لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
23-03-2008, 12:54 PM | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
نجمة تتالق ،،، / زياد السعودي
نجمة تتالق
في ذلك المساء كانت السماء تصب مكنون غيومها على الأرض ، وكانت الرياح تتلاعب بالزخات المنهمرة ذات اليمين وذات الشمال وأنا أراقب المنظر من خلال النافذه ...طرقات حفيفة مجهدة على الباب توالت إلى مسامعي...فتحت الباب ، على مرمى نظري لم ار سوى ذلك الوابل من المطر الذي يتخلله الضوء المنبعث من أعمدة النور ويكسبه ذلك اللون الفضي ..دوى صوت الرعد ، هممت بإغلاق الباب بعد أن تسربت القشعريرة ألى أوصالي ، واذا به هناك ..مكوما على عتبة المنزل تحت معطف بال ينتفض مثل قط مبلول ، تجمد الدم في عروقي ، وقفت كالبلهاء لا ادري ماذا افعل ؟؟ تلعثمت الصرخة بداخلي لكني صرخت : ـ ماما ..ماما ..!!!. ركضت أمي نحوي يتبعها أخي الأكبر وحملنا ذلك الشبح الليلي إلى الداخل ، أشعلت أمي المدفأة وقربناه منها تحرك بداخله سعال شديد بدا كأنه سعال كهل أعياه الربو مع أنه شابٌّ في مقتبل العمر . كان يقبض بحرص على بعض وريقات "يانصيب"...أعدت امي بعض الحساء الساخن ، ارتشف قليلا منه ثم حام بنظره في أرجاء المكان ، وأخذ يتفحصنا واحدا تلو الآخر ...كان الزمن قد رسم على وجهه بصمات قاسيه ، وكانت المعاناة ـ كأشدّ ما تكون ـ مطبوعة في سماء عينيه المجهدتين ، حاول الوقوف بعد أن سرى بعض الدفء في أوصاله ...خانته قدماه ... وسقط . كنا نحملق به مشدوهين ..وعاد يتفحصنا من جديد استقر نظره على أمي وقال بصوت متحشرج يقطعه السعال : ـ اعتذر سيدتي إذ القاني الليل على عتبة منزلكم لكنها الريح تلاقفتني وزخات المطر وذبحة صدرية أفقدتني الإتجاه ...وهم بالوقوف فخانته قدماه من جديد ، وإذ ذاك أسنده أخي ونزع عنه معطفه وألبسه اخر وقال له : ـ لا عليك يا أخي ، أنا نبيل ..وهذه اختي ليلى وهذه أمي ...اطمئن ..هل تريد ان نتصل بأسرتك ؟ بأقربائك ؟ قبل أن نأخذك الى المستشفى ؟؟ ارتسمت على محياه ابتسامة ساخره ...وقال : ـ يا أخي أنتم بحاجة إلى اختراع لتتمكنوا من اختراق الحواري والزقاق التي تؤدي إلى منزلي حيث تقيم الفاقة وتجلِدُ بسياطها أرواحًا على هامش الحياة ... أصارع الحياة عني وعنها...موقنا أن الحياة من دون صراع تصبح بلا جدوى ..حتى لو أخذ هذا الصراع شكل الجنائزية احيانا الا أنه ضروري لنبقى ...لنعيش . كنا نستمع الى كلماته التي تخرج متعبة مثل أنفاسه وكأننا رهبان متصوفة في حضرة بوذا ..حاولت أمي أن تعطيه نقودًا إلا أنه رفض بأدب وبابتسامةٍ عريضةٍ ، تململ في مكانه ، ازدادت نوبات سعاله ..تناول أخي الهاتف واتصل بطبيب يسكن في العمارة المجاورة حضر الطبيب وفحصه وقاس ضغطه وأخذ يصفعه ويسأله : ـ عمو ...سامعني ؟؟؟ شايفني ؟؟ شو اسمك ؟؟ غزا الشحوب وجهه والتفت إلى الطبيب وقال بصوت خافت مخنوق : ـ صـابر،،، الصابر ،،، وذهب فيما يشبه الغيبوبة ، طلب الطبيب غطاءً ولفه فيه وحملناه إلى سيارة الطبيب الذي أسرع به إلى المستشفى وبقينا تلك الليلة مذهولين لم نستطع النوم ..الدموع لم تفارق جفوني كنت وأمي وأخي نراقب النافذة ننتظر عودة الطبيب لنسأله عن حالة زائر المساء الذي قذفته الأمطار والصدفة على عتبة منزلنا . بدأ الصباح يشق عتمة الليل وجاء الطبيب إلى منزلنا مع الصباح ..وسألته بهلع ولهفة لا أعرف تفسيرا لهما وكأني أسال عن شخص أعرفه منذ زمن : ـ ماذا حصل مع صابر ؟؟؟ هل هو بخير ؟؟ في أي مستشفى تركته ؟؟ قال الطبيب وقد بدا حزينا : ـ بقيت معه حتى الصباح وكنت أمامه كأني تلميذ في حضرة أستاذ ...صابر شاب مكافح متفوق في مدرسته رغم أنه يبيع أوراق "اليانصيب" ابتداءً من نهاية اليوم الدراسي وحتى أواخر الليل ليعيل أسرته ...صابر شاب مثقف مملوء بالحكمة والتجربة مملوء بالكلمات والأمل والتفاؤل رغم قسوة الحياة عليه صابر ترك هذه الحياة ـ رحمه الله ـ وهو مبتسم وقد أملى علي هذه السطور وطلب أن اسلمها لكم ..... خيم علينا الحزن بكت أمي ورغرغت عينا أخي ونزت دموعي من عيوني وتناولت الرسالة من الطبيب الذي غادر دون أن نلاحظه ... وقرأت بصوتي الباكي آخر ما قاله صابر : الى سيدتي الأم : قضيت بينكم ساعة أو بعض ساعة لمست من خلالها أن لك قلبا كبيرا دافئا يتسع للدنيا بأسرها ..وبالمناسبة كان الحساء الذي اعددته يا سيدتي ألذ ما ذقت في حياتي ..سلمت لأولادك ... إلى نبيل : لقد فطمت على طيبة القلب وليس عجبا أنني لمستُ فيك اخا رحيما عطوفا ..تسلح بالأمل فبه ستشق أوعر الطرق ...واسلم ... إلى ليلى : دموعك تسبقك لأنك أرق من فراشه ...تيقني دائما أن (على هذي الارض ما يستحق الحياه ) ...واسلمي ولكم جميعا أقول اشكركم لأنكم وفرتم دفئا استوعب احتضاري وآسف اذا ما سقيتكم حسرتي ...وأرجوكم ـ اذا ما توصلتم الى ذلك الاختراع ـ وتمكنتم من اختراق الحواري والزقاق التي تؤدي إلى منزلي أن تخبروا ؟أختي حليمه أنني سقطت واقفا ...وأخبروا عائلتي أن للحياة سنتها وللزمن منطقه وأنه لا بد من الصراع مع الحياه فبه فقط تصبح الحياه ممكنه وذات جدوى .... واسلمو جميعا .... ركضت نحو أمي والقيت بنفسي في حضنها وأجهشت بالبكاء ...قال اخي ـ سنذهب غدا إلى منزل صابر ...قالت أمي : سنذهب ... دوى صوت صابر في أذني ...لا بد من الصراع مع الحياة ...... كفكفت دمعي وشعرت بشجاعه أمدتني بها روح صابر وقلت : ـ...(على هذي الارض ما يستحق الحياه ) سنذهب غدا ...والتصقت بحضن أمي اكثر وعيوني ترقب السماء من خلال النافذة ....كانت هناك ...نجمة تتالق في قلب السماء.... |
||||
23-03-2008, 01:24 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
اعتدنا على صابر يحكي نفسه
وهنا تحكيه الفتاة حاضراً بمستقبله القصة تقنياً فائقة الصنعة واللغة أكثر من واصلة قسيمها الألق دائماً شأنك محبتي |
||||
23-03-2008, 02:20 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
و عاد صابر يحاكينا عن معاناة الحياة و العيش..
قصة سهلة التركيب، سلسة القراءة و سريعة الولوج إلى النفس و القلب و الروح.. نستطيع تنبؤ النهاية لأن الحدث يوافق السرد بشكل بديع.. و كالعادة، تتناول معنى إنسانياً نبيلاً.. و هذه عادتك عميدنا...تجعل من الإنسان معنى جميلاً... شكراً لك.. و رعاك الله
|
||||
24-03-2008, 09:44 AM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
قسيمها
كم هم بالوقوف فخانته التضاريس عظيم امتنان على عاطر ردك دمت واقفا ما فوق الود |
||||
24-03-2008, 09:45 AM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
الكوثر
هو ما قلت عظيم امتنان على طيب التناول ووافر التقدير والاحترام |
||||
24-03-2008, 09:46 AM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
الاحت رحاب
مرحى بتشريفك المضارب واشكرك على طيب التعقيب وافر التقدير |
||||
24-03-2008, 08:20 PM | رقم المشاركة : 7 | |||
|
لن ازيد
سوى اننى بكيت بحق وهكذا كانت قصتك ناجحة متألقة ثاقبة الى القلب مباشرة العميد الإنسان دائما يزرع التألق حينما يكون مودتي وتقديري لك |
|||
25-03-2008, 12:51 PM | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
على هذي الارض ما يستحق الحياه
لطالما اقتبستها منك تيمناً بهذه الروح الشامخة.. العميد زياد ونجمة تتألق لي عودة معها الى حينه رعاك الباري ودمت سلام |
||||
26-03-2008, 04:49 PM | رقم المشاركة : 9 | |||
|
أخي العزيز والمبدع الأستاذ / زياد السعودي
أحييك على قصتك ، الشجية .. أكرر - مرة أخرى - سردك ينساب بعذوبة ، وتدفق يشي بالعفوية والطزاجة .. قصة جميلة حقًا.. لك تحياتي وتقديري .. وفي انتظار المزيد من إبداعك المتألق .. دمت مبدعًا وصديقًا .. |
|||
28-03-2008, 12:53 AM | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
الوارفة سامية
اعتز براي من لدن قاصة لها باعها بوركت وعذرا وافر التقدير |
||||
28-03-2008, 12:54 AM | رقم المشاركة : 11 | ||||
|
الغيداقة
سلام الباسل على هذي الارض ما يستحق التنفس كلي انتظار دمت بود |
||||
28-03-2008, 12:55 AM | رقم المشاركة : 12 | ||||
|
راوية محمد
جزيل الشكر وعظيم امتنان على ما اوردت وافر التقدير |
||||
28-03-2008, 12:57 AM | رقم المشاركة : 13 | ||||
|
القاص والروائي المخضرم
وائل وجدي واي شرف حزته بجميل رايكم !! كل التقدير سيدي |
||||
28-03-2008, 11:02 PM | رقم المشاركة : 14 | |||
|
عـميدنا المبدع زياد السعـودي رغـمَ ما يغرقُ الأرضَ سوداويَّـة ً يبقى فيها ما يستحق الحياة من أجله .. " على هذه الأرض ما يستحق الحياة ".. قصٌّ إنسانيٌّ شفيف يتغـلغـلُ بيسر، و لنجدَ أنفسنا متورّطينَ مع صابر .. نفكــِّـرُ فيه و نحتذيه مثالا ً.. ما زالَ صابركَ سيدي يحدِّثـنا رغمَ موته في قصتك .. ما زال نجمة ً تتألق .. لكنّ تألقه لا يقاربُ تألقك . ودّي و تقديري. |
|||
10-08-2008, 12:32 PM | رقم المشاركة : 15 | ||||
|
مشاركة: نجمه تتالق
القاص الفنان الشاعر
ايمن جعفر ما كنت لتمر هكذا لا بد ان تترك ذلك الاثر الطيب . الذي ما انفك يرافق سفرك في النصوص مهما كان جناسها كثير ود |
||||
10-04-2010, 09:40 PM | رقم المشاركة : 16 | ||||
|
رد: نجمه تتالق
عميدنا المبدع جدا
زياد السعودي الكريم والله لقد عشت معك بهذا الواقع الذي دونته لنا ورغم وجوده في حياتنا الا انه على هذه الارض ما يستحق الحياة واسمح لي ان اقول لك انك ابكيتني جدا لواقع مر نعيشه دعني أنحي قلمي قليلا أقف أحتراما لك ولقلمك اخي المبدع زياد وأشد على يديك لهذا الابداع الذي هز أركاني وأركان المكان روحك سامقة |
||||
10-04-2010, 10:07 PM | رقم المشاركة : 17 | |||||
|
رد: نجمه تتالق
اقتباس:
نجمة تألقت لتخبرنا بأنّ هناك ما يستحق أن نناضل لتحقيقه رغم ضيق ذات اليد ورغم شحّ الموارد والإمدادات دام بهاء حرفك اخي مودتي فاتن |
|||||
15-05-2010, 12:20 PM | رقم المشاركة : 18 | |||||
|
رد: نجمه تتالق
اقتباس:
ممنون لك على طيب التواجد ودي |
|||||
15-05-2010, 12:21 PM | رقم المشاركة : 19 | ||||
|
رد: نجمه تتالق
الوارفة فاتن
ومرور على متنه الفائدة جنيتها والنص تم التعديل قبائل شكري وامتناني |
||||
15-05-2010, 11:21 PM | رقم المشاركة : 20 | |||
|
رد: نجمه تتالق
دعوى لحب الحياة رغم أن القنوط كثير ما يضعف يصيرتنا إحساس مرهف وصور جميلة وصدق كبير وسلاسة رهيبة يجعل المتقبل في حضرة الدهشة والتعلق بالناص وبأبطال القصة ما أجمل صابر الذي يعيش بداخلك ربما أحيانا يغاني أحدكما من الآخر أصبحت أنتظر قصصك أيها الغالي على القلوب حماك الله ورعاك ا |
|||
20-07-2010, 12:45 AM | رقم المشاركة : 21 | ||||
|
رد: نجمه تتالق
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روضة الفارسي دعوى لحب الحياة رغم أن القنوط كثير ما يضعف يصيرتنا إحساس مرهف وصور جميلة وصدق كبير وسلاسة رهيبة يجعل المتقبل في حضرة الدهشة والتعلق بالناص وبأبطال القصة ما أجمل صابر الذي يعيش بداخلك ربما أحيانا يغاني أحدكما من الآخر أصبحت أنتظر قصصك أيها الغالي على القلوب حماك الله ورعاك ا كثير شكر على طيب تناولكم مثمن تعقيبكم وانتم اصحاب تجربة تليق ودي |
||||
20-07-2010, 01:44 AM | رقم المشاركة : 22 | |||
|
رد: نجمه تتالق
الأديب زياد السعودي
رحلة العذاب التي عاشها الزائر الليلي.. صابر المرض.. ثم الموت والرسائل التي تركها للأسرة أعتقد أن كل واحد فينا في المجتمع العربي يسكنه .. يسكنه همّ صابر.. وسؤال صابر.. الجميل أنه مضي لكنه ترك خلفه نجمة تتألق.. ربما نجمة الأمل.. نجمة الانبعاث.. |
|||
24-07-2010, 10:01 AM | رقم المشاركة : 23 | |||||
|
رد: نجمه تتالق
اقتباس:
رائعنا الزياد ...
كنت رائعاً في سردك حتى لقد مسني بعض المطر ..! صباحك النجمة والتوت والبرد فقد |
|||||
31-07-2010, 03:36 PM | رقم المشاركة : 24 | ||||
|
رد: نجمه تتالق
العميد زياد
كثيرا ما يفشل الرجل في سرد أحاسيس الأنثى هذا...إلا إذا كان الــ زياد... قصة سردية مؤلمة...مثل صابر بالآلاف لا يجدون أبوابا تفتح ...ولا سريرا يلفظون عليه آخر الأنفاس فصابر رغم موته ...خلق الإختلاف .... فنعم...الحياة لا تستحق.... تقبل مروري البسيط فاتي |
||||
07-10-2010, 01:19 AM | رقم المشاركة : 25 | |||||
|
رد: نجمه تتالق
اقتباس:
مبارك خطوكم دمتم اثراءً ودنا الاكيد |
|||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|