لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ السّـــــــــــــاخِر ⊰ الجد الباطن حين يكون خريج دفعة الظاهر الساخر ... |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
02-06-2014, 06:25 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
حذاء الطنبوري
في حمأة سعار الغلاء الذي(تغلي) بها عروقنا،وتحترق بها قلوبنا، عندما تطلب منا فلذات الاكباد شيئا فوق قدرتنا، يضطر المرء منا ان يداري وجهه خجلا من ´المرآةª التي تحدق فيه بازدراء، تكاد ´تبصقª في وجهه معيرة اياه بعجزه وقلة حيلته..بينما يهرب آخرون الى دواخلهم لانهم ببساطة لا يملكون مرايا، ولكنهم يملكون خيالا مجنحا، وقدرة على الحلم، وانا من هؤلاء، فالعبد لله -الذي هو انا- لا يستطيع ان يرفع صوته في وجه الحكومة لانه مجرد مواطن لا أكثر ولا اقل، كما انه لا يستطيع ان يواجه ´التاجرª الذي ´يحمله جميلةª لانه يوفر له سلعة التي يلسع بها ظهره ووجهه صباح مساء، دونما غرم يغرمه ولا حتى ضريبة المبيعات التي تستقر -بالترحيل- على ظهور الغلابى المستهلكين امثالي.
ولذا انا بين أمرين أحلاهما ´من غير سكرª والثاني سادة... إما أتقوقع على ذاتي، وإما أهرب بعيدا الى حلم من احلام اليقظة، يوفر لي ما عجزت عن نيله في الواقع...أفر من ذاتي الى ´حلمª يخفف عني وطأة المعاناة التي أصبحت أعانيها في هذا العالم المجنون الذي انحدر الى ´حضيض العولمةª التي ´عولمتنيª حتى النخاع.. وبما أنني من هؤلاء ´المتعوسين وخائبي الرجاءª هربت ذات حلم من احلام اليقظة الى الماضي البعيد، حيث لم تكن أعباء الحياة بهذا السوق ..(اقصدالسوء). وجدت نفسي حافيا في درب من الدروب امشي، لا يؤنسني احد سواي، ولا يزاحمني فيه غيري، كنت مراوحا بين وجَل الوحدة، ورضا اللعب´العب وحدك تيجي راضيª...وإذا بي امام حذاء قديم ´ينتصبª على قارعة الدرب يكاد يقول هأنذا.. اقتربت منه وتأملته.. وانا أبدل النظر بينه وبين قدمي العاريتين، ثم استجمعت بقايا قرف في نفسي، وقلبته فإذا بي اقرأ على نعله العبارة التالية´من الطنبوري مع التحيةª.. الطنبوري؟ تساءلت وفي خيالي مئات الماركات العالمية لاحذية بريطانية وفرنسية واسبانية وايطالية، ناهيك عن الحذاء الامريكي الثقيل إياه، ذلك أن (العالمية) لا تجوز إلا على النصف الغربي من الكرة الأرضية، لأنهم وبتكليف من انفسهم أخذوا على عاتقهم أن يعيدوا "تقييف" شعوبنا على مقاساتهم ووفق مواصفاتهم. كان شريط الأحذية هذه يمر بخيالي مرور البرق، وانا واقف كالمشدوه، مأخوذا بهذه الصدفة التاريخية التي لا يجود بها التاريخ على مثلي الا بنسبة واحد في الستمئة مليار.. وراح سيل طويل من المقارنات والتداعيات يهدر في وادي مخيلتي، ويجرف اثناء انحداره كل الغثاء الذي ران عليها.. وكيف لا تمطرني الاحلام وانا امام هذا الحذاء الاسطورة الذي لم يَجُد بمثله التاريخ العربي شهرة وجدا وخلودا؟ انه حذا الطنبوري!... اقبلت عليه احتضنه واقبله، حتى انني بخلت على قدمي الحافيتين به، لانه سيكون سببا في غناي وسعادتي.. حملته كما يحمل الوالد ولده، واسرعت به وانا انظر حولي متمنيا الا يراني احد في هذا الدرب الموحش،ربما.. ولم لا؟ فقليل الحظ يلاقي العظم في الكرشة كما يقولون هناك في ارض الكنانة..الحمد لله لم يرني أحد.. أسرعت إلى البيت، وأنا أدعو الله ألا تراني ´أم العيالª كي أحتفظ بسري الثمين.. والسر - كما تعلمون- إذا علمته "أم العيال" شاع، لأنها أولا وأخيرا (مرة بنص عقل) كما علمنا الجداد، والأجداد حكماء لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم اللهم إلا (باطل أبو عنتر ما غيره).. ولم ترني "ام العيال" ولله الحمد، وبالتأكيد لم يصل الخبر إلى دائرة الآثار.. عمدت إلى كرتونة أنيقة ووضعت الحذاء فيها بحرص شديد جدا.. ثم أخفيتها في مكان سري، ثم خرجت من حلمي عائدا إلى واقعي الاليم لقضاء حاجة.. كانت ذاكرتي مزدحمة بالأخبار والأنباء، ولكني هذه المرة لم أعرها اي اهتمام، فلدي أمور أخرى تحملني على نبذها وتجاهلها، ولكن أخبارا أخرى انسلت إلى ذاكرتي وطغت عليها، بل توهجت أمام عيني كـ"النيون"، كأنها تستفزني.. الملابس الداخلية لمارلين مونرو التي بيعت في أحد المزادات بالشيء الفلاني، والتي علق عليها أحد التعساء من أصدقائي قائلا بحسرة(أخ.. على قطعة معينة منها.. بس قطعة).. نظارات الفيس بريسلي(الذي كنت انطقها وأنا صغير "ألبس برجلي").. فستان غريتا غاربو.. حذاء اودري هيبورن... ملايين .. ملايين ..تتقافز في مخيلي مثل حبات ´الفشارª في المقلى، ،تمد لي لسانها بوقاحة وأنا في قمة الغيظ، ما اضطرني إلى العودة ثانية إلى ذلك الحلم الرائع، وإحضار العلبة من جديد، لأخرجه وأتأمله متسائلا´ لماذا لا يكون هذا الحذاء الشهير أغلى من حذاء أودري هيبورن، أو من(...) مارلين مونرو؟ أليس له تاريخ؟ ألم يشتهر في تراثنا العربي كما لم يشتهر أدباء وشعراء وعلماء؟ إنه حذاء الطنبوري يا ناس.. وضعته في حقيبة صغيرة، وانطلقت إلى لندن ( لا تسألوني عن وسيلة المواصلات لئلا تصدموا).. دخلت صالة المزاد العلني الشهيرة كالطاووس.. نافش الريش، ثابت الخطو أمشي مرحا.. ودفعت باب مدير الصالة بكبرياء وأنفة، ثم وضعت الحقيبة امامه دون مقدمات، بينما الرجل ينظر إلي نظرة المتشكك المستغرب دون أن يتكلم.. بادرته قائلا´: لدي حذاء أثري من أشهر احذية التاريخ، أريد أن ابيعه في المزاد.. مد الرجل يده إلى الحقيبة وفتحها، ثم أخرج منها الحذاء، ورفعه بيديه الاثنتين إلى مستوى عينيه، ثم راح يقلبه باشمئزاز وقرف، ثم وأنا اعلق عيني على شفتيه، أرغب أن أرى ابتسامة ارتسمت عليهما، أو أسمع الكلمة السحرية التي تنقلني الى عالم جديد.. - ما هذا؟ قلت: إنه حذاء الطنبوري يا سيدي، أشهر حذاء في تاريخنا العربي كله.. قال وهو ينظر إلي بغيظ شديد: أنصحك نصيحة؟ قلت: هأنذا أسمعك! قال:خذ هذا الشيء وأخرج من هنا في الحال، قبل أن أرميك في الخارج. قلت صائحا: ولكنه حذاء الطنبوري.. الطن بور.. ريييييي. أشار بيده،فإذا برجلين مفتولي العضلات يتقدمان مني ويحملانني وانا أصيح محتجا.. وفي لحظات، كنت ملقى على الرصيف، وقبل أن أفيق من صدمتي.. جاءني حذاء الطنبوري كالصاروخ ليسقط على أم رأسي.. أرأيتم؟ هذه أحلام الفقراء، حتى الاحلام ليس لهم فيها نصيب. |
|||
02-06-2014, 10:42 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: حذاء الطنبوري
لقد أبدعت أخي شكرا لك على هذا النص الجميل
تقديري |
|||
06-06-2014, 05:26 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: حذاء الطنبوري
اقتباس:
تحياتي الحارة كل الود والاحترام والتقدير |
||||
06-06-2014, 11:06 PM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: حذاء الطنبوري
حتى الفقراء أحلامهم
مصادرة سمعت أن واحداً قال لجاره:حلمت بأني قد عثرت بجرة من الذهب ذهب ذلك الجار وأخبر جاراً آخر وانتشر الخبر فألقت المخابرات الحربية القبض عليه وحاولوا أنتزاع الإعتراف منه المهم أكل سياطاً لم يذق مثلها وحبس كذا سنة والسبب حلم فقير تحية كبيرة لأستاذنا المعطي |
|||
08-06-2014, 11:18 PM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: حذاء الطنبوري
كنت ثريا ومثريا أخي أحمد
حقيقة النفس الكتابي هنا شائق جدا ومشوق للمتابعة كل الود والتقدير
|
||||
09-06-2014, 11:12 PM | رقم المشاركة : 6 | |||
|
رد: حذاء الطنبوري
نص مشوّق ويغري بإعادة القراءة
أحسنت أخي أحمد المعطي تحياتي فوزي بيترو |
|||
10-06-2014, 10:08 AM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: حذاء الطنبوري
حتى الاحلام ليس لهم فيها نصيب
وأخشى أن النفس مايكن لنا به نصيب قرأت وقرأت وراقت لي كثيراً وتوقفت على أم العيال (مرة بنص عقل) لأنك انت والعيال أخذتوا النصف الأخر القدير أحمد المعطي الساخر منكَ له شكل تاني كم يروق لي تقبل مروري مع ود وورد
|
||||
12-06-2014, 08:30 PM | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
رد: حذاء الطنبوري
اقتباس:
تحياتي الحارة كل الود والاحترام والتقدير |
||||
06-10-2014, 09:05 PM | رقم المشاركة : 9 | ||||
|
رد: حذاء الطنبوري
نص ساخر بامتياز
تفنن القلم في ادراج خبايا وعمق وجع يلتقط أنفاس الواقع ليقولها متكررة ودون خجل من المرايا قلمك عميق الرؤية يكتب بحرفية وبرزانة وبهدفية الاستاذ احمد شكرا لك
|
||||
29-11-2014, 12:18 AM | رقم المشاركة : 10 | |||
|
رد: حذاء الطنبوري
قلت صائحا: ولكنه حذاء الطنبوري.. الطن بور.. ريييييي.
أشار بيده،فإذا برجلين مفتولي العضلات يتقدمان مني ويحملانني وانا أصيح محتجا.. وفي لحظات، كنت ملقى على الرصيف، وقبل أن أفيق من صدمتي.. جاءني حذاء الطنبوري كالصاروخ ليسقط على أم رأسي.. أضحك الله سنك يا أحمد من أجمل ما قرأت |
|||
15-08-2015, 03:58 PM | رقم المشاركة : 11 | ||||
|
رد: حذاء الطنبوري
تليق بها الواجهة
ويليق بها الضوء فــ الى التحليق وود يليق
|
||||
15-08-2015, 11:00 PM | رقم المشاركة : 12 | |||
|
رد: حذاء الطنبوري
...
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة من هو الطنبوري ولماذا اشتهر حذاؤه وهو ما زال نكرة؟ يعني لو أخذت الطنبوري كله لما التفت إليه أحد لكن لو قلت أن هذا حذاء الهنود الحمر قبل 5000 عام او هذا بدايات الصناعة الصينية لربما كانت هناك وجهة نظر مختلفة ذكرتني بقصتي تسيب في باحة حلم وهذا العنوان ينطبق على الراوي هنا صورت بكثير من السخرية المرة حال العالم وموقعنا العظيم فيه دام مدادك النبيل تقديري |
|||
25-08-2015, 09:34 AM | رقم المشاركة : 13 | |||
|
رد: حذاء الطنبوري
متقن وفنان ومدهش في قص الساخر وما تتناوله من
مشاكل اجتماعية تهم المواطن العربي استمتعت جداً بالقراءة رغم أن ما تضمنه النص مبكي ومؤلم ويبدو أننا أدمنا الألم ولم يعد يسعدنا سواه بوركت الفاضل أحمد ولك تقديري وكل الشكر |
|||
25-08-2015, 01:11 PM | رقم المشاركة : 14 | |||
|
رد: حذاء الطنبوري
ههههههههههه
رائع قصة قالت الكثير بتأويل متعدد نشكرك دائما أستاذ أحمد لما يأتي من تشويق و متعة في نصوصك ليتك أخذت حذاء منتظر الزبيدي بدل حذاء الطنبوري فحتما سيكون لهم صدمة كبيرة هناك في لندن هههههه مع التحية و التقدير |
|||
31-08-2015, 01:52 PM | رقم المشاركة : 15 | ||||
|
رد: حذاء الطنبوري
اقتباس:
وأي شرف أن ينال نصي إعجابكم د. عزة .. سعدت بمرورك وحسن استقبالك أديبتنا الفاضلة.. كل الشكر والامتنان. تحياتي الحارة كل الود والاحترام والتقدير |
||||
31-08-2015, 01:57 PM | رقم المشاركة : 16 | ||||
|
رد: حذاء الطنبوري
اقتباس:
تحياتي الحارة كل الود والاحترام والتقدير |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|