العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-12-2022, 12:51 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد آيت علو
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


محمد آيت علو غير متواجد حالياً


افتراضي مسافة:" إلى حين تمطر " للكاتب: محمد أيت علو

كانت الفتاةُ الواقفةُ بمظلتها هناكَ تختلسُ النَّظرَ يمنة ويسرة، وتسترقُ السَّمع إلى بعض الجالسينَ على الكراسي الشبه فارغة، المبعثرة في الحافة أمام المقهى تنتظر أحداً غير آبهةٍ بالمارة...
المارة، لا أحد يعيرُ اهتماماً لأحد في هذا الشارع، غير العجوز الأعور الَّذي غرزَ عينهُ الوحيدةَ نحو طفلٍ بائسٍ ماسح للأحدية، يجلسُ بجوارِ متجرٍ عتيقٍ في الشَّارِعِ الطَّويلِ...
في الشارع الطويل، اصطفَّتِ الأكشاكُ والأبناكُ وصاغةُ الذَّهبِ والفِضَّةِ وأضواء المحلاتِ والمتاجر والشُّجَيْراتِ القصيرة الَّتي لا تُثمر... وزعيقُ السيارات المسرعة وطابور من الدراجات، والمنبِّهات العصَبِيَّة المزْعِجَةُ والفوضى العارمةُ والصَّخَبُ والأضواءُ، والرَّصيفُ العَريضُ المحاطُ بشجيرات قصيرة وقد امتلأ بالناس والأحذية ذات الكعوب العالية تضربُ الرَّصيفَ بشدة، والأصواتُ والوجوهُ الكالحةُ شاحبةٌ حزينة، وقد صفعتها الظروف...وعلى الرغم من الغيومِ الواعدة وزخات المطرِ الموحية بيوم مشتاةٍ، فقد كان الهواء فاسداً مشبعاً بالسُّمومِ وحزيناً مُتعبا...
متعب أنا أيضا في هذه الزحمة في متاهات تفكير مشتت، تائهٍ لاقرارَ له، دُنيايَ شوارع لاتنتهي، وليس لها حد، أمشي دون هدف، مثل الوُجوهِ المزدَحِمَةِ التي تمرُّ بخيالي الآن، حادَيْتُ نحو الواجهة الشبه المضاءة فوق الرصيف، لأحتمي من زخات المطر، قرأتُ إعلاتاً عن فيلم سينمائي لوجوه ووجوه، ثم قطعتُ ذلك الشارع الطويلَ المزدحمَ الَّذي يُفضي إلى البحر...
في البحر، شممتُ رائحته، رائحة البَحْرِ والبَرِّ تتمازجانِ، عزمتُ على حرقِ القاربِ والمجذافِ كَمَنْ لا ينوِي العودةَ، أو الرجوع إلى اليابسة، أو كقرصان وحيدٍ مَبتُورِ السَّاقِ وبعينٍ وحيدةِ يرقبُ، بلا أملٍ أو حيلةٍ أمامَ شِدَّةِ هَيجانِهِ..يقفُ على رجلٍ يتأملُ المدَى...مثل اللَّوْحَةِ الأثريةِ هُناك في المقْهَى...
بالمقهى ثلاثةُ أصدقاءَ يجلسونَ، شاعر وحيدٌ بحزمة أوراق وكتاب، وفنانان تشكيليان توأمان يتأملان رسوماتهما، كلهم يتلذَّذون نكهة القُطران، وأمامهم نصوص ولوحات شاخت، تبحثُ عن يدٍ تنشلها من الصَّمْتِ القاتلِ والضَّياعِ في انتظار من لن يجيءَ...مثل النَّوافِذِ والشبابيك هُناك...
نوافذ وشبابيك سئمت الوقوف عندها حسناوات يلمحن طيور السنونو في الفضاء كالمعتاد...ويرتقبْنَ من لن يجيء عبر درُوبِ المدينة...
دروبُ المدينةِ تلتَفُّ حول المارَّةِ في هذا اليوم شبه المشتاة...الرذاذُ ينْتَشِرُ في اتجاهِ الشَّارعِ الطَّويلِ الَّذِي يُفضي إلى البحر...مثل المجاري والقاذورات والمياه المتعفِّنةِ الَّتي تَنْسَكِبُ ولا تتوقَّفُ إلا حين تجتمع هناك...حيث حرب البحر ..وحرب المياه...
لم أَعْهَدْ نفسي سائغاً كالماءِ في تلك الدروبِ الضيِّقةِ والزَّوايا العتيقَةِ والأزِقَّةِ الباردةِ والَّتي سقطَتْ فيها أجسادُ المارة اتباعا..وأنا أجولُ ببَصري كسائحٍ مَلَّ الترحالَ في الدروبِ الضيقَةِ حتى قاع المدينة...
في قاع المدينة، لم تَكُنِ الفتاةُ الواقفةُ بمظلَّتِها تنتظرُ أحداً، ولم يَكُنِ الشَّارعُ الطَّويلُ يُفضي إلى البحرِ، ولا النَّوافذُ والشَّبابيكُ، ولا الحسناواتُ ولم يكنِ الصَّباحُ مشتاةً... ولم أكنْ أنا بِدَوْرِي أطوفُ بين دروب وشوارع أرجاء المدينة..ولم يكنِ السُّنُونو تطيرُ كما اعتادت ..ولم يرها أَحَد..!!
كلُّ ماكانَ هو أنَّني كُنْتُ أكتشفُ نفسي في الشَّارِع الطويلِ الَّذي أخذَ ينسَحِبُ من تحتِ قدمي، وأنَّ أيامي هذهِ شتاءٌ عجوزٌ ..إلى حينَ تمطِر...






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-12-2022, 12:04 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أحلام المصري
الإدارة العليا
شجرة الدرّ
العنقـــاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
عضوة تجمع أدباء الرسالة
تحمل صولجان الومضة الحكائية 2013
تحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية أحلام المصري

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


أحلام المصري متواجد حالياً


افتراضي رد: مسافة:" إلى حين تمطر " للكاتب: محمد أيت علو

نرحب بكم الوارف أ.محمد آيت علو عضوا جديدا،
وأخا كريما في رحاب أكاديمية الفينيق
أهلا وسهلا بكم

نتمنى لكم طيب الإقامة

كل التقدير






،، أنـــ الأحلام ـــــا ،،

  رد مع اقتباس
/
قديم 07-01-2023, 06:38 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
د.عايده بدر
فريق العمل
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
فائزة بالمركز الأول
مسابقة قصيدة النثر 2020
تحمل صولجان الومضة الحكائية
وسام المركز الاول في القصة القصيرة
مصر

الصورة الرمزية د.عايده بدر

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


د.عايده بدر متواجد حالياً


افتراضي رد: مسافة:" إلى حين تمطر " للكاتب: محمد أيت علو


راقتني هذه التقنية التي استخدمتها قديرنا
نهاية كل فقرة هي بداية الفقرة التي تليها
صخب الأحداث المتتابعة وعلاقتها بالذات الكاتبة
هما انعكاس مرآة بينهما
يحتاج النص إلى تعديل بعض الهنات اللغوية
ونرحب بك مبدعنا القدير
ا.محمد آيت علو
مبدعًا قديرًا في رحاب الفينيق الكبير
تقبل تقديري الدائم واحترامي
عايده








روح تسكن عرش موتي
تعيد لي جمال الوجود الذي هو بعيني خراب
  رد مع اقتباس
/
قديم 15-03-2023, 10:59 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محمد آيت علو
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


محمد آيت علو غير متواجد حالياً


افتراضي رد: مسافة:" إلى حين تمطر " للكاتب: محمد أيت علو

بداية تحية ود وتقدير كبيرين لك ، لقد راقني حضورك وتناغمك وانسجامك البهي مع حالة النص، ولا يحس بهذا إلا من كابد حرقة الحرف وأدمن سرالإبداع، كما أشكرك على نباهتك والتفاتتك الكريمة، أما بخصوص هذا النص فكل ما ذكرته صحيح، للإشارة فقط ، ولا أخفيك سرا، فإن هذا النص تحديدا اشتغلت عليه مدة طويلة وبطريقة مغايرة، فقد كتبته بمزيد من الأناة وبحب كبير في المغامرة والتجريب والتجديد محاولة مني إيجاد صيغة أو بصمة بعيدا عن أي تبعية عبر التجريد واللعب اللغوي... مع الالتزام بعدد الكلمات ووضعها في الحسبان على غرار بعض المسافات وهو تحد ركبته، والحقيقة - وأنت سيدة العارفات - فإنني أدرج هذا النص ضمن اللقطة القصصية أو كمشهد على اعتبار الوصف الدقبق والذي أحيانا قد يرقى إلى لعب دور السرد ولاسيما في الإيهام بالواقع ويخدمه نظرا للعلاقة العضوية بينهما، للإشارة فهذا النص لقي استحسانا كبيرا من لدن ثلة من المهتمين...كما أعتز بمقاربتك أيتها الفاضلة الأستاذة عايدة كثيرا - وأنت العارفة بأسرار العملية الإبداعية - ولا شك في أن المبدع الحقيقي لايركن ولا يسلم بتمام تجربته وإلا كان أروع فشل إن لم يكن موته وحتفه، فهو دائم البحث، لأنه ليس هناك كمال مادام هناك خيال، شخصيا ارتحت قليلا لهذا النص، فقد عشت معه لحظات ليلية لاتبلى...وارف التقدير.






  رد مع اقتباس
/
قديم 15-03-2023, 11:24 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
محمد آيت علو
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


محمد آيت علو غير متواجد حالياً


افتراضي رد: مسافة:" إلى حين تمطر " للكاتب: محمد أيت علو

إلى حين تمطر
عنوان يوحي بالانتظار والترقب اللامجديين
وكأن الأمر بانتظار گودو
وصف جميل لهذا الحال...كل المودة.






  رد مع اقتباس
/
قديم 16-03-2023, 10:57 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
بسباس عبدالرزاق
عضو أكاديميّة الفينيق
يجمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / أوراس
الجزائر

الصورة الرمزية بسباس عبدالرزاق

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


بسباس عبدالرزاق غير متواجد حالياً


افتراضي رد: مسافة:" إلى حين تمطر " للكاتب: محمد أيت علو

لغة جميلة وفيها الكثير من إجادة البناء اللغوي
الوصف أيضا كان جميلا

ولكن دعني أقف معك للحظة في نقطة أفقدت النص أهم مقومات القص
الدراما الغائبة في النص سببها غياب الحدث، فكل ما هنالك مجرد مونولوغ داخلي لشخص يبحث عن اكتشاف ذاته واعادة ترميمها
وغياب الحدث والصراع والتأزيم جعل من النص هادئا ومقارب للخاطرة
أعتقد حسب رأيي الخاص (كما تعلمت) أن هناك ثغرة لابد من ملئها ليتوهج هذا النص جميل اللغة والوصف

رأي شخصي

وفي الختام لك كامل التقدير والاحترام






حين يغرب القلم في سلة المهملات، يطل برأسه الرصاص
  رد مع اقتباس
/
قديم 21-03-2023, 10:52 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
محمد آيت علو
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


محمد آيت علو غير متواجد حالياً


افتراضي رد: مسافة:" إلى حين تمطر " للكاتب: محمد أيت علو

سلام يعبر عن الوداد طيب عبيره، ويخبرعن إخلاص الفؤاد لطف تعبيره، وثناءٌ على محاسن تلك الشمائل، أرق من نسمات الشمائل،...
وبعد، بداية نشكرك على هذه المقاربة الواعية وكل الامتنان لرأيك المتميز والذي نحترمه، وإن لم ننتبه إليه إلا الآن، وقد أثلج قلبنا، صحيح إن النص القصصيَ سواء أكان قصة قصيرة أو قصة قصيرة جدا أو لقطات قصصية أو أقصوصة ... وجب أن يمتثل لجنسه الذي أدرج ضمنه، وأن يلتزم بخصائصه ومكوناته المعلومة، ولا سيما الحدث والذي يجعله أكثر دينامية وحركية وهو أساس العنل السردي لكن الوصف الدقيق أيضا علاوة عن عمليلا أخرى كقوى فاعلة يمكن أن تبني النص وتجعله لقطة قصصية أو قصة قصيرة حبلى بالتلميح والعمق أيضا...للإشارة وللتوضيح نقول: فلقد ركبنا طموحا آخر وخاصة في كتابنا الأول يطبعتين"باب لقلب الريح" وكذلك في إصدارنا الأخير الجديد" كأن لا أحد" وذلك من خلال مشروع نصوص منفلتة ومسافات، وهو مشروع لقي استحسانا كبيرا، وقد وجد له موقعا وصدى في سوق التلقي الأدبي عموما، جعلنا نواصل الحفرفي التجربة بثقة كبيرة، وجملة ما فيه أنها نصوص انفلتت من عقال التجنيس المقيد لكل نفس إبداعي أحيانا، ويأخذ مشروعيته ويمتلكها من الدلالة اللغوية نفسها " انفلات/ ومسافة..." انفلات من أي حد أو قيد، إنه التحليق خارج المألوف، انفلات من قيد اليد والانطلاق إلى كافة العوالم بأجنحة فنية لاحدود لها، والمعول عليه هو الإبداع/ مسافة بين المقروء والمتلقي للاقتراب من مأدبته، وإكمال المشاركة بين المؤلف والمتلقي عموما بغض النظر عن أفق انتظاره...ذلك أن الكتابة عندي تنبثق من خلال ما أشعر به فأعطيه الحرية، ومن خلال معطى جمالي فني أيضا، على أن التجريب هو دينامية داخلية تسري في نسغ النص وهو روح العملية الإبداعية برمتها، علاوة عن الانفتاح على فنون موازية، مثل اللقطة السينمائية أو السكريبت/السيناريو"نص يحدد البناء العام للفيلم أو المسرحية..."..التكثيف والاختزال والانزياح، واقتناص الدهشة في غابات الحياة بجمالها وأسرارها وأسئلتها وغموضها، والمزج بين ما هو خيالي وواقعي، والمنطق والحلم، والانفتاح على بعض خصائص القصيدة الحداثية، والتشكيل، والمسرح...والانفتاح على شتى العلوم، مثل علوم الكونيات... حيث يصير الكاتب بوصلة وصيادا للدهشة، فهو يحيكُ وجودهُ بالتشابك المهيب بكل ما يحيط به، علاوة عن كون هاجس الفن هو حافز اصطناع تجربة إنسانية، إن أي تجربة إذا لم تبدع في مستوى اصطناع تصورات وتحولات لانهائية، فإنها حتما ستتلاشى قبل أن ننتهي من التفكير فيها...هناك الغامض الهام، والتافه الممل، والتافه، والواضح الرائع، والواضح الجميل...ثم إن الأعمال لايحددها بعد قياس ثابت، فهذا لايحدث حتى في الحلم، ناهيك بالتصنيف الأجناسي الذي فقد ما كان يتمتعُ به من يقين وحسم...كل المودة والتقدير الكبيرين.






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:33 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط