسقط تيهانا بالمتلقي بل تحثه أن يدرك عمق الحوار الموجود بالقوة وبالفعل. بمعنى اننا في حوارية تأخذنا ترتيبا في مقاطع القصيدة
ماعاد لوجودك معنى في حياتي لذلك اسالم ك ان لا تحبني ..
ونعود من جديد الى بداية االقصيدة حيث لا هي للنفي لم اعد ارغب في ان تحبني وتصير - وفي تبادل جميل جدا ونحن في حوارية - هي التي تطلب الرحيل ..

ويصيبنا الدوار للحظة لأن في نفس كل منا نحن البشر ، رغبة شديدة في البقاء بقاء من نحبهم رغم ما يحدث لذلك قد نقرانا في هذه القصيدة بشكل من الاشكال لانها تعبر عن الكثير منا ونقرأ :

لم أعد أفهم
من أنا ؟
ومن أنت ؟
صار بي الدوار


وكأنه عتاب مهموس بصوت عال ولم يكن موجه اليه
وتستمر مقاطع القصيدة الجميلة هاته ما بين المد والجزر ، العتاب والألفة ، اشتهاء البقاء ورغبة الوداع

الى أن ينبلج صبح طاهر بامل متبقى ولابد ان يبقى ونقرأ نافذة إغاثة :

يحل الصباح
فلم تغادر ,,,؟
قبل أن ألقي أخر نظرة على محياك
أو أترك بصمة حقد على صدرك
فتظل تتذكرني
وبحرقة
حتى إذا ما حل المساء
ساروتني أحاسيسي
وارتديت ثوب الرثاء
وأقنعتك أنني لا أحب
سواكَ


ولاحظ عزيزي القارىء مرة اخرى تدويرة الحوار ليس فقط ما بين ضميري الحكاية ، بل ينتقل الى الاشياء ويشملها ايضا لتكون مساندة في الفعل وفي حركية الحديث فيحضر الزمان ما بين الصباح والمساء
الصباح عنوان البداية والاشراق والامل والانفتاح والمساء عادة يشي بالغروب والغروب نهاية في مجمل الحديث

وهنا تغلبت زمنية الصباح بالحضور

نص راقي جدا



2..
النص / الصورة :لــــــ زياد السعودي
ــــــــــــــــــــــــــــــــ




ليتني قطرةُ ندًى
تخاتلُ
رقةَ وردٍ تشريني
لأسرق استثناءَ
انعكاس محياكِ
على عاديِّ تكويني




التحميض :
ـــــــــــــــــــــــــ


جميلة.. إيحائية.. وفيها لمسة حكي رائعة جدا حيث تختفي هذه اللمسة من الحكي ، في ظل شعرية / شاعرية / بامتياز

أول شيء يستقبل فضاء القراءة ، هو هذا الجـَرْس الموسيقي ما بين مفردتي * / تشريني * و/ تكويني / في خاتمة المفردة الياء
هذه الياء مناسبة جدا - بكسر السين - للمد الشجني - إن صح التعبير- تتآلف وتتناغم وعمق الذات ..وفي كل مواطنها..

وهنا وظفت بشكل رائع جدا كي تفي غرض الاختصاص الإنفرادي ، حيث الحالة خاصة والصورة - الموضوعة - منبثقة من عين الرواي - الذات الكاتبة - ومترجمة ، عبر هذه الياء ، التي ستتحكم في مجمل الومضة ..سنرى مع امتداد القراءة كيف ذلك..
أقول منبثقة من عين الرواي ، لأنه عدسة التصوير والالتقاط * الكتابة *، ومنثورة في عين المتلقي * القراءة * حتى لنكاد نجزم بأننا رأينا هذه الصورة التي تؤسس لفعل الكتابة من خلال الخطاب الموجه منها * الصورة * الى * هي * الأنثى الحبيبة أيا كانت هذه الانثى..

إذن هذا الجرس الموسيقي ، يمنح العين والذائقة الأدبية ، عوالم من جمالية تفتت الصورة في أعمق حضورها في قلبه.. في عينه .. في حضوره ..في تواجده..

ولذلك أشرت سابقا بأن * الياء * رنة متحكمة في أبجدية الومضة - أبجديتها الشعرية اقصد -
{ الموسيقى وحدها القادرة على ان تمنطق عالمها دون الاتكاء على دعائم لانها هي الداعم عكس باقي ألوان الأدبيات الأخرى } وحين تندغم مع باقي الأشكال ، تحافظ هذه الموسيقى على انفراديتها ، وتؤسس لحضور اللوحة ككل ، فهي إذن متصلة منفصلة
ثم

هذا التمني الذي أجمل كل افعال الرجاء المشفوع بالرغبة في ان يكون
رجاء فيه علو نفس أيضا من خلال الياء
لاحظ عزيزي القارىء كيف تمترس علنا قوتها وبذكاء هذه الياء :

ليتني قطرة ندى

كم جميلة هذه الصورة رائعة عميقة

فالقطرة اضافة الى ما تحويه من عمق وهو حضور الماء * الحياة * فهي ايضا مولدة وليست عقيمة خصبة معطاء
نحن نعرف بأن البداية تكون بقطرة ، وتلتحق بها قطرات وقطرات وقد تصبح نهرا أو بحرا أو فضاء ممتدا من ماء لا ينتهي
والماء * عين البقاء *
ثم
انها ليست اي قطرة عادية ..ان التمني هنا كبير وجميل في توظيفه قطرة من * ندى * الندى سره في همسه والهمس يكون في الغالب ليلا ،والندى ينتظر هبوط السكينة على الارض ليحقق وجوده على خصلات الأغصان ووجه الورد والزهرات
والصورة وحدها في هذا الندى المرغوب فيه - وحدها - كاملة ولوحة رائعة
تشكلها بتلات وورود ستسهم في تحريك ضفة المنى الى جنة من احلام وردية رائعة جدا الصورة ..وشاعرية ايضا اتقنتها شاعرنا الزياد

ثم
نتوقف للحظة عند فعل أسرق
هنا بعناية كبيرة اختيرت المفردة وتشي بالكثير..انها سرقة تشفع لها خصوبة الجمال في الصورة
حضور الوهج منها والنور من خلال محياها ونبدا في استعراض جمالية * الصورة *
اكيد أن أثرها في قلبه في حضوره نور لذلك استعملت مفردة * انعكاس* والانعكاس هو مرآة للذات في كل الحالات
لكن المناسبة هنا تقول بان الانعكاس هو نور ولذلك كان الرجاء في التمني بان يسرق * استثناءا * على غير العادة لاجل الرؤية لأجل التقرب اكثر

تروق لي كتاباتك استاذ زياد لأن فيها اشتغال رائع ورزانة في الكتابة واستخدام قاموس يضطرنا احيانا وبطواعية ان نعيد رزنامة ما أخذناه ، ما تعلمناه لنساله ونسائله ، في حضور لغتك
{ هناك مخاطبة دائمة بيني وبين عملي ، اقف امامه خلال اشتغالي عليه ، وأساله فيجيني واعاود سؤاله مجددا فيجيب ..يستمر الوضع على هذه الحالة حتى تصبح الوحة غير قادرة على الاجابة ، عندها أعرف انها أصبحت جاهزة للعرض}ميريام اميني رسامة ايرانية ..

والكتابة لوحة ولابد من أن ننقيها من كل الشوائب لتكون نقية جميلة عميقة في عين المتلقي
وهكذا كانت لوحتك استاذي من خلال هذه الومضة التي بامتياز قالت قصيدة كاملة وحكاية كاملة

شكرا لك وانت تثري العطاء الادبي بهكذا حضور شعري ينقينا من اجواء التكرارات المملة أحيانا

ونادرا ما تأخذني لوحة بهذا العمق

أبدعت شاعرنا القدير الزياد




مجالسة وإنصات ل:
نص : مجرد ظن للشاعر عدنان حماد

المجالسة : بقلم فاطمة الزهراء العلوي

النص:


حسبت أنه التحق بالجيش الحر
ولكنها وجدت خارطة فلسطين في جيبه اليسرى
تمتمت
ان بعض الظن اثم



المجالسة :


من بين أجمل الالتقاطات التي صاغت واقعية / الوطن / القضية / بصياغة وبعدسة محترفة في تصويب الضوء على بؤرة الحدث
سأتناول الومضة من خلال أسلوبيتها
وسأركز على مفردة / * اليسرى * / في تصاعدها الدرامي المؤسس للبنية التحتية لعمارة القصة...
تدور الأحداث حول شعور ما /* الشك * / الظن /
ثم

وجود / الخارطة / القضية / الأرض / الهوية / جهة اليسار
تفتحنا مفردة اليسار ، على عدة توجهات في احتمالات القراءة تبعدنا بعضا من وقت عن المفهوم السياسي اليساري المعادي للقضية
ونقول - مشككين في شك / هي / الصوت الأنثوي المتحدث عنه بلسان الراوي ونقول - مبدئيا - نقول :
كل جهة / يسار / شمال / هي كناية عن القلب وتؤدي معنى الحب والحفظ لهذه القضية كأن نقول إنها في عمق نبضه تسري خارطة فلسطين

ثم تنبلج بعضا من رؤى أخرى في نافذة فتحها / الصوت الذي زرع الشك فينا كمتلقي / * هي * /

ونخرج من جلباب هاته الصورة / الكناية الجميلة الوديعة التي تمنحه / * هو */ بطل الحدث ، تعاطفا
و
نقبل على المفردة سياسيا
اليسار المعادي للقضية تشر عليه المفردة بنميمة فاضحة وتقول في عمقها - هذه النميمة بان المرأة ربما على حق... ربما

وربما لأنها صدمت حاولت أن تخفف على نفسها ب{ إن بعض الظن إثم } /
ثم
نتساءل عن هذا الصوت المشكك في انتماء حبه ؟ هذا الذي يحمل الخارطة
لماذا شكت ؟

اللهم إذا كانت لديها أسبابها التي جعلت منها تشك
فحين تكون الثقة لا مجال للشك
والثقة هنا مرتبكة على الأقل بالنسبة إليها هي


وفعل * تمتمت * أكد ارتباك هذه الثقة
فحين نتمتم فلأننا نرغب في أن نخفض الصوت كي لا يكون صحيحا في تمنياتنا المصدومة
ثم تنفرج اللحظة حيث تعود الانفاس مرتبة لدى القارىء
انها كانت في اثم الشك وفلسطين هوية لا يمكن بيعها ولا التخلي عنها
/ جاء الوطن كثيرا في أثواب عدة : بلغة السماء شعرا/ وبلغة الأرض / سردا /


إما واصفا أو و معلنا انفصاله عما يحدث رافضا بقول البديل

وهذه اللحظة القصصية مع شاعرنا العدنان ، تؤدي الدور الثاني : وهو رفض ما موجود وقول البديل في عمق الصورة وحضور وعي الكتابة مخاضا لوعي الواقع
وتأتينا هاته الصورة بوجهيها لنقرأها غير ساكنة ناقلة واصفة بل مؤثرة في المتلقي / وهنا نجاح الناص والنص لأنه يزرع مساحة تنقل جميلة في احتمالات القراءة من جهة ، وأيضا يؤسس لتحريك جوانيات هذا المتلقي
{ علينا أن نقوم بثورة جديدة ، ليست بالبندقية ولكن بالعلم }
و أيضا نغير بالريشة وبالكلمة وبالأدب



3..
النص: صنو الجلال / زياد السعودي...


هناك حروف لا تشبه الحروف
وهناك نصوص لا تشبه النصوص
فحين يأخذك نص من النصوص الأدبية / الشعرية / وتتجرد فيه قراءة فإنه يمسكك بقبضتيه ، ترحل في مجرته...تنتج...تحاور ...تنتفض...تتضامن..وتأخذك تلك الشبكة اللغوية التي ربطت الشكل بالمضمون / الواقعي/ بسؤال الواقع وإرجاعات السؤال ، وشحنت ضخة الحبر ، بضخة الدم السائل...
قصيدة وطنية بامتياز
وتبدأ الحكاية بتوثيق هذا الدم المهروق شهادة في سبيل الحق

أنْتُمْ وثيقة أرضِنا
نَحْوَ السّماءِ
مُخَلَّدونَ


الخطاب الديني - ولأن الصورة تستدعيه -حضر بقوة وموظف ببراعة جميلة شعريا حيث يحيلنا الى الاية القرآنية الكريمة :{ من الاية 169 الى الاية 171

وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} صدق الله العظيم


لقد كتبوا عز الأرض ونقائها وتاريخها ، رافضين الخنوع وراكعين ساجدين لله وحده

الـأرض هي الأم ولهذه الأم علينا حق في أن نحميها من كل سفيه معتد ، وليكن بالموت شهادة

أنْتُمْ بقاني الدّمْ
كَتَبْتُمْ
سِفْرَ عِزٍّ لا يُطالْ




هذه / الثورية الوطنية / هي صانعة المجد/ وهي المكسرة لكل طولات الحوارات الواهعية
فما / يؤخذ بالقوة لا يرجع الا بالقوة / والوطن في جملة من لحظات ، يحتاج الى هذه القوة في فناء الذات لأجل تحريره ...لأجل نقائه ولاجل حريته

يستمر هذا النـفس الشعري الثوري - وهو يعبر من أبجدية الاعتراف بالجميل لهؤلاء الشهداء - يستمر راسما خطا تصاعديا في إدراج الصورة :

وَبِأبْجَديّات الفِدى
لاَمَسْتُمُ وجه الردى
علمتُمُ الأرواحَ
كَيفَ تُعانِقُ الأمْجادَ
كُنْتُمْ مُمْكِناً
أعْيى المُحالْ


قوة اللفظ هنا تحيل على هذا الواقع المر الذي يدفع ضريبة :الدم المهروق في أضلع الـأرض بالاعتداء الوحشي على المواطن
قوة اللفظ هنا الحبلى بالمعنى تتاتى من خلال ضدية الصورة
حيث الردى يصبح ينبوع عطاء

لامستم وجه الردى - وكم جميل التعبير هنا - فالوجه هو واجهة الشيء ، وهنا ايحائية رائعة جدا تشير إلى واجهة الوطن ضمينا حيث الموت بالاكوام

/ واجهة الردى / تعليم / غياب المستحيل / كلها تعابير تصب في هذه التضادية التي تميز الشهيد ، وتنصره على قوى الشرور المتواجدة في الواقع

وأيضا تفسح عبور التحدي ايمانا بمدا الحرية / وتصبح الموت بداية الحياة
فمن { الموت تاتي الكتابة...وتاتي الكتابة من الدم ايضا..}

و { وظيفة اللغة الشعرية هي الخلق وليس التعبير } لذلك هنا تجاوزت القصيدة التعبير بنقل الصورة المباشرة - والوطنيات تمشي وتتوافق والمباشرة - تجاوزت الى عمق تلصورة بالايحائية وبالخل الشعري الموظف بحرفية لاجل القضية : قضية الوطن والموت في سبيل انعتاقه من أيدي الآثمين

إنَّ الشهيدَ
روايةٌ تُتلى
على صرحِ الخُلود


ونلاحظ هذه اللازمة -* خلود الشهيد ومكانتهم الكبيرة* - تتكرر عبر نسقفية الخط الشعري للقصيدة في تصاعده نحو الهدف التي ولدت لاجله
تناسق جميل مابين الخطين / الخط التصاعدي لـــ / للفكرة / ولللازمة / التي تعمق هذ الحضور وتمنطق تسلسل الخطين في لا تعارض وفي انسجام جميل جدا إبداعا وشعرية رائعة

يحضر الوطن ضمنيا في الحديث عن الشهيد فكلاهما / الوطن / الشهيد / صرح وخلود
وبذلك يحضر تلوطن ضمينا بقوة في القصيدة من خلال الهاجس السياسي المسيطر اليوم والقاتم في صورته من جهة والمباشر باعادة أوراق التاريخ من جهة ثانية
حيث انطلقت بداية التحرير من رقبة الصمت ، والثورة العربية ممتدة ولن تسكت.

وتحيل القصيدة الى كل تراب الوطن ، والى كل الشهداء على امتداد جغرافية الوطن
وقد استحضرت كل اشباره الغارقة اليوم في هذا الدم البريىء / بفعل الاعتداء الجبان : بوجيهه الاعتداء الداخلي والخارجي
وهنا قوة هذه القصيدة حيث الهم السياسي جاء شاملا / وجاء بلغة جمعت كل الارواح لتقولهم رثاء / لتقولهم اعترافا بالجميل / لتقولهم مناصرة

فهم تاج لا ينحني الا للرحمن


تاجُ الوقارِ
يُزَيِّنُ الرأسَ الّذي
لا ما انحنى
إلا لربه ساجداً



جاءت القصيدة في ستة مقاطع تدويرية فيها الفكرة
وقد نقف عند الرقم * ستة * وفيه ايحاءات جميلة ونلاحظ الحس الروحي والإحالة الدينية الجميلة

6 مقاطع
خضع لها جسد القصيدة بوريد الخلايا العضوية / الفكرة/ الممتدة سؤالا مقلقا وضمينا / : إلى متى تزهق الروح في هذا الوطن الكبير ؟؟

ان المعادلة الغير مقنعة / من طرف المعتدين / تشوش عليهم الرؤية فيلجـأون الى التعذيب والتقتيل والتنكيل بكل من يرفع ولاء اللاانصياع ويرفض الانضمام اليهم وذلك بـــــــ

{اللجوء الى استخدام القوة وتوقيع العقوبات لدعم الاستقرار}

ومهما حاولوا...
فإن الصبح لابد وأن يأتي ، ويبدد شرفات حبست ضوءه من ان يكون

استاذي الزياد

هكذا قرأتها هذه القصيدة الوطنية الرائعة والتي احييك عليها
جزاك الله خيرا





قراءة في قصيدة أزهار النار
لحظة أخرى في * أزهار النار* للشاعر عبد الأحد بودريقة
بقلم فاطمة الزهراء العلوي




النص :


أزهار النار

كشَرْخ فِي غَيمَة
كَرجع الصَّدى الدَّامع يَغفُو
علَى وتَر الكمَان
يَتعرَّى من ثَوبِ غربتهِ ليَخطو
على مَرايَا النَّار
مُرعــــــبٌ ..
وأنتَ بِلا مُزن وَلا أغنيَّات
تتَقدمُ
حَطبا إلَى سَواحل أجْراسِك
مُصَاباً بالفَقْد
وطَقْس الفَجيعَة والخَسَارَة والغيَّاب
لَن يَسمعكَ الآن ملاكٌ
لنْ يأتيَ طائرُ الرُّخ من دُخَّان المَجاز
أو يَفيضَ من طينِ النِّسيَان
ليَرسُم وتَراً في الزِّلزَال
وينْدلقَ الفَراشُ فِي دارَة التَّوقُّع
وَلا عَينُ النَّهار تُبقِي لكَ مَرفَأ مِن غَيم
كُن سَفرا في كَهف مَنفَاك
كُن نَخلتكَ الَّتي
تَدمعُ ــ ..كَ في مَشهَد الشَّمس
لا شَيءَ قَد يَجيءُ .. لا شَيء
إلَّا كافٌ ونونٌ يَرتَجفَان
علَى حَافة شُبَّاكٍ يَتخَاتلُ في رَغوَة مِن ضَباب
يَأتيهِ المُغنِّي
ليحلُم قَليلاً ويُضيءَ الخَيَال

تَمهَّل .. !
لَنْ تَخذُلكَ أزهَارُ النَّار
وَلا الصَّهيلُ الرَّابضُ خَلفَ المَرايا
يَقولُ اللَّيلُ نِسيَانكَ
وأنتَ تَرقبُ ما يَلدهُ الجَمرُ ويُحدِثُ
دَهشَ الصَّوتِ في أشْلائِك
وأنتَ تَمْنحُ هُلامَ السَّفر أسْمَاءهُ مِن رمَاد
وَتَهمِي في قَوسِ المَطرِ البَعيد
كَطيور جَريحَة تُهاجرُ،
تَشقُّ قَلبَ الريَّاح
سَائلةً سُلالةَ اللَّيل عَن كتَاب الدَّمع
والنَّار والدَّم
عَن مِمحَاة الزَّمن فِي وَجههَا ..
وعَودَة الفَاتحينَ مِن
نَافذَة البَحر
وهَندسَة جَوقَة النَّفط والقَبائل
فَمنْ ذَا يَأتيهَا بمَوج يُبلِّلهَا فِي التَّأويل
أو يَجترحُ مِن حُنجرَته غَيما لصَوتهَا ؟
مَن ذا يَأتي منَ الخَسارَات وتجَاعيد الدُّروب..
ويُكوِّنُ رَسْمنَا وصُورتهَا في وَ عدِ الشَّمس ؟
مُنهكٌ هُو البَحرُ ومِزقٌ هيَ أشْرعَتي
يَا شِفرَة الكمَان..
صَريرُ الغُبار يَدقُّ أبوابَ الرُّوح
والأنوارُ تَسألُ عن لُغةٍ لهَا فِي تَاريخِ المَاء
النَّصْلُ في الخَاصرَة
دَليلُكَ غَارقٌ في الظلَال
مَخنوقٌ باللَّيل وبمَا زادَ من المَوت والفَتوى
والطبُولُ وَحدَها تَياهةً تَلغطُ

فتمهَّل ..!
وليُصقَلِ الضَّوءُ
بذَخيرَة الدَّم
بالقَناديل المَشحُونَة بصَرخَة الكَائن
وعُيون مَن عَبرُوا الجسرَ
ليَحرسُوا هَامةَ الصَّوتِ والرَّسَائل
وَتَنشَأ فينَا الأجنحَة

شَمسُنا بَعيدة .. ونَحتاجُ إرَادَة المَاء
وأنبيَّاءَ الأرضِ والحَجر.. وأشجَار الرَّغبَة
ومِرآةً مِن لَحمِنا
لنَعـِي "الأنـَا هيَ آخر " *
لنُجهِّز كَثيرا منَ
الظَّلام فينَا ونُرسلَهُ إلَى فُرن العَدم


تَمهَّل ..!
وارجعْ من صَوت مَن تَمزَّقَت أقدَامهُم
وأوقدُوا الحُضورَ فِي أبوَاب النُّون
وغُرف الجَحيم !
لئَلَّا يَفرغَ الحُلمُ منَ الهَواء
وَتظلَّ فِي شُرفتنَا وَردَةٌ للحيَاة
فَلا تَعلقْ فِي فَوضَى الظِّلال وخُدعَة
عَناكبِ الوَقت
واحذرْ أغَاني الذِّئاب ..!
ثَمةَ أجْراسٌ ورَاء ضَوء الشِّعار
تَرفضُ صنَاعَة المَوت ونَشيداً
أعمَى
للتَّوزعِ فِي أجزَاء الأسْمَاء
ثَمة أنتَ واقفٌ في ندَاء
كَائِن الآفَاق
ولستَ تَنسَى عَينك في المرآة
وتَجليَّات يَلمعُ فيهَا نهرٌ رماكَ بوَعد رُؤيا
سَرَّبتَها إلَى سُلالة
يُفضي دمُها إلَى طريقَ البَحر
فَتمهَّل ..!
لَن تَخذُلكَ أزهارُ النَّار


لَن تَخذلُك
أَزهَارُ
ا
لـ
نـَّـا
ر

الضوء :

وعدت بالعودة إلى قراءة اخرى في هذه اللحظة الشعرية الكبيرة


أزهار النار


نثرية حققت حضورها الشعري ، وذلك من خلال بناء الصورة بكل مستلزماتها الفنية الشعرية : تكثيفا / انزياحا ولغة بانية شعرية اللفظ فيها ممتلئة حد الإشباع

العنوان يفتح شعرية القصيدة على فضائها .
ويشكل الفضاء عدة نوافذ ، تبدآ بنزيف داخلي عميق ، سيتواتر عبر كل مقاطع القصيدة ، في نسقية عميقة السبك متوالفة مع وحداتها الشعرية ، ومتوالفة من جهة ثانية ، مع الجملة الشعرية ذات النفس القصير أحيانا ، والطويل أحيانا أخرى..
نقرأ:
كشَرْخ فِي غَيمَة
كَرجع الصَّدى الدَّامع يَغفُو
علَى وتَر الكمَان
يَتعرَّى من ثَوبِ غربتهِ ليَخطو


أداة التشبيه { الكاف } ، لم تكتف بوظيفتها في نقل قسمات التشابه ما بين المتحدث عنهما / الغيمة / والذي يخطو عاريا من ثوب الغربة / ، بل نسقت بإيجابية كبيرة ما بين الفضاءين الخارجي :/ صورة الغيم والصدى / والداخلي =العاري من ثوب غربته /..
ونلاحظ بان الجملة الشعرية في الوصف ، تمنح للمتلقي حرية المد البصري تفاعلا ، عبر نقل انفعالاته ، حين تتبدى له الصورة كاملة..0

فالغيمة المشروخة { وهنا الوصف جد رائع ومبتكر } ..أقول الغيمة في تمزقها إعصار يولد سيتأتى ..سيكبر و بأعلى مستوياته .. في كامل جسد القصيدة عبر تدرج المقاطع ..

{ اللغة الشعرية تعيش مخاضها الصعب داخل الممارسة الشعرية نفسها ..}
فهذا الذي يتعرى من ثوب الغربة ، يمنح الجسد للنار والصورة هنا موجعة حيث كل إقبال على النار حرق واحتراق .. وخصوصا وأن هذا الجسد يقدم نفسه عاريا العري هنا مجازي حمولته كبيرة جدا

نقرأ :

يَتعرَّى من ثَوبِ غربتهِ ليَخطو
على مَرايَا النَّار

هذه النار – وهنا مجازية التعذيب المازوشي – لهذا المانح نفسه للنار.. وتأتينا صور أخرى من واقع قريب قلب موازين هذه الواقع ،وأعلن الحرب ضد الصمت..وهذا التداخل يخرج من الذاتي ليلتحم بالبراني ، وتصير الصورة كلية...

فهذه النار لا تشبه النار العادية ، لأن لها مرايا ..وكل مرآة بلهب .. مستقل ومتحد والصورة ملتهبة حد الوجع..

نقرأ :

مُرعــــــبٌ ..
وأنتَ بِلا مُزن وَلا أغنيَّات
تتَقدمُ
حَطبا إلَى سَواحل أجْراسِك


تستمر هذه الحلكة التي تتوالد عبر النار والاحتراق والرماد ، لأن في كل احتراق رواسب وللنار رواسبها = الرماد..
تستمر هذه الحلكة إذن في تكاثرها..تلملم شظاياها فـ تصير سواحل / مصابة بالفقد/ فتلك السواحل هي / هو / ضمير الغائب المتحدث عنه الحاضر في المتلقي والراوي معا = الشاهد = شاهد عيان

مفردة "سواحل " تشي بأن ثمة ماء يوجد ..ثمة حياة قد تنقذ ..ثمة أمل ينتظره المتلقي
لكنها مفردة خادعة فـــ ما تحمله في جوفها من تضاد جدلي ما بين النار / والساحل = الماء يفرغها من قانونها الوظيفي في الحقيقة كمنبع للماء إلى سواحل من حطب
وهنا الديناميزم المحرك لعمق هذا العزف التي أعلنت عنه بداية ََََ َ الغيمة المشروخة
ونلاحظ كيف أن نسقية الفكرة مضمرة في الجملة الشعرية من جهة ، ومضمرة في توارد المقاطع بانسجامية جميلة جدا..
فـــ { عنصر الماء } الملغى من خلال حضور سيطرة النار ..{ موجود بالقوة } من خلال آمل المتلقي
وهنا براعة التوظيف اللغوي ..وبراعة التوظيف الشعري.. وبراعة الحياكة الشعرية

إن السواحل الملغومة بالحطب النار والرماد والحلكة ..هي سواحل { فـَقـْد } بامتياز وطقوسها خواء { وطَقْس الفَجيعَة والخَسَارَة والغيَّاب }

ولأن النار تأتي بضديتها فإن كل – رحمة - وكل فجوة - و كل نافذة إغاثة - هي خارج مدار هذا النار نقرأ:
" لَن يَسمعكَ الآن ملاكٌ
وَلا عَينُ النَّهار تُبقِي لكَ مَرفَأ مِن غَيم"/""" /
لا شَيءَ قَد يَجيءُ .. لا شَيء /

حتى النار التي قد تصوغ من حضورها ضوءا ، ملأتها أسراب الدخان التي أثمرت سواحلَ من حطب
فكيف لهذا العاري من ثوب غربته أن تـُلـْتقط أصوات صرخاته نافذة إغاثة ؟؟
يفتح المقطع الثاني عبر عنوانه الفرعي استراحة من أجوء الغمام المشحون باللاضوء :
{ تمهل }
ونعقد - نحن المتلقي في تخيلات احتمالاتنا المتعاطفة معه - نية الصلح ما بين هذا المتسربل بالعتمة
لكن ما سيجيء سيكون أكبر من قع الصدمة على وترية كمان حين تكون نشازا

فـ

دَليلُكَ غَارقٌ في الظلَال
مَخنوقٌ باللَّيل وبمَا زادَ من المَوت والفَتوى
والطبُولُ وَحدَها تَياهةً تَلغطُ



نتعاطف مع هذا الممتحن بالإعصار صراعا
لكن ما بيد حيلة وشمسنا بعيدة :

{شَمسُنا بَعيدة .. ونَحتاجُ إرَادَة المَاء }

القصيدة تصنع الحوارية ما بين عدة ضمائر
فكأننا أمام خشبة مسرح حيث الوحدات التأثيثية = الديكور = تجبر المشاهد أن يساير تغيراتها وينتقل معها من فضاء إلى آخر ، و من لوحة إلى أخرى في انتظار الضمير البطل يرويه ضمير المتكلم ويسمح للمشاهد بجمعه في ضمير موحد ، كناية عن عمق التعاطف.. كناية عن عمق المشاركة .. مشاركة ما يسري على هذا الغائب الموحشة به قفار الحياة والصورة تكاد تنطق..ونقرأ :

فتمهَّل ..!
وليُصقَلِ الضَّوءُ
بذَخيرَة الدَّم
بالقَناديل المَشحُونَة بصَرخَة الكَائن
وعُيون مَن عَبرُوا الجسرَ
ليَحرسُوا هَامةَ الصَّوتِ والرَّسَائل
وَتَنشَأ فينَا الأجنحَة


تحدثنا عن غياب الماء في صرخة السواحل التي تحتطبها النار أزهارا
وفي غياب الماء ، يغيب الضوء أيضا ..وتصبح العلاقة ما بينهما / الماء / الضوء/ علاقة عضوية /عضدية / بامتياز كالوجه و القفا ..يستحيل حضور واحد في غياب الآخر..

مفردة {قناديل } في هذا المقطع تثبت هذه الصورة
فــــ
القناديل منبع الضوء لكنها هنا بدل ان تصنع فرح النور - إن صح التعبير - تصنع فرح العتمة فرح الرماد{ وليُصقَلِ الضَّوءُ بذَخيرَة الدَّم }


اللغة :

الترابط الوظيفي للقاموس المشتغل عليه ترابط وفي ومحبوك بدراية
فاستحضار السواحل العامرة بالسراب حيث تصبح ورشة احتطاب بدل رقعة ماء
والقناديل كناية عن الضوء المشحونة بالدم بدل النور = منبع الرحمة حيث كل حضور للنور هو بهجة ودفء ورؤية نقية وكل عتمة انفجار لاختناق ليكن هنا احتطابا
كل هذه المترابطات الدلائلية
تصب في عمق فكرة القصيدة = أزهار تولد من عمق الفراغ أحلاما رمادية
وهذه الدلائلية تنفتح على نافذتي الإظهار والمحو

والإظهار: { تتبين لعبته في بناء الدلائلية النصية ، عندما تتوجه بطاقة القراءة نحو دلالة بعض الكلمات والتعابير في السياق النصي وما تصبح عليه في وضعيتها الشخصية ..}
وقد تجلى الإظهار – كخصيصة بانية في الصورة عبر الكلمات / التعابير / الدلالة :
قناديل / غيمة / سواحل / ضوء
مزن / أغنية / طائر / وتر كمان / شمس

وكثيرا منها ..كناية عن الفرح وكناية عن الماء وكناية عن الضوء وكناية عن التحليق الحر وكل تحليق حر هو انفراج حر للذات تحقيق للحلم ...
لكن تأتي خصيصة المحو أو الإضمار لتعلن بان الدلائل اللفظية التعابير والكلمات ، تحمل في جوفها ضدية معناها
وهنا العمق النحتي – إن صح التعبير -...
المحو: { هو مستوى آخر للإظهار أو الإخفاء معا ..حيث الكلمة – الدال – تمحو الخصيصة الأساسية للدلالة فتبرز الخصيصة المتموجة بقوة ، ويكون التلوين الشامل للكلمة حيويا بصيغة غير معتادة ..} بنيس

وهذه الخصيصة نجدها بقوة في مفردة السواحل مثلا التي تحطبها أزهار النار نقرأ:

{ وأنتَ بِلا مُزن وَلا أغنيَّات
تتَقدمُ
حَطبا إلَى سَواحل أجْراسِك }


او في مستهل القصيدة { كشرخ غيمة }

فـــــــــــ السواحل تخفي الجفاف وبذلك تمحو خصيصة الماء
والغيمة مشروخة ليس لانفجار مائي بل لانفجار ناري ...

وستتوالى هاتان الخصيصتان عبر كل مقاطع القصيدة ..
والاستهلال أنبأنا نحن المتلقي بهذه الضدية الدلالية
تستمر المشاهد معلنة سراب الماء.. وسراب الضوء.. واستفحال النار في معنييها المادي والمعنوي
وكل هذه المشاهد تعتمد الجملة الشعرية الطويلة .. سواء من حيث ُ البناء اللغوي الدلالي أو من حيث الريتيمية الإيقاعية للبوح
نقرأ:

ولستَ تَنسَى عَينك في المرآة
وتَجليَّات يَلمعُ فيهَا نهرٌ رماكَ بوَعد رُؤيا
سَرَّبتَها إلَى سُلالة
يُفضي دمُها إلَى طريقَ البَحر


فالجملة هنا تستمربنفس طويل.. ثم استراحة قصيرة جدا ب:
فتمهل...

لتعيد الأوتار العزف الطويل و من جديد
إلى أن نصل إلى الختام تؤكد القفلة – ضربة الختام – النهاية المحتومة رغم كل النوايا الحسنة في التقاط ذرة هرب من فضاء تجمله تبرجه رمادية اللون و الاعتساف العسير :
فَتمهَّل ..!
لَن تَخذُلكَ أزهارُ النَّار

البناء :

اللحمة البنائية العضوية لهذه القصيدة "" ليست انهمارا ت لغوية وشعورية اعتباطية ..{ إنها احتقان داخلي }" صادف أدواته بعمق و أثث لها بعمق ..
الوحدة اللغوية { تمهل } أسست لـ:ريتـمية الإيقاع من خلال تكريرها عبر ترابط منسجم

القصيدة ككل :

نص كبير
نحت بتأن وبرزانة لغوية – إن صح التعبير –
فكثيرا ما نسقط في تكثيف مبالغ فيه يصير حشوا زائدا
لكن هنا كل مفردة لها وقعها الخاص ودلالتها وعمقها..
وترابطها مع باقي الدلالات ، يحدث الانسجامية ويؤثث لبلاغة الرؤية من جهة
والبلاغة الشعرية من جهة ثانية

لوحة تستحق أن نكون فيها عمقا وتستحق القراءات

شاعرنا سالم
قد لا أكون وصلت عمق الصورة ولكن منحتني القصيدة نفسا جميلا حيث اللوحة خروجا عن تكرارات كثيرة



{الشعر هو الانسان او لا شيء على الاطلاق }



4..
نص : / كان / لـــــــ زياد السعودي ..


أعود وقد ملأتني الأحرف تعليقات وقرتءتن كثيرة
و من نوافذ أخرى ، كانت فيها حينا احتمالات قراءاتي وأحيانا اخرى ، ارتحلت في مواطن للصورة مناقضة
كيفما يكون الحال
أقول دائما بأن النص الملغوم بالقراءات هو نص ناجح ، لأنه يجعل الرؤية البصرية اولا تمتد
ثانيا يوسع من مجال القراءة ويجعلها دسمة من جهة ومن جهة اخرى يجعلها منتجة ومشاركة معه في الصورة

فالنص { الذي يكتب باشفار القلب ، يجب ان يتلقى باشفار العين والقلب }
وتبقى ولادتنا وحضورنا نقطة في بحر لحظة كبيرة كانت وراء ولادة الكتابة

اليوم رجعت إلى هذا النص لاستمتع وأسمع وأستمع الى الالقاء
يهمني جدا الالقاء ، ونادرا ما أجد الاصوات التي تمثل الحرف عمقا وهي تلقيه ، حتى لتكاد تحس بأنك تسري في كل شرايين هذا الحرف

ومن بين الأصوات صوتك استاذي الزياد وبلا مجاملة اقولها
استمع اللحظة الى هذا المقطع واعدته كثيرا من المرات

أنا التي
على برداي
سأدون تاريخاً لآهاتِكْ
و أيُّ حبر يسطيع
أن ينزف
ما فيه من حبر
في وريد الكلام
علَّهُ يقول بعض أنّاتِكْ


بعض من الذات الكاتبة موجود هنا
نفس في تحريك الحرف الكاف في اخر المفردة { أنااااااااااتك } حضور انا المتكلم بقوة في المفردة رسما وفي الصوت ايضا
وأسترجع اللحظة ايضا مقطعا يشارك الهـَم حضوره و- نسيت لمن هو -
ها أنا اقبع في صمتي
ارى قلوب الطير ترف
فتحل في حمامة
سأختار قمة الحزن ملاذي
آآآآآه ...ما اعمق جرحي
حين أراني اتضاءل يوما عن يوم
أتلاشى مسحوقا
بطواحين التجار


تخاطر ربما في الفكرة ، وإن كانت فكرة الاستاذ زياد تنبني على مفردة ستؤسس لعمق الحكاية في هذا النص / الوجع : / جُغرافيا /

وهذه المفردة / جغرافيا / تشي بالانتقال * / التغيير / الرحيل / الخروج عن/
وتصب كلها في = الابتعاد او الانفصال عن ..

وحن نتقصى الخبر في طيات الحرف ، نحس بالاحتجاج الحركي وليس الصامت المنكفى ء على وجع الذات بل احتجاج سندركه في نهاية النص في القفلة الرائعة من حيث الأامل الموجود فيها... من حيث الانفتاح ايضا
أقول في القفلة سندرك هذا الاحتجاج عما حدث من - ساقو جزافا - اعتداء {

أنا أحب الحياة }



ونلاحظ هنا قوة حضور الذات التي تحدث عنها في ضمير الكاف السابق ، نلاحظها بقوة في مفردة { أنا } للخوصصة والتحديد ، فهنا ضمير الذات الكاتبة يقف تجاه / هم/ ويقف منتصرا لانه يحب الحياة

{ الشعر في جوهرلاه تجليا وةجدانيا / لغويا خاصا / وإلا كف ان يكون شعرا } نجيب العوفي

تطويع اللغة في كتابات مثل هاته * ذاتية بامتياز * هي { جمر طالع من رماد } يؤسس للغة الحية ...لغة قوية ومعطاءة من حيث الحركية في نسقية الكلام ، في نسقية الخطاب الموجه لــــ{ هم } كضمير خصام حاضر بقوة في النص
كضمير محرك ايضا للضمير الفردي { أنا }

وكأنني بالشاعر هنا يقول:
{ فلا انتم تريدون استحضار البهجة } ولا أنا أنحني لحرائقكم فأنا جمر طالع من رماد ، لانني ببساطة { أحب الحياة }
من بين أجمل النصوص التي أخذتني اليها وبقيت فيها طويلا

التجربة الداخلية والتجربة الفنية متناسبة متصلة وهادفة في عمقها

شكرا استاذي ....








قراءة في الق * بين حدين للتدلاوي

بقلم * زهراء الفنييق


النص

نقشوا في ذهنه منذ صغره أن السرعة تقتل..
حين كبراعتمد استراتيجية البطء..
أقصي من حلبة الحياة لأنه تأخر..!


الضوء :
القصة هنا حققت الدهش وومضت برقا بهذه الدهشة عمقا
انت تؤكدين على هذه الدهشة بمعنى انه حدث نجاح القصة
لا يمكن لأي ومضة ان تحقق الدهشة الا بادواتها الفنية
والادوات هنا موجودة


الفعل الباني والمؤثث للحكاية كغلاف و جسر عبور موجود بقوة وبالفعل

الفعل المؤسس:
نقشوا / اعتمد / أقصي /تقتل / تاخر /
رباعية فعلية - وساترك الفعل الخامس لاحدده في اطاره الخامس والمستقل والمؤسس / وهو فعل تقتل /
اقول رباعية الفعل نقلت الصورة حكيا رفيع المستوى وباقتصادية مكثفة جدا :

نقشوا في ذهنه منذ صغره أن السرعة تقتل..
النقش يمر عبر توليفة زمن مستديم وعميق وقوي/ قوي حين نضرب بآلة ما ليتم النقش/ ووظفت مجازا طبعا هنا كناية عن زمنية كبيرة وافقها ومساحتها كبيرة
نما على هذه الوترية والعزف عبر كل سنينه بان التسرع مدمر وقاتل
وهنا
نقف عند الفعل المؤثث - بكسر الهمزة الواوية
مؤثث لأنه سيهيىء لما سيحدث في القفلة - تأخر - لانه تربى وكبر على ان السرعة تقتل
لاحظي آمال تدويرية الفكرة وانسجامها المعنوي ودون إخلال بنظام حركية ودينامية الفعل والحكي وتطور الحدث
انه * / الفعل المؤثث / يمنطق القفلة ويراقب تطور الحدث
لذللك هو اللبنة الاساسية لكل لبنات الحكي
نقرأ

حين كبر اعتمد استراتيجية البطء
اعتماد معقول ومنطقي وما اخذه وتعلمه عن كيفية المشي في هذه الحياة والتعامل مع معادلتها / لان السرعة تقتل اعتمد ...

والى حد هنا كل شيء رائع ويمشي مع استراحة واسترخاء المتلقي إلى ان تصيبه القفلة بالـــــــــ :
دهشة حيث تحمل النقيض الذي هو واقع الحال
حين تتصادم الافكار التي أخذناها من البيت والعمق والبداية كنظريات وما يحدث في الواقع من تناقض على اعتبار ان الجميع يقول الاسرة والبيت والتربية هي النواة ولكن الحقيقة في الخارج شيء آخر

القصة هنا كانت جد رائعة وعميقة وقوية البناء والسبك



5..
نص :
ذهاب أضاع إيابه


قللي عَ روحكْ ! ! وخنجرو ... بصدري دخل
دخلْ بضلوعي لنصابهْ سلاح القرابهَ يا يُما ...
ما اصعبْ صوابهْ ! " عمر الفرا "


حِدائي نعيقٌ بقفرِ الخرابَهْ
وأعْلَنَ فأسُ الزمانِ احْتِطابَهْ
غزا الشيبُ قلبي وليسَ مجازاً
إذا النبضُ نادى سُعالا أجابَهْ
وأسْقيتُ شعري ذؤافَ جِراحي
ولمّا تَعَنَّى شَرِبتُ عذابَهْ
وكنتُ إذا لاحَ ومضُ انفراجٍ
بوهْمِ التمنّي امْتطيتُ رِكابَهْ
ولكن حظي شقيٌّ تشظّى
بجرْدِ الفيافي أطالَ اغترابَهْ
فليلي بَهيم كحزنِ اليتامى
وسعدي ذهابٌ أضاع إيابَهْ
وأوبقَ نحسي رحابةَ نفسي
وأطلقَ دهري عليّ ذئابَهْ
كأني سهوتُ بساذجِ حلمٍ
ولم أدرِ أنّ الحياةَ كغابَهْ
وأقدمُ موتٍ عرفناهُ قتلاً
وأصعبُ قتلٍ بنصلِ "القرابَهْ"


الضوء ..

حين تهجر فضاءات العين ال هذا النص * وقد اعدت القراءة مرات* يستقبلها سياج دلالي يتفرع الى
سياج الذات من حيث حضور * ماء الحزن** / ونار الثورة **
الماء يتدفق عبر كامل الابيات متسلسلا بوهج نار الثورة
والمفهومان معا متناسقان في وتيرة البناء الشعري للقصيدة ، محافظان على حدودهما انفصالا واتصالا عبر ضدية التوافق حيث الماء لا يطفىء والنار تستمد قوتها من هذا الماء * ماء الحزن* لذلك عبرت عنه بالماء فلا وجود لرماد ينهي الحكاية

*ّ{ الكلمة تكتسب دلالتها من السياق المتفاعلة فيه *} وهنا تحضر دلالة الضمير المتكلم مستقبيلة الضمير الآخر * المتلقي * فيصير الجمع من خصيصة المفرد * فالذات الكاتبة حاملة لهم وحزن وثورة الانا بالجمع وهنا يثبت مرة اخرى مفهوم الماء في شموليته ومفهوم الثورة في شموليتها الموحدة لكل الضمائر لكل القلوب

وهنا عمق القصيدة

نقرأ

فليلي بَهيم كحزنِ اليتامى
وسعدي ذهابٌ أضاع إيابَهْ
وأوبقَ نحسي رحابةَ نفسي
وأطلقَ دهري عليّ ذئابَهْ

أول شيء يلفت الانتباه في هذا المقطع الشعري الغني بالدلالات ، هو تجاوبه الايقاعي عمقا في مفرداته وسياقاتها المتحكمة في لعبة الكتابة

الليل / الحزن/ اليتامى
النحس / الدهر / الذئاب
الليل عادة يفضي للويلات فهو تقابله مفردة نحس

والدهر / توأم الحزن
وتم الجمع في مفردتي يتامى / وذئاب / ترصد واقتناص

ذهاب / واياب / وما بينهما / تمة ضياع/


ان الممارسة الشعرية في هذه القصيدة تنفتح فيها فسحة الكتابة ، حيث الذات الكاتبة من خلال ضمير الجمع المضمر قولا ، تؤثث لمشهد هدفية القصيدة بقول الذي يجب أن يكون بدل ما موجود ..

الشعر هو ذلك * البعد الثالث * كما يقول الشاعر جوتيار الذي يحقق انتصار البناء الجذري لما يجب ان يكون وبذلك يمحو الوصف ويرتقي من مجردالانفعال إلى التفاعل الحقيقي بالاشياء بالواقع ويؤسس للعلاقة المنتجة ما بين سؤال الإبداع وسؤال الإرجاع..


قصيدة مكتملة البناء والمعنى
أعتذر شاعرنا القدير زياد ان لم اكن وصلت عمقها ...
حققت لي المؤانسة والامتاع هذه القصيدة
فأردت ان ابقى فيها مطولا .. نسبيا فالقراءات الأخرى قد تكشف الكثير من الدلالات


مازلنا نتابع نصوص الشاعر العميد زياد السعودي

6..


..

نص : وراحة يدي اليمنى / السعودي

حدث ذات مره ...



في تلك الليلة لم استطع النوم...فقد تحلق حولي إخوتي الصغار وكل يحاول الالتصاق بي أكثر ليسألني عن الهدية التي سأجلبها له من المدينة ...واخذوا يتبارون في ودي ومجاملتي حتى غلبهم النعاس.
أزال الفجر الستار عن صباح مشرق جميل ...تحلقنا حول مائدة الإفطار .. وكان بعض النوم يستوطن عيون إخوتي ...وبالنسبة لي كان الشعور بالانقباض سيد الموقف اذ ان السفر دائما يذكرني بذلك السفر المطلق عن الدنيا .
استفسرت والدتي عن انقباضي فيما اذا كان مرده قلة الدنانير التي أعطاني إياها والدي ؟؟ أجبتها بالنفي وأكدت لها أنها حالة نفسية لا اكثر ...وتركت القرية بعد سيل من المشاعر الأسرية المتدفقة متجها نحو المدينة ...دخلتها من جهتها الجنوبية وانأ ارتدي معطف والدي الذي كان يرتديه في المناسبات .. لقد كان واسعا وفضفاضا
ــ وراحة يدي اليمنى جاثمة على صدري ــ
بهرتني الأضواء واللافتات والشوارع ومع حلول المساء تملكني شعور بالغربة وشعور بالجوع وكان الجوع اقوي...فتوجهت إلى أول مطعم صادفني..واذكر أنني طلبت فتة حمص وقد جيء بها كأروع ما تكون .
بعد الوجبة الدسمة تابعت تسكعي متجها إلى بيت احد أقربائي
ــ وراحة يدي اليمنى جاثمة على صدري ــ
اصطدمت مع شابين يتحرشان بفتاه ـ كانت جميلة جدا ـ لم أتردد في التدخل ورحت أعطيهما محاضرة في الأخلاق
ــ وراحة يدي اليمنى جاثمة على صدري ــ
.لم تعجبهما المحاضرة وأخذا يشمران عن سواعد مفتولة مليئة بالوشم والنقوش ... وأمراني بالانصراف . ولولا تدخل بعض المارة لوقعت مشكلة حيث أنني كنت اكلمهما
ــ وراحة يدي اليمنى جاثمة على صدري ــ
وكنت مصمما إذا ما استفحل الوضع لدرجة القتال أن أقاتل بيدي اليسرى ..اذ ان اليد اليمنى كانت جاثمة على صدري ضاغطة بحرص على محفظة النقود الموجودة في الجيب الداخلي للمعطف الفضفاض كحارسة أمينة على رسوم الجامعة !!!!.
في اليوم التالي دفعت الرسوم ... وبالمناسبة انهيت الجامعة وها انا معكم في الفينيق
إلا أنني كثيرا ما انسي واضع راحة يدي اليمنى على صدري!!!
وين الباب ؟
__________________

ضوء :

إنه سردية تتوافق والمدينة الحالمة ، حيث الحكي يدخل ايضا في السيرة الذاتية لكنها خرجت عن مباشرة الأحداث التي تتقنها آليات السيرة إلى حدث قصصي روي بحرفية
الجملة التي ترددت في كامل بناية القص { ـ وراحة يدي اليمنى جاثمة على صدري ــ }
وظفت بذكاء
لان الجملة السردية اتي سبقتها { استفسرت والدتي عن انقباضي } لا تنتهي عند تخميناتنا نحن المتلقي
قد نقول: إن يده اليمنى على صدره ، نتيجة هذا الانقباض الذي يعترينا لحظة سفر ما.. كون اللحظة قد نربطها بالنهاية { السفر دائما يذكرني بذلك السفر المطلق عن الدنيا .}
إلا ان الحالة النفسية سندرك انقباضها في القفلة الجميلة جدا
هذه النسقية الجديد في آليات الحكي تكرير جملة تحرك باقي النص ، او كما يسمى بالفرنسية le refrain كما في الاغاني حين يردد المطرب جملة طوال الاغنية ..هذه الآلية ديناميكية رائعة لانها تخول الربط الدائم ما بين الاحداث من جهة وتعطي للجملة قوة الانتصار كونها المحكر الاساسي لكل الحدث
{ في النفس الروائي الصوت متعدد وتبيح له العديد من الشخصيات وتسلسل سرديتها بطريقة انسيابية حضوره } فرانك انكور
لكن القصة القصيرة عكس النفس الروائي بل هي اصعب من هذا الصوت الذي يخلق له حضور الشخصيات الاخرى التنقل بانسيابية
القصة القصيرة - وأتحمل مسؤولية ان اسمي هذا النص قصة - القصة القصيرة تعتمد على الصوت الوحيد الذي يستطيع بانفراديته أن ينقل لنا اجواء الشخوص الاخرى في علائقه معها وبانسيابية يتقنها القليل
وهنا صعوبة القص القصير
القصة ايضا هادفة كونها إنسانية في عمقها ولا عجب فهي ه حقيقية وسيرة ذاتية منحت للسرد قوامته ليشارك في بناية عمارتها لبنة لبنة..
هادفة وتتبرأ من الغطرسة الذاتية
نحس بائتلاف أسري رائع محوره الام الكريمة * محلقون حولها اولادها وتشاركهم الصغيرة والكبيرة و في هذا الحضور اطمئنان نفسي ما
لا يعبر عنه الكاتب مباشرة ولكنه ضمني
فهي الوحيدة الـــ قادرة على أن تحس بما يعتري فلذات أكبادها { استفسرت والدتي عن انقباضي فيما اذا كان مرده قلة الدنانير التي أعطاني إياها والدي ؟}
لغة جميلة حية من حيث تحريكها الجميل للحدث -- للأحداث بطريقة انفعلنا معها وهي تحكي - اللغة - عن المشادة التي بين فيها الكاتب شهامته وإنسانيته - هذا ليس بغريب عنك استاذي الزياد -
في هذه المشادة نتحرك ونتمنى ان يتغلب عليهما * الشريران بالنسبة للقارىء واللذان يريدان الاعتداء حتى بالكلام على الشابة الجميلة جدا
في هذه الفقرة بالذات تنفتح سرائر المتلقي ايضا ، وهنا ربما ادبية السخرية التي جعلت القصة تكون هنا
لكن المساحة الساخرة فنيا تبقى ضيقة ، بالنسبة لباقي السرد لانه ، اعتمد ميكانيزمات القص بطريقة حرفية تواتر فيها الزمنان : / الحاضر / والماضي بشكل منساب ومتناغم






النص: اطمع بالرئاسة

الكاتب: نزار .ب.الزين
ضوء : فاطمة الزهراء العلوي


النص :

أطمع بالرئاسة
ق ق ج : نزار ب الزين
*****

تعزيزا لسياسة اللامركزية ، أنشأت وزارة التربية وظيفة حارس أول ، أي رئيس لمجموعة حراس لعدد من المدارس المتجاورة ؛ و ما أن علم الحارس خويلد بالخبر حتى هرع إلى مكتب سكرتير المدرسة ، راجيا أن يكتب له طلبا لإشغال الوظيفة الجديدة .
نظر إليه السكرتير متعجبا و قد رسم ابتسامة ساخرة على وجهه ، و هو الذي يعرف أن خويلد محل تندر زملائه الحراس و معلمي المدرسة ، بسبب ملابسة الرثة ، و تعثر نطقه ، و قصر قامته المفرط ، و هيئته العامة التي توحي بأنه معوق إعاقة ما ؛ فسأله : " لماذا ترغب بالوظيفة يا خويلد فهي مسؤولية جسيمة صعبة عليك ؟ " فأجابه ضاحكا : " أطمع بالرئاسة يا أستاذ ؟! "


الضوء :



اولا
ما يثير الانتياه اليه * هو هذه السهولة في النقش
وهذا الاسلوب معروف به استاذنا نزار
انه السهل الممتنع
وهو كما نعرف جميعا من اصعب الاساليب في الكتابة
فبقدر ما نوظف مفردات سهلة بقدر ما تشحن بعمق وتحمل قضية ما
وقد لا ندركها في قراءة اولى
بينما ربما قد يتاتى لنا هذا في قراءة ثانية

بالنسبة لي حدث هذا
فقرءة اولى اعتبرتها عادية جدا
طموح رجل / غلبان / ماديا ومحتاج الى تغيير وضعيته عبر التقدم الى شركة التوظيف من اجل هذه الوظيفة / / رئيس الحراس /

ولكن
حين نتامل الفكرة
نجدها تعري هذا الواقع الأليم الذي نعيشه مرارة ويعيشه وطننا ومجتمعاتنا
وكل بقعة على وجه هذه البسيطة فيها هذا الطموح وهذا الامل وتلك اليعون الساخرة
ونقف هنا :


اقتباس:
و هو الذي يعرف أن خويلد محل تندر زملائه الحراس و معلمي المدرسة ، بسبب ملابسة الرثة ، و تعثر نطقه ، و قصر قامته المفرط ، و هيئته العامة التي توحي بأنه معوق إعاقة ما ؛
نلاحظ سهولة السرد وعمق الفكرة
فهذه الجملة على بساكطتها حملت الكثير
اولا سخرية هؤلاء من / خويلد/ انموذج الشساب لطموح الامل في غد افضل وهذا من حقه
ونتساءل :
لم السخرية من هندام ووضع لم يختره هو ؟ بل وجد عليه وفيه وما من احد منا يريد ان يكون في وضع مماثل؟
خفة عقول هؤلاء الذين يسخرون نسجله بقوة هنا

ثم

تعثر نطقه
هل هذا شيء يضحك ؟ وهنا مرارة اخرى فهؤلاء صغار العقول ايضا بالاضافة الى خوائهم الفكري

ثم
قصر القامة....
ايمكن ان نضحك من وعلى خلق الله ؟ هل هو من خلق نفسه ؟
نلاحظ مرة اخرى اعوجاج تفكير هؤلاء
ثم
الاعاقة

مرة اخرى يستخفون بانفسهم فالاعاقة قد تحدث للجميع وكل معرض اليها ان لم تكن طبيعية في الولادة جاءت بفعل سبب ما وقد يتعرض الجميع الى هذا

اذن / القارىء / المتلقي / امام ملف يحوي مجموعة من الناس ويدينهم حين تتشتت امامه - عبر الصورة الملتقطة - ادراكاتهم وكيفية تعاملهم
وبالمقابل
يتعاطف هذا المتلقي مع خويد / البطل
بطل لانه ورغم وشواتهم وقهرهم له بالسخرية تحداهم وتقدم لطلب الوظيفة وهذا ما جعل السكرتير في حيرة من امره

ثانيا

نعود الى خويلد
هل تقدم الى الوظيفة بسبب تغيير وضعيته وجلوسه على مقعد التحكم والحكم والرئاسة وفقط ؟ ام في نيته رد الصاع صاعين
كأن يقول لهم والان هذا الذي سخرتم منه هو ليوم في وظيفة اكبر مما كنتم تعتقدون بانه لن يصلها
اهو التحدي؟
ربما..........

كثيرة هي اسئلة هذه القصة
ولذلك تعجبني افكار الاستاذ نزار حين يدبلجها بلغة بسيطة جدا ولكنها عميقة وهادفة














الومضة بعنوان سوط

النص:


مُمْتدٌّ شَتاتي كما الأرقام إلى ما لا هِداية
وفي المدى المَنظور
تنتحرُ احتمالات الضوء شنقاً بذوائب الدَّيجورْ
وأنا
رجعُ حبرٍ ضاقت بنوحِ حروفهِ السطورْ


الضوء:


{ تتضمن شهوة الكتابة رفض للحياة } سارتر

حضرتني مقولة سارتر وانا ابحر في مفردات هذه الومضة وعالمها ...
فكل مفردة تكتسي جبة فضفاضة وممتلئة بالمعنى :
مُمْتدٌّ شَتاتي كما الأرقام إلى ما لا هِداية

هذا الامتداد سارح مزبد وبلا * نهاية* ويستحيل ان تكون لها *هداية *
ونلاحظ اللعب على جرسية التناغم ما بين هداية ونهاية التي تشير الى منطقية امتداد الارقام وتضمنتها المفردة المستعلمة * / / هداية / ليس فقط تناغما يلعب على الاتيان بالمفردة الأصلية في القول وانما وظف بعناية وحرفية قول...
منذ البدء يتصدر الومضة أسوار من انغلاق ، ستعلن عن نفسها في القفلة التي أتت في نهاية كل سطر ، وتمكنت من رصدها المفردات* / منظور / ديجور/ سطور...
قد تفتح مفردة منظور افقية الفضاء الواسع على اعتبار امكانية الرؤية الغير محدودة وكل رؤية متسعة هي انفراج للنفس وانفراج لمد البصر

لكن هذا الانفراج تلولبه مقاسات كسيحة وضيقة وفوضى من اللاهداية
نلاحظ تدويرية المعنى في سياق الخطاب وبترتيب قولي منسجم ومندغم في دلالاته وايحائياتها :
وفي المدى المَنظور
تنتحرُ احتمالات الضوء


إحباط قوي رشوة بالابتعاد عن المدى وإدانة لمن غيب اضواء تنتحر شنقا

الصورة قاتمة جدا وتحمل العبء للذي ذبح الصورة :
ذوائب الدَّيجورْ

صوتية العتمة / ديجور/ انتحار/ شتات / تستحوذ على النص وتمارسه مسارات منفتحة على الانغلاق الذي اشرت اليه سابقا..
وتصر على تشويش احتمالات المتلقي في أن يدرك خيطا لا ينتمي اليها في نهاية الباب

فــــــــــ
الومضة الشعرية خزانة لها رفوف تبنيها تمساكية البنية السردية المحكمة بكل ادواتها المعروفة ، حيث تترك فتح الباب للمتلقي ..وحين يفشل في ادارة المفتاح فـــــــــ لأن الخزانة سمكها اقوى من مفاتيح القراءة وهذا السمك يحدث تعدد الاحتمالات وتعدد الوقفات القراءاتية - إن صح التعبير -
تبدو الصورة في لباس السهل المنبسط على كفة الوضوح ..
وبمجرد ما تبدأ في تفكيك المفردات لتقرأها في لحظة ثانية متصلة كلبنة واحدة ، تدرك عمقها وقوتها المشحونة بهذا المد الشتاتي الفوضوي * التي عبرت عنه * اللاهداية *

ثم
تاتي النقطة الاخيرة في السطر الاخير * ضربة الختام * مجملة لصوتية العتمة المستحوذة ، حين يضيق المدى بحبرنا * والحبر * كناية عن اشيائنا الداخلية فهو المنبثق منها والمتحدث الرسمي لها ...وهي * هذه الاشياء * مادته الخام

طينة النص
طينة النص لا تكتفي فقط بابداع اللغة ومجريات خطابها الشعري
بل ومضة طينتها معجونة من عمق الانسان وتفوق الضمير * أنا* لتكون مرجعية ضمير الجمع * نحن*
وهذه خاصية يتفوق فيها شاعرنا الزياد

بناء الومضة

لغة بانية وبيانية بليغة


الصورة:

الصورة جد مكثفة وكل صورة تنفصل وتتصل بالاخرى وفي هذا الفصل / الوصل / ادراكات وايحاءات وعمق

البناء السردي:


سردية محكمة البناء

غياب علامات الترقيم وهذا الغياب ندرك من خلاله استقلالية السطور * الانفصال* الذي اشرت اليه
وايضا استخبارية الاتصال ببعضها البعض في بناء هندسي رائع




اليوم نقف عند قصة مديرنا السلطان بعنوان

السطوع الاول

النص


السطوع الأول

"1"
ما أن تضع رداءها على جسدها الربيعي لتخفي فتنتها الطاغية حتى يئن ويبكي فراقا ًابتدأ
صوت طبول تقرع....تفرغ السماء كل مطرها،مطر مسكون برغبة الإغراق
-حبيبتي لن أموت فانا لم أقل كلمتي بعد.
-حبيبي لن تموت فأنا لم أسمع كلمتك بعد.
جدّف بقوة وعزيمة.. ريحٌ مجنونة وتنور يفور وموتٌ يلحُّ كطفل
-ما الذي تخفيه أيها البحر؟أفق ممتد أم نفق منسد؟


"2"

قامتها طويلة كنخلة, وجهها لا يشبه باقي الوجوه, لا أحد من أهل القرية يعرف من أين أتت, كلهم يولدون ويموتون وهي جالسة القرفصاء ربما منذ ألف عام على شاطئ بحر لم يعلن بعد عن صيده.
ثمة شيء لفظه فم البحر من جوفه،ماذا تراه؟ عموداً من دخان اسود ،أم يوناناً آخر ؟!
يغطس في شهيق عميق؟!!!!
-تموت الحياة /يحيا الموت
ألف عام وعام.....
وضحت شمس هذه اليوم ملتمعة في بطن الأفق تنبئ بحدث ما وخطب جلل
عيناه المثقلتان أفاقتا من كهوفهما الأزلية،فمُ دقيقُ يعبق شهوة الاقتراب دنا منه
-ما أطول سباتك يا نصفي الأول !كأنك تريد أن تقول لي شيئاً؟
-أحبك نرجستي يا روح الله في أزماني(قالها وهو يرجف من برد الألف عام وعام)
-نرجسة انت في القلب لا تذوي، ووجه في حرفي لا يموت.
والتحما كما كانا في السطوع الأول ......


الضوء

منذ مدة لم أقرأ حضورا قصصيا بهكذا روعة
الروعة في السردية المحكمة البناء ، الحداثية في الحياكة ، حيث أنها تخرج عن الحكي العادي الذي ينتصب فيه الفعل * فعل السردية * ويكون قوام الحركة الحكائية في هذه البنية..
أقول تخرج ولكنها مندغمة فيه
القصة تبدأ من الفاصلة الثانية ، حيث الوصف مدخل لعمق الحكاية
{قامتها طويلة كنخلة,} الجملة اسمية وهنا نؤكد الفعل الخافت ظهورا ، العميق حضورا ..
تتأثث فصول الحكاية من هذه الجملة ، وتعلن عنة وهج سيأخذنا الى حوارية جميلة ما بينه * هو * و* هي * شخوص الحكاية وضميري الخطاب السردي ككل..
الراوي بوفاء ينقل لنا تفاصيل المشهد ، وكأننا أمام خشبة عرض ، والضميران أمامنا متجردان من الفصوص الملساء * الحروف* وهنا براعة الكاتب
إنه يدخلنا مسارب العمق الجواني للقصة ، للبطلين ، ويجعلنا نتهيأ للقفلة من خلال تخيلات القراءة
فهل سيلتقيان ؟ وسيعبران إلى السطوع الأول :
{ما أن تضع رداءها على جسدها الربيعي لتخفي فتنتها الطاغية حتى يئن ويبكي فراقا ًابتدأ }
الجملة القصصية هنا طويلة ، تنمو حركتها الدينامية عبر تلاقح القراءة ، لان القراءة تلقي بالسؤال السابق ..
ولذلك يمتزج الخوف لدى المتلقي ، وهذا الخوف - وبتضاد جميل - يجعله منتجاومشاركا ومسهما في القصة ، حيث يتمنى ...أن يلتقيا

وثم
تقرع الطبول ويزداد الخوف:
{ صوت طبول تقرع.}

تاتي مفردة قرع الطبول في سياق المتن متناغمة جدا مع خوف المتلقي
الطبول عادة تقرع إما إعلانا عن الفرح او العكس
ولان الاستهلال فيه مدى خوف ، فإنها هنا تـُفـْزع ، ولم توظف عبثا ، بل بحرفية ذكية جدا
الراوي - الذات الكاتبة - يحس بمدى قهر المتلقي فيخفف عنه :
{حبيبتي لن أموت فانا لم أقل كلمتي بعد.}
تنفس الصعداء واسترخاء مؤقت في انتظار بقية الحكاية
الفعل هنا فيه انفراج أمل " لم اقل كلمتي بعد " اذن القول سيأتي والسين هاته مستقبيلة ، والمستقبل بمعنى انفراج للقاء ربما..
نحس أيضا بقوة هذه الرغبة في اللقاء وتتأكد من خلال قوة الضمير * هو *
{جدّف بقوة وعزيمة.ريحٌ مجنونة وتنور يفور وموتٌ يلحُّ كطفل}

/تجديف / قوة / عزيمة / = هي قوة أيضا وحركة التجديف تعمق المعنى الدلالي لباقي الأفعال الأخرى ، في تناغم جد رائع ، حيث ندرك بان الحياكة كانت على مهل وباشتغال جد رزين ، وانتقاء للمفردات بعناية فائقة جدا ، والتصوير رائع من حيث اللغة..

وفي تقابل مع هذه الافعال ، أفعال الرغبة والعزيمة نجد مرافقات تضادية تحاول هدم هذه العزيمة :
ريح / جنون/ تنور/ فوران/ وموت * وهذه كناية عن الصورة القاتمة التي تحاول أنهاء الوصال او ضحده
لكن مفردة * طفل * تاتي ضوءا ، فالطفل كناية عن بداية الحياة ، ربما سنقول هذا على الاقل هنا ، لاننا في أمل وفي فرح أسسته لنا بداية الحوارية مع جملة الضمير الاول ..

سيداهم البحر ، هذا الفضاء والمد بلا انتهاء بكل زوبعاته المخيفة لبعض من زمينة ، في حوارية القصة ، ولكن سرعان ما تنتهي أسوار الخوف وتذوب عند النهاية
حيث سيكون :

{والتحما كما كانا في السطوع الأول ......}

هنا انتصار للحياة
ف "هناك شيء يستحق العيش"
لأنها " نرجسة في قلبه ، ووجه في حرفه لا يموت "

لغة طغت عليها الشعرية ، ولكنها حافظت على قوام المتن السردي بشكل جد رائع
ألغت الفوارق الادبية ما بين الجنسين، لغة السماء =شعر ولغة الارض =حكي ، وحقت اندغاما أدبيا إبداعيا رائعا جدا
صور ملتقطة بحرفية القاص والشاعر معا
صة جميلة القفلة فيها رائعة جدا وتكتسي ايضا نور الومضة حيث انها تلعب على نوتة الاقتصادية المكثفة والاختزل الجميل
استاذنا السلطان أقف احتراما لنقش مبتكر في القصة القصيرة وايضا احترافية القول والنسج بحداثية جميلة جدا
شكرا
زهراء




مع قصة عميدنا الزياد

النص : صبر الخشب

بعدَ أن أدارت المدينةُ وجْهَها عنه ، أدار وجهَههُ نحو جنوبه الحزين وعاد
بخيبةِ قائدٍ مهزوم مُكتظاً بضجيج الصمت على رجع " خفي حنين " .
كأنه فقد القدرةَ على تحديد الالوان وإلا لماذا بدت كل الأشياء في جنوبه باهتة ؟
لطالما كانت أمّهُ خيرَ من يقرأه :

ــ عُدتَ يا بني ؟ مالذي أبْقيتهُ منكَ هناك لأنكَ لستَ هنا !؟

يبتسمُ إذ يقول في نفسه : يبدو أن أمي تقرأ لـ "سارتر" ، يُقَبّل جبينها مُطَمئناً :

ــ سأعود يوما ما يا " ميمة "

الحياةُ في صحراء الجنوب رتمُها أفقي ، يُحاولُ حالماً أن يقيمَ حالةً عاموديةً على أفقيةِ الأشياء
يخرجُ على غيرِ هدىً ، على الحيطان خرابيشٌ ذكرته بمطلع معلقة طرفه بن العبد (الفتى القتيل):

لخِـــــولة أَطْـــــــلالٌ بِبَرْقَةِ ثَهْــمـــَدِ
تَلُوحُ كَبَاقي الْوَشْـــمِ في ظَاهِرِ الْيَدِ

فلاحت لهُ خرابيشٌ قديمة :

انتخبوا اسماعيل التخمان ...
فيصلي ما بيروح الا الراية مرفوعة ...
صبرت صبر الخشب تحت المناشير ...

استوقفهُ صبرُ الخشَب
اللاجدوى في أشيائهِ هي المنشار وهو الخَشب في أشياءِ اللاجَدوى
وعلى غير هدىً يجد أنهُ قد عادَ إلى البيت

حملَ ضجيجَ صمتهِ ويمّمَ شطرَ قريتهِ مسقطَ رأس أجداده حيثُ تقطنُ عشيرته
رتمُ القريةِ مختلفٌ عن رتمِ صحرائهِ مع أنها في حُضنِ جنوبهِ ، رائحةُ الطوابين تستقبلهُ
ومشهدُ الرعاة وهم يسوقون قطعانهم إلى الماء مستخدمينَ " كوداً " صوتياً يفهمهُ القطيع
يكادُ يكون المشهد الأكثر تشاركيةً من بعض أقلام اكاديمية الفينيق
يبتسم الان كما تبتسمون

كانَ يطلبُ الاشياء وبداخله رغبة لئيمة في أن يخفق ويرتد طلبه إلى نحره :

ــ يا بنات العم من منكن تقبل بجبل بركاني يرتدي حذاءً من قش زوجا لها تدخل به الجنة ؟

تطوعت احداهنّ لهذه المهمة ، كانت فدائية بنكهةِ زهرةٍ بريّة
عاد بها ليُجدّد المحاولةَ في إقامة حالة عامودية على افقية الأشياء
وكيفما اتّفق انقضى ما انقضى من عمره وهو يحاولُ أن يستنسخَ من نفسهِ نفوساً
قادرةً على تجنّبِ الشعور بـ للاجدوى
وشُلّت الزهرةُ البرية وذَبُلت ليعودَ الى :
صبرِ الخشب تحتَ منشار المحن
الى حرثِ الماء تحت سطوة السؤال :

مالذي أبْقيتهُ منك هناك ..لأنك لستَ في أي مكان !؟


الضوء

سردية تباغتنا بعمق تفاصيلها التي امتطت صهوة السهل الممتنع
صهوة يتقنها الزياد
صوت ضمير المتكلم * انا * حاضر بقوة ليس فقط لتأثيث البناء * بناء عمارة الحكي والقصة
بل ليقول شيئا آخر : سيرة ذاتية
والسيرة الذاتية كوجه الوطن حين تباشره الريشة ياتي بملامح مباشرة
لكن هنا هذه السيرة الذاتية انفلتت من المباشرة الجوفاء واسست العمق في تفاصيل صغيرة يومية أدت غرض الحكي وكانت لبنة قوية جدا في تصاعد خط الحكي
نقرأ:
يبتسمُ إذ يقول في نفسه : يبدو أن أمي تقرأ لـ "سارتر" ، يُقَبّل جبينها مُطَمئناً :


حين نصل هذه الجملة نعود إلى عمق القصة ، وندرك بأن الحرث شائك وصعب فهو حرث اولا :
- في / و / بــ / الماء * الصورة رائعة في التوصري البلاغي الانزياحي هنا ومكثفة بعمق -

وثانيا
- لانه حرث تحت سطوة السؤال {الى حرثِ الماء تحت سطوة السؤال : }
ومفردة سطوة عميقة ومنفتحة على عمق نواة القصة
وحين ندرك هاته الاشياء في تسلسل الحكي منطقيا وعمقا ، تستحضرنا الصورة التي استشهدنا بها صورة حديثه عن الأم
حضور الأم هنا يجمل ما في النفس من أمل حتى وان كان الحرث في الماء وتحت سطوة السؤال
* تقرأ لسارتر* لانها مورد العمق ولانه يدرك بانها ذلك الشراع الذي يغطي المركبة بالضوء ونصائح ودعوات صالحة تجعله يبتسم انتصارا على سطوة السؤال * ونلاحظ قوة اللفظة هنا * سطوة * اختراق للاطمئنان ولكن - حضور الأم يلغي هوية الاعتداء من هذه السطوة - إن جاز لي التعبير -

قصة منفتحة على كل الضمائر وبسخاء أدبي جميل مقتن عبر عنه الضمير المفرد

العنوان دسم بكل جزيئات القص والسردية
التجارب الانسانية وطن بلا حدود نلتقي فيه ونستذكر احيانا بعضا من لحظاتنا فيه ونقرؤنا فيه
هادفة وتحمل عمقا إنسانيا طيبا أبيض
وتحمل إرادة رائعة من خلال هذا الصبر الجميل الذي يشي به العنوان






قصة عبد الرحيم التدلاوي *
* أبو العباس * والقصة على هذا الرابط :
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=41151
النص :

رمتني الحياة بعللها ، وصيرتني فوق نارها الهادئة قطعة فحم كالغراب يهرب منه الناس اتقاء شره و ابتعادا عن نحسه..
أخبرتني أمي أن ولادتي كانت في يوم ذي عواصف و أمطار هوجاء..و أنها وضعتني كما تضع النساء الأمازونيات..حتى إنها فكرت في التخلي عني و قد وجدتني نحيفا يكاد الموت يتخطفني، غير أن السماء قذفت في روحها محبتي، فرفعتني إلى حضنها باكية، و كان بكاؤها مضاعفا، ففي تلك الليلة الليلاء توفي أبي نتيجة صفقة تجارية خاسرة..ذهولها لموت أبي جعلها تنسى إقامة حفل عقيقتي، فقد بقيت بدون اسم لفترة و حين تيقظت، أطلقت علي اسم أبي العباس، لا أعرف إن كان ذلك له صلة بالولي الصالح الذي كانت تدمن على زيارته أم لسبب آخر؟..
كنت أفرد من الناس إفراد البعير الأجرب، و لولا حماية امي لي لكنت ضمن أصحاب القبور..و حين انتقلت إلى الرفيق الأعلى، صرت هدفا لأحجار الناس و شتائمهم..
اتخذت لنفسي مقاما قصيا، قمة جبل يطل على المدينة المنكوبة ..قيل بسببي..بنيت لي دارا ،صبغتها بالأبيض الناصع، و جعلتها إقامتي و مقر سكني، و كان طعامي مما تنبته الأرض من بقوليات، و ما تمنحه الأشجار من ثمار، و كان النبع الصافي موردي و مطفئ غلتي..بقيت معتكفا أتعبد إلى أن بدأ البياض يطرد السواد، و يعلن نفسه سلطانا، لحظتها انبعث مني سنا ضوء أنار ما حولي و بدد الحلكة..
لم أعد أهتم بما يجري في تحت، كانت الأصوات تأتيني غامضة و متداخلة بشكل يعبر عن عبثية الحياة..
و في يوم، كسر صمة مكاني حضور راع مغبر الثياب حائر النظرات ،ظل يبحث عن قطيعه المفقود مدة ثلاثة أيام، وجده إلى جوار سكني مطمئنا يأكل الحشائش بوداعة..قال لي ، و قد عاد إليه اطمئنانه المفقود:
_لقد اعتقدت أنني لن أعثر عليه أبدا، و استغربت وجوده بقربك لم تمسه أنياب الذئاب الساكنة بالجوار..
ثم أمدني بخروف، و لما رأى إعراضي، ذبحه و تركه أمامي مدرجا في دمائه..فلم يكن لي بد من قبول الهدية..
كان أول عهدي بتناول اللحم..
و بعد فترة حضر مجموعة من العجائز صفر الوجوه، ترهقهم الأحزان، و تأكل أرواجهم الحيرة، ظلوا مقيمين إلى جواري فترة، و لما أزف وقت رحيلهم، منحوني سلالا من التين و الزيتون و بعض البيض، و شكروني على سماحي لهم بالإقامة جنبي، مخبرين إياي على أنهم نالوا حظا من السعادة لم ينعموا بها في حياتهم إطلاقا، و أنهم قد شعروا براحة و سكينة لم يطعموهما من قبل..غادروا مخلفين وراءهم صمتا ثقيلا و أسئلة محيرة، ساعدت نفسي على تجاهلها لكي لا تؤرقني و تذهب عني راحة التعبد..و تفسد صفوي بمنغصات البحث عن أجوبة..
و بقيت وحيدا أذكر الله كثيرا ، و أشكره على نعمه الكثيرة و المتعددة.
و في صبيحة أحد أيام الربيع، استيقظت على صوت بكاء شديد، خرجت أستطلع الأمر، و إذا بي أفاجأ بجمع من الناس قد أطلقوا لأعينهم سيل الدمع، و لأفواههم الرجاء..
حين رأوني مقبلا، جثوا على ركبهم و رؤوسهم يكاد يأكلها التراب، ثم رجوني أن أغسلهم بدعواتي حتى يرفع عنهم البلاء..
طلبت منهم رفع رؤوسهم، و لما فعلوا، تبينت القوم الذين رجموني بشرهم، لم أتخذها فرصة للانتقام، فقد وهبت قلبا مسامحا، بعد أن طهرته بالعبادة و الإخلاص..و غسلت روحي بنقاوة الفجر..
رفعت أكفي ارجو لهم الراحة و الصحة و ما ترضاه أنفسهم..
و أرجعتهم إلى مضاربهم راضين..
و أبت إلى بتي متسائلا عن سر حمل النفس البشرية كل هذا الشقاء..

الضوء :


تكتنف السرد * الرمزية * وتؤثث له
حيث العنوان يدخلنا غلى عمق هذه الرمزية وإلى استحضار الاسطورة المتعلقة بالولي الصالح أبي العباس
أو كما يسميه أهل الحمراء سيدي بلعباس ومنه تتفرع الكثير من الحكايا التي ارتبطت بتيمة السرد هنا * النقاوة والاخلاص للعبادة والبعد عن ماديات الحياة *

وتحضرني روايات كثيرة عن * العباسية * سأتركها لاحقا

نعود إلى النص

البطل * شخصية الحدث سينفلت من فضاء سوداوي
يتمثل في :

رفض الحياة له { رمتني الحياة بعللها }
وفي باقي الــأحداث التي توالت / وفاة الوالد / غياب العقيقة كلحظة مهمة في حياة الفرد -
إفراد البعير المبعد = نظرة الناس الظالمة

كل هذه الظروف سيتغلب عليها البطل باختيار موفق : الهروب أو لنقل الابتعاد عن الناس / عن المادي / والتشبث بروحانيات ستتكلف بردم السيىء واستجلاب الخير
ففي الدعاء وذكر الله سعادة للروح والقلب واطمئنان يغلب ظروف الحياة

نجاح هذا الاختيار في البعد والابتعاد / سيظهر جليا في القفلة التي تلتقط صورة / الآخر/ الذي رفضة بداية وهو ياتي اليه ليطلب المساعدة وهذا الاخر هو / الجمع من الناس :
{ و إذا بي أفاجأ بجمع من الناس قد أطلقوا لأعينهم سيل الدمع، و لأفواههم الرجاء..
حين رأوني مقبلا، جثوا على ركبهم و رؤوسهم يكاد يأكلها التراب، ثم رجوني أن أغسلهم بدعواتي حتى يرفع عنهم البلاء.. }

تنقلب الصورة هنا و* الزمان يبدل الاحوال* كما نقول بلهجتنا المغربية...
يجب فقط ان نؤمن بأن لا حال يدوم ، وبأن نعمل على تغيير الوضعيات وعلى التغلب على ظروف الحياة
السوية يجب ان تكون طيبة ليكون الثمر طيبا والنهاية طيبة


فكرة القصة
قصة تحمل في جوفها الكثير من الصور والاستحضارات الثراتية التقاليدية ، التي ترتبط بالأولياء وايمان الناس بهم وتغييب كلي عن حقيقة ان هؤلاء الاولياء هم فقط بشر
هنا بؤرة الحديث فالولي هذا الرجل الصالح أولا : لا يمكن ان يذهب الضر
الله هو الشافي المعافي .. وثانيا : هو عبد وبشر مثله مثلك فاتكل على الله ...
ثالثا : بقدر ما ننزوي في الاركان القصية البعيدة عن الناس بقدر ما تزداد رغبتهم في الــــــ وصول الينا
القريب بعيد والبعيد مرغوب فيه - إن صح التعبير -
وربما لجوء هؤلاء يقول * بالاعتذار * من هذا الرجل الذي ظلموه في يوم ما

اللغة
لغة جميلة وسردية منسجمة ومكثقفة بحمولات معنى
انتقال ما بين الصورتين : صورة البطل من قبل وانتقاله الى الجبل ../ موفق جدا وسلسل جدا
القفلة
القفلة طيبة تحمل حكمة ورسمت الهدف بقوة

توضيح
و حين انتقلت إلى الرفيق الأعلى، صرت هدفا لأحجار الناس و شتائمهم.. ؟؟
اخي التدلاوي لم افهم الجملة
فبطل القصة لم يمت إنما انزوى وحيدا هناك في الجبل ؟؟
اتخذت لنفسي مقاما قصيا، قمة جبل يطل على المدينة المنكوبة ..قيل بسببي.

قيل بسببي..؟ لم اجد ربطا ما بين المفردة هاته وما سبقها وما جاء بعدها ؟
و أبت إلى بتي ؟؟





ومع العميد الزياد
وقصيدة
سرادق ،،،

النص صوتا وحرفا


جَرَّعَتني الوَيلاتُ مُرَّ سُقامي
مُهْجَتي حَرّى والعيونُ دَوامي
أقْفَرَتْ مِنْ رغْد الحياةِ دياري
ومقاديري قَدْ سَقَتني أُوامِي
كهشيمٍ تحطّمتْ أمنياتي
هجَرتني ما نلتُ يوماً مرامي
حَقَنتْني الأيّام مَصْلَ شَقاءٍ
خيبتي ألقتني بحضن اضْطِرامي
شيّعتني النَّكْبَاءُ ذاتَ رصيفٍ
عندما قادَتِ النُّحوسُ زِمامي
ذا سَعيري أقامَ بي وابتداني
وعلى نعشٍ منْهُ كانَ خِتامي
إنني ميْتٌ لن يطولَ عزائي
لا ثكالى غير الثَّرى لحِمامي
آهتي شاهِدي وحُزني خَليلي
تُربتي غُربتي وقبري ظَلامي


الضوء ..


إيقاع القصيدة حزين جدا وخدمته الياء بامتياز هنا
ولكن العميق هنا ان لـــــــ كل لفظة إيقاعها - الخاص بها - و / مؤتلف مع ايقاع الالفاظ الأخرى في الجملة الشعرية ، عدا عن وزنية موسيقاها عبر الخفيف الذي يعبر الى عمق الفكرة
وهذا ما يسمى بـ - الايقاع البديل - يمترس حضوره بطواعية وقد يغيب الايقاع الوزني احيانا
ونكتشف هذا عبر الصوت ...الذي رتب الأوتار على شجن الحرف بدقة وبحرفية
إلقاء جميل جدا وتتقنه استاذي الزياد وقلت هذا مرارا ..
فالالقاء هو القصيدة تقريبا لأن في الالقاء نلتقي هذا العمق ونكون فيه

ثانيا
اذاكان الشعر "لغة تواصلية من درجة ثانية "- فإن عملية التواصل هنا تجعله من درجة أولى من حيث قوة السبك ... ومن حيث اللغة ومن حيث - وهذا هو الأهم - الشفرة الحزينة - إن صح التعبير - حلها في خلجات كل واحد منا ، وكل واحد منا قد يقرأ نفسه في لحظات ما من الحياة هكذا ...
وهنا نتحدث عن أنسنة الشعر في هذا التواصل الانساني
نقرأ :

ومقاديري قَدْ سَقَتني أُوامِي
كهشيمٍ تحطّمتْ أمنياتي


هذا التوحد مع ضمير المتكلم وضمير المتلقي بالجمع يقولنا
فكثيرا ما تمر علينا لحظات وجع تستقطب دمعتنا حرى وتتحطم أمنياتنا الخضراء كهشيم ...
ثالثا

اللغة في اعتمادها على السيد الفعل أثتث للحكاية والحكاية لا يمكن ان تكون الا عبر ضمائر مختلفة وهذا ما عبرت عنه بالتوحد الضميري ولم يلغ شعرية القصيدة وهنا التميز حيث يحضر الفضاءان معا لغة السماء ولغة الأرض...

رابعا

الصورة الشعرية قاتمة جدا كما أدرجت بداية وبلكن ضوءها في في ثراء حقلها الدلالي حيث عملية اخراج الوجع عبر اللفظ ، يؤدي بالضرورة الى التخفيف من الوجع والألم والحزن ايضا ...
واهمس : هل من هنا جاء الاعتماد على بحر الخفيف استاذي االزياد ؟ مزحة
قاموس منسجم عبر حقل الدوال
الويلات / السقم / الخيبة /
الهجر/ الحطام / النحس

كلها دوال في دور الدال الجامع وهو الاحتراق والخيبة
أستاذي الزياد
كثيرة الاشياء التي تصنعها القصيدة معك
استمعت اليها مرارا ... وفي كل مرة أدرك بأن الشعر هو هذا الحس الانساني ، الذي يوحد المتلقي والشاعر واللغة على حد سواء





قراءة في قصيدة فطنة
مقارمة لونها زعفران 2 / 3 بقلم الزهراااء
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=41432

النص :


أعد للصباحات
بين الروح والجسد
نكهة عَرْف العطر،
وهات
من شغفي لشفافية القلوب
عمر الخلود ،
لك حين أبحث عني
عشق مابين السماوات والأرض
حياة ،
تلبسني فيها
سرعة الضوء
ومدى المدارات ......
-3-
للصمت في عيونك
عجب التيه
على حافة الكلمات،
عنانك تدفق سيل الإحساس والصور ،
لا يرضى القمر إلا بالأعالي
وللسنا
أيها الخيال بين الأقران
لون الحناء والزعفران ،
وهدوء العشق بين الواحات والكثبان ،
فأطلق عناد القلب
واشرب كؤوس العبير الزلال.


الضوء :


قصيدة نثرية جميلة وبامتياز
يتوحد فيها الدال * الخادع للبصر * وعمق دلالته حيث الانسجام حاضر بقوة وبالفعل / خادع / لانه يحمل في جوفه اكثر مما يبديه * ممتلىء بالمعنى *

العنوان
تهيئة للدخول إلى مرتع المقامرة ومفردة مقامرة خصبة بمعانيها الكثيرة
نحن إزاء قد يكون وقد لا يكون ففي كل مقامرة ايجابية وسلبية ..

لذلك يبدأ الخطاب الطلب بــــــــــــ / الأمر/ الوديع المترقب للعطاء نقرأ :

أعد للصباحات
بين الروح والجسد

الصباحات هذا الجمع من حضورها – صباحات كثيرة وانتظار طويل – لذلك كانت المفردة جمعا موحية بهذا الانتظار وموظفة بعمق
نلاحظ الصورة الغنية هنا بشاعريتها
هذه الصباحات موجودة ما بين الروح والجسد ، ولذلك هي تتميز أولا على كل الصباحات كناية عن الضوء وهي الأجمل هنا
وثانيا تتميز بروحانية جميلة، لأنها قبس من الروح - ونلاحظ تكرير مفردة الضوء باطنيا في عمق المعنى – والحاضر من الروح : هو بياض وضوء
وهنا تكثيف رائع يؤكد توظيف الدال لدلالته بعمق كما سبق وذكرت
{ وللكلمة هنا فعاليتها ....تعيد إنتاج الأشياء ...} والإعادة تتم بطريقة مولدة للصورة في عمقها الظاهري وما بطن منها
/ الصباح / مفردة عجت بالكثير من الضوء الغير الاعتيادي ، و / هنا التميز / فــــــــ هذا الضوء سيأخذ فسحة جميلة تنير وحدات القصيدة
ونقرأ


وهات
من شغفي لشفافية القلوب
عمر الخلود ،


مفردة / الشفافية / كناية عن الضوء وكل ضوء هو شفافية ووضوح
ومفردة / خلود / تؤكد من جديد روحانية الصباحات الموجودة الساكنة الروح ،
وهذا ما أسميته تكرير المعنى في نسقية الجملة الشعرية والتكرير غير التكرار


العنوان وهو يهيئا لهذه المقامرة ، يفصح بأن لها جوانب بحث وتمني ففي ـ كل مقامرة نبحث عن الخروج منتصرين ، ونقامر كي نصل ونريد أن نصل لذلك البحث يكون
نقرأ :

لك حين أبحث عني
عشق مابين السماوات والأرض
حياة ،
تلبسني فيها
سرعة الضوء
ومدى المدارات


الجملة الشعرية * حين أبحث عني * والبحث يؤكد من جديد المقامرة
وأيضا
في كل مقامرة بحث عن الذات ..جميل جدا توظيف الفعل هنا : أبحث عني
ولأنك من عمق الجواني / الروح / والمادي / الجسد / لك عشق تتبناه السماء والأرض
وتأتينا الصورة الأولى { صباحات ما بين الروح والجسد} ومفردة الروح و / السماء/ في مرتبة أسبق على / الجسد / والأرض / ، لأن الروح = ضوء والضوء مقامه عالي وكبير وأكدته الصورة في { سرعة الضوء } و / مدى / فـــــــــــ المدى أيضا ضوء في لا محدوديته وتأتي مفردة الجمع في كلمة / مدارات لتوظف هذا المعنى

نقرأ :

للصمت في عيونك
عجب التيه
على حافة الكلمات،


أولا مفردة / عيونك / يجب أن تكون / عينيك / لكن هذا الضوء هو مجموعة من الصباحات ، ولكل صباح عيونه الخاصة ، وهنا تأتي المفردة جمعا رغم أن التوظيف النحوي يقتضي عينيك ، إنما الخطى في هذه القصيدة مداها جمع ويعلن عن نفسه هذا الجمع ، منذ الاستهلالية

الصمت يخلق في جوانح المحب قهرا ، رغم أن له أحيانا دلالات أكبر للصمت نقرأ :

في عيونك
عجب التيه
على حافة الكلمات،


التيه من القراءة قراءة المحب لصمت من يحبه
وأحيانا يأتينا تيها واندهاشا حائرا ونتساءل : لم الصمت ؟؟
لكن حين تحمله العيون تنطق به وتكاد تفسره

وتتخطاه أحيانا حين تمرره الكلمات

صورة رائعة جميلة التوظيف وملتقطة بعمق

ويقبض على هذا التيه ضوء يوحد المقاطع ووحدات القصيدة كما سبق وذكرت ويختمها بقفلة رائعة
ونقرأ:

وللــــــــسنا
أيها الخيال بين الأقران
لون الحناء والزعفران ،
وهدوء العشق بين الواحات والكثبان ،
فأطلق عناد القلب

واشرب كؤوس العبير الزلال

السنا = الضوء =
توسع الفسحة الشفافة – ونلاحظ تدوير الفكرة هنا وإبقائها على تواجدها بانسجامية واندغام
أقول توسع الفسحة والمدى لهذا المتحدث عنه { أيها الخيال بين الأقران }
وكل مقامرة هي خيال مرغوب في
وهذا الخيال متيمز وله لون..إنه لون ضوء لكنه ضوء مختلف لأنه يأتي من الأعالي { لا يرضى القمر إلا بالأعالي } فهو القمر

اللغة

لغة جميلة جدا شفافة ولفظها خادع حيث يؤدي المعنى عمقا في أوردة دلالته المنسجمة معة
وقاموس يغري وظف بجمالية وبعمق

الخطاب

الخطاب يبدأ بالأمر / أعد / هات / اشرب / اخلع
لكنه أمر وديع فيه طلب مستتر

الإيقاع

تكرير نسقية الوحدات الرئيسة في القصيدة ريتما ، أحدث إيقاعا جميلا داخليا
قلوب / خلود/ أرض / ضوء
الأقران / زعفران / كثبان / زلال –

فما بين النون واللام ريتيمية جميلة مضافة إلى المفردات الإيقاعية في الجملة الشعرية ككل..
قصيدة جميلة مبنى ومعنى...
فيها رمزية جميلة لهذا المتخيل والمتحدث عنه وفيها جملة من معنى عامر بها اللفظ





اليوم مع الشاعرة نعيمة زيد وضوء نفس خارج رئة الليل
النص : نفس خارج رئة الليل

الكاتبة : نعيمة زيد

ضوء:فاطمة الزهراء العلوي..



النص


لعيون المدى هذا الهبوب

كيف تعاقرين صفائح الليل بالأغنيات
فالظلمة أشد وطا من أقداح الغياب

حلم الليل صغير يرحل بقوافل الصمت عند جسر الأرق
يعيد ترتيب جرح ينبض داخل أليافه
يسابق أشجار الدفلى بشراهة
يوشك أن ينمو بلا تربة بلا عشب ...بجسد موغل في الرذاذ
.....سأغلق رموش الليل ببحر يلوح خلف التلاشي
وأملأ بأسيجة الاشتهاء حقولا لكفيك
.......
بين النقيضين أغرس شجرة الندى
جسدا يستدرج الصرخة الأولى ....
قبل تخشب الماء بجدران المرايا
أتحامل بالغمام على ما تبقى من جذوة الليل
أغرق عنفوان المرارة براحة الحقول الحجرية
شظايا تناثرت بدمي
وأفتض نبض الصدى بأهازيج الضياء
نشيدا يخاتل الأقنعة بحدقات الينابيع

كيف ترابط بنقطة البدء
بصحراء يقتنصها زهر مستحيل ,,,,,,,,,,,؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انا حبلى بك حتى النخاع ....فاحمل قلبي بيديك
لألملم الشظايا غابات نداء

قد تسألني ..من ذا الذي أبكى الصهيل
وأضاع اشتعال الفجيعة باسمال الوجوه البالية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أهو الموت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


........ تمهل أيها الموت لن أسري بحدائقك المفخخة
سأنثر من رياض ثغري وجوها أخرى للشمس
وأغلق باب الغواية برحى الحنين اليه

وقد تسأل يوما ..
من ذا الذي حول دمي لشظايا أصابع الدهر
وأسقط خيمة الصدى برحيل الصبوات
وأعار سقوط الليل رغبة العودة بالطعنات
يؤبن رقص الشجر بحلكة المراثي لتكبر عواصف الاحتضار
لينبت الحلم فجاة في اتجاه السماء ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وتسأل ...
من منحني لون الوهم بأرض اليوط
من يبس جذع الكلمات
ورجع بالصدى هبوب الأغنيات
من احال زرقة المدى بقايا حدقات
من غامر بوعد السحاب وأحال الموج شطآن السراب
من ومن ومن ووووووووووو

لن يكسل نبعي وهذي المرايا وجوه لهبوب يعمر طويلا
لن تخبو جذوتي وهذي الربا الهامسات بدمي تنبجس وعدا وتنذر ماء
........ قد هرم سفين الليل وهذا الموج يلوح بشظاياه وذي قرابيننا باحت بها الأنهر الحبلى بأحلامنا
تنسج المرافئ لعبورنا خارج رئة العتمة ..

الضوء :

نحن أمام مشروع كتابة شعرية بكل عمقها بكل فنيتها بكل شعريتها
لا يكفي تعليق بسيط ليقول كل هذه الحمولة الشعرية .. التي جاء بها هذا النص / القصيدة
بدء من العنوان ندخل عمق الشعر ، وندخل من بوابة * رئة الليل * كم جميل هذا التصوير البليغ المكثف وكم رائع توظيف الانزياح الشعري هنا في هذه المفردة
لكن وفي تضادية جميلة جدا سنخرج * عقوقا عن هذه الرئة لنتنفس شيئا آخر أعمق يؤدي وظيفة الانفراج عبر اللغة

سنكون في عمق الليل لكن بعيدا عن رئته وهنا التضادية الجميلة
نقرأ


كيف تعاقرين صفائح الليل بالأغنيات
فالظلمة أشد وطا من أقداح الغياب

اذن منطقية الخروج عن رئة الليل تبررها ظلمته الأشد قسوة من رحلة الغياب
وايضا هو - هذا الليل - يجبرنا أن نتنفس خارجه * اقول * نحن * * لانه قرأنا أنفسنا في عمق الحرف فصار المتكلم * / نحن /* وهنا براعة التوظيف الشعري ، لانه يلملم الأنا الجماعية التي توحد ما بيننا في اكثر من لحظة قد نكون مررنا بها

الشاعر قديما لسان الجماعة ظاهريا ما يرغب في ان يكون في العشيرة ، واليوم هو لسان هذه الجماعة في رؤيته الحداثية التي تقول الانسان في أعمق لحظاته

نقرأ


حلم الليل صغير يرحل بقوافل الصمت عند جسر الأرق
يعيد ترتيب جرح ينبض داخل أليافه
احلامنا كبيرة جدا على ان يسعها فضاء الليل ورئته

نلاحظ تدويرية الفكرة هنا من خلال هذه المفردة * الرئة * تكرير ضمني ليس لفظيا لكننا نحس به هذا لنفس الخارج الرئة يسري في كل نبض النص ..
واحدد / * تكرير وليس تكرار * / والفرق كبير جدا ما بين المفهومين طبعا..فالتكرير في نسقية الفكرة التي تخدم كثيرا المحتوى وتشغله على عدة مستويات محافظة على الفكرة ، وبانية بها النسق الخطابي الشعري في القصيدة ككل
هذا الليل حلمه صغير ويعيد الجرح الى الواجهة لنتلمظ الأسى
فهو إذن لا يهمنا حضورا وسنتنفس خارج رئته
اذن نلاحظ هذا التكرير الجميل مرة اخرى
ولان الحلم ابن الليل ومواطنه الاكثر وفاء ..ولانه يتناقض هنا وأبعاد احلامنا فهو نقيض بشكل ما...
ولكن سيكون الانفرا ج - بتضادية جميلة - سيكون الانفراج والافرج عن الحلم من خلال بناء مقصورت الندى

ونقرا


بين النقيضين أغرس شجرة الندى

قوة / تحدي/ أمل / ثقة


الغرس يأتي بالمحصول عادة وكناية ايضا هنا في توظيفه عن ولادة جديدة وكل ولادة جديدة هي ابتسام آخر
وهذا الابتسام المنفتح على الحياة رغم الموت الحاضر * بحدائق مفخخة * جميل هذا التعبير قوي وبحرفية موظف

اقول إذن الابتسام سيحلق عبر أبيات القصيدة ليكتمل نموا وزينة في القفلة الجد جميلة لانها هي هذا الأمل
هي هذا الحلم
هي هذا التحدي الذي تنفس خارج رئة الليل

ونقرا


لن يكسل نبعي وهذي المرايا وجوه لهبوب يعمر طويلا
لن تخبو جذوتي وهذي الربا الهامسات بدمي تنبجس وعدا وتنذر ماء
........ قد هرم سفين الليل وهذا الموج يلوح بشظاياه وذي قرابيننا باحت بها الأنهر الحبلى بأحلامنا
تنسج المرافئ لعبورنا خارج رئة العتمة ..

من بين أجمل ما صادفني هذا المساء في البلور
قرأت مشروع كتابة
ملحمة شعرية باميتاز
جاءت اللغة رصينة قوية بلاغية
جاءت ايضا بانزياحات النثرية الحداثية
وجاءت اللفظة عامرة بكل احتمالات القراءة
نص ملغوم بالابداع
ملغوم بالعطاء
نص يحتاج الى اكثر من قراءة
وربما قراءتي هاته لم - ولن تصل -إلى عمق فكرة المخاض

لكنني تمتعت كثيرا في قراءة شعر نحتاج اليه





قراءة في نص الدكتور نديم حسين * أنا قتلت الإمبراطور*
بقلم زهراء الفينيق

الرابط هنا http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=42571
النص

أنا قتلتُ الإمبراطور !!
د. نديم حسين

المشهد الأول :
أنا لا أحد . كائنٌ لا يحترقُ ، فَلا تصدِّقي الدُّخانَ النافِرَ من جسدهِ كنداءٍ بَعيد !
ولا يجوعُ ، فلا تصدِّقي صحنَ حياتهِ الفارغَ !
ولا يعطشُ ، فلا تصدِّقي نِصفَي كأسهِ الفارغَين !
وأنا لا شيء .. أملكُ كامِلَ الغِيابِ - غيابَكِ . واللاشيء مكانٌ جميلٌ للتنَزُّهِ . مُريحٌ ، يمسحُ بكُمِّ قميصهِ تفاصيل كثيرة ، والتفاصيلُ منغِّصَةٌ كعُقَدٍ في خصلاتِ شَعرٍ تَمشُطهُ كفٌّ طموحةٌ .
أنا المَولودُ من رحمِ المسافاتِ الممتَدَّةِ من جِلدي إلى جِلدي ! أرضعَتني غزالةٌ في الضباب ، فما طَعمُ الحليبِ ؟ وما لَونُهُ ؟
أنا المتَّكئُ على جُرفٍ من ماءٍ وريح . أنا السائرُ على أطرافِ أصابعِ المحابِرِ كي لا تُفيق المصاطبُ النائمة . أحلِبُ الغَيمَ كي أحظى بما يُشبه الشَّبَع ! وأكتبُ وطنًا يُلقي عليَّ شوارعا مزدحمةً بغيابي . وألكزُ مِخيالي لأرفعَ جبلاً إلى مقامات حيفا . توسِّدهُ بَحرَها وغيابَها .. " كَرمِلاً " أسميهِ ، يسرقُهُ الغرباءُ من منامي ...
- وجدناهُ في سلَّةٍ خلفَ سور البلادِ .. يقولونَ ويكذبون علينا .
هم يصدِّقون الدُّخانَ النافرَ من جسدي ، وصحنيَ الفارغَ ، وكأسي العطشان .. يصدِّقون فيكذبون " عليهم " !
وأنا لا أزالُ " لا أحد " .. يسكنُ " لا شيئ " ..!
خانَني الإمبراطور !!

المشهد الثاني :

دَمٌ على عباءة الإمبراطور .. دمُهُ .. ودمعُ طفلةٍ بكت جثَّتُها المهروسةُ تحتَ عجلاتِ عربتِهِ المهَرولةِ .
- أنا البرئُ ! .. يصيحُ الإمبراطورُ . خيولي مُذنِبه !!
دمٌ ودمعٌ وذاكرةٌ خجلى على عباءة الإمبراطور .. وعرَقُ خيولٍ مُذنِبَه . هل دمُهُ دَميْ ؟ وهل سالَت حياةُ الإمبراطورِ من فَميْ ؟!
دمٌ يطلُّ من شبابيكِ البلاد القتيلةِ على جنازةٍ توقِظُ الأزقَّةَ النائمة . وأوردةٌ على بواباتها المفتوحةِ هائِمَة . وقنديلٌ مُرهَقٌ ينطفئُ ليستريحَ ويُريح . ودعاءٌ كسَهمٍ من نِشابِ الفَمِ يمضي ، وفي بدَنِ السريرةِ يرتمي . هل دمُ الإمبراطورِ دَميْ ؟
أرى جُبَّةَ فارسٍ حضَنَ الحريقَةَ فاحترق . دمًا أرى على ضوءِ الفوانيسِ الوحيدة ينطَلي . وأرى بَوحًا لحِبرِ الوهمِ مصلوبًا على فأسِ الورق . وعالَمًا تخثَّرَت ملامحُهُ على بُعدِ طعنةٍ واحدةٍ من نزيفيْ . أنا قتلتُ الصَّيفَ . وذبحتُ مع كاملِ العَمدِ والترصُّدِ خريفيْ . لأسُدَّ بدمِهِ طريقَ الربيع الحقير . ربيع مسيلمة . أنا الأعمى ، تعثَّرَت قدمايَ بالنورِ المسَجَّى على دروبِ الحُفَرِ .. أضيعُ في تلابيبِ التشَظِّي وأسقطُ مثلَ غربةٍ صفراءَ في وطني الأليفِ .
دمٌ على ليلةِ الإمبراطورِ .. نجمٌ تصوَّفَ فذاب . للمايا ممالكُها ، مصائرُها ، منابرُها ، مقابرُها ، وعابرُها .. ودَمي لن يُجديها عُمرًا وصوتًا وصمتًا .. دمٌ كثيرٌ على بزَّةِ الإمبراطورِ .. وبَحرٌ " ميِّتٌ " يتقِنُ المِلحَ ولا يُتيحُ الغَرَقْ . وحبري مصلوبٌ على زندِ الورَقْ .
هي وردةٌ فَصَدَت شرايينيْ ، ونضَّدّت في زُهريَّةِ الربيعِ الكذَّابِ سكِّينيْ . والرائحةُ الزرقاءُ ساومتْ بساتيني عن تراثِ العطرِ والثَّمَرِ المؤَجَّلِ .
يا " عزيزًا " ساقَهُ السيفُ دليلاً قاطِعًا على رحيلِ أبدانيْ ، وأسقَطَ الأقمارَ عن شَجَري وأَردانيْ ، يقومُ الليلُ من نَومي ليتلو فوقَ نافذتي ما قد تيسَّرَ من حَبَقْ ..
أيها السادَةُ المحلَّفون ،
أنا قتلتُ الإمبراطورَ !!! سيفُ عَدلي فوقَ صمتِ ضميرهِ الدامي نَطَقْ !!.


الضوء :


قبل البداية
أنا واقفة اللحظة وأقرأ بصوت عال وأسمعني ما أقرؤه

فالكتابة هنا أكبر من مد البصر وعلي أن أحتويها أيضا بجوانياتي فـ { النص المكتوب بأشفار القلب يجب أن يتلقى بأشفار العين والقلب }

ربما في رؤيتي ستأخذني سيميائية الكتابة وأراني في كتابة ممسرحة وعلى خشبتها تمر الصور والسيد الوطن ونحن والقصيدة
لذلك مُجـَمـًَع هذه الكتابة وعلينا أن ننصت إليها قعودا القرفصاء...


نقرأ :

أحلِبُ الغَيمَ كي أحظى بما يُشبه الشَّبَع ! وأكتبُ وطنًا يُلقي عليَّ شوارعا مزدحمةً بغيابي .

تبرق الصورة هنا وتهطل بالسيد الوطن وبالحضور الذي يفجره غياب متكرر

ونلاحظ توظيف المفردات بعناية كبيرة جدا وباحترافية شعرية رائعة

فمفردة / الشوارع /

المزدحمة بالغياب تحيل مباشرة إلى هذا الحضور الممتد على أرصفتها باغتيالات تبحر في جبة صمت جبان...
ويصبح اللفظ هنا - مزدحم بالغياب - مؤسسة للنقيض والتضاد ، لكن هذا التضاد ولود*وليس عقيما * .فمن عمق الغياب يتحدث عن حضور وماء القصيد شاهد وهذا الشاهد يروي = يحكي .. كل المشاهد عبر مداد شبكة توليفاته التحاما ما بين الدال ومدلوله...

لذلك :

يصدِّقون الدُّخانَ النافرَ من جسدي ...وأنا البريء


فالدخان هنا وشاية فاضحة لاغتيالاتهم هؤلاء الذين يختبئون في جبة الإمبراطور...
جميلة الصورة -هنا - في التوظيف وكمتلقي تجبرني أنانيتي أن أتحدث عن جمالية الصورة وهي الممتلئة بالوجع..
فالخطاب في هذا النص الكبير جد نواته الذات وهذه الذات هي جمع ولذلك يتمرأى النص في كل الأعين = أنا= وهذه أنا هي = السيد الوطن =

وحين ينطقنا الوطن تتماهى هويتنا في حضن الجمع
فــــــ { الكلمة هنا تكتسب دلالتها من السياق المتفاعلة فيه }
ولأننا إزاء مشهدين ممسرحين بالصورة الناطقة من عمق واقع معاش فإن البصر هنا له وظيفة النقل أيضا
حيث الصورة تتحرك وامتداد البصر معها يمتلئ.وتردد محكمة الحضور الصوائت والصوامت من مداد القول فتهتز النفوس لهذا الوهج القادم من غبار الاحتراق
وينتهي إلى السمع نواح من جنائز الدم البريء :

دمٌ يطلُّ من شبابيكِ البلاد القتيلةِ على جنازةٍ توقِظُ الأزقَّةَ النائمة .

تلك أشياء واقعنا المملوء بالصراخ والألفة
صراخ يزهق الأرواح وألفة تستيقظ لتودع الموتى
وفي هذا الركب الجنائزي يُلقي بكل الخسارات إلى عمق الذات
تنكفئ وتتلمظ جرحها وتنتفض لتقاتل تجار الدماء ...

فلقد تعثر الجسد بالنور :
. أنا الأعمى ، تعثَّرَت قدماي بالنورِ
وتستحيل العودة إلى الوراء..

وأسترجع هذه الصورة لأدونيس :

يا لهب النار الذي ضمه
لا تكن بردا ولا ترفل سلام
في صدره النار لتي كورت
أرضا عبدناها وصيغت آنام
لم يفن بالنار ولكنه
عاد بها إلى المنشأ الأول
للزمن المقبل
كالشمس في خطورها الأول
تأفل عن أجفاننا بغتة
وهي وراء الأفق لم تأفل


فما بين الموت ونار الدخان انتفاضة وشمس أبدا لا تغيب
ربما المشهد مع ادونيس حكاية النهاية * الموت * المعرف بأل
وفي نص النديم نفسه الموت يتخذ مسلك القضاء على صانع الخواء
وربما من هنا حضر المقطع لسيد ادونيس

ولأن الشمس شمس الهوية لا تأفل فإن قتل الذي ظلم عدل في حق الإنسانية
والبادئ اظلم :


أيها السادَةُ المحلَّفون ،
أنا قتلتُ الإمبراطورَ !!! سيفُ عَدلي فوقَ صمتِ ضميرهِ الدامي نَطَقْ !


نص كبير جدا .. قوي جد..ا عميق جدا

الاشتغال رزين من شاعر اعتدناه بهكذا جبة
هدف مرسوم ولغة أبجديتها تتفوق على نفسها
وحين يكون النص بهكذا قوة
نعود إليه مرات ويلتصق بذاكرتنا إشارة خضراء تقول : إن الأدب والشعر بخير بألف خير





زاوية رؤية
وومضة خود لزياد السعودي

قراءة : زهراء العلوي


النص :

خوْد

يطارحُ الحُسنَ في الخَدّين إغراءُ
وفاتنُ الّلحظِ في العَينينِ لألاءُ
لا انثني إن ثوى نومي وسَهَّدني
عن الهوى فجنونُ العشقِ إغواءُ
القلب يلهجُ واسم الخَوْدِ خفقته
والفكر متعبتي للشوق مشّاءُ
أنت الدواءُ إذا ما العشقُ أسْقَمَني
خيرُ الدواءِ بمن (كانت هي الداءُ )
{ http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?p=1035656 }


القراءة


"" الشعر ليس محض تدفق تلقائي للشعور " كوليردج
انه مكابدة يومية وبناء تحترق الأصابع وهي تمارسه ولادة طبيعية
وهذا ما توحي به القصيدة
فـــــــ اقتصاديتها تبطن هذا الكثير
حين نستقرىء هذه الومضة الجميلة جدا من حيث هيكلتها البنائية - إن صح التعبير – ليس فيما يخص القافية بل يتعدى إلى سارية البناء : الاقتصادية / التكثيف/ المجاز اللغوي العميق القوي
أقول حين نستقرىء هذه الومضة تتمطط العلاقات العضوية بامتياز ، ما بين الدال ودواله / دلالته ، عبر وشيجة انسجامية متينة السبك
نقرأ :

يطارحُ الحُسنَ في الخَدّين إغراءُ
وفاتنُ الّلحظِ في العَينينِ لألاءُ


فما بين اللحظ والخدين حسن يشتركان فيه ، وتتحول الدلالة إلى دال احتفاء بجمال الوجه الذي يؤسس بدوره لنبض الفؤاد
وهكذا تلعب نوتات الدال والدوال – ومنذ البيت الأول في تحقيق " عدالة هذه الومضة الشعرية "

وانقلاب الأدوار هنا يبرز ما أكده كوليردج في قوله السابق..

فــــــالجملة الشعرية تفصح عن المعجم الشعري الثري اللفظة الشعرية " النواة " المؤسسة لهذه العلاقات العضوية في توليدها للصورة
وهذا ما عبر عنه بارت بقوله " يرقد تحت كل لفظة من الشعر ....نوع من الجيلوجيا الوجودية ، حيث يتجمع من الاسم معناه الكلي ..""

ونحن هنا إزاء حالة عشق والعشق جنون
ويحيلنا البيت الثاني إلى هذه الثنائية الجميلة هو وهي
لكن ثنائية تخرج عن مألوف القول بمجازية لغوية عميقة

حيث يصبح الإغواء سَُهادا وكل سهد هو أرق وكل أرق تعب ..
لكن الافتتاحية في البيت الأول بنضارة الوجه واللحظ والخد تبيح للسهد مرورا أخضر حتى وهو متعـِبا * بكسر العين *
فالقلب في حالة انتشاء وجمالية
و إذن مباح السهر والسهاد والأرق والتعب ..

وفي خضم هذا الجنون الآسر ، تنفتح صورة لثنائية أخرى عميقة ومتحدة وثنائية هو وهي ..
إنه ثنائية الفكر / العقل / والقلب نقرأ

القلب يلهجُ واسم الخَوْدِ خفقته
والفكر متعبتي للشوق مشّاءُ


كلاهما الفكر والقلب يتبصر طريقه خفقات عبر نوافذ الشوق

{ الأنثى كما اللغة / مسكن لذات وموئل } هيدجر

وحين تنفتح نافذة الحب / { تمحي الفروق ما بين المسكنين والموئلين { الأنثى واللغة } /
فهنا كلاهما ماطر ثري معطاء : اللغة والأنثى ..اللغة حديقة كلمات والأنثى حديقة عطاء وزهور

فالأولى مخصبة بالمجازية الجميلة والمفردة "الممتلئة بالمعنى " والثانية هي الداء والدواء نقرأ :

خيرُ الدواءِ بمن {كانت هي الداء }ُ


القفلة
رائعة جدا وغنية بالدلالات وتأتي بهذه ال – هي – بكل حمولتها التي هي ترياق للذات ومسكنها



ومضة غزلية ماطرة غنية وثرية فها الصورة

القافية
منحت صوت الطبقة الرقيقة للمد الصوتي ونحن نستمع إلى الإلقاء الجميل

وتنكسر فيها ديكتاتورية ضمير المتكلم حيث يتساكن الضميران معا هي وهو ويتآلفان ذاتا وموضوعا
وهذا ما يؤدي إلى اتساع صوت المفردة الشعرية المؤسسة لـِلـَحـْن القصيدة ككل كما يعبر عن ذلك الناقد "العوفي " .. وهو يتحدث عن انصهار ضمير المتكلم بضمير وضمائر أخرى في النص الشعري

الإلقاء رائع جدا ..






مجالسة وإنصات لقصيدة عائدون بقلم زهراء
للشاعر زياد السعودي

النص :

عائدون



حق العودة

خذوا أرغفة العالم
ولا تحرموني حق العودة
فأنا لست محض معدة


دثروني بلجوئيَ القسري
تحت " زينكو المخيمات "
اجعلوا مني
بنودًا على مائدة المؤتمرات
مارسوا عليّ
لعبة " الهيومان رايت "

يا من أنكرتم
الإنسان في الإنسان
وذهبتم
تستخرجون منا النفط
ووزعتم علينا زيف الأمان
ويعرب تمجّد سلاطينها
وتلقّن حناجرها دروس
الاستنكار والاستهجان


خذوا أرغفة العالم
وامنحونا وهم الربيع
فأرضنا
تحت خرسانة التهويد تضيع
وأمتي كالقربان المطيع
تتهافت على التطبيع
تتهافت على التطبيع

" الأفيف "(1) العبري
منذ بدء مراسمه
حصدَ فلسطين
وطرد الفلسطيني
من أرض مواسمه

فخذوا أرغفة العالم
ولا تحرموني حق العودة

http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=42885


المجالسة :

نص وطني بامتياز ..
يخلخل الواقع السياسي الراهن ، ويحدث فجوة انعتاق من خلال ما يجب أن يكون..
الصورة عامرة بمعناها وتأتي بالسيد الواقع المر عاريا ومفضوحا
حيث تطرح الكثير من القضايا من خلال القضية الأم: الهوية
الخبز= العيش = الحق =الثروة= الأرض = هو المحرك الأساسي لهذه الاعتداءات ..
فالتربة المانحة الحق كل الحق للشعب الفلسطيني بالعيش فيها
هي المُركز عليها من طرف المنظار الاستعماري الاحتلالي الصهيوني هذا من جهة
ومن جهة أخرى كل الدلالة المعنوية الكبيرة لمفردة الخبز وكل ما تفعله = الحياة
هذا الفلسطيني يرفضها ويمنحها هبة لكل من يتسابق لأجلها على اغتصاب أرضه
لأن الأهم من حياته هو الوطن
ولأن الوطن أكبر من كل الصور ..وأكبر من الجوع .. فإنه يتخلى عن حقه في / الرغيف = الحياة / لأجل أن تتنقى تربته من هؤلاء..

نقرأ :

خذوا أرغفة العالم
ولا تحرموني حق العودة
فأنا لست محض معدة

حب الوطن لا تحركه شهوة وقتية.. إنه مسألة هوية، ومسألة حضور ومسألة كبرياء مستحق..
وهذا ما لم يستطع فهمه العدو
لأن حقده الأعمى، يمنحه مساحة محدودة / تنتهي عند جدار وهمي.
تنفتح الجملة الشعرية { خذوا أرغفة العالم} على مستويين في القصيدة
مستوى مكثف يلخص في جملة محددة: حمولة تأريخ بأكمله..

نقرأ:

دثروني بلجوئيَ القسري

فالصورة هنا مكثفة بعمق واع ..لم تلتقط لاستحضار الذي حدث بل تؤثث لمساءلة هذا التاريخ منذ نكبة 48
فالكتابة هنا ليست استرجاعا للذاكرة ، إنما مساءلتها { إن الكتابة حين تختلف عن قصيدة الذاكرة وقصيدة الحلم ، تلتصق بالملموس والمحسوس ..، تحاور الحلم دون أن تستلم للانغلاق الذاتي للفرد }

والانغلاق الذاتي هو أنانية القصيدة باكتفائها بــ : أنا الشاعر..

وميزة شاعرنا الزياد
هي توحد الضمير والخروج من هذا الانغلاق إلى فسحة في أبعاد كثيرة تلملم كل الضمائر..
وهذا يحدث مع كل لوحة لشاعرنا / سواء تعلق الأمر بالسياسي / الوطني / او اقتصر على الذاتي في مواطنه العديدة ...
فالضمير معه دوما يسبح جمعا..وهذه ميزة الشعر المفتوح على آفاق كبيرة في مجملها = اتحاد ..فالاتحاد هو المخرج الوحيد من هذه الازمة التي باتت تسكن مفاصل الوطن ، وتكبر وتسري كالسرطان ...

ويفصل في مستوى آخر ونقرأ :


اجعلوا مني
بنودًا على مائدة المؤتمرات
مارسوا عليّ
لعبة " الهيومان رايت "

يا من أنكرتم
الإنسان في الإنسان
وذهبتم
تستخرجون منا النفط
ووزعتم علينا زيف الأمان
ويعرب تمجّد سلاطينها
وتلقّن حناجرها دروس
الاستنكار والاستهجان




وما بين المستويين تكبر مساحة القصيدة عبر جسر { البنية المتموجة الانتشارية }


والمستوى الثاني :
هو الذرة المنفتحة على وجع الذات تتنفس فيها الرؤية ..هي استرجاع او { استغوار داخلي } تتفاعل فونيتكيته مع الإيقاع التكثيفي ..في حركية تدويرية نسقية متلاحمة ومندغمة..
الوطنيات عادة ما تاتي في جبة الخطاب الحماسي المباشر ، والتقرير الهتافي ..
لكن القصيدة هنا انفلات جميل من قبضة التقريرية ، إلى موضوعية الخطاب من جهة وتأسيس شعريته التي تمنح للغة السماء دورها الفعال في ترجمة هذا الذاتي إلى رؤى بديلة عما موجود واقعا..
نقرأ :

" الأفيف " العبري
منذ بدء مراسمه
حصدَ فلسطين
وطرد الفلسطيني
من أرض مواسمه


يحضرني بيت للشاعر عبد الله راجع يماثل هذه الصورة مع شاعرنا الزياد
والحديث عن القضية

يقول راجع:

أعلن الناطق الرسمي باسم كل الأمم
عن مشاريع السلام
وعن الأرض التي تصلح لتفريخ الحمام

فمنذ بدء الهجوم والتهجم كانت الغاية أن تصل الصهيونية إلى إخلاء تربتنا منا
فكان التقتيل عمدا وكانت المصافحة أمام أعين العالم مع هذا العدو من طرف من يدعون ديمقراطية العالم والذين يتحكمون في تخطيط جهنمي حقود للقضاء على الوجود الفلسطيني والعربي الإسلامي في مجمل الصورة
فالمخطط الصهيوني تدعمه يد الغرب بقوة لأخذ الثأر من الهزيمة التي ألحقت بها على يد العرب حين كانوا قوة واتحادا وعمقا وحبا لهذا الوطن..
الكلمة سلاح واحتجاج مشروع..وشوكة في حلق المعتدين

وحين نقرأ قصيدة " السعودي " ، ندرك بان هذا السلاح وقد حضرت دوما فلسطين – في كتابات كثيرة وعلى امتداد جغرافية الوطن – أقول ندرك بأن هذا السلاح ، يبقى الجسر الوحيد في غيابات كثيرة يؤدي إلى التحامنا
فالكتابة الواعية بواقعية الوطن ، هي كتابة نضالية بامتياز...

يقول درويش معلنا هذا الرفض بسلاح الكلمة والحديث عن نفس الموقف

يحبّونني ميّتًا

ليقولوا: لقد كان منّا، وكان لنا.

سمعت الخطى ذاتها.

منذ عشرين عامًا تدقّ على حائط اللّيل.

تأتي ولا تفتح الباب. لكنّها تدخل الآن.

يخرج منها الثّلاثة: شاعرٌ، قاتلٌ، قارئٌ




فـــــــــــــــ ما أخذ بالقوة، يجب أن يسترجع بالقوة

وما مات وطن في نبض كبرياء وشموخ أبناء بررة..يهبون الروح لأجل تربتهم وهويتهم لأنها عرضهم
وهذا ما لم يفهمه أيضا العدو
الأرض بالنسبة إليه استغلال وانتقام
وبالنسبة إلينا * و { كلنا فلسطين * من خليج الوطن إلى محيطه }، أقول بالنسبة إلينا: هوية وعرض وحق ..حق مشروع / وهبته لنا السماء..وسجلته دفاتر التأريخ منذ بدء الخليقة على وجه الأرض.

وتعود جملة { خذوا أرغفة العالم } لتؤكد على الإصرار وعلى التحدي.. وعلى حركية المد التي لن تعرف جزرا / إلا عند انتهاء الحضور العدواني والاعتداء والتواجد الصهيوني اليهودي كمشروع تخريب وكحضور ملعون..على جميع المستويات..

إيقاع القصيدة في هذه الجملة *الجملة السابقة = خذوا أرغفة العالم * حيث تؤسس وحدة ارتباط ما بين مقاطع القصيدة
لأنها تكرار لــــــــ نسقية الخطاب على المستوى الفكري وعلى المستوى الفن أيضا...

نص يستحق القراءة مرات.. فهو "يرتب الإدانة " ويبصم بها جبين الجبناء ، من جهة ..و" يبلسم الوعي من جهة ويلسعه من جهة أخرى"





قراءة في قصيدة* لك الله يا غزة هاشم *للشاعر نبيل النصر

بقلم الزهراء


القصيدة

إنــي أرى كـفـا يـلـوح ويـضــرب فسألـت مــن هــذا الــذي يتـعـذَبُ
قالـوا عـدُوٌّ قـد مضـى فـي غَــزَّةٍ فجـراً يُـلَـوَّحُ بالعِـصـيِّ ويَـضـربُ
فصرَخْتُ يا ويلَ البلاد فقد غَـدَتْ نهـبـا لـبـرقِ مـطـامـعٍ لا تَـرهــبُ
ناديـتُ يـا شعـبَ الإبــاءِ تحَـرَّكـوا في الضَّفَتيْـنِ تَجمَّعـوا لـن تُغلبـوا
لا ترهـبـوا وِطِــطَ الـظـلامِ فـإنـهـا وِطَـــطٌ إذا أفْزَعْتُـمـوهـا تَــهــرُبُ
ودعـوا مِيـاطـاً لا انقِسـامـا بـعـدهُ فالشعبُ أضحى كالنيازكِ يَلْهَبُ ؟
لا تَنظُـروا قـومـا تَـفَـرَّقَ جَمْعَـهُـمْ ودعوا العروبةَ بالعروبة تُضْـرَبُ
لا يُقْرَبُ الطيـرَ المهيـضِ جناحَـهُإ لاّ لـنَــهْــبٍ أو لـمَــكْــرٍ يُــقْـــرَبُ
يــا اُمَّــةَ العُـربـانِ أيــن مَقـامـكـمْ قـولـوا بـــربِّ نَبِـيِّـكُـمْ لا تَـكـذِبـوا
مـا قيمـة النـسـر الـقـويّ جنـاحـه إنْ لـم يَسُـدْ أعلـى سمائـهِ يُغْـلَـبُ
لــمْ يولِـكُـمْ غَــرْبٌ عـزيـزَ دلالِــهُ إلاّ هِـيـاطـاً مـــعْ عـــدُوٍّ يَــرْغَــبُ
وكـذا لأجـل عيونهـا عَـقَـدَ الـلِّـوا شرقـا جديـدا فــي خَيـالـه يَطـلُـبُ
مــاذا سيكـتُـبُ عـنـهـمُ تأريـخُـهـ مْهل غير ما وصَلوا إليه سيكتُبُ?


البحر الكامل


هنا
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=34896

الضوء :
حين تعانقك كتابة * نبيل النصر * - وقد قرأت له في القصة وفي المقال السياسي - إضافة إلى القصيدة بنوعيها النثري ، والنهج التقليدي ، أقول حين تعانقك هذه الكتابة تدرك حضور الوطن بكل حيثياته وبكله ..

تدرك أيضا ارتحال الوطن عبر لون واحد ، يتنفس من الداخل الى الداخل ، عشقا لهذا الوطن..
غزة الجريحة اليوم وبالامس وعلى امتداد زمنية الاحتلال الغاصب ، حضرت هنا بقوة.
غزة محاصرة وتـُداهم يوميا وتـُشتت يوميا وتـُقنبل - إن صح التعبير - بالاضافة إلى غياب الضوء
والخفافيش تخاف وضوح النهار ، لأن أبناء غزة لا يهابون الموت ، ولذلك نجد ان المحتل * وهو الخواف الجبان المعروف* يستخدم الظلام للقصف وبقطع تموين الكهرباء عن المدينة * وفي هذا كثير من الكلام*..

الجبان يخاف المواجهة ،فيختبىء وراء الدبابة ، لقد قهرته الايادي التي تلوح غضبا ونضالا
نقرأ:
إنــي أرى كـفـا يـلـوح ويـضــرب فسألـت مــن هــذا الــذي يتـعـذَبُ
مفردة *كفا يلوح * تأتي بكل الدلالات التي تؤكد * يتعذب * وتؤكد النضال
لان الدفاع عن الوطن يحتاج الى * عذاب * هو الضريبة لاجل حرية الوطن
و مفردة * تلوح * إذا قرأناها من جديد ، هي تنادي على من يسمعها ، وتدين في الوقت نفسه العرب وصمتهم الجبان
غزة توجد على صفيحة ساخنة ، وتواجه لوحدها الاعتداء ، لأن ما ننتجه * نحن العرب *هو القول :

قالـوا عـدُوٌّ قـد مضـى فـي غَــزَّةٍ فجـراً يُـلَـوَّحُ بالعِـصـيِّ ويُـضـربُ

تنقل وتتناقل الاخبار عبر شاشة العالم والكل يتفرج ...

أهم نقطة سوداء في تاريخنا نحن العرب ، هو تشتتنا ، وهذا ما لاحظه العدو ويستعمله ضدنا بطريقة ذكية وبدهاء
نقرأ :
ناديـتُ يـا شعـبَ الإبــاءِ تحَـرَّكـوا في الضَّفَتيْـنِ تَجمَّعـوا لـن تُغلبـوا

{ في الاتحاد قوة } وهذا الاتحاد هو القادر وحده على ضم وحدوية القول لاجل العمل
وقد نفهم من مفردة الضفتين من يوجد في منطقة 48 وباقي أشبار فلسطين ..وقد نفهم حركتي النضال* فتح وحماس*.. وقد نفهم ضفتي الوطن العربي *شرق غرب *
لذلك قلت : بأن المعجم اللغوي في هذه القصيدة ، وكل كتابات نبيل النصر ، تزخر بالدلالات وتنفتح على كل أقواس المعنى
فـــــــ
هذا الاتحاد الذي يدعو اليه شاعرنا وحده قادر ان ينزع قناع التفوق من وطاويط الظلام الجبناء المحتلين مغتصبي فرحة الوطن وتربته النقية..

تشتتنا بفعل انقساماتنا وعدم الاستماع منا الينا فتفوق علينا العدو
نتحدث كثيرا عن العروبة ، ونتغنى بها ليل نهار ، ولكن هل بالفعل نحن منتمون الى هذه العروبة فعلا وقولا ؟؟ :
لا تَنظُـروا قومـا تَـفَـرَّقَ جَمْعَـهُـمْ ودعوا العروبةَ بالعروبة تُضْـرَبُ
لا يُقْـرَبُ الطيـرَ المهيـضِ جناحَـهُ إلاّ لـنَــهْــبٍ أو لـمَــكْــرٍ يُـــقْـــرَبُ


وتدين القصيدة في باقي أبياتها هذا التشتت بعلانية وبقوة عميقة :

يــا اُمَّــةَ العُـربـانِ أيـــن مَقـامـكـمْ قـولـوا بـــربِّ نَبِـيِّـكُـمْ لا تَـكـذِبـوا
مـا قيمـة النـسـر الـقـويّ جنـاحـه إنْ لـم يَسُـدْ أعلـى سمـائـهِ يُغْـلَـبُ


نعم فما قيمة النسر ان لم يكن يستحق هذه التسمية ؟؟
وتستدعي القصيدة في خاطري اللحظة ابياتا للشاعر " رشيد مومن "، تمشي وهدفية قول نبيل النصر
يقول رشيد مومن وفي نفس الاجواء الثورية والهم واحد :
تهنا دهورا
جبنا دواخلنا
انحنينا ..دفنا وجوهنا في الرمل
قلنا ك جاءنا تعب اصفر
ومضى بنا الى هزيمتنا
من القبو ناتي
إلى القبو نمضي
وفي القبو نرحل


القصيدة لا تحدد إطار غزة فقط للحديث إنما تبدأ من غزة وما يحدث فيها ، لتشمل كل تربة فلسطين والاهم ايضا كل اشبار الوطن الممتد من الماء الى الماء
لذلك وجدنا خطاب العتاب الموجه للعروبة الباهتة الوجود والحضور والقول
وفي العتاب تحريض جميل لرفع الهمم ، وربط أواصر الاخوة ، حتى نستطيع ان نهدم عاجية المحتل الواهية
أبدا اليهودية الصهيوينة ، لم تكن دولة ،لم تكن نظاما ، لقد كانت و فقط دينية وشوهت دينها وحرفته
ثم استخدمت بدهاء ما حدث مع هتلر لتؤكد وجودها المغتصب والهجين والسافل للارض المقدسة
{ لم أقتلهم عن آخرهم هؤلاء اليهود ، لقد تركت لكم بعضا منهم لتدركوا لم انا أبدتهم } هتلر

ثم الجميل في القصيدة هنا مع شاعرنا القدير نبيل ، لم تكتف بنبذ والتنديد بما يفعله الغاصبون ، بل حملت قبل اي كان العرب والعروبة ما يحدث
{للخروج من اي ازمة لابد من الدخول فيها }
وهكذا كانت هذه القصيدة حيث لم تكن بكائية واصفة تعيد انتاج الصورة ، ولكنها قالت البديل

لغة قوية
خطاب ثوري وطني وحس صادق
معجم دلالته غنية بالعطاء المعرفي ايضا ، لانه يجعلنا نستجرع امورا تاريخية ، وهذا جد مهم في اللون الثوري الوطني
قصيدة تستحق ان تقرأ مرتين ثلاثة





مجالسة نص { في المقهى } خالد أحمد / زهراء
مجالسة لنص * في المقهى *
بقلم : خالد احمد محمود

مجالسة: فاطمة الزهراء العلوي


النص:



فى مقهى الشعراء جلسنا نشرب كأس جدال
تلطم خدودا من العظم
أكف أناملها دخان
ونافخ الكير لم يعد يصنع سيفا
جل صنعه ناى أرهق النار والمنفاخ

نغم منه أطربنا والغناء هجاء
بين نظم ولحن اقتسمنا نصفق بأكف رجال
معركة دارت بين القوافى
هذا ماتبقى بعدما طحنت معاركنا
رمل الفيافى

شربنا قهوة المر فى باحة الأقصى
هل بات جد أمرنا هزلا
والأقصى من مر قوافينا يعانى
استوطن سراب النصر فينا
نستجديه الأن من رقص الأغانى


نعلق على أستار خيبتنا
ألفية المدح لقاتلنا
ونهجوك يا أخ العرب ونسبى سيفك الحانى
دمك يعطى طعم قهوتنا حلاوة
بورك دمك المستساغ لأرضنا
كلما أرهقت تنبت ثان

خسئت أيها الشعر إن لم تصنع نصرا
وإن بقيت كأسا فى أنامل نادل
تتغنى بقوافيك الغوانى
فدعنا نصنع من السطور أقواس نصر
إن لم تعد حروفك للنصر سهام ........


الضوء :

وعدت بأن أعود الى نص قال الوطن بعمق ورتله برزانة في الكتابة وفي التقاط الصورة بعدسة محترفة

بنظرة شمولية * زوووم كبير* تنفتح أبواب القصيدة
المكان يتجلى بوضوح هنا وبعمق وبترتيب لكل الحكاية في هذا النص

المقهى ..
المكان او ما يطلق علي ب { عتبة النص } يدير تحريك الحوار والاستهلالية تؤكد هذا

ونقرأ:

فى مقهى الشعراء جلسنا نشرب كأس جدال

الحوار هنا يتمرأى في حدته فهو { جدال } وكل جدال هو صوت وكل صوت له دفتان ، ودفته هنا صراخ ..
حين ندرك هذا الصراخ في تتبع الحكاية وتنامي خط سرديتها الشعرية
نجد توافقا رائعا ما بين هذا الجدال / الصراخ / والمحكي عنه أو فسيلة الحوار= السيد الوطن

فالصمت قد تكلم...ومحال أن يعود إلى الوراء ، حتى وإن اتخذ جلباب الصراخ المكتوم أو الضاحك الباكي
نقرأ:

ونافخ الكير لم يعد يصنع سيفا

السيد الوطن لا يأتي بتقريرية مباشرة كما تستدعي الصورة أحيانا بمنطقية الواقع
بل حاضر في طيات الحديث

فمفردات أخرى نابت عنه
/ دخان / سيف / نار/ أستار الخيبة / باحة الأقصى /
وباحة الأقصى هنا نيابة عن جميع أشبار الوطن فهي القضية والهوية والوجود التأسيسي
وهنا نلمس عمق تفصيل القصيدة وحياكتها الرزينة
هذه الكأس التي تزبد حوارا من خلال لطم الخدود ، تنعي في عمقها صورة قاتمة ليس للوطن بل لمن يسهموا في شربه استهزاء أو المارين من دروب وجعه إهمالا مقصودا ، حيث سهرة الصمت امتداد ضيعت سيوفه..

نقرأ:


ونافخ الكير لم يعد يصنع سيفا
جل صنعه ناى أرهق النار والمنفاخ
نغم منه أطربنا والغناء هجاء
بين نظم ولحن اقتسمنا نصفق بأكف رجال

أهو اليأس الذي تمفصل في هذا التغييب المقصود ؟؟
أم استهتار جلبب الوطن رداء قاتما؟؟

هل يحق لنا في قبضة وجع بهذا الحجم أن { نبكي حظ موتانا } ؟؟
وهل في يأس هذا الوجع المجد قد ضاع؟؟وما جدوى حياة في ظل دم يراق بكل أمتار الوطن ؟؟

يقول محمد الفيتوري في تخاطر مع نفس الفكرة وبنفس روحي :

يا سيدي
تعلم أن كان لنا مجد وضيعناه
بنيته أنت وهدمناه
واليوم ها نحن
أجل سيدي
نرفل في سقطتنا العظيمة
كأننا شواهد قديمة
تعيش عمرها لكي
تؤرخ الهزيمة


تجيب القصيدة عن هذا التساؤل في :

عركة دارت بين القوافي
هذا ما تبقى بعدما طحنت معاركنا
رمل الفيافى

حين تنتهي كل الطرائق لتغيير وضع قائم وواقع مرير
تتحول قوة الدفاع إلى يأس من نوع آخر
فلتكن القوافي على طاولة الحوار لعبة أخرى لكبت الوجع والعمل على تغييب هذا الواقع نفسه
{ عندما تكون الحقيقة عاجزة إلى درجة لا تستطيع معها الدفاع عن النفس ، فإن عليها أن تتحول إلى الهجوم } بريخت..

وليتخذ الهجوم هنا صراخا في تداعيات جدل عقيم ، يلقي على كتف الوطن لامبالاة عقمه الذي استوطن الواقع بصفريته


نقرأ :


شربنا قهوة المر فى باحة الأقصى
هل بات جد أمرنا هزلا
والأقصى من مر قوافينا يعانى
استوطن سراب النصر فينا
نستجديه الآن من رقص الأغاني


فـــــــــــــ الوطن / الهوية ليست لحظة عكاظية تنتهي كلما شحت العين... إنها لحظة فعل..
فماذا قدمنا من خلال كل الحوارات التي شهدتها طاولاتنا على مر أكثر من ستين سنة خلت؟؟


{ الحب فعل طني }
فهل أحببنا وطننا بما يكفي؟؟

نقرأ:

نعلق على أستار خيبتنا
ألفية المدح لقاتلنا

تتوغل بنا بهرجة الواجهة كفراشة ، تدرك جيدا احتراقها عند عين الضوء وترتحل فيه ..واعجبي

نحن منشغلون جدا بنا
فهذه الخيبة عنوان فاضح لعمقنا ولجدالاتنا العقيمة التي تنبت فينا وهما بألفية تؤرخ للهزائم

وهنا تأتي الصورة بكل دلالات هذا الواقع البائس
نقرأ:

بورك دمك المستساغ لأرضنا

موجعة جدا الصورة هنا
إنها انشقاق دلالي عن دلالة اللفظ في ماديتها
فكل موت هو نهاية وهو وجع وهو خراب لكن قد يصير دم الوطن موتا قهريا
فكيف نباركه لأرضنا ؟؟
التساؤل يحملنا إلى التوظيف العميق لمفردة { دم } والتي تحيلنا إلى الشهداء والموت لاجل الوطن انتصار وحياة
لكن هذا الموت لم يعد يحرك سوى فناجين قهوة على طاولة جدالات هزلية ، غيبت الجدية ومنحت للهزل إقامة مستديمة
وهنا تدير للفكرة النسق التي استهلت القصيدة بها باب الحوار

أيتها الأرض مبارك عليك دمنا فقهوتك به صارت مذاقا حلوا

قوة هذا النص ليس في توظيف ؟
الدوال من خلال وشيجة دلالتها المتعددة وفقط
بل في تأثيث المعنى المضاد بشرعية لغوية ووجودية للفكرة نفسها
انفصال واتصال ما بين الدوال ودلالتها ، تفتح نافذ إغاثة لقلب وطن مجروح

و

خسئت أيها الشعر إن لم تصنع نصرا
وإن بقيت كأسا فى أنامل نادل
تتغنى بقوافيك الغوانى
فدعنا نصنع من السطور أقواس نصر
إن لم تعد حروفك للنصر سهام


الكتابة في الوطنيات تقريرية مباشرة صورتها في الغالب
وحين تلامسنا ذاكرة لغوية عميقة تبتعد عن التقريرية ، فإننا نكون أمام نص يبني مستقبلية رؤيا ، من خلال عتاب رفض لما هو موجود
النص يقول الكثير من الأشياء والتي قد تكبرني اللحظة
رأيته من هذه الزاوية ..فأتمنى أن أكون قد قاربت بعضا من عمقه

نص شامخ فيه الوطن





مجالسة نص
{ من غير جه }
الناص : آمال محمد
المجالسة : فاطمة الزهراء العلوي

النص :

سألني وتوارى

قلت نعم وبكيت

عبر دمي ..

سقط على الورق جنينا من غير وجه


القراءة :

أعود إلى لحظة إبداع أخدتني بالجملة وبالتفصيل الصغير


من غير وجه
قصة قصيرة جدا بامتياز
حين قرأتها تذكرت قولة لهوميروس :
{ لا أحب أن احكي من جديد مغامرات كثيرا ما رويت من قبل }

وحين نقرأ بعمق هذه الومضة تعتمدنا واجهة غير مألوفة
القفلة / البناء / والسرد / والتحكم في آلية هذا النوع الأدبي الصعب جدا
العنوان
فاتحة تنير وتضبب - إن صح التعبير - مسارات احتمالات المتلقي
قد يبدو العنوان كاشفا لكل الحكاية حين نصل القفلة..
لكن تخميناتنا كانت تجوب نواحي أخرى غيبها العنوان بفاتحته ، وهنا ذكاء القاصة حيث تتموه الطرق لنصل إلى ربوة النهاية

النص/ بنية

أول شيء :البناء السردي محكم جدا
اختزال وتكثيف عميق .. وقاموس قصصي حكائي ، موظف بتنقية جد عالية في البناء ، حيث العمارة شاهقة الدهشة ..

الفكرة :
حزين الوتر الذي يعزف النص
تبدأ الحكاية بالسؤال
وكل الحكايا في عرف الأدبيات التراثية بدأت وتبدأ بالسؤال
فـــــــــ الجواب جدلية تبسط مسارات الحوار عبر نافذتين أو أكثر ومن خلال هذه النوافذ تبدأ خيوط الضوء
نقرأ:
سألني وتوارى

نلاحظ قوة التوظيف الاختزالي في هذه الجملة السردية المكونة من فعلين ، الجملة الفعلية تخيط تفتح الحوار وتحيك في نفس الوقت
سألني ..مجموعة من الكلام المختبئ في السؤال ، سنتدرج فيها عبر الحدث المكوم في عمق القفلة.

{وتوارى }
حين نسأل نبقى لنسمع لنتحاور ، لنصد الفكرة بالفكرة ، أو لنشفي غليل السؤال
لكن هنا السائل يبدو للمتلقي غير مهتم فهو بمجرد السؤال اختفى ...{ توارى }
لم حدث الاختفاء مادام طرح السؤال؟؟
الناصة بذكاء تتيح الفرصة لاشتغال تخمينات المتلقي وتمنحه عبورا للمشاركة في فعل الكتابة
هذا ما تتطلبه الق ق ج في وشيجتها البنائية الاختزال والتكثيف
فالتكثيف فرصة لفاتحات كثيرة لمشاركة التلقي = القراءة

مفردة { توارى } مركزية البناء في القصة فعليه ستبنى باقي اللبنات انها المحرك الأساس للايقاع ايقاع العزف السردي
نقرأ:

**قلت نعم وبكيت **

الغموض الذي حدث في الجملة الأولى مستمر في الجملة الثانية بانسجام جميل جدا في تنامي خط السرد
قلت نعم = المحاورة مستمرة حتى مع اختفاء المحاور
و
بكيت = فهل البكاء ردا على فعل الاختفاء؟؟ ام ردا على ما جاء في السؤال ؟
الغموض في العملية الإبداعية ككل
الغموض { انفعال عميق } يصاحب الكتابة والقراءة معا ويؤسس لتوغل مساحتيهما في عملية الكتابة
{ إن الغموض في أحسن حالاته أية على عمق المعنى أو * فرط * المعنى }
بينما التغامض { في أحسن حالاته أية على فوضى المعنى وفي أسوا حالاته أية على اللامعنى }.


الغموض في مفردتي البكاء والجواب الايجابي { نعم }
نعم = تحكي كثيرا من التساؤل
فـــــــــــهل نعم تأكيد على ما جاء في السؤال ام نعم التي تحدث القطيعة مع السؤال بالنفي المثبت ؟
ربما..

فالجواب الذي يغلق كل التخمينات السابقة في السطر التالي ونقرأ:

عبر دمي ..
هو لم يختف إذن خارج مساحة الأخر* المحاور * بل عبر دمه ، بمعنى من جوانيات الذات إلى جوانيات الذات ..
والسؤال محطة عبور ..
وتنفتح الجملة على هذين المحاورين البطلين : الراوي : وهو نفسه المتحدث
والمروي عنه الغائب = المتحدث عنه..
كلاهما يبدو واحدا
فلا يمكن للأخر أن يعبر دمنا إلا إذا كان فينا
ورمز الدم هنا صورته تحدث الكثير من الصوت من خلال اتجاهات الرؤية لها واتجاهات الدم دوما صعودا تتنامى ...لأنها حـِمل كبير ولأنها معقل الذات
يعبر الدم تتكوم في هذا الدم كبسلة القل الوجع والبكاء
فتحبل الشرايين وتسقط / تولد/ تـُنجب / أليافه وليدا دون وجه
لكن هذه الولادة = الطبيعية .. حيث الوجع مخاضه عسير عبر تنامي الحدث من خلال
بكاء / توارى / سؤال
عبور دم

عبور الدم اختراق له وكل اختراق وجع..والم...

هذه الولادة تسفر عن وليد تلتقطه أقمطة غير عادية ...إنها أقمطة الورق
ونعود إلى البداية لنسال ونتساءل
فمن هو المتحدث عنه في الحكاية؟
السؤال مفتوح..
والقراءة تتسع حدقتها ..
والقفلة تدهش وتترك الباب مفتوحا
الق ق ج خزانة لها باب واحد مفاتيح كثيرة
وكل من صنع هذه الخزانة بهذا العمق يكون قد أبحر بنا في عمق السيدة الق ق ج

قصة { من غير وجه } قصة لها دلالات عميقة وقصة ناجحة جدا لأنها تثير السؤال

ليست قراءة تحليلية ولا نقدية انما هي مناروة لحرف أمال في نص عميق ورائع





النص : أشعة خلفها الصحن الطائر

يسوِّل لك، لتحبو على قطرة المغناطيس،
يؤجرك لظلك،
آه،، هل ستشربني مثل البيرة
وتدعي بأنك مهجورٌ وساحر..
~~~-
كل ما في الأمر أن شرشف قلبي
لا يجيب النسمات الزاحفة من قلبك
ويقطينة، هذا الفضاء حتى وإن كان يدعو
للزهو،،، ويزين صباحي بأمنية كالأمنيات
~~~-
خبرتك عن الندف التي تصيبني بالغرور،
منشغلا بتمشيط المحيط،
أسفل أعلى
كحوت مقدام...
خطفتُ صوتك،
وأبحرت بملل
~~~-
طيري يا عصفورة
قاتلي، نافورةَ حينا التي لم نرها
قاتلي... بسلاحي
~~~-
من كان يسرج النور إلى الركن الأمين؟
وكان يلتحف الليل... أغنيةَ ليليةً ومنحوتة
كالعمر، على معصم الهباء
وليكن...
هو في الضمير، وهو تنور الخطأ
~~~-
قيل في مقهى أرضي الأصلية،
بأنني اثنتان....
يا مقلمتي الصدئة:
هل أنا كذبتان؟
سأحرس نعاسك بكل حقد،
أيها الاتساع...
إنك مثلي، مهمل في كلمة
~~~-
وطول النهار وأنا أصنع بارجة
ضخمة وثقيلة، ورقية بلا بحر
~~~-
وذهبت في المنام إلى الأهرامات،
لا شيء قد يغير شيئا..
فكرت أن أعلق بالونات
بلون الشهب، والعاصفة
والأناقة... والبرتقالة
وكان لأصابعي شكل الإبر
كان ما كان
~~~-
غدير يمدح دمعة
دمعة السكير، من يذبحها؟
صفعني الكاهن وفر بالأقداح
سلمني المبتهج بنسائه
لآلاف الأقراص المهدئة...
وهالني أن أرى،
قدحا رمادا... يلمع على الطاولة
~~~-
آب،
مزحة وريدي الذي يطرق الأبواب
الملعونة،
إنها تنهره ويعود إلي كحيوان برمائي
لم تدربه الطبيعة على الصيد
~~~-
لم تدربه على الصيد،
غدير يمدح دمعة
لاشيء قد يغير شيئا
أيها الاتساع
أيتها الليلة الليلية القذرة
يسول لك، نسيم القلب
لتمشطي القلب،
المعزول...
مثل قاطرة الحب
على سكة الجليد


الضوء :

هناك فكر جامد ، يختلي بنفسه وينكفئ عليها وتكون تيمته منحصرة فيه
وهناك فكر متحركة ديناميته جميلة ...حيث يدعو المتلقي للمشاركة في عملية النحت
يبدأ اللوحة ويترك كثيرا من البيضات ...لتملأها الأعين قراءة
ونص * أشعة خلفها الصحن الطائر* فاتحة جميلة استقطبتني من النافذة الثانية

العنوان استخباري ، واستخباريته تهيئ تأثيث الحضور عبر للسؤال ، وعبر غموض ولود
هذا الغموض الذي تحبل به الأشعة من خلف فضاء مكتظ بالصورة ء . هو مجلس الحكاية ..
الخطاب ومند البداية تأشيرة حرة لوجود ضمير مختفي ، يظهر عبر وشيجة الراوي وعبر هذه الوشيجة نستحضره لحما ودما ونستقرىء فيه لحظة عتاب من طرف الراوي ، لأنه محرض للضمير الآخر
ثلاثية مؤسسة
نقرأ /

يسوِّل لك، لتحبو على قطرة المغناطيس،
يؤجرك لظلك،


وهذا الثالث الدخيل ، لا يملك قدرة العطاء في مطلقتيه ولا حتى الظهور مواجهة
انه فقط * يؤجر*
ثمة كلمات تسبح بك في عمق اللغة...تدرك الصورة في وجهيها ، فتكون إزاء نص * شهوة * حيث تخترق فيه اللغة لتسبح بك عبر أطياف أخرى وانفتاح آخر وعبور آخر ، باللغة ولكنه اكبر من اللغة...

وتأتينا لحظة العتاب بسخاء أدبي جميل سيكون محرك القصيدة
نقرأ
آه،، هل ستشربني مثل البيرة
وتدعي بأنك مهجورٌ وساحر


مفردة / تدعي / هي تفاعل حيوي نسقي في الخطاب ، ويشرع النوافذ لاستقطاب الحكاية في باحة الشعر
تدعي / سبقتها صرخة / آه / ، في مساحة صغيرة من البياض وحمولتها كبيرة جدا من حيث فضاء الصورة

ومعناه أنها ليست المرة الأولى ... فربما ادعى مرات بأنه و- ليكن ساحرا أو مهجورا أو أيا من كان..- المهم أنه بادعائه يؤثث لخطابه ، وذلك الخطاب يرسل شحنات* غصة – مريرة * إلى الراوي وتعود هذه أل / آه / في مساحتها الضيقة كتابة بعمقها المكثف والكاتم لكثير من أشياء
وزمنية الفعل الماضية مأجورة للحاضر لأنها تكرار لأفعال هذا المتحدث عنه المخاطب:
نقرأ
..
خبرتك .../ و / أبحرت بملل/

الملل يصيبنا حين تتكرر الأشياء برتابة ودون حراك
وتكون على مسار الخط الموجع أو البليد .
الملل معناه فسحة ضيقة ، تجبرنا على أن ننعتق منها، لأنها فشلت في أن ترتقي إلى أفقية الصعود
والنفس البشرية تواقة إلى الأعلى... إلى التقدم وإلى الحراك لأن السكون * سكون جوف النفس * موت ، والموت هنا بمعناه الجامد

ثم... أبحرت

الإبحار يكون انطلاقة ، والإبحار يكون بالماء ، والماء -وهو هنا كناية عن الاغتسال من رتابة الملل -
انعتاق نحو أفق الحرية
هو الماء رمز للخصب وللعطاء
ومفردة * أبحرت * ستأتي بــــــ المكان كفضاء / البحر / وتنعش تشكيل الفضاء الشعري وحمولة المجاز الملغوم ايضا ببلاغة الصورة
كله في القصيدة

هذا النص / القصيدة ، ملغوم بالغموض ، وملغوم برمزية عالية جدا
يبدأ من الذاتي ، من الحديث الراقص احتراقا ما بين اثنين ، ويكبر هذا الحديث ليشمل صوتا أكبر وصورة أكبر وإبحارا نفهمه اللحظة :

طيري يا عصفورة
قاتلي، نافورةَ حينا التي لم نرها
قاتلي... بسلاحي

انتقال سلس جميل من سلم العزف الجواني إلى عمق البراني

وحمولة مفردة * قاتلي * تخرج كل الشظايا وتمكن الغضب والصرخة التي تحدثنا عنها سابقا في مساحته الصغيرة تؤسسه الآن مساحة كبيرة وتنقلب الآية
ويتحول المعجم من الماء إلى النار
{فقد تصوغ الرمال تبرا من زجاج } هذا الزجاج شظاياه تلغي البحر والماء والإبحار
ويمنح تأشيرة أخرى للمواجهة والبقاء لأجل * نافورة الماء*
العصفورة
كناية عن الحرية / إبحار أخر عبر الفضاء - طيرانا وكناية أيضا عن النقاء

من الناعم الهادئ في المقطع الأول ننتقل إلى الصاخب الخشن ، ثم نعود في تدويرية جميلة ، إلى الذاتي الناعم عبر العتاب

من كان يسرج النور إلى الركن الأمين؟
وكان يلتحف الليل... أغنيةَ ليليةً ومنحوتة
كالعمر، على معصم الهباء
وليكن...
هو في الضمير، وهو تنور الخطأ

التنور المظلم وسجوفه الرمادية * فهو مصدر الخطأ * إدانة * في حق من غيب حق أغنية الليل

يلعب النص على المفردة الصغيرة ، التي تكتظ بالمعنى وباندماج خفي في علاقاتها الدلالية ، مع باقي تفاصيل الكلام ، وتؤسس لاتساع جغرافية الكلمة وخلجاته المتعددة ..وكأننا أمام كلمة واحدة باتساع حقول كل المعنى وعبر المقاطع المنفصلة المتصلة برباط خفي يظهر حسه المعوي فقط
{ لكلمة تستمر ككلمة دوما ... تهدف مساواة اصغر لوحدات...ولكن الكلمة في الوقت نفسه تسعى لتوسيع حدودها بتحويل النص بكامله إلى مجموع غير قابل للتقطيع ، إلى كلمة واحدة }يوري لوتمان*

ونخرج من الإبحار عبر الخطابين الناعم والصاخب ، إلى ضفة الحكاية ونستريح مع الفعل الباني...

يتحقق التلون المعجمي من لغة السماء إلى لغة الأرض عبر *خصيصة المحو والإظهار* محو الشعر لتأتي الحكاية ثم إعادة الخيط للبداية وهكذ دواليك عبر مقاطع القصيدة كلها ، وهذا التدوير / الانفصالي / الاتصالي / ، تتوارد فيه المشاهد ، في غموضها ورمزيتها ويبني مسرح اللقاء الجميل بالنص ما بين القراءة و / الكتابة / وما بين الكتابة والكتابة في توحدها ...


فضاء النص :
فضاء / النص / القصيدة / تشكيلي فسيفسائي متعدد اللون ومتعدد الخرجات المشهدية
ممتع ويثير استفزاز المتلقي في غموضه واتساع حدقات الكلمة فيه ، حيث يصعب القبض عليها ، ويصعب الإبحار فيها من زوايا محددة
فـ { الكتابة حالة من حالات التخدير الموضعية }
وهذا التخدير { حارق لأنه صادق }


طقوس اللغة

ينخرط السردي في الشعري
المفردة متسعة * ممتلئة بالمعنى *
حركية النص دينامية مشتعلة في الانتقال ما بين السردي والشعري ، انتقالا سلسا وموفقا جدا



قراءة في نص * مفقود/ زياد السعودي
القراءة : فاطمة الزهراء العلوي
النص :


يا جابرَ العثراتِ يكْفي لا تَزِدْ
فلئن كُسِرْتَ ، جَبيرةً لا لَنْ تَجِدْ
كَثُرَ الشُّكَاةُ وأنتَ تُطْرِقُ سامعاً
تَطْوي شَكاتَكَ كَيْ تلاقي ما يَرِدْ
ما عُدْتَ تَقْوى أنْ تَظَلَّ مُواسِياً
والرُّوحُ فيكَ مِنَ النَّوائِبِ تَرْتَعِدْ
تَمْتَصُّ أوْجاعاً تفرعن رَوْعُها
والحلمُ ممهورٌ بِنزفٍ مُسْتَبِدْ
وَبَناتُ صدْرِكَ قَدْ تَكاثَرَ نَسْلُها
وتَجَمَّرتْ في قَبْوِ روحِكَ تَتَّقِدْ
وإذا طَوَتْكَ غَياهِبٌ في جُبِّها
لَنْ تُفْتَقَدْ قَدَرٌ قَضى أنْ تَفْتَقِدْ
كَمْ فَرَّ مِنْكَ السَّعْدُ مَذْعوراً كَما
ظَبْيٌ مِنَ الصيَّادِ فَزْعاً يَبْتَعِدْ
مُذْ جَرَّعَتْكَ كُؤوسُ لَيْلِكَ عَلْقَماً
وَسُيوفُ وَيْلاتِ النّوى لَمْ تَنْغَمِدْ
مَنْ يا تُرى يُصْغي لِدَمْعِكَ إنْ هَوى؟
مَنْ ذا يُجيرُكَ مِنْ صَقيـعٍ يَطَّرِدْ ؟

( الكامل)

الضوء :
نص عميق النحت
مَنْ يا تُرى يُصْغي لِدَمْعِكَ إنْ هَوى؟
مَنْ ذا يُجيرُكَ مِنْ صَقيـعٍ يَطَّرِدْ ؟

في ارتدادات النفس الى أعماقها ، أحيانا تجسد ما يغتلي فيها من حزن/ وكآبة / وتوق / وحصار / ومطاردة
مطاردة الحزن للخروج منه ، بالصمت أحيانا أو بالذوبان فيه ، وتحمل كل الأشياء التي تهـَرب الفرح وتتوج الكتف َ وجعا ،
وحينها نكون عند ناصية حرف ، يردد ويكرر ما في هذه النفس ، ويعيد كتاباتها واصفا فيحدث أن يصنع هذا الارتداد مناخا دائريا ، لا يصعد بالنفس الى واجهة الانفراج..
إلا انه هنا في هذا النص الحزين ، كون القاموس الذي اشتغل عليه يهيىء القارىء منذ العنوان إلى فقد شيء ما و / ليكن هنا الفرح / ،
حيث المشهد بـمفردات تفي الغرض / عثرات/ جبيرة/ أوجاع/ كسر ..
أقول هذا النص ، عمقه في التخلي عن الذاتية والأنانية الفردية ، في تجسيد الحزن والدليل * غياب / أنا / وحضور ضمير المخاطب / أنت ً/ ، وهي مضمرة فيه ، الذي يدل على الجميع فكل من قرأ يحسب الخطاب موجه في الضمير المخاطب إليه
وهنا قوة الشعر ، حيث ينطلق من الجواني ، ليمتص أوجاع البراني الخارجي ويتحد فيـ / أناه/ بـ / نحن /
النصوص الشعرية المرتدة إلى النفس ،والقابعة في الصخب الحزين ، تمور أشياؤها من الداخل إلى الداخل وتتعمق آيات الحزن وتكبر وتنكفىء الذات
بينما حين ننفصل عن ذواتنا لنصبح الراوي والمروي عنه ، نكون في حضرة الاشتغال الشعري الجميل من حيث الفكرة ومن حيث النسقية الشعرية
وهذا ما جاء في الشعرية الحديثة والمعروفةبـ / خصيصة المحو / وهي مستوى من مستويات الإخفاء والإظهار معا { حيث الكلمة - الدال تمحوالخصيصة الاساسية للدلالة نبرز الخصيصة المتموجة بقوة ، ويكون التلوين الشامل للكلمة حيويا بصيغة غير معتادة} بنيس
وهذا ما بينته في الاعلى حيث الضمير المتكلم يأخذ صيغة المخاطب لتكون الدلالة شاملة
وهنا في هذا الانزياح - الضميري - إن صح التعبير انفراج للذات من حزنها
فان توحدت الأشياء هانت على النفس
كثيرة أشياء هذه القصيدة
عميقة في دلالاتها
غنية بحزنها الجميل ، لانه ياخذنا الى مناحي كثيرة للشعر و بالشعر فنكون في حضرة الخيمة الابداعية ونقف تحت اعمدتها ونحب هذا الحزن
غريب أن تتملكنا سلطته حين تحيكه اللغة بابداع
هامش:
النص هنا
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=33593







  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط