رواية من ادب السجون{{مدينة الوجع}} في حلقات.. - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :عبدالماجد موسى)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-10-2017, 01:17 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زكرياء بوغرارة
عضو أكاديميّة الفينيق
Lightbulb رواية من ادب السجون{{مدينة الوجع}} في حلقات..

مدينة الوجع

الفصل الاول

ليالي بودير








حاول إستعادة صورة ‘‘ الدرب‘‘.. كما ظل في مخياله من ذلك الزمن الجميل .. ليستعيد باستذكاره ذاك .. ليالي بودير .. ما بين حي الحجوي.. حيث كانت دارهم في ذلك الزقاق الثاني من بداية ‘‘ راس الدرب‘‘.. على اليسار..
رقم الدار لازال محفورا في رأسه كشيء منحوت.. بل هو منقوش في حفريات الذاكرة.. كذكرى لاتزول .. رغم حفريات الزمن والمحن...
{{ رقم 15}}...
هكذا قالها بشرود باد على محياه .. وقد وقف مليا أمام مدرسة عائشة أم المؤمنين.. ثم إستدار بطريقة تلقائية .. آلية إلى الجهة الأخرى.. ناحية الشمال..
عن اليمينه درب آخر يؤدي الى دار الجد.. الحاج أحمد بوزيان .. في حي بلعباس .. ومن الجهة اليسرى.. طريق ممتد أهم ما يميزه تلك الصومعة لمسجد ليبيا... هكذا كان يسميه دائما.. رغم أن الجميع كانوا يعرفونه باسم مسجد الحسن الثاني..
تراءى له من ذلك المكان.. فلاذ للصمت المهيب العصي.. وكأنما هو واقف يقلب دفتر الزمن في صفحاته المطوية القديمة المهترئة..
تذكر ذات شجن عندما سأله البوهالي {{ مقدم الحومة}} بعصبية وقد بدا قلقا موحشا في بداية غضب شديد.. وقد تطاير رذاذ أبيض من فمه المهترئ..
{{ لماذا؟؟ لاتسمي المسجد باسم سيدنا ... أعجبك القدافي ...؟؟}}
ساد الصمت المهيمن قبل اندلاع عاصفة مرتقبة..
قالها وهو يضغط بقوة ونرفزة على حرف السين بشكل مقزز...
{{ ببساطة لأن اسمه مسجد ليبيا...}}
احتد النقاش ثم تحول الى تحدي...
جحظت عينا عون السلطة الذي دأب على المشي مختالا بين الناس ,, لإحساسه الشديد بالامتلاء من سلطة {{ المخزن}}.. حتى خال نفسه كالطاووس وهو يمشي اختيالا وعجبا وتيها...
فهو عون السلطة وعينها ورجلها ويدها وممثلها .. بل هو{{ المخزن}} بنفسه.. بعد ان امتلئ به حتى الثمالة...
كان كل شيء في ذلك الزمن صدئا...

ذلك الصباح وقف الجميع سيف الدين والبوهالي وبعض الرفاق والفضوليين,, وقفوا جميعا أمام تلك الرخامة المستطيلة الشكل وقد نقشت عليها بحروف ذهبية .. مناسبة تشييد المسجد واسمه بخط واضح كبير {{ مسجد ليبيا}}..
كم كانت الصدمة بالغة تجلت في إمتعاق وجه البوهالي... لم تسعفه كلماته على الخروج من فم محطم الأسنان.. لملم تلابيبه .. ثم انتفض كديك شركسي ثم مضى وهو يسب ويلعن ...

تابعته العيون إلى أن إختفى وهو يجر معه خيبته كسلحفاة تسحب معها قوقعتها في صمت.. وغصته تكبر في صدره...
{{ كيف.. مسجد ليبيا.. اللعنة بل مسجد
س ي د ن ا...}}
ولو طارت معزة..

كان سيل تلك الذكريات يتحرك كصفحات هادئة من نهر الذكريات... و سيف الدين يسترجع حلقاتها رويدا رويدا بعد سنوات من العتمة القاتلة



يتبع...






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-10-2017, 07:02 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زكرياء بوغرارة
عضو أكاديميّة الفينيق
Lightbulb رد: رواية من ادب السجون{{مدينة الوجع}} في حلقات..

تنفس الصعداء وقد نطت لمخياله صورة من زمن العتمة .. هناك حيث انصرمت حبات من سبحة العمر .. لازالت العتمة تسكنه كما كان يسكنها من وقت ليس ببعيد.. حاول جاهدا ان يطرد عنه تلك السحابة الداكنة من العتمة والحزن وهو يحث الخطى في اتجاه حي بلعباس حيث {{ الدار الكبيرة}}.. انها دار جده الحاج احمد ابو زيان واخواله موسى والعربي ومولاي أحمد.. فيها عبق تاريخ مضى وانقضى وقصة أحزان جملة من الأحزان و قفة صغيرة من الأفراح المتناثرة بين تلابيب السنوات..
وفيها ذكريات من نهر الذكريات الطويل.. بهمومها وشجونها وغيومها وسحبها الداكنة وغماماتها الممطرة أحيانا..
صعد أنفاسه المليئة بالحسرات وهو يسترجع ذكرى جده الحاج أحمد أبو زيان بجلبابه المغربي الأصيل وطربوشه {{ الوطني}} بلونه الأحمر..
كان يلفه بشاش أبيض اللون مزركش بخيوط من الحرير الصفراء ليصبح مثل العمامة التي يعتمرها الأزهريون....
كانت تزيده هيبة ووقارا وهو يمشي الهوينى يحمل على كاهله سنواته الثمانون كقوقعة ثقيلة تسحبها سلحفاة عميقة الكهولة..
ذكرى الجد تحمل معها الشجون والشجون الثقيلة ...
هنا كان يجلس ليسامر في الصيف رفاقه.. يتطارحون حديث السياسة والسلم والحرب.. وكل شيء.. وهناك كان يجلس بعد ان يبسط{{ هيدورته}}1 وهي عبارة عن جلد الخروف بعد أن اصبحت صالحة لتكون بساطا نقيا نظيفا جذاب اللون منفوش الصوف..
كان يجلس ساعات من النهار ليلتو القرآن ينطلق من سورة الفاتحة ليصل الى منتصف الكتاب الكريم احيانا في محطة .. سورة {{ مريم ..}} واحيانا أخرى كان يوغل فيه برفق فلا يجاوز سورة {{ الاعراف}}...
لكنه في كل الاحوال... كان يغدو ويروح في سياحته اليومية بين سور القرآن بصوت خفيض .. وخشوع عميق..
ذهابا وغيابا.. يغدو ويروح.. لا يكل ولايمل

مكث سيف الدين غير بعيد عن الدار يتأمل كل شيء في الدرب ويستنطقه ليعود به إلى الذكرى العميقة .. الدفينة.. التي لم تمت بين جوانحه ووجدانه..

تقسو الذاكرة حتى تصبح كحجر الصوان موغلة في القسوة والتحجر..
واللؤم احيانا .. حينها تنسى او تتناسى صفحات وصفحات من نهر الذكريات بليالي بودير الجميلة والغائمة...
الصحوة والممطرة... اللينة الحنونة والقاسية القارسة...الممتلئة بالخشونة والشظف في كل شيء..


هز رأسه بحزن مكتوم...
قال بصوت لا إضطراب فيه .. أبدا ..
{{ ها قد عدت إلى نقطة البدء من جديد}}
تحسس عكازيه ذات اليمين وذات الشمال.. حاول ان يقتحم العقبة ليصل الى الباب يطرقه بقوة... لكنه شعر بغير قليل من الوهن والخور والضعف وربما الخجل... الخجل من المفاجئة ربما يكون خاله مولاي أحمد قد رحل... عن الدنيا..
إنه لايعرف عن هذا العالم إلا ما يراه اليوم.. سنوات سحيقة وهو في الغيابات العميقة يعيش ويتعايش مع العتمة والسجن والسجان..
الآن .. هنا من جديد ..
يحمل جرحا عميقا.. وذكريات يملؤها الصدئ مع الصديد..
وسنوات من العتمة والسجون وخيبات كثيرة وانكسارات عميقة

خال نفسه تلك اللحظة كورقة في مهب ريح عاصفة... بل ربما كسؤال فارغ يمتلئ كل يوم بشيء ما ليصبح كالرمح يوغل في اختراق الجسد
سؤال حائر خائر يمتلئ بالتفاهات والخيبات التي لا بطولات فيها..
سنوات طويلة والسؤال كسهم مسموم يخترقه يطارده.. –احيانا- يحاصره ومرات كثيرة يحمله على كاهله.. وهو يتحرك..إلى ان صار يمقت الاسئلة وانتفاضتها ..
وحرقتها واحتراقها الكبير...
أعاد النظر في باب الدار الموغل في القدم..
{{ ياه لازال يقاوم الزمن .. إنه اكبر مني بعقود.. ولازال شامخا متماسكا .. رغم أنه يبدو كوجه كهل عجنه الزمن...}}هكذا قال بحزن شفيف.. وقد تحجرت مقلتاه بدمع عصي..
ثم عادت به الذاكرة من جديد الى الزمن الجميل..
كأنما كان يتصفح ورقاته ويخترقها بنظراته يستنطقها كالمحقق الذي ظل يستنطقه ويمارس عليه ساديته الى أن خانه الجسد المنكل به وخار .. بل خارت قواه.. ثم إرتطم بالارض... معلنا نهاية مقاومة الجسد في حفلات القهر اليومية هناك في المعتقل السري..


حاول من جديد أن يطرد عنه ذكرى الوجع.. وهو يبتلع ريقه.. كانت نظراته زائغة قلقة.. مضطربة تحمل معها الآلاف من مشاهد من الأوجاع وحسوتها المتواصلة ....
هي عصارة الزمن الذي غابت فيها الشمس..عنه غيابها الطويل


يتبع






  رد مع اقتباس
/
قديم 31-05-2018, 03:50 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي رد: رواية من ادب السجون{{مدينة الوجع}} في حلقات..

نتابع الحلقات
بود






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-06-2018, 10:51 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محمد خالد بديوي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / عمون
الاردن

الصورة الرمزية محمد خالد بديوي

افتراضي رد: رواية من ادب السجون{{مدينة الوجع}} في حلقات..

أديبنا المكرم زكرياء بوغرارة

سرد رائع جاذب.. رغم مرارته سأتابع
وأنتظر التالي بشغف..

{تقسو الذاكرة حتى تصبح كحجر الصوان موغلة في القسوة والتحجر..
واللؤم احيانا .. حينها تنسى او تتناسى صفحات وصفحات من نهر الذكريات بليالي بودير الجميلة والغائمة...
الصحوة والممطرة... اللينة الحنونة والقاسية القارسة...الممتلئة بالخشونة والشظف في كل شيء..}


هذا الهطل رغم وجعه كان جميلا في تفاصيله
أعمق من جرح يأتي من الخلف.!

بوركتم وبورك المداد
احترامي وتقديري






قبل هذا ما كنت أميز..

لأنك كنت تملأ هذا الفراغ


صار للفراغ حــيــــز ..!!
  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:15 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط